·
¶
مع كل جديد لك، تشيع اجواء جديدة ومختلفة عما سبق أن قدمته. لكن هناك
خطاً سينمائياً يجتاز مجمل اعمالك. كيف تستطيع ان تجدد نفسك في كل مرة،
وتحافظ في الوقت نفسه على هويتك السينمائية؟
-
هذا بديهي. لحسن الحظ ان لكلّ منا جوانب متعددة. ثم ان عامل
الزمن يحوّلنا أشخاصاً مختلفين: ذائقتنا تنضج ونبتعد عن امور كانت تثير
فضولنا، بعد أن نشعر بأننا استهلكناها. هذا ما هو جميل في الحياة. لا أفهم
المخرجين الذين يتركون الانطباع بأنهم دوما في الاطار نفسه، علماً انهم
يستخدمون السينما كي يستكشفوا عوالم استثنائية. ثمة خلاّقون كبار لا يخرجون
من قمقمهم.
المتعة التي اشعر بها لدى ممارسة مهنة الاخراج، آتية من ان السينما
تدعني استكشف العالم. احياناً، قد تفيد السينما لإجراء تواصل بين أنفسنا
وعالم لا نعرفه معرفة كافية. "الاقدار العاطفية" مثلاً، سمح لي بأن استكشف
في الحين نفسه حقبة ومنطقة وحرفة، لم اكن مطلعاً عليها.
·
¶
كنتَ في الـ25 من العمر حين بدأت تكتب في "دفاتر السينما". هل كان
لديك ثقافة سينمائية واسعة؟
- (بعد تفكير). لا، لم أكن واسع الاطلاع على السينما، كنت أشاهد
افلاماً كثيرة، وأهتم بالعديد منها. من هذا المنطلق، أعتبر "دفاتر السينما"
مدرستي السينمائية.
·
¶
كيف بدأت تهتم بكتابة السيناريو؟ احتراف والدك كتابة السيناريو هل انعكس
على توجهك؟
-
كانت لديَّ رغبة في صنع الافلام، وبفضل والدي اتيحت لي فرصة
مواكبة العمل السينمائي في البلاتوهات بصفة مساعد أو متدرب، وكنت اقوم بشتى
انواع الاعمال المفيدة في موقع التصوير. كنت اشعر بسعادة لاقترابي من
السينما ولاحتكاكي بأشياء ملموسة وعملية، لكن سرعان ما ادركت ان مهنة
المساعد لا تلائمني على الاطلاق، لبعدها جداً عن احلامي وتوقعاتي. مصادفة،
التقيت مبتدئين مجايلين لي، وكان لبعضهم محاولات لصنع افلام قصيرة. أنا لم
أكن قد خضت بعد تجارب مماثلة، لأن ذلك كان غريباً عن ثقافتي، وكنت استمع
الى ما يقوله لي والدي ناصحاً اياي بأن أصعد السلّم تدريجاً.
·
¶
حين مررتَ وراء الكاميرا، لم تغفل الجانب البصري، لكن الطابعين الادبي
والشفهي ظلاّ مهيمنين على أفلامك.
-
في لحظة ما، فهمت انه لا يمكنني ان اكون سينمائياً ورسّاماً في
الحين نفسه. كان يجب ان اختار مهنة واحدة. لم اتردد في الاختيار. وكنت اعلم
ان السينما، كسائر الفنون، تتطلب التفرغ التام. للرسم جانب انعزالي كان
يزعجني، في حين كانت السينما تضعني في تماس مع العالم والواقع خلافاً للرسم
الذي كان طريقة للانغلاق في عالم داخلي. وهذا ما لم أتمكن من التأقلم معه
·
¶
الكتابة أيضاً تعزلك عن العالم.
-
أدركتُ سريعاً انه ينبغي لي اذا اردتُ انجاز افلام، أن أتعلم
الكتابة والتأليف. لم اكن ارى نفسي مخرجاً، بالمعنى التقني للكلمة. كنت
أخرق في الكتابة، وحواراتي دون المستوى المطلوب. لذا قررتُ ان اتعلم
الكتابة، وأجبرتُ نفسي على ذلك. فمهنة السينمائي كان من المفترض – بطريقة
او بأخرى – أن تمر عبر الكتابة. سينماي ولدت من الكتابة.
·
¶
تؤسس في افلامك لعلاقات وطيدة بين شخصيات القصة. هل في الامكان القول
ان سلوك الكاراكتيرات أكثر ما يهمك في العمل السينمائي؟
-
هذا الامر اكتسبته جراء العمل مع اندره تيشينيه. قبل ان ابدأ
في الاخراج، كان لقائي وتيشينيه حاسماً. كتبنا معاً "موعد" من بطولة جولييت
بينوش. بفضل اندره، تعلمت كيف يمكننا التأليف من أجل الممثلين. في الواقع،
أهم ما في الكتابة هو التفكير في "التقمص" وفي الحضور الجسدي للممثلين.
