البعض اعتبر الظاهرة من النتائج الطبيعية لثورة وسائل الاتصال الحديثة
وتحول العالم إلى قرية صغيرة والبعض الآخر يعتبرها جزءا من مؤامرة شاملة
على المجتمعات العربية والإسلامية من أجل إفسادها وتدميرها من الداخل إنها
ظاهرة المجاهرة بمناقشة قضايا المثلية الجنسية سواء عند الرجال أو الإناث
ويرصد الكثير من المهتمين عدداً من الأدلة على تزايد هذه الظاهرة في أجهزة
الإعلام خصوصاً البرامج التلفزيونية وفي الأفلام السينمائية ويرى اتباع
نظرية المؤامرة أن الظاهرة هي نتيجة للحملة العالمية لقبول الشذوذ الجنسي
والتي تجسدت في مؤتمرات السكان سواء مؤتمر القاهرة أو مؤتمر بكين فالأول قد
تبنى مصطلح الجندر الذي يلغي تقسيم البشر إلى ذكور وإناث ويحل محله هذا
المصطلح الذي يجمع الإناث والذكور والشواذ أما مؤتمر بكين في 2005 فقد تبنى
في توصياته تقديم خدمات صحية إنجابية للمراهقين من خلال أجهزة الإعلام
وتدريس الجنس في المدارس وإدانة التمييز ضد الجنس الثالث والتي أصبحت بنداً
ثابتاً في تقارير حقوق الإنسان الغربية عن العالم العربي كما يرصد أنصار
هذه النظرية تأثيرات هذه الحملة في عدد من الأبناء التي ترددت عن تنامي
ظاهرة المجاهرة بالاسترجال لدى الفتيات في المملكة العربية السعودية وما
تردد عن تلقي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الكويت طلباً لتأسيس جمعية
خاصة بالمثليين والمتحولين جنسياً وتزايد الشكاوى من أهالي الطالبات من
تعرض بناتهم لتحرشات جنسية من فتيات أخريات. وفيما يخص الظاهرة في السينما
وتزايد الأفلام التي تناقشها فيمكن اعتبار أن الموسمين الأخيرين يمثلان
نقلة كمية ونوعية في ظاهرة مناقشة السينما العربية لقضية المثلية الجنسية
فعبر تاريخ هذه السينما الذي يمتد لأكثر من قرن من الزمان كان الاقتراب من
هذه الظاهرة يعتبر من المحرمات باستثناء حالات نادرة وفي بحث نشره الكاتب
الإيطالي جاري مانكوش عام 1998 في موقع بحثي أمريكي يرصد الكاتب غلبة
الصورة السلبية التي يظهر فيها الشواذ جنسياً والسخرية منهم في معظم
الأفلام النادرة التي تناولتهم ويعتبر أن المخرج الراحل يوسف شاهين هو
الاستثناء الوحيد للقاعدة بين مخرجي السينما المصرية والذي صور بالتلميح لا
بالتصريح وبتعاطف عدد من حالات الانجذاب الجنسي المثلي بين الرجال في أفلام
مثل حدوتة مصرية واسكندرية كمان وكمان و المصير و الناس والنيل ويمكن
أن يضاف إلى ذلك أيضاً تناول المخرج صلاح أبوسيف لحالة من حالات الشذوذ
الجنسي في فيلمه حمام الملاطيلي ولكن من موقف أقرب إلى الإدانة أما في
الموسمين الأخيرين فقد وصل عدد الأفلام التي تتمحور حول ظاهرة المثلية
الجنسية أو تقدمها كأحد الخطوط والشخصيات الأساسية أكثر من ستة أفلام من
بينها ثلاثة أفلام حول علاقات مثلية بين الإناث وهو ما يعد جديداً كل الجدة
على السينما العربية بالاضافة إلى ثلاثة أفلام عن ظاهرة الشذوذ الجنسي
عند الرجال.. هما فيلم عمارة يعقوبيان الذي قدم شخصية الصحفي المثلي الذي
يقيم علاقات شاذة متعددة تنتهي بمقتله.. والفيلم المغربي كل ما تريده
لولا الذي يقدم شابا مصريا شاذا جنسياً هاجر إلى أمريكا من أجل أن يعيش
حياته بحرية وهو الفيلم الذي أثار منع عرضه في افتتاح مهرجان الإسكندرية
السينمائي الأخير أزمة كبيرة.. وفيلم عربي ثالث لم يعرض جماهيرياً وعرض في
مهرجان سان فرانسيسكو ومهرجان آخر مخصص لأفلام المثليين الجنسيين تحت اسم
طول عمري للمخرج ماهر صبري والذي يستوحى قصته من حادثة القبض على مجموعة
من الشواذ فيما عرف بحادثة السفينة كوين بوت في عام 2004م.
وأثار عرض فيلم بدون رقابة مؤخراً من جديد قضية تزايد مناقشة
الأفلام العربية لظاهرة العلاقات المثلية بين الإناث والتي تعتبر محوراً
رئيسياً من محاور الفيلم الذي أخرجه هاني جرجس فوزي والذي يدور حول مجموعة
من الشباب الذين يعيشون حياة لاهية بعيداً عن رقابة الأهل فينحرف كل منهم
في طريق. وكان عرض فيلم حين ميسرة للمخرج خالد يوسف قد أثار ضجة مماثلة
لما تضمنه من مشاهد عن وقوع البطلة في أثناء هروبها في براثن امرأة ثرية
شاذة جنسياً تحاول أن تستغل ظروفها لإقامة علاقة معها.. وهو تقريباً نفس ما
يتناوله فيلم علاقات ساخنة للمخرج الفلسطيني مؤنس الشوربجي من بطولة علا
غانم ودولي شاهين وكان نشر صحيفة معاريف الإسرائيلية لحوار مع المخرج حول
الفيلم قد أثار ضجة كبيرة رغم إنكار المخرج للإدلاء بأي حديث للجريدة.
الراية القطرية في
26/02/2009 |