·
أناضيف على التليفزيون والسينما الأساس لي
·
دوري في العراف كان صعب جدا وعملي مع الزعيم شرف لي
(شريف رمزي) فنان شاب إستطاع أن ينقل تاريخه
الفني إلي منطقة المحترفين وتمكن من اللعب مع الكبار , فكانت له أعمال
مختلفة مع عدد من النجوم العمالقة مثل : الفنان عمر الشريف وأخيرا الزعيم
عادل إمام .. وفي حوارنا معه تحدث عن نجاح " العراف " وعن ماتعلمه في مدرسة
الزعيم وعن السينما والسياسة وأمور أخرى ...
·
في البداية .. ماهو تقييمك لردود
فعل الجمهور حول مسلسل " العراف " ؟
أرى أنها أكثر من رائعة وتخطت ماكنت اتوقعه لدرجة إنها أفزعتني ,
وإستطاع المسلسل أن يحقق أعلى نسبة مشاهدة في الوطن العربي .
·
ماهي المزايا التي اكتسبتها في
العمل مع الزعيم عادل إمام ؟
تعلمت من الزعيم اشياء كثيرة منها الصبر والحرفية في الأداء وعدم
التكلف , فكنت أشبه بالطالب الجامعي الذي يتعلم من أستاذه , و كنت حريص
دائماً على مراقبته أثناء التصوير .
·
هل واجهتك أي صعوبات في تجسيد
شخصية الشيوعي في " العراف " ؟
نعم بالطبع , الشخصيه كانت صعبة جداً وغير متواجدة في نموذج تمثيلي
آخر لكي أتعلم منه , وتتركز صعوبتها في المذج بين الكوميديا والواقعية ,
كنت أخشى أن يعتقد الجمهور انني أسخر من الشخصية بسبب اللمسة الكوميدية
فيها .
·
كيف ترى أداء المخرج " رامي امام
" ؟
"رامي امام " هو بطل العرض فأستطاع أن يوحد العالم العربي بإختلاف
أذواقه على هذا العمل , الي أن حقق أعلى نسبة جماهيرية هذا العام ,فهو
يتميز بالحرفية في الأداء مثل والده .
·
ماهو تعليقك على نقد الأستاذ "
طارق الشناوي " للعراف حينما قال انه حقق نسبة نجاح بسبب تاريخ الزعيم فقط
وليس بسبب الابداع الفني وان النص كان تقليدي ؟
هذا النقد يتهم الجمهور بالجهل , طالما أن هناك عمل حقق أعلى نسبة
مشاهدة في الوطن العربي لابد أن نحترمه , ومن المعروف عن شخصيته انه يتهم
معظم الاعمال الدرامية بأنها غير ناجحة , فمنذ أن بدأت العمل في الفن لم
يعجبه عمل واحد لي على الرغم من دخول معظمها في مهرجانات وحصولها على جوائز
.
·
انتقد الكثيرون الاعمال الدرامية
هذا العام ولاحظوا أنها إبتعدت عن المضمون الفني والإبداع وتم التركيز على
الألفاظ والمشاهد الخارجة لدرجة أن معظم المسلسلات كانت خادشة للحياء بشكل
كبير .. مارأيك في ذلك ؟
لا نستطيع ان نلخص الأعمال الدرامية في هذا النظاق فقط , لكن بالفعل
هناك أعمال تجاوزت المسموح وبما اننا نتمتع بالرقابة الذاتية فكان لابد ألا
ننسى توقيت عرض هذه المسلسلات فمن غير الواقعي ان يتم مناقشة او عرض هذه
المشاهد في رمضان , بالإضافة الي إنه يشاهدها عدد كبير من الأطفال .
·
إذن هل أنت ضد مناقشة وعرض
موضوعات جريئة في الأعمال الفنية ؟
لا بالعكس أنا مع مناقشة كل شيء في الفن لكن بحدود , فلابد أن يعتبر
الفنان انه مندوب يعبر عن الواقع للجمهور , ولكن أنا مع وضع آلية مسموح بها
في مناقشة مثل هذه الموضوعات لتناسب الجميع .
·
مارأيك في الأعمال الدرامية هذا
العام ؟ وأيهما كان الأقرب لك ؟
شاهدت هذا العام أعمال درامية تناقش موضوعات مختلفه وجديدة , ولاحظت
أن هناك طفرة في صناعة الدراما سواء من صورة او ديكور او كتابة او اخراج او
تمثيل , أما عن الأقرب لي فكان مسلسل " ذات " و " موجة حارة " و " نيران
صديقة " .
·
ننتقل من الدراما الي السينما ..
هل تم تحديد موعد عرض فيلم " هاتولي راجل " ؟
كان من المفترض ان يتم عرضه في عيد الفطر لكن تم تأجيله لظروف إنتاجية
بجانب الأحوال السياسية التي تعيشها البلد الآن , لكن سيتم عرضه في عيد
الأضحى القادم .
·
ماهي طبيعة دورك في الفيلم ؟
أجسد شخصية مختلفة وجديدة , وأريد ان يتفاجأ الجمهور والنقاد بها ,
لكن أستطيع أن أقول لكي ان الفيلم يناقش سيطرة الرجال على النساء بشكل
كوميدي .
·
تعرضت السينما المصرية في الفترة
الأخيرة الي تدهور في صناعتها هل ترجع ذلك الي الأحداث السياسية المستمرة
التي تتعرض لها البلد أم لضعف الانتاج؟
بالطبع يرجع ذلك الي عدة عوامل منها عدم استقرار الظروف السياسية في
البلد ورجوع عدد كبير من المنتجين لخوفهم من حكم الإخوان المسلمين واعتقاد
البعض انه سيتم فرض السيطرة والرقابة على الاعمال الفنية بشكل عام , لكن
أرى انه هناك محاولات حقيقية للأفضل وسنشاهد تطور هائل في الفترة القادمة .
·
أيهما الأقرب لك السينما أم
التليفزيون ؟
كانت بدايتي الفنية في السينما ومجال دراستي كذلك , فهذا جعلها الأقرب
لي وأنا ضيف على التليفزيون .
·
ماهي خطواتك الفنية في الفترة
القادمة ؟
أقوم حاليا بقراءة عدد من الأعمال التي عرضت علي ولم استقر بعد على
عمل منهم .
·
بعيدا عن الفن .. ماهو رأيك في
الوضع السياسي الحالي في مصر ؟
إستطاعنا أن نسقط نظام فاسد برغبة الملايين , وأرى أن الأحوال
الإتصادية والسياسية والإجتماعية ستتحسن بشكل كبير في الفترة القادمة ,
وستظل مصر وأهلها محفوظين الي يوم القيامة لأنها ذًّكرت في القرآن الكريم .
بوابة روز اليوسف في
27/08/2013
رحيل.. زائر الفجر
كمال رمزي
الثلاثاء 27 أغسطس 2013
تمتع بذائقة مرهفة، متأملة، تعزرها ثقافة أدبية وفنية، عميقة وشاملة،
فضلا عن لغة شاعرية رقيقة، تخاطب الوجدان وهى تطرح الأفكار، لذا فإن قارئ
مقالاته عن الأفلام، يجد فيها متعة الاكتشاف الدقيق، الحميم.. رفيق الصبان،
غالبا، لا يتعرض إلا للأعمال التى يحبها، وهى كثيرة، يبدو فيها وكأنه فى
حديقة زهور، لا يصف فيها هذه الوردة أو تلك، ولكن يجعلك تتنسم أريجها،
تتلمس أوراقها، ترى ألوانها، وبالتالى فإن كتاباته تعتبر نوعا من الإبداع
الموازى، أو إبداع على إبداع، فالصبان، فى ظنى، لا يشاهد الفيلم كناقد عليه
تحليل العمل والحكم عليه، ولكن يتعايش مع ما يدور على الشاشة، يتابعه،
بأحاسيسه وعقله..
