بصمة عربية مرتقبة في مهرجان "كان" السينمائي
8
أفلام تتنافس بمسابقات مختلفة ومشاركة خاصة لـ"نورة"
السعودي
نجلاء أبو النجا
في سابقة هي الأولى من نوعها أعلنت إدارة مهرجان "كان" عن
مشاركة السينما السعودية بفيلم طويل وهو "نورة" وينافس في قسم "نظرة ما"
ضمن 14 فيلماً.
تتجه الأنظار خلال الساعات المقبلة إلى فرنسا،
حيث تنطلق الدورة الـ77 من مهرجان "كان" السينمائي، وهو الحدث الأهم
والأشهر على مستوى العالم لعشاق وصناع السينما،
وتستمر فعالياتها من الـ17 إلى الـ25 من مايو (أيار) الجاري.
وتشارك السينما العربية كل عام بحصة من العروض المميزة في
المسابقات المختلفة، وارتفعت نسبة العروض والمشاركات مع التطور الذي تشهده
السينما العربية وزيادة أهمية الأفلام العربية في توصيل رسائل فنية وثقافية
مختلفة.
وتشهد النسخة الجديدة من مهرجان "كان"
عدة مفاجآت أبرزها مشاركة عدة أفلام عربية تصل إلى ثمانية أعمال من:
السعودية ومصر والمغرب والصومال وفلسطين والجزائر.
"شرق 12"
تشارك مصر بأكثر من فيلم منها "شرق 12"، سيناريو وحوار
وإخراج هالة القوصي، في مسابقة "أسبوع المخرجين"، بطولة منحة البطراوي
وأحمد كمال وعمر رزيق وفايزة شامة.
وتدور أحداثه حول موسيقار شاب يدعى "عبده" يعاني صراعاً مع
"شوقي البهلوان" الذي يدير المكان الذي يعزف فيه، ويخطط عبده بالتعاون مع
الحكاءة جلالة التي تشاركه البطولة وكذلك المطربة الشابة ننة في التمرد
الكامل على صاحب القبضة الحديدية مالك المكان محل الصراع لنيل الحرية التي
يحلم بها الجميع. والفيلم رغم موضوعه الموسيقي فإنه يحتمل ملامح سياسية
لبعض المجتمعات العربية.
ويشارك من مصر أيضاً فيلم "رفعت عيني للسما"، وذلك
بالمسابقة الرسمية لـ"أسبوع النقاد" بالمهرجان.
ويتناول الفيلم الذي أخرجه المخرجان الشابان أيمن الأمير
وندى رياض حكاية فريق مسرحي مكون من فتيات في صعيد مصر بقرية البرشا
بمحافظة المنيا، وتقدم الفتيات عرضاً يسمى "بانوراما البرشا" يستعرضن فيه
قضايا النساء في الصعيد، ويعبرن عن رغبتهن في الخروج من رحلة صعود محدودة
لعالم أرحب من النجاح والشهرة.
ويقدم الفيلم شخصيات مصرية حقيقية تظهر لأول مرة على
الشاشة، وتم التصوير بالكامل بمواقع حية في قلب الصعيد المصري.
وقال مخرجا الفيلم، إنهما حاولا تصدير رسالة مهمة وهي أن
الإيمان والإرادة والفن أدوات قادرة على تغيير المجتمع للأفضل وتحقيق
الأحلام المستحيلة.
وفيلم "رفعت عيني للسما" هو أول فيلم تسجيلي مصري طويل
يشارك في هذه المسابقة منذ تأسيسها، وينافس ضمن سبعة أفلام فقط على الجائزة
الكبرى لأفضل فيلم، وجائزة لجنة التحكيم، وجائزة أفضل ممثل أو ممثلة،
وجائزة أفضل سيناريو، وجائزة التوزيع.
وسبق وشاركت عدة أفلام قصيرة مصرية بنفس المسابقة على مدار
السنوات السابقة مثل فيلم "فخ" عام 2019 إخراج ندى رياض وأيمن الأمير،
و"ريش" لعمر الزهيري عام 2021، الذي نال جائزة المسابقة الكبرى الفيلم
القصير، والعام الماضي 2023 شارك الفيلم القصير "عيسى" لمراد مصطفى.
