زوم
عكاظ الأفلام العالمية أفضل أسواقها بيروت...
بقلم محمد حجازي
أعلنت الأوسكارات.
جوائز كثيرة كنا معها بالتمام والكمال، فالأفلام المقدَّرة، والفنانون
الفائزون كلهم أهل لما نالوه، في وقت نعتبر فيه العام 2014 واحداً من
الأعوام النادرة التي تكون فيها الأفلام المعروضة، ثم المرشحة والمتسابقة
جيدة إلى هذا الحد، النسبة عالية، وقد مرَّت علينا سنة شاهدنا فيها باقة
من أمتع الأفلام، ليس الأميركية فقط كونها وافدة من هوليوود، بل إن
بريطانيا «بيّضتها» هذه الفترة كما فعلتها فرنسا مؤخراً حين أطلقت «الفنان».
نعم لقد عشنا براحة مع موعد الأوسكار، وعرفنا أن أياً كان من اللائحة لو
فاز لن نشعر بغبن، لغيره أبداً، فكيف يتنافس من أحببناهم ونغضب إذا فاز
أحدهم. أبداً، كنا معها كلها، حتى «تمبتكو» للموريتاني عبد الرحمن سيساكو
الذي ستراه بيروت في إفتتاح مهرجانها السينمائي في 12 آذار/ مارس الجاري لم
نعتبره خسارة بل هو حاضر، وكرّمته أوروبا بالسيزار، و«إيدا» الشريط الفائز
بأوسكار أفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنكليزية من الأعمال الجيدة التي
تستأهل تكريماً عالمياً.
ولأننا أمة لا يعجبها العجب، ودائماً نعثر لأي أمر جيد في حياتنا على مرادف
سلبي، محبط، نلجأ إليه مع كل إنجاز نحققه، نحب تكرار تحية التقدير لشركات
التوزيع السينمائي المعتمدة كمكاتب للشركات العالمية، لأننا نظل على الدوام
في حالة إستنفار مع مديري هذه الجهات أولاً للدعوات المتتالية أسبوعياً
التي توجّه إلينا لكي نشاهد فيلماً هنا أو آخر هناك في صالة ثانية أو
ثالثة، بحيث نكون على إطلاع دائم وميداني على كل جديد، حين حصوله أو بعد
حصوله بقليل.
ولن ننسى أن شريط جوليان مور
(Still Aice)
شاهدناه في عرض خاص الأربعاء في 24 الجاري، وكانت الجوائز أعلنت صباحاً
(الإثنين) بتوقيت بيروت، ونالت عنها مور أوسكار أفضل ممثلة أولى، حصل هذا
بعدما كنا شاهدنا معظم الأشرطة المتبارية والواردة على لائحة الترشيحات
تباعاً في عروض خاصة، إن الموزعين يقدّرون النقاد ويريدون العثور على أفضل
الأبواب لوضعهم في صورة ما يستجد سينمائياً، وهذا المناخ تعرفه الشركات
الأجنبية في مواطنها ما بين لوس أنجلوس، ولندن، وباريس خصوصاً، إذ منهم
يسارعون إلى الموافقة على العروض الخاصة في مواعيد محددة، وقبل حتى أن تعرض
في افتتاحات لطالما عرفت حشوداً من النجوم وأهل الفن السابع، ومع ذلك
نشاهدها في بيروت، تقديراً لمدينة فيها أكبر عدد من صالات العرض في العالم
قياساً على مساحة لبنان التي تكاد لا تذكر حين الحديث عن مساحة الدول
الأخرى، الكبرى جداً.
نعم كثيراً ما نشاهد أفلام هوليوود قبل أهل المدينة نفسها.
وهذا تكريم وتمييز وتقدير.
واللبنانيون الذين تدفقوا على الصالات لمتابعة كل المتنافسين على أوسكار
87، كانوا في حالة فرح ثقافية، فنية، وحتى في مجال التسلية، لقد ملأت
الأفلام فراغ ساعاتهم، وجعلت من يتابعون جديد السينما يكادون لا يغادرون
الصالات المظلمة، فالفرصة سانحة بكل بساطة لمشاهدة كل الأفلام... نعم كل
الأفلام.
هذا تتيحه بيروت فقط.
