زياد الخزاعي

 
سيرة كتابة
 
 
 

كتابة

مهرجان كان السينمائي الدولي الـ77

Megalopolis

"ميغالوبوليس" للأميركي فرانسيس فورد كوبولا.. النَّبيّ الأمبريالي

بقلم: زياد الخزاعي/ خاص بـ"سينماتك"

 
 

"هدفي الأول دائماً أنْ أصنع فيلماً بجوانحي كُلّها، لذلك بدأت أعي إنَّه سيكون عن الحب والولاء في مجمل جوانب الحياة البشريَّة. عَكَس فيلم "ميغالوبوليس" هذه المشاعر، وعبَّر عن الحب في تعقيد شبه بلَّوري، حيث كوكبنا في خطر وعائلتنا البشريَّة على وشك الانتحار، حتى أصبح فيلماً متفائلاً للغاية يؤمن أنْ الإنسان يمتلك العبقريَّة اللّازمة لعلاج أيْ مشكلة تواجهنا". من شهادة كوبولا في كتيِّب الشّريط.

*****

"أنا أحبُّ أميركا"، يقولها رجل أربعيني بملامح إيطاليّة في تلك اللّقطة الأيقونية التي أختارها المعلم فرانسيس فورد كوبولا، افتتاحاً مجيداً لساغاه العائليَّة "العراب" (1972)، قبل أنْ يلحقها بجملة حازمة، تصبح منذئذ عنواناً لإمبراطوريَّة كاسحة، عمادها قوّة وطمع وخديعة، يعترف فيها إنْ: "أميركا صنعت ثروتي". هذه الأخيرة (الجاه) هي كُلَّ شيء في جديد كوبولا "ميغالوبوليس" (141 د) الذي أساء الجميع فهمه بعناد جماعي مريب على الرّغم من كتابته كلمة "أسطورة" تحت العنوان الطنّان، إنَّما ليس المال ونقوده لانَّه وسيلة مصطنعة واجبها إتمام مقايضات البشر، بل الِنّعْمَة المُسبغة الأزليَّة (تُسمَّى في الدستور الأميركي "الخير العامّ") التي يوفّرها جبروت اقتصاديّ وعسكري كونها ثمناً موكَّداً، يناله المعلنون عن وطنيتَّهم وولاءهم، يضيف كوبولا لهاتين الصفتين الملزمتين أخرى ثالثة هي "عن نبوغهم"، باعتبارها قيمة ربَّانيَّة لا يحصل عليها إلَّا أخْيار مكلَّفون بالقيادات والتَّغيير والابتكار، تحتاجهم الإمبراطوريَّة لـ"تثوير" تقاليدها ومثلها، وتَّسريع حداثات أمة إنتقائيَّة، مهووسة بالسطوة والحروب وبناء الأبراج وناطحات السَّحاب، وإشادة المجمعات العظيمة البناء والمساحة التي تحتفي وتؤمن رفاهيَّات لا مثيل في مقاومتها أو منافستها أو...تهديمها من أيّ قوّة غاشَّمة وعدّوة.