تعلمت أيضاً ان على السيناريو ان يكون، قبل كل شيء آخر، مسار شخصية ما.
وينبغي للوحة الشخصيات ان تكون صادقة وتحركها غرائز متناقضة تفضح مدى صعوبة
اختراق العقل البشري.
·
¶
معروف انك تمنح الممثلين حرية كبيرة اثناء ادائهم الدور، وانك غير صارم في
تعليماتك...
-
تحقق هذا الأمر بمرور الوقت. في بداياتي كنت اتبع الحوارات
حرفياً، وكنت مخلصاً لبنية المَشاهد علماً اني كنت امنح الممثلين شيئاً من
الحرية. ولكن مع الزمن، بدأ ينتابني نوع من النفور لدى سماع حواراتي تخرج
من افواه الممثلين. لا احب سماع الممثلين يجسدون ما كتبته، بل ارغب في ان
يحرّف هؤلاء النص ويحوّلونه ويضيفون اليه، كي يأخذ الحوار نبرة حديث عادي
(...). اني مقتنع بأن ما هو مكتوب ليس كافياً. في الواقع، اني مقتنع ان
المسألة ليست عبارة عن كلمات، انما مشاعر. وليست الكلمات الا انعكاساً
تقريبياً للمشاعر. الجميل في السينما ان ثمة الف طريقة لتفعل ما تودّ فعله.
السينمائيون، خلافاً للمسرحيين، لم يتعلموا يوماً التعامل المباشر مع
الممثلين: في أول يوم تصوير، عندما نصل الى البلاتو لالتقاط مشاهد فيلم
قصير، ندرك اننا مجبرون على ابتكار اساليبنا الخاصة. عندما بدأت في الاخراج
لم يكن لديَّ ادنى فكرة ماذا يعني توجيه الممثل. سينمائيون مثل كلير دوني
وارنو ديبليشان وروبير بريسون واندره تاركوفسكي هم ايضاً اضطروا الى ان
يطرحوا على انفسهم الاسئلة نفسها، كي يجدوا حلولاً (...). يحقّ للمخرج أن
يشكّ. عندما اكون متردداً، افصح عما لديَّ من شكوك. في السينما، يصنّف الشك
في خانة الترف. المخرجون الذين ينتمون الى التيار التجاري اصحاب شكوك ايضاً:
يبحثون ويفكرون ويترددون في خياراتهم ويستهلكون كل ما يملكونه من وقت،
لأنهم يسعون الى العمل الجيد. لكن عندما نعمل في ظل شروط السينما المستقلة،
لا نملك الكثير من الوقت. لم احظ يوماً بترف الوقت لكي اتردد.
استعادة لأربعة من أفلام أوليفييه أساياس في "متروبوليس":
جيلٌ يبحث عن قضية فيجدها في السينما والروك والحبّ
هـ. ح.
في مناسبة اطلاق آخر اعمال المخرج الفرنسي القدير أوليفييه أساياس،
"بعد أيار"، في الصالات اللبنانية، يستعيد مجمع "متروبوليس" اربعة من
أفلامه بدءاً من الأحد المقبل وعلى مدار اربع ليال متتالية. هذه الافلام
هي: "المياه الباردة" (1994) الأحد؛ "ايرما فيب" (1996) الاثنين؛ "الأقدار
العاطفية" (2000) الثلثاء؛ "الساعة الصيفية" (2008) الاربعاء. العروض تبدأ
الساعة الثامنة. أما آخر أفلامه، "بعد أيار"، الذي نال جائزة السيناريو في
مهرجان البندقية الأخير، فيبدأ عرضه بدءاً من 28 الجاري. في الآتي، نقد عن
"بعد أيار" تتبعه أجزاء من مقابلة مع أساياس، يوم حاورته "النهار"، عام
2006.
