العشوائيات وناسها الغلابة، المهمشون ومعاناتهم، الطبقات الكادحة في البيوت
المتواضعة، أبناء الشوارع أطفالاً ورجالاً ونساء بكل جرائمهم التي يغرقون
فيها، ومشاكلهم التي تشكل خطرا عليهم وعلي المجتمع، موضوعات شائكة وقضايا
ساخنة، قفزت من الواقع المصري إلى شاشة دراما رمضان هذا العام.
وبدلاً من
أن يدفع تناولها المسؤولون للتحرك، وتكون لسان حال معبرا بالصوت والصورة،
جنحت عن الحقيقة والواقع، ورغم نجومية أبطالها والميزانيات الضخمة المرصودة
وبريق المعروض شكلا، لم يتوخ صناع الدراما الكثير من الدقة والإبحار في
التفاصيل، والتي كان يمكنها التعبير عن واقع «الناس اللي تحت» والمنسيين في
مصر. فخرجت عن مسارها الصحيح بشكل أقرب إلى التنكيت لا التبكيت أعمال مثل
«هيما» و«بنت من الزمن ده» و«في إيد أمينة» و«قلب ميت» و«بعد الفراق»، التي
يفترض أن يكون أبطالها من «المطحونين»، جاءت صورهم مخالفة لما يأتي على
لسانهم ولما يقوله السيناريو.
«منى» أو مي كساب في «هيمه»، رغم أنها تنتمي لأسرة متواضعة
وخطيبها يكدح لتوفير مستلزمات زواجهما، لم تقدم ما يثبت أنها من الطبقة
الشعبية المطحونة، سوى في طريقة حديثها وشعرها الذي صبغته بلون أصفر فاقع
امتزج بلون شعرها الأساسي غامق اللون، ولكن ملابسها الجديدة والمتعددة في
كل حلقة، تكشف عن أن الفقر الذي تعانيه عائلتها ليس سوى حبر على ورق
السيناريو. نسرين الإمام ودينا في مسلسلي «قلب ميت» و«رمانة الميزان» ظهرتا
في أحسن هيئة، ملابس جديدة وزاهية، شعر ينساب وراء ظهورهن في نعومة وجاذبية
ينافسن بها فتيات إعلانات الشامبو والصابون، رغم الفقر المدقع الذي يغرقن
فيه فالأولى خطيبة »رضا» الشاب العاطل الذي يتعثر في الزواج منها، والثانية
بائعة حمص الشام، و»رضا» نفسه شخصية مزدوجة.
فبينما
يخوض رهانات سباق السيارات والكوتشينة ويصادق الفتيات اللعوبات في صالات
الديسكو يتحدث عن الحرام والحلال، بينما تقف غادة عادل التي تجسد دور
«بسمة» بائعة الشاي المطحونة في منطقة وسطي، فأحياناً ينساب شعرها وراء
ظهرها وأحياناً تخفيه بإيشارب.
هند صبري
هي الأخرى عانت من «شيزوفرينيا» في هيئتها في دور الخادمة «سكرة» في مسلسل
«بعد الفراق»، خاصة في حلقاته الأولي قبل زواجها من «يوسف» ـ خالد صالح،
فأحيانا انساب شعرها، الذي هو باروكة، وأحياناً أخري توسط منديل الرأس
شعرها لتظهر «قصة» لا تناسب طبيعة عملها، بخلاف أظافرها المنمقة الطويلة،
وهي سمة توافرت في غالبية الممثلات اللائي جسدن أدوار المطحونات.
داليا
البحيري في مسلسل «بنت من الزمن ده» ضربت الرقم القياسي في الانسلاخ عما
تقدمه من شخصية «شروق» بنت الشوارع وعدم مناسبة مظهرها لما تقدمه، فدائماً
صورتها نضرة وشعرها مصفف بعناية، ربما لكي يعجب بها ابن الطبقة الثرية ـ
عمرو محمود ياسين، وهي أيضاً تملك من القوة ما تستطيع به أن تتخلص من أخطار
البلطجي «كاونة»، ومجموعة من النساء الشعبيات القويات اللائي قدمن لضربها
فتوسعهن بمفردها ضربا.
