كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

وفاة مارلون براندو أنقى عمالقة هوليوود

الممثل البريطاني تيرنس ستامب:

كان براندو ماسة نادرة

علاينة عارف

عن رحيل العملاق

مارلون براندو

   
 
 
 
 

توفي يوم الجمعة 2 تموز (يوليو) الممثل الاميركي مارلون براندو عن 80 عاما. ومارلون براندو يعتبر واحدا من اعظم ممثلي السينما الأميركية، التزم موقفا اخلاقيا طوال حياته ضد العنصرية التي كانت متفشية في امريكا خمسينات القربن الماضي ضد السود. انه الممثل الذي وظف اموال هوليود التي كان يربحها في خدمة الهنود الحمر، وقضايا حركات السود في امريكا. لقد تخرج من معهد "ستوديو الممثل" وصار رمز هذه المدرسة التي كانت تنتهج أسلوبا جديدا ونفسيا سميت: الطريقة، في تاريخ التمثيل المسرحي والسينمائي. بل غير العلاقة الكلاسيكية بين الممثل ودوره، الى علاقة توتريةـ تغوص في اعمق اعماق الشخصية المطلوب تأديتها... بحركات أصابعه على وجهه مع نظرات بعيدة وطريقة تلعثمه في الكلام، خلق اسطورة البطل العصري الذي سيتجسد في اعمال شعراء "الببت جينيراشن".

لعب في عدة افلام منها "عربة اسمها الرغبة"، "يحيا زاباتا"، "عصيان في سفينة البونتي"، "الأشبال"، "يوليوس قيصر"، "هبوط أورفيوس"، "الأميركي البشع" و"في الميناء" الذي فاز على دوره تيري مالون جائزة الأوسكار. لقد وجد المسرحي الأميركي المشهور تنيسي وليمز في براندو "النموذج الأسمى ليجسد شخصياته القلقة".

وهل يمكن نسيان دوره المذهل في "آخر تانغو في باريس"، لولا حضوره الإشكالي، لكنا نسينا هذا الفيلم كمجرد فيلم بورنو عادي. ورغم كل هذه الأدوار، كان مارلون براندو يصرح دائما بأنه لم يمثل في فيلم يعبر فعلا عن طموحاته وأفكاره. إذ كان هناك دوما تغيير ما في السيناريو حتى لايصطدم بالموقف الأخلاقي للمجتمع الأمريكي، فمثلا في فيلم "الهائج" المأخوذ من واقعة حقيقية عن مجموعة من ركاب الدراجات تعبث على نحو طائش وفجوري في احدى المدن الامريكية الصغيرة. كان براندو يريد ان يؤكد ان هذه الحادثة ستقع مرة اخرى بل مرات مادام الوضع الاجتماعي الحالي لم يتغير جذريا. وهذا ما لم توافق عليه الرقابة السينمائية ولا الشركة؟ وهذا ما يتوضح منذ اللقطات الأولى حيث نرى براندو يتكلم وهو فوق درجة هوائية قائلا: "لست انا الذي يتكلم"!

لم يتوان عن فضح تاريخ امريكا في اي لقاء يُجرى معه، بل ذات مرة قبل ان يعطي حوارا لمجلة "بلاي بوي" اشترط على رئيس التحرير ان يكون الحوار كله حول الهنود الحمر وحقوقهم وحقيقة تاريهخم الذي لعب الاعلام دورا كبيرا في التعتيم عليه.. وهكذا عندما فاز بجائزة الأوسكار الثانية على دوره في فيلم "العرّاب" ارسل هندية حمراء لتعلم الهيئة المشرفة على جائزة الأوسكار أمام كل الحاضرين بان براندو يرفض هذه الجائزة قارئة رسالته /الادانة ضد هوليود التي ساهمت في تشويه تاريخ الهنود الحمر.

نعم مات براندو، لكن هل تموت فعلا البراءة التي كان يجسدها، الذكورية المشحونة بالأنثوية... حضوره القوي والطاغي حتى لو كان دوره مجرد بضعة دقائق كما في فيلم "القيامة الآن"؟ كلا... كان بطلا مأساويا على الطريقة الاغريقية... عاش المأساة داخل عائلته... وها هو يودع العالم خالي الوفاض.

