جديد موقع "سينما إيزيس" العالمي
:
القاهرة في "كان
السينمائي 76
صلاح هاشم يكتب من مهرجان "كان"
ساهمت مجموعة كبيرة من الشخصيات في صنع مجد " كان " في
دورته 76 الفائتة التي عقدت في الفترة من 16 الى 27 مايو، التي إعتبرناها
ومن واقع تغطياتنا للمهرجان ومنذ عقود ، منذ عام 1981 تحديدا،دورة تاريخية
رائعة، وإستثنائية عن جدارة..
من عند عمال المهرجان المجهولين، الذين شاهدتهم في صباح
اليوم السابق على حفل الإفتتاح، وهم معلقون في الهواء، لفرد أفيش الدورة 76
الكبير المصنوع من القماش ، الذي يحمل صورة أيقونة السينما الفرنسية
والعالمية كاترين دينوف،على واجهة قصر المهرجان، وصفقت لهم..
ومرورا بالمشرفين على كابينات العرض، في قاعات القصر،
لوميير وآنياس فاردا ديبوسي وغيرها ، والمسئولين عن الأمن وتنظيم حركة
المرور والدخول والخروج للجماهير الغفيرة المحتشدة، داخل وخارج القصر، وتلك
المدينة التي كانت قرية للصيادين في ما مضى، قبل أن تصبح ومنذ عام 1946 ومع
إنعقاد إولى دورات المهرجان، ساحة وقطبا ومركزا لـ "عظم إستعراض سينمائي في
العالم" لخدمة فن السينما، والدفاع عن حرية التعبير..
وحتى ضيوف المهرجان، من النجوم، مخرجين وممثلين وسينمائيين
،الذين أعجبت بهم و صفقت لهم مع جمهور المهرجان، وكانوا شاركو سواء
بأفلامهم أو حضورهم، وإتاحة اللقاء معهم، في المهرجان الرسمي أو التظاهرات
والأحداث السينمائية الموازية، في صنع دورة تاريخية وإستثنائية متميزة ،
وفقط في دورة مليئة بالفرح كهذه، وكما سيتأكد لك في ما بعد ،ستولد لك أجنحة..
الإحتفاء بـ " هوليوود " وعودة المخرجين الكبار
شارك في موكب " كان " الحافل، أفلامه، ولقاءاته،
وإستعراضاته ، عند الصعود على السجادة الحمراء الى قاعة " لوميير " الكبرى
في قصر المهرجان ، وعروض أزيائه، كوكبة من أعظم المخرجين والنجوم، كما
المواهب السينمائية الجديدة الواعدة التي صنعت " مجد " كان في دورته 76، من
ضمنهم، وبدون ترتيب، وفي إطار الإحتفال بهوليوود والسينما الأمريكية في
المهرجان
:
المخرج الأمريكي مارتين سكوسيزي، الذي حضر الى المهرجان
ليعرض فيلمه الجديد
"KILLRS OF THE FLOWER MOON " -
خارج المسابقة - مع أبطال الفيلم من النجوم وعمالقة التمثيل في العالم،
روبير دو نيرو وليوناردو دي كابري، ويحكي الفيلم المأخوذ عن كتاب لدافيد
جران، عن تحقيق لمكتب الإستخبارات الفيدرالي الأمريكي في واقعة قتل وإبادة
هنود ولاية أوكلوهاما الحمر ،على يد البيض الأمريكان، والإستيلاء على
أراضيهم وما فيها من بترول، في فترة العشرينيات، وعودة فيلم من أفلام
سكورسيزي الى قائمة الإختيار الرسمي، بعد مرور 37 سنة على مشاركة فيلمه
"AFTER HOURS "
في قائمة الإختيار الرسمية للمهرجان..
الممثل الأمريكي النجم هاريسون فورد- 80 سنة - بمناسبة عرض
فيلمه الجديد ، الفيلم الخامس - وربما الأخير- في سلسلة أفلام المغامر
البطل وعالم الآثار " أنديانا جونز "، ومنح هاريسون فورد " سعفة ذهبية "
شرفية، لمسيرته السينمائية الكبيرة..
الممثل والمنتج الأمريكي مايكل دوجلاس، الذي منح في الدورة
76 " سعفة ذهبية
"
لمجمل أعماله من تمثيله - مثل فيلم " غريزة أساسية " بمشاركة النجمة
الأمريكية شارون ستون-
أو إنتاجه، مثل فيلم " وطار فوق عش الواق واق" البديع بطولة جاك نيكلسون
وأخراج التشيكي ميلوش فورمان، الحاصل على خمس جوائز أوسكار، من ضمنها أفضل
فيلم وأفضل مخرج وأفضل ممثل..
