رحل عرّاب السينما الكويتية المخرج خالد الصديق، أمس،
تاركاً إرثاً فنياً مميزاً، لتفقد الساحة الفنية الكويتية والخليجية،
بغيابه، أحد أبرز مبدعيها الذي اشتهر ببعد النظر والفكر المستنير وقوة
الشخصية، إضافة إلى إمكانات فنية نادرة ساهمت في شهرته عربياً وعالمياً،
فحقق النجاح تلو الآخر عبر أعماله، حاصداً الجوائز والتكريم من مهرجانات
عالمية مرموقة.
رحل المخرج خالد الصديق، الملقب بعراب السينما الكويتية، إذ
كان صاحب السبق في هذا المجال، وحصل على جوائز من مهرجانات عالمية، بفضل
بحثه الدؤوب عن المختلف وغير السائد.
كان دائماً يغرد خارج السرب، باحثاً عن الألق والإبداع، فلم
يجنح يوماً إلى المنتشر، بل كان يلتقط الأفكار بحرفية عالية وحذق قلّ
نظيره، فيعمل على بلورتها وتطويرها وإعادة صياغتها بشكل يتواءم مع الفن
السابع.
قدّم الصديق رائعته الجميلة وتحفته الثمينة فيلم "بس يا
بحر"، الذي غاص فيه إلى أعماق كفاح الكويتيين وغياهبه، فلم يكتفِ برصد
الحكايات وروايتها، بل أراد أن يوثق ما كان يحدث في الحياة من الشقاء
والتعب والوجع، في سبيل وصول أهل الكويت إلى تأمين لقمة العيش، فكان نواخذة
الكويت وبحارتهم يجوبون البحار بحثاً عن رزقهم ورزق أسرهم، متسلحين بالعزم
والقوة والصبر، غير آبهين بالمخاطر التي تهدد حياتهم. هذه الحكايات المليئة
بالتراجيديا والخوف والقلق استفزت الصديق، الذي شمّر عن ساعديه وبدأ يدشن
مشروعه بكل ثبات وقوة، غير مكترث بالأصوات المعارضة لتنفيذ هذا العمل، الذي
حصد بفضله جوائز متنوعة من مهرجانات العالم.
وعن الفيلم كان الراحل يقول إنه بدأ التصوير في 7 يوليو
1969، وكان آخر يوم للتصوير في 19 سبتمبر 1970، وبلغت تكاليف الفيلم آنذاك
نحو 125 ألف دينار، وقد اشترك الراحل في كتابة الفيلم مع عبدالرحمن الصالح
والفنان القدير سعد الفرج وولاء صلاح الدين، وسيناريو الفيلم الاصلي موجود
في متحف نادي السينما الفرنسي "سينماتيك"، الذي يُحتفظ فيه بكل سيناريوهات
الأفلام الناجحة في العالم.
من أقواله
• كنت طفلاً «شقياً» أحب اللعب أثناء دراستي في مدرسة
الشرقية خلف المستشفى الأميري لأنني من مواليد منطقة شرق
• درست في «سان بيتر هاي سكول» وهي ثاني أفضل مدرسة في
بومباي وقضيت هناك 10 سنوات وتعلمت الإخراج السينمائي في الهند
• «بس يا بحر» أول فيلم يصور تحت الماء في العالم العربي
وحتى الهند وكان ذلك كابوساً بالنسبة لي
• اليوم بصراحة السينمائيون سعداء الحظ من الناحية
التقنية... وعمليات المونتاج والمكساج والتصوير متقدمة جداً عما سبق
أعمال أخرى
قدم المخرج الكويتي خالد الصديق عددا من الأعمال الفنية
المتميزة، كان من أهمها: "المطرود" و"الصقر" و"الرحلة الأخيرة" و"الأمن
الداخلي" و"وجوه ليلية" و"معهد الأمل" عن الصم والبكم، و"عرس الزين"
و"شاهين".
أغنيات عبدالحليم
وأخرج الصديق عدداً من أغنيات المطرب الراحل عبدالحليم حافظ
عندما زار الكويت في الستينيات، ومن هذه الأغنيات "يا هلي يا هلي" من كلمات
وليد جعفر وألحان عبدالحميد السيد، و"عيني ضناها السهر" من كلمات عبدالمحسن
الرفاعي وألحان سعود الراشد، و"وفي المنام" و"ضي القناديل".
