ملفات خاصة

 
 
 

برلين 75 - "مجهول تماماً":

نكتب الشعر ونعزف ونغنّي لعالم أفضل!

هوفيك حبشيان - المصدربرلين - النهار

برلين السينمائي

الدورة الخامسة والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

ينطلق "مجهول تماماً" لجيمس منغولد، المرشّح لثماني جوائز "أوسكار" والمعروض حالياً في مهرجان برلين السينمائي (13 - 23 شباط) من نيويورك في أوائل الستينات، وسط مشهد موسيقي حيوي مزدهر، نابض بمحاولات التجديد والتحديث. من حيث لا نتوقّعه، يطل علينا بوب ديلان (تيموتي شالاميه)، آتياً من مينيسوتا، حاملاً غيتاره وأفكاره الطليعية. بموهبته الفذّة وشغفه بالشعر والغناء والعزف، سيتمكّن من اعادة ترتيب بيت الموسيقى الأميركية التي كانت حتى ذلك الحين محصورة في مواضيع الحبّ البريء التي خلّدها أمثال إلفيس بريسلي.

لم يكتفِ ديلان، الفائز بـ"نوبل" الآداب عن شعره المُغنَّى، بتكرار النمط السائد في نهاية الخمسينات وبداية الستينات، بل اتّجه إلى غرينويتش فيلادج، حيث احتك بأبرز رموز الشعر والغناء، ممّا أطلق شرارة صعوده الاستثنائي السريع. خلال أربع سنوات، تحوّل أيقونة موسيقية ساهمت في تغيير وجه الغناء الأميركي. كانت أغنيته الشهيرة "بلووين إن دا ويند" (1962) نقطة تحول كبرى في سيرته وسيرة الأغنية الأميركية، وذلك بعدما أصبحت نشيد أناشيد التمرد والتغيير الاجتماعي السلمي، يتساءل فيه ديلان عن الزمن الذي لا تزال البشرية تحتاجه لتحقيق السلام. بشاعرية تحمل صوت الاعتراض عالياً، كرّس روح الستينات الثائرة، مختزلاً في أنين الهارمونيكا حركات الحقوق المدنية ومعاداة الحروب. أقل ما يمكن القول ان هذا الزمن ولّى ورؤيته على الشاشة مستعاداً بكل تفاصيله، صوتاً وصورةً، أمام كاميرا أحد أبرع صنّاع الصورة، شيء مثير للبهجة

هذا ما هو عليه، باختصار، فيلم منغولد الذي يروي لحظة دخول ديلان إلى المشهد الغنائي في الستينات، بالقول: "كانت لحظة من الانفتاح في مجال الفنون. كلّ شيء كان يحدث في الجزء السفلي من مانهاتن. ازدهار موسيقى الجاز الحديثة مع مايلز ديفيس وتطور الكوميديا الجريئة مع ليني بروس، وانفجار "البوب آرت" واستوديو "ذا فاكتوري“ الشهير لأندي وارهول وحركة موسيقى الفولك التي بدأها وودي غوثري وبيتي سيغر. وصل الشاب بوب ديلان في مطلع 1961، لينخرط في حركة كانت تبحث عن زعيم من دون أن تدري ذلك. الوسط الموسيقي تبنّاه قبل ان يصبح وحده أهم من هذا الوسط كله“.

وسط هذه الفوضى، كانت حركة الحقوق المدنية تكتسب قوة متزايدة، ولعل أبرز تجلياتها مسيرة عام 1963 إلى واشنطن عند نصب لينكون التذكاري، حيث قدّم بوب ديلان أغنيته قبيل خطاب "لديّ حلم" التاريخي لمارتن لوثر كينغ. هذه الحقبة غلب عليها الصراع بين القيم القديمة والتطلعات الجديدة. ظلّ ديلان بعيداً من العمل التغييري المباشر، لكن لطالما ترجم قناعاته إلى موسيقى، ليشعل بها حماسة جيل كامل. وعلى مدار العقود الستّة التالية، استطاع أن يثبت مكانته كأحد الرموز الثقافية والموسيقية التي شكّلت الوعي المعاصر.

بكلاسيكية يملك الأميركيون سرها، متفوقين فيها على غيرهم، يتناول الفيلم صعود ديلان، من دون ان يتحوّل ولو للحظة إلى "دراسة في شخصية"، مع اصرار دائم على رواية الموسيقى والشعر والزمن الأميركي الستيناتي من خلاله. لعبة المرايا بين ديلان والزمن الذي عاصره وأحدث فيه تأثيراً عميقاً، واضحة في مقاربة منغولد. فيلمه استكشاف لهواجس وأسرار فنّان كان في قلب ثورة فنية، ممّا يمنح القصّة بُعداً يتجاوز السيرة التقليدية. ورغم أن ديلان في صلب الحكاية، فالفيلم لا يقتصر عليه وحده، اذ انه يعرض بانوراما للحركة الموسيقية في مطلع الستينات، موثّقاً كيفية تفاعله مع مجموعة من مجايليه. من خلال المنافسة والشراكات التي نشأت بينهم عاماً بعد عام، يرسم الفيلم صورة حيّة للمشهد الثقافي الأميركي. هذا كله يأخذ من زمن متوتر، مسرحاً للأحداث.

