توفي،
أمس، بالقاهرة، المخرج المصري يوسف شاهين، عن عمر 82 عاما، بعد أن نقل إلى
مستشفى بالقاهرة يوم الأحد15 جويلية وهو في حالة غيبوبة نتيجة نزيف في
المخ. وبعد نحو شهر من مكوثه في مستشفى بباريس أعيد شاهين إلى مصر ليدخل
مستشفى للقوات المسلحة بالقاهرة، حيث توفي بعد مكوثه ستة أسابيع في
الغيبوبة.
قالت
وكالة أنباء الشرق الأوسط إن القداس على روح شاهين سيقام ظهر اليوم الاثنين
في كاتدرائية القيامة. ورغم العلاقة المضطربة بين شاهين والنظام المصري،
إلا أن الرئيس حسني مبارك كان قد أعلن بتكفل الدولة المصرية بنفقات علاجه
كاملة.
قدم يوسف
شاهين للعالم لغة سينمائية جديدة، واكتشف عددا من الوجوه السينمائية
البارزة عالميا، منهم الممثل الكبير عمر الشريف الذي اعترف ''أراد شاهين أن
يكون ممثلا، لكنه أدرك لاحقا أنه يتلعثم قليلا في الكلام، وأنه ليس وسيما
بما فيه الكفاية، فقال مع نفسه: سأمثل من خلال الآخرين''. ودشن شاهين رفقة
صلاح أبو سيف عهدا جديدا اتسم بالميل للسينما الواقعية القريبة من هموم
الشعب المصري، رغم انتمائه الطبقي للفئة البرجوازية، فحصد العديد من
الجوائز واعترف به العالم كمخرج عربي عالمي مميز. وقال الممثل نور الشريف
عقب الإعلان عن خبر الوفاة، إن شاهين يعتبر أحد أبرز السينمائيين في
العالم، وليس فقط في العالم العربي. بينما قالت الممثلة يسرى ''إنه أسطورة
السينما العربية''.
ولد شاهين
يوم 25 جانفي 1926 بالإسكندرية، ودرس بكلية فيكتوريا بمدينة الإسكندرية قبل
أن يتوجه إلى الولايات المتحدة لدراسة الإخراج السينمائي بكاليفورنيا ثم
عاد إلى مصر عام 1950 حيث أخرج مباشرة أول أفلامه ''بابا أمين''. ويمكن
تقسيم مشوار شاهين السينمائي إلى مرحلتين أساسيتين: مرحلة نمو الوعي
الاجتماعي، ومرحلة تعمّق الوعي السياسي.
وأخرج
شاهين عددا من كلاسيكيات السينما المصرية في مقدمتها ''الأرض''، المقتبس من
رواية لعبد الرحمان الشرقاوي، الذي يأتي في المركز الثاني في قائمة أفضل
مئة فيلم مصري في القرن العشرين وفي القائمة نفسها جاء فيلم ''باب الحديد''
في المركز الرابع.
وقدم يوسف
شاهين فيلم ''جميلة الجزائرية'' سنة 1958 معبرا فيه عن ذلك الشعور القومي
والتضامن العربي مع الثورة الجزائرية. كما أخرج شاهين بعدها فيلم ''فجر يوم
جديد'' عام 1964 تناول فيه وضع الطبقة البورجوازية في مصر بعد ثورة يوليو
.1952 وعلق شاهين على هذا الفيلم، قائلا: ''...كنت لازلت مثالياً، فتصورت
أن الأمل يأتي من داخل البورجوازية ذاتها، وربما يعود هذا التصور إلى طبيعة
انتمائي الطبقي...''. وخلال الاحتفال بمئوية السينما العالمية عام 1996،
اختار سينمائيون مصريون يوسف شاهين كأفضل مخرج مصري، إذ ضمت قائمة أفضل مئة
فيلم مصري أفلاما من إخراجه تزيد على ما تم اختياره لغيره من المصريين.
ويعتبر شاهين من المخرجين العرب المغامرين بتحويل سيرتهم الذاتية إلى أفلام
بعضها حصل على جوائز في مهرجانات دولية مثل (إسكندرية ليه) الذي حصل على
جائزة مهرجان برلين السينمائي 1979 وهو الجزء الأول من سيرة شاهين وتلاه
فيلما (حدوتة مصرية) 1982 و(إسكندرية كمان وكمان) .1990
أما الجزء
الرابع من سيرة شاهين الذاتية فيحمل عنوان (إسكندرية- نيويورك) وعرض
بالقاهرة 2004 ويتناول تجربة شاهين في الولايات المتحدة في أربعينيات القرن
العشرين، وصولا إلى رأيه في تداعيات هجمات 11 سبتمبر .2001
وقدم يوسف
شاهين بفضل هذه الأفلام أسلوباً جديداً تميز بحركة كاميرا خاصة وسريعة،
وزوايا تصوير استثنائية، وحوار سريع ومركز، إضافة إلى المونتاج الحاد
السريع والنابض بالحركة. وهذا بالطبع شيء مربك لعين المتفرج، هذا المتفرج
الذي أصر على عدم الفهم.
