انتفاضة ضد الصهيونية على أرض مهرجان القاهرة
السينمائى
تقرير ــ أحمد فاروق:
·
السينمائيون يرفضون الاحتفاء بكلود ليلوش لميوله
الإسرائيلية.. وصورته وسط جنود جيش الاحتلال تحسم قرار إلغاء
التكريم
·
محمد حفظى يدافع عن اختيار المخرج الفرنسى.. وعدم
الاعتراض على تكريم سلفستر ستالونى فى «الجونة» يثير الجدل
يشهد مهرجان القاهرة السينمائى، حالة من الطوارئ،
ليس لأن الدورة الأربعين تفتتح فاعلياتها يوم 20 نوفمبر المقبل،
تحديدا بعد 29 يوم، ولكن بسبب المخرج والكاتب الفرنسى كلود ليلوش،
الذى أثار الإعلان عن تكريمه كثيرا من الجدل، وصل إلى اتهام
القائمين على المهرجان بالتطبيع مع إسرائيل.
منذ اللحظة الأولى لإعلان تكريم «ليلوش»، بادر عدد
من السينمائيين بالاعتراض على حضور المخرج الفرنسى إلى القاهرة
والاحتفاء به، مبررين موقفهم بأنه ليس فقط يهوديا، وإنما هو محب
وداعم لمواقف إسرائيل السياسية، لتشتعل الثورة ضد الصهيونية، على
أرض مهرجان القاهرة السينمائى، الذى أصبحت إدارته فى مأزق كبير،
سواء تمسكت بالتكريم أو قامت بإلغائه، فالأول سيطعن فى إيمانها
بالقضية الفلسطينية، والثانى سيضر بسمعة المهرجان فى العالم الغربى
الذى لا يعترف عادة بما يؤمن به العرب، كما يشكك أيضا فى ذكاء
إدارته.
مقاطعة السينمائيين لكل ما هو إسرائيلى أو داعم
للصهيونية، بدأ بالتوازى مع اتفاقية السلام التى وقعها الرئيس
السادات مع الجانب الإسرائيلى فى واشنطن عام 1979، حيث صدر فى
التوقيت نفسه قرارا من الكاتب المسرحى الكبير سعد الدين وهبة نقيب
السينمائيين ورئيس اتحاد النقابات الفنية برفض كل أشكال ومظاهر
التطبيع مع الكيان الصهيونى العدو التاريخى لمصر والعرب.
التسلسل الزمنى للأزمة
بدأت الأزمة بعد ساعات من إعلان المهرجان للتكريم
السبت قبل الماضى، من خلال كتابات عبر مواقع التواصل الاجتماعى
لعدد من السينمائيين تبرز تصريحات سابقة ومتكررة لكلود ليلوش يهودى
الديانة، يؤكد خلالها على حبه ودعمه لإسرائيل، ولكن لم يكن هذا
كافيا لاتخاذ قرار بإلغاء التكريم، خاصة أن كثيرا من سينمائيى
العالم يهود، وكثير منهم يتعاطف مع إسرائيل، وهو ما دفع رئيس
المهرجان محمد حفظى للدفاع عن «ليلوش»، ظهر الثلاثاء الماضى، فى
تصريح لـ«الشروق»، مؤكدا أن اتهام المخرج الفرنسى بأنه صهيونى مجرد
شائعات لا أساس لها من الصحة، وأنه ليس لديه موقف معادٍ للعرب أو
الإسلام، كما أكد أيضا على أنه لن يتراجع عن تكريمه.
وتابع «حفظى»: «ليس كل مخرج أو فنان زار اسرائيل
نعتبره عدوا للعرب. لو تصرفنا بهذه الطريقة هنفضل فى عزلة بنخاطب
نفسنا فقط، خاصة أن كلود ليلوش يحب مصر ورحب بالتكريم ويريد الحضور
إلى مهرجان القاهرة».