أتذكر: اغرورقت عينى أثناء مشاهدة «راقصة فى الظلام» المؤثر،
للدنمراكى لارس فون ترير، صباح عرضه فى مهرجان «كان 2000»، وأمام باب
القاعة، فى انتظار الفيلم التالى، التقيت رفيق الصبان، ولاحظت أن نصف قميصه
العلوى مبتل بالماء. سألنى عن رأيى فى الـ«راقصة...»، وما إن أجبته حتى
أجهش بالضحك ــ إن صح التعبير ــ وأشار إلى نصف قميصه المبلول قائلا،
بحماسه المعهود: لقد بكيت طويلا.. كل هذا دموع.
رفيق الصبان، ابن دمشق «17 أغسطس 1931»، ومثل كثير من الشباب العربى،
ذهب إلى باريس لدراسة القانون، ولكن لم يفته متابعة الإبداعات الفرنسية،
تشبع بها، بل تدرب فى محراب المخرج الكبير جان لوى بارو، وعاد إلى دمشق فى
الستينيات ويكون فرقة مسرحية مرموقة تلو الأخرى، قدمت مختارات من النصوص
العالمية، ومع بداية السبعينيات جاء إلى القاهرة التى وجد فيها مجالا رحبا
لإطلاق طاقاته المتعددة.
فترجم «الإسلام والمسرح»، وهو بحث مهم، قام به التونسى محمد عزيزة،
و«نظرات فى الأدب الأمريكى» للناقد الفرنسى موريس إدوار كواندرو، وغيرهما
من الكتب ذات المواضيع التى يحبها، كما ترجم عدة مسرحيات مثيرة للجدل، ربما
أهمها «المهندس وإمبراطور آشور» التى كتبها الإسبانى الطليعى، فرناندو
آرابال، وقدمها «البرنامج الثانى» بالإذاعة المصرية، قبل أن يتحول اسمه إلى
«البرنامج الثقافى»، حيث قام ببطولتها محمود مرسى مع عزت العلايلى فقط،
وجدير بالذكر أن كلا منهما يؤدى، على نحو بارع، أكثر من العشر شخصيات.
دخل رفيق الصبان مصنع السينما المصرية من باب كتاب السيناريو.. عن
رواية «الإخوة كارمازوف» لدوستويفسكى، كتب سيناريو «الإخوة الأعداء»، مع
نبيهة لطفى ومخرج الفيلم حسام الدين مصطفى، وهو أول عمل مسجل فى قائمة
أفلامه، عام 1947، لكن الواقع أن أول أفلامه هو «زائر الفجر» الذى وإن كان
عرض عام 1975، إلا أنه تحقق عام 1971، وظل حبيسا داخل العلب الصفيح طوال
أربع سنوات، ذلك أن الرقابة منعته لما يتضمنه من موقف سياسى ضد مناخ الخوف
الذى تشيعه أجهزة القمع، بالإضافة لكشفه عن العديد من جوانب الفساد. ولم
يعرض «زائر الفجر» الجرىء، المتميز فنيا، إلا بعد حذف العديد من مشاهده
المهمة.
وبرغم هذا البتر، ظل الفيلم متسما برؤية نقدية شجاعة من ناحية، وأبقت
اسم مخرجه، ممدوح شكرى ــ توفى قبل العرض ــ حاضرا فى تاريخ السينما، ومن
ناحية أخرى، نبه إلى إمكانية إثارة القضايا السياسية من خلال سيناريوهات
ذات بناء بوليسى، تعتمد على تحقيقات، يقوم بها ضابط شرطة أو وكيل نيابة أو
صحفى.
فى سيناريوهاته، اتجه رفيق الصبان إلى مصادر متنوعة، فمن تنسى وليامز،
قام بتحويل «قطة على سطح صفيح سخن» إلى «قطة على نار» لسمير سيف 1977،
و«عربة اسمها الرغبة» إلى «الرغبة» لعلى بدرخان 2002. ومن الروايات العربية
أخذ «ريم تصبغ شعرها» لمجيد طوبيا، التى أصبحت «قفص الحريم» لحسين كمال
1986، وحول عدة روايات ليوسف السباعى إلى سيناريوهات، مثل «حتى آخر العمر»
لأشرف فهمى 1975، وبين الأطلال «اذكرينى» لبركات 1978.. تتضمن قائمة أفلامه
ثلاثين عملا، ربما يكون أهمها «ليلة ساخنة»، مع بشير الديك، لعاطف الطيب
1996، و«المهاجر» ليوسف شاهين 1994.
أما بقية أعماله، فإنها تدخل فى نسيج السينما المصرية التجارية، وهذا
ليس تقليلا من شأنها، أو شأن السينما التجارية، فى أهم سبب لبقاء الفن
السابع على قيد الحياة، وفى أفلامه تلك، سواء كانت كوميدية، أو ميلودرامية،
أو غنائية، لا بد أن تجد لمعة إبداع هنا وهناك. رفيق الصبان، كتلة النشاط،
لا تراه إلا على عجلة من أمره، يريد اللحاق ببداية عرض إحدى الأوبرات، أو
العودة إلى بيته فورا، للانتهاء من تصحيح أوراق طلبته فى قسم السيناريو
بمعهد السينما.. إنه طاقة كبيرة، أطلقها، بجدية، ومهارة، فى عدة اتجاهات،
وبالضرورة، أصبح اسما مضيئا، فى الثقافة المصرية.
درب المهابيل
كمال رمزي
الثلاثاء 20 أغسطس 2013
ما من مرة أشاهد فيها هذا الفيلم إلا وأجد فيه شيئا ثمينا لم ألحظه من
قبل. إنه، كالمنجم كلما توغلت فيه، كشف لك عن خيوط الذهب بداخله.. شاهدت
الفيلم صبيا، فى سينما «شبرا بالاس» التى تحولت إلى محلات تجارية. حينها،
بدا العمل صادما، مزعجا ومؤثرا، فهو يخلو من المناظر الجميلة التى عودتنا
الشاشة عليها. لا فيللات، ولا حديقة، ولا سيارة، ولا ثريات مضيئة فى صالات
واسعة، ولا أصحاب ياقات بيضاء أو نساء يتدثرن بمعاطف من الفرو، ولا صراع
بين امرأتين من أجل رجل، أو صراع رجلين من أجل امرأة.. وهذه كلها من مفردات
السينما المصرية السائدة فى تلك الأفلام. «درب المهابيل»، يدور فى زقاق
ضيق، نماذجه البشرية أقرب إلى القاع: عجلاتى بخيل ــ حسن البارودى، يقهر
العامل عنده، واسمه طه ــ شكرى سرحان. ابن البخيل ــ توفيق الدقن ــ يكره
والده.. طه يحب خديجة ــ بدايات ظهور برلنتى عبدالحميد ــ ويشترى ورقة
يانصيب، يمنحها لخطيبته، لكن والدها، الورع، يجبرها على القائها فى الطريق
ليلتقطها المجذوب «قفة» ــ عبدالغنى قمر ــ وحين يعلن عن فوز الورقة بمبلغ
ألف جنيه ينقلب الدرب رأسا على عقب، فكل واحد، وواحدة، يرى أنه الأحق
بالمال الذى لا يمكن ان يذهب لمجذوب. تندلع صراعات، ومؤامرات، تنتهى بتحطيم
عشة «قفة» المبنية من الصفيح، ووفاة العجلاتى البخيل، وابنه، وعودة «قفة»
ملفوف الرأس بالشاش وقد خبأ المال بين طيات خيش عنزته.. وأثناء نومه،
تتساقط العملات الورقية لتلتهمها الماعز، ويستيقظ الدرب على صباح جديد،
وتنتهى القصة التى دارت وقائعها خلال دورة شمسية واحدة.
مشاهد من الفيلم المزعج ظلت زاهرة فى الذاكرة، منها صرخات توفيق الدقن
المفعمة بالغضب والرجاء والتهديد، حين يردد «الفلوس فين يا قفة».. وانعكاس
وجه برلنتى عبدالحميد الصبوح، المصرى، على مرآة السرير المزمع شراؤه لشهر
العسل.
