التونسية سهير بن عمارة لـ"العين الإخبارية":
لا تهمني النجومية.. و"طلامس" تجربة مختلفة
العين الإخبارية -
حسن أبوالعلا
برز اسم الممثلة التونسية سهير بن عمارة على الساحة
السينمائية العربية عبر العديد من الأفلام المهمة التي تألقت من خلالها مع
مخرجين كبار، من أبرزها "ما نموتش" مع نوري بوزيد، و"الجايدة" مع سلمى
بكار، و"ديما براندو" مع رضا الباهي.
فيما كانت على موعد مع التألق من جديد عبر دور بالغ الصعوبة
في فيلم "طلامس" للمخرج علاء الدين سليم، والذي عرض في الدورة الماضية
لمهرجان كان السينمائي الدولي.
وفي حوارها مع "العين الإخبارية" كشفت سهير بن عمارة عن
المغامرة التي قدمتها على الشاشة الفضية في فيلم "طلامس"، خاصة أن دورها
بدون حوار تقريباً، وكذلك رؤيتها لواقع السينما التونسية في الوقت الراهن،
وتجربتها مؤخراً كعضو لجنة في مهرجان الدار البيضاء للفيلم العربي.
·
أحدث أفلامك "طلامس" يميل إلى التجريب إلى حد كبير، ألم
تشعرين بالخوف من طبيعة السرد السينمائي في الفيلم؟
أنا أعرف مخرج الفيلم علاء الدين سليم، وأعرف السينما
الخاصة به، وتابعت أفلامه القصيرة، وكذلك الأفلام التجريبية التي قدمها،
وشاهدت فيلمه الأول "آخر واحد فينا" وقد فاجئني جداً، فهو يصنع عالما
يشبهه، ويعجبني فيه كمخرج أنه يسير بمشاعره ولا يحب القوالب الجاهزة.
فهو يعتمد أكثر على العفوية، والسيناريوهات التي يقدمها غير
تقليدية، وقبل التعاون معه اعتدت تقديم شخصيات واضحة المعالم من حيث
أبعادها النفسية ومستواها الاجتماعي، لكن مع المخرج علاء الدين سليم الأمر
يختلف، ومنذ أن قرأت سيناريو "طلامس" لم أتردد لحظة في الموافقة؛ لأنني أحب
المغامرة، وعرفت أنني سأعيش تجربة مختلفة.
·
كيف تفاعلت كممثلة مع الشخصية؟
بعد أن قرأت السيناريو فهمت الشخصية، رغم غياب الأبعاد التي
يفترض أن يرتكز عليها الممثل، حتى على مستوى الحوار؛ لأن الشخصية تقريبا
بلا حوار، لكنني أدركت أنها شخصية واقعية تسكن في "فيلا" بوسط اجتماعي
مرموق، وتعيش حياة مليئة بالرتابة وتخاف من المستقبل ومن الجنين الذي في
بطنها، وهذه الشخصية تخرج من الواقع وتتحول إلى شخصية ميتافيزيقية.
ففي الفيلم نرى الشخصيات يعيشون البدايات مثل آدم وحواء
ولكن بطريقة أخرى، وما أعجبني في سينما المخرج علاء الدين سليم أنه لم
يحاول أن يؤثر على المشاهد، ووقت عرض الفيلم في مهرجان كان لأول مرة خرج كل
مشاهد بفكرة وانطباع مختلف، ولم يكن هناك آراء بأن الفيلم غير جيد.
·
عملت مع مخرجين كبار مثل نوري بوزيد وسلمى بكار ورضا
الباهي، هل العمل مع مخرج جديد فيه شيء من المغامرة؟
عملت كممثلة مع 3 أجيال، حيث أحبني الجيل القديم مثل نوري
بوزيد وسلمى بكار ورضا الباهي، وعملت مع جيل الوسط ليس في السينما فقط ولكن
في الدراما التلفزيونية أيضا، وعملت مع جيلي من الشباب، وبالتأكيد كل مخرج
لديه طريقة لطرح موضوعاته، لكن في عملي مع المخرج علاء الدين سليم وجدت
نفسي في تجربة تشبهني.
