بعد أيام قليلة، يتجدد الموعد السنوي لانطلاق أحد أهم وأعرق
الفعاليات السينمائية العالمية، “مهرجان
فينيسيا السينمائي الدولي“،
أو وفقًا للعنوان الرسمي القديم والطويل والمُعقد، وغير الدال، “معرض
فنون السينماتوجرافيا الدولي لبينالي فينيسيا”،
Mostra
Internazionale d’Arte Cinematografica della Biennale di) Venezia).
المعروف اختصار باسم ”مُوسترا“، وإن كان العنوان الأكثر شيوعًا وتداولا في
جميع اللغات هو، ”مهرجان فينيسيا“. وذلك في دورته الـ81، المُنعقدة في
الفترة من 28 أغسطس/آب وحتى 7 سبتمبر/أيلول القادم.
نجاح مُتجدد
المهرجان الذي تأسَّس عام 1936، وتَوَقَّفَ أكثر من مرة،
إمّا لاندلاع الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، وإمّا لأسباب أخرى
سياسية ومالية، يتسم كل عام ببرمجة ثرية للغاية ومُتنوّعة جدًا في مُختلف
الأقسام والبرامج المُوازية، تُؤكد على المُحاولات الحثيثة والدؤوبة
والناجحة فعلا في مُنافِسة المهرجانات الكبرى، بل والتفوق عليها، خاصة
“برلين“ و”كانّ”.
النجاح المُتجدد سنويًا في ضم ألمع النجوم وأهم المُخرجين
وأبرز العناوين يُعزى إلى أسباب عدّة، يرجع أغلبها إلى إدارة المهرجان.
خاصة، مُديره الفني ألبرتو باربيرا الذي يشغل منصبه للدورة الـ14 على
التوالي، هذا العام. دورة تلو الأخرى، يتأكد لنا أن باربيرا صاحب رؤية فنية
لافتة فعلا، وتفكير مُغاير، وجهود ملحوظة أثرت المهرجان وبرمجته، خلال
الدورات الماضية. وذلك رغم الهجوم النقدي جراء تغييره الهوية الأوروبية
الطليعية والفنية للمهرجان تارة، وميله الكبير إلى السينما الأميركية
وإنتاجاتها المُتفاوتة تارة أخرى. وطبعًا، علاقة المهرجان المُتزايدة، سنة
تلو الأخرى، بشبكات البث الأميركية الكبرى، وعلى رأسها ”نيتفليكس“
و“أمازون“ و“أبل“، دون مُراعاة كبيرة أو تغاض عن مُستوى بعض الأفلام،
أحيانًا.
مع ذلك، أثبتت الأيام نظرة باربيرا الثاقبة إلى حد بعيد، إذ
أضحت الإنتاجات الأميركية تنتظر، بل وتُفَضِّل المهرجان الإيطالي دون غيره،
وبات المُنتجون والمُخرجون يتفاءلون بعرض آخر ما لديهم فيه، لعلَّ الأفلام
أو أبطالها يترشحون أو حتى يفوزون بـ”أوسكار” أو “جولدن جلوب” أو غيرهما،
كما حدث سابقًا أكثر من مرة. فمن “مهرجان فينيسيا”، انطلقت عدة أفلام
مُحَقِّقَة نجاحات وجوائز كبيرة، مثلا، ”بيردمان” (2014) لأليخاندرو
جونزاليس إيناريتو، و”لا لا لاند” (2016) لداميان شازيل، و”شكل الماء”
(2017) لجييرمو دل تورو، و”روما” (2018) لألفونسو كوارون، و”نومادلاند”
(2020) لكلوي جاو، و”الحوت” (2022) لدارين أرونوفسكي، ومُؤخرًا ”أشياء
فقيرة“ ليورجوس لانتيموس، وبطلته إيما ستون. طبعًا، لا يعني هذا أن
المهرجان صار أميركيًا صرفًا أو أنه يُجافي السينمات الفنية والطليعية
والتجريبية، وغيرها. السينما الأوروبية حاضرة دائمًا، كما الآسيوية،
المُتواجدة بفاعلية كبيرة، والحاصدة لجوائز أساسية، خاصةً في الأعوام
الماضية. الصين وسنغافورة تُشاركان في مُسابقة هذا العام، مثلا. كذلك،
تتواجد باستمرار سينما أميركا اللاتينية والشرق الأوسط، وأحيانًا بعض الدول
العربية، وإن بتفاوت من عام لآخر.