الممثل البريطاني تيرنس ستامب على حق عندما قال اثر سماعه النبأ: "كان براندو ماسة نادرة... لقد توفر له كل شيء، ومع ذلك لم يكن يأخذ نفسه كثيرا على محمل الجد، ولم يكن يتعامل مع الحياة بكثير من الجدية... لقد كان من امتع الاشخاص الذين عرفتهم، وكنت تشعر بالسعادة عندما تكون معه".

شيء مؤكد أن السينما فقدت وريدا من أوردة شاعريتها؛ ابتسامةً من ثغر كل ما كانت تحمله من أحلام.

موقع "إيلاف" في

02.07.2004

 
 

رحيل "العراب"

وفاة الممثل الاميركي مارلون براندو عن 80 عاما من العبقرية السينمائية والمآسي الشخصية والافلاس المالي 

لوس انجليس - ذكرت وسائل الاعلام الاميركية الجمعة ان الممثل الاميركي مارلون براندو الذي يعد احد اعظم الممثلين في القرن العشرين، توفي عن 80 عاما. وتوفي براندو الفائز بجائزتي اوسكار كافضل ممثل عن دوره في فيلم "اون ذي ووتر فرونت" (على الواجهة المائية) وفيلم "ذي غاد فاذر" (العراب)، في احد مستشفيات لوس انجيليس في وقت متاخر من امس الخميس.

وعاش براندو لسنوات عديدة بعيدا عن الاضواء في منزله في لوس انجليس، ورغم وصوله الى قمة النجاح السينمائي، فان التقارير قالت انه توفي مفلسا وغارقا في الديون. ونقلت شبكات التلفزيون الاميركية عن ديفيد سيلي محامي براندو اعلانه وفاة النجم، الا انه لم يحدد سبب الوفاة.

وعاش براندو حياة حافلة شهدت الكثير من النجاحات غير المسبوقة والمآسي القاسية والتي كان من بينها انتحار ابنته شايان ومحاكمة ابنه كريستيان بتهمة قتل خطيب شايان الذي كان يسيء معاملتها عام 1990.

ولد براندو في نيسان/ابريل من عام 1924 في اوماها بولاية نبراسكا (وسط غرب)، واصبح اسطورة لجيله كشخصية قاسية وعميقة ولكن حساسة في فيلم "على الواجهة المائية" (1954) وعندما لعب شخصية ستانلي كوالسكي في فيلم "ستريت كار نيمد ديزاير" (عربة اسمها الرغبة) (1951) وكمتمرد يركب الدراجة النارية في فيلم "ذي وايلد وان" (الشرس) (1953).

وفاز بجائزي اوسكار عن دوره في "اون ذي ووتر فرونت" (على الواجهة المائية) وعلى دوره كرجل المافيا دون كورليوني في فيلم "ذي غاد فاذر" (العراب) عام 1972. الا انه فقد شكله المميز والجذاب في مرحلة لاحقة من عمره وزاد وزنه كثيرا بسبب شهيته وحبه للطعام. واصبح معروفا بحبه للانعزال على تلال لوس انجليس وعلاقاته الاسطورية مع النساء.

وفي التسعينات قال براندو في احدى المقابلات انه انسحب من حياة الاضواء بسبب الضغط النفسي الذي يتسببه البقاء باستمرار محطا للانظار. وقال "لقد عانيت من الكثير من الماسي في حياتي بسبب شهرتي وثروتي".  ولبراندو 11 ابنا على الاقل وثلاث زوجات سابقات، كما عرف في حياته الكثير من النساء ومن بينهم مدبرة منزله.

ميدل إيست أنلاين في

02.07.2004

 
 

النقاد اعتبروه واحدا من اهم 25 نجماً

رحيل عملاق السينما العالمية مارلون براندو

فقدت السينما العالمية يوم امس احد العمالقة الكبار برحيل النجم السينمائي مارلون براندو الذي وافته المنية عن عمر يناهز الثمانين عاما. وقد اجمع نقاد السينما قاطبة على اعتبار مارلون براندو واحدا من اهم نجوم السينما العالمية في القرن العشرين الى جانب جون واين ولورنس اوليفيه وكلارك غيبل وشارلي شابلن واعتبرو فيلمه «العراب» احد اهم الافلام في القرن العشرين الى جانب افلام مثل «المواطن كين»، و«لورنس العرب» و«سايكو» طريق المجد.