تشغل الأغنية مكانة محورية في "مجهول تماماً"، فهي ليست مجرد عنصر داخل السرد، بل محرك أساسي للأحداث والشخصيات. في عالم جيمس منغولد، تصبح الموسيقى ويصبح الغناء لغة التواصل الأسمى، تُستخدَم للتعبير عن الصراعات والمنافسات والتفاعلات الإنسانية. الشخصيات، مهما بلغ تأثيرها، تُختزَل إلى أدوات تخدم حضور الأغنية، ممّا يعكس قوة الفنّ في تشكيل الواقع.

تيموتي شالاميه ارتقى بشخصية ديلان إلى مستوى غير متوقّع. ما يميزه أنه لم يسعَ إلى تقليده حرفياً أو تجميل صورته، متفادياً الوقوع في فخ المحاكاة السطحية. هذا الأداء لم يرتجله، بل استعد له بتفانٍ ملحوظ، بعدما خضع لتدريبات موسيقية مكثّفة على مدى خمس سنوات، ممّا مكّنه من إتقان المهارات المطلوبة للعزف والغناء. هذا الالتزام ظهر بوضوح في أدائه الذي لم يكن مجرد تماهٍ بل تقمّص حقيقي للفنّان الثوري، قلباً وقالباً. اختيار منغولد لشالاميه ضربة موفّقة، ويمكن القول ان نجاح الفيلم راح يتبلور مذ اختيار هذا الممثّل الذي أضفى روحاً أصيلة على الشخصية.

يتوج الفيلم بنصف ساعة أخيرة حماسية، يعيد تجسيد حفل نيوبورت عام 1965، وهي لحظة مهمة لفهم رغبة بوب ديلان في التحرر من القيود الفنية. في ذلك الحفل، كسر ديلان التوقّعات عندما اعتلى المسرح بموسيقى إلكترونية، متحدياً جمهوره الذي اعتاد على أسلوبه وطالبه بتقديم أغانيه الشهيرة. واجه ديلان رفضاً عنيفاً، سواء من الذين ساهموا في ايصاله أو من محبيه، لكن عناده وإصراره كانا إعلاناً واضحاً وصريحاً لا لبس فيه لنبذه فكرة الانحصار في قالب موسيقي واحد. منغولد يستعين بهذا الحدث محولاً إياه ذروة درامية، تساعده في الإضاءة على علاقة الفنّ بالحرية والاستقلالية. فهو يقدّم ديلان فنّاناً يدرك أن التقوقع يعني موته الحقيقي، وان المغامرة الفنية هي جوهر تجربة الخلق. اختياره لإنهاء الفيلم بهذا الفصل يعكس رؤية ديلان الجريئة التي سبقت زمنها والتي رسخت مكانته كأيقونة ورمز

 

النهار اللبنانية في

16.02.2025

 
 
 
 
 

رسالة برلين السينمائي: "المسار الأزرق"

سليم البيك

كانت السيدة تعيش لوحدها، تعمل بجد، تخرج مع صديقتها، قبل أن يجبرها نظام رأسمالي على اعتقادٍ بأنها عالة، وعلى التصرف بحسب ذلك، وأخيراً على الخضوع لتبعات ذلك.

في عموم سينما أمريكا اللاتينية، وللإرث التاريخي والسياسي وبالتالي الثقافي ومنه السينمائي لهذه القارة، ومهما كان موضوع الفيلم، نجد غالباً مساحات خاصة بالمسائل الاجتماعية، الطبقيّة منها تحديداً، وقد تذوّتت هذه المسائل بالمواضيع الأدبية والسينمائية هناك، من بينها كان هذا الفيلم، "المسار الأزرق" (The Blue Trail).

فيلم البرازيلي غابرييل ماسكارو المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي، وإضافة إلى الإشارة أعلاه، له إرث سينما اجتماعية تخصصت بها السينما البرازيلية قبل أكثر من نصف قرن، "سينما نوفو"، أو النسخة البرازيلية/اللاتينية من "الواقعية الجديدة" الإيطالية/الأوروبية. فلا ينقل هذا الفيلم، حَسَنُ القصّة والصورة، مساراً شاقاً لسيدة أوصلها فقرُها إليه، بل مع إشارة إلى أن الأغنياء غير مضطرين إلى اتخاذ المسار ذاته.

أما المسار فهو أساس القصة: الدولة تجبر المتقدمين في العمر على الالتحاق بمستعمرة، نوع من دار مسنّين يبقى فيه هؤلاء، غير المفيدين في المجتمع، إلى أن يتوفّوا. المرأة التي أُجبرت، وهي على رأس عملها، على ترك العمل، ومُنحت ابنتها "حضانة" أمّها، كصاحبة قرار في شأنها، فلا تستطيع الأخيرة السفر من دون إذن الأولى.

يظهر الفيلم هذا التوجهَ الحكومي بشكل كاريكاتوري، في إعلانات متكررة بأن الحكومة تتوّج هؤلاء "العجزة"، في كونهم تراثاً وطنياً حيّاً، قبل أن تلاحقهم وتعتقلهم مودعة إياهم في عربة بقفص مكشوف، كما تُلتقَط الحيوانات السائبة، المشكلة خطراً على المجتمع.

