منذ أيام قليلة، تمّ توزيع جوائز الأوسكار الـ91، في حفل
قامت بنقله شاشة قناة
ABC،
وكان هنالك ما يكفي من الأخبار الجيدة، أو الأخبار التي تحمل دلالة معينة،
بأن هذا الحفل ليس مجرد حفل آخر من جوائز الأوسكار الذي عادة ما يثير
كثيراً من السخط والجدل والانتقاد، بل ثمة بوادر جديدة حقيقية أوردتها
الصحف العالمية يمكن قراءتها في ترشيحات هذا العام.
تفاعل مع هاشتاغ راين
حضر حفل توزيع الجوائز أهم نجوم الصف الأول في هوليوود،
وكان من ضمن الحضور، نقلاً عن الإندبندنت، الناشطة أبريل راين، وهي أول
امرأة مسؤولة عن هاشتاغ #OscarsSoWhite
الذي ظهر في عام 2015، بعبارته التي بلورت في ثلاث كلمات سجالاً حاسماً
ومعقداً حول التنوع (أو عدم وجوده) في شعار انتشر بشكل واسع، ولم يعد
بإمكان الأكاديمية تجاهله.
ويذهب المقال إلى أنه بعد عامين من اتخاذ الأكاديمية خطوات
تستهدف تعديل التركيبة الغالب عليها الذكور البيض، قامت بدعوة 774 عضواً
جديداً - من بينهم 39% من النساء و30% من الملونين - للانضمام إلى صفوفها،
حيث لاحت كما يبدو بوادر التقدم. ولقد صُنع تاريخ في حفل الأوسكار هذا
العام في الواقع، حين أصبحت مصممة أزياء فيلم "الفهد الأسود" Black
Panther روث
كارتر، ومصممة إنتاجه هانا بيتشلر، أول فائزتين أميركيتين أفريقيتين على
الإطلاق في فئتيهما. وقالت كارتر، محتفية بـ"أسلوب المرأة وزاوية رؤيتها
للشاشة": "واو، لقد استغرق هذا وقتًا طويلاً".
"أكاديمية
السينما عدلت التركيبة الغالب عليها الذكور البيض، فدعت 774 عضواً جديداً -
من بينهم 39% من النساء و30% من الملونين - للانضمام إلى صفوفها"
وفي تغريدة حازت على ما يقرب من 30000 لايك، قال كايل
بوكانان، من نيويورك تايمز: 3 من النساء السود فقط فزن بجائزة الأوسكار عن
أي شيء آخر غير التمثيل، اثنتان منهن حصلتا عليها هذا العام. عندما فازت
ريجينا كينغ بجائزة الغولدن غلوب الشهر الماضي، قالت إنه في الفيلم المأخوذ
من رواية جيمس بالدوين التي تحمل الاسم نفسه من إخراج باري
جينكنز، كانت المرة الأولى التي يرى ابنها نفسه ممثلا على
الشاشة. وهو الرأي الذي ردده مخرجو فيلم
Spider-man: Into the Spider-Verse،
الفائز بجائزة أفضل فيلم رسوم متحركة: "عندما نسمع أن طفلا قد شاهد الفيلم،
والتفت إلى أبويه ليخبرهم: "إنه يشبهني"، في إشارة إلى بطل الفيلم الشاب
الأسود، نشعر بأننا فزنا بالفعل".
في مكان آخر فاز فيلم "Period.
End of Sentence." الذي
يطرح تابو الحيض في الهند، بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير. وقالت مخرجة
الفيلم ريكا زيهتابتشي: "لا أستطيع أن أصدق أن فيلمًا عن الطمث يفوز بجائزة
الأوسكار"، مختتمة كلامها بذلك التصريح: "لا بد أن تنتهي الجملة بنقطة،
وليس بتعليم الفتاة".
قصتي تُكتب الآن
بعد ثلاث سنوات من مقاطعة المخرج سبايك لي حفل جوائز
الأوسكار بسبب غلبة البيض على مرشحيها، وما يقرب من 30 عامًا منذ فوز فيلمه
"افعل الشيء الصواب" دون أن يتم ترشيحه حتى الآن ("سائق الآنسة ديزي"، الذي
يعتبر الآن توصيفًا ضعيفًا لتبني العلاقات بين الأعراق، فاز في نفس العام)،
كان على خشبة المسرح يستقبل أول جائزة أوسكار له على الإطلاق، ولم يدع
منصته مهملة. أشاد لي، الفائز بجائزة أفضل سيناريو مقتبس عن فيلمه
BlacKkKlansman،
بدور النساء اللائي ساعدنه في الوصول إلى ما هو عليه اليوم، لافتا إلى
حقيقة أن هذا العام يصادف مرور 400 عام على جلب العبيد لأول مرة إلى أميركا
بالقوة في عام 1619.