قبل مرور أقل من 24 ساعة على هذا التصريح، أصدرت
اللجنة الاستشارية العليا لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى بيانا
يوم الأربعاء، دعت من خلاله الجميع لتزويدها بأى وثيقة تتضمن
موقفًا سياسيًا معلنًا لكلود ليلوش ضد القضية الفلسطينية أو حقوق
الشعب العربى، سواء كانت تصريحًا سياسيًا، بيانًا قام بالتوقيع
عليه، أو أى شكل آخر للتضامن السياسى مع الموقف الإسرائيلى، مشيرة
إلى أنها ستعقد اجتماعا الأحد 21 أكتوبر لدراسة المواد وتتخذ قرارا
نهائيا بشأن هذا التكريم.
وأكدت اللجنة الاستشارية، أنها اطلعت على كل ما
نُشر خلال الأيام الماضية من تصريحات أدلى بها «ليلوش» لمطبوعات
إسرائيلية خلال تلقيه دكتوراه فخرية من قبل إحدى الجامعات، تمت
ترجمتها لعدة لغات، ووجدت اللجنة أنها كلها تأتى فى نطاق المجاملات
المعتادة من الفنانين عند زيارة أى دولة.
فور صدور بيان اللجنة الاستشارية العليا، أصدر
السينمائيون والمثقفون بيانا مساء اليوم نفسه، أعلنوا فيه اعتراضهم
على هذا التكريم، وعدم الاعتراف به كمواطنين مصريين، كما أعلنوا عن
رفضهم جميع أشكال التطبيع أو المساندة لكل من يدعم العدو الصهيونى
الغاشم حتى تتحرر الأراضى العربية.
ورغم أن بيان اللجنة الاستشارية، قال إن القرار
النهائى بشأن تكريم «ليلوش» من عدمه سيصدر غدا الأحد، إلا أن
الجميع فوجئء بتسريب بيان مساء الخميس الماضى على مواقع التواصل
الاجتماعى منسوب لمهرجان القاهرة دون أن يصدر عنه بشكل رسمى، يكشف
من خلاله عن إلغاء تكريم المخرج والكاتب الفرنسى.
وقال البيان الذى تم تداوله، إن المهرجان ملتزم
بدوره الإنسانى قبل الفنى والسياسى، ويؤمن بمسيرة طويلة كان موقف
المهرجان واضحًا خلالها تجاه دعم القضية الفلسطينية والشعوب
العربية بشكل عام، مشددا على أنه نتيجة الدعوة، التى أطلقتها
اللجنة الاستشارية العليا بعد اجتماع عاجل الأربعاء الماضى، تلقى
فورًا العديد من المواد المهمة، وعلى رأسها ما يتعلق بزيارة قام
بها المخرج لإسرائيل عام 1990 لأسباب غير فنية. هذه الزيارة لم تكن
معروفة أو مثارة قبل عقد الاجتماع، وتختلف كثيرًا فى سياقها
وأغراضها عن أى زيارة فنية أو ثقافية اعتاد أغلب الفنانين
العالميين القيام بها لإسرائيل.
رئيس المهرجان متهم بالتطبيع
لم يتعلم محمد حفظى ــ رئيس مهرجان القاهرة ــ من
أزمة فيلم «حادث النيل هيلتون»، والذى واجه بسببه اتهامات بالتطبيع
يونيو الماضى بعد عرضه فى مهرجان سينمائى فى العاصمة الإسرائيلية
«تل أبيب»، قبل أن يخرج «حفظى» وينفى فى بيان رسمى أن يكون شريكا
فى إنتاج هذا الفيلم المتهم بالإساءة للشرطة المصرية، ويؤكد فى
حوار مع «الشروق»، نشر فى الأول من يوليو الماضى، أن هذه الشائعة
أضرته أدبيا ونفسيا، وأحزنه كثيرا أن البعض اعتمد على شائعة ليشكك
فى وطنيته دون أن يدقق المعلومات.
مر ثلاثة أشهر فقط على هذه الواقعة، ليضع محمد حفظى
نفسه فى دائرة الاتهام بالتطبيع مرة أخرى، باختيار مخرج وكاتب
سيناريو فرنسى يهودى الديانة، يشهد الكثير بأهميته كسينمائى، وفى
الوقت نفسه يتهمه الكثير بدعم ومساندة الكيان الصهيونى.
