مع صوت العصافير كل صباح تستيقظ الأميرة «إنجى» مريم فخر الدين حسناء
الشاشة الفضية، التى تعلق بملامحها الفاتنة أجيال متعاقبة، لتبدأ يوما
جديدا من حياتها فى شقتها الهادئة المقابلة لحديقة الحيوان، تتوضأ وتصلى،
وتشعل سيجارتها الأجنبية، وتشاهد أفلام الأبيض والأسود على قناتها المفضلة
«روتانا كلاسيك»، كأنها تستعيد ذكريات الطفولة وأحلام المراهقة وبداية
النجومية فى السينما المصرية عند رؤية أفلامها.
مريم فخر الدين التى أثرت الشاشة العربية بأعمال مهمة فى تاريخ الفن، تقول
فى حديثها لـ«اليوم السابع»: «فى الوقت الحالى أعيش أيامى بقلبى وعقلى،
وأشعر أن كل شىء جميل من حولى، فقد رزقنى الله بهذا المنزل الذى يطل على
حديقة الحيوان، ودائما ما أستمع لصوت العصافير وهى تغرد وأرى الأشجار
مورقة، وأتامل أيضا ما تركه لنا قدماء المصريين من تراث وحضارة وعلم وفن،
بطبعى أعشق الأشياء القديمة لأصالتها، وحياتى كما ترى بسيطة والمعيشة
مستورة».
وعن برنامجها اليومى تقول الأميرة «إنجى»: «أقبل على ممارسة الرياضة بشكل
خفيف، وأشاهد يوميا 5 فضائيات منها الألمانية والفرنسية والإيطالية، لأنى
أتحدث 7 لغات، وللعلم لا أتابع البرامج السياسية لكنى أكتفى دائما بمشاهدة
الأفلام القديمة سواء المصرية أو الأوروبية وبرامج المنوعات وينتهى يومى
بصلاة العشاء والذهاب إلى النوم».
وتحكى نجمة السينما عن أفلامها التى تحرص على متابعتها إلى الآن قائلة:
أتابع أغلب أفلامى مثل «لا أنام» للمخرج صلاح أبو سيف، وخاصة الأفلام التى
جمعتنى بالنجم الراحل أحمد مظهر، ومنها «رد قلبى» للمخرج عز الدين ذو
الفقار، و«الأيدى الناعمة» إخراج محمود ذو الفقار، وأيضاً أفلامى مع
الموسيقار الكبير الراحل فريد الأطرش، ومنها «رسالة غرام»، و«ماليش غيرك»
إخراج بركات و«عهد الهوى» إخراج أحمد بدرخان، لكنى أعتب على ورثة الراحل
فريد الأطرش الذين يتعمدون منع عرض أفلامى على القنوات.
وتنتقل النجمة من الحديث عن سينما الخمسينيات والستينيات إلى السينما
حاليا، بقولها: هناك اختلاف كبير بين سينما الخمسينيات والستينيات والسينما
التى نشاهدها الآن، أيامنا كانت هناك جماليات فى الفن والقصة وتنوعها بين
الاجتماعى والرومانسى، وكانت تمس الواقع المجتمعى بكل تفاصيله، لكن الآن كل
شىء تغير وتحولت السينما إلى «بلطجة ورقص وإعلانات وحاجات مش مفهومة»،
وأوجه اللوم إلى الذين يتشدقون دائما بكلمة الزمن الجميل خاصة من الفنانين،
وأقول لهم «اصنعوا لأنفسكم زمنا جميلا يتحدث عنكم بدل ما تندموا على الزمن
المنقضى».
وأرجعت مريم فخر الدين أسباب انهيار السينما المصرية إلى الممثلين الذين لا
يحبون عملهم، ويمثلون من أجل «الاسترزاق» فقط، رغم أنهم يجمعون مبالغ
طائلة، ويبدو أنهم يتعمدون تقديم هذا «الهباب» من أجل الأموال، والعيب ليس
فى القصة فقط بل فى الجميع من ممثلين ومؤلفين، ولست خائفة من غضبهم، لأنى
متأكدة «أنهم بيعملوا كده علشان يأكلوا عيش»، وأقول لهم «اتقوا الله فى
اللقمة اللى بتأكلوها وادفعوا ثمنها فن كويس».
