ما زالت السيدة «آن باترسون» سفيرة الولايات المتحدة بالقاهرة مُصرّة
على أن تلعب دورها الكريه، وأن تبذل جهودها المقيتة للتدخل فى الشأن
الداخلى المصرى، ودعم ذلك الفصيل المتخلف الفاشى الذى قفز إلى السلطة لحظة
انتشاء المصريين بنجاحهم فى إسقاط النظام المباركى فى يناير ٢٠١١..
وتَسَلَّط بغطرسة وعناد على رقاب العباد.. ودفع مصر وشعبها ومقدّراتها
ومكانتها إلى هاوية دفعت عشرات الملايين من أبناء الشعب بمختلف طبقاته
وأطيافه لأن تنتفض ثائرة فى ٣٠ يونيو مطالبة بإسقاط دولة الخفافيش، مما
أزعج الإدارة الأمريكية التى راهنت على هذا الفصيل المتأسلم لحماية مصالحها
فى المنطقة، وبدت تحركاتها الدبلوماسية خشنة وصفيقة يحركها صلف القدرة
وغرور القوة، على عكس ما يذكرنا به ذلك الكتاب النفيس الذى صدر منذ أكثر من
نصف قرن ليكشف الدور المشبوه الذى تلعبه السينما الأمريكية، كسفيرة ناعمة،
تتسلل أفكارها إلى عقل ووعى الشعوب، ويحذر من مغبة الانصياع لها واختلاس
تلك الأفكار المسمومة كما يصفها مؤلف الكتاب الفنان التشكيلى والكاتب
والناقد والمخرج السينمائى كامل التلمسانى (١٩١٥- ١٩٧٢) فى كتابه «سفير
أمريكا بالألوان الطبيعية» الذى صدرت طبعته الأولى عام ١٩٥٧ وأعادت مكتبة
الأسرة نشره فى الفترة الأخيرة.
كان «التلمسانى» صاحب بصيرة نافذة، ورؤية واعية، وقدرة على استشراف
المستقبل تجعل الكتاب معاصراً بأفكاره وأطروحاته حول الدور الذى تلعبه
السينما فى إعادة تشكيل الوعى واستغلال صنّاع السينما الأمريكية لها فهم
يهدفون «بأفلام هوليوود إلى توجيه شعوب العالم إلى حيث تريد البنوك وتريد
حكومة واشنطن الممثلة لهذه البنوك».
كامل التلمسانى واحد من كبار المثقفين والفنانين المصريين فى أربعينات
وخمسينات القرن الماضى، عشق الفن التشكيلى وشارك فى تأسيس «جماعة الفن
والحرية» ومارس الكتابة الصحفية بمجلة «التطور» ثم اتجه إلى السينما عام
١٩٤٣ والتحق بـ«استوديو مصر» ومن خلاله قدم فيلمه الأول «السوق السوداء»
إحدى كلاسيكيات السينما المصرية والفيلم المؤسس لتيار الواقعية فى هذه
السينما، كما مارس النقد السينمائى وأصدر كتابيه «سفير أمريكا» و«عزيزى
شارلى»، وفى كل نشاطاته كان المثقف الفنان صاحب الرؤية اليسارية التى حاول
بشتى الوسائل الفنية أن يصل بها إلى الجماهير.
يكشف «التلمسانى» عن منهجه الذى يربط بين القضية السياسية والاجتماعية
والاقتصادية، والفن، من خلال تحليله لأفلام الجريمة «التى تزيف الحقائق
وتحاول تبرير الجرائم بنسبتها إلى شذوذ خاص بالمجرم الذى يرتكبها، شذوذ فى
طبيعة تكوين البيئة والمجتمع الذى يعيش فيه المجرم»، ويوضح أن «الجريمة هى
ثورة الفرد على المجتمع الذى أخطأ فى خلقه» فالنفس المجرمة عند التلمسانى
«لا توجد إلا حيث يُظلُّها المجتمع المجرم، والمجتمع المجرم هو من خَلْقِ
النظام الاقتصادى الذى يُسيِّرُه»!
يتناول المؤلف عمليات التغييب والاستلاب التى تتم للمتفرج بتزييف
الواقع الذى يعيشه وطرح الأحلام الوردية كبديل من خلال سينما الجنس
والمخدرات والكوميديات الهزيلة والفرار من الواقع وحل التناقضات الطبقية
حلولاً فردية سهلة، وهو ما تقدمه السينما المصرية -ربيبة السينما
الأمريكية- فى معظمها حتى الآن، عدا الهامش المحدود الذى انتزعه شباب
السينما المستقلة وتيار الواقعية الجديدة.
من أمتع فصول الكتاب فصلاه الأخيران، الخامس والسادس، حيث يناقش فى
الخامس موضوعى الحرب والحرية، وهما موضوعان مهمان فى الحياة الأمريكية، فكل
حرب كانت عند الأمريكيين -وما زالت- هى دفاعاً عن الوطن سواء كانت ضد
الهنود الحمر أم ضد الكوريين والفيتناميين، أم ضد أفغانستان والعراق وليبيا
حالياً، فالحرب فى نظر هوليوود -والفن يتبع السياسة ويروج لها- مجرد نزهة
خلوية يذهب إليها الجندى الأمريكى ليتسلى قليلاً بقتل بعض المتخلفين.. ثم
يعود منتصراً، فأمريكا -فى السينما- هى دائماً القوة التى لا تقاوم!!
وعن الحرية يذكرنا «التلمسانى» بما فعلته لجنة النشاط المعادى الشهيرة
بلجنة مكارثى تجاه مجموعة من الفنانين الأحرار الشرفاء الذين كانوا يعارضون
السياسة الأمريكية التى تقوم على العنصرية وفرض القيود على الفكر وتحكم
الرأسمالية الاحتكارية فى مصائر الشعوب والتى لا تتورع عن التدخل فى شئونها
الداخلية وهو ما تفعله الإدارة الأمريكية حتى الآن فى مختلف أنحاء العالم،
وخاصة منطقة الشرق الأوسط، التى حولتها إلى ساحة للحرب الأهلية من أجل
إضعافها وتبديد مقدراتها وجعلها أسيرة للدعم الأمريكى -الوهمى- الذى يُنفق
معظمه على عملائهم ومندوبيهم.
فى آخر فصول الكتاب القديم -الجديد- يعالج مأساة الفيلم المصرى الذى
يرى أنه يعتمد بشكل أساسى على الفيلم الأمريكى سواء بالاقتباس أو الاختلاس،
أو كما سماها «الاختباس»، ويحذر من أن هذا «الاختباس» يتعدى من الشكل إلى
مضمون الفيلم نفسه، فالأفلام المصرية بعد «هلودتها» تتحول إلى مسخ يروج
لأفكار هوليوود بكلمات عربية، ويؤكد أن الفكر هو الجوهر، فلسنا فى حاجة
ماسة إلى التكنولوجيا الحديثة بقدر ما نحتاج إلى الفكر الناضج.
