فاطمة الربيعي لـ«الشرق الأوسط»: أبكي حينما أستعيد مشواري
عدت زوجها المخرج محمد شكري جميل «مؤسس السينما العراقية»
بغداد: انتصار
دردير
قالت الفنانة العراقية فاطمة الربيعي إن زوجها المخرج محمد
شكري جميل يتطلع لتصوير أحدث أفلامه «الجحيم» الذي يروي قصة تحرير مدينة
الموصل من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» عام 2017، مؤكدة أنه من غير
المعقول أن تقدم السينما الأميركية فيلماً عنها، ولا نقدم نحن كعراقيين
عاشوا أحداثها ما يكشف حقيقتها.
وأكدت الربيعي في حوار لـ«الشرق الأوسط» أن دموعها تنساب
تلقائياً حين تستعيد ملامح 50 عاماً من الفن تمثل مشوارها، قائلة إنها حازت
محبة الشعب العراقي التي لا تقدر بثمن، معبرة عن تطلعها لتقديم نماذج أخرى
للمرأة العراقية الناجحة على غرار المعمارية العراقية زها حديد.
وبدأت فاطمة الربيعي مشوارها الفني أواخر ستينات القرن
الماضي وقدمت أعمالاً عدة، ما بين المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية ومن
بينها «لما مات وطن»، و«طريق نعيمة»، و«غربة وطن»، كما قدمت عدداً من
الأفلام السينمائية على غرار «إلى بغداد»، و«حب في بغداد»، و«المسألة
الكبرى»، وحازت ألقاباً عدة مثل «عاشقة بغداد»، و«نخلة العراق الشامخة»
و«سيدة المسرح العراقي»، حيث شبهها نقاد بالفنانة المصرية سميحة أيوب،
وقدمت الربيعي عروضاً مسرحية منذ بداية مشوارها الفني مثل «أبو الطيب
المتنبي»، و«جلجامش».
وتشارك الفنانة العراقية بعضوية لجنة تحكيم الأفلام
الروائية الطويلة بمهرجان بغداد السينمائي في دورته الأولى التي شهدت تكريم
زوجها المخرج الكبير محمد شكري جميل خلال حفل الافتتاح ومنحه جائزة «إنجاز
العمر» على مسيرته كمخرج.
وتُبدي الربيعي تفاؤلها بانطلاق مهرجان «بغداد السينمائي»
مؤكدة أن المهرجانات السينمائية فرصة للتلاقي والتواصل بين الفنانين العرب،
مثلما تقول: «هذا رونق المهرجان وهدفه لنتحدث عن تجاربنا ويتحقق الاحتكاك
الفني وتبادل الخبرات»، وعن السينما في العراق تقول: «السينما في العراق
شبه متوقفة منذ سنوات، هناك بداية (متلكئة) لكن الأمل لا يغيب في أن نحقق
نهضة جديدة ثقافية وسينمائية، وعلى كل المستويات، هكذا العراق كلما يخبو
ينهض من جديد».
وحول تكريم زوجها المخرج محمد شكري جميل تقول: «هو مؤسس
السينما العراقية، وقدم للسينما الكثير من الأفلام الوثائقية والروائية
الطويلة، حاز بها جوائز مهمة وكدنا نصل للعالمية عبر أفلامه التي قدم
خلالها كثيراً من الفنانين الذين صاروا أبطالاً ويشكلون جانباً مهماً من
تاريخ الحركة السينمائية في العراق».
وكشفت الربيعي أن جميل يطمح لتقديم أحدث أفلامه «الجحيم»
الذي يتناول «تحرير مدينة الموصل العراقية»، نافية أن يكون التمويل هو أزمة
الفيلم، مؤكدة أن «العراق يستطيع، لكن الأمر يستلزم الإرادة القوية لإعادة
السينما لمكانتها الحقيقية»، مؤكدة أن «جميل يتطلع لبدء تصويره، ولديه كثير
من تلاميذه الذين صاروا نجوماً يمكن أن يقوموا بمساعدته في تصوير مشاهد قد
تكون صعبة عليه بحكم السن، مشددة على أنه قادر على إنجازه ومتحمس له».
وتتساءل الربيعي بدهشة: «هل معقول أن تقدم أميركا فيلماً عن
(تحرير الموصل) ونحن أصحاب الحقيقة لم نفعل الأمر ذاته»، مشددة على أنه «لا
يمكن لأحد أن يحكي عن أهل الموصل وما عاشوه سوى العراقيين أنفسهم الذين
شهدوا ما جرى».
وحول وقع تكريمه عليها تقول: «أسعدني هذا التقدير بالطبع،
لكن إنجاز الفيلم يسعدني أكثر، فلدينا حكايات أفرزتها الحرب وسنوات
الاحتلال، وبرغم أنني أكثر ممثلة عراقية قدمت أعمالاً تلفزيونية وسينمائية
ومسرحية عن المرأة مثل شخصية (نسيبة) أول طبيبة في الإسلام، وحصلت بها على
جائزة أفضل أداء لممثلة عربية بتونس، وفي فيلم (المسألة الكبرى) قدمت دور
(أم الثوار) لكن لا زلت أتطلع لتقديم مزيد من وجوه المرأة العراقية
المتفردة على غرار الشخصيات المؤثرة وفي مقدمتهن زها حديد، العراقية التي
غزت مشاريعها العالم. كوني امرأة أحب أحكي عن هذه النماذج سواء تاريخية أو
عصرية، وسأظل أطمح كفنانة إلى تقديم المزيد عنها حتى آخر يوم في عمري».
وشاركت الربيعي في بطولة أفلام من إخراج زوجها من بينها
«المسألة الكبرى»، وتقول عن ذلك: «محمد لقربه مني يعرف إمكاناتي كممثلة،
فكان يختارني لأدوار تتلاءم مع شخصيتي وملامحي العراقية، وقد بدأت في حقبة
كان العنصر النسائي محدوداً، لا شك الموهبة من عند رب العالمين لكن الدراسة
تصقل الموهبة، ودرست في معهد الفنون وساندتني والدتي كثيراً، فقد كنت أعود
متأخرة ليلاً وكنت أول امرأة عراقية تحصل على رخصة قيادة بالعراق».
تعترف الربيعي بفضل كل مجال فني برزت به قائلة إن الإذاعة
قوَمتها لغوياً وجعلتها تعتني بمخارج الحروف، مؤكدة أنها «لا تحفظ قواعد
النحو، لكن الخطأ اللغوي يجرح أذنها»، حسبما تقول، وترى أن التلفزيون حقق
لها انتشاراً كبيراً، بينما السينما هي التي تنقل العراق إلى الخارج، أما
المسرح فهو الرعب بعينه، مبررة ذلك بأن أي خطأ في السينما أو التلفزيون
يمكن إعادة تصويره، أما المسرح فلا توجد به «فرصة ثانية».
نصف قرن من التمثيل تستعيدها الفنانة العراقية الكبيرة
بطريقة الـ«فلاش باك»، ويبدو التأثر على وجهها وهي تقول: «مرات أبكي من دون
ما أشعر، تنساب دموعي بشكل تلقائي حين أتذكر أنني نجحت في تحطيم كثير من
القيود الاجتماعية، وهناك رسائل ماجستير ودكتوراه لشباب الفنانين تتناول
مسيرتي، والأهم أنني حصلت على احترام وتقدير ومحبة الشعب العراقي، هذا الحب
لا يباع ولا يشترى ولا يقدر بثمن، لأنه نابع من قلوبهم، وثمرة جهد وإصرار،
ومساندة أمي». |