انتظر أوليفييه أساياس سنتين ليعود الى هوايته المفضلة: الشغب. هذه
المرة، لن يكون محور الحكاية ارهابياً (كارلوس) انتقل من النضال الأممي الى
الارتزاق. بل يأخذنا الى السبعينات، وما حملت معها من أحلام في مرحلة ما
بعد "أيار 68". أحلام تحطمت تدريجاً، وأكلت أبناءها. من هنا ينطلق مخرج "ايرما
فيب"، ليصنع واحداً من أروع أفلام العام الماضي: "بعد أيار" الذي نال جائزة
السيناريو في مهرجان البندقية الأخير. يستند أساياس، الذي كان في الثامنة
عشرة في مطلع السبعينات، الى تفاصيل من سيرته الشخصية، مؤكداً في حديث نُشر
في الملف الصحافي للفيلم ان "كلّ شيء في الفنّ اوتوبيوغرافي ولا شيء
اوتوبيوغرافياً". في هذا المعنى، يوازي جيداً بين العام والخاص، اذ يعود
الى احداث ظلت صامدة في وجدانه: 8 شباط 1971. مجموعة من الشباب شاركوا في
تظاهرة للمطالبة بإطلاق قياديي اليسار البروليتاري، الذين اعتقلتهم الحكومة
الفرنسية. لكن التظاهرة تتحول مواجهة عنيفة جداً مع قوى الأمن، وهي الواقعة
التي ينقلها أساياس بكاميرا بديعة يحركها القدير اريك غوتييه.
ينظر أساياس الى تاريخ بلاده نظرة نقدية، بعيداً بسنوات ضوئية من كل
محاولة لأسطرته وحمله على راحات الشوفينية والتمجيد الأبله. مَن يبحث عن
رسالة فسيخيب ظنه حتماً، لأن أساياس ينسب هذا الدور الى الصحافة لا الى
السينما. هنا ثمة تخدير للعاطفة، يستعمل أساياس فرامل فعالة جداً لتبطىء
الانفعال، فينكبّ على محطات صنعت تاريخ فرنسا المعاصر بمعالجة موضوعية.
هنا، لا اهتمام بمانشيتات الصحف، ولا بمواد ارشيفية من التلفزيون الرسمي.
هذا ليس منشوراً سياسياً، انه محض أغنية تاريخية، لا تتملق ولا تساوم.
الشيء الأهم ان أساياس يصوّر هذه اللحظة، متخلياً عن عامل الزمن الذي جعلها
في مصاف المسلّمات. هنا الأبطال لا يعرفون انهم يدخلون التاريخ. هم
بورجوازيون بوهيميون في الوقت نفسه: يسكنون الشقق الجميلة ويسافرون متى
شاؤوا من لندن الى سواحل ايطاليا وينظّرون عن دور الفنّ في انقاذ العالم.
ينفض أساياس الغبار عن حقبة تاريخية، مظهراً قلة تسامح مع اليسار
وفروعه الذي كان يتضمن في رأيه، الكثير من العنف والكآبة وسوء التدبير
للحياة. يسأل: "أين نحن من كل هذه الحماسة اليوم؟". من خلال جيل وجان بيار
وماريا وآلان وكريستين وفنسان ولور ولزلي، الطلاب في ليسيه في ضواحي باريس،
يضعنا النصّ في قلب ديناميكية شبابية تأتي معها عدّتها الكاملة: حبّ،
مخدرات، روك! نكتشف (وهنا أهمية الفيلم)، حجم الهشاشة النفسية والفردية خلف
التمرد والايديولوجيا الثورية والأفكار التي تبعث على تغيير العالم. انه
اذاً بورتريه لحقبة لم تنتهِ بعد من استلهام الفنّ.
في هذه المعمعة التي تتيح لأساياس أن يصنع بعضاً من أجمل لحظات
الانجذاب والتماهي مع الطبيعة، هناك الشاب جيل (كليمان ميتاييه)، الأنا
الأخرى للمخرج. جيل، شاب ثائر يبحث عن قضية. من الواضح ان نيات أساياس تتجه
الى جعل السينما متنفس الفيلم، ومتنفس صديقنا جيل، الذي يجد دائماً الوقت
كي يتسلل الى صالة سينما مظلمة، كي يعود الى السكون والعزلة المحببة على
قلب كل فنان، بعيداً من صخب الحشود. هذا الملاذ الفني يتجسد بأبهى صورة في
مشهد تصوير فيلم رديء (كومبينة ابطالها تنّين ونازيان وفتاة مثيرة!)،
ليفارق فيه جسد جيل الكادر داخلاً الى عمق الشاشة البيضاء. جوّ كامل من
ثقافة المضاد اليسارية، يثقل عليه، مما يجعله يصطدم مع والده، المدافع
الشرس عن سيمنون. قدما الشاب جيل على الأرض، لكن رأسه في الغيوم. في حين ان
الواقع يضعه أمام احتمالات كثيرة، يحلو لنا التفكير في أن الشاشة ستنتشله