من البداية، تقرر السيدة الهرب، والفيلم كلّه متمحور حولها، الشخصية هنا هي الفيلم. تقرر أن تحقق حلمها في ركوب طائرة قبل أن يلتقطوها ويودعوها في المستعمرة، تقوم برحلة في مياه الأمازون لذلك، سائق القارب يخبرها عن سائل أزرق تفرزه حلزونة نادرة، القطرة منها في العينين تكشف المستقبل.

لكن الفيلم المتبعثرة فيه عناصر واقعية سحرية لاتينية، مدموجة بالمسألة الاجتماعية، والمنغمس في مياه الأمازون وغاباته، يتخذ، الفيلم، بلحاقه بالسيدة، مساراً جاعلاً من السائل الأزرق في صلبَ مسألته الاجتماعية، ليكون المستقبل بمسار أزرق، مائيّ، مودٍ إليه، هو القرار بالرفض، والهرب فعلاً لا خرافةً، إلى الحرية التي تجدها السيدة مع أخرى تشاركها سفينة.

يمكن للفيلم أن يكون تمثيلاً لحال أفراد تقدموا في العمر وصاروا في نظر الدولة والمقربين عالةً، وإن لزم الأمر أُجبر الأفراد على أن يكونوا عالة، وإن تطلب ذلك ملاحقة واعتقالاً وتضييقاً في التنقل.

كانت السيدة تعيش لوحدها، تعمل بجد، تخرج مع صديقتها، قبل أن يجبرها نظام رأسمالي على اعتقادٍ بأنها عالة، وعلى التصرف بحسب ذلك، وأخيراً على الخضوع لتبعات ذلك.

محرر المجلة. روائي وناقد سينمائي فلسطيني

 

مجلة رمان الثقافية في

16.02.2025

 
 
 
 
 

على هامش فعاليات مهرجان برلين الـ 75 ..

«تورنتو السينمائي» يعلن تشكيل لجنة استشارية لإطلاق سوق رسمية عام 2026

برلين ـ «سينماتوغراف»

أعلنت إدارة «مهرجان تورنتو السينمائي»، عن أسماء الأعضاء المؤسسين للجنة الاستشارية للسوق، التي تضم 7 من أبرز صناع السينما العالمية بدول مختلفة، وهم نيف فيشمان، ونوح سيجال، ومونيك سيمارد، وكيري سوانسون من كندا، وفينسينت مارافال، وجيروم بايارد من فرنسا، وروج ساذرلاند من الولايات المتحدة الأميركية، وذلك في إطار اتجاه المهرجان إلى إطلاق سوق رسمية عام 2026.

وفي حديثها » خلال «مهرجان برلين السينمائي»، قالت أنيتا لي، مديرة برمجة تورنتو، إن اللجنة ستضم في النهاية نحو 12 عضوًا، وبعد تحديد أعضائها من أميركا الشمالية وأوروبا، ستضيف الآن المزيد من القوة الدولية.

وأضافت: «من المتوقع أن ينضم إلى المجموعة الاستشارية مسؤولون تنفيذيون يتمتعون بخبرة في مجال التلفزيون، إذ لا تقتصر السوق الجديدة على الأفلام فحسب بل تغطي المسلسلات أيضًا».

وقالت «لي» عندما سُئلت عن ردود الفعل تجاه الأخبار التي تفيد بإطلاق السوق: «كان هناك قدر كبير من الاهتمام والإثارة، وتلقينا الكثير من النصائح». وأضافت: «إنشاء هذه اللجنة الاستشارية هو في الواقع نتيجة لذلك.. نحن نستمع إلى الصناعة».

فيما قال الرئيس التنفيذي لـ«مهرجان تورنتو السينمائي الدولي» كاميرون بيلي: «الخطط الخاصة بالسوق الرسمية تهدف إلى وضع مهرجان تورنتو السينمائي الدولي كبوابة إلى أميركا الشمالية للمسؤولين التنفيذيين الدوليين».

سيقام مهرجان تورنتو السينمائي الدولي في نسخته الخمسين هذا العام، وهو يمهد الطريق لإطلاق سوقه في عام 2026، وتتمثل الخطة في زيادة عدد مندوبي الصناعة من نحو 5 آلاف إلى أكثر من 12 ألفًا في غضون 5 سنوات.

 

####

 

خلال مؤتمر صحفي بمهرجان برلين الـ 75..

ماريون كوتيار تشبه صورتها العامة بتأثير الكاميرا الملعونة في فيلمها «برج الجليد»

برلين ـ «سينماتوغراف»

قالت الممثلة الفرنسية ماريون كوتيار إن صورتها العامة تشبه الانعكاسات المشوهة التي التقطتها الكاميرا الملعونة في أحدث أفلامها "برج الجليد، The Ice Tower" - منفصلة عن الواقع.

وفي معرض الترويج للفيلم المأخوذ عن قصة خيالية من تأليف هانز كريستيان أندرسن في مهرجان برلين السينمائي اليوم الأحد قالت كوتيار إن شخصيتها الحقيقية تختلف عن تصور الجمهور لها.

وقالت للصحفيين في العاصمة الألمانية "الجمهور العام اخترعاً دائماً مع حياة ممثلين لم يقابلوهما قط" وهذا بعيد كل البعد عن الواقع.

