ملفات خاصة

 
 
 

برليناله 75:

تسعة أفلام عربية في مهرجان برلين السينمائي

أحمد شوقي

برلين السينمائي

الدورة الخامسة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

أيام تفصلنا عن انطلاق الدورة الخامسة والسبعين لمهرجان برلين السينمائي الدولي (برليناله) والمقامة بين 13 و23 فبراير. دورة خاصة جدا ليس فقط بسبب كونها دورة اليوبيل الماسي للمهرجان العريق، ولكن لأنها الأولى تحت إدارة جديدة بقيادة الأمريكية تريشيا توتل، المديرة السابقة لمهرجان لندن والتي تتولى إدارة برليناله لخمس سنوات تبدأ من دورة هذا العام، لتخلف الثنائي كارلو شاتريان وماريته ريزنبيك اللذين أدارا المهرجان لخمس سنوات مليئة بالأزمات الصحية والسياسية.

كالعادة تحضر السينما العربية بقوة في المهرجان الذي اعتاد اختيار أفلام كثيرة من المنطقة. هذا العام اختار المهرجان تسعة أفلام عربية: ستة أفلام طويلة وثلاثة قصيرة، تشارك في جميع أقسام المهرجان للمرة الأولى، بما في ذلك المسابقة الجديدة التي يطلقها برليناله بعنوان "وجهة نظر".

في هذا المقال نتعرف على الأفلام العربية التسعة المشاركة في برليناله 75.

يونان (فلسطين) – المسابقة الدولية

الفيلم العربي الوحيد في المسابقة الدولية لبرليناله، ننسبه لفلسطين باعتبارها الدولة العربية صاحبة النسبة الإنتاجية الأكبر في هذا الفيلم متعدد الجنسيات، فهو من إنتاج سبع دول هي: ألمانيا وكندا وإيطاليا وفلسطين وقطر والأردن والسعودية. عدد الجهات الداعمة للفيلم يعكس الحماس لموهبة مخرج أمير فخر الدين، وهو سوري مقيم في ألمانيا تعود جذوره إلى هضبة الجولان.

فخر الدين قدم فيلمه الأول "الغريب" في مهرجان فينيسيا 2021 لينال حفاوة دولية كبيرة، ليُعلن عن كونه الجزء الأول من مشروع ثلاثية يُمثل "يونان" الجزء الثاني منها. يستعين المخرج بفريق تمثيلي كبير على رأسه النجم اللبناني جورج خبّاز، والذي يلعب دور كاتب مصاب بالاكتئاب يلجأ لجزيرة منعزلة كي يكتب الفصل الأخير في حياته، ليجد العزاء الذي يجدد رغبته في الحياة متمثلًا في امرأة تختلف عنه في كل شيء تجسدها النجمة الألمانية هانا شيجولا.

المستعمرة (مصر) – مسابقة وجهة نظر

مشاركة تاريخية في ظل كونها النسخة الأولى من المسابقة الجديدة "وجهة نظر Perspective"، والتي نحتاج لمشاهدة الأفلام لنعرف الفروق الجوهرية بينها وبين المسابقة الملغاة "لقاءات Encounters"، فكلاهما تهتم نظريًا بالأفلام المغايرة والأصوات الجديدة. لكن يبقى تاريخيًا إن أول مشاركة عربية في المسابقة الجديدة من نصيب المخرج المصري محمد رشاد في فيلمه الروائي الطويل الأول بعدما صنع وثائقيًا طويلًا حميميًا بعنوان "النسور الصغيرة" قبل عدة سنوات.

"المستعمرة" يتابع حكاية شقيقين، أحدهما في الثالثة والعشرين والثاني في الثانية عشر من عمرهما، يموت والدهما في حادث عمل داخل مصنع قديم، ليكون التعويض الوحيد الممكن لعائلته هو السماح لابنيه الصغيرين باستلام وظائف في نفس المصنع، والعمل جوار الرجل المسؤول عن مقتل والدهما. أجواء مُقبضة وعالم بصري جديد يدخله رشاد في هذا الفيلم المنتظر.

رؤوس مشتعلة Têtes Brûlées (بلجيكا) – قسم الجيل

على صعيد الإنتاج الفيلم بلجيكي التمويل، لكنه تونسي الهوية، سواء عبر خلفية مخرجته مايا عجمية زلامة، التي تحمل الجنسيات البلجيكية والتونسية والدنماركية، أو عبر حكايته المستلهمة من فيلم قصير ناجح قدمته المخرجة عام 2021 بعنوان "أخت المرحوم".

في "رؤوس مشتعلة" تُصدم آية ذات الاثني عشر عامًا بوفاة شقيقها الأكبر يونس التي كانت تربطها به علاقة خاصة، لتقرر الاستعانة بالإبداع والدأب ودعم أصدقاء يونس من أجل التعافي من آثار الصدمة. الفيلم يشكل حضورًا نادرًا للسينما العربية في قسم الجيل Generation المخصص للأفلام الموجهة للأطفال والمراهقين، وهو قسم لم يعتد في أغلب السنوات اختيار أي أفلام عربية، اللهم إلا الفيلم الأردني القصير "سكون" الذي شارك العام الماضي، فها هو يختار ثلاثة أفلام عربية دفعة واحدة هذا العام.

ضي: سيرة أهل الضي (مصر) – قسم الجيل

مشاركة نادرة أخرى في قسم الجيل، فبعد عرضه العالمي الأول في افتتاح مهرجان البحر الأحمر السينمائي خلال ديسمبر الماضي، يستضيف برليناله العرض الدولي الأول لفيلم المخرج كريم الشناوي الطويل الثاني، وهو عرض دولي باعتبار الفيلم من إنتاج مصري سعودي مشترك بما يجعل عرض جدة عرضًا في دولة المنشأ.

رحلة حميمية مليئة بالمفارقات غير المتوقعة يقطعها ضيّ، الطفل النوبي الألبينو مع مدرسة الموسيقى المؤمنة بموهبته وأمه المتشككة في الرحلة وشقيقته المراهقة، من أقصى جنوب مصر حتى العاصمة، سعيًا للمشاركة في برنامج شهير للمواهب. الرحلة الحافلة بالتقلبات تجعل ضيّ ومن معه يكتشفون ما هو أهم وأعمق من مجرد النجاح في الغناء. فيلم عائلي بامتياز يتضمن ظهورًا سينمائيًا خاصًا لنجم الغناء محمد منير.

يالا باكور (فلسطين) – قسم البانوراما

فيلم آخر تحمس له مبرمجو برلين ليستضيفوا عرضه الأوروبي الأول، بعدما عُرض بالفعل مرتين خلال شهري نوفمبر وديسمبر، في مهرجان نيويورك للأفلام الوثائقية ومهرجان البحر الأحمر السينمائي. الفيلم من إنتاج سويدي قطري سعودي فلسطيني مشترك، تقوم فيه المخرجة الأردنية الفلسطينية عريب زعيتر بمتابعة أحمد، الشاب الفلسطيني الذي يمارس مع أصدقاءه رياضة الباركور (القفز بين الأسطح العالية) في قطاع غزة، والذي ينال فرصة للانتقال إلى أوروبا فيسعى لاستكمال مسيرته الرياضية خلال محاولاته للتعايش والاندماج في مجتمع الجديد بينما يتابع ما يحدث في موطنه.

قامت المخرجة بتصوير الفيلم قبل أحداث 7 أكتوبر، لكن كل ما فيه يمكن أن يكون ردًا سينمائيًا عمليًا على من يتوهم أن كل شيء قد بدأ في هذا اليوم سيئ السمعة.