*****

في النصّ المُعقّد والمتناثر والموغل بخطابيَّته، هناك أباليس مدنيّون شعبويون كثر. ينتمي كُلّ منهم الى مكيدة متقنة. يتفنون بها وعبرها على توكيد المعنى الحقيقيّ والفريد لوجودهم. يُناور البطل المعماري الشاب سيزار كاتيلينا (أدم درايفر) من أجل نواياه وأحلامه ونزعاته الذَّاتيَّة كخلاق، وإقناع الجميع بخططه الثَّوريَّة السَّاعية الى "تصويب" المسار التّاريخي للمتروبولوس الجبار الشَّبيه بمانهاتن نيويورك، إذ يرى في بقاء "تعفَّن الحال" الاجتماعي خللاً عقائديّاً أقرب الى الكفر، يقول بثقة: "لا تدع الحاضر يدمر الأبد". يبتكر خديعة امتلاكه مُكْنَة خارقة، لا تاريخ لها أو تفسير عقلانيّ لوجودها، تُعِينُه على منازلة شكوك الاخرين وحسدهم ولعناتهم. أنَّها مكيدته في إيقاف الزّمن حتى "لا يتسيد على أفكاري" كما يردّد بإلحاح. حيلة ذاتيَّة تُعطِيه وقتاً إضافيَّاً ليصبح أمثولة نبيّ إمبرياليّ يبني مدناً خياليَّة باذخة، يستلف تخطيطات بنائها من نصل نباتات وارفة وأوراق زهور عملاقة، يصنعها من مادة عجائبيَّة تدعى "ميغالون"، تجعل النّور يخترق الأشياء، وتمكّن البشر من الرؤية عبر أجساد أقرانهم.

طوباويّة سيزار وسعيه الى مجد مطلق "يخلط" عوالم ماضوية بتجديدات الألفيّة الثالثة وما بعدها، تجعله حفيداً مُدلساً لأهل العمارة الشموليَّة بدءاً من روما البائدة وانتهاء بنازي هتلر وتفخيماتهم للحيّز والواجهات، وفاشيي موسوليني في استعاراتهم لإمجاد الكولوسيومات والخزائن الحجريّة العملاقة. هذا الشاب المهووس بأوراقه ودفتر مذكراته وطلّة القياصرة التي يتلبسها والدّالّة على نبل مقامه وأصوله، والخانع بذل الى الخمر حيث تطفو زجاجات إدمانه في الهواء، قبل أنْ تتهشم كما لو كانت روحه الملتاعة بموت زوجة، يُتّهم زوراً بقتلها وتقطيع جثتها!، لا يرى ضيراَ بشتم الوطنيَّة، فهو لا يتماهى بها ولن ينتمي اليها، ذلك أنَّ نبوته الهندسيّة التي تربط المعمار بالكيمياء العضويَّة، وهو عنوان كتابه الذي تخترق غلافه رصاصة يُطلقها صبي يبلغ من العمر 12 عاماً في محاولة اغتياله، واستعارها صاحب "المحادثة" (1974) من حكاية "مؤامرة كاتلين" كما رواها المؤرخ الروماني سالوستيس (توفي 34 ق.م)، تعطيه مكانتين فوقيَّة وقيادية، يتصوّره كوبولا (1939) بسببهما وهو يحلق فوق المدينة، تارة حاملاً مسطّرة "تي سكوير" في مشهد فخم التّكوين، باعتبارها سلاحاً إنشائيَّاً يبني "الخير العامّ"، ويهدم رجس الماضي ورموزه، يقول: "إذا كان بالإمكان عقلياً ابتكار ألهة تتدفّق منها قوّة ضارية، فلم لا أتمكَّن من خلق تلك القوّة بنفسي". وتارة أخرى واقفاً فوق ساعة الأقدار الأمبرياليّة حيث عقاربها الجامدة تشير دوماً الى توقيت غامض لفناء بشريّ مؤجَّل حتى سقوط مفترض لقمر سوفياتي عملاق من مداره!، مخططاً للمزيد من الإزالات والأحلام. وتارة ثالثة، وهو معلّق في فضاء اليوتوبيا المذهَّبة، واقفاً فوق ألواح فولاذيَّة عملاقة، متشبِّهاً بصورة "غداء على قمة ناطحة سحاب"(1932)، وأيضا اشتغالات المصوّرة الشهيرة مارغريت بورك وايت، يناجي خيبته بفقدان إلهامه إثر صعود الأناركية ورعاعها بتآمر من ابن عمّه كلوديو (شيا لابوف) السّاعي الى الهيمنة وخطفها عبر الفساد والخيانات والرشوة.