كان هناك اتجاه داخل أروقة المهرجان للإبقاء على
التكريم معتبرين أن تصريحات «ليلوش» المحبة لإسرائيل تأتى فى إطار
المجاملات، ولكن بعد ظهور صورة للمخرج الفرنسى وسط الجنود
الإسرائيلين عام 1990 لأسباب غير فنية مساء الأربعاء، حسم القرار
بإلغاء التكريم، ولكن تأخر صدور البيان الرسمى حتى يعود رئيس
المهرجان من لندن مساء الجمعة.
ليلوش ليس الأول
المقاومة لكل ما يشتبه فى أنه صهيونى ليس جديدا،
وقد بدا ذلك واضحا فى رفض الاحتفاء أو استقبال كثير من الشخصيات
العالمية، منهم وزير الثقافة الفرنسى سابقا جاك لانج، الذى واجه
تكريمه فى الدورة 36 لمهرجان القاهرة حالة من الرفض، والهجوم عليه
من السينمائيين، لما يلاحقه من اتهامات بمعاداة الإسلام، وأن له
ميولا صهيونية، أدت إلى اعتذاره عن عدم الحضور، فيما تمسكت إدارة
المهرجان بمنحه جائزة الهرم الذهبى الشرفى الذى حمل اسم نجيب
محفوظ، رافضة ما تردد حوله، ومؤكدة أنه واحد من المدافعين عن
العالم العربى، والإنسانية، وأنه يبذل الكثير من الجهود لدعم
الثقافة، كما أنه ترأس لجنة تحكيم مهرجان برلين السينمائى الدولى،
ومعروف بحبه للثقافة العربية.
المخرج اللبنانى الفرنسى زياد دويرى، من الشخصيات
التى حدث حول علاقته بإسرائيل جدل خلال الفترة الماضية، وصل إلى
مطالبات منع عرض فيلمه «القضية 23» فى سينما زاوية فبراير الماضى،
سبقه عرض الفيلم فى مهرجان الجونة وفاز بجائزة نجمة الجونة الفضية
وتكريم مخرجه بجائزة فاريتى، لكن قبلها بأيام كان قد تم توقيفه فى
مطار رفيق الحريرى الدولى يوم 10 سبتمبر 2017، وصادرت جواز سفره،
وأحيل إلى القضاء العسكرى على خلفية دخوله إسرائيل من دون إذن مسبق.
زياد دويرى، كان قد أثير حوله لغط فى 2012 أيضا
لاستعانته بطاقم عمل إسرائيلى أثناء تصوير مشاهد فى الأراضى
الفلسطينية المحتلة من فيلمه «الصدمة».
بعيدا عن السينما كان هناك رفض لإقامة حفل
المايسترو العالمى دانيال بارنبويم فى القاهرة سبتمبر 2009، فى دار
الأوبرا المصرية، وبالرغم من أنه يحمل الجنسية الإسرائيلية إلى
جانب الإسبانية والأرجنتينية فإن الحفل أقيم فى موعده، وسط حالة من
الرفض والغضب.
وفى المقابل هناك شخصيات تم تكريمها فى مناسبات
مصرية دون أن تواجه اعتراضا رغم دعمها المعلن للصهيونية، ومنهم
النجم العالمى سلفستر ستالونى الذى تم تكريمه فى الدورة الأخيرة
لمهرجان الجونة، رغم أنه من الفنانين الداعمين للكيان الصهيونى،
حيث ذكر موقع «واللا» الإسرائيلى أن منظمة أصدقاء الجيش الإسرائيلى
فى الولايات المتحدة الأمريكية المعروفة بـ(FIDF)
تمكنت من جمع مبلغ 127 مليون دولار لصالح الجيش الإسرائيلى سنة
2012، وأن نجوم هوليوود كانوا أكبر من تبرعوا لصالح الجيش
الإسرائيلى؛ حيث فتح النجم الأمريكى سلفستر ستالونى التبرعات وتلاه
النجم الأمريكى أرنولد شوارزنجر والنجمة وبميلا أندرسون والمطربة
اليهودية بربارا ستارسند والمطرب ريكى مارتن. |