وكان آخر
أفلام شاهين (هي فوضى؟) الذي يتناول علاقة المواطن بجهاز الشرطة وشارك في
إخراجه تلميذه خالد يوسف. وأثار الفيلم جدلا قبل عرضه؛ إذ اشترطت الرقابة
إضافة علامتي استفهام وتعجّب لإزالة الطابع التقريري للعنوان الأول للفيلم.
وكان
شاهين في مواقفه المناهضة للحكومة المصرية يستند إلى شهرة دولية اكتسبها من
مشاركاته في مهرجانات كبرى، أو حصوله على بعض جوائزها منها حصوله على
الجائزة التقديرية لمهرجان كان السينمائي في عيده الخمسين عام .1997
المصدر
:الجزائر:حميد.ع/
الوكالات
الخبر الجزائرية في 28
يوليو 2008
الصيت
العالمي لشاهين انطلق من الجزائر
ها هو
يوسف شاهين في الـ82 من عمره يخوض آخر صراعاته مع الحياة ومع الموت. غير أن
التاريخ يفتح له أبوابا مشرعة. شاهين الذي توجه إلى باسادينا بكاليفورينا
لدراسة السينما وعمره 21 عاما، عاد محملا بمعتقدين رسخا في روحه هما:
استعمال التفوّق التقني للسينما الأمريكية في شكل حكاية، والبقاء على مستوى
المضمون وفيا للقيم الشعبية والالتزامات السياسية العربية.
هذا
التركيب الساحر مكنه، بعد أن اكتشف عمر الشريف وفاتن حمامة، من أن يقدم
للسينما العالمية الفيلم الأنجح في تاريخ السينما العربية، ألا وهو فيلم
''باب الحديد''. لقد حقق شاهين إنجازا كبيرا بإخراجه فيلما مصريا محضا
وتحفة رائعة سريالية وعالمية. حينما قدم هذا الفيلم ومخرجه في حصة ''نادي
السينما'' التلفزيونية في السبعينيات، اكتشف الجمهور الجزائري، الغارق في
أفكار مسبقة عن السينما العربية، فيلما رائعا وكان ذلك بمثابة اكتشاف رائع
بالنسبة له. فقد شاهدوا فيلما عربيا لا يتمحور حول الغناء والرقص، واكتشفوا
مخرجا يتقن عدة لغات، وكان هذا بمثابة ثورة بالنسبة للجمهور الجزائري.
وأعتقد أن الجزائريين اعتبارا من هذا التاريخ قد كفّوا عن مشاهدة السينما
العربية مثلما كان عليه الأمر سابقا.
في عام
1968 قام متحف السينما، حيث كنت أعمل، بإعداد تكريم كامل ليوسف شاهين، بعرض
فيلم ''الأرض'' المقتبس من رواية لعبد الرحمان الشرقاوي، وتم نقل هذا
التكريم كاملا لمتحف السينما الفرنسي مع عرض لفيلم ''الأرض'' بمقر منظمة
اليونيسكو. وشكل هذا التكريم بداية الاعتراف الدولي بيوسف شاهين. وبإمكاننا
القول إن الصيت العالمي لشاهين قد مر من الجزائر. وبقي شاهين قريبا من
الجزائر والجزائريين، وأخرج فيلما حول البطلة جميلة بوحيرد، سنة 1958،
بعنوان ''جميلة''.
وفي عام
1974، بينما كان شاهين عرضة لمضايقات سياسية في مصر بعد أن أدان سياسة
الرئيس أنور السادات، قامت الجزائر بمساعدة شاهين في تمويل فيلم
''العصفور'' الذي يعد بمثابة وقفة لإدانة نظام العشيرة، الذي أدى، حسبه،
إلى انتشار الرشوة والهزيمة أمام إسرائيل. كما ساهمت الجزائر في إنتاج فيلم
''عودة الابن الضال'' الذي أخرجه شاهين سنة 1975، بالتعاون مع فاروق بلوفة،
ومثل فيه سيدعلي كويرات. وفي عام 1976، قام التلفزيون الجزائري، عندما كنت
أشرف على قسم الإنتاج، بالاشتراك مع شاهين لإخراج فيلم ''إسكندرية ليه''،
وهو الفيلم الأول من سلسلة من أفلام السيرة الذاتية التي شرع فيها شاهين.
