حالة فنية فريدة يصعب علي البعض فهمها بسهولة‏,‏ فبرغم تعاقب الأجيال التي ظهرت بعده والتي حاولت الاستحواذ علي جمهور السينما‏,‏ فإنه يمتلك سحرا خاصا به يجذب عين المشاهد الذي يترقب كل موسم ماذا سيقدم له‏,‏ فمجرد كتابة اسمه علي أفيش فيلم سينمائي يكون نجاحه أمرا مفروغا منه‏,‏ للثقة التي بناها عبر سنوات طويلة مع جمهوره الممتد في جميع أنحاء الوطن العربي‏,‏ والدليل تربعه علي عرش النجومية لأكثر من ربع قرن قدم فيها العديد من الأعمال المتنوعة بين الكوميديا والتراجيديا والنقد السياسي‏,‏ فدائما ما يقوده ذكاؤه إلي موضوعات تشغل بال رجل الشارع وتمس حياة المواطن البسيط الذي يفهم لغته بل ويرددها‏,‏ إنه الزعيم عادل إمام‏,‏ الذي يتميز برأيه الحر فيما يدور حوله من أحداث تمر بها مصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا‏,‏ الأمر الذي أوقعه في العديد من المشاكل مما وضع اسمه علي قائمة الاغتيالات‏,‏ وأخيرا تم إهدار دمه من بعض الجماعات المتشددة في الجزائر‏,‏ لكنه دائما يصمد أمام جميع العواصف لإيمانه برأيه ووطنيته‏,‏ وخلال الأسبوع الماضي أعلن عادل إمام عن دخوله فيلما جديدا بعنوان‏'‏ بوبوس‏'‏ تشاركه البطولة الفنانة يسرا وأشرف عبدالباقي ومي كساب ورجاء الجداوي التأليف لـ يوسف معاطي والإخراج لوائل إحسان والذي يلعب خلاله عادل إمام دور رجل أعمال متعثر يحاول الخروج من الأزمة‏...‏ فتح لنا الزعيم قلبه وأجاب عن الأسئلة الشائكة التي طرحناها عليه في هذا الحوار‏..‏

·         معروف عنك التدقيق في اختيار أعمالك‏..‏ فما الذي جذبك في‏'‏ بوبوس‏'‏ ؟

اختياراتي دائما تكون من الموضوعات التي تمس قلوب الناس فدائما ما أسأل نفسي ماذا سأقدم للمشاهد الذي أولاني ثقته؟ وما الذي يجعله ينزل من بيته ويذهب لصالة العرض ويدفع ثمن التذكرة؟ وما المقابل الذي سيستفيده ؟ وما الموضوعات التي تشغل باله وتجذبه للعمل الفني؟ لذلك اخترت‏'‏ بوبوس‏'‏ لأنه يناقش قضية تشغل بال الرأي العام كله في الفترة الأخيرة‏,‏ وهي قضية رجال الأعمال المتعثرين‏,‏ والذين أخذوا قروضا من البنوك ولا يستطيعون تسديدها وطرح القضية بكل جوانبها السلبية والإيجابية‏,‏ هذا هو الخط الدرامي الأساسي في السيناريو والطريف في القصة أن بطل الفيلم رجل أعمال متعثر يتقابل مع سيدة أعمال متعثرة أيضا‏,‏ فيحدث بينهم نوع من التقارب المبني علي المصلحة‏,‏ وهنا نكشف الجانب الخفي في عالم البيزنس‏,‏ ولا أستطيع البوح بأكثر من ذلك فلنترك الباقي للمشاهد عند نزول الفيلم لدور العرض‏.‏

·         فنان بحجمك له هيبة كبيرة ويختار طاقم عمله بعناية‏..‏ كيف سيكون لقاءك الأول بالمخرج وائل إحسان؟