تميز الراحل مارلون براندو بادائه العفوي وقدم عبر مسيرته الفنية عشرات الافلام المهمة مثل «على الواجهة المائىة»، «العراب» «ابوكاليبس ناو»، وهو من نجوم هوليوود الحائزين على الاوسكار.

ومن اشهر افلامه «عربة اسمها الرغبة» وكانت الانباء قد ذكرت قبل اسابيع عن نية الفنان مارلون براندو العودة الى السينما بعد سنوات من الاعتزال اذ اقنعه المخرج التونسي رضا الباهي للعب بطولة فيلم «براندو وبراندو» الذي تدور احداثه عن طفل تونسي يسافر الى الولايات المتحدة الاميركية بحثا عن الممثل الشهير براندو وكان مقررا له التصوير خلال هذا الصيف حيث رشح براندو ليلعب شخصيته الحقيقية في الفيلم وكانت اخر الاعمال التي شارك في بطولتها هذا النجم فيلم «جزيرة دكتور مورو» الذي ظهر فيه على الشاشة برفقة مجموعة من الوحوش شبه الادمية.

عن طفولته قال في احدى اللقاءات ولدت في اوماها بولاية نبراسكا، حيث كان ابي يعمل مندوب مبيعات لمنتجات الحجر الجيري وكنت ثالث اطفال الاسرة والولد الوحيد فيها، وسرعان ما انتقلنا للعيش في ليبرفيل بولاية الينوي، وهناك استقرت الاسرة في بيت متنقل في منطقة ريفية.

ويتابع حديثه عن طفولته وشقاوته قائلا: كنت طفلا انبساطيا مولعا بالمنافسة، وكان كل من يقترب مني يجبر على الدخول في منافسة معي، كنت متمردا اهرب من البيت كل يوم احد.

وعن ذكرياته في المدرسة يقول: ذات يوم في المدرسة اخذت زجاجة مليئة بدواء للشعر وكتبت كلمات قبيحة على حائط الفصل، ثم قبرت منها عود ثقاب فاشتعل، واحترقت مخلفة اثرا واضحا على الحائط وكان عقابي ان اعيد طلاء الفصل من جديد وبعثني والدي الى المدرسة العسكرية كي اتعلم الانضباط.

وحتى في حياته السينمائية كان مثار جدل دائما، اذ كان كثيرا ما يحتج ويرفض حتى انه رفض استلام جائزة الاوسكار التي منحت له ولكنه ظل على الدوام نجما سينمائيا رائعا عرف بآدائه المتقن لأصعب الادوار.

يذكر ان الفنان مارلون براندو فاز بجائزة اوسكار التمثيل مرتين الاولى عن دوره في فيلم على الواجهة المائية والثانية عن دوره الشهير في فيلم العراب عام 1972 وهو من مواليد 1924.

القبس الكويتية في

03.07.2004

 
 

مارلون براندو: حلم عربي آخر يتبخر في الهواء!

إبراهيم العريس

لن يعرف أحد ما هي آخر الأفكار والصور التي راودت ذهن مارلون براندو في ساعاته الأخيرة قبل أن يرحل أمس, في لوس انجليس في شكل غير متوقع. ولكن لا شك أن اسم المخرج التونسي رضا الباهي كان من بين الأسماء التي مرت في خياله, ذلك ان براندو كان يريد لدور رئيسي اتفق على ادائه تحت اخراج الباهي أن يكون دوره الأخير. هكذا قال للباهي قبل شهور. ورضا الباهي منذ قابل براندو لم يتوقف عن ابداء انبهاره به.

وطبعاً لم يكن المخرج التونسي الوحيد الذي ترك براندو لديه انطباعاً مدهشاً. ذلك أن مارلون براندو كان على الشاشة هو نفسه في الحياة: ضخماً, جباراً, ودوداً, صائب القول ويعرف كيف يعطي الفن وحديث الفن كل معانيه.