من هذا كله، ليسمو بها ومعها. لكن ماذا عن الآخرين؟
النهار اللبنانية في
21/02/2013
استقالة بينديكتوس السادس عشر تعيد إلى الذاكرة فيلم موريتي
«أصبح
لنا بابا».. لم يصل الكاردينال المنتخب إلى الشرفة
نديم جرجورة
أثار إعلان البابا بينديكتوس السادس عشر استقالته من منصبه ضجّة
إعلامية كبيرة. قليلون هم الذين تذكّروا رائعة المخرج الإيطالي ناني
موريتّي (60 عاماً) «اصبح لنا بابا» (2011). قليلون هم الذين استعادوا هذه
التحفة السينمائية في لحظة وداع رأس الكنيسة الكاثوليكية المغادر دولته
طواعية. أو بسبب ضغط الفضائح المتنوّعة التي أثقلت عهده. ناني موريتي ساحرٌ
في سخريته المريرة. في قدرته على ابتكار لغة سينمائية تقف، بشراسة، أمام
خواء هذا العالم، أو قسوته، أو فساده، أو ظلمه الإنساني. بارعٌ هو في خلط
الواقعية الإيطالية الجديدة بالكوميديا على الطريقة الإيطالية. هذا كلّه
بهدف إنشاء مقاربة نقدية لإيطاليا ما بعد أيار 68 وبداية القرن الواحد
والعشرين. بهذا المعنى، يُمكن القول إن «اصبح لنا بابا» مندرجٌ في سياق
واحد و«التمساح» (2006) مثلاً. صحيح أنه غرف من تفاصيل حياتية خاصّة به
مادة درامية مثيرة لسؤال الحياة والموت والخطيئة والهوية وغيرها، لكنه لم
يتردّد لحظة واحدة عن مواجهة تماسيح السياسة والاقتصاد والإعلام والدين،
وعلى رأسهم سيلفيو برلوسكوني. صحيح أنه «مناضل» يساري شرس، لكنه أتقن فن
الإبداع السينمائي في مقارعته وحوش المال والأعمال أيضاً.
أميل إلى اعتبار «اصبح لنا بابا» مرافعة سينمائية متواضعة بجمال
بساطتها. مرافعة عن عالم منغلق داخل أسوار دولة الفاتيكان. الدولة مزيج دين
ودنيا. مصالح وأعمال وحياة روحية. علاقات دولية وارتباطات ما ورائية. ناني
موريتي ساحر بسخريته الهادئة. البابا المنتخب حديثاً عاجزٌ عن قبول المنصب.
واقعٌ هو في أزمة أخلاقية ونفسية. متردّد ومرتبك. قلق هو من أشياء كثيرة
شعر، لحظة انتخابه، أنه عاجزٌ عن تحمّلها. ميشال بيكولي رائع في شخصية
الكاردينال مَلْفيل المنتخب حديثاً «بابا روما». العجز والتردّد والارتباك
واضحة المعالم في ملامح الممثل. في نبرته وهيامه وشروده وتشتّت تفكيره. في
نطقه وعينيه الزائغتين. في حركة جسده. الأزمة قاسية. لم يستطع الكاردينال
المنتخب حديثاً على رأس الكنيسة والدولة أن يبلغ الشرفة لتحية المؤمنين.
تراجع. وقف في الحدّ الفاصل بين «عتمة» الداخل و«ضوء» الخارج. احتار
المحيطون به. جاءوا بطبيب نفسي يُدعى البروفسور بريزّي (موريتي نفسه). دخول
بريزّي بشخص ناني موريتي داخل أسوار الكنيسة ـ الدولة كفيلٌ، وحده، بكشف
عوالم منغلقة. بكشف شيء جديد من براعة الممثل المخرج السيناريست في تفكيك
هذا الداخل، ووضعه أمام أسئلة متعلّقة بالحياة والمسؤولية والوجود والعلاقة
بالله وبالعلم. الطبيب النفسي ممنوع عليه الخروج قبل حلّ المشكلة. ممنوع
عليه أن يسأل أسئلة محدّدة قد تفضح المخفيّ. ممنوع عليه أن يمارس وظيفته
كما يجب. الكاردينال مَلْفيل ضائع كلّياً. نجح في التفلّت من القيود كلّها،
وخرج إلى العالم. زار طبيبة نفسية. تمشّى وحيداً في الطرقات. أراد فنجان
قهوة. هذا كلّه بلغة ناني مورّيتي وأسلوبه.
لا يُمكن اختصار المناخ الدرامي البديع لـ«اصبح لنا بابا». لا يُمكن
إقامة مقارنة بين البابا بينديكتوس السادس عشر والكاردينال مَلْفيل. هناك
تشابه خفي بينهما ربما. لكن استقالة الأول لا تختلف كثيراً عن عجز الثاني
عن قبول المنصب. مشاهدة «اصبح لنا بابا» لناني موريتي في هذه اللحظة لها
نكهة مختلفة: قوّة السخرية البديعة في طرح سؤال العلاقة الحقيقية بين رجل
الدين وذاته.
