تنوّع "غولدن غلوب"... إصلاحات متأخرة على حساب الفن
لوس أنجليس/ العربي الجديد
أقرت المنظمة القائمة على توزيع جوائز
"غولدن غلوب"،
يوم الخميس، سلسلة إصلاحات لتحسين تمثيل الفئات المختلفة في صفوفها، في
مسعى لتطويق الجدل بشأنها، بعد سيل الانتقادات في هوليوود على خلفية نقص
التنوع في أعضائها.
تتألف "رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود" (إتش إف بي إيه)
من نحو تسعين صحافياً يشكّلون لجنة تحكيم جوائز الـ"غولدن غلوب"، وهي أبرز
المكافآت السينمائية في الولايات المتحدة بعد الـ"أوسكار".
وتثير المنظمة جدلاً كبيراً منذ كشفت صحيفة "لوس أنجليس
تايمز"، في شباط/ فبراير الفائت، أنها لا تضم في بين أعضائها الـ86 أي شخص
من أصحاب البشرة السوداء.
تقرير الصحيفة الأميركية سلّط الضوء أيضاً على "ثقافة
الفساد" السائدة بين "رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود"، وهي ثقافة شهدت
قيام شركات الترفيه بمنح الأعضاء إقامات في الفنادق ووجبات عشاء ورحلات،
لكسب التأييد للأفلام التي كانوا يأملون في حصولها على ترشيحات. وأفاد
التقرير بأن أعضاء في الرابطة سافروا إلى العاصمة الفرنسية باريس، على نفقة
"نتفليكس"، لدعم مسلسلها
"إميلي في باريس" الذي
نال ترشيحين خلال العام الحالي.
وإثر الكشف عن هذه المعلومة، توجهت مجموعة من نحو مائة مهني
في قطاع الترفيه رسمياً برسالة إلى الرابطة، تضمنت انتقادات صريحة
لـ"سلوكياتها التمييزية والنقص في المهنية والانتهاكات الأخلاقية واتهامات
بالفساد المالي"، وهي اتهامات سبق أن وجهتها حركة "تايمز آب" المناهضة
للتحرش الجنسي.
وأقر أعضاء الرابطة، يوم الخميس الماضي، بالأكثرية سلسلة
تدابير ترمي إلى معالجة الوضع، بينها زيادة عدد أعضائها بنسبة 50 في المائة
في الأشهر الثماني عشرة المقبلة، خصوصاً من أجل ضمّ صحافيين سود، إضافة إلى
إصلاح النظام الغامض والمتشدد المعتمد لقبول الأعضاء الجدد.
وقال رئيس الرابطة علي سار في بيان إن "التصويت بأكثرية
كبيرة لإصلاح الرابطة يجدد اليوم تأكيد تصميمنا على التغيير". وأضاف "لأننا
نفهم الحاجة الماسة للشفافية وأهميتها، سنبقي أعضاءنا باستمرار على اطلاع
بالتقدم الذي نحرزه لجعل منظمتنا شاملة ومتنوعة أكثر". وأوضح "نفهم أن
العمل الصعب بدأ للتو. سنبقى مصممين على أن نصبح منظمة أفضل ونموذجاً
للتنوع والشفافية والمسؤولية".
وكشف عضو في الرابطة لوكالة "فرانس برس"، طالباً عدم ذكر
اسمه، أن "قلّة من الأعضاء صوتوا ضد الإصلاحات أو امتنعوا عن التصويت،
والأكثرية أيدتها". وقال "أنا مرتاح للغاية. علينا التغيير، ويجب أن نحسّن
أنفسنا إذا ما أردنا الاستمرار".
لا تزال جوائز "غولدن غلوب" تحظى بأهمية كبيرة رغم تراجع
المتابعة لها من الجمهور في السنوات الأخيرة. وبدأت مراجعة ذاتية بشأن
المستقبل، بعد تهديدات بالمقاطعة نشأت إثر الجدل الأخير. وسُحبت عضوية
الرئيس السابق للرابطة فيليب بيرك الشهر الماضي، بعدما وصف حركة "حياة
السود مهمة"، في رسالة إلكترونية، بأنها "حركة كراهية"، كما أن اثنين من
المستشارين اللذين استعانت بهم "رابطة الصحافة الأجنبية في هوليوود"
لمعالجة مشكلات نقص التنوع استقالا، بسبب عدم إحراز أي تقدم على هذا الصعيد.
أكثرية الأعضاء في الرابطة هم مراسلون يعملون بصورة منتظمة
لحساب وسائل إعلامية معروفة ومحترمة في بلادهم، مثل "لو فيغارو" الفرنسية
و"إل باييس" الإسبانية. غير أن سمعة هذه اللجنة غير العادية تضررت في
الماضي، لضمّها أعضاء لقي وجودهم فيها انتقادات، مثل لاعب كمال أجسام روسي
أدى في أفلام من الدرجة الثانية.
كما أن الرابطة واجهت انتقادات متكررة طاولت النقص في
الاهتمام المولى للممثلين السود أو المتحدرين من الأقليات الذين غالباً ما
يُغيّبون عن سجل الفائزين بالجوائز. وفي خطوات اعتبرت جزءاً من تعويض النقص
في التنوع، أصبحت المخرجة الأميركية من أصل صيني، كلوي تشاو، ثاني امرأة في
تاريخ الـ"غولدن غلوب" تحصل على جائزة أفضل مخرج، بعد باربرا سترايسند عام
1984، وأول امرأة من أصول آسيوية، عن فيلمها "نومادلاند".
وفي حفل
توزيع جوائز "غولدن غلوب" الافتراضي الذي
أقيم في مارس/ آذار الماضي، شكّلت الأميركية السوداء أندرا داي المفاجأة،
بحصولها على جائزة أفضل ممثلة في فيلم درامي عن دورها في "ذي يونايتد
ستايتس فرسس بيلي هوليداي". وهي ثاني امرأة غير بيضاء تحصل على هذه
الجائزة، بعد ووبي غولدبرغ قبل 35 عاماً.
وفاز عدد من الممثلين السود الآخرين بجوائز، بينهم
الأميركي تشادويك
بوزمان الذي
توفي في أغسطس/ آب الفائت، جرّاء إصابته بالسرطان، إذ مُنح جائزة أفضل ممثل
في فيلم درامي عن أدائه في فيلم "ما رينيز بلاك باتم"، آخر عمل له قبل
رحيله. وفاز أسود آخر هو البريطاني دانيال كالويا بجائزة أفضل ممثل في دور
مساعد عن دوره في "جوداس
أند ذا بلاك ميسايا" حيث
أدى دور فريد هامبتون، زعيم الحركة الثورية السوداء الذي قتل في ديسمبر/
كانون الأول عام 1969، في عملية دهم نفذتها الشرطة.
وقال مسؤولو الرابطة على مسرح الاحتفال حينها "نحن ندرك أن
علينا العمل على ذلك (التنوع)، كما هي الحال مع الأفلام والتلفزيون، فتمثيل
السود أمر مهم جداً".
لكن حين لا تتمتع منظمة الجوائز بالمصداقية في ما يخص نزاهة
عملية التصويت الخاصة بها وفهمها للتنوع الحقيقي والشمول، يُثار الشك حول
ما إذا كان الفائزون قد اختيروا فعلاً على أساس مزاياهم الخاصة أو لكف
الانتقادات والرسائل الغاضبة، لتصبح تكريمات "غولدن غلوب" أشبه بجوائز
ترضية، لا جوائز تحتفي بقيمة عمل سينمائي أو تلفزيوني محدد. |