خرطوم (السودان) – قسم البانوراما

بعد عرضه في مسابقة الأفلام الوثائقية الدولية في مهرجان صندانس بالولايات المتحدة يصل الفيلم إلى عرضه الأوروبي الأول في بانوراما برليناله. تجربة إبداعية مختلفة يقدم عليها خمسة مخرجين، أربعة منهم قام كل منهم بإخراج حكاية شخصية من الشخصيات، أنس سعيد، وراية الحاج، وإبراهيم سنوبي أحمد، وتيمية أحمد، ثم يُشرف الخامس فِل كوكس على صياغة العمل ككتلة واحدة متماسكة تحاول التعبير عن اللحظة الراهنة لدى الأطياف المختلفة للمجتمع السوداني.

خمس شخصيات يتابعها الفيلم تمثل هؤلاء البشر الذين تحمسوا لثورة شعبية ضد الديكتاتورية الدينية العسكرية، فوجدوا أنفسهم داخل حرب أهلية عنيفة لا مجال للتعايش معها، فلم يعد أمامهم إلا هجرة مدينتهم الحبيبة التي يحمل الفيلم اسمها، وإعادة خلقها بخيالهم في مكان آخر.

آخر يوم (مصر) – الفورم الممتد

واحد من فيلمين قصيرين عربيين اختارهما قسم الفورم الممتد Forum Expanded للمشاركة في نسخة هذا العام. المخرج المصري محمود إبراهيم يتابع في فيلمه الوثائقي القصير حكاية الشقيقين زياد ومودي اللذين يقضيان اليوم الأخير في منزل أسرتهما قبل إخلائه. يقومان بنقل ممتلكاتهما إلى الخارج بينما يتابعان على شاشة التلفزيون أخبار إخلاء الأحياء الفلسطينية في مدينة القدس.

البساتين (فرنسا) – الفورم الممتد

الفيلم الوثائقي القصير الثاني في نفس القسم من إنتاج فرنسي. المخرج أنطوان شعبان يستعيد ذكريات ما جرى عام 2015 في حي البساتين الرازي في العاصمة السورية دمشق، عندما تعرض سكان الحي لانتقام شديد بسبب مشاركتهم في المظاهرات ضد نظام الأسد. بعد أن خسرا كل شيء، يقوم اثنان من السكان السابقين بتذكر ما جرى في حيهم القديم.

تجري من تحتها الأنهار (العراق) – قسم الجيل

فيلم وثائقي قصير ثالث من السينما العربية يشارك في قسم الجيل Generation. المخرج العراقي علي يحيى يصور فيلمه في منطقة الأهوار في جنوب العراق، التي يعيش فيها إبراهيم الشاب الذي لا يشاركه حياته سوى حيوان الجاموس الخاص به. حتى يتسبب التغير المناخي في كارثة بيئية تهدد الحياة كما يعرفها إبراهيم والكائن الوحيد الذي يفهمه.

 

موقع "في الفن" في

10.02.2025

 
 
 
 
 

برليناله 75: كل ما تريد معرفته عن أفلام المسابقة الرسمية

أحمد شوقي

ساعات تفصلنا عن انطلاق الدورة الخامسة والسبعين من مهرجان برلين السينمائي الدولي. دورة اليوبيل الماسي التي يستقبل فيها برليناله إدارة جديدة برئاسة الأمريكية تريشيا توتل. وكالعادة ستتجه أغلب الأنظار إلى المسابقة الدولية للمهرجان، والتي يشارك فيها هذا العام 19 فيلمًا طويلًا، 18 فيلم روائي وفيلم واحد وثائقي، يتنافسون على الدب الذهبي، أرفع جوائز المهرجان وأحد أهم جوائز العام السينمائية.

في هذا المقال نتعرف على كل المعلومات المتاحة عن أفلام المسابقة الدولية وصناعها، ليكون دليلًا مبدئيًا لكل من يرغب في متابعة مسابقة برليناله 75، أو من يرغب في معرفة الجديد الذي تحمله المسابقة العريقة هذا العام.

أحلام Dreams (المكسيك)

بعد جيل الأصدقاء الثلاثة، جويرمو ديل تورو وألفونسو كوران وإليخاندرو جونزاليس إيناريتو، قد يكون ميشيل فرانكو هو المخرج الأشهر عالميًا من الجيل التالي. صاحب الخمسة وأربعين عامًا الذي لم يعد الطفل المعجزة كما عُرف عندما اختار مهرجان كان فيلمه الأول «دانيل وآنا Daniel and Ana» عام 2009 بينما لم يكن قد أكمل عامه الثلاثين، يحمل في جعبته بالفعل ثلاثة جوائز من مهرجان كان هي: جائزة قسم نظرة ما عام 2012 عن «بعد لوثيا After Lucia»، جائزة أحسن سيناريو عام 2015 عن «مزمن Chronic»، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة لمسابقة نظرة ما 2017 عن «ابنة أبريل April’s «Daughter.

بعد أربع مشاركات متتالية في كان حوّل فرانكو وجهته إلى مهرجان فينيسيا ليفوز بجائزة لجنة التحكيم الكبرى (الأسد الفضي) عام 2020 عن «ترتيب جديد New Order»، ثم يشارك في المسابقة الدولية بفيلمه التاليين «نزول الشمس Sundown» 2021 و«ذاكرة Memory» 2023. وها هو يحوّل الاتجاه مرة جديدة إلى برليناله لينافس للمرة الأولى في المسابقة بفيلمه الجديد «أحلام». 

لاحظ معي هذا العدد الكبير من الأفلام التي صنعها خلال مسيرة لا تتجاوز 15 عامًا، وجميعها حققت نجاحات دولية واختارتها أكبر مهرجانات العالم، لتدرك قيمة هذا المخرج الذي لا يتوقف عن العمل، والذي يتجه هذه المرة إلى الولايات المتحدة ليعمل مع نجمة بحجم جيسيكا تشاستن. الحكاية عن راقص باليه مكسيكي شاب، يحلم بالشهرة العالمية فيلبي دعوة حبيبته سيدة المجتمع الأمريكية، ليترك بلده ويهاجر إلى سان فرانسيسكو بشكل غير شرعي، ليقابله عالم جينيفر المنظم الذي لم يكن يعرف عنه الكثير.

بنات على حبل Girls on Wire (الصين)

مخرجة أخرى تنتقل من المشاركة في فينسيا إلى برلين هي الصينية فيفيان كو، التي عُرض فيلمها الأول «شارع الفخ Trap Street» في أسبوع النقاد في فينيسيا 2013، قبل أن يشارك فيلمها الثاني «ملائكة ترتدي الأبيض Angels Wear White» في مسابقة فينيسيا 2017 ويحصد أكثر من 40 جائزة حول العالم. فيفيان كو تشارك كمخرجة في برلين للمرة الأولى بفيلمها الثالث، لكنها تحمل الدب الذهبي بالفعل كمنتجة، بعدما توّج بها فيلم «فحم أسود ثلج رفيع Black Coal, Thin Ice» الذي أنتجته للمخرج دياو ينان بالجائزة عام 2014.

في «بنات على حبل» تتابع المخرجة حكاية امرأتين من جيل الطفل الواحد في الصين، بنات عم تتربيان كأخوات قبل أن تفصل الحياة بينهما. تعمل إحداهما كممثلة بديلة في أكبر أستوديوهات الصين، بينما تبقى الثانية للتعامل مع إدمان والدها للمخدرات، لتجد نفسها متورطة مع المافيا المحلية، فتضطر لقتل أحد تجار المخدرات، وتهرب لتلجأ إلى ابنة عمها، وتبدأ معها محاولة النجاة من المصير الذي يطاردهما.