مفاجأة نورة
وفي سابقة هي الأولى من نوعها أعلنت إدارة مهرجان "كان" عن
مشاركة السينما السعودية بفيلم طويل وهو "نورة" للمخرج توفيق الزايدي، الذي
ينافس في قسم "نظرة ما" ضمن 14 فيلماً.
وكان العرض الأول للفيلم ضمن مسابقات الدورة الثالثة
لمهرجان البحر الأحمر السينمائي في ديسمبر الماضي بجدة بالسعودية، وفاز
بجائزة أفضل فيلم سعودي.
وشارك في بطولة الفيلم يعقوب الفرحان وماريا بحراوي،
والممثل السعودي المخضرم عبدالله السدحان.
والفيلم هو أول فيلم روائي سعودي طويل يتم تصويره بالكامل
في منطقة العلا التي تتمتع بخصوصية تاريخية وتراثية وذات جمال طبيعي مميز.
وتعرض فيلم "نورة" لقضية المرأة وما تعانيه من مواجهة مع التقاليد والقيود.
وتدور الأحداث بالكامل في مطلع فترة التسعينيات، حول فتاة
صغيرة في السن ومتطلعة وتمتلك طموحاً كبيراً تدعى نورة، تتربى في بيئة
محافظة غرب السعودية لا تسمح بالرسم أو ممارسة الفنون رغم ولع نورا بالقصص
والمجلات والنواحي الفنية.
تعيش الفتاة صغيرة السن حياة مستقلة مع أخيها بعد موت
والديهما في حادثة سير، وتتصاعد الأحداث عندما تلتقي بمعلم الرسم في القرية
ويدعى نادر وهو رجل يمتلك عقلاً مستنيراً، فيساعدها ويدعمها ويفتح أمامها
بوابة لتعلم الفن خارج مدينتها.
وفي حديث لـ"اندبندنت عربية"، قالت بطلة الفيلم ماريا
البحراوي، التي جسدت دور نورة الفتاة السعودية المتمردة على التقاليد، إن
هذا العمل هو أول تجربة تمثيلية في حياتها، موضحة أنها سعيدة جداً بمشاركة
الفيلم في مهرجان "كان" العريق كأول فيلم سعودي وهو حدث مهم يشعرها بالفخر
والأمل.
وماريا الفنانة الشابة صاحبة الـ17 سنة، وتدرس بالصف الثالث
الثانوي، أشارت إلى أنها لم تخف من الاتهام بالجرأة عند تجسيد الدور لأن
نورة فتاة تحاول التمرد على التقاليد بجرأة وكسر تابوهات المجتمع، بخاصة
أنها علمت أن هناك نماذج حقيقية في الواقع بنفس الشكل، وسمعت عن محاولات من
فتيات للسير على نهج نورة منذ حقبة التسعينيات وهي الفترة التي يمر بها
الفيلم.
وأشادت ماريا بالفرصة التي منحت لها في بداية حياتها خصوصاً
الوقوف أمام نجمين كبيرين بحجم عبدالله السدحان ويعقوب الفرحان، موضحة أنه
أعظم ما حدث لها خصوصاً أنهما قبلا بها وهي في أول الطريق ولم يسبق لها
أبداً الوقوف أمام كاميرا في حياتها.
وكشفت ماريا أنها تتمنى تجسيد شخصيات مهمة وتقدم قصصاً
حقيقية لنماذج سعودية بارزة.
وعن تجربتها في العمل، أوضحت أنها حصلت على الدور من طريق
تجربة أداء قدمتها أمام المخرج توفيق الزايدي، وبعدها اتصل بها وذهبت إلى
منطقة العلا ليقيم مدى الكيمياء والتوافق بينها وبين بطل العمل يعقوب
الفرحان وبعدها قرر أن تلعب البطولة.
