حصاد عربي إيجابي ضمن جوائز تظاهرة “نظرة ما “ في كان
السينمائي
من كان: عبدالستار ناجي
أول الجوائز التي تم الاعلان عنها في مهرجان كان كانت جوائز
تظاهرة “نظرة ما “وهي التظاهرة الثانية من حيث الأهمية بين التظاهرات التي
تمثل الاختيار الرسمي لمهرجان كان السينمائي الدولي .
وخرجت السينما العربية بأكثر من جائزة في هذه التظاهرة التي
ضمت 20 فيلما تنافست على جوائزها وترأست النجمة الايطالية فاليريا جولينو
لجنة التحكيم، وقد جاءت النتائج حسب التالي:
افضل فيلم: الاسواء “اخراج ليز اكوكا ورومان جوريت
جائزة لجنة التحكيم: جولاند “اخراج الباكستانى سيام صادق
افضل مخرج اليكسندر بيلكفور عن فيلم مترونيوم
افضل ممثل: التونسي ادم بيسا عن فيلم “حرقة “
افضل ممثله: فيكي جريبس عن فيلم “كورساج “
افضل سيناريو: الفيلم الفلسطيني “حمي البحر الابيض “
جائزة خاصة: فيلم رودو للمخرج لولا كوفرون.
“المتمرد”: اهم فيلم عن مرحلة داعش!
على مدي السنوات الخمس الماضية قدمت السينما العالمية
والأوروبية على وجه الخصوص كم غير قليل من الانتاجات السينمائية التي تعرضت
لمرحلة “داعش“ وبالذات الى مرحلة تجنيد الشباب الأوروبي من ذوي الأصول
العربية المسلمة .
ومن احدث الانتاجات نتوقف عند فيلم “المتمرد من توقيع
الثنائي عادل العربي وبلال فلاح وهم من بلجيكا ومن اصول عربية وفي رصيدهما
مجموعة اعمال سينمائية ومنها “صورة “2014 و “اسود “2015 و “باستور “2018 و
“اولاد سيئون للحياة “2020.
واليوم يقدمان فيلم “المتمرد “الذي يتمحور حول حكاية الآثار
المدمرة التي تركتها داعش على الشباب الأوروبي والبلجيكي على وجه الخصوص
عبر حكاية حينما يقرر كمال ان يغير حياته
واليوم يقدمان فيلم “المتمرد“ الذي يتمحور حول حكاية الآثار
المدمرة التي تركتها داعش على الشباب الأوروبي والبلجيكي على وجه الخصوص
عبر حكاية حينما يقرر كمال ان يغير حياته من اجل الأفضل كما يعتقد حينما
يقرر ان يترك بلجيكا وينخرط في التنظيمات الجهادية في سوريا مع انطلاق ما
سمي تنظيم الدولة الإسلامية “داعش “ .
وعلى خطاة راح يسير شقيقة الأصغر نسيم في رحلة تمر طبعا
بعمليات التجنيد والإقناع والترغيب بما كان يقدم مغريات الى اولها الجنة
وأخرها الحور العين والشهادة والبطولة .
ومن بروكسل التي المدينة المفتوحة تنتقل الاحداث الى مدينة
الرقة السورية وفي خط متوازي نتابع حكاية امهما “ليلي “ التى ظلت طيلة
حياتها تعمل في التنظيف من اجل رعاية ابناءها فاذا بهم يحلقون بعيدا الى
حيث الحلم الزائف بالجنة والحور العين تاركين امهم المسكينة تجوب بقاع
تركيا وغيرها بحثا عمن كانت تعتقد بانهم الحلم والأمل فاذا بذلك الحلم يسرق
من قبل الدولة الاسلامية الزائفة والمصنعة .
رحلة تتحرك عبر ثلاثة محاور ثرية وعميقة عامرة بالشخوص
والقضايا والموضوعات . خطوط درامية مكتوبة بكثير من الاحترافية . كتب
السيناريو كل من عادل العربي وبلال فلاح وعاونهما كيفين ميل وجان فان ديك .
على خط كامل تلتحق شخصية فتاة يزيدية (نور) التى تم
اختطافها وبيعها في سوق النخاسة ليرتبط بها كمال بعد ان اسلمت . ولكن
الاحداث هنا في هذا المحور تتعقد اكثر حينما يطلب التنظيم من كمال ان يطلق
زوجته نور ويبعيها حتى يتزوجها رفيق له في الجهاد اصيب ويريد التنظيم ان
يكافأة. ويرفض كمال ليتحول ذلك الرفض الى تمرد يتطور الى ان يقوم بمحاولة
تخليص زوجته ولكنه يسقط يلزج به في السجن والحكم بالموت . حيث لا حكم في
زمن داعش سوي الموت.
في الخط الثاني نذهب الى حكاية نسيم الذى يتم تجنيده
والذهاب به الى الرقة وصعوده الى اعلي المراتب والتدريب على الاغتيال حتى
اللحظة التى يصل بها الى تنفيذ حكم الاعدام بشقيقة كمال في مشهد من اهم
مشاهد الفيلم . اما خط الام ليلي فهو الم المتفجر والحزن الكارثي والفجيعة
اولا بضيلع العمر والابناء والحياة والحلم والأمل الذي تبخر بلا عوده .
فيلم “المتمرد اهم فيلم عن مرحلة داعش مكتوب بكثير من البحث
حتى ونحن نعرف اليات وتطور الشخوص ولغة الاقناع التي راحت تمارسها الجهات
التنظيمية الجهادية ولكن المعادلات تتعمق على صعيد الكتابة وتذهب الى صراع
اكثر تعقيدا وتازيما وهو ما جعل الفيلم متماسكا يمتلك القدرة للذهاب بعيدا
.