*****

هذا الشاب المتلوِّن بثياب الشّذوذ والفورات الشبقيّة والخبث والجبن، هو شيطان طبقيّ ـ من بين ثلاثة أخرين ـ في "أمثولة" كوبولا. من جهة، هناك عدوّ سيزار اللّدود المدعو سيسرو (تُلفّظ في الشريط هكذا، وفي الإيطاليّة "تشيتشرو"، وفي اللّاتينيّة "كيكرو") المتسيد الى الأبد على عمادة المدينة. يدلّ لقبه "سيّد العشوائّيات" على معارضته الراسخة للعصرنّة، ما يجعله باغياً في الحفاظ على مكانته وهيمنته. الى جانبه، هناك القطب الماليّ ووسيط السّلطات وحاميها المدعو كراسوس الثالث (جون فويت) الشّبيه بشخصية دونالد ترامب الذي يؤمن أنْ ثروته تمكّنه من "إخافة النّاس"، ويستخدمها في إغواء المذيعة التلفزيونية الشابة والطموحة ذات الاسم الغريب والمُضحّك واو بلاتينيوم (أوبري بلازا)، قبل أن يقتلها حين يكتشف تآمرها (ومضاجعتها ابنه كلوديو) والسطو على مصرفه وأمواله وأرثه. أخيراً، هناك الشخصية النّاقصة الحضور والمدعو نوش بيرمان (داستن هوفمَن)، وهو خنَّاس يقف خلف الأقوياء، ويعرض خدماته لإزاحة مناوئيهم. كائن يضمر شرّاً نحو الجميع، وعلى رأسهم سيزار ومشاريعه، معتبراً إيّاه عدوّاً لأمته ومستقبلها ودهريّة كيانها وثباته.

*****

 
 