بعد سنوات، شاهدت الفيلم مرة ثانية، فى سينما «نادية» بالنعام، قبل ان
تتحول إلى مخزن لشركة بيع المصنوعات ــ أين الشركة الآن؟ ــ وتنبهت إلى ذلك
الاهتمام بالشخصيات الثانوية، على نحو يكسبها حضورا قويا وعميقا، فوالد
خديجة الورع «عبدالعزيز» يبدى الندم لأنه أجبر ابنته على التخلص من ورقة
اليانصيب. وبائع الأثاث القديم «عبدالغنى النجدى» يتحمس للقبض على شكرى
سرحان، بعد ان دفع الأخير عدة أقساط من ثمن السرير الذى لم يتسلمه بعد..
وفتاة الليل «نادية السبع»، العليلة، يهاجمها الرجال علنا، ويتقربون لها
سرا.. انه السيناريو القوى، المتفهم، المحكم، لعبة توفيق صالح وعمنا
الكبير، نجيب محفوظ، صاحب القصة.
تحت الكبارى، تدفقت مياه كثيرة، تتابعت مشاهدة مئات الأفلام، لكن بقى
لـ«درب المهابيل» حضوره الخاص، تجلى ليلة عرضه فى برنامج «ذاكرة السينما»
الذى يعده، بفهم ودراية، الناقد على أبوشادى، وتقدمه المذيعة المرموقة،
سلمى الشماع، وتستضيف فيه كبار السينمائيين، وليلتها، كانت بمثابة اكتشاف
جديد لعروق الذهب فى المنجم، ابتداء من الأداء التمثيلى المختلف، المبتعد
عن المغالاة والافتعال والتصنع، المقترب من الصدق والاقتصاد والتوازن بين
العقل والعاطفة، إلى مغزى الفيلم الجدير بالالتفات، وهو أن الثروة لا تأتى
إلا عن طريق العمل، ولا يمكن ان تتحقق بضربة حظ.
«درب المهابيل»، الذى غاب عنا صاحبه، الأستاذ والصديق الغالى، توفيق
صالح، يطل علينا من منتصف القرن الماضى «1955»، لينبهنا إلى مغبة اللهاث
وراء المنح والعطايا، التى أضاعت عاما من حياتنا، ولاتزال، فالمال الذى
يأتى من دون عرق شريف، بالتأكيد، سيذهب سدى، ولن يخلف إلا مأساة. إنه فيلم
عن الحاضر.
قلب الأسد
كمال رمزي
الأحد 18 أغسطس 2013
على طريقة حواديت بنات الهوى، فى السينما، حيث تتورط صاحبة الصون
والعفاف فى الخطيئة، لأنها تحتاج مالا من أجل إجراء عملية جراحية لوالدتها،
يروى لنا هذا الفيلم ذات الحكاية، مع تحويل البطلة لبطل، اسمه «فارس الجن»
صاحب قلب طيب، أبيض وشفاف، يدفعه ضميره اليقظ، وإحساسه بالمسئولية، تجاه
السيدة المريضة، التى كانت تعطف عليه، إلى كسر زجاج نافذة عربة فارهة،
لسرقة «موبايل» حديث وساعة من الألماس، كى يوفر بثمنها تكاليف علاج المرأة
الحنون.. هكذا، دافع نبيل للسرقة!.. ولأن المسروقات تخص رئيس العصابة
الكبير، «سليم الوزان» بأداء حسن حسنى، فإن رجاله يطاردون «الجن»، المتعدد
المهارات: يعدو بأقصى سرعة، يقفز قفزات عريضة، يتشقلب، يلاكم، يقود
السيارات، الملاكى والنقل الخفيف والثقيل، ثم.. يجيد الرقص والغناء.
قصة الفيلم بسيطة، خفيفة، شاهدناها من قبل، بتنويعات مختلفة: طفل
صغير، يخطفه رجل شرير، اسمه «زينهم» ــ سيد رجب ــ ويجعله يعمل معه فى
تنظيف مخلفات السيرك. يكبر الطفل ليصبح «محمد رمضان»، صاحب الوجه المصرى،
القادم من أغوار البيئات الشعبية، يتحايل على الحياة بكل السبل الشريفة،
يتعامل مع شبل يصحبه إلى الأهرام، مع صديقه الأثير، الوحيد، سيد ــ ماهر
عصام ــ كى يتصور السياح مع الأسد الصغير، نظير عدة جنيهات.. لكن نوافذ
الثراء تفتح لبطلنا، مع أبواب الشر، عندما يعجب به «رئيس العصابة»، نظرا
لقدرته على التحمل، فداخل جراج قصر «سليم الوزان» بديكوراته واكسسواراته
المستعارة من أفلامنا القديمة، حيث القش والبراميل والحبال المسدلة وإطارات
السيارات، تجرى عملية تعذيب «الجن» كى يعترف بمن ورائه، لكن «الجن»
المتماسك، القوى، يدفع رئيس العصابة لضمه إلى رجاله، ويمنحه عدة رزم من
الأوراق المالية.
يسير الفيلم فى مساره التقليدى: يثبت «فارس الجن» جدارته بالمكانة
التى حظى بها. ينجح فى تهريب شحنة سلاح «يحصل على مزيد من المال، يدفع
تكاليف العلاج، يظل مخلصا لخطيبته، برغم إغراء عشيقة «الوزان»، الدلوعة،
المدمنة، نانا، بأداء حورية فرغلى، مما يجعلها تحقد عليه.
شخصيات «قلب الأسد» أحادية الجانب. مجرد عناوين، والمواقف المتوالية،
تكاد تكون معروفة سلفا، وبالتالى جاء الأداء التمثيلى، إجمالا، باهتا،
مكررا، يجنح إلى الكليشيهات المعتادة: حسن حسنى، بلا أى خصوصية، يبدو كأنه
على عجلة من أمره، يريد الانتهاء كى يلحق بعمل آخر. حورية فرغلى تمثل
بجسدها وليس بوجهها. ماهر عصام، مجرد صديق البطل، بلا تاريخ ولا أسرة ولا
علاقات. ومحمد رمضان، هو نفسه ما رأيناه من قبل، فى «عبده موتة» و«الألمانى»..
لا يزال يعتمد على الأداء الخارجى، والانفعالات البسيطة، مثل الغضب أو الحب
أو الألم، من دون أن نراه فى انفعالات مركبة، من إحساسين أو أكثر، وهو
الأمر الذى لم يتحه له السيناريو الذى كتبه حسام موسى، وتعمد أن يجعل حواره
طنانا، متحذلقا، من نوع «فارس الجن ما يضربش راجل مسن»، أو «اللى يحضر الجن
وما يعرفش يصرفه، يعرف إن الجن هايقرفه» أو «الرجولة ما لهاش قطع غيار»، أو
«إذا أردت النجاح.. تاجر فى السلاح».
ربما جاءت الأغنية الاستعراضية أدق تعبير عن الفيلم.. فثمة إضاءة
مثيرة، متعددة الألوان، وملابس لافتة للنظر، غريبة وجذابة، بما فى ذلك قبعة
محمد رمضان، وياقة جاكتته الواقفة، فضلا عن إيقاع الأغنية السريع، الراقص،
وهذه أمور قد تكون مرضية للعين، ولكن لا تتجاوزها للعقل، فما معنى كلمات
مثل «أديك فى السقف تمحر. أديك فى الأرض تفحر. أديك فى الجركن تركن. أديك
فى الحارة سجارة. أديك تلبس نضارة».. وهكذا.
منذ بداية الفيلم، تنهمر الموسيقى المصاحبة، بلا توقف، وكأن صناعه لا
يعلمون شيئا عن فضيلة الصمت، ودوره الدرامى، أو الفنى.. وأغلب الظن أن واضع
«الموسيقى التصويرية»، حسام موسى، وليس مؤلفها كما تزعم التترات، اختارها
من أفلام «الأكشن».. وهنا تجدر الإشارة من باب الإنصاف أن المخرج الجديد،
كريم السبكى. يثبت مهارة لا شك فيها، بالنسبة لمشاهد المطاردة، بين «الجن»
ورجال العصابة، سواء بملاحقة السيارات، أو القفز فوق الأسوار، أو المواجهة
باللكمات.. ولكن هذه الحرفية العالية، شأن الأغنية إياها، قد تحبس الأنفاس،
يتابعها المشاهد بشغف، ولكن لا تصل للعقل، الذى قد يرضيه فيلم قادم.
