غلن كلوز لـ«الشرق الأوسط»: فيلمي عن تحيّـز يسود الحياة
الفنية
خسرتْ الأوسكار وربحت جوائز المهرجانات
لوس أنجليس: محمد رُضـا
أشاد الذين تابعوا نتائج حفل الأوسكار في الشهر الماضي
بالروح الإيجابية الطيبة التي تمتعت بها غلن كلوز وهي تحيي زميلتها أوليفيا
كولمن لفوزها بالجائزة التي نافستها عليها كأفضل ممثلة.
واللافت هنا هو أنها المرّة الأولى التي تم فيها ترشيح
كولمن للأوسكار (ونالته عن فيلم «المفضلة») لكن غلن كلوز، التي لعبت بطولة
فيلم «الزوجة»، سبق لها وأن رُشحت سبع مرّات، بداية من عام 1983. ولم تفز
ولو مرّة واحدة.
لكن ما خسرته في الأوسكار هذا العام حققته في الـ«غولدن
غلوبز»، ومن نحو عشر جمعيات نقدية أميركية أولى تمتد ما بين الساحلين
الشرقي والغربي وتشمل نقاد مدينة لوس أنجليس ذاتها. إلى ذلك كانت فازت
بجوائز مهرجان «بالم سبرينغز» ومهرجان «سان سيباستيان» ومهرجان طوكيو عن
دورها في هذه الدراما الداكنة.
في «الزوجة» تؤدي شخصية زوجة كاتب روائي كبير (جوناثان
برايس) الذي نال لتوّه جائزة نوبل. تفرح له وتحتفي مع أهل الإعلام والثقافة
به ولكنها سوف تفتح، تدريجياً، صفحات من الأسرار التي كانت خافية على
الجميع تحت تصميم صحافي شاب (كرستيان سلاتر) وأوج تلك الأسرار والكشف عما
تحتويه من ملفات الحياة والعلاقات الزوجية الغامضة.
تمثيل غلن كلوز، بعد 99 دقيقة من العرض، يبقى الأكثر
تميّـزا بالنسبة لباقي العناصر المشتركة قدرة المخرج السويدي بيورن رونغ في
سابع أعماله الروائية الطويلة ولو أن ما يطمح إليه هنا أعلى مما طمح إليه
في الأعمال السابقة.
بالنسبة لمقابلة تمّـت قبل أيام من موعد إعلان نتائج
الأوسكار، كان من البديهي عدم سؤال الممثلة (71 سنة) عن فوزها من عدمه خاصة
أن نصف ساعة بالكاد كافية لتناول تاريخ حياة في السينما انطلقت قبل أكثر من
30 سنة واشتملت على 55 فيلماً. حتى الآن.
>
في مطلع «الزوجة» تستيقظين على رنين الهاتف ليلاً. مكالمة
هاتفية من استوكهولم لزوجك في الفيلم لإخباره بأنه فاز بجائزة نوبل
الأدبية. هل يشبه هذا المشهد بعض مشاهد الحياة عندما كنت تستيقظين على نبأ
ترشيحك بجائزة ما؟
-
لا. ليس هذا ما يحدث بالنسبة لي. أتلقى الاتصالات بعدما أكون عرفت من أخبار
الصباح أني أصبحت مرشحة لجائزة ما. وأنت تعرف أن الجوائز تمنح في حفلات
ليلية أو معظمها على الأقل. ولا يدري أحد ما إذا كان سيفوز أو لا إلا
بمتابعة تلك الحفلات.
>
إنها مسألة حرجة انتظار النتائج على هذا النحو. هل تشعرين
بتوتر ما؟
-
ربما شعرت بتوتر ما قبل ثلاثين سنة أو أقل قليلاً لكني توقفت عن ذلك. أنظر
إلى الأمر كما أنظر إلى كل الأمور الأخرى التي لا أستطيع التحكم فيها.
الفوز هو نتيجة عملية ديمقراطية قد تصب في خانتي أو في خانة سواي. وأنا
مرتاحة. لا أعني أنني لا أكترث، لكني أعني أنني لا أشعر مسبقاً بأي إحساس
يمنعني من الاستمرار بممارسة حياتي طبيعياً.
