نظرة على الأفلام المرشحة لجوائز الأوسكار!
أمير العمري
شاهدت الأفلام التسعة المرشحة لأحسن فيلم في مسابقة الأوسكار لعام
2014.. ومن نفس هذه الأفلام التسعة، تأتي ترشيحات أوسكار أحسن مخرج
وأحسن سيناريو معد عن أصل أدبي بل ويتكرر ترشيح هذه الأفلام نفسها
في معظم قوائم التصنيفات الفرعية. وشاهدت أيضا فيلم "بلو جاسمين"
لوودي ألان المرشح لجوائز: أحسن ممثلة رئيسية وأحسن ممثلة ثانوية
وأحسن سيناريو اصلي، وفيلم "داخل لولين ديفيز" للأخوين كوين المرشح
لجائزتي أحسن تصوير وأحسن مزج صوت، وشاهدت كل الأفلام المرشحة
لجائزة أحسن فيلم أجنبي باستثاء الفيلم البلجيكي. ولم شاهد بعد
"قبل منتصف الليل" لريتشارد لينكلاتر الموجود ضمن قائمة المرشحين
لأفضل سيناريو مقتبس عن أصل أدبي.
وفي تقديري لن تخرج معظم الجوائز عن قائمة التسعة المرشحين لأحسن
فيلم. ويبلغ عدد جوائز الأوسكار في كل الفروع 24 جائزة بما في ذلك
أحسن تسجيلي قصير وأحسن تسجيلي طويل وأحسن فيلم تحريك.
الأفلام التسعة الأساسية هي:
القبطان فيليبس
احتيال أمريكي
نبراسكا
نادي دالاس
جاذبية أرضية Gravity
فيلومينا
12 عاما في العبودية
ذئب وول ستريت
هي Her
كتبت من قبل عن "جاذبية أرضية" و"فيلومينا" و"القبطان فيليبس"، و"نبراسكا"،
و"ذئب وول ستريت" (الروابط الى المقالات في نهاية المقال).
نادي دالاس
أما فيلم "نادي دالاس" (الترجمة الحرفية لعنوان هذا الفيلم ستصبح
بالضرورة ملتسبة على القاريء العربي فالعنوان بالانجليزية هو Dallas
Buyers Club أي
"نادي مشتري دالاس" أي أنه سيصبح اسما لا معنى له، كما أنني أجده
عنوانا رديئا لا يعبر بأي حال عن موضوع الفيلم، بل وأجد أن الفيلم
نفسه هو الحلقة الأضعف في قائمة الأفلام التسعة المرشحة وأستغرب من
ترشيحه أصلا للأوسكار في حين أن مستواه أقل من المتوسط.. وربما
يكون موضوعه الإنساني هو ما لفت أنظار أعضاء الأكاديمية الأمريكية
لعلوم السينما الذين يرشحون الأفلام ويمنحونها الجوائز..
فالموضوع يدور حول مريض مصاب بمرض نقصان المناعة المكتسب المعروف
بالإيدز، يسعى للحصول على عقار ممنوع من التداول في السوق
الأمريكية، وتهريبه من المكسيك لمساعدة مرضى الايدز بعد ان وجد أن
العقار قد ساعده في البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة بعد ان قال
له الأطباء الأمريكيون أن امامه 30 يوما فقط قبل أن يغادر الحياة.
والفيلم مأخوذ عن قصة حقيقية بطلها رجل يدعى رون وودروف- كهربائي
ولاعب روديو في تكساس- يقوم بدوره في الفيلم الممثل المتميز ماتيو
ماكونوي (المرشح لأحسن ممثل عن دوره في هذا الفيلم).
ولكن السيناريو يعاني من الترهل والتكرار والمشاهد التي لا تثير
التعاطف أصلا بسبب قسوة البطل وعنفه ورد فعله العنيف ازاء العالم،
كما أن الحدث الدرامي يتكرر على نحو يثير الاهتمام بل ويصبح
المتفرج أمام تساؤل كبير عما اذا كان بطل الفيلم نبيلا يسعى بسلوكه
هذا الى مساعدة المرضى بتزويدهم بالعقار المحظور، أم أن دافعه هو
تأسيس تجارة سرعان نمت كبرت، يحقق من وراءها أرباحا طائلة بعد أن
أسس ما أطلق عليه ناديا في دالاس جعل رسم عضويته 400 دولار، لتوزيع
الدواء على الأعضاء، ثم أصبح يقوم برحلات طويلة إلى اليابان
والمكسيك وغيرها، كأي رجل أعمال، لعقد صفقات لشراء العقار والتفنن
في تهريبه داخل الولايات المتحدة!