صحف العديد من الدول العربية تعطي مواعيد بعيدة للأفلام الجديدة، وتعلن عن
أشرطة تكاد تنساها بيروت، التي تشع بصالاتها من الدرجة الممتازة، والتي
توفّر أفضل الأفلام وأحدثها، مع تقنية عرض فائقة الدقة، كل هذا لكي يكون
محب السينما بأمان ولا يخاف من شيء أبداً، كالإعتقاد بأن ما يقرأه عن
الأفلام لن يراه بأم العين قريباً أبداً ودائماً العرض قاب قوسين أو أدنى.
لم نعثر بعد على عبارة تكفي لتوصيف هذه الحالة أبداً.
لكنها فرصة أكيدة للقول ان صناعة الصالات في لبنان ستبقى الأولى في دول
العالم المتحضّر. هناك 125 صالة سينما، أفلام لا تعدّ ولا تحصى، وهي تصل من
أقاصي الأرض لكي تكون على شاشاتنا، ووسط روّاد يفهمون ويقدّرون ويتذوّقون
ما يشاهدونه، وهذه ميزة ليست متوفرة لشعوب كثيرة ليس في المنطقة فقط بل في
العالم أجمع.
مرَّ الأوسكار 87 على خير.
قدّم لنا أفلاماً ضخمة ورائعة، وأحاطنا علماً بأن السينما ما زالت في صدارة
الفنون المرئية، وان القادم من الأيام سيشهد ولادات ابداعية سينمائية تفوق
كل ما عرفناه محلياً وفي العالم.
شريطان بارزان على شاشاتنا مع 4 مخرجين والنتيجة جيدة.. مؤثرة وجاذبة
«جوليان
مور» رائعة مع الألزهايمر في شخصية «أليس» الممزَّقة من داخلها
«ويل سميث» سارق ومحتال يظل يلعب حتى النهاية.. ويفوز بإمرأة فقط
بخمسة ملايين دولار فقط وصل فيلم
(Still Alice)
للمخرجين ريتشارد غلاتزر، وواش ريستمورلند إلى ترشيحات الأوسكار في الدورة
87 ثم إلى الفوز بأوسكار أفضل ممثلة لـ جوليان مور في دور أليس هولاند
الأستاذة الجامعية المتخصصة في علم الألسن، والناجحة في زواجها من جون (ألك
بالدوين) ولهما 4 أبناء: آنا (كيت بوسوورث)، ليديا (كريستن ستيوارت)، شارلي
(شين ماكراي) وتوم (هانتر باريش).
ابنة الـ 55 عاماً إستطاعت أداء واحد من الأدوار الصعبة لسيدة ناجحة
منطلقة، تصاب فجأة بأعراض الألزهايمر، وتبدأ عندها في النسيان، وحصول
مفاجآت محرجة لها، أقلّها محاولتها الذهاب إلى الحمام فتنسى أين هو في
المنزل، وتبلل نفسها ليهتم بها زوجها القريب جداً منها محاولاً تهدئة
خاطرها، وعدم إشعارها بأن الأمور تسوء أو أنها باتت عبئاً على المنزل وأهله.
الأبناء والزوج كلهم يحاولون طمأنتها وهي لا تدري كيف تعمل وكيف تتحرك،
وماذا عليها أن تفعل وسط هذا المناخ الجديد، حيث لم يعد الكلام مريحاً على
لسانها أبداً، بات قليلاً وهي تسأل السؤال عينه عدّة مرات، ومع ذلك فالأمور
محلولة مع الزوج، وكان الجميع مرتاحين لأنها لبّت الدعوة لإلقاء محاضرة حول
الألزهايمر مصارحة الحضور أنها بدأت تنسى وها هي الأعراض بادية عليها.
أجواء الفيلم الجميل كتبها المخرجان عن رواية لـ ليزا جينوفا، وجاءت
النتيجة مؤثرة جداً ولا مجال للإنقطاع عن الأحداث على مدار الأجواء
المحيطة، خصوصاً ما يستطيعه الزوج، وما تبادر به هي، آليس، وما يفعله
الأبناء، أو ما يتصادمون من أجله.
مور التي عرفناها في (Crazy Stupid Love)
و(Game
Change)
و(Don
Jon)
و(The
English Teacher)
و(Non
Stop)
و(Carrie)
و(Maps
to the Stars)
وقريباً نشاهد لها
(Freeheld),
تؤدي الشخصية بوجه قلق، ومشاعر تتحرك من الداخل، وفطرية في الأداء من خلال
خبرة طويلة من عام 87 في التلفزيون مع سداسية
(I`ll Take Manhattan).