كما أن
ابنة الشوارع والعشوائيات التي ولدت وتربت في بيئة تباح فيها المحظورات لا
تفوت جملة حوارية إلا للحديث عن الحلال والحرام، وتنهي زميلاتها عن بيع
المخدرات في الورد أثناء تواجدهن في الإشارات المرورية بالشوارع، بينما
اكتفت هي ببيع الفل لمزيد من «بروزتها» بالمثالية.
المسلسل
نفسه يحمل مشاهد نقلت بالمسطرة من فيلم «حين ميسرة» للمخرج خالد يوسف
يجسدها أحمد بدير في دور والد «شروق» الذي يعيش عالة عليها ولا يفعل شيئاً
سوى تدخينالحشيش والاستظراف علي طريقة «فتحي» أو عمرو عبد الجليل في
الفيلم، ولا يفوت المخرج «سامي محمد علي» أن ينقل أيضاً زواج «فتحي» من
أخرى حسناء من سكان العزبة.
فيتزوج
أحمد بدير وتدب مشاعر الغيرة في نفس زوجته هالة فاخر، التي حلت محل وفاء
عامر في «حين ميسرة» خاصة في تمسكها بمفردات نجاح وفاء في تجسيد شخصيتها
بالفيلم، والمتمثلة في «الشبشب» والشتيمة بألفاظ غير مقبولة علي شاشة
التلفزيون، والبصق في وجه زوجها كتعبير عن عدم مباركتها لزواجه.
كما أن
هذا الطوفان المباغت من الحزن والكآبة في مسلسلات العشوائيات، ليس دليلا
علي أن المشاهد يريد مسلسلات تشبه أحزانه بالعكس المشاهد في حاجه إلى من
يبتسم في وجهه، لكن صناع المسلسلات قرروا العزف علي اللون السود المضمون،
وهي لعبة سهلة إذا لم تتعاطف معها، لن تكرهها، وهرب الجميع من المسلسلات
الكوميدية الإنسانية التي يمكن أن تضيف بعض اللون الأبيض إلى الواقع
المكتسي كثيرا بالسواد.
البيان الإماراتية في 25
سبتمبر 2008
حوار
«هيمه»
يواجه البطالة بالضحك والسخرية
القاهرة - (دار الإعلام
العربية)
يعتبره
البعض مظلوما إلى حد كبير بين نجوم جيله، خاصة أن أفلامه لا تحقق إيرادات
عالية، واتهموه أيضا بأنه يسعى إلى تقمص شخصية علاء ولي الدين في أدائه،
رغم ذلك اعترفوا بموهبته، وهو ما أكد عليه أحمد رزق من خلال مسلسل «هيمه»
الذي تحمل مسؤولية بطولته واستطاع أن يحقق نسبة مشاهدة عالية بين المسلسلات
التي تعرض خلال شهر رمضان.. عن هذا العمل ومشاريعه السينمائية القادمة كان
لـ «الحواس الخمس» معه الحوار التالي ..
·
ما مدى رضائك عن دورك في مسلسل «هيمه» الذي
عدت به إلى الدراما مجددا؟
بشكل
كبيرا جدا راض عن أدائي في العمل، وهذا ما ألاحظه من خلال الجمهور
والاتصالات التي تنهال عليّ وتثنى على أدائي بالمسلسل الذي كتبه بلال فضل
في أولى تجاربه التليفزيونية، وأخرجه جمال عبد الحميد، ومن بطولة الفنانة
عبلة كامل وحسن حسني. والمسلسل يناقش صراع الطبقة الوسطى للبحث عن فرصة
للنهوض بالمستوى المعيشي من خلال شخصيه «هيمه» ذلك الشاب الذي يعيش في
جزيرة عشوائية، ويبحث عن فرصة عمل، ولهذا فإن المسلسل يتصدى لمشكلة البطالة
التي يواجهها بالسخرية والضحك، كما يتم التعرض لبعض المشكلات الأخرى التي
تواجه هذه الطبقة المطحونة في المجتمع.
بعض
النقاد يرون أن الموضوع مكرر وتم تقديمه أكثر من مرة ، ما تعليقك؟ على
العكس، فالموضوع ليس مكررا لأن الطبقة المطحونة في المجتمع في تزايد مستمر
في ظل الأوضاع الاقتصادية التي نعيشها، كما أن الطبقة الوسطى شبه اختفت من
المجتمع، وهؤلاء لديهم مشاكل من الممكن أن تصنع أفلاما ومسلسلات كثيرة جدا،
وأنا أرى أن بلال فضل استطاع أن يتعرض للكثير من المشاكل التي تتعرض لها
هذه الطبقة بشكل مختلف في كل أعماله واستطاع أن يركز عليها باستفاضة في
مسلسل «هيمه».