أنت إذن لا يمكنك التعاطف تماما مع هذا الرجل، كما أن أسلوب
الإخراج المتبع هنا لا يجعل الفيلم يتجاوز تمثليات السهرة
التلفزيونية المؤثرة بل ولا تثير تلك العلاقة التي تنشأ بين البطل
وبين امرأة من الجنس المتحول (كانت في الأصل رجلا) تساعده في تنظيم
تجارته الجديدة، ولنها تموت فيما بعد، اهتمام المتفرج بسبب سطحية
التناول.
والملاحظ أن عددا كبيرا من الأفلام المرشحة لجوائز الأوسكار خاصة
قائمة التسعة الكبار، مقتبسة من أعمال أدبية منشورة، معظمها يروي
قصصا حقيقية أو مذكرات، وهذا مثلا شأن "12 عاما في العبودية"
و"القبطان فيليبس" و"ذئب وول ستريت" و"فيلومينا" بالاضافة الى
"نادي دالاس".
هي والأفلام
فيلم "هي" Her فيلم
خيالي يفترض في المستقبل القريب وجود شخصية رجل يكتب رسائل حب لغير
القادرين على كتابة مثل هذه الرسائل (شيء في الواقع ينتمي للقرن
التاسع عشر!!) وهو يشعر بالوحدة (كثيرا ما نراه يسير وحيدا في
شوارع مدينة لوس أنجليس (وأحيانا في شنغهاي بالصين!!) مصورا من
زوايا تجعله يبدو ضئيلا تائها وسط المباني العالية الكئيبة التي
تحلق فوقه. هذا الشاب يقيم علاقة حب مع كائن افتراضي في العالم
الافتراضي عبر الكومبيوتر.. هذا الكائن الافتراضي امرأة هو الذي
اختارها تتخاطب معه عبر صوتها فقط (تقوم بالدور سكارليت جوهانسون)،
فهي اختراع من عالم السوفت وير.. أي غير حقيقية لكنها تجعله يعتقد
أنها قد وقعت في حبه بالفعل، بل وترتب لكي تجعله يمارس معها الحب
عبر وسيط ثالث لامرأة جميلة، وهو ما لا يقدر على القيام به.
الفكرة جيدة لكن المعالجة التي تريد أن تلعب في المساحة الواقعة ما
بين الكوميديا الهزلية وقصة الحب الرومانسية، تفشل في اثارة اهتمام
المتفرج، وخصوصا المتفرج غير الأمريكي، الذي يدرك من البداية
استحالة القصة وهزليتها، بل ويبدو الفيلم من ناحية أخرى، أطول
كثيرا من قصته وتصبح بالتالي التفاصيل الكثيرة التي يحشوها
السيناريو به، غير مبررة ولا مقبولة، فمن منا يتصور أن تكون لديه
امرأة رائعة الجمال مثل زوجته السابقة (الممثلة روني مارا) ويتركها
ويهيم على وجهه بحثا عن علاقة بكائن من عالم السوفت وير الخيالي،
خصوصا وان الفيلم يصوره وهو يستعيد بحنين مشاهد من حياته الزوجية
السابقة مع زوجته الجميلة.
أما فيلم "12 عاما في العبودية" فهو بلاشك واحد من أهم ما ظهر من
أفلام العام الماضي، وهو جدير بالفوز بعدد من أهم جوائز الأوسكار
وأظن انه سيفعل.
إن المخرج ستيف ماكوين يعود بنا إلى موضوع العبودية، من خلال رؤية
سينمائية واقعية مكتوبة جيدا ومصاغة سينمائيا ببراعة مؤثرة، لا
تسعى إلى الإدانة ولا إلى التوفيق التسامحي الساذج، بل إلى إعادة
قراءة فترة من التاريخ الأمريكي ولكن من خلال خصوصية القصة
الدرامية التي يرويها عن ذلك الشاب الأسود الحر من نيويورك، الذي
اختطف وعذب وأرغم على الخضوع للعبودية لمدة 12 عاما في الجنوب
الأمريكي. وليس المهم في هذا الفيلم تفاصيل القصة ومغزاها فقد تكون
هذه التفاصيل معروفة لكل من قرأ كتاب سولومون نورثوب الذي يروي فيه
وقائع قصته الغريبة التي حدثت عام 1941 واستمرت حتى 1853، أي قبل
الحرب الأهلية الأمريكية وقبل أن تصدر قوانين حظر العبودية في
الولايات المتحدة.