ونبهت ماريا أنها كانت تحلم منذ طفولتها وهي بعمر ست سنوات
أن تصبح ممثلة، وكانت تتخيل كل القصص كأنها شريط سينما، وتكافئ نفسها بأن
تحصل على قصة جديدة كلما نجحت في أي وقت، لكن الظروف والمجتمع كانا ضد هذا
الحلم فالهدف الأساسي لدى كل الأسر والثقافة أن تكون الفتاة مهندسة أو
طبيبة أو مدرسة، لكن الأمور تغيرت الآن.
وتابعت، "أنا فخورة لأني من جيل جديد هو جيل الرؤية وهو جيل
رؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود الذي يقدم الدعم للمرأة
ولطموحها وموهبتها ولكل النواحي، رغم أني سابقاً لم أكن أتخيل أن يتحول
الحلم لحقيقة وأصبح ممثلة".
وأكملت حديثها بأنها في أول تجربة تعلمت كثيراً من التمثيل
مثل الصبر والاجتهاد ووجود رؤية وهدف وحلم، وعرفت أن السينما مشروع ومجهود
وتعاون، والفيلم الذي "نراه على الشاشة في مدة ساعة ونصف يتم تصويره في
أشهر، ورغم التعب الشديد أكدت أنها سعيدة برد الفعل عقب عرض الفيلم وإشادة
الجميع به وما يحمله من رسالة تنويرية وحالة رومانسية وكوميدية وقضية
اجتماعية في الوقت نفسه".
وترى ماريا أن التمثيل هو تحويل القصص لحقيقة على الشاشة،
إذ يتحول النص الفني لحوار وصورة عبر الشاشة. واختتمت حديثها بأنها تأثرت
في بداية حلمها الفني ببعض الأعمال من أهمها مسلسل سعودي اسمه "اختطاف"،
واندهشت بسبب تمثيل إلهام العلي الذي تراه ملهماً.
جوار الجنة
وبالعودة إلى باقي المشاركات العربية بمهرجان "كان" في
نسخته الـ77، يشارك الصومال في مسابقة "نظرة ما" بالفيلم الروائي الطويل
"القرية إلى جوار الجنة" للمخرج مو هراوي، وهو أول أفلامه الروائية
الطويلة.
وتدور الأحداث حول عائلة صومالية تضطر إلى النزوح وتغيير
محل إقامتها بسبب الأوضاع المضطربة في البلاد.
ونال مخرج العمل الصومالي مو هراوي عديد من الجوائز
بمهرجانات عالمية مثل "كليرمون فيران" أكبر مهرجان للأفلام القصيرة في
العالم، كما حصل على "التانيت الذهبي" من مهرجان قرطاج السينمائي عام 2021.
مشاركة فلسطينية
وتشارك فلسطين بفيلم "إلى أرض مجهولة" للمخرج الفلسطيني
الدنماركي مهدي فليفل ويتناول العمل رحلة صديقين من مخيم عين الحلوة،
يغادران هرباً إلى العاصمة اليونانية أثينا بحثاً عن حياة أفضل، ويكتشفان
أنهما فقدا المبلغ المخصص للهجرة مما يضعهما في سلسلة من الأحداث التي تجعل
صداقتهما على المحك.
ويعرض الفيلم ضمن عروض نصف شهر المخرجين، بعد أن كان في
البداية مشروعاً يحمل عنوان رواية غسان كنفاني الشهيرة "رجال في الشمس" لكن
تغير اسمه.
رباعية عيوش
وبالفيلم المغربي "من الذي لا يحب تودا" يشارك المخرج
المغربي نبيل عيوش بمهرجان "كان" السينمائي للمرة الرابعة بعد عدة أعمال
منها "يا خيل الله" و"الزين اللي فيك" و"علي صوتك"، ويعرض الفيلم الجديد في
قسم عروض كان الأولى.
وتدور أحداث العمل حول شخصية رئيسة وهي تودا التي تقوم
بدورها نسرين الراضي الممثلة المغربية الشهيرة بأدوارها في أفلام مهمة مثل
"آدم" و"ملكات".