وأضافت "أحيانا تشعر وكأنك تمكنت من العيش مع نفسك وحب نفسك. ثم تحدث انتكاسات لأن شيئاً ما يحدث في حياتك يجعلك تنظر إلى نفسك مرة أخرى بحكم وقسوة".

قالت كوتيار، التي فازت بجائزة الأوسكار في عام 2008 عن فيلم "الحياة الوردية"، إنها في حين تحاول حماية نفسها قدر الإمكان من هذا التصور، إلا أنه في بعض الأحيان لا يزال يؤثر عليها.

وقالت: "سواء كانت ردود الفعل إيجابية أو سلبية، فهي دائمًا .. مرآة مشوهة تمامًا".

فيلم "برج الجليد" للمخرجة الفرنسية لوسيل هادزيهاليلوفيتش هو واحد من 19 فيلمًا تتنافس على جائزة الدب الذهبي الكبرى.

يستند الفيلم إلى قصة خيالية "ملكة الثلج" لأندرسن والتي كانت أيضًا بمثابة مصدر إلهام لفيلم ديزني الشهير "فروزن".

في القصة، تمتلك ملكة الثلج مرآة ملعونة تشوه مظهر كل شيء تعكسه لإظهار أسوأ جوانبه فقط.

في نسخة هادزيهاليلوفيتش، التي تدور أحداثها في باريس في السبعينيات، تم استبدال المرآة بعدسة كاميرا يتم استخدامها لتصوير فيلم "ملكة الثلج"، بطولة كريستينا الجميلة المنعزلة التي تلعب دورها كوتيار.

وتلجأ جان الهاربة، التي تلعب دورها الممثلة الجديدة كلارا باتشيني، إلى استوديو الفيلم وسرعان ما تقع في حب كريستينا التي ترد لها الحب - ولكن على حسابها في النهاية.

وصفت كوتيار قرار استبدال المرآة بأنه "عميق حقًا" و"إنه يقول الكثير عن العالم الذي نعيش فيه في الوقت الحاضر".

وأضافت الممثلة أنها لم تصادف حكاية أندرسن الأصلية إلا في وقت متأخر من حياتها.

وقالت: "استغرق الأمر بعض الوقت حتى أدركت أن فيلم ديزني كان بعيدًا جدًا عن السرد الأصلي".

 

####

 

تلعب بطولته كوتيار ويشارك بمسابقة برلين السينمائي ..

مراجعة | «برج الجليد» لـ لوسيل هادزيهيلوفيتش إلقاء تعويذة في تنويم سينمائي مرعب

برلين ـ خاص «سينماتوغراف»

في عالم الخيال المظلم البارد "برج الجليد، The Ice Tower" للمخرجة الفرنسية لوسيل هادزيهيلوفيتش، تهرب يتيمة من منزلها بالتبني وتلجأ إلى قبو استوديو سينمائي، فتجد نفسها منجذبة إلى الإنتاج - وبطلته، التي تلعب دورها ماريون كوتيار - بنفس الطريقة التي قد يتم بها إغراء طفلة في قصة هانز كريستين أندرسون حيث تقع في براثن ساحرة شريرة.

ومن المناسب تمامًا أن يكون السيناريو الذي يصورونه هو ""ملكة الثلج""، وهي جوانب تتردد صداها عبر طبقات الفيلم العديدة، حيث تأمل هادزيهيلوفيتش في حبسها داخل منشورها البلوري.

تعاونت كوتيار و هادزيهيلوفيتش من قبل، في وقت مبكر من حياتهما المهنية، في فيلم "البراءة" عام 2004، حيث زرعت المخرجة لأول مرة البذور غير المقدسة التي لا تزال تحصدها بعد كل هذه السنوات: مشاريع مقلقة ولكنها بارعة تصور فيها التنشئة الاجتماعية للأطفال وفقًا لطقوس مرعبة يبدو أن كبارهم فقط يفهمونها.

في فيلم "التطور"، أظهرت أولادًا تم إعدادهم لإنجاب الأطفال، بينما في فيلم "أذن الخنزير"، قام ولي أمر شرير بتركيب مجموعة من أطقم الأسنان المجمدة في فم فتاة، بناءً على تعليمات صريحة من راعٍ بعيد.

وعلى الرغم من كونه مبهرًا ومملًا في نفس الوقت، إلا أن فيلم "برج الجليد" يختلف عن هذا النمط حيث نلتقي بالفتاة جين (كلارا باتشيني) في اليوم السابق لتمكنها من الفرار من منزلها الحاضن، وبعد ذلك، سيكون القرار لها بشأن كيفية اختيار ممارسة حريتها.

حتى الآن، كانت محصورة في كوخ مزدحم في مكان ما مرتفع في جبال الألب، معزولة عن المدينة الكبرى وكل تأثير الثقافة الشعبية تقريبًا. يمكن أن تكون الشهرة مغرية مثل الملوك لشخص نشأ على تناول العصيدة في المناطق النائية، على الرغم من أن مثل هذه المفاهيم يجب أن تُنقل بطريقة أو بأخرى.