السفير اللبنانية في
21/02/2013
حسن الرداد:
أرفض الدور الثاني.. وجيلي الأقل حظا
أميرة العادلي
رغم بداية مشواره الفني في2007 أنه استطاع تقديم أدوار متنوعة رغم
قلة الأعمال, وكشف في حواره مع الأهرام المسائيعن أنه اعتذر عن الكثير من
الأعمال, معتبرا الكوميديا هي الأقرب إلي قلبه, حيث يقدم دور مذيع من
خلال أحدث أفلامه نظرية عمتي خاصة أن الجمهور الحالي يبحث عن البسمة لكثرة
الأحداث الحزينة.
·
هل اتجهت إلي الكوميديا بعد
نجاحك في فيلم الأنسة مامي؟
** إطلاقا, وانا حريص علي عدم التكرار, لكن دائما كان يعرض علي
نوعية أدوار معينة, والمنتجون كانوا يستسهلون وضعي في القالب الذي نجحت
فيه, لكني بذلت مجهودا رغم أني في بداية مشواري الفني حتي أقول أني
استطيع تقديم أدوار أخري, حتي أني اعتذرت عن أعمال كثيرة حتي جاءني
سيناريو مسلسل أبن الأرندلي ودراستي للمسرح أهلتني لتقديم أنماط مختلفة,
ولا أنكر أن الكوميديا هي الأقرب لقلبي ولشخصيتي, وتمنيت كثيرا
تقديمها, وظللت أحاول في الدراما وبالفعل قدمت أدوار متنوعة, ولم أتردد
في قبول الأنسة مامي لأني أحب مشاهدة هذه التيمات, لكني لم أتجه
للكوميديا, وكممثل تغريني الأدوار الجيدة, ولن أحصر نفسي في نوع معين
·
ولكن رفضك لعدد كبير من الأدوار
قد يؤثر عليك؟
** ظللت فترة طويلة أرفض أدوارا حتي وجدت الدورالمناسب في2009 مع
يحيي الفخراني في ابن الأرندلي, وأعتقد أن الرفض لم يؤثر علي لاني أعلم
ماذا أريد, وحتي الان لم أكرر شخصية قدمتها, فمثلا قدمت في فيلم احكي
يا شهر زاد شخصية الصحفي الانتهازي, وفي فيلم كف قمر قدمت شخصية الشاب
الصعيدي الفقير, والتنوع يفيد الفنان ويكسبه الخبرات, ولا يجعل الجمهور
يمل منه.
·
حدثنا عن دورك في فيلم نظرية
عمتي وما الذي جذبك لأداء الدور؟
** جذبني السيناريو الجيد لعمر طاهر, فالفيلم مكتوب بطريقة
كوميدية ساخرة وتتناول الواقع الحالي ببسمة, وأقدم دور مذيع مشهور يقدم
برنامج توك شو ناجحا جدا في العالم العربي, وفجأة يقرر أن يوقف البرنامج
ويسافر.
·
هل يحتوي علي إسقاط معين علي
البرامج, وكيف كونت ملامح الشخصية وهل تشبه أحدا من الإعلاميين؟
** الفيلم بعيد عن الاسقاطات السياسية وإن وجدت فهي محبوكة ومغلفة
بشكل ساخر, والشخصية لا تشبه أحدا من الإعلاميين, وحضرت لها جيدا,
ورسمت لها ملامح مختلفة لاتشبه أحدا من الموجودين علي الساحة.
·
هل تنوي تقديم برنامج تليفزيوني؟
** عرض علي الكثير, لكن ليس في خريطتي الان تقديم برنامج.
·
تقوم بتصوير الفيلم ومسلسل أدم
وجميلة فكيف يتم بالتنسيق بين العملين؟
**الشخصيتان مختلفتان تماما سواء في الفيلم, أو مسلسل أدم وجميلة
أو مسلسل مولد وصاحبه غايب, والمرحلة الأصعب بالنسبة لي تكون في
التحضير, ورسم الشخصيات بتاريخها, وطريقتها في الحديث, وملابسها,
وملامحها الداخلية, وغير ذلك أقوم بتنسيق المواعيد حتي لاتتعارض.
·
ماذا عن دورك في مسلسل آدم
وجميلة؟
** أقدم شخصية مهندس له الكثير من المسئوليات بداية من عمله,
ومسئوليته عن اخوته البنات, ومشاكل والديه, وعلاقته بحبيبته,
والمسلسل دراما اجتماعية رائعة تناقش الكثير من العلاقات الشائكة.