ون مان شو
كمال رمزي
السبت 10 أغسطس 2013
رجل واحد يقدم عرضا كاملا. ظاهرة تتجسد عندنا، الآن، على نحو لافت،
وهى تطلب موهبة كبيرة وقدرات متنوعة، توافرت عند أحمد آدم، محمود عزب، باسم
يوسف، أكرم حسنى، والأخير، هو الوحيد الذى كاد اسمه يتلاشى وراء الشخصيتين
اللتين قدمهما: سيد أبوحفيظة ووسيم هدهد.
جذور هذه الظاهرة، تمتد إلى زمن موغل فى القدم: راوى الملاحم،
اليونانية والعربية، يحكى عن الحروب والأبطال، أمام مستمعيه، ليلة إثر
أخرى.. «الأراجوز»، لسان حال صاحبة، الفنان المختبئ وراء ساتر، يمثل عدة
نماذج بشرية، فى فقرات متوالية.. وعلى خشبة المسرح، أو فى صالة واسعة،
انتشر ما يعرف بـ«المينودراما». أى مسرحية يؤديها شخص واحد.. وفى مطاعم
فاخرة، يقوم عازف البيانو، بين الحين والحين، برواية حكاية جذابة، أو طرفة
مبهجة. وتعتبر أم كلثوم النموذج الكلاسيكى الأهم فى عالم فنان العرض
المنفرد، غناء.. وفى مجال الشعر، خصصت أمسيات كاملة، كى يلقى محمود درويش
قصائده.
من جماع تلك المنجزات، تبلور، على الشاشة الصغيرة، برامج «النجم
الواحد»، ومعظمها، يتجه اتجاها كوميديا، يأتى تلبية لحاجة المشاهدين إلى ما
يخفف من ذلك التوتر المزمن الذى يجتاح الجميع، وليست مصادفة أن تشغل
السياسة المساحة الأوسع فى هذه البرامج، ذلك أنها تعبر عن ذلك الاهتمام
الايجابى بمسار الأمور فى وطن يفور بالمتغيرات، كما انها تؤكد قدرة
المصريين على تجاوز متاعبهم بالضحكة والابتسامة.
تباينت أساليب أصحاب هذه البرامج: أحمد آدم، الممثل أصلا، ينطلق فى «بنى
آدم شو» نحو نقد الوقائع والأحداث، مستندا على رؤية تندد بما هو سلبى،
سياسيا واجتماعيا، ويصب جام غضبه، ساخرا، على تصريحات الرئيس ــ المعزول ــ
فيما يتعلق بالعدالة، أو رضائه عن الحكومة الفاشلة.. ويشير إلى مليونية «لا
للعنف»، مبينا المفارقة الكامنة فى أن يضع أعضاء ميليشيات الإخوان خوذات
على رءوسهم ويحملون العصى الطويلة.. ولا يفوته التنديد بمذبحة «أبومسلم»
التى راح ضحيتها، ذبحا وسحلا، مواطنين مصريين شيعة. أحمد آدم، صاحب جسم
مرن، يقدم عرضه واقفا، يستخدم ذراعيه وملامح وجهه للتعبير عما يقصده،
ويتمتع بصوت متميز، متفهم لأصول الطرب، حيث تنطلق عقيرته بأغنيات تعبر عن
موقفه الرافض لممارسات السلطة، وهى أغنيات أقرب لفن المونولوج، اللاذع،
الذى كان ينقرض.. آدم يقدم مونولوجات بمصاحبة الطبلة التى يجيد الضرب
عليها، مما يضفى مزيدا من الحيوية على عرضه الفردى أمام جمهور وهمي، نسمع
ضحكاته التى ترتفع وتنخفض كما لو أنها الخطوط تحت العبارات المهمة المعانى،
يريد صاحبها أن ينبهنا لمغزاها.
اللون الذى برع فيه محمود عزب يختلف عما يقدمه أحمد آدم، عزب، المتمكن
من محاكاة الآخرين، على نحو كاريكاتورى، يتسم بقدر كبير من الذكاء، والقردة
على الرصد والانتباه، تزداد عمقا بمرور الممارسة، وإذا كانت موهبته تتجلى
فى تمثيل واستيعاب الشخصيات التى يقلدها، فإن الأهم انه يتطور بفنه، فبعد
سنوات طويلة من تقليد الملامح الخارجية للنجوم، سواء على مستوى الملبس
وتصفيف الشعر وتعبيرات الوجوه وحركة الذراعين، مرددا ذات العبارات، انتقل
إلى جوهر من يقلدهم، معبرا وناقدا، لأفكارهم، ففيما يبدو أن السياسيين،
الذين أصبحوا نجوما تزاحم، إن لم تتفوق فى أهميتها عن فرسان السينما
والشاشة الصغيرة، دفعته لأن يتوغل فيما وراء المظهر الخارجى، فبعد أن كان
يقدم، بطرافة، يوسف شاهين، بانفعالاته المتفجرة، وعمرو خالد، بميله
للرومانسية البكائية، أصبح يبين بوضوح، ما تنطوى عليه اهتمامات حازم
أبوإسماعيل من فجاجة، وغياب البرادعى عن الساحة فى اللحظات التى تتطلب
حضوره.. عندئذ، يصل برنامجه إلى درجة جيدة من النضج، ويثبت أن «ون مان شو»،
يستحق النظر والتحليل والتقييم، خاصة فيما يتعلق بتحول أكرم حسنى من
المواطن المصرى «سيد أبوحفيظة»، إلى المؤرخ المستقبلى «وسيم هدهد»،
بالإضافة للمأزق الذى وجد باسم يوسف نفسه فيه، عقب عزل الرئيس.. إنه موضوع
آخر.
ذات.. سجل حياة
كمال رمزي
الإثنين 5 أغسطس 2013
من دون تحفظات، أنا مفتون بهذا العمل. كلما توالت حلقاته، يزداد
الإعجاب به، واضطر، من باب الشغف بمعرفة أسراره، إلى إعادة مشاهدته.
المسلسل، بقلب دافئ وعقل يقظ، يتعرض لحياة عائلة قاهرية، من الطبقة الوسطى،
خلال ستة عقود، وثلاثة أجيال، مع التركيز على البطلة «ذات»، المستوحى من
«ذات الهمة»، الشخصية التى قدمتها السيرة الشعبية، كنموذج فريد للصبر
والجلد، القادرة على مواجهة الخطوب بشجاعة، المتزنة، العاقلة.. هنا، «ذات»،
بأداء، نيللى كريم البديع، المتفهم بعمق لأبعاد الشخصية، تولد مع ثورة
يوليو 1952. والدها، الموظف، سعد، القليل الكلام، الحنون، بأداء الأستاذ
أحمد كمال.. والأم، المصرية حتى النخاع، حيث تقوم بدورها، القديرة التى
تفاجئنا بنضجها وتمكنها، من عمل لآخر، فضلا عن شقيقها الكبير، حسن، الذى
سيهاجر لاحقا، إلى بلاد العم سام، التى تنسيه أهله أو تكاد.
كاتبة السيناريو الموهوبة، مريم ناعوم اعتمادا على رواية صنع الله
إبراهيم الشهيرة، ترصد الجوانب الواضحة والخفية لأبطالها، فها هو زوج «ذات»
عبدالمجيد، الموظف فى أحد البنوك، الذى لم يكمل تعليمه، يتسم بالطيبة
والتفاهة، المنفعل دائما، المتطلع، المنساق، المتخوف من الغد، وفيما يبدو
أن باسم سمرة وجد ضالته فى تجسيد هذا النموذج، فتعايش معه على نحو طبيعى.
