هل قصف غزة بريء من إلغاء دورة "القاهرة السينمائي"؟
استقالة مدير المهرجان تثير الشكوك حول السبب الحقيقي
ومراقبون يشيرون إلى "أزمة مالية طاحنة"
نجلاء أبو النجا
على رغم إعلان مهرجان القاهرة
السينمائي الدولي
تأجيل دورته الـ45، التي كان من المفترض إقامتها خلال الفترة من الـ15 إلى
الـ24 من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، تضامناً مع ضحايا الأحداث في غزة،
تفجرت مفاجأة أخرى، إذ أعلن في بيان صدر أخيراً من إدارة المهرجان استقالة
مديره المخرج أمير رمسيس.
قبول الاستقالة
جاء في البيان أن رمسيس قام بتقديم استقالته اليوم الخميس
من منصب مدير مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وقبل رئيس المهرجان الفنان
حسين فهمي استقالته.
وفي تصريحات لـ"اندبندنت عربية" قال رمسيس إنه استقال لظروف
صحية، إذ لم يعد قادراً على بذل مجهود بدني في المهرجان، إضافة إلى انشغاله
بعدد من المشاريع الفنية، وعدم تفرغه للتحضير لتفاصيل كثيرة خاصة بالمهرجان
تستغرق أشهراً طويلة.
وأشار رمسيس إلى أنه يتمنى التوفيق لمن سيتولى المنصب من
بعده، ويثق في اختيارات إدارة المهرجان وقرارتها.
وعلى رغم أن رمسيس اكتفى بتصريحات مقتضبة، لكن خلف الكواليس
تردد أن هناك أسباباً وراء انسحابه، أهمها أنه كان ضد إلغاء المهرجان في
تلك الظروف، بل على العكس كانت وجهة نظره أن انطلاقه في هذه الفترة سيكون
بمثابة رسالة قوية للعالم في ظل وجود حال من التعتيم والإنكار حيال مأساة
القطاع.
وفي تصريحات تلفزيونية أخيراً كشف رمسيس عن أن المهرجان مهم
لطرح القضية الفلسطينية أمام الجمهور والضيوف القادمين من جميع الدول، لكنه
أضاف "من العقلانية أيضاً أننا دولة يجري على حدودها كثير من التوتر
والمشكلات، الأمر الذي يصعب إقامة المهرجان على جميع المستويات".
وتردد أيضاً أن رمسيس لم يكن على علم بإلغاء الدورة
الجديدة، ولم ينسق معه قبل اتخاذ القرار حتى يمكنه التصرف والاعتذار للضيوف
والمدعوين وأصحاب الأفلام المشاركة، الأمر الذي وضعه في موقف محرج.
في مقالة للكاتب هاني لبيب بإحدى الصحف المصرية أشار إلى
أنه "ربما يرجع سبب الإلغاء إلى الظروف السياسية والإنسانية الحرجة التي
يمر بها الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) وبدء الحرب
على غزة، ولكن السبب الحقيقي في الغالب هو وجود أزمة مالية طاحنة، إذ إن
المهرجان لم يسدد بقية المستحقات المالية لدورة 2022 إلا في أول أغسطس (آب)
2023، وهو أمر غير معتاد، إذ تسدد حسابات المهرجان بالكامل قبل مرور شهرين
على ختام فعاليات أية دورة.
وشكك لبيب في أن أحداث غزة هي السبب الرئيس للإلغاء، ولكنها
ربما جاءت كسبب منطقي يحفظ ماء الوجه، بدليل أن هناك مهرجانات أخرى لم تلغ،
مثل مهرجان المسرح الجامعي ومهرجان شرم الشيخ للمسرح المقرر انطلاقه الشهر
الجاري.
دورة باهتة
وواجهت الدورة الـ44 من المهرجان العام الماضي كثيراً من
الانتقادات، أبرزها غياب عدد كبير من النجوم، وتجاهل دعوة كثيرين من صناع
السينما المصرية، وفي المقابل حضور مؤثرين وأشخاص ليست لهم أية علاقة
بالسينما، إضافة إلى عدم قدرة إدارة المهرجان على تطبيق القرار الصادر من
حسين فهمي في شأن الـ"دريس كود"، إذ تجاهل أغلب الحضور القرار ولم يلتزموا
بتنفيذه. كذلك فشل المهرجان في تحقيق المفاجأة التي أعلنها، وهي حضور النجم
العالمي ريتشارد جير حفلة الافتتاح كما نوه حسين فهمي قبل الدورة.
واتهم فهمي والمهرجان بتجاهل تكريم اسم الأديب والكاتب
الراحل سعد الدين وهبة، وهو أحد رواد ورموز المهرجان وكان رئيساً سابقاً
له، وخاض الراحل معارك ضارية لإعادة الصفة الدولية للمهرجان بعد أن سحب في
إحدى المرات لمدة خمس سنوات، وكان شهر نوفمبر 2022 يشهد مرور الذكرى الـ25
لرحيل وهبة، ولم تقم إدارة المهرجان له أية فاعلية على الهامش، كما لم توجه
الدعوة إلى زوجته الفنانة الكبيرة سميحة أيوب للحضور.
وكان تكريم لبلبة للمرة الثانية على رغم تكريمها منذ تسع
سنوات في المهرجان إحدى السقطات التي وجهت لإدارته، بخاصة أنه رشحت الفنانة
نجوى فؤاد للتكريم بسبب الدور الذي لعبته في تأسيس المهرجان واستضافته في
دوراته الأولى بأحد فنادق زوجها، لكن المهرجان تجاهل ترشيحها أو دعوتها
تماماً.
كذلك أعلن رئيس المهرجان قبل انطلاقه أنه بالاتفاق مع طارق،
نجل النجم المصري العالمي عمر الشريف، سيقام على هامش فعاليات الدورة الـ44
معرض لملابس والده، وبالفعل استلم طاقمين من ملابس عمر الشريف، الأول
ارتداه في فيلم "دكتور زيفاجو"، والثاني في فيلم "الفتاة المرحة"، ونشر
فهمي صوره مع الملابس في مقر المهرجان، ومع بداية الفعاليات فوجئ الجمهور
بعدم وجود المعرض، وبعدها أعلن حسين فهمي أن نجل عمر الشريف رفض إرسال
الملابس.
منع ستة أفلام
من أبرز الأزمات التي واجهت المهرجان في دورته الـ44 منع
عرض ستة أفلام للجمهور، في حين أتاحت إدارة المهرجان هذه الأفلام للصحافيين
والنقاد، وجاءت أسباب المنع لكونها تحتوي على مشاهد جنسية أو تناقش قضايا
تخص علاقات مثلية أو أبطال عابرين جنسياً، وقررت إدارة المهرجان أن هذه
الأفلام لا يمكن أن تعرض للجمهور العام وفقاً لقانون الرقابة وليس بقرار من
إدارة المهرجان، مؤكدة أن الرقابة تحدد إن كان العرض فقط للنقاد والصحافيين
أو لعامة الجمهور بحسب محتوى الأعمال.
وأخيراً أثيرت في الدورة السابقة أزمة إقالة مدير المركز
الصحافي الكاتب محمد عبدالرحمن قبل انطلاق المهرجان بيوم واحد فقط، على إثر
خلافات داخلية بين فريق العمل بسبب توجيه الدعوات. |