من مزايا المهرجان
عادة، قبل الذهاب إلى “فينيسيا”، لا ينشغل البال كثيرًا
بأمور المهرجان الفنية واللوجستية. إذ، رغم وجبة الأفلام الدَّسِمة جدًا،
وطولها وتنوعها، ومَشَقّة مُتابعتها على مدى أيام تبدو لا نهائية، وتقلبات
طقس جنونية، لكن الجميل فعلا أنْ لا تضارب وارتباك وتأخير في مواعيد أغلب
العروض. ما يعني غياب الضغط العصبي، وإهدار الوقت والجهد، وعدم الانتظار
طويلاً في صفوف كيلومترية للدخول، وتأخّر بدء العروض، وبالتالي إرباك
الجدول اليومي المُعَدُّ سَلَفًا. أشياء بسيطة ومُهمّة كهذه تُؤكّد أن
المهرجان لا يزال يحترم النقّاد والصحافيين، ويُقدِّر وقتهم، ويضعهم في
أولوياته، ويلتزم بالتقاليد المِهَنية الراسخة. مثلاً، منذ سنوات طويلة،
ورغم كل شيء، يُعرض فيلم الافتتاح للصحفيين والنُقاد في موعدين، 8:30
و11:00، صباح اليوم الأول، أي قبل عرضه في الافتتاح الرسمي مساء نفس اليوم.
كما تُعرض أفلام المُسابقة بمُعدل 3 يوميًا، في تمام
الـ8:30 والـ11:00 صباحًا، والـ8:00 مساء. والأخير، تسبقه أو تليه عروض
”خارج المُسابقة“، أو “آفاق”، أو “كلاسيكيات”، أو غيرها بمعدل، 3 أو 4
أفلام رسمية. إضافة إلى عروض تظاهرتي “أيام المُؤلّفين” و”أسبوع النُقّاد”.
هذا يُتيح، لمن يكتفي بمُشاهدة أفلام المُسابقة فقط، فرصة للراحة والأكل
والكتابة، ثم مُعاودة المُشاهدة مساءً. وإن تبقى بعض الوقت، بعد المُشاهدة
المسائية، فهناك سهر أو كتابة أو نوم باكر، قبل انتصاف الليل. ومن ثمَّ،
هناك احترام للنقّاد والصحافيين، وجهودهم، ومُعاملتهم كبشر يحتاجون إلى
الراحة والتقاط الأنفاس والكتابة، وطبعًا استيعاب وهضم وتأمّل الأفلام
المُشَاهدة خلال اليوم.