يُرتّب كوبولا، متمتعاَ بحريّة سينمائية شبّه مطلّقة، الصّراع بين الشخصيات هذه كفيوض حكائيّة أوبراليّة مجنونة ونارية الإيقاع، تتداخل فيها تواريخ متضاربة ومختلفة مُنيرة بضياء ذهبيّ وهاج، مع تأطير ديناميكي من مدير التصوير الرومانيّ ميهاي ماليماره الابن، كما لو أنَّه اللّون الثابت والمُتخيل لجنات أسطوريّة، مصوّراً مظاهر شائعة في روما القديمة من ملابس وأكسسوارات وأسواق وحفلات ماجنة ورقص وفوضى ومخدّرات، متعمَّداً اختراقها بروح تغريب بريشتي جلي عبر "دسّ" شخصيّة عابرة تستخدم هاتفاً نقالاً!، أو أن يظهر شبيه ألفيس بريسلي مؤدّياً "مكرمة" غنائيَّة، وهما يتابعان مطاردات حمّاسية لعربات خيول عسكريّة، كما في عهد يهوذا بن هور لكن هذه المرة وسط ميدان "ماديسون سكوير غاردن"، ولا ضير من وجود لفائف المعلومات الأثريَّة ومكتباتها الى جنب شاشات كمبيوتر، ويصبح مستساغاً أن تطير الزهور من يد سيزار، وتتحرّك الشوارع، ويهطل مطر من غيوم شديدة البياض نراها لاحقاً وهي تخطف قمراً ساطعاً، ولا بأس من أنّ تدبّ الحياة في تمثال العدالة، وتنهار سيّدتها وميزانها أرضاً من تعب أغلال الظلم، ومثلها تتحطم لوائح القوانين من بين يدي تمثال حاميها، لأنَّه أصبح عاجزاً في الحفاظ على قدَّسيتها، ولن يكون غريباً أنْ نشاهد محطة قطارات الـ"سيتي هول" التي أُغلقت نهائيّاً في العام 1945، وهي في ألق تصميماتها الرائعة وبهاء ألوانها، كما لن يحقّ للمشاهد أنْ يتساءل حول قدرات خارقة يمتلكها البطل الشاب فجأة، ويُوقف حركة مواصلات المدينة بصرخة آمرة، قبل أن يحرّك جمادها لاحقا بفرقعة أصابع، أو أن يُعيد الحياة الى جينات من عصور غابرة داخل فقاعات هلّامية، أو يأمر مزارع غناء في الانتشار على مديات لا حدود لها، ولن يندهش المرء وهو يدخل مع سيزار الى قبر زوجته المغدورة الذي تحوّل الى غرفة نومهما، ونتمعن معه في تفاصيل حميمية موزّعة على كم وافر من صور عائلية تحتفظ بذكريّات أيام جوى، ومقتنيات نسوية مرتبة بعناية في انتظار صاحبتها كي تخرج (ربّما في قيامتها الأخرى) من حمامها وتستخدمها مرّات ومرّات الى ما لا نهاية!. إن تراكم هذه الغرابات على طوال زمن الشّريط بدت وكأنّها نشوات سينمائيَّة لم يشأ مخرج "سفر الرُّؤيا الأن" (1979) تجاهلها أو تقليل عددها بل يتمادى خلالها في "الاستعارة" من مصادر أدبيّة أو تاريخيّة أو بصريّة أخرى، كما هو حال مشهد ظلال الأشخاص المتلظين بنيران هجمات 11 سبتمبر 2001، وهي تتساقط كعرض تذكّيري (من ألياذة هوميروس) على واجهات ناطحات السحاب المحيطة بمركز التجارة العالمي أثناء وقوع الكارثة، أو ترميم (كما في "ترمينيتر" (1984) لجيمس كاميرون) وجه سيزار بعد محاولة سلب روحه، وعودة سحنته كنصف أدميّ وأخر مصنوع عبّر ذكاء اصطناعي، أو أقدام الشعب على تعليق جثة كلوديو بالمقلوب كما حدث لجلاد إيطاليا موسوليني، وكنّا رأينا هذا الفتى المأفون قبل قليل يصعد فوق جذع شجرة شذب على شكل صليب نازي كي يُلقي خطاب تحريضاته الشّبيه بما قاله ترامب قبل اقتحام مبنى الكابيتول في واشنطن يوم 6 يناير 2021.

*****

يعجّ "ميغالوبوليس" الشّديد التجريب والقريب من تجهيز بصريّ حلزونيّ وصدامي، بمرجعيَّات لا تُحصى، تبدأ بـ"شكسبير" وتنتهي بـ"كوروساوا"، وتمر بـ"إيمرسون" و"كوبريك" و"مورناو" و"جوته" و"أفلاطون" و"إسخيليوس" و"موسى"، والأنبياء جميعاً، يقول كوبولا أنَّه "لولا الوقوف على أكتافهم" لما تمكّن من صنعه، يبدو أنَّ هذه الكثرة سببت عسراً لدى مشاهديه إذ واجهوا معضلة فكّ شفرات ارتباطها بمواقف معيّنة، فمشهد إلقاء سيزار لمونولوغ هاملت الوجوديّ الشهير "نكون أولا نكون" أمام حشد منّاهض لتخطيطات مدينته الفاضلة، يجد ارتداداته الفكريّة بغموض واستعصاء حين يصحّح العمدة للبطل أسم قائل الجملة الشّهيرة: "الحضارة نفسها تبقى العدو الأعظم للبشريّة" بين روسو وبترارك، ليبدو الأمر وكأن كوبولا غير معني بتفسير كلام يحمل نبوّءات لا يُمكن تحوير مغازيها أو العبث بها، مصرّاً على "تشاوف" لعوب يسعى الى تحميل نصّه مثاقيل فلسفيّة ومنطقيّة وإلهيّة وما وراء طبيعيّة، دافعاً مشاهده الى أقصى درجات الحيرة بشأن فصول تنتهي فجأة من دون نتيجة ما أو رابط دراميّ معين، كما هو حال الحفل الماجن الافتتاحي الذي يتبخّر، أو فصل السّيرك البلا معنى، أو مشهد قطار الـ"سيتي هول" وهروب العمدة وعائلته من حصار المتطرّفين، من دون معرفة ما حلّ بوجهتهم، أو اللّا تفسير لفعل ابنته جوليا (ناتالي إيمانويل) التي تحرك بدورها الأشياء بسحر مكتسب، في سرقة جائزة نوبل من مكتب حبيبها وأب طفلتها سيزار، ولن نكتشف مصير تلك "العملة" السويسرية الثمينة... والأمثلة لا تتوقف.