أدار يوسف
شاهين لاحقا كبار الممثلين، على غرار يسرى ونور الشريف. في عام 1997 جاءه
الاعتراف من مهرجان كان الدولي للسينما بمنحه السعفة الذهبية لمجمل أعماله.
لقد ناضل
شاهين إلى غاية النهاية من أجل أفكاره. وفي فيلمه الأخير ''هي فوضى؟'' الذي
أخرجه بالتعاون مع خالد يوسف سنة 2007، استنكر اللجوء المفرط للرشوة
والتعذيب في مصر. وقبل العودة للموت في بلده بين أهله، قاوم شاهين لأكثر من
شهر، وكان ذلك بمثابة معركته الأخيرة من أجل حلم عربي.
* ناقد
سينمائي
المصدر
:بقلم: أحمد بجاوي*
الخبر الجزائرية في 28
يوليو 2008
سيدعلي
كويرات لـ''الخبر''
عندما
يتكلم شاهين... يصمت الجميع
يتحدث
الممثل سيدعلي كويرات، بالكثير من الأسى، عن رحيل يوسف شاهين. ويتوقف
كويرات عند لحظات جمعته مع ''جو'' كما يحلو لأصدقائه مناداته، صديق
الجزائر، ذلك المبدع
الذي علّمه كيف يخلق من الفكرة أسطورة سينمائية.
·
فقَدت اليوم السينما العربية أحد أعمدتها.
ماذا يمكن أن يقول سيدعلي كويرات عن هذه القامة السينمائية؟
لقد غيب
الموت مبدعا فريدا لا يوجد شبيها له، وفقدت السينما العربية فنانا يسري
الحس السينمائي في دمه. فوحده شاهين كان يعرف كيف يخلق نجما من شخصية
نمطية. وكيف يتحسس مكامن الموهبة في ممثل عادي، كان يمكن أن يكون مروره
عابرا دون أن ينتبه له أحد.
·
أنت تعاملت معه عن قرب، فماذا بقي لك من
تجربتك مع يوسف شاهين؟
تعلمت
الكثير من احترافية شاهين، ومن خلال عملي معه تعلّمت كيف أتحسس النص لأصل
إلى الفكرة، فالفكرة عند شاهين هي جوهر العمل وكل ما يأتي بعدها هامشي.
واكتشفت من تعاملي معه ذلك الفنان الذي يجعل من نظرته السينمائية، قراءة
لأسلوبه في الحياة. لقد كان إنسانا مثقفا وملما بكل ما حوله. فعندما يتكلم
شاهين يصمت الجميع.
·
هلاّ حدثتنا عن ذكرياتك مع شاهين أثناء
التصوير؟
في
الفترة التي عملت فيها مع شاهين، كنا في الجزائر لا نحصل إلا على الفتات،
وشاهين أدرك هذا وعرف جيدا كيف يقيّمني، حتى إنه دفع لزوجتي تذكرة السفر من
الجزائر إلى القاهرة، ونظم لنا رحلة إلى مدينة شرم الشيخ الساحلية، كانت
أياما جميلة لا تنسى.
·
وماذا عن الجانب الإنساني في شخصية شاهين؟
كان
شاهين ذا شخصية مرحة يحب الضحك، حتى مزاحه لم يكن يخرج عن نطاق الفن، أتذكر
جيدا عندما قال لي يوما مازحا ونحن نجلس عل شاطئ النيل ''عمر السينما
المصرية يقترب من القرن، لكنها لم تحقق إنجاز الجزائر في (كان) رغم أنها
فتية، وعمرها لا يتجاوز الخمس عشرة سنة''. كان رحمه الله يعترف بإبداع
الآخرين، ورحيله خسارة للجزائر التي كان يحملها في قلبه، وليس فقط لمصر
والعام العربي.
عبد
الرزاق هلال: شاهين هرم من أهرامات الفن السابع
يوسف
شاهين هرم من أهرامات السينما العربية، وبرحيله فقَد الفن السابع مخرجا
متميزا، ينفرد بمستوى تعبيري لا يتوفر في غيره... وعرفت شاهين في منتصف
الثمانينيات، عندما كانت الجزائر تعيش أيام مجدها، ووقتها رافق يوسف شاهين
فيلمه ''اليوم السابع'' بطولة الراحلة داليدا في عرضه الأولي، واكتشفت فيه
الاحترافية، كما عرفت حبه وتعلقه الكبير بالجزائر... حقا لقد كان يوسف
شاهين عاشقا كبيرا للجزائر.
