شويكار.. حالة فنية استثنائية و3 عوامل سبب نجاحها | صور
سارة نعمة الله
تمر السنوات وتبقى الحيوية هي عنوانها الدائم.. لا يمكن أن
تسقط إطلالتها من ذاكرتك، وبصوتها الرنان مع ابتسامتها المعهودة التي جعلت
منها علامة مميزة، فما أن تسمع صوتها إلا وتعلم من هي.. شويكار الفنانة
التي لابد أن تضع اسمها بين قوسين للعديد من المقومات التي تمتلكها بين
الجرأة والموهبة والاستعراض وخفة الظل والكوميديا وغيرها.
تجذبك إطلالتها على الشاشة، فهي الفنانة التي لا يوجد لها
شبيهًا من بين بنات جيلها، فنانة اختارت أن تكون واعية وجريئة في
اختياراتها، ومتجددة في أدوارها التي أخترتها بعناية حتى إنها وبالرغم من
عدم وضعها في مصاف نجمات مصر الثلاث «شادية، فاتن حمامة، سعاد حسني» إلا
أنها صنعت لذاتها بوابة انطلاقة منفردة بها لتصبح أيقونة بارزة لأجيال رحلت
وأخرى قادمة.
النشأة
ولدت شويكار 1938
لأب مصري يعشق الشعر، وأم تجيد العزف على آلة البيانو مما جعل نشأتها
متفردة تدفعها لحب الفن منذ الصغر، تعلمت الفرنسية وأجادتها منذ الصغر
لتستكمل دراستها بها بعد إلتحاقها بكلية الآداب قسم اللغة الفرنسية، لتبدأ
بعدها رحلة العمل حيث رشحها المخرج حسن رضا الذي جمعته بأسرتها صداقة قديمة
بفرقة "أنصار التمثيل"، حينها شاركت في أكثر من مسرحية وقررت أن تتلقى دورس
التمثيل على يد عبد الوارث عسر.
بدأت الراحلة مسيرتها الفنية عندما قدمت أولى أعمالها من
خلال فيلم 1960 "حبي الوحيد" أمام عمر الشريف ونادية لطفي وكمال الشناوي،
لتبدأ رحلة الإنطلاق والتي كانت لهجتها الغربية عائقًا فيها فبسبب إجادتها
للغة الفرنسية كانت دائمًا مميزة بمصطلحاتها وطريقة حديثها أبرزها حرف
"القاف" الذي أشتهرت بطريقة نطقها له وبات علامة للسخرية والضحك حتى يومنا
هذا.
وبالرغم من وجود هذا العائق اللغوي، عملت شويكار على
موهبتها وأجادت طريقة نطقها للألفاظ من ناحية مما دفعها للعمل في العديد من
الأدوار الجادة والهامة، ومن ناحية آخرى استغلت الراحلة هذه اللهجة في بعض
أدوارها التي كانت تتميز بها بالرقة والدلع.
تعلمت شويكار حب
الخيل منذ ثمان سنوات مما جعل من شخصياتها تركيبة حالمة رقيقة وهي من صفات
الإناث الذين يركبون الخيل، ولاشك أن نشأتها في مدرسة داخلية علمها تحمل
المسئولية حيث كان والدها يمتلك عزبة في «أبو خضر» بالشرقية، وليس هذا فقط
بل إن هذه النشأة أيضًا حملها الوعي في إدارة الرحلة الفنية، فغالبًا يعتاد
من ينشأون في هذه المدارس على القراءة وتثقيف أنفسهم وبالفعل كانت ثقافة
الراحلة خصوصًا المسرحية واضحة عليها، فقد صنعت بصمة في هذا العالم
"المسرح" في الوقت الذي لم تكن فيه النجمات تهتم كثيرًا بهذا القطاع الفني.
فؤاد المهندس في
حياة شويكار
بدأت علاقة الراحلة بزوجها الفنان فؤاد
المهندس بالصدفة
حينما اعتذر الفنان السيد بدير عن دوره أمامها في مسرحية «السكرتير الفني»،
ليحصل على البطولة حينها الفنان فؤاد
المهندس ،
من هنا نشأت علاقة الصداقة والحب بين الطرفين رغم فارق السن بينهما والذي
قارب 14 عامًا، ليقدموا معًا رحلة من الأعمال المسرحية منها: «أنا وهو
وهي» التي توجت لقصة زواجهما، تلاها مجموعة من الأعمال التي قدمها ثنائي
حتى بعد انفصالهما معًا.
ومن بين هذه الأعمال التي قدمها الثنائي معًا: «ربع دستة
اشرار»، و«العتبة جزاز» و«فيفا زلاطا»، و«إجازة غرام»، و«اعترافات
زوج»، و«هارب من الزواج»، و«أخطر رجل في العالم»، ومسرحيات مثل «حواء
الساعة 12»، «سيدتي الجميلة»، و«انها حقا عائلة محترمة» وغيرها.
ولعل هذه المرحلة كان للمخرج فطين عبد الوهاب دورًا هامًا
وحيويا بها، فحينما شاهدها مع فؤاد
المهندس في
مسرحية "أنا وهو وهي" قرر ترجمة ذلك في ثنائيات سينمائية مشتركة حيث قدمها
في أفلام "اعترافات زوج"، "الراجل ده حيجنني"، "أرض النفاق".