الألزهايمر أزعج آليس وتركها أسفة على أنها تمتلك الكثير من المعلومات عن
المرض ولا تقدر التعبير لأن النّاس تتكلم بسرعة أما هي فلا شيء يتغيّر في
مفاهيمها وقناعاتها. وقد أعجبنا «الكاستنغ» الذي اختار ألك بالدوين لدور
الزوج فهو أدى العديد من المشاهد المميّزة درامياً، بعدما أرهقته الأفلام
في الأدوار السلبية، بعيداً عن وسامته الطاغية. لعب باقي الأدوار: سيث
جيليام، سيتفان كونكون، ايرين دراك، دانيال دجارول، مع شريط في 101 دقيقة.
{ (Focus):
جديد ويل سميث، عرضته بيروت في 26 الجاري، يديره المخرجان غلين فيكارا،
وجون ريكا، في عمل كتباه معاً، واستعانا بفريق تمثيلي متمكن: مارغوت روبي
(جيس)، أدريان مارتينيز (فارهاد)، روبرت تايلور (ماك أوين)، ستيفاني
هونوريه (جانيس)، دومينيك فوموزا (جاريد)، خوان مينوجن (مارسيللو).
الشريط تعرضه أميركا بدءاً من 27 شباط المنصرم في 104 دقائق، صوّر في نيو
اورليانز (لويزيانا)، وهو أول فيلم يجمع سميث مع روبي، والثاني سيكون
بعنوان:
(Suicide Squad).
ويتمحور الفيلم السريع والخفيف الظل، وكثرة الجميلات السارقات فيه حول
حالات إحتيال في إطار ظريف بين نيكي (ويل سميث) وجيس مع بعضهما ثم من
خلالهما مع آخرين، فالحب وقع بين الطرفين، وراحا ينفذان عمليات ناجحة صغيرة
وكثيرة، أفضل من كبيرة جداً وكأنما يريدان التقاعد من بعدها عن هذا الفعل،
وكان فريق منسجم مدرب جيداً يتولى التنفيذ في الشارع، في الأماكن المكتظة
بحيث لا يشعر أحد بما يجري وحتى لو تمّ الضبط فإن أي إثبات ليس موجوداً،
لأن الغرض المسروق يصبح في لحظات أسير آخرين أخذوه في الشارع وتناوبوا على
حمله حتى يذهب فوراً إلى حساب نيكي.
يختصر الفيلم نفسه منذ المشهد الأول، تجيء جيس إلى نيكي في أحد المقاهي
متعرّفة عليه، طالبة منه التصرف على أنهما يعرفان بعضهما، هرباً من سطوة
شخص معها، والذي هو نفسه الذي يتولى ضبطهما معاً، ويواجهه نيكي بإبتسامة
تقول: لقد كشفتك منذ وقت، أنتم مراهقون في فعل الاحتيال. لذا يخضع نيكي
الصبية الجميلة لدورة مكثفة في الإحتيال والسرقة الخفيفة، وبالتالي
الإنضمام إلى مجموعته.
لا جاذب قوياً في الفيلم سوى حضور سميث.
نقد
(Whiplash)
صدام موسيقي بين مايسترو وعازف
ولادة ممثلين رائعين ومخرج ثلاثيني مع درس سينمائي..
كم أسعدنا وأمتعنا هذا الفيلم..
كم شعرنا أن السينما بخير.. مرة جديدة مع فيلم لا ينسى، ويصعب المرور عليه
دونما إكتراث، أو تقدير أهمية.
(Whiplash)
نص وإخراج داميان شازيل وبطولة مطلقة لممثلين رائعين حتى الثمالة وإن كان
الأول جي. كاي. سيمونس، قدّم شخصية فلاتشر، المايسترو المبهر الذي يريد
الفوز في حياته المهنية بباقة من العازفين المبدعين الذين يعيدون أمجاد
الكبار في العزف على الآلات الجماهيرية وحيازة ألقاب مهمة في مجال
ابداعاتهم، وأدى سيمونس الدور بكثير من الابهار في تقمص الدور وتوصيله
مؤثرا للمشاهدين.