كونتنينتال 25 Kontinental ’25 (رومانيا)

أحد أكبر أصدقاء برليناله وأنشط المخرجين المعاصرين، الروماني رادو جود الذي استمر حضوره في برلين منذ لفت الأنظار بفيلمه الطويل الأول «أسعد فتاة في العالم The Happiest Girl in the World» عام 2009، قبل أن ينال جائزة أحسن مخرج عن «عفارم Aferim!» في 2015، ثم يحصد التكريم الأكبر بالحصول على الدب الذهبي لأحسن فيلم عام 2021 عن فيلمه الساخر «جنس سيئ الحظ أو إباحية جنونية Bad Luck Banging or Loony Porn».

جود لا يتوقف عن العمل، يصنع أفلام متباينة الشكل والمضمون، ويستمر في التجريب سعيًا للوصول إلى سينما معاصرة تستفيد من الماضي وتعبر عن أفكار وأزمات العصر الحالي. فيلمه الأخير الفائز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة لمهرجان لوكارنو 2023 «لا تتوقع الكثير من نهاية العالم Do Not Expect Too Much from the End of the World» حمل مزيجًا مدهشًا من الأفكار الذكية والتجريب الأسلوبي لدرجة جعلت مراجعة نقدية تصفه بأنه «فيلم شديد المعاصرة لدرجة تُشعرك بإن مخرجه انتهى من تصوير صباح اليوم».

أحداث فيلم رادو جوده الجديد «كونتنينتال 25» تدور في مدينة كلوج بمقاطعة ترانسلفانيا الرومانية، حيث تقوم موظفة حكومية تدعى أورسوليا بطرد رجل مشرد من القبو الذي ينام فيه، مما يدفعه للانتحار، لتدخل البطلة أزمة وجودية بسبب شعورها بالذنب، ليتناول الفيلم بمزيج من الدراما والكوميديا مشكلات عديدة كأزمة السكن، والوضع الاقتصادي فيما بعد الاشتراكية، وقوة اللغة كوسيلة للمكانة الاجتماعية. يمزج جود فيلمه مع خط درامي مستمد من فيلم روسوليني الشهير «أوروبا 51»، في مقارنة بين وضع أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية وحالة رومانيا المعاصرة.

طابع زمني Timestamp (أوكرانيا)

الفيلم الوثائقي الوحيد في المسابقة، وهو وصف اكتسب قيمة واضحة بعدما انتهت آخر دورتين من برليناله بتتويج فيلم وثائقي بجائزة الدب الذهبي. المخرجة كاتيرينا جورنوستاي هي أصغر المشاركين في المسابقة، حيث لا يتجاوز عمرها 36 سنة، ولديها نجاح سابق حققته في برلين، عندما شارك فيلمها الروائي الطويل الأول «أوقف زميليا Stop-Zemlia» في مسابقة الجيل Generation المخصصة لأفلام جمهور المراهقين عام 2021، لتفوز في نهاية المهرجان بجائزة الدب الكريستالي لأحسن فيلم في تلك المسابقة.

تعود جورنوستاي إلى السينما الوثائقية في “طابع زمني” الذي تتأمل فيه النظام التعليمي في أوكرانيا بعد أعوام من اندلاع الحرب مع روسيا، حيث يُمثل استمرار التعليم محاولة لإنقاذ ما تبقى من الحياة الطبيعية للبشر. المخرجة لا تصور أي مقابلات شخصية، ولا تستخدم التعليق الصوتي، ولا تعيد تمثيل أي مشهد وقع للشخصيات، بل تكتفي برصد الحياة اليومية للطلبة والمعلمين، مستخدمة بنية تشبه الفسيفساء تتابع فيها استمرار التدريس سواء بشكل فعلي أو عبر الإنترنت، لمن يعيشون على خط المواجهة أو خلفه، راصدةً كيف تتشابك الحياة اليومية مع الخطر المستمر الذي يهدد سلامة الجميع.

انعكاس في ماسة ميتة Reflection in a Dead Diamond (فرنسا)

أغرب أفلام المسابقة يأتي من الثنائي الفرنسي المقيم في بلجيكا هيلين كاتيه وبرونو فورزاني، الزوجان المتخصصان في أفلام النوع واللذان يشاركان في برلين للمرة الأولى، بفيلم يعكس اختياره للمسابقة قدر إعجاب إدارة المهرجان به، خاصة وأن المواد المعلنة منه توحي بعمل غريب ومختلف عما يمكن توقع وجوده في مسابقة دولية لمهرجان كبرلين.

يلعب النجم الإيطالي فابيو تيستي دور جاسوس متقاعد، يعيش حياة هادئة في أحد الفنادق الفاخرة على ساحل كوت دازور في ريفييرا جنوب فرنسا. ينجذب البطل جون دي إلى المرأة الجميلة التي تسكن الغرفة المجاورة، والتي تذكره بالأيام الخوالي الجامحة خلال الستينيات في الريفييرا، عندما كان جاسوسًا دوليًا أنيقًا في عالم مزدحم بالمخاطر والوعود.

عندما تختفي المرأة بشكل غامض، تحاصر الذكريات والخيالات جون، ليبدأ الأشرار والجميلات الذين عاشوا وماتوا في المكان للظهور له، ليمتزج ظهورهم مع تحية يقدمها صانعا الفيلم لأفلام التجسس الأوروبية من ستينيات القرن الماضي، التي تمزح بين المرح والدموية وحرفة صناعة السينما. مزيج يجعلنا نترقب هذا الفيلم الذي قد يفاجئ جمهور مهرجان برلين بعمل غير معتاد.

الدرب الأزرق The Blue Trail (البرازيل)

من الأصوات التي برزت خلال العقد الأخير في السينما البرازيلية يظهر المخرج جابريل ماسكارو، حيث فاز فيلمه الطويل «رياح أغسطسAugust Winds» بتنويه خاص من مهرجان لوكارنو 2014، ليختار مهرجان فينيسيا فيلمه التالي «ثور نيون Neon Bull» فينال جائزة لجنة التحكيم الخاصة لمسابقة آفاق عام 2015، قبل أن يظهر في برليناله لأول مرة عام 2019، وتحديدًا في قسم البانوراما الذي عرض فيلمه «حب إلهي Divine Love» بعدما كان قد شارك في المسابقة الدولية لمهرجان صندانس.

بعد ستة سنوات من الغياب تلت فترة النشاط الأولى، يظهر جابريل ماسكارو للمرة الأولى في مسابقة برلين الدولية، بفيلم جديد بطلته امرأة في السابعة والسبعين تدعى تريزا، تعيش في بلدة صناعية صغيرة حول نهر الأمازون. تتلقى أمرًا حكوميًا بإخلاء منزلها والانتقال إلى مستعمرة سكنية لكبار السن. وهي خطة حكومية يتم من خلالها جمع العجائز لقضاء سنواتهم الأخيرة، مما يتيح للأجيال الأصغر التركيز على الإنتاجية والنمو. ترفض تريزا قبول المصير المفروض عليها، وتخرج في رحلة استكشافية عبر روافد الأمازون، أملًا في تحقيق رغبة أخيرة قبل أن تصير مضطرة لقبول الانتقال إلى المستعمرة.