«سفير أمريكا» واحد من أهم الكتب فى حقل الثقافة السينمائية ويعد
-تقريباً- أول كتاب يقدم نقداً علمياً تقدمياً منهجياً سواء فى الجانب
النظرى أو التطبيقى، ويشير رغم مرور السنوات إلى أن السفارة الأمريكية، أو
السفارات الأمريكية، بمسئوليها هى ليست فقط المسئولة عن ترويج السياسة
الأمريكية، بل إن السينما هى أخطر سفير لأمريكا.. بالألوان!
«عشم»
على أبوشادى
الأحد 14-07-2013 22:01
العشم، كلمة عصية على التعريف الجامع المانع، لأنها تحمل العديد من
الدلالات، فهى قد تعنى الأمل المشفوع بالرجاء والتمنى.. وقد تعنى أبعد من
ذلك بأن تحمل لمسة تفاؤل، وإن ظلّت تحمل رغبة إيجابية فى توقع حدوث ما
نأمُل حدوثه، فهى كلمة حميمية تلخص علاقة إنسانية بين طرف أو أطراف، وربما
كان التعبير الشائع «عشمنا فى الله كبير» بما يحمله من معنى هو الأقرب إلى
وصف الكلمة التى اختارتها المخرجة الشابة «ماجى مرجان» عنواناً لفيلمها
الروائى الطويل الأول بعد تقديمها لعدد من الأفلام القصيرة طرحت اسمها
كواحدة من أبناء وبنات الجيل الجديد من السينمائيين الذين يتبنون سينما
مختلفة تبحث عن الاستقلال والخروج من عباءة نظام الإنتاج السائد بشروطه
المتعسفة وتسعى لتقديم صيغ جمالية وأساليب جديدة فى التفكير وطُرُق السرد
تتجاوز التقليدى والمألوف، مبتعدة -بقدر الإمكان- عن نظام النجوم بمقتضياته
على أن تنفذ أعمالها بأقل تكلفة ممكنة. و«عشم» نموذج لهذه السينما المستقلة
حيث يتناول ست حكايات أو ست قصص قصيرة عن شخصيات تحيا على أمل ما، تتمنى أو
تتعشم أن يحدث، سواء كان أملاً بسيطاً ومحدوداً لكنه يمثل قيمة كبرى
وتحقيقاً للذات كحلم عاملة المستشفى ابتسام (منى الشيمى) فى أن يعترف بها
المجتمع كممرضة بأن يذكر ذلك فى بطاقة الرقم القومى، وهى تتعشم، بأمل خافت،
أن ينتبه د. مجدى الطبيب بالمستشفى لتعلقها به بينما هو مشغول بمستقبله
الذى يتصور أنه سوف يتحقق بسفره إلى أمريكا لثلاث سنوات، بينما تقنع
«ابتسام» برعاية والدته المسنَّة.. أو متعلقة -فى حكاية ثانية- بأمل أن
يُنعم الله على نادين (أمينة خليل) بالإنجاب الذى تعذر لفترة طويلة رغم
المحاولات الطبية المتكررة فتتعشم بزيارتها للكنيسة -وهى المسلمة- أن
يستجيب الله لدعواتها ولوساطة السيدة العذراء، وهو سلوك مرتبط بثقافة مصرية
خالصة فالدين عند المصريين لله حتى لو اختلفت العقائد، وداخل الكنيسة،
تشاهد فى صدفة متعمدة من المخرجة، تشاهد نادين نادية (نهى الخولى) زوجة
المحاسب عماد (محمود اللوزى) وهى تتضرع إلى «يسوع» أن تأتى نتائج التحاليل
التى يجريها زوجها إيجابية.
فى الحكاية الرابعة، نتابع الفتاة الريفية رضا (نجلاء يونس) القادمة
ببراءتها وعفويتها من إحدى المحافظات القريبة من العاصمة فى رحلتها من
العمل فى تنظيف حمام للسيدات فى مركز تجارى كبير، وعلاقتها بموظف الأمن
مصطفى (على قاسم) التى تشكل قوة نفسية دافعة لتغيير حياتها ومهنتها إلى أن
تعمل بائعة فى محل للملابس، وهى برغم ما تعانيه من قسوة الريّسة أم عطية
(سهام عبدالسلام) فإنها تكن لها حباً فطرياً يسهم فى استخراج مساحة الحنان
والدفء المختفية وراء قناع القسوة والغلظة عند «أم عطية»، وبسببها يطمح
«مصطفى» إلى أن يغير عمله ويؤسس شركة صغيرة للنقل.
فى مقابل قوة الحب والتعاطف والتآلف، يقدم السيناريو حكايتين مرتبكتين
عن الانفصال الذى يشكل الوجه الآخر للعلاقات، فتقرر فريدة (مروى ثروت)
إنهاء علاقتها بشريف (سيف الأسوانى) لشعورها بارتباطه الوثيق المرضى بأمه
(سلوى محمد على) التى بدورها لا تروق لها هذه العلاقة، فى حين يخبر أشرف (هانى
سيف) عمه برغبته فى فسخ خطوبته من ابنته داليا (سلمى سالم) حتى لا تكون
عائقاً فى طريق تحقيق حلمه بالسفر إلى ماليزيا!
إضافة إلى الحكايات الست المتراوحة بين الارتباط والانفصال، التى تسير
فى خطوط متوازية لا تتقاطع، يضيف السيناريو شخصية عشم (شادى حبشى) الشاب
الريفى القادم إلى القاهرة بحثاً عن الرزق، المتنقل بين أعمال صغيرة
مختلفة، وهو فى الفيلم يشكل خيطاً واهياً بين أبطال الحكايات فهو تقريباً
الذى يتصادف أن يلتقى، أو تلتقيه إحدى الشخصيات دون أن يكون لذلك أثر درامى..
فى السيناريو الذى كتبته ماجى مرجان، المخرجة، لا تتداخل الشخصيات أو
تتقاطع مصائرها، وتنتفى فكرة الصراع الدرامى، فيبدو الأمر وكأننا أمام ست
لوحات أو حالات منفصلة تجمعها المدينة المتسعة، تعرض علينا همومها
ومشكلاتها أو أشواقها وتعشُّمها دون أن تسعى المخرجة لتعاطف المتفرج أو
تماهيه، فهى تقف تقريباً على مسافة واحدة من شخصياتها بطُمُوحاتها
وعذاباتها.. كما أنها لم تنشغل بإنهاء الحكايات وتركت النهايات مُعَلَّقة
دون تحديد لمصائر شخصياتها فهل سيسافر مجدى أو أشرف وهل ستستمر العلاقة
الوليدة بين رضا ومصطفى أو ستنشأ علاقة جديدة بين ابتسام وعشم حين يلتقيان
فى نهاية الفيلم أو أن نتيجة التحاليل الطبية كانت إيجابية بالفعل؟ فنحن
دائماً بين الشك واليقين.. وهو نوع من الكتابة يمكن أن يمتد لعشرات الساعات
ويتسع لمئات الحكايات والقصص التى توجد فى الحياة دون أن تلتقى أو تتواجه!