*****

إذا أردنا الموافقة على ما قاله كوبولا أعلاه في أنّ شريطه هو عن الحب، فهل حالة واحدة، تجمع بين بطل وابنة عمدة كافية لهذا العنوان العريض؟، ولماذا أبقى زمن العرض محصوراً في وسط اجتماعيّ "علويّ"، ولم يطوّر السيناريو حكايات أخرى موازية تُعنى بحضيض روما الأميركية وبؤسائه؟ كرَّر مخرج "دراكولا" (1992) مراراً على لسان الراوي (لورنس فيشبيرن) الوصفة الكئيبة لـ"موت الإمبراطوريَّة وانهيارها"، بيد أنَّ القفزة الدّرامية المفاجئة في قرار المصرفي كراسوس، أثر "تحرّره" من زنا زوجة خؤون، التبرّع بكامل ثروته الى "سيزار وجنّة عدنه، كي أُخلد باسم السَّخيّ ومحبوب الخلود"، تجعل صفاء نيّته في صنع "عظة سينمائيّة" حول أميركاه ورؤيته لمستقبلها هدفاً متيسّراً للمتشكّكين المؤمنين بشعار "لنجعل أميركا عظيمة مرّة أخرى" (ماغا)، ممن يفضلون انحياز السينما الى مركنتيلية وحشيَّة، سبق للدون فيتو كوريليوني وعائلته أن تبجلوا بها في "العراب"، واجبها استعباد كوكبنا بلا منافسين حقيقيّين من أجل تأمين "خير عامَّ" ثابت، لأهل روما الأميركيَّة تحديداً وليس العالم.

هؤلاء المتطرّفون لن تكفيهم "فكرة" وقف زمن موت الكومونولث في المشهد الختاميّ، والإبقاء على طفل سيزار وجوليا حيّاً ونضراً وممَّدداً ببراءة فوق "بساط ريح" على حجم جسده الصغير، في انتظار أن تولّد نُّطْفَة المستقبل هذه أمة جديدة، تستعمر عوالم ومجرّات غير مكتشفة وغير محدودة، فهذا تصوّر سينمائيّ أخرق لن يرتقي الى السّؤال الكبير والجوهريّ والجسور الذي ورد أولاً ضمن مداخلات المعماريّ، قبل أنَّ يكرَّره كوبولا في شهادته التي بدأها كالآتي: " أنا أؤمن بأميركا. لقد استعار مؤسسونا دستوراً وقانوناً رومانياً ومجلس شيوخ من أجل تشكيل حكومة ثورية من دون ملك. لم يكن التاريخ الأميركيّ ليحدث أو ينجح إلّا عبر التّعلّم الكلاسيكيّ لتوجيهه. حلمي أنْ يصبح "ميغالوبوليس" من الأفلام المفضَّلة دائماً في ليلة رأس السَّنة الجديدة، حيث يناقش الجمهور بعد ذلك ليس أنظمتهم الغذائيّة الجديدة، أو قراراتهم بالإقلاع عن التدخين، بل أن يتفكرون في هذا السؤال البسيط: "هل المجتمع الذي نعيش فيه هو المجتمع الوحيد المتاح لنا؟".

سينماتك في ـ  18 ديسمبر 2024

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004