ما تعرفه مارييل What Marielle Knows (ألمانيا)

من الأصوات الصاعدة التي تقدمها مسابقة برليناله هذا العام يأتي الألماني فريدريك هامباليك، صاحب الثمانية والثلاثين عامًا الذي يتنافس في المسابقة الدولية بفيلمه الطويل الثاني فحسب، بعدما شارك فيلمه الأول الذي صنعه بالإمكانات الذاتية ودون ميزانية إنتاجية بعنوان «موديل أولمبيا Model Olimpia» في مهرجان تالين بإستونيا عام 2020 فلفت الأنظار لموهبة مخرجه. لتكون مشاركته الأولى في برلين ضمن أكبر المسابقات، مستفيدًا من دعم المهرجان للسينما المحلية

«ما تعرفه مارييل» حكاية طريفة تنطلق من سؤال: ما الذي يُمكن أن يحدث إذا فقد البشر القدرة على الاحتفاظ بالأسرار؟ يعيش الزوجان توبياس ويوليا حياة تبدو مثالية في منزلهم الأنيق مع ابنتهم الوحيدة مارييل. لكن التوازن الهش الذي تقوم عليه حياة الأسرة ينهار عندما تكتسب الابنة فجأة قدرات تخاطرية خارقة، فتصير قادرة على رؤية وسماع كل ما يفعله والداها، ليلًا ونهارًا. سرعان ما يدرك الزوجان أن الأكاذيب التي كانا يتبادلانها لم يعد من الممكن إخفاءها عن مارييل، لينخرط كل منهما في ألاعيب تؤدي لمواقف محرجة وعبثية.

يونان Yunan (فلسطين)

الفيلم العربي الوحيد في المسابقة الدولية، ننسبه في العنوان لفلسطين باعتبارها الدولة العربية صاحبة النسبة الإنتاجية الأكبر في هذا الفيلم متعدد الجنسيات، فهو من إنتاج سبع دول هي: ألمانيا وكندا وإيطاليا وفلسطين وقطر والأردن والسعودية. عدد الجهات الداعمة للفيلم يعكس الحماس لموهبة مخرج أمير فخر الدين، وهو سوري مقيم في ألمانيا تعود جذوره إلى هضبة الجولان. فخر الدين قدم فيلمه الأول «الغريب» في مهرجان فينيسيا 2021 لينال حفاوة دولية كبيرة، ليُعلن عن كونه الجزء الأول من مشروع ثلاثية يُمثل «يونان» الجزء الثاني منها

يستعين المخرج بفريق تمثيلي كبير على رأسه النجم اللبناني جورج خبّاز، والذي يلعب دور منير، كاتب مصاب بالاكتئاب يلجأ لجزيرة منعزلة كي يكتب الفصل الأخير في حياته، حاملًا حكاية ورثها عن والدته، ليجد العزاء الذي يجدد رغبته في الحياة متمثلًا في امرأة تختلف عنه في كل شيء تجسدها النجمة الألمانية هانا شيجولا. امرأة غريبة الأطوار تعيش مع ابنها الخشن والمخلص كارل. وبالرغم من قلة الكلمات المتبادلة، فإن الأفعال اللطيفة البسيطة تذيب حالة انعدام الثقة بينهما، ليبدأ منير في النظر إلى الحياة بشكلٍ مختلف.

المنزل الآمن The Safe House (سويسرا)

للمرة الأولى يظهر السويسري ليونيل باييه في مسابقة أحد المهرجانات الكبرى، بعد مسيرة طويلة من العمل كمخرج ومؤلف ومنتج، وبالأساس كأستاذ جامعي ومبرمج ونائب لرئيس السينماتك السويسري. مسيرة جعلت أفلامه تسير عادةً في طريق من اثنين: إما المشاركة في برنامج فرعي لمهرجان كبير، كمشاركة «انجراف قاري (جنوب) Continental Drift (South)» في نصف شهر المخرجين بمهرجان كان، أو بالعرض في مهرجان لوكارنو، الذي يحتضن عادة أي تجربة سينمائية سويسرية بحكم كونه مهرجان البلاد الأكبر. باييه يظهر في برلين للمرة الثانية، بعدما عرض قسم البانوراما فيلمه «أمواج الصدمة – الاسم الأول: ماتيو Shock Waves – First Name: Mathieu» عام 2018. لاحظ كيف تعبر العناوين عن خلفية المخرج الأكاديمية والطبيعة النوعية لأفلامه.

في فيلمه الجديد «المنزل الآمن» يقدم باييه كوميديا مأخوذة عن رواية للكاتب الفرنسي كريستوف بولتانسكي. تدور الأحداث في باريس خلال مايو 1968، الشهر الذي شهد المظاهرات الطلابية التاريخية. خلال تلك الأيام، يشعر طفل في التاسعة من عمره بالسعادة لإقامته مع جده وجدته وعمّيه المحبين للمرح، بينما ينشغل والداه بالمشاركة في الاحتجاجات بالشوارع. تتعايش الأسرة مع الأوضاع، حتى تنقلب الأمور عندما يلجأ ضيف شهير للاحتماء بمنزل العائلة، فيثير وجوده اكتشافات وتأملات جديدة حول تاريخ الأسرة.

ابن الأم Mother’s Baby (النمسا)

مخرجة أخرى تنطلق من مهرجانات السينما المحلية إلى المسابقات الدولية هي النمساوية يوهانا مودر، التي تمتلك شهرة معقولة داخل الدول الناطق بالألمانية فقط، بعدما أخرجت فيلمين طويلين شاركا في مهرجان ماكس أوفلس Max Ophüls المخصص للأفلام الناطقة بالألمانية وفاز كلاهما بجائزة، فنال «أداء عال High Performance» جائزة الجمهور عام 2014، وحصد «متمردين ذات مرة Once Were Rebels» جائزة الإخراج في 2020. بعدها أخرجت مودر فيلمين تلفزيونيين، قبل أن تصنع أخيرًا فيلمًا قادها إلى مسابقة برلين.

«ابن الأم» دراما نفسية أسرية، بطلتها يوليا، قائدة أوركسترا ناجحة في الأربعين من عمرها، تتوق مع شريكها جورج إلى إنجاب طفل بأي طريقة، فيوافقان على دخول تجربة للإخصاب تنتهي بحملها بالفعل. عندما لا تسير الولادة بالشكل المتوقع، يتم أخذ الطفل لتلقي المزيد من العلاج، لتدخل يوليا حالة من الاضطراب تجاه ما حدث. وعندما يعود الطفل أخيرًا للمنزل، يبدأ حضوره في تشكيل ضغط كبير عليها، في ظل عجزها عن التواصل معه، والشعور الذي يسيطر عليها بأن الطفل الذي جاءوا به للمنزل ليس ابنها الحقيقي. ملخص الفيلم يوحي بعمل درامي نفسي، قد يمتلك – إن أرادت المخرجة – تلامسًا مع حكايات الرعب. نتوقع من الآن ذكر اسم فيلم رومان بولانسكي الشهير «رضيع روزماري» كثيرًا في المراجعات التي ستُكتب عن «ابن الأم».

قمر أزرق Blue Moon (الولايات المتحدة)

أكبر أفلام المسابقة حجمًا، سواء في النجوم المشاركين فيه: إيثان هوك ومارجريت كوايلي وأندرو سكوت، أو بالأساس في مسيرة مخرجه ريتشارد لينكلاتر المدهشة، التي جعلته واحدًا من صناع الأفلام الذين يمتلكون قاعدة واسعة من المحبين حول العالم. حيث ترشحت أفلامه لخمس جوائز أوسكار، ونال جائزتي جولدن جلوب ومثلهما من جوائز بافتا. يعرفه قطاع كبير من الجمهور بسبب ثلاثيته الشهيرة «قبل الشروق Before Sunrise 1995»، و«قبل الغروب Before Sunset 2004»، و«قبل منتصف الليل Before Midnight 2013»، وجميعها عُرضت في مهرجان برلين. فاز لينكلاتر بجائزة أحسن مخرج في برليناله عن «قبل الشروق»، ثم فاز بها مجددًا عام عن فيلم شهير آخر هو «صبا Boyhood» عام 2014.

