دراما إجتماعية جارحة حول عائلة برتغالية مهاجرة تعيش في ضواحي لندن، تواجه
محنة تفكَّك صادم ومصير جماعي مظلم، بسبب تغيير الحكومة البريطانية قوانين
رعاية الأطفال، منذ العام 2014. تبدأ الممثلة والمخرجة البرتغالية دي سوزا
باكورتها الروائية الطويلة بمشهديات طبيعية تعريفية، تُشير الى إن فتنة
الكون وعظمته لن تخفي ظلماً إجتماعياً وإدارياً يخترق، مشهداً بعد أخر،
كينونة أسرة فقيرة تقطن في شقة حكومية بائسة، وتهدد مصائر أفرادها بعزلهم
عن بعض. ترى دي سوزا، عبر حكاية مريرة تحتاج الى صبر كبير وتعاطف أكبر، إن
الرحمة لا تُنتزع، وإن "القدرة على وضع أنفسنا في مكان شخص أخر، يتعرض الى
الجور واللا إنصاف، تمهد الطريق الى التغيير، وتترك مساحات إنسانية أرحب
لتقييم الأخطاء"، حسب بيانها.
تشعّ
عقيدة سينما المخرج البريطاني كِن لوتش وواقعيته المسيّسة ضد نظام رأسمالي
جائر، في فصول نصّ "أسمع"، المعروض ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة،
وتقوده نحو مقاربة تفاصيل قانونية معقدة وإلزامية، مثلما تُحرضه على فضح
موظفين يطبقون الأوامر بلا مرحمة، وأعوان شرطة يقتحمون الغرف بقساوة قلب.
يوميات غليظة ومضنية، مصوّرة بكاميرا ثابتة، ومشاهد داخلية باردة المعالم
والألوان، تضيق خناقها حول الزوجين بيلا وغوتا، وتسقط أيّ مناورة منهما
للحفاظ على حضانة إطفالهما الثلاثة، من بينهم الصغيرة الصماء لو، التي
تتعرض الى سوء تفاهم مع إدارة مدرسة، تظن إنها ضحية تعنيف منزلي، حين
تكتشف معلمتها رضوضاً على ظهرها. مع تدخل مفتشي الخدمات الإجتماعية
البريطانية، تصبح المعركة مفتوحة ودؤوبة للأم بيلا داخل نظام قضائي
بيروقراطي وجامد وحيادي، لتعلن بمرافعة حازمة وشجاعة أمام القاضي العجوز
الصموت، المكلف بمصيرهم جميعا: "أولادي ليسوا للبيع". شريط "أسمع" قد يبدو
صغيراً وميلودرامياً رهيفاً، لكنه يشعّ بضمير سينمائي مقدام، يستحق
التقدير.
** أنا روشا دي سوزا هي مؤلفة وممثلة مسرحية وصانعة أفلام، ولدت في العاصمة
البرتغالية في عام 1978. برزت كمخرجة أفلام بعد مسيرة مهنية ناجحة كممثلة
في بلادها. درست الرسم في كلية الفنون الجميلة ـ جامعة لشبونة(2007)، حيث
طورت شغفها بالصورة المرئية. حازت مشاريعها الفوتوغرافية على جوائز عدة.
إنتقلت الى لندن في عام 2010، لتلتحق بـ"مدرسة لندن للسينما" لدراسة
الإخراج السينمائي التي أكملتها بعد ثلاث سنوات. في عام 2012، أخرجت فيلمها
الوثائقي "الغسالة" الذي ترشح الى جائزة أفضل فيلم في المهرجان الدولي
لأفلام الطلاب بلندن، وتبعته بشريطها القصير"مينا ألما وأنت"(2013) الذي
شاركت به في "ركن الفيلم القصير" في مهرجان كانّ السينمائي(2013). |