وترد الفنانة على الانتقادات التى تعرضت لها بسبب عدم اعتزالها الفن بعد
تقدم عمرها قائلة: «كل واحد حر فى نفسه ولو اتعرض علىّ الآن دور جيد
هقبله»، وتضيف: «تاريخى السينمائى يتجاوز الـ200 فيلم، وأكبر أجر حصلت عليه
كان ثلاثة آلاف جنيه فقط، أنا بحب الفن وقديما رفضت التمثيل فى بعض الأفلام
ومنها «أبى فوق الشجرة» لأن اسم العمل الذى كتبه إحسان عبدالقدوس استفزنى،
وقلت يعنى إيه «أبوه فوق الشجرة»، رغم أنى لعبت دور البطولة أمام العندليب
الأسمر عبدالحليم حافظ فى فيلم «حكاية حب» وهذا الفيلم أعتبره من أجمل
أفلام السينما المصرية.
وتكشف مريم فخر الدين أسباب اختفائها عن الساحة السينمائية فى الفترة من
منتصف الستينيات وحتى آخرها، قائلة «فى هذه الفترة ابتعدت عن السينما لأنى
لم أقتنع بالأدوار التى تلقيتها، وخلال هذه الفترة تزوجت من المطرب السورى
فهد بلان، عندما تعرفت عليه فى حفل ودعانى للرقص، وقال لى أريد أن أتزوجك
فوافقت وتزوجنا، وعموما البعد عن الأضواء ليس مفزعا بالنسبة لى».
وعن الزواج والحب تقول نجمة الرومانسية: «الحب لم يعرف طريقه إلى قلبى ولا
مرة، وحتى أزواجى لم أرتبط معهم بقصة حب قبل الزواج ولا بعده، وزواجى من
المخرج محمود ذو الفقار كان صدفة، عندما حضر لوالدى ليتفق معه على أجر
فيلمى الجديد، وطالبه والدى بمبلغ 3 آلاف جنيه، رد عليه ذو الفقار قائلا
«طيب لو تزوجتها هدفع كام»، فأجابه أبى: «لو تزوجتها هى لك»، وبالفعل قال
لى: تتزوجى محمود؟ وقتها شعرت أن أبى بـ«يزحلقنى» فوافقت، ثم تفاجأت أن
محمود رافض فكرة الفرح والزفة وقال «مقعدش فى الكوشة مع عيلة»، ومع أنى
جسدت على الشاشة أدوار الفتاة الرومانسية فإننى لم أعش حبا واحدا فى حياتى
وبصراحة «ربنا مرزقنيش بحب فى حياتى اللى حبونى كتير لكن أنا محبتش حد».
وعن علاقات الصداقة التى جمعتها بنجوم الزمن الجميل، تقول نجمة السينما
المصرية: لم أرتبط بعلاقات الصداقة بالممثل الذى يقف أمامى كعماد حمدى أو
شكرى سرحان أو فريد شوقى أو رشدى أباظة، والفنان الوحيد الذى أعتبره صديق
عمرى هو أحمد مظهر وعندما تلقيت نبأ وفاته، أصررت على أن أودعه، ولم أتحمل
رؤيته داخل الكفن وبكيت متأثرة برحيله، الله يرحمه أحمد مظهر أفضل فنان فى
مصر حتى الآن، وأعماله التى قدمها كفيلم «الناصر صلاح الدين» مع يوسف
شاهين، و«رد قلبى»، لا يستطيع ممثل غيره أن يقدمها، ومن وجهة نظرى لا
مقارنة مع أحد سواء من نجوم جيله أو نجوم الجيل الحالى، أما فريد الأطرش،
فكان دائما يبادر بالصداقة ويدعونا لتناول العشاء معه، ولا أستطيع أن أنسى
النهاية المأساوية التى تعرض لها نجم الكوميديا الراحل إسماعيل ياسين بعد
أن حجزت الضرائب على ممتلكاته وسافر إلى لبنان وهو «مش لاقى يأكل»، إسماعيل
يس وعبدالسلام النابلسى شخصيتان لا تعوضان فى الفن.