حاول المونتير أحمد عبدالله أن يربط صُوَرِياً بين الحكايات وأن يجعل من
«العشم» رباطاً واهياً ومن «عشم» نقطة تماس، ونجح إلى حدٍ ما فى أن يثير
اهتمام المشاهد للمتابعة وإن تسبب نقص المادة الفيلمية -فيما أعتقد- فى بعض
الارتباك للمشاهد لمتابعة حركة الشخصيات، إضافة إلى اعتماد المخرجة على
أسلوب ارتجال الحوار أثناء التصوير مما أثر على فكرة الإحكام، خاصة أن معظم
الممثلات والممثلين ليس لديهم الخبرة الكافية فكثير منهم يقف أمام الكاميرا
لأول مرة، وإن تبدت عذوبة نجلاء يونس (رضا) واجتهاد شادى حبشى (عشم) وموهبة
منى الشيمى (ابتسام) وحضور سهام عبدالسلام (أم عطية).
إننا أمام محاولة طَمُوحة -ربما لم تُعزِّزْها القُدرة- لتقديم
بانوراما كاملة للمجتمع المصرى بأطيافه المختلفة، وطبقاته الاجتماعية
المتعددة، وأجياله المتوالية، وأديانه المتآلفة، وثقافته المشتركة، وأحلام
وأشواق مواطنيه الذين يتعشمون خيراً فى مستقبل أفضل لهم.. وللوطن.
شباب السينما.. الأمل
على أبوشادى
الأحد 07-07-2013 21:50
تسعة أفلام لتسع مجموعات من الشباب، هى حصاد مشروعات التخرج للدفعة
الأخيرة من قسم السينما بالأكاديمية الدولية للهندسة وعلوم الإعلام، تختلف
فى موضوعاتها، وتتباين فى توجهاتها، وتتراوح مستوياتها الفنية من الإجادة
والحيوية والتدفق، إلى السذاجة والتسكع والسفسطة المجانية، وترهُّل
الإيقاع، وإن جمعت بينها تلك الروح الشابة التى تتخلل المعالجات وجرأة
تناول المسكوت عنه وشجاعة السير فى حقول الألغام والاشتباك، بوعى ملحوظ، مع
الواقع.
أربعة من بين هذه الأعمال تستلفت النظر وتسترعى الانتباه باقتحامها
مناطق شائكة بشجاعة محمودة، ففى فيلم «أزمة مصطلح» تقترب مُخرجته
-والُمشاركة فى كتابة السيناريو- «هَنا ماجد» من المصطلحات التى تبدو غامضة
فى تعريفاتها أمام جموع المواطنين خاصة البسطاء.. ففى دقائقه الأولى تُجرى
المخرجة حواراً بين فتى حائر ومجموعة من أصدقائه الشباب هلّلوا طرباً
واقتناعاً لما يصرخ به أحد الأدعياء -وليس الدعاة- عن أن «الليبرالية» تعنى
«إن أمك تخلع الحجاب».. يحاول الفتى أن يفهم ويتفهم معنى مصطلح «العلمانية»
من خلال مجموعة من الضيوف يزيدون المصطلح غموضاً بشروحهم المستفيضة، وإن
أتت الإجابة الذكيّة والواعية عبر حديث مستنير لأحد شباب الأزهر الشريف
ينجح فى إزالة بعض الالتباسات حول مصطلح «العلمانية»، ففى رأيه أن الدين
ثابت والعلمانية متغيرة، فهى شأن من شئون الدنيا، تتفق مع الشرائع السماوية
فى تغليب مصلحة الفرد والمجتمع -أى المصلحة العامة- التى هى أصل مقاصد
الشريعة، لذا فهى لا تتناقض مع الأديان، ولكل مجتمع الحرية فى أسلوب وطريقة
تطبيقها وفقاً لظروفه التاريخية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية مع
الاحترام الكامل للمعتقدات والأديان.. وقد نكمل توضيحاً أنها تقوم،
بالأساس، على احترام حق المواطنة الذى يكفله دستور يحمى حرية العقيدة ويجعل
من المصلحة العامة أساساً للتشريع فى إطار نظام حكم مدنى يسعى لتحقيق
العدل، بالقانون، ويلتزم بميثاق حقوق الإنسان.. ومن الطريف أن الفيلم الذى
استغرق فى شرح العلمانية يختتم مشاهده بالعودة إلى الليبرالية التى غابت
على مدى الفيلم فيؤكد الفتى لصديقه أن «الليبرالية» لا تعنى «إن أمك تخلع
الحجاب»!!
على صعيد مختلف، يدلُف «محمود حنة» فى فيلمه التسجيلى القصير «قنبلة
موقوتة» إلى حقل للألغام فى معالجته لمشكلة أولاد الشوارع، وهى واحدة من
أخطر المشكلات الاجتماعية، فبطلاه -صبى فى الخامسة عشرة وشاب تجاوز العشرين
عاماً- نجح فى استنطاقهما، من هؤلاء الضحايا الذين تعرضوا، ومازالوا
يتعرضون، لهتك عرضهم وإجبارهم على ممارسة الشذوذ تحت تأثير الخمور الرديئة
والمخدرات الرخيصة، واستعذابهم لذلك بعد فترة كما قرر الشاب فى حديثه، دون
خجل، من قِبَل أقرانهم الأقوى فى الشارع أو من بعض مسئولى دور الرعاية
وملاجئ الأحداث (كان عاملنى عروسته)!! فالفيلم يؤكد، من خلال الخبراء، أن
هؤلاء الفتيان والفتيات الذين قد يصل عددهم إلى المليون ما زالوا دون رعاية
أو اهتمام حقيقى من الدولة. وهم، بالفعل، قنبلة موقوتة، من الممكن أن تنفجر
فى وجه المجتمع فى أى لحظة، وأعتقد أنه قد تم استغلال بعضهم، باستئجارهم
أثناء الثورة للقيام بأعمال التدمير والتخريب وإشعال الحرائق ومواجهة القوى
الثورية فى الميادين.
بجرأة وجسارة يقتحم «إيهاب ممدوح» فى الفيلم التسجيلى «السقوط إلى
الهاوية» قضية هامة يلامسها الكثيرون بحذر وحساسية، ويضع ملحاً على جرح لا
يندمل، ويطرح سؤالاً موجعاً.. «مين مع المسيحيين فى مصر؟».. يستعرض الفيلم
نماذج مما يتعرض له أقباط مصر من اضطهاد دينى ومضايقات على المستوى الرسمى
والشعبى خاصة من التيار الدينى المتأسلم قبل وبعد ثورة يناير، مشيراً إلى
أحداث ماسبيرو وأطفيح وما تعرضت له الكاتدرائية من اعتداء ومحاولات اقتحام،
وتصوير للمسيحيين على أنهم أحفاد الصليبيين الغزاة.. من خلال لقطات أرشيفية
ومعلومات موثقة من دون شهادات حية عما يعانيه الأقباط أفراداً وجماعات، وهو
ما يعتذر عنه المخرج، عبر التعليق، ويرجعه إلى «خوف البعض أن يتكلم
بحرية».. ويرى أن «هذا فى حد ذاته أسوأ أنواع الاضطهاد !!».. وربما كان ذلك
سبباً لإعلان المخرج على لسان المعلق فى نهاية الفيلم أنه «مسلم» خشية أن
يُتهم بالتواطؤ أو التعاطف، وكنت أتمنى أن يظل المخرج، المسيحى، محتفظاً
بشجاعته دون اللجوء إلى ذلك التمويه، فهو يعبر عن واقع ملموس وجلىّ وأنه هو
أيضاً ضحية له!!