يستمر المخرج في الفيلم الجديد «قمر أزرق» في التعاون مع ممثله المفضل إيثان هوك الذي يجسد دور الشاعر الغنائي الأسطوري لورينز هارت، تحديدًا في ليلة واحدة من حياته: 31 مارس 1943. ليلة يحتفل فيها شريكه السابق ريتشارد رودجرز بالعرض الأول لمسرحيته الجديدة «أوكلاهوما!» التي ستصير بين الأنجح في التاريخ، بينما يواجه هارت حقيقة العالم الذي تغير من حوله، وإدراكه أن أيام نجاحه قد ولّت، وإنه في مرحلة جديدة لن يكون فيها هو نفس الفنان ذائع الشهرة والنجاح.

تدور أحداث الفيلم خلال ليلة واحدة، وداخل مكان واحد هو حانة ساردي الشهيرة في برودواي، وفيه تظهر مجموعة كبيرة من الشخصيات التي عاشت تلك اللحظة من نجوم المرحلة ومشاهير عالم المسرح، الذين يقدمهم ريتشارد لينكلاتر على طريقته الخاصة التي تجمع بين الإنسانية والرقّة وخفة الظل.

لو كان لدي أرجل لركلتك If I Had Legs I’d Kick You (الولايات المتحدة)

تمتلك الأمريكية ماري برونشتاين مسيرة قصيرة لكنها حافلة بالتنوع، فلديها فيلم طويل واحد سابق هو «خميرة Yeast» الذي صنعته عام 2008 وأسس حضورها كمخرجة، وقامت بالتمثيل في عدة أدوار، لكن الأهم هو كونها كاتبة نسوية نشرت أوراق عديدة حول النظرية النسوية في دوريات جامعية، وهو المنطق الذي تصنع من خلاله فيلمها الثاني لتظهر لأول مرة في برلين، بعدما عُرض الشهر الماضي في مهرجان صندانس السينمائي.

«لو كان لدي أرجل لركلتك» عنوان يُعبر عن مشاعر الاحتقان التي تعاني منها بطلة الحكاية، التي تجسدها ببراعة النجمة روز بيرن، والتي تشهد انهيار حياتها حرفيًا: سقف بيتها يسقط فوقها فتضطر لأخذ ابنتها المريضة والانتقال إلى نُزل صغير. زوجها الغائب باستمرار لا يساعد كثيرًا في أزمة سقف البيت أو في مرض الابنة الغامض، معالجها النفسي لا يقدم دعمًا حقيقيًا لما تمر به من أحداث تدفعها للانفجار، وحتى عملها نفسها كمعالجة نفسية ينقلب ضدها، فبدلًا من أن تُساعد الآخرين في الخروج من أزماتهم، تجد تلك الأزمات تُلقى عليها لتزيد من متاعبها.

فيلم يبدو موضوعه محاضرة نسوية حول الضغوط المهنية والأسرية والنفسية الملقاة على عاتق المرأة المعاصرة، لكن الهوية البصرية الفريدة التي تصنع بها ماري برونشتاين فيلمها، والأداء المدهش لبطلة الفيلم، سببان جعلا الفيلم يستحق مكانه داخل واحدة من أكبر المسابقات السينمائية السنوية.

آري Ari (فرنسا)

مشاركة مفاجئة من أحد أهم الأصوات الواعدة في السينما الفرنسية، المخرجة والكاتبة ليونور سيراي التي كنا نتوقع أن تستمر في عرض أفلامها في مهرجان كان لفترة من الزمن، فهي ابنة كان التي احتضنها المهرجان من اللحظة الأولى، فعرض فيلمها الأول «امرأة شابة Jeune femme» في مسابقة نظرة ما 2017، لينال جائزة الكاميرا الذهبية لأحسن عمل أول في كافة أقسام المهرجان، ثم اختار كان فيلمها الثاني «أخ صغير Un petit frère» في المسابقة الدولية عام 2022. لكن المخرجة قررت عرض فيلمها الطويل الثالث في مسابقة مهرجان برلين.

بطل الحكاية آري مُدرس متدرب شاب في السابعة والعشرين من عمره، ينهار خلال زيارة لمفتش إلى المدرسة التي يعمل فيها فيُطرد من العمل، وينتهي الأمر بغضب والده من فشله المتكرر ليقرر طرده من المنزل. بسبب شعوره بالحزن والوحدة في المدينة، يضطر آري على مضض لاستعادة علاقاته بأصدقائه القدامى. ومع استعادة ذكريات الشهور الماضية، يبدأ آري في الاكتشاف التدريجي لأن حياة الآخرين قد لا تكون تسير على ما يرام كما كان يعتقد، بينما يقوم بإعادة تقييم نظرته لحياته الشخصية. فيلم ذو موضوع فرنسي بامتياز سنكتشف خلال مشاهدته لماذا قررت ليونور سيراي أن تُطلقه من ألمانيا.

أحلام (حب جنسي) Dreams (Sex Love) (النرويج)

الجزء الأخير من ثلاثية فيلمية يبدو أن مبرمجي مهرجان برلين مقتنعين بها لدرجة الموافقة على إدراج الفيلم في المسابقة الدولية بعدما طُرح في قاعات السينما النرويجية خلال شهر أكتوبر الماضي، ليُمثل عرضه في برلين العرض الدولي الأول خارج دولة الإنتاج (وهي نفس الحالة بالنسبة للفيلم الأمريكي «لو كان لدي أرجل لركلتك»). ثلاثية المخرج داج يوهان هاوجرود أنجزها كلها في وقت واحد، وبدأها العام الماضي بعرض الجزء الأول «جنس Sex» في قسم البانوراما بمهرجان برلين، ثم عرض الجزء الثاني «حب Love» في مسابقة مهرجان فينيسيا خلال سبتمبر الماضي، وها هو يختمها بعض «أحلام» في مسابقة برلين 2025.

الثلاثية هي أهم ما أنجزه المخرج دائم الحضور في المهرجانات الاسكندنافية خلال العقد الأخير، وفيها يحاول تقديم نماذج مختلفة لأشكال العلاقات والحب والجنس في العالم المعاصر. في «أحلام»، تقع يوهان، فتاة في السابعة عشر من عمرها، في حب معلمتها، وتقوم بكتابة نصوص حسية تعبر عن تلك المحبة. تقع النصوص في يد والدتها وجدتها، ليصدمهما محتواها الجنسي، قبل أن يلاحظا القيمة الفنية والأدبية الكبيرة للكلمات المكتوبة بموهبة ملفتة. تبدأ السيدتان في استعادة ذكريات حياتهما العاطفية، وتتذكران ذلك الشعور الساحق للحب الأول.

وبينما تشعر الجدة، وهي شاعرة معروفة، بمزيج من الفخر بموهبة حفيدتها والقلق من محتوى الكتابات، تبدأ في التساؤل حول قدر الحقيقة والخيال فيما كتبته يوهان، وفيما كان من الضروري أن تبقى تلك النصوص مادة شخصية؟ أم يُمكن أن يتم نشرها للعالم حتى تجد موهبة الفتاة طريقها للنور.

عيش الأرض Living the Land (الصين)

الفيلم الصيني الثاني في المسابقة يأتي من مخرج يُمثل برليناله قيمة كبيرة في حياته، هو هيو مينج الذي درس القانون قبل أن يحصل على الماجستير في السينما، ويبدأ في صناعة أفلام قصيرة كفلت له بعض النجاح. لكن اللحظة الأهم في حياته جاءت عام 2020، عندما نظم المهرجان برنامجًا بعنوان  «On Transmission عن التحوّل» يقوم فيه مخرج كبير بتقديم موهبة جديدة للعالم، ليقوم المخرج الصيني الأشهر جيا زانكيه باختيار فيلم مينج الأول «عبور الحدود – تشاوجوان Crossing the Border – Zhaoguan» ليكون العمل الذي يقدم موهبة صاحبه للعالم.

