خالد صالح...
وداعاً سلطان الدراما المصرية قدم 7 بطولات تلفزيونية
كتب الخبر: القاهرة
- الجريدة
شكل خالد صالح حالة خاصة في الدراما المصرية في السنوات الأخيرة،
فرغم تباين أدائه منذ أولى بطولاته الدرامية في 2007 في مسلسل
{سلطان الغرام} مع لوسي فإنه حفر لنفسه مكانة خاصة بين أبطال
الدراما التلفزيونية الرمضانية، وأدى أدواراً متميزة في سبعة أعمال
درامية قدم نفسه فيها كنجم تلفزيوني.
بين سائق سيارة نقل في {سلطان الغرام} وصحافي مغامر محارب لكشف
الحقائق في {بعد الفراق} مروراً بإمبراطور توظيف الأموال في
التسعينيات، أحمد الريان في {الريان}... تنوعت أدوار صالح واتسمت
بأهمية خاصة، اختتمها بدوره في مسلسل {حلاوة الروح} في رمضان
الماضي بمشاركة مجموعة من الفنانين العرب.
دور الشاعر مأمون الشناوي الذي أداه في مسلسل {أم كثلوم} مع
المخرجة إنعام محمد علي، لفت أنظار صناع الأعمال الدرامية إلى
موهبته، فشارك بعده بأدوار صغيرة لكن مميزة في مسلسلات عدة من
بينها: {الرقص على سلالم متحركة}، {حكايات زوج معاصر}، ومسلسل
السيت كوم {شباب أون لاين}.
إجادة وواقعية
شكلت مشاركة خالد صالح في مسلسل {محمود المصري} نقطة فارقة في
مسيرته الفنية، فجسد شخصية ضابط شرطة فاسد، وأدى بعدها دوراً أكثر
تميزاً في مسلسل {أحلام عادية} مع يسرا، تمحور حول البلطجي فرج
خنزيرة، فكان جواز مروره إلى أدوار البطولة الدرامية مع بداية
التوسع بالإنتاج الدرامي التلفزيوني.
الاختيارات المتنوعة لخالد صالح في الدراما التلفزيونية ساهمت في
أن تكون له مكانة خاصة لدى جمهوره ولدى المنتجين أيضا، ورغم
الأزمات والمشاكل التي مرت بها أعماله سواء من ناحية التعثرات
المالية لا سيما في {الريان}، أو الخلافات حول ترتيب الأسماء على
الشارات، إلا أنه كان يتجنب الحديث عن السلبيات مقتنعاً بأن العمل
يتحدث عن نفسه.
حقق مسلسل {الريان} نجاحاً كبيراً، فتصدر نسبة المشاهدة خلال عرضه
في 2011، رغم العقبات التي مر بها، إلا أن الأزمة الحقيقية التي
واجهها كانت في انتقاد صاحب القصة الحقيقية رجل الأعمال أحمد
الريان للمسلسل، رغم موافقته عليه قبل بداية التصوير، نظراً إلى
تمسك صالح بتجسيد شخصية بشرية تخطئ وتصيب وليست ملاكاً، وبألا يكون
المسلسل بمثابة محاولة لتجميل شخصية صاحبه الذي توفي بعد عرض العمل
بأقل من عامين.
انتمى صالح إلى مدرسة العمل الدرامي الواحد، فلم يكن يشارك في
تصوير عملين في التوقيت نفسه إلا نادراً، ما أتاح له تقمص شخصيات
درامية بشكل جيد، فأطال لحيته في {الريان} لتظهر بشكل حقيقي وقريب
الشبه بشخصية رجل الأعمال أحمد الريان.
تقمص الشخصيات والتعايش معها أديا إلى اتباع خالد حمية غذائية
لتخفيض وزنه بشكل ملحوظ بداية العام الحالي، بسبب طبيعة الدور الذي
قدمه في مسلسل {حلاوة الروح}، وهي نفس الخطوة التي قام بها قبل
سنوات، تحديداً خلال تصوير مسلسل {بعد الفراق}، للظهور في مرحلة
عمرية أصغر من عمره بسبب الفلاش باك في أحداث المسلسل.
كوّن خالد صالح في الدراما ثنائياً ناجحاً مع المخرجة المصرية
شيرين عادل، فتعاونا سويا في أعمال عدة منها {سلطان الغرام}، {بعد
الفراق}، و}الريان} وجمعتهما كيمياء خاصة فكان الثنائي عنوانا
للنجاح في الدراما التلفزيونية، رغم الانتقادات التي طالت بعض هذه
الأعمال لتناولها شخصيات سلبية في المجتمع.