>
يطرح «الزوجة» فيما يطرح مسألة العلاقة الزوجية وكيف يمكن
للمرأة أن تضحي بالكثير وبصمت في سبيل من تحب. هل لهذا المضمون علاقة
بالتيارات النسائية الحالية التي تطالب بالمساواة؟
-
من ناحية معينة نعم. هناك علاقة لكنها ليست أساسية ولا أعتقد أن الفيلم سعى
لكي يرتبط بأي تيار محدد. لا تنسَ أن الرواية كُتبت قبل عدة سنوات وأن
السيناريو وُضع قبل 14 سنة. لكني عندما أقول ذلك لا يفوتني أن الرواية بحد
ذاتها تؤدي إلى طرح ما تقوله. إنها شاهد على نوع من التحيز الذي يسود
الحياة الفنية والثقافية ويحد من منح المرأة حقها من الظهور.
>
لماذا استغرق الفيلم كل هذه السنوات قبل أن يرى النور؟
-
لا أعرف كل التفاصيل لكن ما يعنيه مرور كل تلك السنوات منذ أن تم وضع
النسخة الأولى من السيناريو هو أنه من الصعب إيجاد تمويل لفيلم مستقل
خصوصاً مع موضوع لا يعتبره الممولون أساسياً أو قابلاً للترويج والربح. إذا
ما كان هناك تحامل على السينما المستقلة فهذا الفيلم نموذجاً له.
>
في الفيلم يحين الوقت الذي يبدأ فيه البيت الزوجي بالتفسخ.
من ناحية بدأت تتبرمين من وضع تجدين نفسك فيه ثانوية، ومن ناحية ثانية هناك
ذلك الصحافي الذي يرغب في معرفة الحقيقة. هل هذه قراءة صحيحة؟
-
أعتقد ذلك. لكن العاملين اشتركا معاً في انهيار ذلك الاتفاق الزوجي وليس
أحدهما. وجود الصحافي كان بمثابة فرصة سانحة للزوجة لكي تسأل نفسها وبعد 40
سنة من الزواج عما أضحت عليه.
>
هي أذكى من زوجها على الأقل حين يأتي الأمر إلى العلاقة بينه وبين ابنه
الشاب.
-
تماماً. أقرأ العلاقة على أساس أن الزوج يخشى أن يغلبه ابنه مستقبلاً. ينظر
إليه كمنافس ولا يريد أن يمنحه التجشيع الذي يطلبه الابن الموهوب من أبيه.
>
سابقاً ما ظهرت في أفلام اعتمدت كثيراً على موهبة الممثل.
منها، على سبيل المثال، «هاملت» و«الحافة الخشنة» و«علاقات خطرة» و«جاذبية
مميتة»... كلها في الثمانينات. هل تعتقدين أن وضع الممثل، أو وضع التمثيل
نفسه، تغير عبر هذه العقود لما هو عليه اليوم؟
-
نعم إلى حد كبير. حين أنظر إلى الكثير من أفلام اليوم أجد اختلافات كثيرة.
>
مثل ماذا؟
-
ليس كل أفلام اليوم لكن العديد منها يأتي التمثيل في الخلفية. الأفلام في
هذه الحالة تدفع بالمؤثرات إلى الأمام وبالممثل إلى الوراء. يصبح التمثيل
أمراً آلياً لا يهم كثيراً من يقوم به طالما أنه معروف جداً. كثيرون من
الممثلين الذين نراهم على الشاشة في أفلام من هذه التي نتحدث عنها هم أفضل
موهبة مما تمنحهم تلك الأفلام إياه من أدوار.
>
تستطيعين - كما نعلم جميعاً - الانتقال من الدراما إلى
الكوميديا وما بينهما. هل التحضير واحد؟
-
نعم. حالما يتبين لي ما يريد السيناريو قوله، وفي هذا الشأن عليه أن يقنعني
بما يريد قوله، فإن المسألة هي دخول الشخصية وتأدية ما هو متوقع منها. إنه
الترتيب ذاته والممثل هنا يستجيب للمادة كل بطريقته.
>
في الفيلم الجديد لديك ابن يحتاج إلى التشجيع. ماذا تقولين
للمواهب الجديدة التي تريد أن تبلغ يوماً ما بلغتيه أنت من نجاح؟
-
استغلوا كل لحظة من الحياة لاكتساب المعرفة. التمثيل ليس أكثر من نقل هذه
المعرفة إلى الشخصية التي تنتمي إلى المجتمع. كلما علمنا أكثر، نجحنا في
التعبير الخاص بنا. هذا والمثابرة. ضرورية جداً. |