ثمة جديد دائمًا
رغم صغر حجم جزيرة الـ”ليدو”، حيث مكان انعقاد المهرجان
مُنذ تأسيسه على يد رجل الأعمال والسياسي جوزيبي فولبي، والذي تُمنح باسمه
جائزة “كأس فولبي” لـ”أحسن مُمثل ومُمثلة”، البعيدة عن ساحة ”سان ماركو“
السياحية الشهيرة وعن البلدة القديمة بنحو 40 دقيقة، وعن محطة القطار
الرئيسية بنحو 60 دقيقة، إلا أن التوسُّع في بناء صالات إضافية يحصل بين
عام وآخر تقريبًا. إضافة إلى تجديد وتطوير وتوسِعَة القديم. مثلاً، بعد
إقامة “سينما الحديقة“ أو “جاردينو“ 570 مقعدًا، القابلة للفكّ والتركيب،
قبل سنوات قليلة، أُقيمت مُؤخرًا سينما من النوع نفسه، باسم “كورينتو” 340
مقعدًا، فوق حمّام سباحة بعد تغطيته. وبالتالي، وحتى العام قبل الماضي فقط،
كانت هناك 9 قاعات، أضيفت إليها العام الماضي ”أسترا 1“ و“أسترا 2“، وهي
الأصغر بين القاعات، 115 معقدًا تقريبًا بكل قاعة. في حين تظل أكبر القاعات
هي خيمة ”بالا بينالي“، بإجمالي 1770 مقعد. من يدري، ربما نشهد هذا العام
إضافة قاعات أخرى، أو أماكن جديدة، مطاعم ومقاه وصالات صحافة واجتماعات
وغيرها للإعلاميين مثلا، أو تطوير وتجميل للحدائق والمساحات المفتوحة
المُحيطة كما يحدث سنويًا بالتعاون بين بلدية فينيسيا وإدارة البينالي.
لهذا السبب، وغيره الكثير، تنتظم العروض وتمضي بسلاسة في
مُختلف التظاهرات، دون زحام أو مَشَقَّة أو إجهاد وركض وتنقلات، فجميع
القاعات لا تبعد سوى 10 دقائق، سيرًا على الأقدام، عن بعضها البعض تقريبًا.
ومن ثم، يسهل المُتابعة إلى حد بعيد، سواء “المُسابقة الرئيسية”، أو قسم
“خارج المُسابقة” في صالتي ”جراندي“ و“دارسينا“. أو تظاهرة “آفاق”،
و”امتداد آفاق” في صالات ”دارسينا“، و“جاردينو“، و“بالا بينالي“. أو
تظاهرتا “أسبوع النقاد” و”أيام المؤلف”، في صالات ”فولبي“، و“بيرلا“،
و“بالا بينالي“، و“كورينتو“، وغيرها، والتي تشهد أيضًا عروض برنامج
”كلاسيكيات فينيسيا“ و“عروض خاصة“. أما قسم ”الواقع الافتراضي“، تأسس عام
2017، فثمة جزيرة صغيرة خاصة به، مُكَرَّسَه لعروضه فقط، وتبعد مسافة ٥
دقائق عن جزيرة ”الليدو“، والتنقلات منها وإليها مجانية للإعلاميين.
الأقسام المُوازية
المعروف أنه بخلاف “المُسابقة الرئيسية”، الأكثر أهمية في
المهرجان، يُعد قسم “آفاق” التظاهرة الكبرى المُوازية للمُسابقة. انطلقت
فعاليات القسم عام 2010، مع فعاليات الدورة الـ67، وهو المُناظر لقسم “نظرة
ما” في مهرجان “كان”، وقسم “بانوراما” في مهرجان “برلين”. وعادة ما يُعرض
فيه 18 فيلمًا روائيًا أو وثائقيًا طويلا، تتنافس على جوائز مُختلفة. كما
أن له لجنة تحكيم مُستقلة ومُسابقة للأفلام القصيرة. في قسم “آفاق إكسترا
أو امتداد آفاق”، المُستحدث مُؤخرًا، عادة ما تُعرض 9 أفلام، ذات اتجاهات
حديثة لمُخرجين يقدمون أعمالهم الأولى أو الثانية، غالبًا، وليس به لجان
تحكيم أو جوائز. فقط، جائزة من أحد رعاة المهرجان، ”أرماني للتجميل“، تُمنح
بناء على تصويت الجمهور.
أيضًا، يُقيم “اتحاد نقاد السينما الإيطالية” تظاهرة سنوية
بعنوان “أسبوع النقاد”. تنعقد هذا التظاهرة المُهمة منذ 39 عامًا. يُشرف
على اختيار أفلامها خمسة من أعضاء اتحاد النقاد، إضافة إلى رئيس الاتحاد.