سينما من هذكا نوعية ليست مجرد تمثيل وان كنا نشير بكثير من
القدير الى لبنا ازبال بدور الام وابو بكر بن سهي بدور كمال وامير العربي
(شقيق المخرج عادل العربي بدور نسيم) وهكذا بقية الشخصيات ومنها تارا عبود
ويونس بواب وفواد حاج وغيرهم .
سينما مكتوبة ومخرجة ومنفذة باحترافية سينمائية عالية
المستوى ونخص مدير التصوير روبفشت هايفرت الذى منح الفيلم لغة بصرية متفردة
وهكذا كانت الحلول الموسيقية التي قدمها الموسيقار هانس دي ماير،
فيلم “المتمرد “يظل اهم الشهادات السينمائية التي توثق
دراميا مرحلة داعش ويحمل الفيلم خطاب سياسي ناقد وبكثير من القسوة للكثير
من الدول الأوروبية وان ظل محور الحدث في العاصمة البلجيكية بروكسل .
باختصار شديد “المتمرد “فيلم كبير لمرحلة تظل بحاجة دائما
للكثير من الضوء لكشف زيف تلك التيارات التي سرقت الأبناء وخلفت الدمار
والتخلف والعودة الي ما قبل الصفر .
برافو نقولها للثنائي عادل العربي وبلال فلاح على اشتغالهم
الاحتراف العميق لسينما تذهب الى عقولنا قبل جيوبنا.
“ام وابناء”: الفرنسية سيرالي تحلل عذابات المغتربين
يبدو ان العزف على قصيدة الغربة والاغتراب ظلت حاضرة في عدد
غير قليل من نتاجات السينما العالمية التي شهدتها المسابقة الرسمية لمهرجان
كان السينمائي الدولي في دورته الخامسة والسبعون لعام 2022 .
من تلك الاعمال نتوقف عند الفيلم الفرنسي “ام وابناء“ حسب
الترجمة الانجليزية و“اخي الصغير“ حسب الترجمة الفرنسية للمخرجة الشابة
ليناور سيرالي التي من مواليد 1985 .
رحلة سينمائية تذهب اولا الى حكاية “روز “ مهاجرة من ساحل
العاج وصلت باريس مع ابناءها جان وارنسيت وكلاهما في مرحلة الطفولة حيث
استقبلاها احدي الأسر العاجية في دارهم الصغيرة وامنوا لها فرصة العمل في
احد الفنادق للتنظيف وراحت تقضي جل وقتها في العمل وأيضا رعاية اطفالها
وتحفيزهم على الدراسة والتفوق.
ولكن رحلة الغربة ليست بتلك السهولة التي يتصورها البعض حتى
وهي فباريس او غيرها من مدن الاغتراب ليست مجرد مدينة فاضلة. لذا تبدأ رحلة
العذابات في المحطة عبر رصد لجوانب من مسيرة روز التي راحت تنتقل من رجل
الى اخر لعلها تجد السلام والأمان ولكن الرجل هنا لم يكن هو شاطئ الامان.
بل ان الرجل في محطات لاحقة كان سببا في الفرقة مع الأبناء بالذات في الجزء
الثاني مع حكاية جون ولاحقا مع ارنست حيث تمزقت العائلة وتفرقت وظلت الام
تنتظر اللحظة التي تلتقي بها بهذا الابن الذي ذهب الى حيث لا تعلم والأخر
الذي أصبح مدرسا تذهب اليه بعيدا كلما احرقها الاشتياق .
قربة ممزقة مدمرة كلما ذهبت في اعمالها سرقتك دهاليزها
وعتمتها وظروفها ولربما عنصريتها الخانقة الموجعة .
رحلة سينمائية تبدأ بالأمل وتنتهي الي التمزق الأسري
والوحدة القاتلة بعد ان كانت الحكايات البسيطة والأشياء الهامشية تفرحهم
وتسعدهم.
الفيلم ينتهي برسالة تحملها الأم الي ابنها المدرس ارنست من
شقيقة التي التهمته العتمة والغربة وذهب الى حيث لا نعلم يتمنى علية ان
يلتقيان ذان، حتى اللقاء أصبح بالتمني ولربما الدعاء والصلوات.
فيلم عن الغربة مشكلته الأساسية تكمن في السيناريو الذي
تحول الى اجزاء كل جزء منه يتحدث عن شخصية ومشوارها في الوقت الذي كانت به
المرحلة الاولي بشكلها الجماعي أكثر تاثيرا ومقدرة على جذب المشاهد، وحينما
راحت الكاميرا تلهث وراء حكاية هذا وذاك نشطرت الحكاية ومضامينها وقضاياها،
فمن القضايا الكبرى التي تتعلق بالأسرة والاغتراب تحول الأمر الى مغامرات
طائشة لهذا الابن او ذاك .
سينما تشير الى موهبة سينمائية متميزة وان ظلت الإشكالية
الأكبر في الكتابة التي تحتاج الى كثير من البحث العميق.
تدهشنا في الفيلم الممثلة انابيل لونج روني بدور “روز“ في
كافة مراحل تطور الشخصية وهو اداء عال وعميق ومرهف وثيري بالتحولات والالم.
يبقي ان نقول قصيدة الغربة تظل حاضرة دائما في السينما الأوروبية والفرنسية
على وجه الخصوص. |