قضايا سياسية
شغلت القضايا السياسية في أعمال خالد صالح الدرامية مساحة لا
يستهان بها، فتطرق في {الريان} لفساد نظام مبارك بشكل واضح، وحمّله
مسؤولية خسارة المصريين أموالهم المستثمرة لدى رجل الأعمال أحمد
الريان، فيما تطرق إلى الخلافات بين الدول العربية في مسلسل {9
جامعة الدول} (2012) من خلال شخصية رجل عمل في دول عربية عدة وتزوج
فيها وأنجب أبناء من جنسيات مختلفة حاول أن يجمعهم لاحقاً.
الاهتمام بالوجع المشترك في الأوطان العربية حفزه للمشاركة في
مسلسل {حلاوة الروح} وسفره إلى بيروت للمشاركة في عمل ينتمي إلى
بطولة جماعية رغم العروض التي تلقاها لأعمال بطولة مطلقة، بعد نجاح
تجربته في العام قبل الماضي.
في مسلسل {فرعون} جسد شخصية رجب فرعون وهي قصة صعود بلطجي من قاع
المجتمع إلى قمته، ومحاولاته المستمرة للوصول إلى السلطة، بغض
النظر عن قانونية ما يقوم به، وهي الشخصية التي حاكى فيها شخصية
بلطجي شهير بالإسكندرية.
المتابع لأعمال خالد صالح الدرامية يلاحظ أنها كانت دوماً لشخصيات
واقعية، سواء شخصيات حقيقية استوحى تفاصيلها وقدمها درامياً، أو
شخصيات يومية يمكن أن يصادفها المصريون في الشارع، فدخل قلوب
جمهوره بسرعة ونجحت أعماله بقوة.
جسّد الثورة في السينما وميدان التحرير
أفلامه متمردة وأدواره الثانية أبرز أعماله
شكلت السينما حالة خاصة لدى الممثل الراحل خالد صالح، فرغم أنه لم
يتفرغ للتمثيل إلا مع وصوله إلى عمر 36 عاماً، فإن مسيرته
السينمائية التي قدم خلالها ما يقرب من 40 فيلماً على مدار 14
عاماً حفلت بتنوع في الأدوار، بداية من الصغيرة وضيف الشرف وصولاً
إلى البطولة المطلقة على الملصقات.
صورة خالد صالح على ملصقات السينما لن تغيب خلال الأسابيع المقبلة،
فآخر مشاريعه السينمائية لم يعرض بعد، إذ انتهى، قبل خضوعه للجراحة
من تصوير دوره في الجزء الثاني من فيلم «الجزيرة» الذي سيعرض
الأسبوع المقبل في الصالات، وكأنه أبى أن يرحل من دون أن يترك
لجمهوره عملاً سينمائياً.
درس صالح الحقوق في جامعة القاهرة، وكانت الكلية أول نافذة يعبِّر
من خلالها عن فنه الذي بدأ مسرحياً في فرق الكلية مع رفيقه خالد
الصاوي قبل أن ينشغل بالحياة وعمله في مهنة المحاماة، إلى أن قرر
التفرغ للتمثيل في نهاية التسعينيات ليطل على الجمهور في السينما
عبر دور ثانوي في فيلم «جمال عبد الناصر».
شارك خالد بين 2000 و2004 بمجموعة أدوار صغيرة في أعمال سينمائية
عدة من بينها {النمس} مع محمود عبد العزيز و{خلي الدماغ صاحي} مع
مصطفى شعبان، فيما جاءت إطلالته المميزة كضيف شرف في فيلم {محامي
خلع} مع هاني رمزي وداليا البحيري حيث قدَّم شخصية رئيس المحكمة
الذي ينظر دعوى الخلع.
شارك صالح مع أحمد حلمي وشيرين عبد الوهاب في فيلم {ميدو مشاكل}،
فيما ظهر مع بسمة ومصطفى شعبان في فيلم {النعامة والطاووس}، وكانت
فرصته الحقيقية في السينما في فيلم {تيتو} مع أحمد السقا، والذي
حقق إيرادات كبيرة عند عرضه في 2004.
أحلى الأوقات
برع صالح في الأدوار الثانية خلال الأعوام التالية، وكان أبرزها
مشاركته في {أحلى الأوقات} مع حنان ترك وهند صبري في شخصية الزوج
الذي يحاصر زوجته بروتين الحياة اليومية ويرفض الخروج عن المألوف،
فيما شارك مصطفى شعبان مجدداً أولى بطولاته السينمائية المطلقة في
فيلم {فتح عينيك} حيث قدم دور الصحافي الذي يتحول إلى موظف في
الأرشيف ويساعد البطل في كشف عصابة فساد.