تعرف جين "ملكة الثلج" عن ظهر قلب، ولكن هل شاهدت فيلمًا في حياتها؟ هل تصاب بالذهول عندما تواجه كريستينا فان دير بيرج (التي تلعبها كوتيار)، أم أن سذاجتها تنهار بسبب المسافة المذهلة التي يضعها المجتمع بين قيمة هذين الشخصين؟ من غير المعتاد أن تبخل هادزيهيلوفيتش في التفاصيل حول كيفية تربية جين.

ومع ذلك، سيكون من المفيد معرفة ما إذا كانت منجذبة مثل الفراشة إلى الضوء الخافت لجهاز عرض الأفلام، أو ما إذا كان مجرد مصادفة أن تعثرت على هذا الشكل الغريب من السحر الحديث.

على أية حال، ليس من المستغرب أن نرى السينما تلقي تعويذة مرعبة على طفلة يمكن أن تكون بديلة شابة للمخرج في سيرتها الذاتية (بينما الشخص الذي يلعب دور مخرج "ملكة الثلج" في الفيلم ليس سوى زوج هادزيهاليلوفيتش، غاسبار نوي).

ولكن بما أن "برج الجليد" تدور أحداثه في السبعينيات (عندما كان بعض صناع الأفلام يحاولون إغواء القاصرين)، فربما كان من المنطقي أن يحدث كل هذا خلال بروفات مسرحية شخصية.

هنا أحاول فرض المنطق على أسلوب المخرجة الفرنسية المبني على الحواس إلى حد كبير، والذي يقلل من الحوار ويحتضن الشعر الشبيه بالأحلام في أفلام ديفيد لينش، حيث تكون الارتباطات أكثر أهمية من الإجابات.

تدرس جين بشغف كل المشاهد غير المألوفة من حولها من خلال عيون بنية كبيرة جدًا، تبدو وكأنها حيوانية تقريبًا. براءتها - بالعودة إلى هذه الكلمة - هي أعظم أصولها. ولكن رغم ذلك، فهي ماهرة بما يكفي للتعامل مع بعض المواقف الصعبة.

وتعرف جين أنه من الأفضل لها ألا تثق في الرجل الذي يعرض عليها توصيلها إلى أسفل الجبل، وهي تدرك أهمية شيء بعيد كل البعد عن الوضوح في الفيلم، عندما يأتي "طبيب" (أوغست دييل) لإعطاء كريستينا حقنة بعد إحدى نوبات الغضب التي تنتابها. ماذا يوجد في الحقنة؟ هل كريستينا هي ما وصفته صحف المشاهير ذات يوم بـ "مدمنة المخدرات"؟

وباعتبارها شخصية بارزة على الشاشة، فإن كوتيار عادة ما تشع بالحساسية (قد يكون هذا أكثر مما يمكن لمنتقديها تحمله، ولكنه غالبًا ما يكون أعظم أصولها، في مشاريع مثل "يومان وليلة واحدة").

لذا فمن الغريب أن يتم اختيارها كشخصية باردة وبعيدة، لأن هذا يتعارض مع طاقتها الطبيعية - على الرغم من أنه الوضع الوحيد الذي يثير اهتمام هادزيهاليلوفيتش، الذي تبدو أفلامها وكأنها المعادل النفسي للغطس البارد.

ومع ذلك، تلتزم كوتيار، وتتابع الفيلم حتى النهاية المزعجة للغاية، حيث تحاول كريستينا إفساد هذه الفتاة التي رأت فيها نسخة أصغر سناً من نفسها.

تم تصوير فيلم "برج الجليد" في فرنسا وشمال إيطاليا بواسطة المصور السينمائي جوناثان ريكيبورج - وهو حقًا الفيلم الأكثر إبهارًا من الناحية البصرية حتى الآن والذي تم عرضه لأول مرة في مسابقة مهرجان برلين السينمائي الدولي عام 2025.

 

موقع "سينماتوغراف" في

16.02.2025

 
 
 
 
 

ينافس بمسابقة برلين السينمائي الـ 75 ..

مراجعة فيلم | «انعكاس في ماسة ميتة»  يكرم العميل السري الأكثر شهرة جيمس بوند

برلين ـ خاص «سينماتوغراف»

إذا كانت الصورة تساوي ألف كلمة، فإن كل لقطة في فيلم "انعكاس في ماسة ميتة، Reflection in a Dead Diamond" الذي أخرجه هيلين كاتيه وبرونو فورزاني تستحق التأمل، حيث يواصل الثنائي الفرنسي الذي أخرج "اللون الغريب لدموع جسدك" رؤيتهما الفنية الشعبية لسينما الستينيات.

هذه المرة، كان مصدر إلهامهما الرئيسي هو القصص المصورة الإيطالية التي أطلقت أفلام الجريمة والمغامرة - ومعظمها تقليد لجيمس بوند.

ويتساءل فيلم "انعكاس في ماسة ميتة" كيف قد تبدو حياة مليئة بالمغامرات كما تم تسجيلها في السينما والقصص المصورة، في مرآة الرؤية الخلفية، حيث يحدق عميل سري يشبه بوند في البحر ويشاهد حياته تومض أمامه.

ومن خلال محاولة تكريم جيمس بوند، في هذا الانفجار الفرنسي البلجيكي للعنف والجنس والألوان – يتنافس هذا الفيلم ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي الدولي الخامس والسبعين.