وتودا هي مغنية شعبية مغربية تعمل في مدينة صغيرة لتنفق على
ابنها الوحيد، وتعاني مشكلات مجتمعية مثل أي امرأة وأهمهما الذكورية
والأحكام المحيطة بها، وتتمرد تودا وتحلم أن تتمكن من كسر القيود وتحقيق
نجومية كبيرة، وتنتقل إلى مدينة الدار البيضاء.
ويشارك المغرب كذلك بفيلم آخر للمنتج والمخرج المغربي
الفرنسي سعيد حميش وهو فيلم "البحر البعيد".
ويدور حول شاب مغربي يدعى نور يقرر في بداية تسعينيات
القرن الماضي أن يهاجر بطريقة غير شرعية إلى مارسيليا الفرنسية، ليعيش وسط
مجموعة ممن خاضوا نفس تجربته، وتتصاعد الأحداث عندما يتورطون في أعمال
إجرامية، ومع ذلك لا تعوق رغبتهم في الاستمتاع بالحياة، حتى يتعرف على ضابط
فرنسي غريب الأطوار يغير مسار رحلته.
ويرصد الفيلم حكاية نور خلال عقد كامل ينتهي قبل أشهر من
حادثة الـ11 من سبتمبر (أيلول) 2001 الذي سيغير كثيراً من صورة المهاجرين
في الغرب.
بالفيلم القصير "بعد الشمس" تشارك الجزائر في مسابقة (نصف
شهر المخرجين)، وهو الفيلم العربي القصير الوحيد في مهرجان "كان" هذا
العام، ومن إخراج ريان مكيردي، والعمل إنتاج فرنسي بلجيكي جزائري مشترك.
وتدور الأحداث في نهاية ثمانينيات القرن الـ20، حين تخرج
رحلة جزائرية بالسيارة من ضواحي باريس نحو مارسيليا، ليختلط فيها الواقع
بالخيال، والمتعة بالحماس والحرية والحنين إلى الماضي والوطن.
اختيار نادين لبكي
وعلى جانب آخر تشارك السينما العربية بشكل مختلف من طريق
المخرجة اللبنانية نادين لبكي التي تم اختيارها لتكون عضواً في لجنة تحكيم
المسابقة الرسمية للمهرجان، وذلك بعد مشاركات متنوعة في السنوات الماضية.
وأعلن منظمو مهرجان "كان" السينمائي، أخيراً، أن الممثلة
الأميركية ميريل ستريب ستحصل على السعفة الذهبية الفخرية في حفل افتتاح
المهرجان الشهير، وتبلغ ستريب من العمر 74 سنة، ولعبت عشرات الأدوار المهمة
في تاريخ السينما العالمية، وفي رصيدها ثلاث جوائز أوسكار من 21 ترشيحاً.
وترأس المخرجة العالمية غريتا غيرويغ مخرجة فيلم "باربي"
لجنة تحكيم الدورة الـ77 من مهرجان "كان"، وهي أول مخرجة أميركية على
الإطلاق تتولى هذا الدور في سن الـ40، وستكون ثاني أصغر شخص يتولى رئاسة
لجنة التحكيم، بعد الممثلة الإيطالية صوفيا لورين، التي كانت تبلغ من العمر
31 سنة عندما ترأست لجنة التحكيم عام 1966.
الدورة السابقة
يذكر أن السينما العربية كان لها مشاركة مميزة العام الماضي
في الدورة الـ76 من مهرجان "كان"، ونافست في مسابقات المهرجان المختلفة
بأفلام عربية مميزة مثل "وداعاً جوليا" للمخرج محمد كردفاني من السودان،
و"بنات ألفة" لكوثر بن هنية من تونس، و"إن شاء الله ولد" لأمجد الرشيد من
الأردن، ومن المغرب فيلمي "كذب أبيض" لأسماء المدير، و"كلاب الصيد" للمخرج
كمال رزق.
وشاركت الجزائر بفيلم "عمر الفراولة" للمخرج إلياس بلقادر،
كما شاركت السعودية كمنتج مشارك في فيلم افتتاح الدورة السابقة، الذي لعب
بطولته النجم العالمي جوني ديب وكان يحمل اسم "جين دو باري".
صحافية @nojaaaaa |