وفي الأثناء، جاء فوز رامي مالك كأفضل ممثل فرحة يشوبها
الألم إلى حد ما، بالنظر إلى أن "الملحمة البوهيمية" بدرجة ما أسوأ الأفلام
المرشحة لأفضل صورة، وإلى اتهامه بالإساءة الجنسية لفريدي ميركوري، فضلا عن
اتهامات بالاعتداء الجنسي موجهة إلى مخرجه بريان سينغر (مزاعم كانت معلنة
قبل أن يقوم أي شخص بالتوقيع على العمل معه).
وصرح مالك: "لقد صنعنا فيلما عن شاب مثلي الجنس، مهاجر، عاش
حياته فقط بشكل لا يحتمل اعتذاراً لنفسه. حقيقة أني هنا الليلة هي دليل على
أننا نتوق إلى قصص مثل هذه. أنا ابن مهاجر من مصر، وقصتي تُكتب الآن".
وقد يكون "روما" فشل في الفوز بجائزة أفضل فيلم، على الرغم
من كونه المرشح المرجح، لكن ألفونسو كوارون فاز على الأقل بجائزة أفضل مخرج
وأفضل تصوير سينمائي وجائزة أفضل فيلم أجنبي، وهو أول فيلم مكسيكي يفوز
بهذه الجائزة.
وفي كلمته، شكر الأكاديمية على "الاعتراف بفيلم يركز على
امرأة من السكان الأصليين: الشخصية التي استبعدت تاريخياً إلى الخلفية في
السينما". وتراجع "روما" أمام "الكتاب الأخضر"، وهو فيلم قوي متفرد لكنه
يتبع النهج العنصري نفسه المتمركز حول البيض كالأفلام الفائزة سابقا
بالأوسكار مثل "سائق الآنسة ديزي" و"الاستغاثة" و"الجانب المعتم"، ربما كان
أكثر لحظة مدهشة في الحفل.
"أهدى ألفونسو
كوارون مخرج فيلم "روما" الجوائز التي حصدها الفيلم إلى المكسيك، مؤكداً
على انتماء البشر للعالم بأسره، في رد على عزم ترامب إقامة جدار شمال
المكسيك"
أجواء سياسية
على الرغم من الطابع الفني للحفل، جرى التطرق إلى السياسة،
نتيجة للتوتر الدائر في الولايات المتحدة بشأن إصرار الرئيس الأميركي
دونالد ترامب على إقامة جدار مع المكسيك
للحد من الهجرة غير الشرعية. وعلى خلفية ذلك أعلن ألفونسو
كوارون مخرج فيلم "روما" عن إهداء الجوائز التي حصدها الفيلم إلى المكسيك
مؤكدا على انتماء البشر للعالم بأسره.
وردا على هذا الكلام اتهم ترامب عقب الحفل المخرج الأميركي
بالعنصرية، وصرح بأنه "يشن حملة عنصرية على رئيسه".
أما أوليفيا كولمان، أفضل ممثلة فازت بدورها المضحك والمفجع
في فيلم "المفضلة"، فقد تحدثت لبضع دقائق بسعادة خالصة. وكتب بيتر برادشو
على صفحات الغارديان البريطانية "لقد حازت أوليفيا كولمان بالفعل على لقب
ملكة القلوب، وعندما بدا الأمر كما لو أن فيلم المفضلة، من إخراج يورغوس
لانثيموس، سيذهب إلى البيت من دون أي شيء على الإطلاق، أضافت كولمان جائزة
الأوسكار إلى خزانة فضياتها المكتظة، وتكلمت بطريقة ساحرة وممتعة".
هل سيختفي السجال بشأن ترشيحات الأوسكار؟
وفقا للانطباعات التي أدلى بها البعض عن ترشيحات الأوسكار
لهذا العام، وبعد أربع سنوات من هاشتاج راين، يتضح أنه ما زال هناك الكثير
مما ينبغي القيام به، لسبب واحد أنه لم توجد امرأة واحدة ترشحت لأفضل مخرج،
ولم يكن هناك فيلم موجه إلى المرأة ليحصل على أفضل فيلم. وتقول راين بهذا
الصدد "إلى أن تختفي أحاديثنا حول الفائزين في عام 2019، وإلى أن نرى أن
لكل شخص فرصة، أيا كان عرقه أو إثنيته، أو توجهه الجنسي، أو عدم أهليته
الشرعية، أو للسكان الأصليين في هذا البلد، وحتى يصبح بوسعنا أن نرى أنفسنا
ممثلة على الشاشة، وليس فقط خلال موسم الجوائز بل على مدار العام، سأستمر
في الحديث عن #OscarsSoWhite.
لكن بالنظر إلى الفائزين في تلك الليلة وإذا كانت هذه علامة
على أشياء آتية فهي علامة واعدة جدًا بالفعل". |