يمكن القول، أن العمل مجزأ عمدًا لدرجة أن حبكته تصبح ثانوية تمامًا مقارنة بالصوت والمرئيات. الحبكة من المستحيل تقريبًا متابعتها. هذا فيلم يجب الشعور به والتأمل فيه، وليس فهمه. هناك ما يكفي من الدماء والإيقاعات المعروضة لإبقائك مفتونًا ومشمئزًا على حد سواء طوال مدة الفيلم البالغة 87 دقيقة.

يعيش الجاسوس السبعيني السيد ديمان (فابيو تيستي) في فندق فاخر في كوت دازور، يرتدي بدلة بنية اللون وقبعة، يتباهى بمظهر جورج كلوني وسحر ديرك بوجاري ومهارات بروس ويليس في استخدام السلاح. يصبح مهووسًا بامرأة تذكره بمعارفه القدامى.

يبدأ ديمان في الغرق في أحلام اليقظة بألوان زاهية للغاية، ويقوده سعيه الخيالي إلى شبكة من المؤامرات والمخاطر، مما يضطر ديمان إلى التعاون مع عميلة (سيلين كامارا)، والتنافس مع عدو ذكر مثير (كوين دي بو). حيث يجب عليهما العثور على ماركوس ستراند المراوغ، وسربنتيك الخطير.

تتنقل هذه الشخصيات بين الفرنسية والإنجليزية والإيطالية دون سبب واضح، وهناك أيضًا القليل من الألمانية والقليل من الإسبانية لإضفاء نكهة إضافية. والأمر متروك للمشاهد لوضع قطع اللغز معًا، وفهم القصة بأي طريقة يراها مناسبة.

الإشارات إلى جيمس بوند لا تعد ولا تحصى، حيث يسعى الفيلم علنًا إلى تكريم العميل السري الأكثر شهرة في تاريخ السينما. إن عدسة الكاميرا الدوارة، والصور الظلية عند غروب الشمس، والمسدس الموجه إلى الجمهور، والعميل الذي يرتدي البدلة والأحذية، والخطوط الملونة التي تدور في وضع مجسم، والموسيقى الملحمية والحسية، وبالطبع الماسات التي لا تعد ولا تحصى، كلها موجودة، لكن فيلم "انعكاس في ماسة ميتة" يذهب إلى أبعد من ذلك ببضع خطوات، حيث يغمر الحركة بمزيد من الدماء، ويظهر العنف واضحاً للغاية: أجزاء من الجسم مقطوعة، وعيون مقلوعة، ورؤوس تُسحق على الزجاج المكسور، وإصبع يُدخَل في جرح مفتوح، وأكثر من ذلك بكثير، وهو اختيار شائع بين صناع الأفلام الأوروبيين، ظهر في فيلم Emir Kusturica Do You Remember Dolly Bell؟، من عام 1981، وفيلم Pawel Pawlikowski Cold War، من عام 2018.

ومع ذلك، ليس كل شيء قديمًا ومشتقًا، بل أدرجت هيلين كاتيه وبرونو فورزاني لوحات كارافاجيو في عملهما، ولقد تقاسم الثنائي الفرنسي المولد والمقيمان في بروكسل مقعد المخرج لفترة طويلة، وهذا هو الفيلم الرابع الذي يصنعه الزوجان معًا.

 

####

 

يشارك في مسابقة برلين السينمائي الـ 75..

مراجعة | Girls on Wire لـ فيفيان كيو فيلم صيني يقلد سينما هونغ كونغ

برلين ـ خاص «سينماتوغراف»

في فيلم ”فتيات على سلك،Girls on Wire "، الذي عُرض لأول مرة اليوم 17 فبراير ضمن مسابقة مهرجان برلين السينمائي الدولي 2025، تقوم الممثلة التايوانية المعروفة في الأصل باسم فيكي تشن وين تشي بالتعبير عن نفسها كأخت كبرى وحاضنة مثل المنتقمات حيث تذهب في الهواء وتحت الماء كمبارزة؛ كما أنها تتنقل بين اللهجة السيتشوانية والماندرينيه بثقة.

لكن ما يبهج أداء وين يخلق مشاكل لمخرجة الفيلم فيفيان كيو.

يعتمد الفيلم على مجازات مستمدة من الميلودراما العائلية وأفلام نوار وأفلام الفنون القتالية، لكنه غير متناسق في أسلوبه ومعقد في سرده للقصص. كما أن قرار ”كيو“ بعرض السرد باستخدام خطين زمنيين متشابكين يجعله مزيجًا من الأفكار غير المترابطة أكثر من كونه مبتكرًا من هذا النوع من الأفلام.

تم تصوير الفيلم في تشونغتشينغ، جنوب غرب الصين، ويبدأ مع تيانتيان (ليو هاوكون) المحبوسة في زنزانة تحت الأرض، حيث تتلقى ركلًا عنيفًا وحقنًا قسريًا بالمخدرات على يد خاطفها. وبعد صراع عنيف، عن طريق الخطأ تنحر عنق الرجل قبل أن تهرب.

بالنسبة لها، يكمن خلاصها في مكان ما في مدينة الأفلام، وهي مجمع مترامي الأطراف من مسارح الصوت ومواقع التصوير حيث تعمل ابنة عمها الأكبر سناً.

