لم تأتِ نجوميته من باب الصُدفة ولا ضربة حظ، إذ وضع لنفسه
منهجية معينة يسير وفقاً لقواعدها غير متعجل الشهرة. من خلال أدوار ثانوية
نجح فى جذب انتباه الجمهور من جميع أنحاء العالم، إنه الفنان الأمريكى ذو
الأصول المصرية رامى مالك الذى عرف طريق الجوائز مبكراً.
لم يستغرق مزيداً من الوقت والسنوات، ليثبت موهبته الذى
طوّعها فى مختلف الأدوار والشخصيات، ليؤكد أنه فنان شامل قادر على التلون
فى أكثر من شخصية.
التمهل سر نجاح «رامى»، الذى رفض أن يحصر نفسه فى قالب
الرجل الإرهابى القاتل أو المتطرف فكرياً، وهى الأدوار التى كانت تُسند له
وفقاً لجذوره العربية، التى يفخر بها، ويرددها مراراً فى أحاديثه وحواراته
الصحافية، رغم انتمائه لمصر جينياً فقط، فهو بالفعل يحمل الجنسية الأمريكية
لكنه يعتز بدمائه المصرية، وحريص على نقل صورة مشرفة عن موطنه الأصلى مصر.
شكلّ المسلسل الأمريكى «مستر روبوت»، محطة فارقة فى مسيرة
رامى مالك، الذى جسد فيه شخصية إليوت ألدرسون الذى يعانى من اضطراب
اجتماعى، ويواجه مشاكل فى التواصل مع الناس غير أنه لديه قدرات كبيرة فى
استخدام التكنولوجيا والقرصنة، وحصل من خلال دوره على جائزة إيمى أفضل فنان
تلفزيونى، وهو الدور رشحه لتجسيد أسطورة الروك فريدى ميركورى ليخطو أولى
خطواته نحو العالمية. وذلك بعد تتويجه بالأوسكار.
الملحمة البوهيمية تضع «رامى» على أول طريق العالمية
دائماً يصعب وضع معايير واضحة يستطيع الفنان من خلالها أن
ينتج تجربة فريدة ينجح من خلالها الوصول إلى قلوب الجماهير، خاصة إذ قرر
تقمص شخصية مشهورة تحظى بشعبية كبيرة فى مختلف أنحاء العالم، فقد كان يرى
النقاد أن أسطورة الروك «فريدى ميركورى» الذى تميز بحضور استثنائى يتناقض
مع هدوئه فى الحياة العادية على خشبة المسرح، يصعب على أى ممثل مهما وصلت
بلاغته تجسيد شخصيته، لكن رامى البالغ من العمر 37 عاماً، كسر القواعد
وعبرّ الحواجز ليثبت أنه الأحق والأجدر لتجسيد فريدى. وهو الدور الذى حطم
من خلاله الأرقام القياسية فى حصد الجوائز السينمائية، فقد حصد جولدن جلوب
أفضل ممثل، وجائزة أفضل ممثل من نقابة ممثلى الشاشة المعروفة باسم
SAG»»،
وبافتا أفضل ممثل، وأخيراً توّج بالأوسكار تقديراً على أدائه فى فيلم
bohemian rhapsody،
الذى يروى قصة حياة مؤسس فرقة كوين ومغنى الروك الأشهر «فريدى ميركورى»،
بعد أن استغرق نحو ثمانية أعوام كى يكتمل.
تحدى مالك التحديات التى كانت تواجهه فى بداية مسيرته
الفنية بسبب جذوره المصرية، إذ رفض أن يحصر نفسه فى أدوار القتلة
والإرهابيين، بسبب نظرة الغرب للعرب بأنهم تجار دين، فلم يتعجل فى طريق
النجاح، وقرر أن يرتقى درجاته بثبات وحكمة، حتى حصل على الجائزة الكبرى
«الأوسكار» التى تعد بمثابة حلم كبير لكل فنان.
الخوف والقلق لا يعرفان طريقاً لحلمه، ولأنه كان يدرك جيداً
خطورة التردد على مستقبله المهنى، لم يتردد أو يخشى عندما عرض عليه المخرج
برايان سينجر، تجسيد شخصية «فريدى» المغنى البريطانى الذى مثلّ ظاهرة
استثنائية فى فترة السبعينات، فى فيلم «البوهيمى الرابسودى» الذى شكل محطة
فارقة فى مسيرة رامى الفنية، إذ تمكن من خلال دوره فى الفيلم الحصول على
حصة الأسد من المهرجانات السينمائية العالمية الكبرى.