·
المسلسل60 حلقة في الوقت الذي
بدأ البعض تقديم15 حلقة فكيف تري ذلك؟
** نحن نقدم الدراما الطويلة من زمن ولي تجربة في مسلسل الدالي,
وأعتقد أن الجديد الذي نقدمه هو عرض الـ60 حلقة متتالية, والأزمة هي ان
بعض القائمين علي الصناعة عودوا الجمهور علي أنماط معينة, وهناك حسابات
متعلقة بالمادة الإعلانية, والـ280 مسلسلا التي يتم عرضها في توقيت
واحد, ونترك الساحة طوال العام بحجة ان الجمهور يريد أن يشاهد المسلسلات
في رمضان, ولذلك احتلت المسلسلات التركية هذه المساحة والمنتجون بدأوا
يكتشفون أن الجمهور يشاهدها طوال العام فعادت الفكرة من جديد.
·
كيف تري الوضع السينمائي حاليا
والذي عزف فيه المنتجون عن الإنتاج, بسبب ضعف الإيرادات, وعدم شراء
القنوات للأفلام؟
** للأسف كلامك صحيح, وجيلي الذي بدأ في عام2007 من أقل الأجيال
حظا, ومنذ10 سنوات كانت الأرض خصبة وممهدة لتقديم أفلام ناجحة,
بالاضافة لافتتاح دور عرض جديدة وحديثة وإقبال القنوات الفضائية علي الشراء
والتي سهلت عملية الإنتاج وغطت تكلفة الأفلام, كذلك القنوات الخليجية
التي للأسف كان يعتمد عليها المنتج المصري وتوقفت فجأة, وهذه الفترة صعبة
جدا علي الجميع, خاصة الجيل الذي سبقنا ويقدم أفلاما باسمه, ومن زاوية
أخري فإن المواطن يعاني اقتصاديا, بالاضافة للمزاج العام, والاحباط,
ولكن الحياة لايجب ان تتوقف, وعلينا ألا نستسلم للظروف, والمنتج
الحقيقي هو من يظهر الأن ويفتح بيوت الفنيين, والحرفيين وآلاف العائلات
التي تعتمد علي هذه الصناعة, وليس من اكتسب منها, ويتراجع في وقت
الكساد, وجميعنا يشعر بمخاوف, وليس الحل أن نجلس في المنزل.
·
هل الكوميديا هي الحل؟
** الجمهور يحتاج إلي بسمة, والأغلب يبحث عن الكوميديا, فبرامج
التليفزيون مليئة بالصراخ, والنقاشات, والأحداث المأساوية, وكذلك
رسائل الموبايل, والاخبار التي تحمل الكثير من الهم, والغم والإحباط,
وأتمني أن يحقق الفيلم إيرادات جيدة.
·
هل تقبل تقديم دور ثان؟
** لن أقبل. فمنذ بدأت وأنا أقدم دور البطولة, أو أشارك في
بطولة جماعية فما الداعي لأقبل دور ثان.
·
وإذا كان الدور جيدا؟
** لن تشغلني المساحة لأنني سأستفيد.
·
ما هي أعمالك القادمة؟
** سأنتهي خلال أيام من تصوير مسلسل مولد وصاحبه غايب, وبعده
الفيلم, ثم أتفرغ لأدم وجميلة.
الأهرام المسائي في
21/02/2013
سوريا الستينيات وحلم اليقظة بالنصر السريع
باب شرقى فيلم موجه مصرى سورى مشترك
صفاء الليثى
لم يسعدنى الحظ بزيارة سوريا ولا دمشق ، يقول لى الأصدقاء الذين
زاروها بأنك ستشعرين أنك فى مصر زمن الستينيات ، هذا ما أحسست به مع ردود
أفعال المعارضة السورية التى ملأت قاعة نقابة الصحفيين لمتابعة العرض الأول
لفيلم " باب شرقى" الروائى للمخرج المصرى أحمد عاطف وللأخوين أحمد ومحمد
ملص.
بادرتنى فتاة سورية بجوارى تسألنى سورية أم مصرية، اللهجة واضحة منى
ومنها ولكنها كانت مبتسمة وسعيدة وكأن بشار قد رحل والثورة انتصرت. وفى
نهاية الفيلم يعلن شخص يرتدى زى الجيش عن انتصار الجيش السورى الحر ومقتل
بشار الأسد ليصفق الحضور ويهتفون " الله حى ، الجيش الحر" بشكل غنائى..