·
إذن لماذا يقال أن كريم عبد العزيز اعتذر عن
بطولة العمل لضعف مستواه وقبلت البطولة كدوبلير له؟
أنا لست
«دوبليرا» لكريم أو لغيره، وكل القصة أن كريم كان مرشحا لبطولة العمل من
قبل السيناريست بلال فضل بحكم أنهما عملا من قبل في عدة أفلام ولم يكن قد
قرأ السيناريو من الأساس واعتذر قبل بدء التصوير بفترة طويلة لانشغاله ببعض
الأعمال السينمائية.
ورأى أن
يؤجل موضوع الدراما في هذه الفترة، وقد رشحني بلال فضل واتصل بي لأقوم
ببطولة العمل، وبمجرد أن قرأت السيناريو قبلت على الفور، ولم أنظر إلى
مسألة ترشيح كريم من قبلي لأنها مسألة نسبية ولا أرى فيها شيئا، وقد اتصل
بي كريم ليهنأني على الدور بمجرد بدء تصويره وتمنى لي التوفيق.
·
هل وجدت صعوبة في العمل مع عبلة كامل خاصة
أنها بطلة العمل، كما حصلت على أجر أعلى منك؟
شرفت
بالتعامل مع فنانة كبيرة بحجم عبلة كامل لأنها من طراز خاص، وتستطيع أداء
كل الأدوار بمهارة عالية جدا، وكذلك الفنان الجميل حسن حسني الذي اعتبره
سبب نجاح معظم الأفلام السينمائية التي يشارك فيها.
وكنا نجلس
سويا أثناء فترة الراحة من التصوير نتحدث عن كل شيء، أيضا قمنا بالإفطار في
البلاتوه نظرا لعدم اكتمال تصوير المسلسل، أما مسألة الأجر فهي آخر شيء
فكرت فيه، ومسألة المادة لا تفرق معي وعبلة كامل تستحق أن تحصل على الأجر
الذي تحدده لأنها فنانة كبيرة.
·
هل بالفعل كنت تنوي تصوير جزء ثان من مسلسل
(سارة) مع حنان ترك؟
كان هناك
اتفاق مع حنان ترك على تصوير جزء ثان بعدما حقق الجزء الأول نجاحا كبيرا
لأنه يتناول مشكلة غريبة لا تحدث إلا نادرا حيث كان سيعرض قصة حياة سارة
بعد أن ارتبطت بها في أواخر الجزء الأول الذي انتهى عند هذا الارتباط،
ورأينا أنه من الممكن عمل جزء ثان، ولكن حنان رفضت لارتدائها الحجاب في تلك
الفترة، كما رفضت تقديم أي أعمال أخرى، ولم نجد بديلة لها فاستبعدنا الفكرة
تماما.
·
نأتي إلى السينما ، لماذا ابتعدت عنها منذ
فترة طويلة؟
أنا لم
ابتعد عن السينما، ولكنني كنت أبحث عن سيناريو قوي أعود به، ووجدت بالفعل
واحدا من تأليف أحمد فهمي بعد أن استطاع في الآونة الأخيرة تقديم عدد كبير
من الأعمال الناجحة مع عدد كبير من النجوم.
وتدور
فكرته حول شاب يعاني من بعض المشكلات ويحاول معالجتها بشكل كوميدي من خلال
الأحداث الكثيرة التي يورط نفسه بها، وستكون بطلة العمل الفنانة بسمة أو
منة شلبي، وسوف نعقد جلسات عمل مع المنتج وائل عبد الله بعد انتهاء شهر
رمضان لاختيار باقي أبطال العمل.
