يمكن القول ان فيلم «الجزيرة» استطاع بنجاحه الجماهيري الكبير
ان يضع
المشاهد
أمام نوعية مختلفة من الأفلام التي قدمت على مدى السنوات العشر الماضية
وكما يبدو فان الإقبال على الفيلم يؤكد الحاجة الى تغيير المشهدية
السينمائية التي
ركزت خلال الفترة الماضية على نوعية الأفلام الكوميدية التي
استهلكت العديد من نجوم
الكوميديا الذين اصبح اغلبهم يبحث الان عن توليفات مختلفة حتى يخرجوا من
عنق
الزجاجة الذي وصلوا اليه وهم في حالة نشوة النجاح دون أن يدركوا ضرورة
الارتباط
بموضوعات على تماس بالوقع واكتفى معظمهم بتقديم موضوعات مقولبة
تركز على الكوميديا
المرتجلة التي تعتمد على الحركة واللفظ. وفي «الجزيرة» اختلف الموضوع
واختلفت
المعالجة.
عصابات
متصارعة
في «الجزيرة» يتألق شريف عرفة «كمخرج متمكن من
أدواته ووراءه نجاحات» حققها في العديد من الأفلام المميزة
التي قدمها على مدى
العقدين الماضيين ومنها «المنسي» و«اللعب مع الكبار» وغيرها وتوافر للفيلم
كاتب
سيناريو جاء ليقدم للسينما المصرية واحدا من أفضل أفلامها التي قدمت في
الفترة
الأخيرة ذلك رغم اننا نستطيع الرجوع بأصول القصة الى الكثير من
الأفلام التي حققت
نجاحات على المستوى العالمي ونذكر منها «الاب الروحي» الذي تدور أحداثة عن
عالم
عصابات المافيا في أميركا وتلك الصراعات الدامية التي كانت تلون حياة هذه
العصابات
المتصارعة على المال والنفوذ والسلطة. كما يمكن أيضا الرجوع
ببعض احداث الفيلم الى
أحداث حقيقية مثل تلك التي وقعت في «النخيلة» في صعيد مصر حيث نشأت مافيا
تجارة
الحشيش لفترات طويلة دون تدخل حقيقي من رجال الأمن. ويمكن الاشارة أيضا الى
الكثير
من الأفلام التي صورت تعاون وتواطؤ أجهزة الشرطة مع المافيا
لانجاز أعمال قذرة بحجة
الحفاظ على الامن العام. لكن رغم كل التاثيرات التي يمكن الاشارة اليها
يبقى فيلم
«الجزيرة»
متفردا في معالجته وفي طريقة وأسلوب المعالجة.
قصة حب
يغوص
«الجزيرة»
في قلب صعيد مصر ليكشف هذا العالم الذي تسوده الصراعات والتناقضات ومن
خلال قصة حب عادية لا تكتمل بين منصور وحبيبته التي تلعب دورها هند صبري.
يلقي
الفيلم الضوء على عوالم تجارة المخدرات وأيضا تجارة السلاح
ويطرح الفيلم عدة قضايا
شائكة بجرأة تحسب للرقابة.
محطات
تميز
في الفيلم «الفن» يمكن التوقف عند
العديد من محطات التميز ولعل أولى هذه المحطات هي النجاح في اختيار الممثل
المناسب
في الدور المناسب فقد تالق احمد السقا ونجح الى حد كبير في
تجسيد شخصية صعبة ومركبة
تستدعي استنفار كل ادواته الداخلية والخارجية ويضاف هذا الفيلم الى تاريخ
السقا
كواحد من نجوم السينما العربية المتميزين الذين يضيفون مع كل شحصية وكل دور
المزيد
من االابداع والتميز. ونجحت هند صبري في تقديم شخصية المحبة
الضائعة بين حبها
وواجبها نحو اهلها. وتؤكد هند صبري في هذا الفيلم انها ممثلة موهوبة تعمل
بجد
واجتهاد على ادوارها. ونجح محمود ياسين ايضا في لعب دور الكبير وكان كبيرا
بحق،
وخالد الصاوي ايضا قدم دورا يحسب له. وفي الادوار المساعدة
يمكن الاشارة الى عبد
الرحمن ابوزهرة كواحد من جيل الممثلين الكبار، وباسم سمرة كواحد من
الممثلين الذين
يقدمون دائما افضل مالديهم. ويمكن الاشارة ايضا الى الممثلة زينة التي
اجادت تجسيد
دور الزوجة المحبة حتى اخر لحظة في حياتها. ويمكن التوقف ايضا
عند قدرة المخرج
وبراعته في ادارة المجاميع وفي اختيار زوايا التصوير وفي ادراة مشاهد
الاكشن التي
تم تنفيذها بشكل مقبول ومقنع. كما يمكن الاشارة الى الموسيقى
التصويرية المصاحبة
وبراعة المصور في اختيار زوايا التصوير المناسبة للتعبير الفني. لكن كان من
المهم
مع
فيلم تدوراحداثه في الصعيد ان يتم الاقتراب بشكل او باخر من طبيعة المكان
بتنويعاته التاريخية والمعمارية لكن بشكل عام ومن خلال اختيار
الازياء المناسبة
والاضاءات المعبرة استطاع الفيلم ان ينقلنا الى قلب الاحداث وان يخلق
الاجواء
المقنعة التي تقربنا من المكان والزمان سواء كان في بيت منصور الحفني او في
الجبل
حيث المطاريد والخارجين على القانون او في زراعات القصب حيث
دار الكثير من
المطاردات والمعارك.
المحاكمة
في نهاية الفيلم تجري محاكمة منصور الحفني
وكان من المهم ايضا محاكمة الذين شجعوه واستخدموه كطعم للقبض
على الارهابيين. كان
من
المهم توجية الادانة ايضا الى بعض هؤلاء الذين يمارسون الاجرام تحت مسمى
الامن
العام وحفظ النظام. في نهاية الفيلم كان من المهم توضيح الرسالة والاشارة
الى
المسؤول عن المصير الذي وصل اليه منصور بدلا من محاولة وضع
المشاهد في حيرة من
امره. لكن كان من المهم ايضا ترك النهاية مفتوحة والاشارة الى أن هناك
منصورا اخر
في
الطريق ممثلا في ابن منصور الذي ظهر في نهاية المحاكمة.
ربما يقول كانب
القصة والسيناريو ان الواقع صعب ولا توجد نهايات جاهزة ترضي الجميع.
القبس الكويتية في 13
فبراير 2008
|