الانفعال بالفيلم والضحك على القفشات من الجانب السورى والمصرى داخل الفيلم
أشعرتنى بأننا فى أجواء احتفالية، وكأن حلم اليقظة هذا بانتصار الجيش الحر
وسيطرته على دمشق ومقتل الأسد قد تحقق بالفعل. وجدت الفيلم يشبه بروباجندا
عبد الناصر والدعاية الناصرية زمن الستينيات، يخاطب الأشبال والمراهقين مثل
جارتى السورية الفرحة بنجوم المعارضة الذين يملئون القاعة، والفرحة بانتصار
الأخ الطيب على أخيه الشرير. أتحدث عن فيلم باب شرقى الذى كتبه وأنتجه
وأخرجه المخرج أحمد عاطف الذى تثار شكوك فى مصر حول ارتباطه بالنظام الجديد
فى مصر وجماعة الإخوان. وهى شكوك أكدها لى هذا الفيلم الذى يتخذ موقفا
مباشرا من مساندة الجيش السورى الحر وتصوير نظام بشار وتابعيه بشكل سيء إما
بلهاء أو دمويين. فيلم ينتمى للسينما المباشرة ويحمل بعدا واحدا لاغير عبر
قصة تتكرر فى كثير من أفلامنا العربية حول الأخوين المقتتلين، كما فى
الفيلم الأول للمخرج خالد يوسف " العاصفة" عن حرب الخليج الأولى ، حرب
العراق والكويت، هنا الأخوين أحمد ومحمد ملص، يقومان بدور الأخوين بلال
وهلال أحدهما ضد النظام والآخر معه. الأخوين شاركا فى الكتابة وفى رؤية
الفيلم مع المخرج أحمد عاطف الذى لم يزر سوريا ولا يعرف أرضها وإن كانت فى
قلبه ووجدانه كما صرح فى كلمته قبل عرض الفيلم. الأخوين ملص فى باريس فلم
يحضرا العرض وحضره الممثل القدير فرحان مطر الذى قدم دورا نمطيا عن لاعقى
أحذية رجال النظام، عاشق الأسد بشكل يثير السخرية . نجح المخرج أحمد عاطف
ومعه الأخوين ملص فى صياغة فيلم عبر مشاهد محدودة وبشكل أقرب إلى الاختزال
لرسم صورة أوضاع السوريين فى انقسامهم بين الانحياز للنظام أو الانحياز
للثورة. أغلب المشاهد صورت فى مصر حيث لجأت العائلات السورية . هناك
استعانة ببعض المشاهد الوثائقية مثل خيمة الثورة السورية بميدان التحرير
بالقاهرة، ومثل بعض مشاهد القتل البشعة للنظام السورى. طابع ممسرح صبغ عددا
من المشاهد وخاصة التى جمعت الأخوين حيث منصة وخطابة مباشرة لجمهور محسوس.
ومشاهد أخرى كانت أقرب لسينما تعتمد الارتجال كمشهد هام دار بين بلال
وصديقه المصرى فى منزل الأخير يطلب منه الهدوء فكل شيء فى مصر يتم بالتصوير
البطيء . أداء رائع من الممثل المصرى يطلق ضحكات الحضور وتصفيقهم، وكذا
مشهد ذكرنى بالواقعية المصرية الجديدة لخان وعاطف الطيب فى الميكروباس
وسيدة تبادر الشقيقين بالسؤال حول التشابه الشديد بينهما ينتهى بسبها لبشار
فتضج القاعة بالتصفيق بعد الضحكات. مشاهد لتوازى بين مظاهرة مؤيدة يقوده
هلال وأخرى رافضة يقودها بلال , وهكذا يتراوح الفيلم بين المشاهد الحية
الأقرب لفن السينما الواقعية الجديدة، وبين السينما المباشرة الموجهة مع
أداء مسرحى يشبه واقعية اشتراكية أو عملا مباشرا. يمزج الفيلم بين
الكوميديا فى السخرية من بعض مظاهر منتشرة الآن مثل السخرية من اهتمام
الفتيات المصريات بالمسلسلات التركية المدبلجة باللهجة السورية ، وهى تكسر
حدة الميلودراما التى تفرضها الفكرة الرئيسة عن اقتتال الأخوة، وتبعد
الفيلم عن التأسى لهذا الحال ، لتفسح الأمل لحتمية انتصار الثورة.
لا أتصور أن الفيلم تكلف كثيرا، بل يمكن وصفه بالعمل قليل التكاليف،
فى مجموعه لا يقدم عمقا للقضية ولا يثير أفكارا قابلة للنقاش، فتوجهه
الوحيد تم التعبير عنه فى جملة جاءت على لسان (بلال) " الحرب لا تصبح حربا
إلا عندما يتقاتل الأخ مع أخيه". توجهه الوحيد لمساندة الثورة السورية
والثقة فى رحيل بشار الأسد حتى لو بقتله بيد الجيش السورى الحر.