الثاني هو بطل الشريط مايلز تيلر، لاعب دور العازف الموهوب آندرو، الذي
ولشدة إعجابه بـ فلاتشر كانت أمنيته دائماً أن يكون في عداد فريقه الموسيقي
الذي كلما دخل في مسابقة على مستوى البلاد حاز المركز الأول، كونه الأقدر
على تدريس العازفين وإعدادهم ليكونوا متفوّقين في ابداعهم، لكن الأمور لم
تكن سهلة مع هذا الشاب الذي إنصاع لمزاجية فلاتشر، وتحمّل صراخه وطريقته
الفجّة في المخاطبة، وعدم مراعاته للشيء أمام رغبته في الفوز بأفضل أداء
عزفي، وبالتالي الوصول إلى ما بعد قدرة العازف على العطاء، كان يطلب أعلى
مستوى من طاقة العطاء حتى يكون مرتاحاً.
هذه السادية وراء الخلاف مع العازف آندرو (28 عاماً) الذي رضخ بالكامل لكل
طلبات فلاتشر، ومزاجه، وكلماته النابية، من أجل نيل حظوة في العمل معه، ولم
يفهم وهو يتلقى القسوة والشدة والغضب، واللاإيجابية أن هذا المايسترو إنما
يعتمد طريقة عكسية لأخذ أقصى ما يمكن من آندرو، وعندما زادت الأمور عن
حدّها بشكل مزعج، قرر آندرو المواجهة، طالما أن فلاتشر يأتيه كل يوم بمن
يزعجه إلى جانبه ويعزف على الآلات الإيقاعية لإحباط عزيمته وجعله يعطي
قدراً أكبر من الإجادة في العزف، عندها عاد إلى بيته وراح يتدرب بشكل مكثف
إلى أن سال الدم من يديه وغرق في تعرّق غير طبيعي وكاد يغمى عليه، فقط في
محاولة لبلوغ الحد الأقصى في هذا المجال.
لكن كل هذا أيضاً لم يشفع له في كسب رضى فلاتشر الذي اعتبره ما زال بطيئاًَ
ويحتاج إلى جهد إضافي لنيل رضاه، الأمر الذي أخرج أندرو عن طوره وهاجم
المايسترو على المسرح لخنقه.
ينسحب آندرو الذي أبعد عن طريقه صديقته الجميلة نيكول (ميليسا بينوا) فقط
لأنه يُريد التركيز على عزفه، ولم يعرف استردادها لاحقاً، ويعتزل في منزله،
إلى أن ترفع دعوى ضد فلاشتر يدعمها آندرو وتقول بأن قسوة هذا المايسترو
تسببت في وفاة شاب، والحبل على الجرار. تمر الأيام ويلتقي الإثنان مصادفة
بعدما قرأ آندرو إعلاناً عن حفل يشارك فيه فلاتشر ويعزف على الأكورديون،
فيقصده ويراه عن بُعد داخل المكان، ويناديه فلاتشر ليبلغه بأنه منذ طرده من
المعهد بفعل شكوى أحد الطلبة (كان يقصده هو) وهو يعمل بشكل متفرق، وعرض على
الشاب أن يعزف معه في فريق سيقدّم حفلاً في القريب، وبعد تردد ذهب آندرو،
وكانت المفاجأة أن المايسترو يرغب في الثأر لما فعله به، فأبلغه أنه سيتم
عزف مقطوعة، وحين التقديم أمر بعزف أخرى لإحراجه أمام الحضور فتلعثم وتردد
آندرو، وترك مكانه ومشى، ثم عاد سريعاً وباشر العزف والطرق بكل طاقته،
بمعزل عن كامل الفريق، غير عابئ بوجود المايسترو والفرقة حتى آخر نفس.
الشريط كان مرشحاً لخمسة أوسكارات منها: أفضل سيناريو مقتبس، نفذ بميزانية
ثلاثة ملايين و300 ألف دولار وجنى الفيلم بين 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2014
و6 شباط/ فبراير 2015 حوالى تسعة ملايين ونصف المليون دولار.
والمخرج كاتب النص شازيل لم يتعدَّ الثلاثين من عمره، أميركي من مواليد رود
آيلاند، له عام 2013 شريط:
(The last exorcism part 2). |