من أفضل أفلام هذه المجموعة، بل هو أفضلها بالفعل فنياً وفكرياً،
الفيلم الروائى القصير «آدم» تصوير وإخراج الواعد «فادى أكرم» الذى يبتعد
قليلاً عن عالم السياسة المباشر لكنه يضعنا أمام مأساة إنسانية يتسبب فيها
الإهمال وسوء الإدارة وغياب التخطيط والاستهانة بأرواح آلاف الأطفال، حيث
يوضع «محمود» عامل الطلاء الشاب أمام اختبار قاسٍ، واختيار مرعب فعليه أن
يختار -للموت- واحداً من طفليه التوأم حديثى الولادة بعد أن فشل فى توفير
«حضّانة» لأحدهما بسبب نقص عدد الحضانات فى المستشفيات الحكومية، وأسعارها
الباهظة فى المستشفيات الخاصة التى تفوق قدراته المادية وإمكانات أهله
وذويه.
سيناريو محكم لأحمد سمير محتشد بالتفاصيل البسيطة المعبرة والموحية
التى تُشكل فى مجموعها رؤية ناضجة للمخرج الشاب الذى نجح فى استثارة مشاعر
المتفرج دون أن يقع فى براثن الميلودراما من خلال إيقاع ناعم متدفق
للمونتير مايكل مجدى وأداء تمثيلى لعلاء حسنى وياسر الزنكلونى، متفهم،
لمأساة الشخصيات وقادر على التعبير عنها ببساطة ودون مبالغة.
شباب، رغم بعض هنات التجربة الأولى، يبعث الأمل بما يملكه من طموح
وحماس، فى مستقبل أفضل للسينما المصرية العجوز.
الوطن المصرية في
07/07/2013
غسان كنفاني والسينما
بشار إبراهيم
بعد نيف وأربعين سنة من رحيله المفجع، غيلة على يد المخابرات
الإسرائيلية، بمتفجرة وُضعت في سيارته صبيحة يوم 8 تموز (يونيو) عام 1972،
لازال الأديب الفلسطيني الكبير غسان كنفاني يعدنا بالكثير، مما يمكن
اكتشافه، من جوانب حياته الإبداعية التي امتدت من القصة القصيرة والرواية
إلى المسرح والفن التشكيلي، والمقال السياسي، وصولاً إلى السينما.
وإذ نروم التوقّف أمام علاقة غسان كنفاني بالسينما، وخاصة السينما
الفلسطينية، فمن المنطقي أن يذهب الحديث إلى مستويين اثنين: أولهما علاقته
الشخصية بالسينما، ودوره العملي في مجال تأسيس السينما الفلسطينية،
وثانيهما علاقة أدبه بالسينما، وما نهلت السينما من أعماله، وحوّلتها إلى
متكآت لأفلام روائية طويلة، وروائية قصيرة، وأفلام وثائقية.
لا مراء في أن غسان كنفاني كان واحداً من أكثر أدباء العربية، خاصة من
غير المصريين، ممن اهتمت السينما بالعناية بأعمالهم الأدبية، وحدث ذلك في
أكثر من بلد عربي، سواء في فلسطين وسوريا ومصر ولبنان، وصولاً إلى الخليج
العربي، كما في البحرين مثلاً، والسينما الإيرانية.
لن يبدو جديداً سرد السجلّ السينمائي الذي استقى من أعمال غسان
كنفاني. لقد كتب الكثير عن هذا، سواء بالذهاب إلى الحديث عن غسان نفسه، أو
التوقّف أمام هذا الفيلم أو ذاك، خاصة وأن عدداً من الأفلام حقق تميزاً،
كما في فيلم «المخدوعون» للمخرج المصري توفيق صالح، بإنتاج المؤسسة العامة
للسينما في سوريا، عام 1972، أو فيلم «السكين» للمخرج السوري خالد حمادة،
بإنتاج المؤسسة ذاتها، في العام نفسه تقريباً، أو الفيلم الفلسطيني «عائد
إلى حيفا» بتوقيع المخرج العراقي قاسم حَوَل، أو الفيلم الإيراني «المتبقي»
للمخرج سيف الله داد، الذي شاء إعادة إنتاج رواية «عائد إلى حيفا»، ذاتها،
بطريقته الخاصة، حتى لو قرر تغيير النهاية بشكل يختلف تماماً عما فعله
غسان، وربما إلى درجة ينسف مقولة الرواية.
من السهل تماماً، للباحث، العثور على قائمة متناثرة لأفلام عديدة،
روائية طويلة أو قصيرة وربما وثائقية، نهلت من معين أدب غسان كنفاني. سبق
لنا أن حققنا ونشرنا جرداً تقريبياً لهذا السجلّ، جال على عدد من البلدان
العربية، واستقصى أهم الأفلام المنجزة المقتبسة عن أعماله القصصية
والروائية.
سوف تبدأ الحكاية، ربما، منذ تحويل روايتين له، هما رواية «ما تبقى
لكم» التي نشرها عام 1966، إلى فيلم «السكين» لخالد حماده 1971، ورواية
«رجال في الشمس» التي نشرها عام 1963، إلى فيلم «المخدوعون» لتوفيق صالح
1972، وجاءا بإنتاج المؤسسة العامة للسينما في سوريا، وتمرّ في العام 1982
عندما بادرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إلى تحقيق الفيلم الروائي
الطويل اليتيم في إطار «سينما الثورة الفلسطينية»، حينما أسندت إلى المخرج
العراقي قاسم حَوَل مهمة إخراج فيلم «عائد إلى حيفا»، عن رواية لغسان
بالاسم نفسه، ولا تنتهي في العام 1995، عندما قام المخرج الإيراني سيف الله
بالعمل على رواية «عائد إلى حيفا»، نفسها، مرة أخرى، لتحقيق فيلمه
«المتبقي»، الذي استعان فيه بطاقم من الممثلين السوريين أمثال جمال سليمان
وجيانا عيد وسلمى المصري وعلاء الدين كوكش وغسان مسعود، وغيرهم من الممثلين
والفنيين والتقنيين السوريين، وقام بتصويره في مدينة اللاذقية، توأم مدينة
حيفا.
وعلى صعيد الأفلام الروائية القصيرة، أنتجت مؤسسة السينما والمسرح في
العراق، عام 1973، فيلم «زهرة البرقوق» الروائي القصير (مدته 22 دقيقة)،
بتوقيع المخرج ياسين البكري، وأنتجت المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون في
العراق عام 1976 فيلماً روائياً قصيراً (مدته 20 دقيقة) بعنوان «البرتقال
الحزين»، مأخوذاً عن قصة «أرض البرتقال الحزين»، من إخراج المخرج العراقي
كوركيس عواد، وفيلماً آخر بعنوان «كعك على الرصيف»، الروائي القصير (مدته
52 دقيقة)، بتوقيع المخرج عماد بهجت.
