فيلم (زمن حاتم زهران) هو من إنتاج وبطولة الفنان
نور الشريف، في سادس تجربة إنتاجية له، بعد أفلام: دائرة الانتقام
ـ 1976، قطة على نار ـ 1977، ضربة شمس ـ 1978، حبيبي دائماً ـ
1979، آخر الرجال المحترمين ـ 1984. وتعتبر تجربة الفنان المنتج
لدى نور الشريف خطوة جريئة لتقديم سينما نظيفة وجادة. فهو في تجربة
فيلم (زمن حاتم زهران) يقدم مخرجاً جديداً هو محمد النجار، إيمانا
منه بضرورة إعطاء الفرصة للجيل الجديد، حيث قدم من قبل المخرجين
سمير سيف و محمد خان.
موضوع فيلمنا (زمن حاتم زهران) ليس جديداً، فهو
يندرج ضمن موجة الأفلام الكثيرة التي تناولت مرحلة الانفتاح
الاقتصادي في المجتمع المصري. إلا أن الجديد يكمن في المعالجة
الدرامية الجيدة، وفي رسم الشخصية المحورية، إلا وهي شخصية
الرأسمالي الانفتاحي حاتم زهران (نور الشريف)، الواعي تماماً لأصول
اللعبة والكسب المادي السريع في هذا الزمن. فنحن نراه يواجه كل ما
يعترض طريقه بقوة وحكمة وأعصاب باردة تنم عن ثقة زائدة بالنفس..
كما يساعد في نجاح هذه الشخصية ذلك الحوار العميق والمتدفق، هذا
إضافة إلى الأداء الجيد لنور الشريف.
من الواضح جداً إن الفيلم أراد إدانة عصر الانفتاح
ورموزه المتمثلة في طبقة الرأسمالية المتطفلة. ولكن السيناريو قد
أخفق في ذلك، ووقع في خطأ أثر تأثيراً سلبياً على المضمون.
فالمفترض ـ لإدانة عصر الانفتاح ورموزه ـ تقديم نموذج لرجل
الانفتاح الاستهلاكي، الذي يضع في اعتباره الربح والمكسب المادي
السريع فقط، حتى ولو أدى ذلك إلى نهب خيرات الوطن، والمساهمة في
تخلف المجتمع وإبراز قيم جديدة متخلفة ولا إنسانية مترتبة على ذلك.
بدلاً من كل ذلك، فقد شاهدنا نموذجاً للرأسمالي المصري القادم من
أمريكا والحاصل على الدكتوراه في الإدارة، والذي يسعى جاهداً
لتنفيذ مشروع إنشاء مصنع لإنتاج مستحضرات التجميل. صحيح انه مشروع
خاص، إلا انه في نفس الوقت يساهم في مشاريع التنمية المحلية، بل
ويؤكد على مبدأ تكريس الإنتاج المحلي وقيمته، وهذا في حد ذاته لا
يدين صاحبه بل يساند موقفه. وبالتالي فان الفيلم لم يستطع أن يدين
حاتم زهران الرأسمالي وإنما أدان ممارساته الشخصية تجاه أخيه
والآخرين. وبذلك لم يستطع أن يقنع المتفرج أو يطلب منه أن يكره
حاتم زهران الانفتاحي. فالمتفرج بعكس ذلك قد أعجب بهذه الشخصية
المتطلعة والناجحة والذكية، بغض النظر عن تصرفاتها الاجتماعية
الشخصية.
وبعيداً عن كون الفيلم يدين أو لا يدين عصر
الانفتاح، نجد انه قدم شخصية قوية مدروسة ومرسومة بعناية فائقة،
الأمر الذي أدى لملاحظة ذلك القصور الواضح في رسم بقية الشخصيات،
كشخصية الصديق المحارب (صلاح السعدني) الذي يظهره الفيلم كبطل
إيجابي في مقابل شخصية حاتم زهران، وذلك لاكتساب تعاطف المتفرج
معها. إلا أننا نراه يتحول إلى شخصية ضعيفة وسلبية، تتحدث بلغة
إنشائية مباشرة في الدفاع عما تؤمن به من مبادئ وقيم. كذلك
الشخصيات الأخرى، نراها مثالية تردد كلاماً مباشراً عن القيم
والأخلاق والوطنية.
أما المخرج الشاب محمد النجار فقد استطاع أن يسيطر
على أدواته الفنية والتقنية، وإعطاء الفيلم إيقاعا تصاعدياً سريعاً
قد أضفى على الفيلم نوعاً من الإثارة والتشويق. كما وفق في
الانتقال من مشهد إلى آخر دون افتعال. ساعده في ذلك المونتاج
الجيد، إضافة إلى التصوير الموفق في استخدامه للإضاءة واختياره
لكادرات وزوايا تصوير قوية ومعبرة. أما الموسيقى التصويرية فلم في
المستوى المتوقع من فنان مثل كمال بكير. وأخيرا، فان فيلم (زمن
حاتم زهران) كان مشروعاً ناجحاً لمخرج جديد. |