وكان المهرجان، عقد لقاء مع مايكل دوجلاس، حضرته " القاهرة
"، وتحدث فيه عن مخاطر تجارب و تكنولوجيات
"
الذكاء الإصطناعي"
في السينما ، التي تؤدي الى غربتنا، في أنفاق متاهات "العوالم الإفتراضية"
، ونهب أرواحنا، وأهمية سن القوانين التي تحد من مخاطره، وإستمعتنا من
اللقاء معه والحديث عن ذكرياته،في الحياة والسينما، وعلاقته بوالده الممثل
الكبير كيرك دوجلاس الأسطورة، ممثل ومنتج فيلم " سبارتاكوس " العظيم
للأمريكي ستانلي كوبريك الكبير ، وأجرينا مع مايكل حوارا ينشر قريبا..
"
إستوديو وارنر " .كما برزت مشاركة مهرجان " كان " في دورته 76، الإحتفاء
بالسينما الأمريكية، من خلال المشاركة في الإحتفال بمرور مائة سنة على
تأسيس إستوديو وارنر
"WARNER BROTHER STUDIO " - 4
أخوة - من خلال عرض فيلم في قسم " كلاسيكيات كان " عن شركة الإنتاج
الأمريكية العملاقة التي أنتجت مجموعة كبيرة من " تحف " السينما التاريخية
الكلاسيكية العظيمة، مثل فيلم" مغني الجاز " أول فيلم ناطق في تاريخ
السينما ، ومجموعة من أفلام المخرجين الأمريكان الكبار من أمثال ستانلي
كوبريك وستيفن سبيلبيرج والممثل المخرج كلينت إيستوود.
السينمات الأوروبية
كما برز على مستوى السينمات الأوروبية تكريم المخرج والمؤرخ
والناقد والمفكر السينمائي الفرنسي الكبير جان لوك جودار- الذي كرس كل
أفلامه للحديث عن الحب والحرب
-
حيث عرض في المهرجان في قسم " كلاسيكيات كان
"
فيلمه القصير الأخير بعنوان " حروب فكاهية " ، وفيلم وثائقي طويل آخر
-
بعد رحيله عن عالمنا
-
عن حياته، والتأثيرات " الثورية " التي أحدثها جودار - أشهر مخرج سينمائي
في العالم، من خلال أفلامه الأولى وبخاصة فيلم " على آخر نفس" بطولة
الفرنسي جان بول بلموندو والامريكية جان سيبيرج ، أو فيلم " الإحتقار
"
بطولة بريجيت باردو وميشيل بيكولي - على فن السينما في العالم وتاريخه..
هذا التاريخ الذي يبدأ حسب جودار من عند المخرج الأمريكي
دافيد جريفيث - الذي صنع " أبجدية " للسينما - وينتهي عند المخرج الإيراني
الكبير عباس كياروستامي..، ولم يكن جودار يهتم ، وربما في جل أفلامه،
بالحبكة وقصة الفيلم ، بل يهتم بأن يصنع " سينما " أولا ..ويحقق فنا،
لتطوير وتأصيل " فن السينما " ذاته..
كما برزت في المهرجان المخرجة الفرنسية مايوين، بطلة ومخرجة
فيلم الإفتتاح
"
جان دو باري " التي نجحت في صنع فيلم بسيط وجميل - عرض خارج المسابقة
-
مثل اللوز المسكر المشجر المقشر، الذي يذوب من حلاوته في الفم، وجعلتنا
نحبه، ونميل الى حبها من فرط إعجابنا بفيلمها..
فيلم هاديء وخال تقريبا من مشاهد الجنس المثيرة، على الرغم
من أنه يحكي عن مومس فرنسية فقيرة، إستطاعت أن تخضع لها قلب ملك، هو لويس
الخامس عشر ملك فرنسا في قمة مجده، وعظمة قصر فرساي، من دون مشاكل، وصخب،
وإستعراض عضلات، وإدعاءات فارغة، من نوع " بص شوف مايوين، بنت الإيه بتعمل
إيه " وقد نجح الفيلم الذي شاركت السعودية في تمويله، في أن يكون "فاتح
شهية" حلو ، لوجبة سينمائية دسمة، ومحترمة، في الدورة 76..
كما برزت عدة شخصيات في المهرجان، مثل الممثلة الألمانية
ساندرا ويلر الرائعة، التي تمثل بجسدها ومشيتها، بطلة فيلم
"
توني إردمان" الجميل للمخرجة الألمانية مارين إده، الذي شارك عام 2016 في
مسابقة مهرجان " كان " الرسمية، ولم يفز بشييء على الرغم من أن الغالبية
العظمي من نقاد كان آنذاك، ونحن معهم، رشحوه للحصول على سعفة " كان "
الذهبية أو الجائزة الكبرى، حيث شاركت ساندرا بالتمثيل - وبجسدها حركتها
ومشيتها ، في فيلمين مهمين ، فيلم"
THE ZONE OF INTEREST "
للمخرج الإنجليزي جوناثان جليزر الفائز بـ " الجائزة الكبرى "، وقامت فيه
بدور زوجة الضابط رودولف هوس، المشرف على أفران الحرق في معسكرات الإعتقال
النازية في أوشفيتز، ونعتبره من أهم الأفلام التي صنعت مجد كان 76 على
الرغم من أنه أثار الكثير من الجدل، في ما يخص تصوير الهولوكوست أو " الهلا
ك"
في السينما، وفيلم " تشريح سقوط " للفرنسية كريستين ترييه الحاصل على سفة "
كان " الذهبية في الدورة 76، ولم تفز ساندرا بجائزة أفضل ممثلة ، كما توقع
البعض.