وبعد شوط من الزمن، أنجز المخرج الفلسطيني صبحي الزبيدي فيلماً بعنوان
«نساء في الشمس» 1999، وهو فيلم وثائقي (مدته 57 دقيقة)، وقدم المخرج فجر
يعقوب، عام 2003، فيلمه «صورة شمسية»، الوثائقي القصير (مدته 16 دقيقة)،
وشاهدنا فيلم «ما زال الكعك على الرصيف» للمخرج إسماعيل هباش، عام 2000،
وهو فيلم روائي قصير (مدته 27 دقيقة)، جاء ضمن مشروع «بيت لحم 2000»، وقدم
المخرج البحريني محمد إبراهيم محمد فيلمه «زهور تحترق»، عام 2009، وهو
مقتنبس عن قصة «كعك على الرصيف»، أيضاً، وأمكن له الفوز بجائزة أفضل خليجي
روائي قصير، في غير مسابقة خليجية.
وعلى صعيد الأفلام الوثائقية، سوف يحضر غسان كنفاني في العديد من
الأفلام الوثائقية، بدءاً من فيلم «لماذا المقاومة؟»، وهو فيلم وثائقي
(مدته 40 دقيقة)، من إخراج كريستيان غازي، ومن إنتاج لبناني عام 1970، وفي
فيلم «غسان كنفاني.. الكلمة البندقية» الفيلم الوثائقي (مدته 20 دقيقة)، من
إخراج العراقي قاسم حَوَل، وانتاج الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1973،
وكذلك فيلم «لن تسكت البنادق»، إخراج قاسم حَوَل عام 1973، وثائقي (مدته 17
دقيقة)، وفيلم «الإرهاب الصهيوني»، إخراج سمير نمر، عام 1973، وثائقي (مدته
22 دقيقة)، وفيلم «أوراق سوداء» وثائقي (مدته 20 دقيقة)، من إخراج فؤاد
زنتوت، وإنتاج الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1979، وفيلم «أبداً في
الذاكرة»، إخراج حكمت داوود، عام 1982، وثائقي (مدته 20 دقيقة).
يبقى أن الجانب الخفيّ، والأهمّ في الموضوع، هو علاقة غسان كنفاني
بتأسيس السينما الفلسطينية، إذ يذكر المخرج العراقي قاسم حَوَل، في لقاء
مُسجَّل معه، أنه وصل في العام 1970 إلى بيروت قادماً من العراق، وكان في
طريقه إلى أبوظبي، إذ كان عليه أن يتحصّل على فيزا من السفارة البريطانية
في بيروت، للسفر إلى أبوظبي والعمل هناك، ولم تكن دولة الإمارات العربية
المتحدة قد وُلدت، حينذاك.
في بيروت، وعن طريق الصحفي الكاتب العراقي جمعة اللامي، سيلتقي قاسم
حَوَل بالأديب غسان كنفاني، وستنطلق فكرة العمل في القسم الثقافي في مجلة
«الهدف»، التي كان غسان يرأس تحريرها. وهذا العمل كان فاتحة علاقة بين
الاثنين أفضت إلى المشاريع المؤسسة للسينما الفلسطينية، بالتوازي مع الجهود
الرائدة التي كان يبذلها المخرج مصطفى أبوعلي ومجموعة من السينمائيين
العاملين في المؤسسات السينمائية التابعة لحركة فتح، من ناحيتهم، وهم الذين
كانوا قد شرعوا بالعمل السينمائي منذ سنوات، وتمكنوا من تحقيق فيلمي «لا
للحل السلمي»، و«بالروح بالدم» في فترة التواجد في عمان.
في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كانت البداية من خلال تنظيم «ورشة
عمل مسرحية في نهر البارد»، قام بها قاسم حَوَل، بالتعاون مع الكاتب جمعة
اللامي، والفنانة التشكيلية منى السعودي، تلك الورشة التي انتهت إلى إنجاز
مسرحية «طفل بلا عنوان». ويذكر قاسم حَوَل أن غسان كنفاني هو من منح
المسرحية اسمها، وهي التي كانت شرارة التفكير بإنجاز وثائقي عن مخيم «النهر
البارد»، الذي تحقق بنجاح عام 1971، وقدم صورة ونبرة سينمائية مختلفة.
في الطريق إلى فيلم «نهر البارد»، كانت لقاءات قاسم حَوَل مع غسان
كنفاني، ومن ثم مع جورج حبش، أفضت إلى توفير مستلزمات التأسيس لعمل سينمائي
فلسطيني، من معدات تصوير، وإمكانية التحميض في أستوديو بعلبك، وميزانية
قدرها 4 آلاف ليرة لبنانية. وفعلاً تحقق فيلم «نهر البارد»، على النحو
المأمول، وذهب للعرض في مهرجان «لايبزيغ»، وتمّ رفع العلم الفلسطيني في
المهرجان، وكُتب عن الفيلم باهتمام في الصحافة العربية والأجنبية.
قبل ذلك، وفي هذا السياق، كان ثمة تجربة سينمائية وحيدة، للجبهة
الشعبية لتحرير فلسطين، قام بها المونتير فؤاد زنتوت، الذي قام بتوليف شريط
بصري سينمائي مأخوذ من الأرشيف، متوافقاً مع تعليق كتبه غسان كنفاني نفسه،
لنكتشف أن غسان كنفاني كان مهتماً بالسينما متابعةً واهتماماً، وكتابةً
لها، وربما كان بانتظار اللحظة المناسبة، لينطلق العمل السينمائي المؤسس
بشكل حقيقي.
يمكن القول إن فيلم «نهر البارد»، لبى الرغبات الكامنة، وأطلقها إلى
حيز الفعل، فإثر تحقيق هذا الفيلم، أخذ قاسم حَوَل بالتصوير السينمائي
لأحداث ووقائع والحياة اليومية الفلسطينية، في المخيمات والقواعد الفدائية،
لصالح «الجريدة السينمائية»، كما تمّ شراء جهاز عرض، واقتناء نسخ من أفلام
فيتنامية وكوبية، إضافة إلى أفلام فلسطينية، وصار من المًنتظر أن تقام عروض
سينمائية، يترقبها الناس، في المخيمات والقواعد في لبنان.
وفي هذا الإطار، يذكر قاسم حَوَل أن غسان كنفاني كان متحمّس جداً
للسينما. كان منتظماً في قراءة نشرة سينمائية، تصدر في لبنان، باستمرار.
ولم يتردد في إبداء وإظهار اهتماماته السينمائية، وهو ما ينطبق تماماً على
الدكتور جورج حبش. بل إن قاسم حَوَل يذكر أن جورج حبش أيضاً كان يعشق
السينما، ويزور قسم السينما باستمرار، وتمّت ترجمة هذا بتأثيث قسم السينما
بشكل محترف، حيث جرى توفير أستوديو، وكاميرات، ومافيولا، وأجهزة صوت، في
مسعى لتوفير البنية التحتية لعمل سينمائي، سوف يكون علامة في سياق «سينما
الثورة الفلسطينية».