يعود هيو مينج إلى برلين، وتحديدًا إلى المسابقة هذه المرة، بفيلمه الثاني «عيش الأرض»، الذي يروي قصة ملحمية تتضمن شخصيات من أربعة أجيال، لكن نقطة انطلاقها هي العام 1991، حين عاش المجتمع الصيني تحولات اجتماعية واقتصادية أثرت في شكل الحياة الفردية للأسر في كل مكان حول البلاد. المزارعون واجهوا تحدي التقنيات التي تعيد تشكيل نمط حياتهم الريفي، لتنزح عائلة إلى المدينة تاركين ورائهم ابنهم تشوانغ صاحب الأعوام العشرة ليتربى داخل عائلة ممتدة من المجتمع الريفي في القرية. وبينما تمر السنوات وتتابع الفصول، وتتوالي المواليد والوفيات والزيجات، يرصد الفيلم مرونة الإنسان الصيني في التعامل مع عبء المسؤولية الأسرية في عالم يتحرك بسرعة في اتجاه يتعارض مع المعتقدات والقواعد التي عاش بها الصينيون عبر قرون.

لبن ساخن Hot Milk (المملكة المتحدة)

لحظة فنية مهمة ستشهدها مسابقة مهرجان برلين، هي تحول أحد أهم الكاتبات المعاصرات من مقعد التأليف إلى مقعد الإخراج. البريطانية ريبيكا لينكيفيتش هي أحد أبرز كاتبات المسرح والسيناريو خلال القرن الحالي. في 2008، صارت أول كاتبة امرأة يتم إنتاج أعمالها على مسرح أوليفيه ضمن المسرح الملكي الوطني البريطاني. شاركت المخرج البولندي بافيل بافليكوفسكي كتابة فيلمه المرشح للأوسكار «إيدا Ida» عام 2015، بالإضافة لتأليفها عددًا من أنجح النصوص السينمائية الحديثة، من بينها «قالت She Said»، الفيلم المرشح لجائزتي بافتا والذي يؤرخ لبداية حركة مي تو MeToo الشهيرة، وهو السيناريو الذي نالت لينكيفيتش عنه جائزة بول سيلفين من نقابة الكتاب الأمريكية.

في عملها الإخراجي الأول «لبن ساخن» تتجه المؤلفة والمخرجة إلى صيف إسبانيا الحارق، وتحديدًا إلى مدينة ألميريا، حيث تسافر المرأة البريطانية القعيدة روز وابنتها الشابة صوفيا لمقابلة معالج روحاني غامض، على أمل أن يساعد روز على التخلص من المرض الذي يبقيها على كرسي متحرك. في المدينة المشمسة، تبدأ صوفيا في التحرر من سطوة والدتها، عندما تنجذب إلى سائحة ذات روح حرة تدعى إنغريد، لتصير حريتها المتزايدة أكبر مما يمكن أن تحتمله والدتها المسيطرة، لتشتعل العلاقة بينهما بالاستياء والمرارة المكبوتة، بما يهدد الخيوط الهشّة التي تربط بينهما.

ماذا تقول لك الطبيعة What Does that Nature Say to You (كوريا الجنوبية)

إذا كانت لينكيفيتش تعرض فيلمها الأول، فإن الكوري هونج سانج-سو هو المخرج الأكثر نشاطًا في العالم خلال القرن الحالي على الإطلاق، فمنذ عام 1996 وحتى اليوم، صنع 33 فيلمًا طويلًا بخلاف عدة أفلام قصيرة، يقوم فيها بدور المخرج والمؤلف والمصور والمونتير ومصمم الصوت ومؤلف الموسيقى. باختصار، صنع مدرسة سينمائية كاملة لها محبيها وكارهيها، لكنه لا يتوقف عن العمل المستمر، ولا تتوقف المهرجانات عن الاحتفاء به، فشارك في كان بعشرة أفلام مختلفة، وفي فينيسيا بفيلمين، وفي لوكارنو بأربعة أفلام.

أما في برلين، فهذه مشاركته الثامنة في المسابقة والعاشرة في المهرجان بشكل عام.

 

موقع "فاصلة" السعودي في

10.02.2025

 
 
 
 
 

مهرجان برلين السينمائي ينعقد هذا العام مواجها التوترات السياسية

المهرجان الذي يُعدّ حدثا سينمائيا تقدميا تتردد فيه القضايا السياسية الراهنة، سيمنح جائزة الدب الذهبي عشية الانتخابات التشريعية المبكرة.

برلينينطلق مهرجان برلين السينمائي الدولي في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، وسط وضع سياسي مضطرب في ألمانيا ومختلف أنحاء العالم. ورغم ذلك سيشهد حضور عدد كبير من النجوم بينهم جيسيكا تشاستين وماريون كوتيار وروبرت باتينسون وتيموتيه شالاميه وإيثان هوك، في دورته الخامسة والسبعين.

وسيمنح مهرجان برلين السينمائي الذي يُعدّ حدثا سينمائيا تقدميا تتردد فيه القضايا السياسية الراهنة، جائزة الدب الذهبي عشية الانتخابات التشريعية المبكرة.

وتؤدي حملة متوترة في آخر أيامها بالإضافة إلى احتمال تحقيق نتيجة تاريخية لليمين المتطرف في الانتخابات، إلى زيادة الضغوط على السجادة الحمراء، حيث ستتم متابعة تصريحات صانعي الأفلام أو النجوم، وخصوصا الألمان منهم. وفي العام الفائت، أُثير جدل بشأن دعوة أو عدم دعوة مسؤولين منتخبين من حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف، إلى المهرجان.

وستُطرح مسألة الهجرة في فيلم “ذي لايت” للمخرج توم تيكوير والذي سيُفتتح به المهرجان. ويتمحور هذا العمل على امرأة سورية تصبح مدبرة منزل لدى عائلة ألمانية.

وقالت مديرة المهرجان الجديدة تريشا تاتل إنّ السياسة موجودة “في الحمض النووي للمدينة والمهرجان نفسه”، آملة في أن “يتحدث الجمهور عن الأفلام نفسها.”

خلال حفلة توزيع الجوائز في العام الفائت، انتقد عدد كبير من المخرجين الهجوم الإسرائيلي على غزة الذي خلف أكثر من 48 ألف قتيل معظمهم من المدنيين.

واعتبر ناطق باسم الحكومة الألمانية أن “من غير المقبول” ألا يدين المخرجون أيضا هجوم حماس في السابع من أكتوبر.

وترى تاتل أنّ الجدل أدى إلى ثني بعض المخرجين عن المشاركة هذا العام. وقالت “لقد تواصل معنا عدد كبير من صانعي الأفلام من الدول العربية خلال الأسابيع الأخيرة للتأكد من أن المهرجان هو مساحة للحوار والخطاب المفتوح.”

ويبرز في برنامج المهرجان هذه السنة فيلم وثائقي عن الممثل الإسرائيلي الذي احتُجز كرهينة في قطاع غزة ديفيد كونيو. بعد 80 عاما على نهاية الحرب العالمية الثانية، يتناول فيلم وثائقي آخر كيفية إنجاز فيلم “شواه” للمخرج كلود لانزمان، والذي سيتم عرضه خلال المهرجان أيضا.

ويخسر برليناله، وهو أول حدث سينمائي عالمي بارز يُقام هذا العام، زخمه مقارنة بمهرجاني البندقية وكان اللذين يستقطبان كل الأضواء.