ويمنح الأسبوع جائزة، ”أحسن فيلم“، بناء على اختيار الجمهور، وجائزة “أسد
الأسبوع” لأفضل مُخرج واعد. الهدف من الأسبوع إلقاء الضوء على الأعمال
الأولى للمُخرجين الشباب، وتعريف المُنتجين والعالم بإنتاجاتهم وأسمائهم.
من ناحية أخرى، تعرض التظاهرة، على الهامش، 9 أو 10 أفلام إيطالية قصيرة
لشباب أو طلبة، قبل بداية كل عرض رئيسي. وعادة ما تتكون مُسابقة “أسبوع
النقاد” للأفلام الطويلة من 7 أفلام، إضافة إلى فيلمي افتتاح وختام. وهي
تظاهرة ليست مُنفصلة كليًا عن المهرجان، ولا تُقام بعيدًا عن فعالياته،
مثلما يحدث في تظاهرة “أسبوع النقاد” في مهرجاني “كان”، أو “برلين”. إذ
يحتضن ”مهرجان فينيسيا“ التظاهرة، ويضعها ضمن جداول عروضه الرئيسية، وتُعرض
الأفلام داخل قاعات المهرجان. الأمر ذاته ينطبق على احتضان المهرجان
لتظاهرة “أيام المُؤلفين”، التي تأسست قبل عشرين عامًا، في 2004، بواسطة
“جمعية المُؤلفين السينمائيين والمُنتجين المُستقلين الإيطاليين”، وكانت
تنعقد سابقًا تحت عنوان ”أيام فينيسيا“. وبرنامجها هو الأكبر من حيث
أقسامه، إذ لدى التظاهرة “مُسابقة رئيسية” يُعرض فيها عادة 11 فيلمًا. وقسم
“أحداث خاصة”، ويعرض 7 أفلام. و”ليالي فينيسيا” ويعرض 8 أفلام. و”عروض
خاصة” ويعرض 5 أفلام.
أفلام مُرتقبة
فيما يتعلق ببرمجة “المُسابقة الرئيسية“ التي ترأس تحكيمها
هذا العام المُمثلة الفرنسية المعروفة ”إيزابيل أوبير“، يبدو أن الأمر لن
يختلف كثيرًا جدًا عن الدورات السابقة. ثمة أفلام لأسماء كبيرة، وأخرى
لأسماء واعدة، وأيضًا من هم لأول مرة. يكمن جديد المُدير الفني باربيرا هذا
العام في جمع برمجته لأفلام المُسابقة بين الأجيال القديمة، مُمثلة في 4
أفلام لمُخرجين كبار مُنتظرين، ومن الأجيال الجديدة 17 فيلمًا. مانحًا
الأسماء الجديدة مساحة أكبر داخل المُسابقة، ومتيحًا لأسماء معروفة
ومُكرَّسة مساحة غير تنافسية ضمن برمجة قسم ”خارج المُسابقة“.
سيُفتتح المهرجان بالفيلم الأميركي ”بيتلجوس، بيتلجوس“
للمُخرج تيم برتون. الفيلم تتمة الجزء الأول من فيلم ”بيتلجوس“ (1988). في
جديده، يعود تيم برتون، بعد ثلاثة عقود تقريبًا، لاستكمال القصة الفانتازية
القديمة عن الشبح ”بيتلجوس“ بمُمثلين جدد، مثل، مونيكا بيلوتشي، وويليام
دافو، وجينا أورتيجا، وداني ديفيتو. وبمُشاركة بعض أبطال الفيلم القديم
أيضًا، مثل، مايكل كيتون، وكاثرين أوهارا، ووينونا رايدر. وسيختتم المهرجان
فعالياته بالفيلم الإيطالي ”الحديقة الخلفية الأميركية“ لبوبي أڤاتي. تدور
الأحداث بعد الحرب العالمية الثانية مُباشرة حول قصة حب مُلتهبة بين شاب
إيطالي مُختل ومُمرضة أمريكية. يُشارك في بطولة الفيلم ثلاثة من الجيل
الجديد في السينما الإيطالية، كيارا كازيللي وفيليبو سكوتي وأندريا
رونكاتو. الفيلمان سيُعرضان خارج ”المُسابقة الرئيسية“ ضمن فعالية ”خارج
المُسابقة“.
