إذا كان مما يهم الناقد أن يعرف شيئا عن حياة الفنان ليقرب
منه ويلمس إنسانيته ويزيد من ثقته في الحكم عليه وفي تقييم أعماله وتحليل
صفاتها وخصائصها. فان حياة الفنان الراحل القدير ورائد المسرح التجريبي في
الخليج عبدالله السعداوي رحمه الله الذي انتقل إلى جوار ربه اليوم السبت،
تمثل جزءا لا يقل في أهميته عن مؤلفاته وكتاباته الغزيرة،بحيث لا يجد
الناقد أو القارئ مفرا من معرفة الصورة النهائية لتفاصيل هذه الحياة ليبدأ
بعدها في الكشف عن عبقرية صاحبها وليحدد مدى أصالتها. وسواء وجدنا في حياة
السعداوي ما يشبه مازخرت به تأملاته أو لم نجد، فان حياته وحدها، منفردة
ومنفصلة عن نتاجه الأدبي تمثل في جملتها عدة مشاهد تتوالى وتتلاحق في فيض
درامي وينتهي ختامها كما تنتهي قصص الرواد والعظماء الذين يعطون ولا
يأخذون..
مات عبدالله السعداوي وعلمنا هذه الحكمة " فلنسر في طريقنا
إلى الأمام، حطموا كل العوائق، وحيث انه يبدو إننا قد نزلنا ميدان المعركة،
فلنحارب. الم نر كيف يمكن لعدم الإيمان ان يحرك الجبال؟ ألا يكفي ان نكتشف
ان شيئا قد اختفى علينا؟ بين الشيء والأخر ستارة مسدلة..فلنرفعها؟"
مات السعداوي الرجل الذي صنع المسرح التجريبي في الخليج،
ووجد الهامه الأول في نظريات كبار المخرجين والمعلمين، ولكن السعداوي مع
خبرته الطويلة في عالم المسرح الرحيب أصبح يمثل شيئا مستقلا، من الممكن ان
نطلق عليه لقب مدرسة لها معالمها ولها خطوطها الواضحة وخططها المحددة في
العمل.
في مقدمة كتابه " "المسرح القلب المشترك للإنسانية" وهو
عبارة عن دراسات و الصادر عن الهيئة العربية للمسرح، كتب في مقدمته الفنان
خالد الرويعي:
"سيزيد من شغفنا أن نتعرف على السعداوي مبدعا متلبسا
بالمعرفة، فحصيلة هذا الكتاب لن تكون السعداوي فقط، بل هي تفاصيل صغيرة
وملحة تتناثر هنا وهناك، يخاطب المسرحيين في أصول معرفتهم ومن واقع تجربة،
وهو هنا لا يقدم مسلمات في تجربته أو في قراءاته، بل يقدم تجربته كما لو ان
للسعداوي ألف وجه، وهذا هو الوجه الوحيد الذي نعرفه.
علما بأن في البروفة لا يأتي السعداوي وحده، لا يأتي
بالزمان والمكان نفسه، ففي كل يوم هناك سعداوي آخر ومكان وزمان آخر، هناك
مسرح متفرد يعيش في تفاصيل حياته، مسرح يستند على المعرفة وينقضها في آن
واحد."
الحزن يلف المسرح الخليجي
عبر الكثير من الفنانين في دول الخليج وبعض الدول العربية
عن بالغ حزنهم بوفاة الفنان عبداهها السعداوي، منهم الكاتب القطري حسن
رشيد، والفنان الإماراتي حبيب غلوم، والفنان الفلسطيني غنام غنام، والكاتب
الكويتي عثمان الشطي، والكاتب والإعلامي الكويتي مفرح الشمري، الكاتب
عبدالله حبيب من سلطنة عمان مستذكرين عطاءه الزاخر على خشبة المسرح لعقود
طويلة.
أعماله المسرحية
للسعداوي رحمه الله الكثير من المسرحيات " ممثلا ومؤلفا"
منها، مؤلف ضاع في نفسه "تأليف"، انتيجون "ممثلا "، بيت الأشباح "ممثلا،"
خلود "ممثلا "، الفريج "ممثلا"، سكوريال "مخرجا"، الكمامة "مخرجا" وحصل على
هذا العمل جائزة أفضل إخراج في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي عام 1995،
الرهائن "مخرجا"، ليلة عرس رشدان "ممثلا" وغيرها.
أعماله السينمائية والتلفزيونية
الشجرة التي سرقت أوراقها "مخرجا"، غبار "مخرجا"، سماء
ثانية "ممثلا " وغيرها.
هيئة الثقافة تنعي السعداوي
نعت هيئة البحرين للثقافة والآثار المخرج والمؤلف والممثل
المسرحي البحريني عبدالله السعداوي بعد مسيرة طويلة وحافلة بالعطاء
والإبداع.
ونوّهت هيئة الثقافة أنه برحيل السعداوي فإن الساحة الفنية
البحرينية والخليجية فقدت علمًا من أعلام الفن المسرحي، حيث كان له دور
بارز في تطوير هذا الفن وتقديمه في أبعاد جديدة ومساحات إبداعية متنوعة.
هذا ويعد السعداوي أحد أبرز روّاد مجال المسرح في مملكة البحرين ومنطقة
الخليج، وذلك بفضل أعماله التي قدمها في مختلف الساحات ومساهماته في تأسيس
العديد من المسارح في البحرين وخارجها. |