وائل مخرج ممتاز وله العديد من الأعمال التي حققت نجاحا كبيرا ويمتلك رؤية فنية ثاقبة وهذا ما جعلني أفكر فيه‏,‏ وحتي أزيل هذه الرهبة عقدنا أنا ووائل ويوسف معاطي جلسات عمل طويلة امتدت لشهرين اخترنا فيها مجموعة الفنانين المشاركين الأنسب للأدوار ثم ناقشنا كل كبيرة وصغيرة في الفيلم‏,‏ وكيف ستنفذ وأماكن التصوير حتي يكون كل شيء جاهزا تماما‏,‏ وكنت دائما أقول له فكر بصوت عال حتي أسمع ما تقول لأني أحب أن أسمع وجهات النظر المختلفة‏,‏ من هنا زالت الرهبة ونتعامل كفريق عمل متكامل هدفه الأساسي الوصول إلي النجاح‏,‏ وسبق لي التعامل مع رامي إمام في أولي تجاربه في فيلم أمير الظلام وقتها اختلفنا ودخلنا في مشاجرات فنية عنيفة‏,‏ برغم أنه ابني لكنه كان متمسكا برأيه ومقتنعا به وعند انتهاء الفيلم وقفت أنا ومدير التصوير وقلنا لــرامي أنت كنت علي حق‏.‏ بعد ذلك عملت مع علي إدريس في أكثر من فيلم وهو أيضا مخرج واعد‏,‏ وفي النهاية المخرج مخرج وهو قائد العمل‏.‏

·     الأخبار في الفترة الأخيرة كانت ترجح قيامك ببطولة‏'‏ فرقة ناجي عطا اللـه‏'‏ الذي تدور أحداثه في تل أبيب‏..‏ فهل حدث اعتراض من جهات أخري ؟

فعلا كنت أستعد للقيام ببطولة‏'‏ فرقة ناجي عطا اللـه‏'‏ والذي تدور أحداثه داخل إسرائيل وبرغم جرأة الفكرة لم يحدث عليها أي اعتراض لأن الدنيا تغيرت كثيرا عما كانت عليه في السابق وأنا خلال مشواري لم يحدث معي اعتراضات بدليل أن جميع الموضوعات التي ناقشتها في أفلامي السابقة تميزت بالجرأة والصراحة‏,‏ ففيلم‏'‏ اللعب مع الكبار‏'‏ كشف كثيرا مما يدور في عالم الليل بين المسئولين و‏'‏ طيور الظلام‏'‏ جاء بالعالم الخفي لكبار رجال الدولة و‏'‏ عمارة يعقوبيان‏'‏ أتي بنماذج مختلفة من المجتمع تعيش في مكان واحد وناقش قضية لم تطرح علي الشاشة‏,‏ فأين هي الاعتراضات التي يتحدثون عنها ؟ أما سبب البدء‏'‏ ببوبوس‏'‏ هو أن الفيلم جاهز للتصوير في سبيل أن سيناريو‏'‏ ناجي عطا اللـه‏'‏ لم يكتمل حتي الآن ففضلت تأجيله للصيف المقبل‏.‏

·         فيلمك الأخير‏'‏ حسن ومرقص‏'‏ أثار ضجة كبيرة عند عرضه ؟

حسن ومرقص من أهم الأفلام التي أعتز بها لأنه يعتبر الفيلم الوحيد الذي ناقش أهم قضية تهم المجتمع المصري بصراحة ووضوح وهي العلاقة بين المسلمين والمسيحيين والتشدد علي الجانبين والكراهية المتبادلة بينهم برغم الشكل الإعلامي الذي يظهر غير ذلك‏,‏ وقد اقتربنا من المشكلة وأظهرناها كما هي في محاولة للوصول إلي حل جذري للمشكلة لأننا كلما سكتنا عنها زادت واستفحلت‏,‏ فلماذا نضع رءوسنا في الرمال مثل النعام؟ وقد لاقي الفيلم استحسان الجمهور والنقاد معا وعندما عرض في الخارج تم الاحتفاء به بشكل جعلني لا أستطيع إلقاء كلمة شكر من شدة التأثر وتركت الكلمة لصديقي عمر الشريف‏.‏