الممثلة التركية ميرف ديزدار بطلة فيلم " الحشائش الجافة "
للمخرج التركي الكبير نوري بيلغ جيلان، حيث يتتنافس مدرسان على حبها في
الفيلم وينجذبان إليها بسبب مثاليتها ، ولإيمانها بقيمة النضال مع الأقلية
الكردية في تركيا، وتشبثها دوما بالأمل في تغيير الواقع، ومهما كانت
التضحيات، على الرغم من أنها فقدت ساقها في حادث إرهابي، وتبرز ميرف كبطلة
" تشيكوفية " - نسبة الى الكاتب الروسي العبقري أنطون تشيكوف - في الفيلم
شخصيات عربية
كما ساهم في صنع مجد مهرجان
"
كان 76 من المواهب السينمائية العربية الجديدة كل من
:
المخرجة التونسية كوثر بن هنية التي حضرت وعرضت فيلمها
"
ألفة وبناتها " وحضور ألفة حمروني الشخصية التونسية الحقيقية التي يحكي
عنها الفيلم ، ويكشف في عمل سينمائي وثائقي " تجريبي " جيد ومؤثر، يزواج
مابين الروائي والتسجيلي، عن مأساة ألفة، بعد أن هاجرت الى ليبيا للعمل
وإعالة أسرتها المكونة من 4 فتيات، وكانت النتيجة ، بالنظر إلى التحولات
التي شهدها المجتمع التونسي بعد الثورة، ومن ضمنها صعود التيار الإسلامي
التونسي السلفي، أن سقطت إبنتان من بناتها، في "جب" داعش، ومن مشاهد الفيلم
القوية، مشاهد التذكير للنسوة الداعشيات، بـ "عذاب القبر "بعد الموت، وقد
كان من الضروري كما تقول مخرجة الفيلم، لفهم مأساة ألفة وبناتها، أو فهم أي
قضية، أن تصنع - كما فعلت كوثر هنية من قبل في جل أفلامها
-
فيلما عنها..
المخرج السوداني محمد كوردوفاني مخرج فيلم " وداعا جوليا
البديع " الذي يوثق من عند عام 2005 وحتى عام 2010 لتاريخ وذاكرة السودان،
ويذكر بمأساة إنقسام السودان، وكيف كانت تأثيراته وتحولاته المجتمعية ،على
شعب بأكمله، من خلال فيلم سياسي ميلودرامي موسيقي تاريخي مباشر، جميل وبسيط
ومقنع، ومن دون إستدرار عواطفنا بخبط الحلل، أو الوقوع في مأزق" الثرثرات
اللامجدية"كما في جل أفلامنا العربية الزاعقة، ولا علاقة لها بفن السينما،
الذي هو فن تشكيلي بالأساس..
وكان كوردوفاني قد صرح عند حصول فيلمه على جائزة " الحرية "
، في مسابقة قسم " نظرة ما " "بأنه فخور بانتمائه الى جنسيته، وبلده
السودان.
والمخرجة المغربية أسماء المدير ، التي عرض فيلمها السياسي
الفني الفطن البديع " كذب أبيض " ، في قسم " نظرة ما " في المهرجان، وحصل
على جائزة الإخراج في مسابقة القسم، وهو فيلم عبقري ، بفكرته وفنه
ومعالجته، يوثق لذاكرة وتاريخ المغرب ، والعلاقة بين الديكتاتور - وتمثله
الجدة في الفيلم - التي تذكر حفيدتها أسماء دوما بأنها مجرد " صحفية
"،
و ليست " مخرجة سينمائية "، - وبين المحكومين أي جميع أفراد أسرة أسماء في
الفيلم
..
وذلك في إطار الأنظمة القمعية الإستبدادية، التي لاتتورع عن
إعتقال الأبرياء، وتعذيبهم وحبسهم في السجون، وتقوم الجدة في الفيلم بإخفاء
الصور وحجبها عن حفيدتها أسماء، لمحوها تماما من تاريخ شعب، ذاكرته
ونضالاته، ويمثل " كذب أبيض " ثمرة لجهد عشر سنوات، قضتها أسماء في صنع
الفيلم، الذي يعتبر " إضافة" ثرية، الى تطور فن السينما الوثائقية، ليس فقط
في العالم العربي - بل في العالم ، ولكل العصور..
وكل " كان " وأنتم بخير. |