فأنا بطبيعتي لا أحب القوالب الجاهزة، بل أحب المغامرة
والتنوع والاختلاف والدخول في أجواء غير واقعية، ففي فيلم "طلامس" ليس لدي
حوار، وليس هناك بناء درامي وسرد كلاسيكي، وكان لا بد من التعامل مع هذه
المعطيات، حتى في طريقة الأداء كان الأمر صعب جداً لأنه ليس لدي شيء أعبر
به إلا العينين.
·
ما تقييمك للسينما التونسية في الوقت الحاضر؟
في السنوات الأخيرة لا ننتج أفلاماً كثيرة، لكن في كل سنة
لا بد أن يكون لدينا فيلم أو فيلمان موجودان في مهرجانات كبيرة، مثل كان
وبرلين وتورنتو وفينسيا، وهذا يسعدنا جداً؛ لأنه ليس من السهل صناعة فيلم
في تونس، فالمخرج قد يظل 3 أو 4 سنوات حتى يقدم فيلما آخر.
·
حققتِ النجاح في السينما وكذلك في الدراما التلفزيونية،
فأيهما تفضلين أكثر؟
أنا أحب السينما، حيث درست الإخراج السينمائي في تونس،
وثقافتي سينمائية في الأساس، وأحب العمل في السينما؛ لأننا ننتج الفيلم في
سنة كاملة ونأخذ وقتنا في التحضير وفي جميع التفاصيل.
وفي العامين الماضيين رفضت الظهور في أعمال تلفزيونية،
وأردت أن أطور آلياتي في أماكن أخرى، وربما أعود للأعمال التلفزيونية لو
وجدت دورا مختلفا ويهمني كممثلة أن أقدمه.
·
هل خروج السينما التونسية من حيز الرهان التجاري يجعل هناك
حرية أكبر في طرح موضوعات أكثر جرأة؟
السينما التونسية متحررة من الرهان التجاري، ولا أعرف
مخرجين يمارسون رقابة على أنفسهم لكي يرضوا الجمهور، لكن رغم ذلك لدينا
أفلام نجحت جماهيريا، لأن أفلامنا بالأساس جاءت من صلب واقعنا، ولدينا
أفلام أخرى نجحت في المهرجانات ولم تنجح في دور العرض.
·
ألم تفكري أن تسيري على خطى بعض نجمات تونس وتقتحمي السينما
المصرية؟
من يعرفني عن قرب يعرف طبعي، فأنا لدي أحلام خاصة بالسينما
لكن ليس لدي طموح أن أكون نجمة، فأنا أسعى لتطوير آلياتي وطموحي أن أكون
فنانة، لكن لا تهمني النجومية ولا تعني بالنسبة لي أي شيء.
والشيء الوحيد الذي يجعلني أذهب للعمل في مصر هو دور أرى
نفسي فيه، وليس شرطاً أن يكون دور بطولة ربما يكون دور فيه مشهد واحد لكن
دور متميز، فأنا لن أقدم أي شيء ولن أبدأ المشوار من جديد لأجد نفسي في وضع
لا يشبهني، ولكني في الوقت نفسه أحب كثيرا من المخرجين المصريين وأعرف
تاريخ السينما المصرية.
·
ما انطباعاتك حول المشاركة في لجنة تحكيم مهرجان الدار
البيضاء للفيلم العربي؟
أنا دائماً يشرفني أن أكون حاضرة كعضو لجنة تحكيم في
المهرجانات السينمائية، وفي بلد شقيق مثل المغرب بمهرجان لا يزال يخطو
خطواته الأولى، وهي فرصة لي أيضاً كمشاهدة أن أتابع أحدث ما أنتجته السينما
العربية، وبالطبع أي مهرجان يكون فرصة للقاء صناع السينما في العالم
العربي، وهو ما يضيف لمسيرتي كممثلة.
·
كيف ترين الإنتاج السينمائي العربي في الفترة الأخيرة؟
أعتقد أنه متفاوت، والشيء الجميل أن هناك بلادا لم تكن
مهتمة بالسينما واكتشفت أنهم يحاولون تقديم أعمال سينمائية، وعندما تكون
هناك محاولات أولى في أرضية غير جاهزة للعمل فإننا نقدر هذا الجهد ونشجعه،
وفي الوقت نفسه هناك بلاد حاضرة بقوة على الساحة السينمائية العربية وهي
البلاد صاحبة التقاليد السينمائية الراسخة منذ عشرات السنين، وتتفاوت
الأفلام في مستواها من ممتازة إلى متوسطة. |