ولعل أحدهم يتساءل: وكيف كان بطلنا هذا حرا إذن؟ والاجابة أن
ولايات الشمال الأمريكي كانت قد بدأت منذ فترة في الاعتراف بحرية
السود وحقهم في المساواة وكان الخلاف الشهير بين الشمال والجنوب
أحد أسباب اندلاع الحرب الأهلية. كان أمريكيو الشمال قد بدأوا في
التصنيع وكانت المصانع الراسمالية الجديدة في حاجة إلى ملايين
السود كأيد عاملة رخيصة، في حين كان الجنوبيون يرغبون في الابقاء
عليهم كعبيد يقومون بالأعمال الشاقة في المزارع.
أقول إن المهم في هذا الفيلم هو الأسلوب: التصوير والاخراج
والمونتاج وأيضا الأداء التمثيلي الرفيع.. وهذا سيحتاج بلاشك،
مقالا آخر (في الطريق).
احتيال أمريكي فعلا
وشخصيا لم أجد فيلم "احتيال أمريكي" American
Hustle للمخرج
ديفيد أو راسل، مثيرا للاهتمام، بل وجدته عملا ثقيلا مترهلا يعاني
من المشاهد المسرحية الطويلة التي تثقلها الحوارات، مع تعدد
الشخصيات والافتعال في الأداء بدرجة كبيرة. وبعد بدايته القوية
التي تشد الجمهور عن ثنائي محتال من رجل وامرأة، ثم وقوعهما في
براثن عميل للمباحث الفيدرالية الأمريكية يبتزهما للتعاون معه في
الإيقاع بعدد من الخارجين على القانون، ينحرف الفيلم الى متاهات
ومبالغات كثيرة، وصراخ وهستيريا أمريكية مألوفة، لاصباغ الطابع
الكوميدي على ما يصعب تحويله إلى كوميديا، بل إنني رثيت لحال ممثل
عملاق مثل روبرت دي نيرو الذي أسندوا له دورا ثانويا في هذا الفيلم
كأحد زعماء المافيا، في محاولة لاستعادة ذكرى أدواره الشهيرة مع
سكورسيزي في أفلامه عن المافيا وأشهرها بالطبع "رفاق طيبون"، كما
يستخدم الفيلم شخصية العربي من خلال رجل يتخفى في ثياب شيخ عربي من
بلدان الخليج بملابسه التقليدية المعروفة، بدعوى أنه يرغب في
الاستثمار في أعمال غير مشروعة تتعلق بالقمار وغير ذلك، وهذا كله
في سياق هزلي لم أجده مثيرا للمتعة ولا للاستمتاع بل بالأحرى،
للتقزز احيانا. وأستغرب كثيرا ان يكون فيلم كهذا مرشحا لكل هذا
العدد من الجوائز في سائر المسابقات الأمريكية مثل جولدن جلوبس
وخصوصا مسابقات نقاد السينما مثل نقاد نيويورك الذين منحوه
جائزتهم!
وقد كنت أتصور أنني ربما أكون الوحيد، الذي لم يعجبه فيلم "احتيال
أمريكي" مع كل ذلك "الهوس" بالفيلم المنتشر بشدة في الصحافة
الأمريكية، إلى أن وقعت أخيرا على مقال شجاع كتبه كيفن فالون في
مجلة (وموقع) "ذي ديلي بيست" The
Daily Beast بعنوان
"احتيال أمريكي فيلم بولغ في قيمته" American
Hustle Is Overrated
يبدأ الكاتب مقاله على النحو التالي "سوف لن يتم تخويفنا لكي
نتظاهر بأننا نعجب به بعد اليوم.. إن "إحتيال أمريكي" ليس بأي
درجة، جيدا كما يقال لنا.. إذن كيف أمكن أن يكون ضمن قائمة الأفلام
المرشحة لأحسن فيلم؟".
وهو يتساءل في موضع آخر: "إعطوني وصفا تفصيليا للحبكة ، لما حدث في
الفيلم لأنني - اللعنة علي- إذا كنت أعرف. والاعنة إذا كان أي منا
يعرف، ودعونا نكون صريحين:هذه القصة أكثر القصص التواء وتشويشا
وهراء في أي فيلم رشح لجائزة أحسن فيلم منذ فترة طويلة".
من وجهة نظر كاتب هذا المقال فإن أفضل الأفلام في قائمة التسعة هي
ثلاثة أفلام يستحق اي منها جائزة أحسن فيلم وأحسن إخراج وهي:
1- 12 عاما في العبودية
2 - ذئب وول ستريت
3 – نبراسكا
هنا راوبط إلى المقالات المنشورة حول باقي الأفلام المرشحة
للأوسكار:
القبطان فيليبس
جاذبية الأرض
نبراسكا
ذئب وول ستريت
فيلومينا
|