تكسب فانغ دي (وين تشي) نجمة المسلسلات التلفزيونية السابقة التي مرت بأوقات عصيبة، رزقها من خلال عملها كممثلة بديلة تكافح مع المطالب القاسية للمخرجين الذكور المتعسفين.

من خلال ذكريات الماضي التي تدور أحداثها في تسعينيات القرن الماضي ثم العرض الصريح في حوار الشخصيات خلال الوقت الحالي، نتعرف على كيف أن والدة فانغ دي - التي تدير متجرًا لصناعة الأزياء الراقية المزيفة - قد دمرتها الديون التي تراكمت على شقيقها المدمن على المخدرات والد تيانتيان.

وتنتقل هذه الديون وبعض سمات شخصيتهما إلى أبنائهما. على مضض، تتسلم فانغ دي متأخرات تيانتيان، دون أن تعلم أن هذا سيجلب زوجًا من رجال العصابات إلى باب منزلهما.

يمثل انقضاض الحمقى على مدينة الأفلام النقطة التي يبدأ فيها فيلم ”فتيات على السلك“ بالترنح.

بطريقة أو بأخرى، قررت المخرجة ”كيو“ أن تبدل سرد الفيلم وتقدم مشاهد من أجل الضحك، حيث نرى الأحمقين وصديقهما ينجرفون في سلسلة من السيناريوهات الكوميدية عندما يجدون أنفسهم مجندين ككومبارس.

يبدو أن (وين تشي) تستمتع بمثل هذه النوعية لسينما هونغ كونغ - (وهي سينما تجارية تمامًا، تركز على الأنواع التي ترضي الجماهير مثل الكوميديا والحركة) - إلا أن هناك خطًا رفيعًا للغاية بين الأصل والتقليد، ويقع فيلم ”فتيات على السلك“ إلى جانب هذا الأخير، مما يحكم على تشي بالتعثر المفاجئ في مسيرة مهنية تميزت بأفلام بارزة مثل ”شارع الفخ“ و”ملائكة يرتدون الأبيض“.

 

####

 

خلال مؤتمر صحفي في برلين السينمائي الـ 75 ..

روز بيرن نجمة «لو كان لدي ساقان لركلتك» والمخرجة ماري برونشتاين تشيدان بكاريزما آيساب روكي

برلين ـ «سينماتوغراف»

ناقشت نجمة فيلم "لو كان لدي ساقان لركلتك، If I Have Legs I’d Kick You " روز بيرن والمخرجة ماري برونشتاين العمل خلال مؤتمر صحفي في مهرجان برلين السينمائي قبل عرضه الدولي الأول ليلة الاثنين.

لم يكن مغني الراب والممثل آيساب روكي في دائرة المهرجانات للفيلم، الذي عُرض لأول مرة عالميًا في مهرجان صندانس الشهر الماضي، بسبب محاكمته الجارية بتهمة إطلاق النار على أحد المتعاونين السابقين.

وعندما سُئلت عن اختيار روكي، قالت برونشتاين إنها "أرادت أن يكون لديها ممثلون غير تقليديين للأدوار المساعدة"، بما في ذلك كونان أوبراين. "أولاً، لإعطاء روز شيئًا مثيرًا للاهتمام للعمل معه، وثانيًا، كإشارة للمشاهد أنني لا ألعب على أي توقعات".

تدور أحداث فيلم "لو كان لدي ساقان لركلتك" حول ليندا (بيرن)، التي تنهار حياتها من حولها وهي "تحاول التغلب على مرض طفلها الغامض، وزوجها الغائب، وشخص مفقود، وعلاقة عدائية متزايدة مع معالجها النفسي"، وفقًا لملخص الفيلم الرسمي.

في الفيلم، يلعب روكي دور مدير فندق يدعى جيمس الذي يشارك روز بيرن في العديد من المشاهد.

وأضافت برونشتاين: "يجلب روكي كاريزما طبيعية لا يمكن توجيهها، ولا يمكن تعليمها". "وهو فعال ولا يمكنك تعليم ذلك وأردت الاستفادة من ذلك واستخدامه. وكان مهتمًا جدًا بفعل شيء مختلف".

وعندما سُئل عن عدم تمكن روكي من حضور مهرجان صندانس أو برلين بسبب المحاكمة، قالت برونشتاين: "أنا على اتصال به شخصيًا، لذا لا أحتاج إلى إرسال رسالة عامة إليه، ولكن كل ما يمكنني قوله هو أن العمل معه كان متعة كاملة وكان من الرائع أن يكون معنا في المجموعة".

وأضافت بيرن: "إنه رجل عصر النهضة الحقيقي. إنه يعيش ويتنفس الفن والموضة والأفلام ولديه احترام وتقدير كبيرين لجميع الأنواع وجميع الفنانين. لقد أذهلني تمامًا".

إلى جانب بايرن وروكي، يضم فريق عمل الفيلم دانييل ماكدونالد ولارك وايت وإيفي وولك ودانيال زولغادري وديلاني كوين.

 

####

 

ينافس بمسابقة برلين السينمائي الـ 75 ..