استحضار روح ميركورى كانت التحدى الأكبر..
خاض رامى تحدياً كبيراً مع نفسه، عندما قرر تقمص شخصية
«فريدى» فى فيلم سينمائى استلهم عنوانه من اسم أشهر أغنية قدمها «فريدى»
خلال مسيرته الفنية القصيرة «الملحمة البوهيمية»، التى أطلقها فى بداية
السبعينيات بعد أن قام بكتابتها وتلحينها وأدائها، كونه فناناً يحظى بشعبية
كبيرة، فالفيلم كان مجازفة كبيرة بالنسبة له أما أن يقدم الشخصية كما يجب
أن تكون، أو يسطر شهادة وفاته بيده، لكن رامى أثبت أنه كان على قدر
المسئولية التى وضعها فيه المخرج سينجر.
بعيداً عن الملابس والاستايل الخاص بـ«فريدى»، كان التحدى
الأصعب بالنسبة لـ«رامى» هو التعمق فى جوهر شخصيته المركبة التى تحمل
العديد من التناقضات، واستحضار روحه على المسرح، فظل يبحث مراراً عن طريقة
يتسلل من خلالها إلى داخل شخصيته. حتى وجد ضالته داخل أغانيه، فقد كان
«فريدى»
يتخذ من أغانيه منصة أو ساحة للتنفيس عن معتقداته وما يخالج
قلبه. فهو شخص يهوى اكتشاف نفسه بين الأحرف والكلمات، فأغانيه بالنسبة
لـ«رامى»، كانت المفتاح الأول لفك شفرة المغنى الأشهر عالمياً.
وكونه لا مغنى ولا راقصاً ولا عازف بيانو، سافر إلى لندن
للالتحاق بدروس تعلُّم الغناء والعزف على البيانو، ثم قام بتركيب أسنان
جديدة كى تمنحه المظهر المميز لأسنان «فريدى» الأمامية ونبرة صوته الخاصة
وطريقته فى الحديث.
أخذ مالك صوته وحركته ودروس العزف على البيانو والجيتار،
وأمضى شهوراً فى دراسة اللقطات الأرشيفية لعطارد لالتقاط لهجته وسلوكه
المرحلى وطريقته فى الميكروفون.
يتناول الفيلم السيرة الذاتية عن فرقة الروك البريطانية
كوين، ويتبع حياة المغنى فريدى ميركورى بدءاً من انضمامه للفرقة فى عام
1970 إلى أدائهم فى حفل لايف إيد
(Live Aid)
على استاد ويمبلى فى 1985، بما فى ذلك صراعه مع نشاطه الجنسى واستخدام
المخدرات والكحول. وكان واحداً من أوائل المشاهير البريطانيين الذين ماتوا
بسبب الإيدز، عن عمر يناهز 45 عاماً.
جذوره المصرية حمّلته مسئولية كبيرة..
وعلى الرغم أن مالك لم يزر مصر منذ ولادته عام 1981، حيثُ
ترك والدا مالك القاهرة فى عام 1975 واستقرا فى الولايات المتحدة، إلا أنه
يحمل بداخله حباً وتعلقاً شديداً بمصر وحضارتها وفنها، وهو ما عبر عنه
مراراً فى حواراته الإعلامية، معرباً عن سعادته بجذوره المصرية وإعجابه
الشديد بحضارة وفنون مصر، متمنياً العمل داخل استوديوهاتها.
وأكد فى أحد حواراته أنه متابع جيد للسينما المصرية، لافتاً
أن مصر تمتلك سجلاً حافلاً بأسماء عملاقة انطلقوا للعالمية منذ عقود طويلة،
وحتى الآن ما زالت تنجب مخرجين مبدعين ينطلقون بأعمالهم المميزة فى جميع
المهرجانات الدولية ويحصدون الجوائز.
ووجه رامى خلال كلمته عقب تسلمه جائزة الأوسكار على مسرح
دولبى، ليكون أول فنان من أصول مصرية يحصل عليها، الشكر إلى والدته، وكل من
أمن به، وفريق عمل فيلم «البوهيمى الرابسودى».
وقال رامى فى كلمته: «لقد صنعنا فيلماً عن رجل مثلى الجنس،
مهاجر، عاش حياته فقط غير مألوف مع نفسه، ونجاح الفيلم دليل على أننا نتوق
لقصص كهذه».