وتتمثل مهمة تاتل في إعادة بث الزخم في المهرجان. ومن المتوقع حضور تيموتيه شالاميه لمواكبة عرض فيلم “إيه كومبليت أنّون” المتمحور على بوب ديلان، والذي بدأ عرضه في عدد كبير من البلدان.

وسيحضر روبرت باتينسون المهرجان بمناسبة عرض “ميكي 17” الذي يمثل عودة بونغ جون هو إلى السينما، بعد حصوله على السعفة الذهبية في مهرجان كان وفوزه بجائزة أوسكار عام 2019 عن فيلم “باراسايت”. ويقدم المخرج الكوري الجنوبي، خارج المنافسة، فيلما كوميديا من نوع الخيال العلمي فيه تلميحات للعصر الراهن من خلال السخرية من ملياردير يشبه إيلون ماسك، الذي يُعد أيضا من مؤيدي حزب البديل من أجل ألمانيا في ألمانيا.

ومن بين النجوم الآخرين المرتقب حضورهم، تيلدا سوينتون التي ستُمنَح جائزة الدب الذهبي الفخرية تقديرا لمجمل مسيرتها، بالإضافة إلى ماريون كوتيار، إحدى أشهر الممثلات الفرنسيات في العالم، والنجمة الصينية فان بينغ بينغ.

تريشا تاتلالسياسة موجودة "في الحمض النووي" للمدينة والمهرجان نفسه

وبينغ بينغ هي عضو في لجنة التحكيم المسؤولة عن منح جائزة الدب الذهبي والتي يرأسها المخرج تود هاينز. وقد فاز بهذه الجائزة خلال العام الفائت الفيلم الوثائقي “داهومي” للمخرجة الفرنسية – السنغالية ماتي ديوب.

ويتنافس للفوز بالدب الذهبي المخرج الأميركي ريتشارد لينكلاتر، والكوري الجنوبي هونغ سانغ سو، والمكسيكي ميشال فرانكو والروماني رادو جود.

وسيشهد المهرجان عرض فيلم “لا كاش” المقتبس من رواية لكريستوف بولتانسكي، والذي تدور أحداثه حول عائلة يهودية باريسية من فترة الاحتلال حتى مايو 1968. ويشارك في الفيلم الممثل الفرنسي ميشال بلان الذي توفي في أكتوبر الماضي، في دور هو الأخير له.

الفيلم العربي الوحيد في المسابقة الدولية لبرليناله، هو فيلم “يونان” للمخرج أمير فخرالدين وهو سوري مقيم في ألمانيا تعود جذوره إلى هضبة الجولان، والفيلم يعتبر متعدد الجنسيات، فهو من إنتاج سبع دول هي: ألمانيا وكندا وإيطاليا وفلسطين وقطر والأردن والسعودية.

كذلك تعرض أفلام أخرى ضمن أقسام المهرجان، منها فيلم “المستعمرة” المصري الذي يعد أول فيلم عربي يشارك في النسخة الأولى من المسابقة الجديدة “وجهة نظر”، وهو للمخرج المصري محمد رشاد. ويعرض فيلم “رؤوس مشتعلة” للمخرجة التونسية مايا عجمية زلامة، وفيلم “ضي، سيرة أهل الضي” للمخرج المصري كريم الشناوي، وفيلم “يلا باكور” للمخرجة الأردنية –الفلسطينية عريب زعيتر.

ويقدم فيلم “خرطوم” السوداني عرضه الأوروبي الأول في بانوراما برليناله. كما اختار قسم الفوروم الممتد ضمن المهرجان هذا العام فيلمين للمشاركة هما فيلم “آخر يوم” للمخرج المصري محمود إبراهيم وفيلم “البساتين” للمخرج اللبناني أنطوان شعبان.

ويشارك المخرج العراقي علي يحي بفيلمه “تجري من تحتها الأنهار” في قسم الجيل، والذي يصور في منطقة الأهوار في جنوب العراق، التي يعيش فيها إبراهيم الشاب الذي لا يشاركه حياته سوى حيوان الجاموس الخاص به. حتى يتسبب التغير المناخي في كارثة بيئية تهدد الحياة.

 

العرب اللندنية في

11.02.2025

 
 
 
 
 

برلين 75: هل ستنقذ الأميركية تريشا توتل المهرجان المهدد؟

هوفيك حبشيان - المصدربرلين- النهار

تأتي الدورة الخامسة والسبعون من مهرجان برلين السينمائي (13-23 شباط) في لحظة مفصلية (تغيير إدارة، انتخابات ترجّح كفة اليمين، الخ) لهذا الحدث الذي لطالما اعتُبر ملتقى للأفكار السينمائية وفضاءً يعكس ما يجري في العالم، وأحياناً ينعكس عليه بشكل سلبي، كما كانت الحال العام الماضي مع تداعيات "طوفان الأقصى". 
19
فيلماً طويلاً ستتنافس في الأيام المقبلة ضمن المسابقة الرسمية، في تشكيلة أعمال تتنوّع بين إنتاجات من أوروبا، الأميركتين الشمالية والجنوبية، آسيا، وغيرها من المناطق التي ستعطينا آخر أخبارها من خلال الشاشة. وبينما يبدو بعض الأسماء غير مألوف للجمهور العريض، فإن النقّاد يعوّلون على اكتشاف مواهب واتجاهات جديدة، من خلال هذا المنبر الذي تباهى دائماً بأنه الأكثر انحيازاً إلى السياسة بمفهومها الضيق

البرليناله، المعروف لكونه أكثر مهرجان يُقبل عليه الجمهور، يواجه مرحلة انتقالية بعد سلسلة من الأزمات. الإدارة الفنية انتقلت إلى الأميركية تريشا توتل بعد فترة صعبة قادها الإيطالي كارلو شاتريان طوال خمس دورات، قبل ان يستقيل تحت الضغط، إثر انتقادات بالمساهمة في انهيار مستوى المهرجان، تزامنت مع أزمات داخلية، بالاضافة إلى حظّه السيئ في تسلّمه أول دورة مع بدء الجائحة. توتل، المعروفة بدورها في تطوير مهرجان لندن السينمائي، ستسعى على ما يبدو إلى إعادة تشكيل هوية البرليناله وانقاذ كيانه المهدد، مع ما يعني ذلك من تحديات كثيرة، في زمن ما عاد للأشياء المعنى نفسه الذي كانت له من قبل. ولكن، هل ستكون على مستوى المسؤولية؟

الدورة الحالية تراهن على أفلام ذات مواضيع سياسية واجتماعية تتناول قضايا الهوية، الهجرة والتغييرات المناخية وغيرها من الشؤون المتصلة بالواقع. رغم غياب القامات الكبيرة التي عادةً ما تذهب إلى كانّ والبندقية، هناك حديث عن أعمال قد تحمل مفاجآت سارة، خاصةً مع ازدياد الاهتمام بالأفلام المستقلة من خارج دائرة الإنتاج التقليدي.

الجمهور يظل العنصر الأهم في البرليناله، حيث سجّل العام الماضي أكثر من 447 ألف زيارة لقاعات العرض. وربما بسبب أحوال الطقس القاسية، يبقى الجو العام بعيداً من البريق الهوليوودي الذي يميز كانّ والبندقية. لكن هذا قد يكون بالضبط ما يمنح المهرجان (غير المشغول بالمظاهر) خصوصيته: التركيز على السينما باعتبارها فعل تغيير. ويبقى السؤال: هل ستنجح الدورة هذه في تجاوز أخطاء الماضي وترك بصمة مميزة تماشياً مع متطلّبات العصر وتجاوزاً لأزماته؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة.