اليوم، وعلى رأس نيف وأربعين سنة من رحيل غسان كنفاني، يمكننا
الانتباه إلى أن هذا الأديب كانت له أيادٍ بيضاء، ومساهمات جليلة، في سياق
التأسيس لسينما فلسطينية، لم يطل بغسان الأمد، للأسف، ليراها اليوم وقد
باتت تنافس سينمات عربية، وتسجّل حضوراً عالمياً.
الجزيرة الوثائقية في
21/07/2013
سلسلة تسجيلية عن الأطفال اللاجئين
محمد موسى - أمستردام
يُحدق الصبي العراقي "أحمد" في سقف بيته لساعات. يبدو في غرفته
الصغيرة، وكأنه كهل، يعيش عزلة إختيارية، يَستعيد فيها محطات حياته الشاقة.
بالكاد يُغادر أحمد غرفته وبيته في مدينة كركوك العراقية. لا يذهب الى
المدرسة، لانه لا يتكلم اللغة العربية بطلاقة، ولا يلعب في الشارع، لأنه
خائف من الإنفجارات المتواصلة في مدينته. هو يتذكر في كل ساعة من يومه،
حياته في القرية الهولندية الصغيرة، التي قضى فيها معظم سنينه الإثني عشر.
أحمد هذا، هو واحد من مئات الأطفال، الذين تقوم الحكومة الهولندية بإرجاعهم
مع أهلهم الى بلدانهم الأصلية كل عام، بسبب إخفاق أهلهم في الحصول على
اللجوء السياسي او الإنساني. الصبي العراقي سيكون إحدى شخصيات السلسلة
التسجيلية "إبعاد"، والتي تعرض حاليا على شاشة القناة الهولندية الحكومية
الثانية.
اللافت في السلسلة المؤلفة من أربعة أفلام تسجيلية طويلة، هو ضخامتها
الإنتاجية، والتي بدت غريبة قليلاً، عن الإتجاه العام في الأعوام الثلاثة
الأخيرة، بتقليل نفقات إنتاج البرامج التسجيلية في التلفزيون الهولندي
الرسمي، بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، والتي أرغمت أعمال عديدة من
السنوات الاخيرة، على البحث عن حلول إنتاجية غير مكلفة. على عكس السائد
هولنديا، ستتنقل سلسلة "إبعاد" بين عدة دول وقارات، لتتبع قصص أطفال ولدوا
او عاشوا أغلب حياتهم في هولندا، قبل أن يجبروا مع أهلهم على الرحيل. ستزور
السلسلة دول : العراق، أفغانستان، البوسنة، وأنغولا، إضافة الى إنها ستسلط
الإنتباه على نماذج من أطفال، ينتظرون الترحيل القسريّ، موجودون الآن في
معسكرات خاصة في هولندا، كاشفة، أي السلسلة، عن المِحَن الكبيرة التي تعيش
فيها عوائل، تعتبر إن قرار ترحيلها، هو قذفها الى المجهول، او أحيانا الى
الموت، الذي ينتظرها في البلدان الاصلية.
حتى قبل أن تبدأ الحلقة الأولى من السلسلة، يَتَكشف الجانب الذي ينحاز
إليه فريقها الفني (أشرف على الإخراج المخرج الهولندي المعروف كيس إيسخاب)
بين طرفي الجدال العنيف المُعقد، الذي يخص موضوعة الأطفال اللاجئين، والذي
لا يكاد يغيب عن الحياة السياسية والإعلامية الهولندية، فمقدمة العناونين،
تظهر مشاهد من الحياة اليومية لأطفال في هولندا، تم التلاعب بها بالغرافيك،
فتم تظليل او محو أطفال من تلك المشاهد، في إشارة على غيابهم القسريّ من
نسيج الحياة اليومية الطبيعية التي كانوا يعيشونها في هولندا. فالمشاهد
التي تظهر صبيين على دراجة، سيتم التلاعب بها وتؤسلب، ليبدو أحد الصبيين،
وكأنه اقتطع بآلة حادة من المشهد، كذلك سيبدو الصف المدرسي، وكأنه ينعى
طلابه "الغائبين" الذين يبدون كأشباح. تلك المشاهد الإفتتاحية، بطبيعتها
الفنية المتلاعب بها، وغرضها العاطفي الواضح، ستكون أساس للمقاربة الخاصة
للسلسلة، والتي ركزت تماماً على مآساة هؤلاء الأطفال، الى الحد، الذي لم
تتقرب منه من مسؤولية الأباء والأمهات، في الزج بأبناهم في آتون حياة
مجهولة مُتقلبة، وإذا كان خيار اللجوء وترك البلدان الاصلية، الوحيد الباقي
لتلك العوائل.
مع قصة أحمد العراقي، هناك قصص لأطفال آخريين، بعضها حظي باهتمام
إعلامي واسع في هولندا لسنوات، منها قصة طفلة أفغانية، خاض أهلها صراعاً
قضائياً طويلاً للحصول على حق البقاء في هولندا. في النهاية أجبرت العائلة
على مغادرة البلد الاوربي، عائدة الى العاصمة الأفغانية كابل، التي سيزورها
فريق البرنامج، ليجد أن العائلة قد غادرت مسكنها قبل أشهر قليلة، في رحلة
لجوء جديدة خارج أفغانستان، بسبب التهديدات المتواصلة التي كانت تتلقاها من
متعاطفين مع حركة الطالبان، والذين يعتبرون إن كل من عاد الى أفغانستان من
اوربا، هو خائن بدرجة ما. الفيلم التسجيلي يصور البيت الخالي من سكانه،
ويبث مقابلة إذاعية ارشيفية للطفلة، التي صارت الآن على مشارف الخامسة عشر
من عمرها، وفيها تعتذر للبرنامج الهولندي هولندي، عن الظهور في برامج
تلفزيونية او مقابلات صحفية، خوفاً من المتطرفين في بلدها.
الهولنديون الذين يحضرون في السلسلة، هم على نوعين: أطفال وعوائل
وأفراد متعاطفون كثيراً مع محنة الأطفال اللاجئين، وفعلوا كل ما بوسعهم،
للإبقاء عليهم في البلد، وسياسيون سابقيون، كانوا مسؤولين عن ملف اللاجئين،
وواجهوا في السنوات الأخيرة، أسئلة وأزمات الأطفال اللاجئين. لم يوفر كلاً
النموذجين إضاءة مختلفة على موضوعة "الإبعاد"، تعكس الرضا الشعبي الهولندي
على خطوط السياسة العريضة، فبدا الفيلم في معالجته، التي ركزت على الثمن
البشري الذي يدفعه الأطفال اللاجئون، بإنتزاعهم من الحياة المألوفة في
هولندا، وإرجاعهم الى الدول التي تركوها كأطفال، أو التي عاش فيها آباؤهم
(كثير من الأطفال اللاجئين ولدوا في هولندا)، غير معني بخلفيات فعل
"الإبعاد"، وكأن هذا الأخير هو من خارج المنظومة الفكرية والأخلاقية
للمجتمع، منتزعاً من السلسلة التسجيلية، الحِّدة المهمة المنتظرة من هذا
النوع من الأفلام التحقيقية.