مراجعة فيلم | «لو كان لدي ساقان لركلتك» روز بيرن تتألق في دراما عن الأمومة والانهيار

برلين ـ «سينماتوغراف»

تتسبب ضغوطات الأمومة في إصابة طبيبة نفسية بانهيار أسوأ من مرضاها، في هذا الفيلم الدرامي الأمريكي المظلم والجذاب للغاية - ”لو كان لدي ساقان لركلتك،If I Had Legs I’d Kick You “ الذي عُرض لأول مرة في المسابقة الرسمية للدورة الـ 75 من مهرجان برلين السينمائي الدولي.

الأمومة ليست نزهة في الحديقة بالنسبة إلى ليندا (روز بيرن). تعاني ابنتها الصغيرة (ديلاني كوين) من حالة مرضية خطيرة للغاية تجعلها تعتمد على أمها على مدار الساعة تقريبًا.

وبالتوازي مع واجباتها، تعمل ليندا طبيبة نفسية، وعليها أن تتعامل مع مرضى متطلبين، بما في ذلك أم انتحارية وشاب مزعج يميل إلى التقدم الجنسي المحرج. يسافر زوجها تشارلز (كريستيان سلاتر) لأسابيع طويلة، وسقف صالتها قد انهار للتو تاركًا حفرة تحدق من خلالها في المجهول.

تنتقل الأم وابنتها إلى فندق بينما يقوم المقاولون بإصلاح المنزل. تساعد موظفة الاستقبال (آيفي وولك) في شعور ليندا بأنها في منزلها.

ويقترح عليها ضيف ودود (آيساب روكي) أن تشتري مخدر الميثامفيتامين والكوكايين من الإنترنت المظلم من أجل التخفيف من مشاكلها. وعلى الرغم من مقاومة ليندا لهذا الاقتراح، إلا أنهما يتقاربان لفترة وجيزة. لا يستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن يقع حادث مؤسف آخر يفسد العلاقة الهشة للغاية. ونتيجة لذلك، تشعر ليندا بالوحدة أكثر من أي وقت مضى.

أقسام العلاج النفسي فوضوية. فالطبيبة المرهقة بالكاد تستطيع إخفاء حالتها النفسية وكذلك ازدراءها لزبائنها. وفي هذه الأثناء، تحضر العلاج النفسي مع زميلها الأناني والبغيض للغاية (كونان أوبراين). الذي لا يوافق على منح ليندا دقيقتين إضافيتين حتى تتمكن من مشاركة حلمها معه. وهو يرفض مشاكلها الشخصية ويسخر من مهاراتها المهنية ويتنمر على عملائها.

وبعد مشاهدة فيلم ”لو كان لدي ساقان لركلتك“، قد لا تثق بمعالجك النفسي مرة أخرى. ففي النهاية، قد يكونون هم أكثر من يحتاجون إلى المساعدة.

تبدأ ليندا في الانهيار تحت وطأة الكثير من الضغوط المتزايدة. ومن أجل احتواء فورة المشاعر المشحونة المحتملة، فإنها تنطوي على نفسها داخل قوقعة.

تتضح الخيارات الإبداعية للممثلة ماري برونشتاين التي تحولت إلى مخرجة، (تعمل الآن على إخراج فيلمها الثاني). فتصوغ اللقطات المقربة للغاية لوجه ليندا لتعطي إحساسًا بالتوتر المستمر، بينما تفصل بشكل رمزي أيضًا بطلة الفيلم المعذبة عن المحيطين بها. وتبقى الابنة غير مسماة وغير مرئية. ويبدو الأمر كما لو أن ليندا ترفض مواجهة طفلتها. وبدلًا من ذلك، نسمع تذمرها المستمر، ونشاهد الأم وهي تواصل انحدارها إلى الجنون.

ربما يكون رفض ليندا للتفاعل العاطفي مع ابنتها آلية دفاعية. ليس هناك شك في أن بطلة القصة على وشك الانهيار العصبي، وابنتها قد تصبح ضحيتها الأولى.

لو كان لدي ساقان لركلتك“ يُخرج بنجاح الأمومة من إطارها الرومانسي. خاصةً إذا كان الطفل مصابًا بمرض موهن للغاية. فيجعلها ذلك في بعض الأحيان تبدو وحشًا. والسؤال هو ما إذا كانت ليندا ستتجاوز هذا الحد.

الفيلم الذي أنتجه جوش سافدي وزوج المخرجة رونالد برونشتاين، هو دراسة مفعمة بالحيوية لإنسان على حافة الهاوية. من المستحيل ألا تتعاطف مع ليندا. تجعل ماري برونشتاين من السهل للغاية أن نحب ونكره ونشفق ونحتفل بالبطلة المجنونة.

هذا أيضًا فيلم مقنع للغاية دون طموحات واقعية كبيرة. بعض الأحداث (خاصةً جلسات العلاج النفسي) غير مقنعة عن عمد، حيث يعطي الفيلم الأولوية للأسلوب على المعقولية. ومع ذلك، لا ينجح كل شيء. بعض عناصر الواقعية السحرية تظهر لإضفاء نكهة خاصة.

يشمل ذلك النجوم والأجرام السماوية الأخرى التي نشاهدها من حين لآخر، ويفترض أنها تمثل حالة ليندا التي تقترب من الوحدة. يبدو الأمر عشوائيًا بعض الشيء. ومع ذلك، يبقى العمل مثير جداً للمشاهدة.

 

موقع "سينماتوغراف" في

17.02.2025

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004