كوميديا سينمائية إنتقادية جماعية باهرة ولاذعة، تقارب إنتهاكات مديدة،
نمارسها عبر الكمبيوتر وتقنياته، ومواقع التواصل الإجتماعي ومراوغاتها.
نخضع ـ بوعي أو من دونه ـ الى سطواتها التي تطال خصوصياتنا ومصائرنا،
وتعرضها الى إبتزازات مدمرة. حكاية 3 شخصيات تقطن في شارع واحد لضاحية
باريسية، يعيشون مآزق يومية، كُلّ حسب اللعنات التي تطارده. ما يجمعهم هو
وقيعة بيانات، تغوي اليائسين منهم، لتتحكم في حيواتهم، وتدمَّر تطامناتهم
العائلية وهوياتهم، وتجعلهم رهينة الفضيحة (تصوير سيدة بإوضاع مُهيّجة)، أو
الخزي (مطاردة طالبات مراهقات وتعميم زلّاتهن)، أو التقبيح (فضح علاقة
جنسية إفتراضية لرجل، وهوسه بصوت امرأة مثيرة، لا يتمكن من رؤيتها عبر
الشاشة).
شريط كِرفِرن/ دولِبين، الفائز بجائزة "الدب الفضّي" الخاص في الدورة
الـ70 لمهرجان برلين السينمائي (2020)، والمعروض ضمن خانة "أفلام الإختيار
الرسمي ـ خارج المسابقة"، يراكم رزايا أبطاله ومهازلهم بترتيب متصاعد
ومتقاطع الحكايات، حيث على الجميع الوصول الى حلَّ مشترك وسريع وجازم، قبل
الإنهيار الأخلاقي العارم، وبمساعدة "قوّة عليا" تقودهم الى مملكة العالم
الرقمي في الولايات المتحدة الأميركية، وقلب شركاتها العملاقة والنافذة،
القادرة وحدها على "امّحاء" تواريخهم الشائنة وسجلاتها التي "أُحتجزت" داخل
أجهزة جامدة وعالم إفتراضي، لا تخشى التهديد أو التفكيك أو الإختراق.
تحسم
الشخصيات تلك، القريبة الروح من نظيراتها عند المعلّم الفرنسي جاك تاتي،
خصوصا في شريطه "بلاي تايم" (1967)، في نهاية مطاف مغامراتها ومقالبها
ومعاركها، قرارها في توحيد هدف تطهُّرها من خطايا سعت الى إخفائها، وجاهدت
في شطبها، عبر إنتفاضة معقدة، تخترق خيانات ضمير آليّ أصمَّ، غير معني
بخلاصها من خيباتها، أو تحرَّرها من إرتباكات طموحاتها، أو نصرتها ضد
نزواتها.
** غوستاف كِرفِرن، ولد غوستاف كِرفِرن في عام 1962، وهو ممثل ومخرج
ومؤلف العديد من الكتب، منها "لحظات صغيرة من السكر" (2008)، و"صفيق"
(2014).
**فيما ولد بونوا دولِبين عام 1958، وهو مؤلف سينمائي ومخرج. أطلق وكتب
البرامج التلفزيونية الساخرة الشهيرة "قرنا المعلومات"، و"غرولاند". نشر
عدداً من كتب رسوم الكارتون (الكوميك) مثل "المنتحل" (2000)، و"القنبلة"
(2002)، و"قاتل الأله" (2003).
تعاونا معا على مدى العشرين سنة الماضية، وإنجزا برامج تلفزيونية عدة، قبل
أن يقدما فيلمهما المشترك الأول "ألترا" (2004). أختير كل من الشريطين
"ماموث" (2010) و"القديس الحب" (2016) ضمن قوائم المسابقة الرسمية لمهرجان
برلين السينمائي. |