تحفل السلسلة بالمشاهد الإنسانية المؤلمة، لأطفال يروون بلا تحفظات،
أو رغبة في الحصول على تعاطف المشاهدين، لقصص من حياتهم القصيرة المليئة
بالمصاعب، ومخاوفهم من الآتي، وفداحة اللجّة التي سقطوا بها بعد عودتهم الى
بلدانهم. هناك أيضا لحظات قاسية كثيراً، بعضها يكشف بدون تخطيط، عن اليأس
الذي اصاب قلوب الأطفال وأهلهم. فالجزء الثاني من السلسلة، سيرافق أم
افغانية تنتظر قرار ترحليها مع إبنتها الى أفغانستان. الأم هذه، كانت تُعد
منذ أشهر للتحول الى المسيحية، من اجل مزيداً من الضغوطات على الحكومة
الهولندية، بعدم إرجاعها الى بلدها، لان الخطر هناك سيكون أعظم. يصور
الفيلم الطقوس الكينسية لتعميد الأم. تغطس المراة عدة مرات في حوض التعميد
الكبير، تخرج منه بقنوط لا تخطأه العين، فيما البنت الصغيرة تراقب الطقوس
بدهشة كبيرة، وربما لا تعيّ تماماً، ما يجري، ولا تفهم كيف تحولت البلدان
الاصلية لكثير من اللاجئين الى ما يشبه الجحيم، الذي يجب الهروب منه بأي
ثمن.
الجزيرة الوثائقية في
21/07/2013
هاني رمزي:
باسم يوسف أحد أسباب «30 يونيو»..
والإخوان هددوني فأوقفت برنامجي
حاتم سعيد
اعتبر الفنان هاني رمزي أن الإعلامي باسم يوسف كان أحد أسباب ثورة «30
يونيو» وكان له عامل كبير جدًا فيها، مرجحًا أن يكون الله أنقذه بمعجزة من
الفتك به على المستوى الإعلامي أو المستوى الإنساني، وكشف أن الإخوان
المسلمين هم من أوقفوا برنامجه الذي كان يقدمه على شاشة
«mbc
مصر» بعد وصول عدة تهديدات له.
ووصف هاني رمزي خلال استضافته في برنامج «العاصمة» السبت، الذي يقدمه
الفنان تامر عبدالمنعم، على قناة «روتانا مصرية»، العام الذي حكم فيه
الإخوان المسلمين مصر بـ«عام الظلام»، قائلًا إن «مصر كانت بلا كهرباء ولا
ماء ولا وقود، وتم تكفير المسلمين، واعتبار المسيحيين فلولًا ومجرمين»،
بحسب قوله.
أضاف أن الشيخ ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، حضر إلى
برنامجه بلا مقابل، وكان يعلم جيدًا كل تفاصيل البرنامج وأن من يقدمه هو
هاني رمزي عكس ما صرح به بأنه لا يعرفه، مشيرًا إلى أن «برهامي» حضر
للبرنامج بشروط، خاصة أن هناك من اعتذر من التيار الإسلامي عن استضافته في
البرنامج لوجود فرقة موسيقية وجمهور من الفتيات، والهدف من موافقة «برهامي»
على الاستضافة كان رسالة لطمأنة الناس، بعد أن تم سب وقذف وإهدار دم «رمزي»
في بعض القنوات الدينية، وقام على إثر ذلك برفع دعوى قضائية ضد قناة
«الحافظ» قبل إغلاقها والقضية محجوزة للحكم حاليًا.
وأشار إلى أنه سيتنازل عن القضية بعد إغلاق «الحافظ»، وأوضح أنه
شخصيًا ضد إغلاق المحطات الفضائية ومع حرية الرأي والتعبير في الصحافة
والإعلام.
وتابع: ««الإخوان والتيارات المؤيدة لهم كفروا الإعلام والإعلاميين
ووصل الأمر لمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي، ولم يكن من الرجولة التعدي
بالضرب على امرأة لمجرد أنها إعلامية وقالت كلمة في حقك لم تعجبك، واستخدام
كلمة مسلم ومسيحي كان الهدف الفرقة لكنها أصبحت لعبة قديمة، والدليل هو أن
الشعب المصري نزل إلى الشارع وقال كلمته».
واستكمل: «الشعب تعلم في العام الذي حكم خلاله مرسي الكثير، وكان لابد
أن نمر بهذه المرحلة، لأنهم لو لم يحكمونا كان الإخوان سيظلون مظلومين في
أعين الشعب، وللعلم أنا لم أكن أعرف أي شيء عنهم إلا من خلال مسلسل
(الجماعة) لوحيد حامد، لكن في الحقيقة بعضهم محترم لكن مشكلتهم الرئيسية في
السمع والطاعة».
واختتم «رمزي»: «كنت من الفنانين المعارضين لنظام الرئيس الأسبق محمد
حسني مبارك من خلال الأعمال التي قدمتها، وكنت أتهمهم ومن حولهم بالفساد من
خلال أفلامي، لكن لم يتم تكفيرنا أو إهدار دمنا أو تهديدنا بأولادنا
وعائلتنا، خاصة أن العائلة والزوجة والأولاد نقطة ضعف أي إنسان، لذلك لا
أحمل كراهية لمبارك، خاصة أن أولاده كانوا أكثر تأدبًا من أبناء مرسي».
المصري اليوم في
21/07/2013
صانع رشاقة النجوم: أحمد عز «شكل تانى»
كتبت: مى الوزير
تشعر بالندم على ما فعلته بك يد الزمن وعشرات الكيلوجرامات المتراكمة
حول خصرك، تشاهد النجوم على الشاشة وكأنهم من كوكب آخر، ولا تستطيع أن
تبدو مثلهم، ولكن الداء والدواء فى هذه الحالة فى يدك وبإرادتك، وهذه
نصيحة من «نور خطاب» خبير التغذية الصحية واللياقة البدنية وصاحب لقب «صانع
رشاقة النجوم» الذى يؤكد أن الرشاقة والتغيير ليس بالأمر الصعب وأجساد
النجوم والنجمات لا تتطلب سوى النظام الغذائى السليم والتمارين الرياضية
وهى كفيلة بجعل الزمن لا يترك بصماته عليك، نور خطاب يحدثنا عن برامجه.
الجديدة، وحلمه بالتمرد على الأنظمة الخاطئة فى حياتنا وأن الرياضة أصبحت
أساسية ولم تعد فى حيز الرفاهية.