ذات، برغم قوتها وصمودها، تعيش مقموعة، فحين كانت طفلة، لا تقوى على
الرفض، تعرضت لعملية الختان المرة، فتركت فى نفسها أثرا لا يمحى.. وعندما
تزوجت، فرض عليها زوجها، بمؤازرة والدتها، عدم استكمال دراستها الجامعية.
ومع الغلاء، تضطر للعمل موظفة فى التليفزيون المصرى، ثم تشترى ماكينة خياطة
لتحيك الملابس، توفيرا لثمن فساتين طفلتيها من ناحية، وتحقيقا لزيادة الدخل
من ناحية ثانية، فهى، طوال الوقت، تنشط فى عمل أية مشروعات صغيرة، تجلب
شيئا من المال.
لكن المسلسل ليس مجرد «دراما أسرة»، ينغلق على أشخاصه وأحداثه،
فالكاتبة، بوعى شامل، تدرك أن الأسرة لا تعيش بمعزل عما يدور خارجها من
أحداث وتطورات، تؤثر بالضرورة، على مسارها ومصيرها، بل تتقاطع أحيانا مع
حياة الأفراد، الأب، على سبيل المثال، الوطنى، الناصرى، يتابع، بألم، زيارة
السادات لإسرائيل، ولا يستطيع إلا أن يموت بعد عدة أيام.. وبموته، الذى
يعنى، رسميا نهاية حقبة وبداية حقبة، يترك أثرا حزينا، ينبض بالحضور، داخل
قلب ذات.
المخرجة، كاملة أبوذكرى، المتفوقة، مع طاقم عملها، لم يفتها متابعة
المتغيرات فى مصر، طول الفترة الزمنية، ماديا ومعنويا، سواء بالنسبة
للوقائع الكبرى، حروب 56، 67، الاستنزاف، 73، بالأناشيد والأغنيات المصاحبة
لكل واقعة، معززة بمشاهد وثائقية، أو بطراز السيارات والأتوبيسات، أو بشكل
الميادين، أو بتغير الملابس وتسريحات الشعر، منذ الميكروجيب إلى الجلابيب
الطويلة، ومنذ نعومة الشعر المسدل، بالقصة على الجبين، إلى الباروكات، إلى
البونيهات، إلى الحجاب.. ولا يفوت المسلسل متابعة ما يستجد من اهتمامات،
الغسالات الكهربائية، حلل البخار، أطباق المينامين، السيراميك بدلا من
القيشانى، أجهزة التسجيل، ثم الفيديو.. هذا العنصر التوثيقى، بصدقه ودقته،
يعد، إنجازا غير مسبوق، فى دراما الشاشة الصغيرة.
هذه التطورات والتغيرات، تمتزج تماما مع خصوصيات الأبطال.. ذات، منذ
طفولتها، يشكل الحام بالنسبة لها، مرفأ الطمأنينة، تلجأ لها حين تحتاج لجمع
شتات نفسها، وبالضرورة، يغدو من أمانيها أن تجعله أنيقا، جميلا، وبالتالى
تعمل على تغييره.. هكذا، كما كانت من قبل، تتمنى اقتناء باروكة مثل
باروكة.. ميرفت أمين.
كذلك الحال، وإن جاء على نحو آخر.. صديق عبدالمجيد الحميم، وجاره
النصاب وجدى الشقيطى ــ هكذا اسمه ــ بأداء هشام إسماعيل، الذى يتسلل له
ليلا ــ الشقيطى هو الذى يذهب ــ حاملا معه الفيديو، لمشاهدة أفلام
البورنو، وطبعا، يفتضح أمرهما، عند المرأتين، فالزوجة، أول من يعلم.
المواقف، تتوالى بالغة الثراء، تفاصيلها الصغيرة تتضمن أوسع المعانى..
بينما والد ذات، على فراش الموت، تهاتف شقيقها تليفونيا، ترجوه الحضور لأن
الأب يتمنى أن تكتحل عينيه برؤية ابنه قبل الفراق، لكن حسن، لا يأتى إلا
بعد فوات الأوان.. يطرق الباب. ذات تفتح له.. تقف فى مدخله، كما لو أنها
ترفضه. نيللى كريم، بوجه تتعمد أن يكون جامدا، وبنظرة باردة، يشوبها
الاستنكار، وبعد صمت، تقول له ثلاث كلمات مفعمة بالمعانى «بابا مات يا حسن».
مرور الزمن يترك أثره على الجميع: الأم، انتصار، يترهل جسمها ويبيض
شعرها. عبد المجيد، أصبح، خاصة بعد إصابته بالسكرى، نحيلا، خاملا، بطيئا..
ذات، الجميلة، أضحت بدينة، وأخذت الخطوط الغائرة تزحف حول شفتيها.. لكن، فى
المقابل، البنات يكبرن، يشتد عودهن، يزداد ألقهن.
المسلسل، برهافة، ومن دون مغالاة، يتابع تغيرات فى سلوك الموظفين
المسئولين، العاديين من الناس، مع جنون الثراء، فيما بعد الانفتاح، حيث
الرشوة والفساد والاحتيال.. لكن «ذات» لا يفوته الإشارة إلى قيم مضيئة فى
المجتمع المصرى، فعلاقة الجيرة العذبة، بين ذات وجارتها سميحة، بأداء خاص
ومميز من ناهد السباعى، بمثابة طاقة عزاء للطرفين.. وتحت سطح المناكفات بين
ذات ووالدتها، يكمن نهر من المحبة.
«ذات» لأسباب عدة، لم يأخذ حقه، جماهيريا ونقديا، لذا، لا أجد حرجا فى
دعوتك لمشاهدته، على مسئوليتى.
برامج عدوانية
كمال رمزي
الخميس 1 أغسطس 2013
الضيف، يظل معلقا بين السماء والأرض، خائفا، متوقعا سقوط «التليفريك»
المعطل، فى أى لحظة. يتوتر، يقلق، يفزع، لا يصبح أمامه سوى الصراخ طلبا
لإنقاذ لا يأتى.
وأخيرا، يكتشف ونكتشف معه، أن ما يجرى مجرد دعابة أو «مقلب»، يقوم به
الفنان «إدوارد» مع مجموعة العمل فى برنامج عنوانه «فى الهوا سوا»..
«إدوارد» كوميديان لطيف، يتمتع بموهبة الحضور، بسيط وعفوى. لكن برنامجه لا
يندرج فى باب الكوميديا بقدر ما يعتبر نوعا من المزاح الثقيل، الذى يبلغ حد
السماجة، فما الذى يضحك حين تتابع إغماءة منة فضالى المذعورة، أو غضب مها
أحمد، أو شفقة نشوى مصطفى على «إدوارد» المتظاهر بالاختناق. «فى الهوا
سوا»، يعد امتدادا وحشيا لبرنامج «الكاميرا الخفية»، الذى قدمه إبراهيم
نصر، بطرافة، لعدة سنوات، معتمدا على إثارة أعصاب من يلتقى بهم، بسبب
تصرفاته الخارجية عن المألوف، وتنتهى كل حلقة، تقريبا، بعلقة، يكاد يتعرض
لها إبراهيم نصر، بعد أن ينتهى صبر من يلتقى بهم. «الكاميرا الخفية» فى بعد
من أبعاده، يثبت أن الشخصية المصرية، قد تتحمل الكثير، ولكن، فى النهاية،
تنزع حقها، وتدخل فى مواجهة، بلا تردد.
«بين السماء والأرض» لا يأتى منفردا، ولكن يأتى ضمن موجة من البرامج
العدوانية إن صح التعبير، ذات نزعة سادية واضحة، قد تشير بوضوح إلى تغير في
المزاح المصرى. فى الأعوام الماضية، جنحت البرامج نحو «غواية التسخين»، حيث
دأبت البرامج على استضافة ضيفين مختلفين فى توجهاتها، ويحاول المذيع إثارة
مناطق التنافر بينهما، فكريا وفنيا، وكلما اشتد الصدام، يغدو البرنامج أكثر
نجاحا!.. فى هذا العام، تحول المذيع من التسخين إلى الاستفزاز، وأصبح طرفا
فى صراع لا جدوى منه. المذيعة الطموح، الذكية، ريهام سعد، تقدم «من غير زعل»
مع المطرب الشعبى، سعد الصغير. يستضيفان نجما أو نجمة. أحد المذيعين يتظاهر
أنه ضيف يدخل فى منازعات مع الضيف الآخر، أو زميله المذيع، تحتدم خلافات
تصل لحد التجريح، مما يدفع الضيف إلى ترك البرنامج ومغادرة الاستوديو.
