أوسكار 2019.. من تكون صاحبة جائزة أفضل ممثلة؟!
جيهان الجوهري
ترقب إعلان جوائز أكاديمية علوم وفنون الصور “الأوسكار”
يزداد مع قرب ليلة توزيع الجوائز في الأسبوع الأخير من هذا الشهر، وعادةً
تكون جائزة الأوسكار بقائمة أفضل ممثل وممثلة هي الأكثر شغفاً وترقباً من
قبل المهتمين بالحدث، وهذا العام المنافسة ساخنة بين الأسماء المرشحة
لاقتناص جائزة أفضل ممثل وممثلة لدرجة تدفعك للحيرة؛ خاصة أن أغلب
المتنافسين يستحقون الجائزة، لكن دعونا نعترف أن مجرد وصول هذه الأسماء
لترشيحات الأوسكار النهائية هو بمثابة فوز لهم.
علي مستوي جائزة الأوسكار بقائمة أفضل مُمثلة، سنجد
المنافسة حامية بين خمسة أسماء نسائية لم يحصل أي منهم من قبل علي هذه
الجائزة ومنهم لم يرشح أصلاً، لكن التوقعات تشير إلي فوز هذه الأسماء
بالترتيب.
“جلين
كلوز”
أولهم هي الأمريكية ” جلين كلوز” 76 عاما التي ترشحت من قبل
للأوسكار 6 مرات دون فوز، سواء في أدوار أفضل ممثلة مساعدة أو أفضل ممثلة،
لكنها حصدت العديد من الجوائز كأحسن ممثلة عن أدوارها في الأعمال
التلفزيونية والمسرحية، وتعتبر هي الأقرب لاقتناص جائزة أحسن ممثلة من
المرشحات الأخريات في جوائز الأوسكار هذا العام؛ نظراً لردود الفعل الجيدة
تجاه الفيلم عند عرضه بالمهرجانات العالمية، بخلاف الاحتفاء الشديد بتألقها
في دور الزوجة المركب، الذي أهلها للفوز بجائزة أحسن ممثلة في “الجولدن
جلوب”، وفي حالة فوزها بجائزة أحسن ممثلة ستكون هذه أول جائزة أوسكار تحصل
عليها في مشوارها الفني الحافل بالنجاحات.
نأتي لدورها في فيلم The
wife للمخرج
“بيورن رانج” المقتبسة قصته من رواية المؤلف “ميج ووليتزر”.
بطلة الفيلم “جلين كلوز” هي مؤلفة موهوبة قادتها الظروف
للعمل في منزل الكاتب الكبير”جوناثان برايس”، تلاحظ توتر العلاقة بينه وبين
زوجته وفي ذات الوقت لا تستطع إخفاء مشاعرها تجاهه لتكون سبب رئيسي في
إنفصاله عن زوجته، ليتزوجا فيما بعد.
خلال الأحداث نلاحظ غموض وعلامات استفهام في العلاقة بين
الزوجين، لتأتي الإجابة ليلة تلقي الزوج خطاب ليتسلم “جائزة نوبل “، ونلاحظ
نظرات مليئة بمشاعر متناقضة من الزوجة لنكتشف أننا أمام زوجين علاقتهما
ليست مثالية كما يظن المحيطون، لتحتل علامات الاستفهام مساحة من تفكيرنا،
ونتسائل لماذا لم تعترض الزوجة “جلين كلوز” علي سلب موهبتها الأدبية؟
ولماذا ارتضت بخيانة زوجها؟ وهل هناك أمرأة لديها الاستعداد المطلق في
التخلي عن تحقيق طموحاتها المهنية من أجل رجل أحبته.. أسئلة عديدة تعكس
حقيقة مؤكدة من خلال شخصية بطلة الفيلم “جلين كلوز” فهي لم تكن بالنبل
الأخلاقي المطلق ولا الشخصية الحكيمة أمام مستقبلها المهني، فهي باختصار
شخصية حقيقية من لحم ودم تركيبتها تحكمها “العاطفة “أولاً وأخيراً، وظهر
ذلك في حديثها مع الصحفي الذي حاول جرها لكشف ما بينها وبين زوجها بالمشهد
الأخير بالفيلم.