الجزيرة الوثائقية في
21/02/2013
الحفلة فيلم «فلو»..
المؤلف كتبه بعقلية «التاجر» فغاب المضمون الجيد
رامى عبدالرازق
يكتب وائل عبدالله أفلامه التى ينتجها بعقلية التاجر وليس بذهنية
المؤلف والفرق بينهما أن المؤلف ينطلق من فكرة محددة أو قضية أو هم يشغله،
أما التاجر فكل ما يبحث عنه هو حشد أكبر قدر من بضاعة الإثارة والغموض
والتشويش من أفلام أخرى كى يسيطر على ملل المتلقى ويستحوذ على انجذابه، دون
قدرة على الخوض فيما هو أعمق وأشمل وأنضج، بمعنى أنه يكتفى بالتركيبة
المجمعة كهدف درامى وليس كوسيلة لإبراز مغزى أو إثارة قضية أو حتى تحقيق
الإشباع النفسى والعقلى للمشاهد خلال الأحداث.
زوج شاب يبحث عن زوجته المختطفة مما يستدعى وجود محقق بوليسى ماركة
كرومبو كى يستجوب الشخصيات المشكوك فى تورطها بالاختطاف.
يدور المحقق على الشخصيات ليسمع رواية كل منهم عن «الحفلة» التى حاول
المؤلف أن يجعلها الليلة الأهم فى محاولة اكتشاف من خطف الزوجة، رغم أنها
فى الحقيقة ليست كذلك، ومن خلال تضارب رواياتهم، بشكل يتنافى حتى مع فكرة
تعدد أوجه الحقيقة أو رؤية الموقف الواحد من زوايا مختلفة، نكتشف أن
المسألة لا علاقة لها بالحفلة على الإطلاق وأن الحفلة مجرد تمويه بوليسى من
قبل المؤلف، وشكل درامى مستهلك لإضفاء الغموض والتلاعب بالمعلومات لتحقيق
إثارة مفتعلة دون مغزى، بل إن الفلاش باك يركز على الحفلة فقط، رغم أن
التحقيق من المفترض أن يغطى أياماً وأحداثاً أخرى!
المشكلة تكمن أولاً فى غياب المضمون الجيد نتيجة سيطرة عقلية التاجر،
فالأحداث من المفترض أن تكون وسيلة لعرض الفكرة وليست هدفاً فى حد ذاته.
ثانيا فرض المؤلف على نفسه أسلوب الفلاش باك أثناء الاستجواب من خلال
ذاكرة ورواية الشخصيات مما جعل هناك أحداثاً لم ترها أو تسمعها الشخصيات
التى تحكى ولكنها تقصها خاصة شخصية جومانا مراد المرأة اللعوب التى حكت عن
تفاصيل تخص علاقة زوج أم سارة المختطفة بسكرتيرته رغم أنها لم تكن قريبة
منهم.
ورغم أن شكل التحقيق البوليسى هو الإطار العام للفيلم إلا أن المؤلف
يتجاهله تماما فى النهاية ويقوم بكشف ملابسات الجريمة من خلال ذاكرة البطل
وتصورات مفتش المباحث، وهو استسهال عقيم أفسد فكرة البحث البوليسى.
والمؤلف التاجر يضع المخرج فى مأزق خاصة عندما يملك المخرج إمكانيات
تقنية لا يجد ما يوظفها للتعبير عنه سوى الغموض والإثارة المفتعلة والحبكة
البوليسية المهجنة من حبكات أمريكية، لقد حاول المخرج مثلا التعبير عن
الغموض من خلال استخدام أسلوب «الفلو» أى الصورة الغائمة فى خلفية الشخصيات
فى مشاهد الحفلة، وذلك لبث الشعور بضبابية الرؤية وعدم وضوح الحقيقة، ولكن
بدون مضمون نهائى أو فكرة نتجه إليها تصبح هذه المشاهد شكلانية بحتة، أى
مجرد إطار جميل لصورة فارغة.
كما أن المخرج لا يزال يحتاج إلى تدريب للتعامل مع الممثلين خاصة أحمد
عز الذى يبدو فى أسوأ حالاته بعد حلم عزيز، ناهيك عن كم الصراخ والانفعال
الزائد لكننا نجده يظل مستمرا فى النظر إلى الشخصية التى أمامه وإعطاء نفس
رد الفعل حتى بعد انتهاء جملة الحوار ووصول اللقطة إلى ذروتها وهو عيب
إخراجى بحت.
المصري اليوم في
21/02/2013 |