يتناول فيلم (البدرون) موضوع الإنحراف نحو الرذيلة والفساد، ودور الفقر في
إنتشار هذا المرض الذي يهدد الكيان الإجتماعي ويدفع بالمجتمع نحو حافة
الإنهيار. صحيح بأن الحكاية تحمل موضوعاً إجتماعياً هاماً، إلا أن الحكاية
شيء يختلف عن السيناريو الذي هو الهيكل الفني للفيلم السينمائي. فقد كان كل
شيء في هذا الفيلم متأثراً تماماً بالسيناريو.. أقصد بأن صناع الفيلم قد
حشدوا إمكانيات فنية كبيرة من فنيين وفنانين، ولكنهم لم يهتموا كثيراً
بالسيناريو، والذي كان بحق السبب الحقيقي وراء تدني مستوى الفيلم. فقد بدى
فيلم (البدرون) وكأنه إحدى الميلودراميات القديمة الساذجة، وكان السيناريو
يفتقد الى الإقناع ويتميز بالترهل والتمطيط، هذا إضافة الى الإخفاق التام
في رسم شخصيات الفيلم، وفقدانه للمبررات المنطقية لكافة التحولات التي طرأت
على هذه الشخصيات، مع عدم تقديم مبررات درامية ونفسية تساهم في خلق أحداث
منطقية. كل هذا أدى الى سقوط الفيلم في دوامة الإتهام لشخصياته، بدلاً من
الإدانة التي كان الفيلم يزمع توجيهها للمجتمع.. يتحدث عاطف الطيب عن فيلمه
هذا، فيقول: (...الفيلم
في شكله ميلودرامياً، ويمكن إعتبار الشكل مجرد وسيلة موظفة سينمائياً
لتوصيل المفهوم وإبراز التناقض الطبقي في مجتمع الإنفتاح الإقتصادي وما
بعده، وما أفرزه هذا التناقض من سلبيات سياسية وإجتماعية وأخلاقية
وإقتصادية، والفيلم مجرد محاولة للإقتراب من الواقع المعاش لإستجلائه وفهمه
وتحليله، والخروج منه بنتائج تساهم في إكمال وعي المواطن المصري البسيط..
وهذه هي رسالتي كمخرج وفنان، بعيداً عن الخطابة أو التسلية أو التخدير أو
الدجل...). وكرد على ماقاله الطيب، فإن الفيلم مليء بالحكم والمواعظ
والميلودراما البكائية العنيفة، هذا إضافة الى القتل لمجرد الإنتقام .
والفيلم في تأمله السطحي، هو موضوع إجتماعي هام، ساهم بشكل أو بآخر في
تقديم مبررات جديدة/ قديمة للإنحراف وإرتكاب الرذيلة. وبذلك تحولت النوايا
الحسنة لدى صناع الفيلم ـ هذا إن وجدت أساساً ـ الى سلاح خطير دمر معه كل
القيم والمباديء.