وأحيانا، تتدهور الأمور إلى درجة بكاء الضيف، كما حدث مع آيتن عامر.. إنه
برنامج شرس.
«بين السماء والأرض» و«من غير زعل»، وغيرها، تبدو بالغة الدقة، إذا
قورنت بأشد البرامج فظاعة، وإيغالا فى الشر: «رامز عنخ آمون» الذى نهض على
فكرة سقيمة، تتضمن النزول إلى مقبرة فرعونية، تم اكتشافها حديثا، وحين يسير
الضيف فى ممراتها، تحت الأرض، تغلق الأبواب وتنطفئ الأنوار، والأدهى، تلك
الطيور الغامضة التى تمرق أمام الضيف، بالإضافة لثعبان يزحف، ويطلق فحيحه.
طبعا، النجمات والنجوم يصرخون فى فزع، بينما المذيع، صاحب البرنامج،
يتراقص مبتهجا بما يحدث وينتهى البرنامج بسيل من الشتائم الحوشية، يطلقها
الضحية، مما يزيد من نشوة المذيع، فما المفيد فى تلك البرامج التى لا تعبر
إلا عن ذوق غليظ، وميل إلى إيقاع الأذى، بالضيوف والجمهور على السواء.
نظرية الجوافة
كمال رمزي
الإثنين 29 يوليو 2013
تعثرت السينما ونهضت المسلسلات.. هذا ما حدث فى عالم الأطياف، الأفلام
المنتجة خلال العام الماضي، قليلة عددًا، متواضعة فنًا، كأن الذين حققوها،
أدركوا، على نحو ما، أن المناخ العام لا يسمح بالذهاب إلى دور العرض، إلا
فى أضيق الحدود، وبالتالى فإن الأفلام إما ستظل حبيسة علبها الصفيح، أو لن
تحقق ما يعوض تكاليفها.. لكن الإبداع المصرى، بقوته وحيويته، لم يستسلم
للظروف، ذلك أنه انطلق فى مجال المسلسلات، وربما، بسبب الأجواء القاتمة،
السلطوية، المعادية للفن، جاءت استجابة التحدى، من الفنانين، على قدر كبير
من الشجاعة، فضلا عن إتقان لافت للانتباه.. طبعا، بعض الأعمال جاءت ركيكة،
ضعيفة، لا تستحق الإشارة.. فى المقابل، على النقيض، ثمة مسلسلات تنظر جرأة
فى عين الواقع، تتسم بالوعى وتتمتع بلغة فنية على قدر كبير من النضارة،
تستلزم وقفات وتحليلات خاصة، مثل «الداعية»، «بدون ذكر أسماء»، «ذات»، وهذا
على سبيل المثال لا الحصر.
الممثل، فى السينما المصرية، من العناصر المتميزة، كذلك الحال بالنسبة
للشاشة الصغيرة، ويزداد الألق حين يكون السيناريو متماسكا والإخراج متفهما،
متمكنا، وهذا ما توفر فى «نظرية الجوافة» الذى كتبه وأخرجه مدحت السباعى،
وأسند البطولة لإلهام شاهين وفتحى عبدالوهاب، بالإضافة لعدد كبير من
فنانينا.. المسلسل كوميدى، يجمع بين كوميديا السلوك، والمواقف، ويدور فى
إطار مستشفى للأمراض النفسية. الدكتورة هالة ــ إلهام شاهين ــ الطبيبة
العصبية، الطموح علميا، كاد قطار الزواج يفوتها، لا تتوقف عن المنازعات مع
زميلها مدير المستشفى الدكتور نجاتى ــ فتحى عبدالوهاب ــ كلاهما يظهر
برونق جديد. إلهام، تتخلى عن ماكياجها وأناقتها. شعرها ليس ناعما كما
العادة، ملابسها بسيطة، متوترة، لا تكتم انفعالاتها.. فتحى عبدالوهاب، يضع
عوينات سميكة على عينيه، يربط شعره «ديل حصان»، يكظم غيظه بقدر طاقته، وإن
كانت هالة، غالبا، تنجح فى إطلاق طاقات غضبه من معاقلها.
الإنهاك النفسى، هو العامل المشترك بين هالة ونجاتى، يكاد يمتد لمعظم
أبطال المسلسل، بسبب الأوضاع العامة التى تؤدى إلى درجات متفاوتة من
الاكتئاب، وهى فكرة تعتمد على رصد أجواء القتامة التى أشاعها النظام فى
الشهور الأخيرة.. مدحت السباعى ينسج مواقفه بطرافة تبرز المفارقات، ثم يأتى
إبداع الممثل. د. هالة، تستمتع، بمزيج من الدهشة والحنق، لجارتها الراقصة
التى تحدثها عن آلاف الجنيهات التى تربحها من مهنتها، وها هى، إلهام شاهين،
تفرج عن نفسها، ببكاء متواصل، وهى تشاهد، تليفزيونيا مقتل هنادى فى «دعاء
الكروان».. فتحى عبدالوهاب، المتفهم لدوره تماما، ينجح، بلمسات خاصة، فى
التعبير عن أعماق لا يفصح عنها علنا. إنه، مظهر، شديد التماسك، واثق من
نفسه، ومع هذا، تلمح ابتسامة غبطة طفولية، حين يستمع لكلمات إطراء من خالة
هالة، رجاء الجداوى.. وخلف الخلافات الدائمة، المتصاعدة، بين هالة ونجاتى،
يوحى كلاهما، بنظرة عين، أن نسيم الحب يتسلل لقلبيهما.. فلتابعه.
الشروق المصرية في
29/07/2013
عتاب على سينما مجروحة
خالد محمود
الثلاثاء 27 أغسطس 2013
قلبى مع السينما المصرية التى تعانى الان، وتنزف منذ عام واكثر إثر
تأثرها بالاحداث التى يمر بها الوطن.. قلبى معها دائما رغم عتابى على فكر
ونهج كثير من صناعها نجوما ومنتجين وموزعين..مجروحين وجارحين استسلموا
لمفردات سوق شيدوها بأنفسهم، وباتوا محاصرين بمرجعيتها المتخلفة عن ركب
الموجات والتيارات السينمائية المعاصرة من حولنا فى كل انحاء العالم..
فقدوا الجرأة على مواجهة ارثهم القديم..اصبحوا ضعاف امام اغراء ربح المال
وصل لدرجة الذل والخنوع.
نعم، اعترف بوجود تيار سينمائى شاب يضم فئة من المخرجين والمؤلفين
والممثلين يحاولون تقديم سينما مصرية جديدة تفرض نفسها ووجودها فى المحافل
والمهرجانات الخارجية، لكنهم فئة قليلة لا حول لهم ولا قوة امام عدم دعم
انتاجى بلا ضغوط تمويل او سوق وبالتالى قلة الحيلة لصنع افلام كبيرة تغزى
جمهورها المتعطش لسينما مصرية تساير كل الموجات الحديثة بمختلف توجهاتها
وانواعها من واقعية وفانتازيا وخيال علمى وثرى دى.
نعم هناك مخرجون يحاولون مثل سعد هنداوى وابراهيم بطوط واحمد ماهر
وكاملة ابوذكرى واحمد عبدالله، لكن هناك اخرين من جيلهم من يضطرون لحبس
افكارهم واحلامهم داخلهم بعدما يأسوا من العثور على تمويل مناسب، واحيانا
نجد منهم من يسمح بالتلاعب بأفكاره اذا حصل على تمويل بسيط مشروط وموجه من
الخارج، ويكون كل همه ان يخرج عمله للنور ايأ كان مضمونه.