لماذا نجحت شويكار ؟
بصمات الراحلة تتلخص في كلمة واحدة "الذكاء" بالفعل فقد
أختارت النجمة أن تكون رحلة الصعود مرتبطة بالكوميديا وبذلك وضعت لذاتها
مكانة خاصة في الوسط الفني، ويندرج تحت هذا الذكاء عدم استسلامها لتقديم
لونًا فنيًّا واحدًا فقد طوعت موهبتها تحت إدارة كثير من كبار مخرجي
السينما من بينهم هنري بركات الذي قدمها بفيلم «أمير الدهاء»، وجسدت فيه
دور حبيبة حسن الهلالي الذي لعب دوره الفنان فريد
شوقي .
ومن بين أدوارها التي لا تنسى "قرنفلة" صاحبة المقهى في
رواية «الكرنك» للأديب العالمي نجيب محفوظ، وهي إحدى الشخصيات المحورية في
روايته والتي تحمل أبعادًا سياسية واجتماعية كبيرة، لعبت شويكار دور
"قرنفلة" باحترافية وسلاسة أبناء البلد المعهودة ضمن أحداث الفيلم
السينمائي تاركه فيه بصمة مميزة لا تقل عن أدوار الشخصيات الآخرى والرئيسية
بالرواية.
وفي هذه الرحلة الفنية الموصوفة بالذكاء والاحتراف، نجد شويكار صاحبة
أداء متجدد ومختلف بين كل مرة وأخرى مطوعة في أدائها فلم تحصر ذاتها في
كونها شقراء جميلة أو أرستقراطية تتحدث العربية بتعثر بل كان أداء شخصيات
بنت البلد عنوانًا آخر لم هبعتها التي كشفت عنها بجانب الكوميديا التي
أشتهرت بها.
هناك سبب آخر في شهرة شويكار يكمن
في عدم استسلامها للابتعاد عن الشاشة، فمع تراجع الطلب على الكبار دائمًا
تبقى الفرص أقل، ومع سيادة بعض الأوضاع الفنية أيضًا يتراجع الفنان عن
التواجد لكن الأمر يختلف لدى شويكار ،
فمع سيادة سينما المقاولات منتصف الثمانيات وبدأ لمع النجوم في الآعمال
التلفزيونية كانت شويكار توازن
الأمر ما بين تقديم عمل تلفزيوني أو فيلم تراه مناسبًا لرحلتها الفنية.
ويندرج أيضا في رحلة نجاح شويكار عنوانًا
آخر وهو «الجرأة» التي تجعلها تقف أمام الكبار دون رهبة وتواطئهم في الأداء
والنجومية مثل يوسف وهبي وأمينة رزق وماري منيب على سبيل المثال، ولأن شويكار كانت
نجمة استثنائية حصدت اهتمام الكبار من المؤلفين الذين كانوا يكتبون لها
مسرحيات خصيصًا ومنهم بهجت قمر وسمير خفاجي.
3 رجال في حياة شويكار
تزوجت شويكار ثلاث
مرات في حياتها الأولى من حسن نافع، وأنجبت منه ابنتها منة، والثانية من
الفنان فؤاد
المهندس ،
والذي ثارت كثيرًا من الآقاويل عن إنتهاء علاقتهم بأزمات زوجية متكررة لكن
كان الأثنان دائمًا يؤكدان علاقة الاحترام المتبادل والمحبة بينهما بعد
الانفصال أما الزيجة الثالثة كانت من مدحت يوسف.
ترى شويكار ،
أن الفن ليس دائم، وأن المنزل هو حياة المرأة، فالزوج لا يمكن أن يتحدث عن
تقدم عمر زوجته كما أن الأولاد سيجدون دائمًا العطف والحنان بحسب ما صرحت
به في إحدى لقاءاتها القديمة.
مقاومة تقدم العمر.
قاومت الراحلة فكرة تقدم العمر وتجاوزتها وظلت محتفظة
بحيويتها حتى اللحظة الأخيرة من عمرها، لذلك لم تتردد في أي مشاركات فنية
بين الحين والآخر فقد كان ظهورها الأخير مع الفنانة غادة
عادل في
مسلسل «سر علني»، ومن قبلها فيلم "كلمني شكرًا" مع المخرج خالد يوسف بخلاف
العديد من الأعمال السابقة مثل مسلسلات ترويض الشرسة، هوانم من جاردن سيتي
وامرأة من زمن الحب.
شائعات
طالت شويكار شائعات
كثيرة بالسنوات الأخيرة ما بين المرض والوفاة، وكانت دائمًا تخرج عبر
لقاءات هاتفية بالبرامج التليفزيونية وتؤكد أنها بخير وأنها لا تزال تتابع
كل ما يعرض بالوسط الفني.
شويكار حالة
فنية استثنائية، سيدة لا يضاهيها أحد في خفة الظل والأنوثة المفعمة
بالحيوية والتجدد والجرأة في الاختيارات، تبقى في مكانة خاصة بين نجمات
جيلها، وتظل مثل غيرها لموال تقديرها واستحقاقها الفني المناسب. |