الصداقة قيمة إنسانية عظيمة.. تسمو بها الحياة وترتقي.. وبدونها ترتبك
وتنحدر.. انها علاقة وثيقة بين البشر بالغة الأهمية في استقرار الفرد
والجماعة بل وفي تطور المجتمع.. وقد قال رسول الله "ص": "المرء علي دين
خليله.. فلينظر أحدكم من يخالل".
وعندما يجيء فيلم "أعز أصحاب" للمخرج أحمد سمير فرج ليعلي من قيمة
وشأن الصداقة والصحبة. فانه يذكرنا بالزمن الجميل.. طبعا زمن "أيامنا
الحلوة" وليس زمن "احنا التلامذة"!.. حيث كانت المعاني سامية والجمال
عفوياً. والحب عذرياً.. وكانت هناك حقوق وواجبات وأصول للمحبة بين
الأصدقاء.. ويكاد يكون هناك قانون.. لحدود الصلة وأدب للزيارة وللقاء
والفراق.. ومن ثم تمسك بالصديق في كل أحواله.. في السراء والضراء وفي
الأفراح والأتراح.. كان المجتمع نفسه صديقا.. بل وكانت الحكومة نفسها
صديقة.. لا عدو أو منافس أو "غياظة" أو "كيادة" كما يحدث الآن!!
هي مناسبة اختارها المؤلف الشاب محمد ناير ليدخلنا إلي عالم مجموعة
أصدقاء جمعتهم الزمالة في المدرسة الاعدادية وظلت ترافقهم حتي انهوا
دراستهم الجامعية وظلوا محتفظين بها في زمن عز الاحتفاظ فيه بأي قيمة أو
انسجام في المشاعر والاحاسيس.. المناسبة هي فرح احداهن وهي انجي "لانا
سعيد" أكثرهم ثراء.. حيث تحجز لهم في احد فنادق العين السخنة لتتباهي بما
وصلت اليه!! ونبدأ رويدا رويدا نتكشف أحوال هذه المجموعة في صور اخاذة
تحابا فيها النص مع المنظر كما يقول: "فولكر فولر" عن التوحد بين الموضوع
والصورة لدعم الموقف العام للدراما وتوصيل المحتوي!.
نري علي "أحمد فلوكس" المصور الفوتوغرافي والذي يعمل لحساب انجي في
الاتيليه الخاص بها وصديقه محمد "أحمد السعدني" المتزوج حديثا والذي سأم
سريعا من قيود الزواج خاصة وأن له ابنة والثالث كريم "معتز التوني" الصيدلي
الذي يصادف سوء الحظ في كل حياته.. والعريس "أشرف توفيق" الذي يصادقهم
بالصدفة. ويكتشف من خلالهم مساويء عروسه فيتركها قبل زفافه!!
أما البنات فنجد الزوجة الشابة "مروة عبدالمنعم" التي لا تفهم سبب
الملل والفتور الذي يصيب الحياة الزوجية مبكرا ودينا "سوما" الفقيرة التي
تتحمل قهر صاحبة العمل وتجد نفسها مع المصور الذي يقدر مشاعرها الفياضة..
لذلك تبقي الذكريات أو "الايقونات" التي أحسن صناع الفيلم ابرازها كل حين
من صور وخطابات وغيرها لوقع التأثير الايجابي علي استمرار هذه المسيرة
الشيقة.. وحفظ عهد الصداقة بين الجميع!..
الفيلم كلغة كانت المشاهد فيه موحية بالمعني والهدف.. والجمع بين هذه
العلامات ذات الدلالات المحددة.. وبين لغة التخاطب العصرية التي سادت أجواء
الشباب في هذه الأيام العصيبة لأنه لا يستطيع ان يتجاهلها!! فضلا عن مشهد
طويل "وان شوط" بليغ أحسن المخرج تقديمه حيث التقطهم من الخلف وهم يتعاتبون
ثم من فوق وهم يتشاجرون ثم من أمام من زاوية البحر وهم يتصافون.. وهكذا..
ورغم حداثة معظم الممثلين وهم يخطون إلي الصفوف الأولي.. إلا أن جدية
الدراما رغم طرافته وتفهم طبيعة كل شخصية واختلافها عن الآخر هو ما أعطي
مصداقية للعمل الذي قد لا يكون متكاملا بالقدر المطلوب.. حتي انه حمل بعض
الهفوات في التعبير عن هذا الجيل.. إلا أن القيمة التي يحملها ومن عيون
شابة لمشاكل شابة هو ما أعطي المصداقية وأثري الوجدان.. والأجمل أن تكون
هناك وحدة عضوية لخدمة الغرض!!
salaheldiv_g@hotmail.com
الجمهورية المصرية في
26/02/2009 |