العودة

رغم غياب الأسماء الألمانية المعتادة في المسابقة الرسمية، سيحظى المخرج الألماني توم تيكفر بشرف افتتاح الحدث بفيلمه الجديد "الضوء"، المشارك خارج المنافسة. يعود تيكفر إلى برلين بعد مرور أكثر من عقد ونصف العقد على تقديم "العالمي"، مع التذكير بأنه بدأ مسيرته في تسعينات القرن الماضي، وهو يُعتبر اليوم من أبرز المخرجين الأوروبيين الذين خاضوا تجارب سينمائية متنوعة. عرف شهرة دولية مع فيلمه "اركضي لولا اركضي". مسيرته اتّسمت بتقلّبات مثيرة، بين أفلام هوليوودية ضخمة واقتباسات وتأليف موسيقى. يبدو "الضوء" خطوة مختلفة في مسيرته، إذ يتناول قصّة لاجئة سورية تعمل لدى عائلة ألمانية وتترك بصمتها على حياة أفرادها.

رغم أن ألمانيا تستقبل منذ أكثر من عشر سنوات نحو مليون لاجئ سوري، فالسينما الألمانية لم تمنح هذه الظاهرة الاهتمام الذي تستحقّه. لذلك، يُعتبر "الضوء" محاولة جريئة للخوض في هذا النقاش. لكن، في السنوات الأخيرة، لم تكن أفلام الافتتاح في المهرجان محط إشادة نقدية، خصوصاً ان اختيارات الإدارة اتسمت باعتبارات قد تكون رمزية أكثر منها فنية. سيظل رهن تقييم النقّاد والجمهور في الأيام المقبلة، ما إذا كان تيكفر سيكسر هذه القاعدة هذا العام.

تحديات

هذه النسخة تأتي وسط تحديات إنتاجية في السينما الأوروبية بفعل الأزمة الاقتصادية المستمرة. بعد تعيين توتل مديرة وحيدة للمهرجان، عقب فشل نموذج الإدارة المزدوجة في عهد شاتريان/ريسنبيك، توقّع كثيرون أن يشهد الحدث السينمائي الأبرز في ألمانيا تحولات جذرية.

جاءت توتل محمّلة تطلعات لإعادة هيكلة البرليناله وتوجيهه نحو سينما أكثر جذباً لجيل جديد من المخرجين والجمهور. ورغم هذه الآمال، لم تظهر حتى الآن سوى تغييرات محدودة تقتصر على تعديلات طفيفة. المسألة هنا ليست مجرد اتخاذ قرارات ثورية، بل التعامل الحذر مع مؤسسة ثقافية متجذّرة في تقاليد تمتد لعقود. من بين التحديات الكبرى التي تواجه توتل، إعادة ثقة الجمهور بالمهرجان بعد الانتقادات التي طالت إدارته السابقة بسبب غياب التوازن بين الأفلام الجماهيرية وسينما المؤلف، فضلاً عن أزمات سياسية أضعفت صورته.
بعد عامين ترأست فيهما فنّانتان من الولايات المتحدة لجنة التحكيم، يأتي المخرج الأميركي تود هاينز هذا العام لقيادة اللجنة، في واحدة من أصعب المهام. مع أكثر من 130 فيلماً طويلاً في مختلف الأقسام، يدور الرهان حول قدرة المهرجان على إعادة ابتكار هويته وتجاوز الأزمات والخروج بصيغة تليق بأهمية البقعة الجغرافية التي يجري فيها

أفلام متنافسة

المسابقة التي سيتم اختيار الجوائز منها، عبارة عن تشكيلة متنوعة من الأفلام، تتضمّن أعمالاً لمخرجين معروفين وآخرين يسعون إلى إثبات أنفسهم. أبرز هذه الأعمال: "بلو مون" للأميركي ريتشارد لينكلايتر الذي يأتي برؤية سينمائية جديدة تجمع بين الموسيقى والدراما، متناولاً سيرة كاتب الأغاني الأميركي لورنز هارت. الفيلم يضم مارغريت كويلي وإيثان هوك في الأدوار الرئيسية. "أحلام" للمكسيكي ميشال فرنكو. فيلم عن قصّة راقص باليه مكسيكي يسعى إلى تحقيق الشهرة في الولايات المتحدة. يتعاون فرنكو مجدّداً مع النجمة جسيكا تشاستاين بعد عمله معها في فيلمه السابق "ذاكرة". الدراما تتصاعد عندما يكتشف البطل أن وصوله إلى أميركا يخربط استقرار حياة حبيبته. "كونتيننتال 25" للروماني رادو جود، المعروف بنهجه الجريء في تناول القضايا الاجتماعية، وها هو يقدّم رؤية نقدية جديدة من خلال مزيج من الدراما والكوميديا، مناقشاً مواضيع جادة بأسلوب عبثي ساخر.

هناك أيضاً أحدث أفلام الكوري هونغ سانغ سو العائد إلى برلين بعد مشاركات عدة فيها، حصد بعضها جوائز. والفيلم ما هو سوى تسكّعات شاعر. أخيراً، سنشاهد "يونان" لأمير فخر الدين، المخرج الذي يأتي من الجولان. الفيلم من بطولة هانّا شيغولا وجورج خبّاز ويحكي عن منير الذي ينتقل إلى جزيرة لاتخاذ قرار مصيري، حيث يلتقي بفاليسكا. يستكشف الفيلم العلاقات الإنسانية بالكثير من الحميمية.

أعمال منتظرة

بعيداً من المسابقة الرسمية التي تظل مركز الاهتمام الإعلامي، هناك الكثير من الأعمال التي ستجد جمهورها في أقسام أخرى تأتي برؤى غير تقليدية. من بين الأفلام المنتظرة خارج المنافسة، يبرز فيلم "ميكي 17" للكوري الجنوبي بونغ جون هو، الذي سبق أن أثار الاهتمام مع "بارازيت"، بعد نيله "سعفة" كانّ. هذه المرة يتّجه إلى الخيال العلمي، مستوحياً عمله من رواية لإدوارد أشتون. الفيلم يضم روبرت باتينسون ويستكشف موضوعات الحياة والهوية في سياق مستقبلي. غياب هذا الفيلم عن المسابقة يثير استغراب البعض، خاصةً بالنظر إلى الثقل السينمائي الذي يحمله اسم المخرج الكوري.

في خطوة لتعزيز حضور المواهب الصاعدة، أطلق المهرجان قسماً جديداً بعنوان "برسبكتيف"، الذي يحلّ محل قسم "لقاءات". هذا القسم يفتح الباب أمام التجارب الإخراجية الأولى ويمنح مساحة للأصوات السينمائية الجديدة. من بين الأعمال المنتظرة فيه: "المستعمرة" للمصري محمّد رشاد، الذي يستعرض حياة شاب إسكندري يتولى مسؤولية عائلته بعد وفاة والده، في سردية تجمع بين المأساة والبحث عن الذات. وستواصل أقسام عريقة مثل "فوروم" و"جيل" الحفاظ على هويتها التحريرية التي تدعم سينما ذات لمسات تجريبية ومستقلة، في حين ينتظر الجمهور اكتشافات مثيرة ضمن قسم "بانوراما"، الذي يضم 24 فيلماً هذا العام، ما بين قصص ملهمة وأعمال تستكشف قضايا اجتماعية وسياسية شائكة.

أخيراً، ستكون الممثّلة البريطانية تيلدا سوينتون تحت الأضواء، اذ ستُمنح جائزة "الدبّ الفخري" عن مجمل أعمالها. هذا التكريم يأتي بعد دورة شهدت احتفاءً بمارتن سكورسيزي، في تقليد يسعى المهرجان للحفاظ عليه.

 

النهار اللبنانية في

12.02.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004