ان أحداث التغيير الذى يمر به الوطن وتداعياته بدون شك ساهمت فى ألا
يطفو على السطح سوى تلك النوعية المطروحة امامنا فى السوق ذات البهارات
والتوليفة والمواصفات الخاصة المضمونة فى شباك التذاكر باعتقاد صناعها،
ونحن نعلم ان موزعى الافلام الجيدة الشكل والمضمون يخشون طرح اعمالهم فى
مثل هذه الظروف حتى لا تتعرض لانتكاسة يروج لها ويؤكد عليها اصحاب الافلام
التجارية وارباب السوق والذين يترنحون من عدم الاقبال على دور العرض بعد
قرار حظر التجول. وللحق اقول ان معظم نوعية الافلام التجارية المفروضة على
السوق باتت فئات كثيرة من المجتمع بين شباب وعائلات تنبذها لهيافة مضمونها
واستسهال صنعها وتكرار من يتصدرون افيشاتها.
شاهدت الافلام التى طرحت فى موسم عيد الفطر وخرجت حزينا وعاتبا على ما
وصل اليه حال افلامنا، كان حزنى بحق على العطب الذى اصاب منتجنا السينمائى
اكثر من ألمى على سينما مجروحة بغلق دور عرض وخلو غيرها من مشاهدين.
خطاب لفنانى العالم
خالد محمود
الأحد 25 أغسطس 2013
خطاب فنانى ومبدعى مصر للفت نظر نجوم وفنانى العالم إلى حقيقة ما يحدث
فى مصر ومطالبتهم بدعم الموقف الثورى لشبابها ومثقفيها من أبناء الوطن تأخر
كثيرا، ولكنه بدون شك تحركا بات مهما.
حسنا فعلت نقابتا السينمائيين والممثلين بتوجيه دعوات ونداءات وخطابات
للهيئات والموسسات والنقابات الفنية والفنانين فى الغرب لمؤزارة الشعب
المصرى فى معركته ضد إرهاب البشر ، وضد المواقف والسياسات والأنظمة الدولية
التى تدعم هذا الارهاب لمصالح خبيثة تريد أن تتحكم فى تقرير مصير الشعوب.
نقيب السينمائيين مسعد فودة تبنى دعوة لمقاطعة الاعمال السينمائية
الامريكية، وانا اتفق مع حسن النوايا فى تلك الدعوة من باب الضغط على
الساسة الأمريكان لعدم تدخلهم اللاأخلاقى واللاإنسانى فى الشأن الداخلى
المصرى حتى يعودوا لرشدهم بأن هناك شعبا ينتفض لحياته، ولا يجوز التلاعب
بتلك الحياة، وإن كنا لسنا ضد الفن والابداع بشكل عام خاصة أنه كثيرا ما
كانت صورته بمثابة شاهد اثبات وإدانة لعمليات اجرامية كبرى تورطت فيها
جماعات وحكومات وأنظمة وكاشفة لمؤامراتها.
نقيب الممثلين اشرف عبدالغفور وجه رسالة الى نجوم العالم قال فيها:
«من فنانى مصر الى فنانى ومثقفى العالم الشرفاء نشكر الله الذى وهبنا
القدرة على الابداع وتجسيد أحلام الانسان فى حياة افضل، ندعوكم لتأييد ثورة
الشعب المصرى فى 30 يونيو والمكملة لثورة 25 يناير، حيث خرج الملايين
يطالبون باسقاط نظام فاشى فشل فى إدارة البلاد على مدى عام وينتمى الى
جماعة دولية محظورة ارادت أن تستأثر بكل شىء تحت ستار الدين، وللاسف فوجئنا
باننا نواجه صراعا مع قوى التطرف فى بعض الدول الغربية ووسائلها الاعلامية
التى لم تعترف بثورة شعب وانحازت لهذه الجماعة المحظورة التى قامت باشعال
الحرائق فى المتاحف والكنائس والمكتبات والحدائق وزيفت الحقائق ونشرت
الاكاذيب
.
واننا كفنانين نعبر عن ارادة شعبنا ،نعلن رفضنا للتدخل من قبل أى دولة
فى شئوننا الداخلية ،ونريد ان نحافظ على هويتنا الثقافية ونستعيد تاريخنا
الحضارى فى التواصل مع العالم».
بيان نقابة الممثلين طالب الفنانين فى انحاء العالم إعلان رفضهم
للتطرف والارهاب ولكل من يدعمه حتى يعيش البشر فى امن وسلام. وهو ما ظهر
ايضا فى المبادرة التى قام بها الفنانان حسين فهمى ومحمود قابيل مع عدد من
فنانى العالم فى امريكا واوروبا وهنا اقترح تشكيل وفد فنى من الممثلين
والمخرجين الذين تعاملوا مع السينما الاوروبية والامريكية ليتواصلوا فيها
إما بجولات خارجية أو مؤتمرات مع صناع الفن فى العالم لكشف اضرار ومخاطر
نظام الرئيس السابق وجماعته على الحركة الفنية والثقافية فى مصر وتكوين رأى
عالمى مخالف لما روجت له هذه الجماعة ضد حقيقة ثورة 30 يونيو.
عندما تصل رسالة فنانى مصر إلى فنانى العالم ربما يتجاهلها البعض، لكن
وارد أيضا ان تتسلل معانيها النبيلة الى مشاعر ووجدان مبدعين اخرين ممن
يؤمنون بأن الشعوب وحدها لها حق تقدير وتقرير مصيرها ،فيعبرون عن تلك
المشاعر اما فى وسائل الإعلام واما فى مشروعات فنية قادمة.. وهذا كل ما
نأمله.
صوتنا المكتوم
خالد محمود
الخميس 22 أغسطس 2013
ربما ألقت الفترة الانتقالية الراهنة بالدكتورة درية شرف الدين وزيرة
الإعلام لتكون بحق فى مواجهة الظرف الصعب بعد أن انكشف الستار عن حقيقة وجه
الإعلام المصرى الحكومى والخاص أيضا، وهو أن صوته لم يصل للعالم، وكأن
شاشاته صماء رغم دوى صوت مقدمى البرامج وصراخهم احيانا.. كأن صورته ضلت
الرؤية إليها.. باختصار كأننا كنا فى ضجيج بلا طحن.. أو كأننا كنا نسمع
أنفسنا نعزف لحن اوجاعنا وهمومنا ونحن العازفون والسميعة.
كى أكون منصفا فإن شاشات الفضائيات المصرية فى المجمل لم تقصر فى
التفاعل مع المشهد الداخلى وتعامل بعضها بمهنية استوجب وقتها فى لحظة فارقة
من عمر الوطن، وغلبت المصلحة العامة للدولة فوق أى أهواء وإستراتيجيات أو
سياسات شخصية عهدناها فى فترات سابقة، لكن عندما أوجعتنا ما تبثه الميديا
التليفزيونية العالمية والاقليمية من افتراءات واكاذيب مغرضة ولف ودوران
حول الحقائق، بنقلها صورة مشوهة ومغلوطة متعمدة ومع سبق الاصرار لترضى
أهواء ساسة الغرب فى انهيار قوة مصر واحباط شعبها، أفقنا على حقيقة مفزعة
هى أننا لا نملك فضائية تصل للعالم لتضع الإعلام المغرض فى مأزق مهنى
وتكشفه أمام نفسه والعالم بأنه كذاب ويغض بصره عن حقيقة الثورة المصرية وحق
الشعب فى تقرير مصيره وانتفاضته على الإرهاب ومخططاته الظلامية لطمس الهوية.
وزيرة الإعلام المسئولة عن العديد من القنوات الحكومية أمامها طريق
صعب وعليها أن تنفض الغبار عن قنوات ماسبيرو محلية الصنع والصورة والفكر،
وأن تجعل ولو قناة واحدة على شاشة ماسبيرو كيانا له مقومات الظهور والتواجد
الدولى على ساحة الاعلام المرئى، لتخاطب الرأى العام العالمى وتجذبه إلى
قضايانا وثقافاتنا واخبارنا ووضعنا على خريطة العالم سياسيا واقتصاديا
وسياحيا، وهذا ليس بالأمر الصعب فمقومات ومفردات الميديا المهنية
والاحترافية أصبحت متاحة للجميع، فقط ينقصنا الفكر والإرادة ومؤهلات بشرية
طموحة، وأنا اعرف أن د. درية شرف الدين تملك إرادة قوية لتحقيق ذلك وان
مواطن الاحلام بداخلها لم تيبس بعد.