·
∎بلغة
نور خطاب: كيف نتمرد على الـ life styleأوطريقة
المعيشة؟
- أرفض وأتمرد على كل ما يجعل الإنسان يهين نفسه ويهين صحته ويفرط
فيهاوهى أفضل نعمة من ربنا علينا، نحن نتعامل مع أنفسنا بطريقة خاطئة
وطريقة مهينة، فلكل منا عمر افتراضى لجسده وصحته نحن نستهلك هذا العمر
وسلوكياتنا تجعله أقصر من معدله، فصحتنا فى أيدينا نستطيع الاستفادة بها والحفاظ
عليها وفى المقابل فى أيدينا أن نضيعها هباء، من يصابون الآن بأمراض خطيرة
وفى سن صغيرة هم من نسوا الرياضة ولا نظام غذائى يسيرون عليه، يجب أن نتمرد
على كل سلوكياتنا الخاطئة تجاه أجسامنا، على نظام الأكل الخاطئ على النوم
المتأخر، على الصحيان متأخرا، على التدخين، على عدم الاهتمام بالرياضة وعلى
كل ما يؤذى صحتنا وأجسامنا.
·
∎برنامج «شكل
تانى» أثبت للمتفرجين أن التغيير ليس صعبا، وهو أيضا ليس على مستوى
الفنانين فقط؟
- بالضبط التغيير أصبح سهلا جدا، الموضوع بمنتهى البساطة يتلخص فى
أننى أستطيع أن أتحكم فى نفسى مادامت هناك إرادة فالتغيير سيصبح سهلا، ولكن
إذا انعدمتالإرادة وقدرتى فى السيطرة على نفسى هنا تكمن الصعوبة، لذلك
فالموضوع ليس مقتصرا على النجوم فقط، فيجب أن يحصل كل الناس على هذا الشكل
الصحى وأسلوب الحياة السليم، قد يكون النجم لديه هدف ما ليصل لشكل معين
كأساس لوظيفته لكن الشخص العادى يريد أن يكون هذا شكله وأسلوب حياته وفى
علاقته بمن حوله وبشريك حياته ومع أبنائه وصورته أمامهم وأمام أصدقائهم،
فلماذا لا يكون نموذجاً أمام أصدقاء أبنائه الأطفال وhero
كى لا يخجل منه أبناؤه وينعكس هذا سلبيا على نفسيتهم، فهذا هو تفكير
الأطفال لذلك فالشخص العادى فى حاجة إلى هذا التغيير أكثر من النجوم.
·
∎وكيف
جاءتك فكرة تقديم البرنامج؟
- فى «شكل تانى» فأنا أعد لهذا البرنامج منذ عامين، فكا كان لدَّى
تصور لبرنامج يتكلم عن الحياة وكيف يدير الإنسان نفسه وكيف يهتم الإنسان
بشكله وبشرته وهذا للجنسين وليس السيدات فقط، وكيف نأكل طعاما صحياً وشهياً
فى نفس الوقت ومطبوخاً فى المنزل بنصائح غذائية أوجهها للمتفرجين، وعن
الأطفال والحوامل، وكيف تعيش كل فئة حياة سليمة وتتبع سلوكيات صحية وغذائية
مختلفة.
·
∎وماذا
عن برنامجك فى رمضان؟
- أقدم فى رمضان برنامج «خف تصوم، فطار وسحور» مع الشيف ريتشارد عن
العادات الغذائية التى يجب اتباعها فى فترة الصيام والوجبات المناسبة.
·
∎تجربتك
الأولى فى التقديم وبرنامج، قد يراه البعض لا يتناسب مع المزاج العام
المشحون بالأحداث السياسية، ألم تخش من نسبة المشاهدة؟
- الحمد لله نسب مشاهدة البرنامج جيدة جدا وبشهادة المسئولين عن قناة
النهار والمتفرجين وأعتقد أن هذا بسبب أن الناس تعبت من السياسة وتم شحنهم
لفترة طويلة ويريدون التغيير والراحة قليلا، لذلك إن التوقيت الذى عُرض فيه
البرنامج هو أنسب توقيت للعرض، فردود الفعل لم أكن اتخيلها الحمد لله ولم
يأتينى تعليق واحد سيئ وهذا غريب لأن من الطبيعى أن تكون هناك مساحة
للانتقاد ولكن حتى فى الشارع الناس أصبحت تطلب منى فقرات ونصائح معينة
لعرضها فى البرنامج.
·
∎الشباب
الآن محبط وليس لديه رغبة أو وقت للاهتمام بنفسه والظروف السياسية مسيطرة
على الجميع؟
- هذه هى أنسب وسيلة للخروج من حالة الإحباط أن يهتم بنفسه ويذهب للـ
gym
ويشعر أنه كسب نفسه وصحته وهيئته الخارجية تعطى انبطاعاً جيداً وتعكس حالة
نفسية ستؤثر عليه بالإيجاب.
·
∎ماذا
عن الطبقات التى يعتبر الذهاب للـ gym
بالنسبة لهم رفاهية غير متاحة؟
- المشى فى الشارع هو أبسط وأسهل التمارين وأكثرها فاعلية ولا يحتاج
إلى أى مصاريف، الحركة فى المنزل عموما وممارسة أى تمارين فى المنزل إذا
كان متاحا، وأنا أعرض فى البرنامج تمارين بسيطة يمكن تطبيقها فى المنزل
للجميع حتى الحوامل وربات البيوت.
·
∎وما
نصيحتك لهم؟
- كلمة واحدة من يريد أن يكبر سنه ويظل شكله كماهو دون أن يتغير وصحته
يجب أن تمارس الرياضة وتسير على نظام غذائى وإذا أردت أن تبتعد عن الاكتئاب
وتشعر بالسعادة يجب أن تنتظم على الرياضة، عايز تلحق نفسك، العب رياضة ونظم
أكلك.
·
∎هل
الرياضة قد تغير الحالة النفسية وتعالج الاكتئاب أم أنه لا مفر من زيارة
الطبيب النفسى؟
- الرياضة واللجوء إلى الله، وسيلتان فاعليتان فى معالجة الاكتئاب،
بعيدا عن اللجوء للطبيب النفسى أو الخوض فى متاهات، نلجأ لله.
·
∎هل
كل جسم له طبيعة مختلفة وتمارين تتناسب معه ليحقق أقصى استفادة؟
- كل حالة تحتاج لتمرين مختلف ونظام مختلف ولمعرفة هذا هناك قياسات
معينة نحدد بناءً عليها احتياج كل شخص لنوعية التمارين التى تفيده، كنسبة
الدهون وكتلتها ونسبة العضلات ونسبة الماء فى الجسم وعلى ضوء هذا أحدد
النظام المناسب لكل شخص.
·
∎يعتمد
عليك نجوم كثيرون خاصة قبل الاستعداد لعمل معين، من أكثر الفنانين الذين
شكلوا تحديا بالنسبة لك؟
- حمادة هلال فى فيلم حلم العمر، وكان قد وصل لمستوى رائع جدا قبل
بداية التصوير.
·
∎ومن
أكثرهم إصرارا واهتماما بصورته؟
- أحمد عز، هو نموذج ومثال النجم الذى يريد أن يصل للعالمية ويجتهد
على هذا ويشتغل على نفسه ولديه نظام يسير عليه بالنسبة للرياضة والأكل
والشرب.
·
∎
«صانع رشاقة النجوم» هل تحب هذا اللقب؟
- الصانع هو الله، الفكرة أننى أساهم فى رشاقة النجوم وصورتهم التى
يجب أن يكونوا عليها.
صباح الخير المصرية في
21/07/2013 |