أما ”المُسابقة الرئيسية“، ويتنافس فيها هذا العام 21
فيلمًا، فمن بين أهم الأفلام المُنتظرة جديد الإسباني بيدرو ألمودوبار
”الحُجرة المُجاورة“ بطولة تيلدا سوينتون، وجوليان مور. وفيلم ”ساحة
المعركة“ للإيطالي جياني أميليو. ويعود للمُنافسة، للعام الثاني على
التوالي، التشيلي بابلو لارين، بعد فوز ”الكونت“ العام الماضي بجائزة ”أفضل
سيناريو“، وذلك بجديده ”ماريا“، بطولة أنجيلينا جولي. أيضًا، ثمة عودة
مُنتظرة جدًا للبرازيلي الغائب ولتر ساليس بفيلم ”أنا لا زلت هنا“. بعد
غيابه عن الإخراج لأكثر من عقد، بعد آخر روائي طويل له، ”على الطريق“
(2012). وكانت آخر مُشاركة له في “مهرجان فينيسيا“ قبل 23 سنة في
المُسابقة، بفيلم ”وراء الشمس“ (2001).
بعد غيابه القسري العام الماضي بسبب إضرابات هوليوود، وسحب
فيلمه في اللحظات الأخيرة قبل افتتاح المهرجان بأيام، يعود الإيطالي لوكا
جوادانينو بجديده ”غريب“ إلى المُسابقة. أما الفيلم الأميركي المُنتظر
وبقوة، ”جوكر: على حافة الجنون“ لتود فيليبس، والذي نفدت تذاكره بعد 10
دقائق من طرحها للبيع لجمهور المهرجان، فيعود فيه فيليبس لاستكمال ”جوكر“
(2019)، الحاصل على ”الأسد الذهبي“ في المهرجان، وغيرها من الجوائز
العالمية. بهذا، سيشهد البساط الأحمر حضور أبطال الفيلم، خواكين فينيكس
وليدي جاجا. وإلى جانبهما سيحضر إلى الـ“ليدو“، أيضًا، كيفين كوستنر، وبراد
بيت، وأنجلينا جولي، وجورج كلوني، وتيلدا سوينتون، وجوليان مور، وغيرهم
الكثير.
أما تظاهرة ”خارج المُسابقة“ فتشهد حضور عدد كبير من
المُخرجين المُخضرمين والمُكَرَّسين، منهم الفائزين بجوائز المهرجان في
دورات سابقة، مثل: كلود لولوش (87 سنة)، وبوبي أڤاتي (86 سنة)، وماركو
بيلُّوكيو (85 سنة)، وتاكيشي كيتانو (77 سنة)، وآموس جيتاي (74 سنة)،
وكيوشي كيروساوا (69 سنة)، وتيم بيرتون (67 سنة)، وأخيرًا، لاف دياز (67
سنة)، وهذا فيلمه الثامن في المهرجان منذ أول مُشاركة له عام 2007.
المُشاركة العربية
عادة، كانت المُشاركة العربية قوية في ”مهرجان فينيسيا“،
وقد ازدادت قوتها في السنوات الأخيرة. إذ وصلت في إحدى الدورات لأكثر من
تسعة أفلام، في أقسام مُختلفة، وحصد بعضها جوائز غير مسبوقة، ناهيك
بالتمثيل اللافت في لجان التحكيم المُختلفة. إلا أن المُشاركة العربية هذا
العام ليست على المُستوى المُنتظر فعلًا. في قسم “آفاق”، يُشارك التونسي
مهدي برصاوي بفيلم ”عائشة“، وهي المُشاركة الثانية على التوالي لتونس، بعد
عرض ”خلف الجبال“ لمحمد بن عطية العام الماضي. كما يُنافس في القسم نفسه
الفيلم الفلسطيني ”أجازات سعيدة“ لإسكندر قبطي. ويُشارك في قسم ”آفاق
الأفلام القصيرة“، فيلم الرسوم المُتحركة ”ظلال“ للأردنية رند بيروتي.