·         لك نشاط إنساني ملحوظ كسفير للنوايا الحسنة وبرغم ذلك تهاجم علي طول الخط‏..‏ ما السبب ؟

أولا أعتز بعملي كسفير للنوايا الحسنة والذي جعلني أشاهد الصورة عن قرب بما فيها من صعوبة لا تتخيلها فقد ذهبت لجنوب إفريقيا والصومال والأردن وغيرها من الدول لمساعدة الأطفال الذين لا يجدون قوت يومهم‏,‏ وقد اشتركت في المفاوضات التي تمت للاجئين السودانيين الذين كانوا مقيمين أمام مسجد مصطفي محمود‏,‏ وبرغم ذلك أتعرض للهجوم من قبل البعض لكني تعودت علي مثل هذا الهجوم في كل عمل فأصبحت لدي مناعة لأني مقتنع بما أفعله‏,‏ وأري أنه في صالح بلدي وفي صالح الإنسانية ودعني أسأل هؤلاء الذين يهاجموني ماذا قدموا هم مقابل ما قدمته أنا ؟ ولا تنسي أن للنجاح ضريبة كبيرة فلو لم أكن ناجحا فهل كنت سأتعرض لمثل هذا الهجوم ؟

·         أخيرا تم إهدار دمك من قبل بعض الجماعات المتشددة في الجزائر ؟

هذه فعلا قصة غريبة فبسهولة يأتي شخص يجلس علي كرسي ويضع ساقا فوق ساق ويعلن إهدار دم عادل إمام علي الفيس بوك وكأن الفنان قد ارتكب ذنبا عظيما عندما قال رأيه في قضية معينة‏,‏ وأضاف الزعيم هم أهدروا دمي وأنا أعلنت عليهم الفن لأني فنان لا أحمل بندقية أو مدفعا أنا أحارب الجهل بالفن وأختار موضوعات تفضح هؤلاء الجهلاء الذين يتاجرون بالدين وهم كاذبون ويدعون أنهم علي حق في سبيل أننا كمصريين خدمنا القضية الفلسطينية عندما كانت مجرد سطر في ورقة منذ‏61‏ سنة وحتي الآن وأتحدي أن توجد دولة واحدة تقف وراء القضية الفلسطينية كما تفعل مصر‏,‏ فهذا موضوع لا يقبل المزايدة في الوقت الذي نسمع فيه صوتا مجهولا من بعيد يشكك في موقفنا‏.‏

·         لك رأي خاص في الخلافات الفلسطينية الحالية؟

بالعقل والمنطق هل الخلاف بين فتح وحماس في صالح القضية الفلسطينية أم في صالح أعدائها ؟ أنا أتمني أن تحدث جلسة مصارحة بين فتح وحماس تنتهي بعدها جميع الخلافات الداخلية حتي تتوحد الصفوف ويعملون علي إقامة دولة تشمل كل الفلسطينين وهذا ما أتمناه‏,‏ ومع ذلك أسمع من يبدل ما أقوله ويتاجر به في الإعلام‏.‏

·         دائما ما تتهم بأنك فنان الحكومة ؟

قبل أن أجيب دعني أسأل هل خوفي علي بلدي ومصالحها يعتبر عيبا؟ هل عندما تفعل الحكومة ما هو في مصلحة الشعب لابد أن أهاجمها حتي لا أتهم بمحاباة الحكومة‏,‏ هل كل الأفلام التي قدمتها وانتقدت فيها الحكومة وأظهرت فيها الجوانب الخفية لبعض المسئولين في الدولة كانت بسبب محاباة الحكومة ؟ في الحقيقة لا أعرف ماذا يريد هؤلاء الذين يهاجموني لمجرد الهجوم‏*‏

الأهرام العربي في

21/02/2009