(واجعل الموت راحة لنا من كل شر)، دعاء من حديث رسول الله،
الموت راحة وليس عقابا، وفى كل الأديان ستعثر على نفس المعنى، بينما على (السوشيال
ميديا) ستجد أن رجاء الجداوى كان مصيرها الموت، لأنها مارست رذيلة الفن
وسينال الموت قريبا جدا كل من حضر جنازتها أو صلى على جثمانها أو كتب كلمة
إيجابية فى حقها.
لا أميل مثلما يفعل قطاع عريض من الكتاب إلى تبسيط الأمور،
وننعتهم جميعا بالإخوان، نعم بينهم إخوان، ولكن علينا أن ندرك أيضا أن فى
مجتمعنا من لا يزال يحرم الفن ويعتبر المرأة عورة إذا استمع إلى صوتها أو
شاهد أخمص قدمها.
النظرة الإيجابية للفن فى العقود الأخيرة تضاءلت كثيرا،
بينما جيل الكبار ظل لهم احترامهم لأنهم احترموا أنفسهم وفنهم.
المجتمع فى العشرين عاما الأخيرة انتقل 180 درجة، صار يصدر
مباشرة أحكاما أخلاقية على الفنان، النجمة تحظى بمكانتها ليس على أدائها
للدور، ولكن لأنها ترفض مشاهد يطلقون عليها جريئة، وترفض أيضا ارتداء ملابس
تحمل نفس التوصيف، الجرأة صفة حميدة بيد أنها صارت عنوانا للخروج عن
الآداب، هل راجعتم مثلا حوار فريد شوقى مع الإعلامية الكبيرة ليلى رستم فى
مطلع السبعينيات، سألته ليلى هل تتناول الكحوليات؟ أجابها نعم ولكن ليس فى
أوقات العمل، أنا أذهب للاستديو فى كامل لياقتى الذهنية، فريد كان يدرك أن
المجتمع يحاسبه فقط على أدائه للدور وليس على ممارساته الشخصية.
عندما ذهب فريد للمستشفى عام 98 كانت تحوطه دعوات الناس،
وبعد رحيله، لا يزال عشاق فريد من كل المحافظات المصرية يذهبون كل يوم جمعة
للصلاة فى الجامع الذى أطلقوا عليه اسمه وكأنه أحد أولياء الله الصالحين.
لم ينكر فنان شيئا فعله فى حياته أو تبرأت فنانة من مشهد أو
فستان ارتدته، وراجعوا مواقف الفنانة الكبيرة شادية، ارتدت الحجاب واعتزلت
الفن ولم تصدر منها كلمة واحدة تنتقص من رصيدها الفنى أو تسقط بعضه، مثلما
فعلت مثلا سهير رمزى بعد الحجاب فأعلنت ندمها على نصف ما قدمته من أفلام
وتحديدا أشهر وأهم أدوارها (المذنبون) بل ندمت على حصولها على جائزة عن هذا
الدور.
الفنانون صدروا للناس- أو للدقة قطاع منهم- لعب هذا الدور
فى رواج تلك الصورة الذهنية المتدنية التى صارت لصيقة بعدد منهم، مثلا
النجم يوسف الشريف الذى تابعناه وهو يتباهى بأنه يكتب فى عقوده شروطا تتضمن
عدم الاقتراب النسائى منه، كما أن عادل إمام أعلنها صريحة باعتباره ابن بلد
شهما وشجاعا ويقبل كل النجمات على شفاههن ويركل كل النجمات على مؤخراتهن،
ويسمح لابنه محمد بمواصلة طريق الأب فى التقبيل والركل، إلا أنه لا يسمح
أبدا بذلك لابنته ولهذا لم يحبذ دخولها للوسط الفنى، حتى لا يقبلها أحد
أمام الكاميرا.
جزء من الفنانين يفعل ذلك لاكتساب رضا قطاع من المجتمع،
وبرغم كل تلك الأسباب فإن منسوب الكراهية والتنمر فاق كل التوقعات. وفى
وداع الفنانة الراقية والإنسانة المبدعة رجاء الجداوى شاهدنا كيف أنهم
يمثلون بجثث الموتى ويهتكون أعراض الأحياء!!. |