·
لماذا تفشل أفلامك في تحقيق إيرادات عالية؟
لاتهمني
مسألة الإيرادات بقدر أن يكون الفيلم يحمل رسالة جيدة ويؤثر مع الجماهير،
وقد حقق فيلمي الأخير (حوش اللي وقع منك) إيرادات جيدة في وقتها مقارنة
بعدد كبير من الأعمال التي كانت تعرض معه، وإذا كانت أعمالي لا تحقق
إيرادات فلماذا تعاقدت إذن مع المنتج وائل عبد الله وشركة أوسكار؟، وإن شاء
الله انتظروني في الفيلم الجديد حيث إنني أراهن على نجاحه ماديا وجماهيريا.
·
لماذا رفضت استكمال فيلم (عربي تعريفة) الذي
كان يقوم ببطولته الراحل علاء ولي الدين رغم أنك صرحت أكثر من مرة بذلك؟
بالفعل
كنت أتمنى تصوير هذا العمل، ولكن حدثت بعض المشكلات الإنتاجية نظرا
لميزانيه الفيلم الضخمة في هذه الفترة، وكثرة أماكن التصوير، حيث سنصور
معظم أحداثه في البرازيل، ونظرا لارتباطي بعدة أعمال تم تأجيل الفكرة مؤقتا
لحين الاستقرار على كل التفاصيل الخاصة به.
·
يقال إنك ارتديت عباءة الفنان الراحل علاء
ولي الدين في تقمص نفس حركاته وطريقة أدائه التمثيلية.. ماتعليقك؟ .
علاء ولي
الدين رحمه الله كان من أقرب أصدقائي وكانت له طريقة مميزة في الأداء
والكوميديا ونفس الشيء ينطبق علي فأنا لي طريقة مختلفة عنه كثيرا، لأني
أقدم الكوميديا من وجهة نظري فلكل منا شخصية تختلف عن الأخرى، ومن الممكن
أن يكون سبب هذا الاتهام أننا نتشابه في نفس الجسم وتقديمنا للكوميديا.
·
هل من الممكن أن تشارك في أعمال سينمائية
كدور ثان بعيدا عن البطولة؟
من الممكن
أن أوافق إذا كان السيناريو جيدا وقد حدث بالفعل عندما قدمت فيلم
(التوربيني) مع شريف منير وكان العمل من بطولته، ولكن الدور جذبني إليه،
ووافقت عليه نظرا لأنه كان مؤثرا جدا في سياق الفيلم، ولم يكن هامشيا.
ومن
الممكن مستقبلا أن أدخل في عدة تجارب سواء بطولة جماعية أم أدوار ثانية،
ولكن بشرط أن تكون مساحة الدور جيدة وقد سعدت جدا بالتجارب التي قمت بها مع
أحمد عيد في فيلم (أوعى وشك) و(فيلم ثقافي) مع فتحي عبد الوهاب، ونجحت هذه
الأعمال بشهادة الجميع.
·
هل حصرت نفسك في أدوار الكوميديا فقط دون
تقديم اللون الدرامي أو الرومانسي؟
صراحة أنا
أحب الأدوار الكوميدية التي أجيدها وأرى أنني أسير بخطى جيدة من عمل إلى
آخر، فلماذا أدخل منطقة أخرى غير مضمونة العواقب فعندما فكر السقا في تقديم
الرومانسي في فيلم (عن العشق والهوى) لم يحالفه الحظ كباقي أدواره التي
يجيدها وهي أفلام الأكشن فلهذا فضلت عدم دخول منطقه ليست منطقتي.
·
أخيرا.. كيف يقضي أحمد رزق يومه الرمضاني
وماذا يمثل لك الشهرالفضيل؟
في الأيام
الأولى لشهر رمضان كنت أصور باقي المشاهد الخاصة بمسلسل (هيمه) وكنت أحيانا
اضطر إلى الإفطار في البلاتوه، أما الطقوس التي أحرص عليها في رمضان فهي
السفر إلى الإسكندرية التي أعشقها، ولا أستطيع أن يمر رمضان دون أن أزورها.
خاصة أنني
أمضيت فيها سنوات طويلة قبل المجيء إلى القاهرة، أيضا أحرص على ختم القرآن،
وهذه عادة دأبت عليها منذ فترة طويلة جدا، أما عندما أعود إلى القاهرة
فأحيانا أذهب إلى منطقة الحسين منذ لحظة الإفطار وحتى السحور، لصلاة الفجر
في مسجد الحسين ولا أهوى السهر في الخيم الرمضانية إلا نادرا.
البيان الإماراتية في 25
سبتمبر 2008
|