وأثناء عمله في وزارة الإعلام، قام الراحل بتنفيذ بعض نشرات
الأخبار المسائية التلفزيونية، والبرامج الثقافية الأسبوعية، وأيضاً نشرة
الأخبار باللغة الإنكليزية، وأخرج مسلسل "محكمة الفريج"، وكان أول مسلسل من
إخراجه بعنوان "قاتل أخيه" وهو قصة واقعية من ملفات المحاكم.
فنانون ومثقفون
قدّم فنانون وكتاب ومثقفون تعازيهم لأسرة الراحل خالد
الصديق، معتبرين أن غيابه سيترك فراغاً كبيراً في الساحتين المحلية
والعربية.
وقال الفنان سعد الفرج الذي شارك في بطولة فيلم "بس يابحر"،
قال:" رحم الله المخرج خالد الصديق واسكنه فسيح جناته، فقد قدّم الراحل
الكثير للسينما الكويتية".
وقال الكاتب بدر محارب: "رحل عن دنيانا المنتج والمخرج
القدير خالد الصدّيق، مخرج التحفة السينمائية (بس يا بحر)، أول فيلم روائي
كويتي طويل، والذي حقق عدة جوائز عالمية في سبعينيات القرن الماضي".
بدوره، وبينما اعتبر المخرج حبيب حسين رحيل الصديق "يوماً
حزيناً لفقدان الصديق والمبدع"، قال الأديب طالب الرفاعي، إن وفاته "خسارة
كبيرة للكويت والوطن العربي والعالم. عزاؤنا ببقاء أعماله، لروحك أيها
الصديق الحبيب السلام والرحمة والمغفرة".
وفي السياق، قال الفنان داود حسين: وداعاً أيها المبدع...
يا من رفعت اسم الكويت في المحافل الفنية في مختلف دول العالم... أيها
العالمي... إلى جنات الخلد يا أستاذ خالد الصديق... إنا لله وإنا إليه
راجعون.
كما قدم التعازي الفنان إبراهيم الحربي، مؤكداًً أن "الصديق
من أجمل المخرجين الذين عملت معهم... اجتمعنا في فيلم شاهين وتم تصويره في
الهند... ولكن للأسف لم يعرض.. ولم يتحقق هذا الحلم.. الله يرحمك".
أما الباحث في التراث فهد العبدالجليل، فقال: رحم الله
المخرج الكويتي العالمي الصديق وأسكنه فسيح جناته، مضيفاً أن الفقيد له
بصمة كبيرة في تاريخ السينما الكويتية والعربية، فهو مخرج فيلم "بس يا بحر"
الذي يعتبر أول فيلم سينمائي تراثي كويتي، وحاز عدة جوائز من مهرجانات
سينمائية عربية وعالمية.
بدوره، ذكر الفنان خالد المسعود: "رحم الله المخرج
السينمائي العم خالد الصديق وأسكنه فسيح جناته، وألهَم أهله الصبر الجميل
والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون"، في وقت كتب الروائي عبدالوهاب
الحمادي عبر "تويتر": رحل المخرج القدير خالد الصديق صاحب الفيلم الكويتي
الأشهر "بس يا بحر" الذي أوصل شطرا من معاناة الحياة قبل النفط لأصقاع
كثيرة وأجيال عديدة عبر الفيلم الناجح.
جوائز وتكريمات
نال فيلم "بس يا بحر" 9 جوائز في مهرجانات عالمية أبرزها:
• الجائزة الأولى في مهرجان دمشق السينمائي الأول لسينما
الشباب العرب.
• جائزة الشرف، مهرجان طهران الدولي.
• جائزة الاختيار "الأسد الفضي"، مهرجان فينيسيا الدولي
وجائزة أخرى في المهرجان نفسه.
• جائزة "هوغو الفضي"، مهرجان شيكاغو العالمي.
• وجائزة في مهرجان قرطاجن بإسبانيا.
• جائزة مهرجان الفيلم الدولي في سان أنطونيو في ولاية
تكساس بالولايات المتحدة.
• في الدورة الرابعة من مهرجان سوسه الدولي (1999) كرّم
المخرج الصديق تقديراً لإسهاماته في دفع السينما الخليجية إلى الأمام،
وعُرض فيلماه "بس يا بحر"، و"عرس الزين"، كذلك شارك في عضوية لجنة التحكيم
الخاصة بالمهرجان.
كما نال فيلم "عرس الزين" جوائز من مهرجانات عالمية.
وحصل الصديق على جوائز وتكريمات أخرى عن أعمال متنوعة
ومساهمات فنية راقية.