وعن أبرز المطربين الذين اقتربت منهم مريم فخر الدين، كانت سيدة الغناء
العربى أم كلثوم، التى التقتها ذات مرة وقالت لها «مبتسمعنيش ليه»، تضيف
مريم: «دعتنى لإحدى حفلاتها وحاولت أن أستمع إليها لكنى لم أنسجم معها،
والسبب يعود لكون والدتى (مجرية) وعودتنى على الأوبرا، وأقولها بصدق أقرب
الأصوات لقلبى فريد الأطرش».
وكشفت مريم أنها تتواصل مع أصدقائها من جيل الزمن الجميل، وعلى رأسهم
النجمة الكبيرة المعتزلة شادية، التى تقول عنها: «تتواصل معى صديقتى شادية
وتحرص على أن تهاتفنى بشكل يومى وكنا نلتقى دائما عندما كانت تقطن بجوار
منزلى لكننا الآن نتحدث فى التليفون، وكذلك النجمة الكبيرة نادية لطفى التى
تحرص على الاطمئنان علىّ هاتفيا، ونادية وشادية هما من يسألان عنى باستمرار
من بعد رحيل حبيبتى هند رستم، وأحيانا تأتى لزيارتى النجمة نبيلة عبيد»
وأوضحت مريم أنه لم تكن هناك منافسة بينها وبين نجمات جيلها وكل ما كان
يجمع بينهن هو الحب.
وحول ما يخص طبيعة حياتها الخاصة تقول مريم: «أولادى محمد وإيمان دائما
يسألان عنى ويحرصان على زيارتى باستمرار» وتابعت النجمة: «لا أفكر فى كتابة
قصة حياتى ولا تقديمها بمسلسل تليفزيونى لأنها ببساطة ماتستهلش». ونفت مريم
فخر الدين تواصل نقابة الممثلين معها، مؤكدة أن معاش النقابة لا يسمن ولا
يغنى من جوع، ووجهت رسالة للفنان أشرف عبدالغفور نقيب الممثلين قائلة له
«أنت ما بتسألش علينا ليه؟»
وعن رأيها فى النجوم الحاليين تقول «أحب عادل إمام لأنه ممثل كويس من صغره،
ونور الشريف فنان جيد، ويحيى الفخرانى لازم يعمل رجيم إذا استمر فى
التمثيل، وبحب يسرا، ومنى زكى «مش بطالة»، ومعرفش مين «نيللى كريم».
وتطرقت النجمة إلى الحياة السياسية، والظروف الحالية التى مرت بها مصر،
ولفتت إلى أن جماعة الإخوان، ليسوا «مسلمين» بل إخوان كفار، قائلة: «أهانوا
البلد بشكل غير مسبوق، وأتعجب كيف يفعلون هذا فى بلدهم الذى سيدفنون به،
وهم بيننا بيكسروا البلد ويبهدلوها».
وتتمنى مريم فخر الدين، من رئيس مصر القادم أن يعيد مجد المصريين القدماء
بناة الأهرامات، بقولها: «نحن البلد الوحيد الذى به أهرامات والمصريون
حملوا على أكتافهم الحجارة لبنائها، ولا بد أن نوفر للعمال الذين يعانون من
البطالة مورد رزق، ويجب على رئيس مصر المقبل بناء المصانع لتشغيل العاطلين».
وتقول النجمة مريم فخر الدين عن المعزول محمد مرسى: ده شخص مش معروف وكنت
أعتقد أن اسمه «موريس» وأعظم رئيس حكم مصر حتى الآن هو الراحل محمد أنور
السادات، وفعل لمصر الكثير، وتصف الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك بـ«النيلة»
وتضيف: «لم أحبه يوما». |