الحاج رحيم: السينما العربية فقدت عرابها
حقيقة،
تخونني الكلمات للتعبير، ولازلت تحت وقع الصدمة... كنت أتابع يوميا مستجدات
حالته الصحية. وكنت على ثقة أن يملك القوة للمقاومة والعودة من جديد للوقوف
خلف الكاميرا، لكن هي مشيئة الله...
صدقوني
السينما العربية اليوم ثكلى لأنها فقدت عرابها وأحد أهم أعمدتها، ولشاهين
الفضل في إخراج السينما العربية للعالمية بأفلام صوّرت على أرض عربية...
لقد عرفت شاهين عن قرب، من خلال زياراته المتكررة للجزائر، التي كانت تحتل
مكانه مميزة في قلبه، ووجدت فيه الإنسان الحساس والمرهف والعاطفي والمحترف
أيضا. وأتذكر حادثة كنت شاهدا عليها جمعت شاهين بمخرج جزائري مغترب، عندما
حضر شاهين إلى الجزائر لعرض فيلمه ''العصفور''، حيث طلب المخرج الجزائري
منه السماح له بمشاهدة نصف الساعة الأولى فقط من الفيلم لارتباطه بموعد،
لكن شاهين رفض وأجابه ''أعمالي إما أن تشاهد كاملة أو لا تشاهد هذا
منطقي''. هذا منتهى الاحترافية.. حقا شاهين عملة نادرة.
المصدر
:الجزائر: مريم.
د
الخبر الجزائرية في 28
يوليو 2008
بعد صراع مرير مع المرض...
المخرج
العالمي يوسف شاهين في ذمة الله
زهيدة ثابت
توفى أمس
الأحد المخرج العالمي يوسف شاهين أحد أبرز مخرجي السينما العربية وأحد
الفاعلين في الحياة السياسية المصرية العامة بأفلامه التي أثار بعضها جدلا
كبيرا.
وكان
شاهين فقد الوعي ونقل إلى مستشفى بالقاهرة يوم الأحد 15 جوان مصابا بغيبوبة
كاملة نتيجة نزيف في المخ وفى اليوم التالي غادر إلى فرنسا للعلاج بعد أن
وصف أطباء مصريون حالته بأنها خطيرةوبعد نحو شهر من مكوثه في باريس أعيد
شاهين إلى مصر ليدخل مستشفى للقوات المسلحة بالقاهرة بعدما أكد الأطباء
خطورة حالته . وأعلن مكتب شاهين وفاته عن 82 عاما بعد ستة أسابيع في
الغيبوبة.ولد شاهين يوم 25 جانفي 1926 ودرس بكلية فيكتوريا بمدينة
الإسكندرية قبل أن يتوجه إلى الولايات المتحدة لدراسة الإخراج السينمائي
بكاليفورنيا ثم عاد إلى مصر عام 1950 حيث أخرج مباشرة أول أفلامه "بابا
أمين"
وأخرج
شاهين عددا من كلاسيكيات السينما المصرية في مقدمتها "الأرض" الذي يأتي في
المركز الثاني في قائمة أفضل مئة فيلم مصري في القرن العشرين .ففي الاحتفال
بمئوية السينما العالمية عام 1996 اختار سينمائيون مصريون يوسف شاهين أفضل
مخرج مصري إذ ضمت قائمة أفضل مئة فيلم مصري أفلاما من إخراجه تزيد على ما
تم اختياره لغيره من المصريين. من هذه الأفلام "ابن النيل" و"صراع في
الوادي" و"جميلة بوحيرد" و"الناصر صلاح الدين" و"العصفور" و"عودة الابن
الضال" بطولة سيد علي كويرات و ماجدة الرومي و"المهاجر".
و كان
للمخرج العالمي الراحل علاقة خاصة جدا مع الجزائر التي كانت أول دولة فتحت
له أبوابها لتستقبل فيلمه الشهير"العصفور"الذي كان ممنوعا لفترة في مصر
نظرا لتناوله أفكار معادية للدولة قبل حرب 1973.
وعن حبه
للجزائر و إعجابه الكبير بالمجاهدة جميلة بوحيرد و شجاعتها فكانا واضحين
في حديثه معنا أثناء زيارته للجزائر في 2004، حيث كشف لنا بأنه ليس راضيا
عن فيلمه "جميلة بوحيرد" و قال"لوكنت زرت القصبة قبل تصوير الفيلم لكنت
أخرجته بطريقة أفضل و رؤية أشمل."
النهار الجديد في 28
يوليو 2008
|