كما تم اختيار الفيلم المصري “البحث عن منفذ لخروج السيد
رامبو“ لخالد منصور ليكون ضمن عروض ”امتداد آفاق أو آفاق أكسترا“. وقد شارك
في هذه القسم، فيلم ”نزوح“ (2022) للسورية سؤدد كعدان، وأيضًا، “حدائق
مُعلقة“ (2022) للعراقي أحمد ياسين الدَرَّاجي.
من ناحية أخرى، يُنافس في مُسابقة فعالية، ”أسبوع النُقاد“،
الفيلم المصري ”معطر بالنعناع“ لمحمد حمدي. وتُشارك بنفس الفعالية المُخرجة
الوثائقية والصحفية التونسية هند المدب، بالوثائقي “السودان، تَذَكَّرنا”،
خارج المُسابقة، في”عروض خاصة“. كما تُنافس السينما العربية، للمرة الأولى،
في مُسابقة ”كلاسيكيات فينيسيا“، التي تُعقد منذ 12 عامًا تقريبًا، وذلك
بالوثائقي ”وعاد مارون إلى بيروت“ للبنانية فيروز سرحال“، إنتاج قناة
الجزيرة الوثائقية. أخيرًا، يُشارك المُخرج الصومالي عبد الرحمن سيساكو في
عضوية لجنة تحكيم ”المُسابقة الرئيسية“، كما تُشارك المُخرجة السورية سؤدد
كعدان في لجنة تحكيم مُسابقة ”آفاق“.
من ناحية أخرى، وعلى الجانب المُتعلق بالأفلام في مراحل ما
قبل الإنتاج أو المشاريع قيد التحضير، فقد اختار برنامج ””Final
Cut
في فينيسيا 3 مشاريع سينمائية عربية قيد التنفيذ، من أصل 7 أفلام روائية،
لهذا العام. “عائشة لا تستطيع الطيران” للمصري مراد مصطفى، و”كولونيا”
للمصري محمد صيام، و”حتى بالعتمة بشوفك“ أو ”ورشة“ للبناني نديم تابت. كما
تُشارك المشاريع التالية، ”ماري ولوجي“ للتونسية أريج السحيري، و“المحطة“
لليمنية سارة إسحاق، و“سرقة النار“ للفلسطيني عامر شوملي. يُذكر أن أغلب
هذه الأفلام حَصَلَت على دعم من قبل ”مُؤسسة الدوحة للأفلام“.
مُلصق المهرجان
بصفة عامة، لا يخرج ملصق
المهرجان هذا العام عن
النهج التصميمي المُعتاد خلال السنوات السابقة. وإن كانت تفاصيل ومُفردات
وفكرة التصميم مُغايرة ومُغِلزَة وغريبة، وربما صادمة للوهلة الأولى، نظرًا
لحضور الفيل الهندي في مُنتصف التصميم. في المُلصق نُعاين نفس المُفردات
التي عهدناها خلال السنوات السابقة عند المُصمم والفنان التشكيلي والمُخرج
السينمائي المُحترف لورينزو ماتوتي. حيث المُفردات الدالة على مدينة
فينيسيا، والفتاة المُتكررة في أغلب لوحاته ومُلصقاته، واستخدام نفس
الألوان المعهودة، دون تغيير يُذكر. وإن كان حضور الفيل، الخائض ببطء وسط
مياه البُحيرة صوب الشرق، يستلهم زيارة سابقة للأفيال الهندية وتجوالها في
شوارع المدينة في ثمانينيات القرن الماضي من ناحية. وأيضًا، تَوَجُه
المهرجان صوب الشرق والتواصل مع فنونه وتاريخه وحضارته، من ناحية أخرى. |