“أوليفيا
كولمان”
الإنجليزية أوليفيا كولمان تكاد تكون هي الوحيدة التي تنافس
بشراسة “جلين كلوز ” علي جائزة الأوسكار في قائمة أحسن ممثلة، من خلال
دورها في فيلم The
Favourite لدرجة
تجعل الأغلبية يؤكدون علي عدم خروج جائزة أحسن ممثلة عن “جلين كلوز” بطلة
فيلم The
wife و”
أوليفيا كولمان” بطلة فيلم The
Favourite،
الذي حصل علي أعلي ترشيحات أوسكار هذا العام.
لماذا حصل فيلم The
Favourite للمخرج
يورجوس لانثيموس علي كل هذه الترشيحات؟ وهل يستحق فعلاً هذا الاحتفاء؟
مبدئيا أجواء الفيلم وعناصره تتسم بالغرابة الشديدة،
فأحداثه تدور في القرن 18 بأحد القصور الملكية، وما به من مؤامرات ودسائس
فترة حكم الملكة ” آن ” التي جسدتها ” أوليفيا كولمان” اتسمت شخصيتها
بالهشاشة والضعف، لدرجة دفعتها لترك زمام أمور بلادها وقت الحرب لأحد
موظفات القصر “راشيل وايز”، والتي استغلت نقطة ضعف الملكة لصالحها لتسيطر
علي أمور البلاد، إلي أن جاءت “إيما ستون” للعمل كخادمة لتستغل مكرها
وذكاءها لسحب البساط من ” راشيل وايز” لتكون هي “المفضلة” التي تلبي رغبات
وشهوات الملكة آن “أوليفيا كولمان “، بعدما استطاعت النيل من غريمتها.
لاشك أننا شاهدنا مباراة تمثيلية رائعة بين الثلاثي النسائي
بالفيلم الذي حمل الكثير من الجاذبية في كافة عناصره.
“ميلسا
مكارثي”
الأمريكية ميلسا مكارثي هل تستطيع من خلال دورها في فيلم Can
you Ever forgive me?
اقتناص جائزة أحسن ممثلة من الست جلين كلوز عن دورها في فيلم The
wife وأوليفيا
كولمان عن دورها في فيلم The
Favourite ،
المفروض أنها تلعب دور أديبة مبدعة لم تحظ بالمكانة التي تستحقها لظروف
خاصة بها، تطرد من وظيفتها لتجد نفسها غارقة في ديون لا تملك سدادها لدرجة
أنها وقفت عاجزة أمام عدم قدرتها علي دفع ثمن كشف طبيب لقطتها ( الروح
الوحيدة )التي تعيش معها في منزلها، وتضطر لبيع مقتنياتها من الكتب
والروايات، وأثناء دخولها لأحد المكتبات بهدف القراءة وجدت وثيقة مطوية
لأحد المشاهير موقعة بخط يده فكانت هذه الورقة بمثابة طوق نجاة لإنقاذها من
الديون بعد بيعها لأحد المتخصصين، ذكائها دفعها للتفكير في تزوير توقيعات
المشاهير علي خطابات كتبتها هي؛ أستناداً علي عملها ككاتبة مبدعة تعلم
جيداً كيف تصيغ خطابات بأسلوب مشاهير رحلوا، ويبدأ الأمر في التطور عندما
يتم اكتشاف أمرها مما يدفعها للجوء إلي سرقة وثائق أصلية من الأماكن
المخصصة للاحتفاظ بها.
ميليسا مكارثي لعبت الدور ببراعة وجدية تحسد عليها تدفعك في
بعض المشاهد للتعاطف معها رغم خروجها عن القانون من خلال معايشتك لتفاصيل
حياتها سواء أجواء عملها المليئ بالصراعات أو وحدتها مع قطتها أومع صديقها
المثلي جنسيا الذي وشي بها للسلطات رغم مشاركته لها في الخروج عن القانون.