وقال مالك لجمهور الأوسكار: «ربما لم أكن الخيار الواضح
لتقمص شخصية ميركورى، لكنى أعتقد أنه تم تقديمه على أكمل وجه».
كما شكر العضوين الأصليين النشطين لفرقة الملكة، عازف
الجيتار بريان ماى وعازف الطبول روجر تايلور، الذى افتتح عرض الأوسكار
بأداء صاخب لاثنين من أكبر أغانى الفرقة-
«We Will Rock You»
و«We
Are the Champions».
رامى مالك يدين بالفضل لـMR.
Robert
لنجاح البوهيمى..
أكد رامى أنه لم يكن يصل لما هو عليه الآن دون دوره فى
مسلسل
«Mr. Robot»،
الذى جسد فيه دور القرصان الإلكترونى إليوت ألدرسون. وقد أكسبه أداؤه فى
المسلسل جائزة اختيار النقاد للأفلام لأفضل ممثل وجائزة إيمى، وكذلك
ترشيحات لجوائز من بينها جولدن جلوب لأفضل ممثل فى مسلسل درامى، ونقابة
ممثلى الشاشة
SAG.
ليسطر اسمه بقوة فى عالم التمثيل.
مالك مالك، الذى عبر عن سعادته الغامرة للوصول إلى
الأوسكار، لم تكن بدايته فى عالم التمثيل مفروشة بالورود. حيثُ عمل فى أولى
مراحله قبل انطلاقته فى عالم التمثيل منذ أكثر من 10 سنوات بائع فلافل داخل
أحد مطاعم هوليوود، وكان يوصل الطلبات للمنازل من أجل توفير نفقته الأساسية.
درس المسرح فى ولاية إنديانا وحصل على درجة جامعية فى
الفنون الجميلة عام 2003. وفى 2004 ابتسم له القدر، بعد عام مضنٍ بالجهود
والسعى فى التقاء المخرجين، وذلك حين جاءته مكالمة هاتفية من مخرج، طلب منه
المشاركة فى مسلسل
«Gilmore Girls»،
الذى يعد أول ظهور تلفزيونى له.
وفى 2005، ظهر فى حلقتين من مسلسل
Over There
ثم فى حلقة من مسلسل
Medium
وشارك أيضاً فى مسلسل
The War at Home.
وعمل كممثل مساعد فى عدد من الأفلام والمسلسلات مثل فيلم
Night at the Museum trilogy
الذى قدم فيه شخصية الفرعون أخمن رع، وفيلم
«Larry Crowne»،
وفيلم
Ain't Them Bodies Saints،
وفيلم
«Short Term 12».
«دوبلير»
نجم الأوسكار يكشف أسراراً من حياته الفنية لـ«الوفد»
حكاية ممدوح حسن طالب الطب مع رامى مالك
هاجر مثل آلاف المصريين إلى الولايات المتحدة الأمريكية،
وكان وقتها ما زال طفلاً صغيراً، لكن البحث عن حياة أفضل دفع أسرته بالكامل
إلى الهجرة، وفى نيويورك استقرت الأسرة، ودخل الطفل إحدى المدارس هناك ومع
بداية استقرار الأسرة بدأ الطفل يبحث عن هواياته المفضلة وكانت أهم هواية
بالنسبة له هى رياضة الملاكمة، حيث بدأت الچينات الوراثية تلعب دورها فى
هذا الأمر، حيث إن جده لأبيه هو كابتن مصر فى هذه اللعبة فى الخمسينيات
والستينيات من القرن الماضى ومع مرور السنين صار الطفل فى سن المراهقة
وواصل العمل على هواياته الملاكمة، وفى إحدى المباريات التقطته عين أحد
العاملين فى التمثيل واقترب منه وطلب منه العمل كبديل للمثل رامى مالك فى
أحد المسلسلات الأمريكية فى مشاهد العنف، لم يفكر كثيراً ووافق خاصة أن
العرض كان مغريا لفتى صغير فى بداية حياته، خاصة أن أغلب نجوم السينما فى
هوليوود بدأوا بنفس الطريقة هذه هى قصة الشاب المصرى ممدوح حسنى، الذى عمل
مع الفنان العالمى رامى مالك.
الصدفة وحدها هى التى قادتنى لمعرفة حكاية ممدوح حسنى
الملاكم المصرى - الأمريكى، وطالب الطب، حيث إن والده روى لى قصة عمل ابنه
مع أحد الممثلين من أصل مصرى الذين يعملون فى هوليوود ووقتها لم يتذكر اسم
رامى مالك، ومع تبادل الحديث عن الهاتف من أمريكا ذكرت له اسم رامى مالك
فقال لى: «أيوا هو ده».
