يصادف شهر يوليو ذكرى ميلاد ووفاة الفنان فريد شوقي، الذي
حصل على ألقاب عبرت عن مدى جماهيريته والطبقات التي أحبت أفلامه، مثل ملك
الترسو ووحش الشاشة.
مئة عام مرت على ميلاده، حيث ولد في 30 يوليو عام 1920 في
حي السيدة زينب، وكان فنانا مختلفا ذا طابع خاص، ضمن الإطار الزمني الذي
ظهر فيه كنجم سينمائي، وهذا الاختلاف هو محل حديثنا عنه في السطور القادمة،
وفق ما طرحه والتر أرمبرست، الأستاذ بكلية الدراسات الشرقية بجامعة أكسفورد
البريطانية، وعضو مركز الدراسات الشرق أوسطية بسانت أنطونيو كوليج،
والمتخصص في علم الإنثروبولوجيا في مجال الثقافة والمجتمع في الشرق الأوسط،
خاصة مصر.
-
ما بين «وحش الشاشة» و«ملك الترسو»
في بحث، نشر بمجلة "أبواب" عام 2000 تحت عنوان "فريد شوقي:
فتوة، رب عائلة، نجم سينمائي"، تحدث أرمبرست عن شوقي من البداية كنموذج
لرجل مختلف على شاشة السينما عما كان معتاد سابقا.
وقال أرمبرست: "بدأ حياته السنيمائية في الأربعينات وازدهر
في الخمسينات كشخصية نموذجية في إيجاد صور جديدة للرجل، حيث كانت الشخصيات
الرجالية في الأفلام المصرية ومجالات أهل الفن ترتبط عادة بنمط حياة
برجوازي، الشخصية المتأنقة هي السائدة، حتى وإن كان مطلوب منها أن تبذل
مجهود عضويا أو حتى إن تخوض معارك، ومع تبلور شخصيته الشعبية اختلفت صورته
السينمائية عن الممثل الحساس، فقد كانت شخصيات شوقي خشنة ونشيطة".
تكونت هذه الشخصية التي ظهرت على الشاشة نتيجة لما قدمه
شوقي من شخصيات، ميكانيكي سيارات وصياد وجندي وعامل يدوي وتاجر في السوق،
وكانت هذه الشخصيات موجهة للجمهور من الطبقات الدنيا.
وفي سطور تالية من هذه الكلمات عن فريد شوقي، تحدث أرمبرست
تحت عنوان "ظهور الوحش"، عن مولده وبدايته الفنية على مسرح يوسف وهبي، ثم
معهد التمثيل.
وأكمل: "أراد شوقي أن يضفي احتراما على شخصيات حكم عليها
بالبقاء في المراتب المتدنية من الهرم الثقافي الناشيء، وكانت شخصياته
رجالا فحولا يخرجون منتصرين من أي معركة... وتوجه فيما بعد توجها واعيا إلى
مشاعر الطبقات الشعبية وأصبح في مرحلة معينة من حياته ملك الترسو (المقاعد
الرخيصة)، كما كان يقول عن نفسه، كما أنه لم تكن شخصيات شوقي مجرد نسخ من
قصص جون واين أو أي أنماط أخرى من الفتوة في السينما الأمريكية... وهو على
عكس ما كان يوجه من انتقادات للأفلام المصرية أنها اشتقاقات من النماذج
الغربية...".
كان أداء فريد شوقي في البداية وكثير من أفلامه التي جعلته
يلقب بـ"وحش الشاشة" قبل "ملك الترسو" يتجه نحو شخصيات تمثل الجانب السيئ
والشر في العمل الفني، وكان لابد أن يخرج من هذه العباءة إلى أخرى.
وقال عن ذلك أرمبرست: "لكي يتحول شوقي إلى بطل عمالي يمكن
على نحو معقول يجعله يحصل على لقب ملك الترسو وليس مجرد شرير من طراز محمود
المليجي كان عليه أن يكون شهما...".
وربط أرمبرست بين شوقي الفنان وحياته الخاصة وزيجاته، وكيف
أن الزيجة الأولى كانت غير مفيدة له كفنان يسعى للنجومية بشكل أكبر، ووصف
ذلك: "الزيجة الأولى له ما كانت لتساعد حياة شوقي الفنية، وأنه لو فعل ذلك
لربما استمر في القيام بدور الشرير الرتيب"، وأرجع نجاحه فيما بعد وتغير
صورته النمطية، إلى زواجه الثاني من الفنانة هدى سلطان.
وفي عام 1957، جسد شوقي فيلم "المجد"، والذي اعتبره أرمبرست
شرحا لزيجته الأولى، وتدور أحداثه عن ممثل مشهور لا تساعده زوجته أو تدفعه
نحو النجاح وتتسبب في تعاطيه الكحول وتفشل حياته حتى يقع في حب فنانة جميلة
والتي لعبت دورها هدى سلطان، تنقذه من الانتحار وتجدد حياته الفنية.
-
أفلام العهد الجديد نقطة تحول
عندما أسس فريد شوقي وهدى سلطان شركة الإنتاج الخاصة بهما
تحت اسم "أفلام العهد الجديد"، بدأ شوقي كتابة سيناريوهات أفلامه، وكان
باكورة إنتاجهم فيلم "الأسطى حسن".
والفرق بين الأفلام التي قدمها فريد شوقي السابق بوصفه شرير
والأفلام التي أنتجها وكثيرا كتبها بنفسه واضحا، ويتجلى أكثر في أولى
أفلامهما "الأسطى حسن" الذي قدم فيه شخصية رجل عمالي من حي بولاق.
وفي مرحلة أخرى بالتعاون مع صلاح أبو سيف، ثم ما كتب نجيب
محفوظ من سيناريو أو روايات، كان طائر شوقي يحلق فوق أفكار هؤلاء ليكتسب
مزيدا من الشعبية، من خلال أدوار الفتوة، التي ظل يجسدها حتى في
الثمانينيات، عندما شارك في أفلام مثل "الشيطان يعظ" مع أحد نجوم هذه
الفترة نور الشريف.
الحديث عن فنان بحجم فريد شوقي ورصيده الفني الكبير يحتاج
إلى أبحاث عدة لسرد شخصياته وتحليل شخصيته، وكانت هذه سطور من كثير مما كتب
عن «وحش الشاشة» و«ملك الترسو». |