أما بالنسبة للقنوات الخاصة، فالمسألة لم تقتصر فقط على وجود ترجمة
انجليزية مصاحبة لما يبث على شاشتها كتجربة قناتى أون تى فى والمحور، ولكن
المهم هو المضمون والرسالة والهدف والايقاع والرؤية فى كيفية طرح قضايانا
وما نريد توصيله بوعى للعالم، وهذا يتطلب تنقيح كثير مما نشاهده ونسمعه،
وإن كان هذا خطوة على الطريق.
اقطعوا طريق التشويه والزيف
خالد محمود
الثلاثاء 20 أغسطس 2013
تبقى السينما سواء كانت تسجيلية أو روائية أحد أبرز عناصر التأريخ
المؤثرة فى وجدان الشعوب بفعل سحرها وجاذبيتها وصورتها، وقد شاهدنا كيف
كشفت كثير من الأفلام حقائق كانت قد زيفت بفعل ميديا مغرضة حول ثورات
وانتفاضات شعوب، وكذلك حول مخططات وأهداف الحروب العالمية الأولى والثانية،
لهذا يأتى توثيق ما يحدث على ارض مصر ولتلك الفترة من عمر الوطن سينمائيا
الآن بالشىء الضرورى والمهم.. فتسجيل ما يحدث بواقعية مخلصة للحياة
وللتاريخ سيكون بمثابة شهادة ومرجع للأعمال السينمائية العالمية، التى
بالقطع لن تفوت الأحداث وستتناولها وفقا لأهواء منتجيها وتوجهات صناعها
وولائهم لأنظمة وحكومات ونحن نعلم بالطبع استراتيجيات كثير من الشركات
الهوليوودية والأوروبية التى يمكن أن تزيف التاريخ والوقائع والأحداث وتلوى
الحقائق فى مجموعة أفلام مبهرة بحكم ولاء معظمها لسيطرة رأس المال اليهودى
وسياساته.
ضرورى أن يتحرك المركز القومى للسينما، وأيضا ماسبيرو لتصوير أحداث
مصر بوعى وحرفيه، فهو تراث أمة وشاهد إثبات لموقعة هى الأهم فى تاريخنا
المعاصر، والأهم هو الحفاظ عليه، وعدم التفريط فيه أو التخاذل فى تهريبه من
الأبواب الخلفية كما حدث ومازال مع أرشيفنا السينمائى والتليفزيونى
والإذاعى، وظللنا نبكى على اللبن المسكوب.
إن تسجيلنا وتوثيقنا لصوره ما يحدث فى مصر، سيكون بما لا يدع مجالا
للشك خير رد على ما يمكن أن تزيفه الأعمال التليفزيونية والسينمائية المزمع
صناعتها مستقبلا، بل وعلينا أيضا أن نأخذ المبادرة، ونجهز من الآن ما نقوم
بتسجيله وتصويره وتوثيقه، ونعلن لشركات الإنتاج السينمائى والميديا
العالمية توفير تلك المواد وإذا كانوا يريدون صنع أعمال عن ثورة ٣٠ يونيو
والحقبة التى تليها، بل وتشكل لجنة متخصصة لجمع كل ما تم تصويره سواء من
هواه أو بعيون احترافية بشكل عملى.
أرجو ألا ننتظر لكى تستعين السينما العالمية الروائية أو التسجيلية
بالمواد التى صورتها وسجلتها الفضائيات العربية والأجنبية المغرضة والتى لا
تريد ألا أن تهدم مصر.
خاصة بعد أن تم كشف مؤامراتهم وفضائحهم، فتلك الفضائيات مأمورة
لمحطاتها المأجورة لنظم سياسية، ومعظم المراسلين الأجانب لا يغطون الأحداث
بمهنية بل وفق أغراض استخباراتية، وقد شاهدت الكثيرين من الوطنيين المصريين
ممن يتحمسون لتوثيق الأحداث الجارية فى بلادنا بأفلام وثائقية لتسجيل
الحقيقة أرجو ألا يفقدون حماسهم.
تحديات سمير فريد
خالد محمود
الثلاثاء 13 أغسطس 2013
بلا شك جاء قبول سمير فريد تحمل مسئولية مهرجان القاهرة السينمائى
الدولى فى هذا التوقيت شجاعة منه، رغم التحديات الكبيرة التى سيواجهها
حتما، لكن أنا وكثيرا من أبناء جيلى الذين بح صوتنا كثيرا للمطالبة بضرورة
الالتفاف إلى أزمات ومشاكل مهرجان القاهرة على مدار سنوات وكادت تنال من
مكانته وسمعته.
أنا وهؤلاء لدينا ثقة كبيرة فى أن فريد بما يملكه من خبرات طويلة ورؤى
ثاقبة وعلاقات وثيقة بصناع السينما والمهرجانات فى العالم يمكنه أن يعبر
بالمهرجان وأن يخرج به إلى النور فى صورة نأمل أن تكون مرضية.
التحديات التى سيواجهها الناقد الكبير نعلمها جميعا، فى مقدمتها عنصر
الوقت الضيق، فهناك نحو ثلاثة أشهر متبقية على موعده، وهو بحاجة إلى إعادة
تنظيم البيت من الداخل ووضع جدول مسابقات مشرف، والبحث عن أفلام مهمة
وتجارب سينمائية جديدة وبكر وليست من مرتجعات مهرجانات سابقة كما كان يحدث،
ولجنة تحكيم من السينمائيين العالميين والعرب المرموقين الذين لا يخشون
الحضور إلى القاهرة، ونحن نعلم جميعا الظرف السياسى والأمنى والاقتصادى
الذى تمر به مصر حاليا والذى ندعو الله أن يمر بسلام، وأيضا أمامه تحدى فض
الاشتباك حول مسألة تحديد علاقة المهرجان بالدولة وإعادة هيكلته بشكل صحيح.
نحن جميعا نتفق على ضرورة إقامة المهرجان السينمائى الأول فى
مصر والشرق الأوسط فى موعده، وبالتالى على وزير الثقافة صابر عرب أن يكون
أكثر وعيا وإدراكا بأن ينفض من حوله غبار من يشتتون أفكاره، ويعبثون بقيمة
الحدث الأهم، وأن يدعم المهرجان دعما حقيقيا بزيادة ميزانيته هذا العام حتى
لو بشكل استثنائى لتوفير جميع الإمكانات وطمس صفحة دورة العام الماضى وما
شهدته من أفعال صغيرة.
أرجو أن يكون هناك تخطيط عام وبرؤية علمية لمستقبل المهرجان العريق
يشارك فيه فنانون ومثقفون ورجال أعمال، لأن مثل هذا الحدث لا يمكن أن يتوقف
مصيره على أشخاص بعينهم، يتبدلون عليه فى آخر لحظة، ولا وفق نظام وأهواء
سياسية أو شخصية وغيرها.
أرى أن الفرصة يمكن أن تكون متاحة مع رئيسه الجديد الذى كان له دور
كبير فى مراحل سابقة من المهرجان الذى أتمنى ألا يصيبه اليأس، وأن يتعامل
مع مهرجان القاهرة بوازع قومى ومسئولية وطنية وهو ما عهدته فيه دائما..
فكثيرا ما تحدثنا سويا عن عيوب وأزمات مهرجان القاهرة السينمائى، وكان يكشف
لنا عن أحلامه له، ونحن فى أروقة مهرجانات سينمائية عربية أخرى وليدة،
ولأنه يعرف تلك العيوب جيدا يمكنه الآن أن يداويها خبرة المراقب ورؤية
الناقد.
الشروق المصرية في
13/08/2013 |