ومع حصول «رامى»، على العديد من الجوائز أبرزها «بافتا»
أفضل مثل، وجولدن جلوب أفضل ممثل، وجائزة نقابة ممثلى الشاشة المعروفة بسم
«ساج»، وأخيراً جائزة الأوسكار أفضل ممثل، بدأ فضول الصحافة يلاحقنى لمعرفة
أى معلومة عن هذا الفنان المصرى الأمريكى، الذى حصد كل الجوائز العالمية
المهمة. تذكرت هنا حكاية حسنى حسنى الذى يعيش فى أمريكا عندما تحدث عن
ابنه، وقيامه بدور البديل له فى مشاهد العنف فى مسلسل «مستر روبوت».
أسرعت إلى الهاتف وظللت فى البداية أبحث عن صور لممدوح حسنى
حتى أعرف درجة الشبه مع رامى مالك، حصلت على الصور من خلال والده، شاهدتها
مع بعض الزملاء والأصدقاء، فى البداية ظنوا أنه رامى مالك فعلاً، ولكننى
فاجأتهم بأنها صور لأحد الأقارب المقيمين فى أمريكا.
ثم عدت للحديث معه عبر التليفون لكى يروى لى حكايته مع رامى
مالك، قال: عندما شاهدنى لأول مرة قال لى أنت أقرب فى الشبه لى من شقيقى
وتوأمى، وأضاف ممدوح حسنى: أهم مما يميز رامى مالك ولاحظته فى الفترة
القليلة التى تعاملت معه فيها أنه يعشق عمله جداً، ويعمل بجدية وعندما علمت
أنه حصل على الجائزة شعرت بسعادة كبيرة جداً، أولاً لكونه من أصل مصرى
مثلى، وثانياً لأن تلك الشخصية تستحق الأوسكار فعلاً.
وأضاف «ممدوح»: خلال عملى فى مسلسل «مستر روبوت» كبديل له
فى مشاهد العنف كان العمل يسير بدقة شديد، لدرجة أن الكوافير كان يعد شعرى
لمدة ساعتين يومياً طوال فترات التصوير، وهذا هو العمل الوحيد الذى عملت
فيه، وبعدها توقفت بناء على طلب والدى ووالدتى حتى أواصل دراستى للطب، حيث
إننى أدرس طب علاج طبيعى فى جامعة «يونفرستى آت بافلو» فى شمال نيويورك،
وبعد التخرج سأعود لممارسة احترافى الملاكمة، ولو عُرض علىّ التمثيل خاصة
فى بلدى مصر سوف أفكر من جديد فى الأمر.. إلى هنا انتهى كلام ممدوح حسنى.
فى النهاية حكاية رامى مالك تعد قدوة للشباب المصريين
والعرب، المتواجدين فى المهجر لإبراز مواهبهم.. فعلها محمد صلاح فى أوروبا
مع كرة القدم وفعلها رامى مالك فى هوليوود، فهل يفعلها الآخرون من حاملى
الأحلام فى الغربة، بالتأكيد سوف يفعلها الكثير بعد أن أصبحت الأحلام فى
متناول من يجتهد ويعمل على نفسه.. تلك حكاية من حكايات أبناء مصر فى الخارج.
رامى مالك فى سطور
2016..
ربح مالك جائزة
Emmy
عن دوره فى مسلسل «مستر روبوت»، كأول مصرى أمريكى يفوز بمثل هذه الجائزة.
2019..
حصل على جائزة جولدن جلوب أفضل ممثل وجائزة ساج، والبافتا
البريطانية
فبراير 2019.. توج بالأوسكار عن دوره فيلم «البوهيمى
الرابسودي»
2006..
قدم أول عمل سينمائى له بعنوان
Night at the Museum
2007..
ظهر على خشبة المسرح كشخصية
«Jamie»
فى العرض المسرحى
The Credeaux Canvas
2006..
قدم مالك دورًا مستوحى من أصوله المصرية كفرعون أخمن رع فى فيلم
Night at the Museum
2004..
بدأ مالك مسيرته التمثيلية عندما حصل دور كضيف فى المسلسل التلفزيونى
Gilmore Girls
2003..
حصل على شهادة فى الفنون الجميلة من جامعة
Evansville
فى ولاية إنديانا
2018..
طرح فيلم «البوهيمى الرابسودى» الذى جسد فيه شخصية اسطورة
الروك فريدى ميركورى |