النجاحات التي حققها خالد صالح بين 2004 و2007 جعلته أحد أكثر
الفنانين مشاركة في الأعمال السينمائية بالأدوار الثانية، فشارك مع
أحمد السقا في {حرب أطاليا} و{عن العشق والهوى}، وقدم مع أحمد عز
{ملاكي إسكندرية}، وشارك محمد رجب أولى بطولاته السينمائية {ثمن
دستة أشرار} في شخصية اللص الكوميدية، وشارك في {عمارة يعقوبيان»
مع المخرج وائل مروان والذي تناول فساد الدولة في تسعينيات القرن
الماضي.
موهبة خالد في التمثيل وبراعته جعلتا المخرج يوسف شاهين يمنحه فرصة
في آخر أعماله {هي فوضي} الذي تقاسم إخراجه يوسف شاهين مع تلميذه
خالد يوسف، ليقدم شخصية أمين الشرطة الفاسد حاتم الذي يدير القسم
بالرشوة والفساد ويقبض على الشباب المتظاهرين ضد النظام ويضعهم في
السجن السري في قسم الشرطة رغم إخلاء سبيلهم.
لم يكن فساد شخصية حاتم سوى جزء من التعبير عن فساد نظام مبارك
والقوة التي حكم بها خلال 2007 مع تصاعد الاحتجاجات في الشارع
وقمعها من الشرطة، حيث ظهر يتقاضى الرشوة للتغاضي عن المخالفات
ويستغل سلطاته في مواجهة المعارضين له مستغلاً ضعف رؤسائه في العمل.
نهاية الفيلم التي جاءت بمحاصرة الأهالي لقسم الشرطة واقتحامه
للإفراج عن أبنائهم المعتقلين والقصاص من حاتم تنبأت بثورة 25
يناير التي حاصر فيها المتظاهرون أقسام الشرطة وهو ما جعل النقاد
يرون أن الفيلم أحد أبرز الأعمال التي تنبأت بالثورة المصرية.
حصد صالح عن دوره عدداً من الجوائز، ولم يمنعه نجاح الفيلم من
الموافقة على المشاركة كضيف شرف في {حين ميسرة} مع المخرج خالد
يوسف في العام نفسه، وفي فيلم {الريس عمر حرب} كبطولة جماعية مع
هاني سلامة، غادة عبد الرازق وسمية الخشاب.
عاد صالح للتعاون مع أحمد السقا في {ابن القنصل} عام 2010 وهو
الفيلم الذي جسد فيه شخصية رجل عجوز تجاوز الستين من عمره وأمضى 25
عاماً خلف قضبان السجن، فاستعان بماكياج وبدَّل لون شعره وطريقة
سيره، متفوقاً في الفيلم على السقا، فحظي بإشادة نقدية كبيرة،
خصوصاً مع قدرته على ابتكار الكوميديا في مشاهد جمعته بباقي فريق
العمل.
25
يناير
كان الفنان الراحل أحد أوائل النجوم المشاركين في ثورة 25 يناير
للمطالبة بإسقاط نظام مبارك، فانضم إلى المتظاهرين وأمضى ليالي
برفقتهم في الميدان، وهي الفترة التي كان يرى فيها أنه اختار
الطريق الصحيح، خصوصاً مع تأثره بآراء أساتذته في القانون والذين
اعتصموا في الميدان.
نجح صالح مجدداً مع خالد يوسف بعد الثورة من خلال فيلم {كف القمر}
حيث قدم دور الابن الأكبر الذي يحاول احتواء أشقائه باستمرار بعدما
سافر معهم إلى القاهرة بحثاً عن عمل في مكان أفضل، وللقصاص من قتلة
والده الذين شاهدهم في صغره.
بعد الثورة، قدم الممثل فيلم {30 فبراير} مع المخرج محمد أمين الذي
تناول بشكل ساخر أوضاع ما قبل الثورة، من خلال السعي إلى تأمين
مستقبل عائلته بالاحتماء بأحد الأشخاص من الجهات المهمة لينتهي
الفيلم بالثورة التي رأت فيها الأسرة بداية لمستقبل جديد.
عاد خالد صالح العام الماضي للتعاون مع رفيقه خالد الصاوي في فيلم
{الحرامي والعبيط} حيث قدم دور شخص عبيط يتعرض للاستغلال من حرامٍ
يستغل حالته الصحية ويعرض أعضاءه للبيع، حيث تطرق الفيلم لظاهرة
تجارة الأعضاء البشرية التي انتشرت في مصر أخيراً.
ودَّع
خالد السينما مع كاميرا المخرج شريف عرفة في الجزء الثاني من فيلم
{الجزيرة} الذي سيعرض مساء الأربعاء المقبل، بينما تشيع جنازة خالد
ظهر اليوم من مسجد عمرو بن العاص في القاهرة. |