• حاصل على جائزة الدولة التقديرية التي يمنحها المجلس
الوطني للثفافة والفنون والآداب في الكويت.
رُشح فيلمه "بس يا بحر" عام 1972 لجائزة الأوسكار لأفضل
فيلم أجنبي، ويعتبر الراحل أول كويتي يرشح لهذه الجائزة العالمية.
أما الكاتبة منى الشمري فغردت عبر "تويتر": خالص العزاء
للغالية د. زبيدة أشكناني بوفاة زوجها المخرج السينمائي الكبير خالد الصديق
الذي خسرت الكويت بوفاته صانع السينما الأول وصاحب رائعة "بس يا بحر"
وغيرها من الأفلام الاستثنائية، خالد المبدع الذي لم يتكرر منذ عقود، لروحك
الرحمة والسلام وجنات النعيم.
من ناحيته، عبر المخرج صادق بهبهاني عن حزنه الشديد لوفاة
الراحل، وقال: "رحل الداعم الأساسي لي، حيث بدأت رحلتي بالسينما ومعرفتي به
في عام 2007 وصولاً إلى اليوم وقد أفزعني هذا الخبر المؤلم..! رحيل عراب
السينما الكويتية والخليجية المخرج العالمي د. خالد الصديق والذي ظهر
الكثير من بعده في إخراج الأفلام وإكمال مسيرة السينما الكويتية والخليجية
متأثرين بأفلامه ومسيرته الكبيرة، التي رفعت قيمة الكويت المشرفة في مجال
السينما بالعالم".
وأضاف بهبهاني: "رحل الأب الروحي الذي دائما ما كان يسأل
عنا وعن نشاطنا، وكان آخر تواصل معه بالأمس لتحديد موعد بعد أسبوع في سينما
منزله بمنطقة النزهة ليشاهد حصرياً فيلمي القادم قبل انطلاقته كعادتنا"،
مؤكداً أن "رحيله خسارة كبيرة لي على المستوى الشخصي وللكويت ومحبيه
وللعاملين في الفن عموماً".
«الوطني للثقافة» ينعى المخرج الراحل
نعى المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ببالغ الحزن
والأسى المخرج السينمائي خالد الصديق، الذي انتقل إلى جوار ربه بعد مسيرة
حافلة بالعطاء والإنجاز في المجال الفني السينمائي والتلفزيوني.
ونقل الناطق الرسمي للمجلس الأمين العام المساعد لقطاع
الثقافة د. عيسى الأنصاري تعازي وزير الإعلام والثقافة وزير الدولة لشؤون
الشباب رئيس المجلس الوطني عبدالرحمن المطيري، والأمين العام للمجلس كامل
العبدالجليل، وكل العاملين فيه لأسرة الفقيدة وللأسرة الفنية.
وأضاف د. الأنصاري: "آلمنا خبر وفاة المخرج السينمائي
الكبير خالد الصديق، صاحب الأعمال السينمائية والتلفزيونية الرائدة التي
تركت بصمات في هذا المجال محليا وعربيا ودوليا، وهو منتج ومخرج سينمائي ذاع
صيته بفضل نظرته الفنية الثاقبة والفريدة، ويعد رائد الحركة السينمائية
الكويتية، ورُشح فيلمه بس يا بحر، الذي أنتجه وأخرجه في 1972 لجائزة
الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي في حفل توزيع جوائز الأوسكار الخامس والأربعين،
وهو أول فيلم كويتي يرشح للجائزة، إضافة إلى أعمال عديدة منها المطرود،
والصقر، والرحلة الأخيرة، وعرس الزين، وشاهين، وغيرها من الأعمال الأخرى
التي تركت بصمة في مسيرته الفنية".
وفي الختام، أعرب الأنصاري عن خالص التعازي لذوي الفقيد
وللأسرة الفنية بفقد هذا العلم السينمائي الكويتي، داعيا المولى عز وجل أن
يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله ومحبيه الصبر والسلوان.
أخرج الصديق عدداً من أغنيات المطرب الراحل عبدالحليم حافظ
عندما زار الكويت في الستينيات
تكاليف فيلم «بس يابحر» بلغت نحو 125 ألف دينار وهو أول
كويتي يرشح فيلمه لجائزة الأوسكار
«محكمة الفريج» من إخراجه وأول مسلسل أخرجه بعنوان «قاتل
أخيه» وقدّم نشرات الأخبار باللغة الإنكليزية
«عرس الزين» حصد جوائز متنوعة من مهرجانات عالمية. |