وبضمير مرتاح استطيع وضع ميلسا مكارثي كثالث اسم من حقه
الفوز في قائمة أحسن ممثلة بجوائز الأوسكار، وفي حالة عدم فوزها هذا
العام سيعتبر دورها في فيلم
“can you ever forgive me”
هو الترشيح الثاني لها بعدما سبق وتم ترشيحها في أوسكارعام 2012 عن دورها
كأفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم
“”Birdesmaids
”
نجمة البوب”
رغم تألق السوبرانو “ليدي جاجا” موسيقيا وتحقيقها انتصارات
عديدة به، إلا أنها لم تقترب من ذلك النجاح سينمائياً، فرصيدها من الأفلام
لا يتعدي أصابع اليد ولم تحظ الأفلام التي شاركت بها علي حفاوة نقدية، لذلك
يعتبر دور “آلي” الذي لعبته في فيلم A
Star is Born بمثابة
ميلادها كممثلة. ويحسب لبرادلي كوبر مخرج الفيلم وبطله في ذات الوقت
اكتشافه لها كممثلة بخلاف قوة صوتها كمغنية يعتمد عليه العمود الفقري لأول
أفلامه كمخرج.
لم يكن أحد يتوقع وصول الأمريكية “ليدي جاجا” ذات الـ 33
عاما لترشيحات الأوسكار بقائمة أحسن ممثلة، فقد حصدت 37 جائزة خلال
مشوارها الفني معظمها عن أعمالها الموسيقية، لكنها لم تصل في أي منهم
للأوسكارإلا هذا العام فقط من خلال ترشيحها في قائمة أحسن ممثلة عن دورها
في فيلم A
Star is Born بالإضافة
لأغنيتها الأخيرة بأحداث الفيلم.
فهل ستقتنص أهم جائزة فنية من الست “جلين كلوز” ومنافستها
الشرسة “أوليفية كولمان” اللائي يتصارعن علي جائزة أوسكار في قائمة أحسن
ممثلة؟
“ياليتزا
أباريسيو”
المكسيكية ياليتزا أباريسيو 23 عاما هي أول مفاجآت ترشيحات
الأوسكار في قائمة أحسن ممثلة اختارها المخرج ألفونسو كوارون، رغم عدم
وقوفها أمام الكاميرا من قبل وربما كان وراء إصراره عليها الشبه الكبير
بينها وبين شخصية بطلة الفيلم، وببراعة يحسد عليها استطاع الفونسو كوارون
توجيه بطلته وإخراج الممثلة التي بداخلها بدرجة أدهشت كل من شاهد الفيلم
ويصبح اسمها محل ترشيح قوي ما بين قائمة أفضل ممثلة أو أفضل ممثلة مساعدة
بالجهات الفنية التي تستقبل الفيلم.
هل تستطيع المكسيكية ياليتزا أباريسيو اقتناص جائزة أفضل
ممثلة رئيسية من المخضرمة الأمريكية جلين كلوز و ليدي جاجا وميلسا مكارثي
وأوليفيا كولمان؟ أم أنها ستعتبر الترشيح في حد ذاته بمثابة فوز! أعتقد أنه
سيكفيها شرفاً مجرد الترشيح لجائزة أحسن ممثلة.
مبدئياً لابد أن تبتسم بمجرد سماعك فيلم Roma لأنك
ستتذكر علي الفور شخصية “كليو”، الخادمة التي جسدتها ياليتزا أباريسيو
ببراعة حيث عكست الجمال الداخلي للشخصية بجاذبية وعذوبة، المفروض أنها تلعب
دور خادمة لدي أسرة أرستقراطية تعمل بحب وتفاني شديد لدرجة تشعرك أنها من
أفراد العائلة، وظهر ذلك عندما حملت من صديق لها لم تجد سوي الحب والاحتواء
من الأسرة التي تعمل لديها، وأيضاً في آخر مشهد بالفيلم عندما أنقذت أطفال
مخدومتها من الغرق.
جمال الفيلم في تفاصيل العلاقات الإنسانية به، سواء في
العلاقة المرتبكة بين الزوجة وزوجها الذي هجرها لإمرأة أخري أو بين الخادمة
وأفراد الأسرة، ومن جهة أخري وبين صديقها النذل الذي خذلها بهروبه بعدما
عرف بحملها بينها.
نقلًا عن مجلة صباح الخير |