منذ الأربعينات, يوم كانت بداياته كان براندو هكذا. وظل هكذا حتى النهاية, ستة عقود قضاها ذلك الأميركي ذو الأصل الايطالي في القمة, مسرحاً وفناً سابعاً... ولكن أيضاً من ناحية المواقف الفكرية والسياسية. ويقيناً ان أحداً لن ينسى كيف حوّل حفلة أوسكار دعي لتسلم جائزته فيها أوائل السبعينات, إلى حفلة احتجاج ضد ابادة الهنود الحمر, من دون أن يحضر الحفلة شخصياً مرسلاً مكانه هندية حمراء أعلنت موقفه.

هذه الحادثة رواها مارلون براندو لرضا الباهي حين قابله... ولكن في معرض حديثه عن الفلسطينيين, اذ شبه "ابادة اسرائيل لهم بإبادة بيض أميركا للهنود الحمر". خلال ذلك اللقاء لم يتوقف براندو عن الكلام عن الانتفاضة والظلم اللاحق بالفلسطينيين وعن "محاربة الصهاينة له في هوليوود". كان كمن يريد أن يقول وصية أخيرة لا بد من ايصال فحواها.

في الثمانين من عمره رحل مارلون براندو. وهو خلال نصف القرن الأخير كان يعتبر أكبر ممثل عرفته السينما في طول القرن العشرين وعرضه. وأكدت ذلك استفتاءات عدة اجريت في أميركا وبريطانيا وفرنسا, ولم يكن مئات ملايين المعجبين في حاجة الى استفتاءات ليعرفوا هذا. فبراندو, الذي بدأ حياته عاملاً ثم ممثلاً مسرحياً تلميذاً لـ"ستديو الممثل" ولمنهج الروسي ستانسلافسكي, برز كبيرا منذ أول أفلامه وأول أدواره, حتى آخرها, ومن "عربة اسمها الرغبة" الى "العراب" ومن "عند الميناء" حتى "ثورة على السفينة بونتي" مروراً بأدوار رائعة في "مشرب الشاي في ضوء القمر" و"آخر تانغو في باريس" و"جاك ذو العين الواحدة" و"انعكاسات في عين ذهبية" وعشرات من الأدوار الأخرى التي طوبته نجم النجوم, ناهيك بأنه جرب حظه في الاخراج وفي الانتاج فلم يوفق في هذين.

وكذلك لا بد أن نشير الى أن براندو لم يوفق في حياته الخاصة أبداً... فما من امرأة أحبته أو أحبها استمرت معه. وما من ولد من أولاده عاش طويلاً. ذريته قضت في حوادث, أو انتحاراً. ومن هنا كان في الربع القرن الأخير من حياته كمن يعيش مأساة دائمة. وهو حين قضى امس, كان يعيش وحيداً معتزلاً في بيت صغير على طريق "مالهولند درايف". لكنه لم يكن دائم الاكتئاب... بل كان متابعاً لما يحدث في العالم, متفائلاً بمشاريع يريد خوضها أو يريد آخرون خوضها معه, على رغم وزنه الذي لم يعد يطاق (160 كلغ في السنوات الأخيرة).

طبعاً هذا كله لنا في "الحياة" عودة اليه. وفي انتظار ذلك نعود ونتساءل: هل سيعرف أحد يوماً شيئاً عن آخر من فكر فيه نجم القرن العشرين بلا منازع, فيما كان يستعد للعب دور (هو دوره الخاص, اذ ان فيلم رضا الباهي كان اشبه بتحية للرجل من خلال حكاية شاب تونسي يشبه براندو في شبابه ويتوجه الى أميركا للقائه) محققاً به, كما قال للباهي, حلماً رادوه منذ زمن بعيد: "حلم ان يقول للفلسطينيين والعرب كم يحبهم وكم انه يقف الى جانبهم".

جريدة الحياة في

04.07.2004

 
 

مارلون براندو

رحيل الأب الروحي

محمد الأنصاري

توفي ليلة الجمعة الماضية أسطورة السينما مارلون براندو، الذي اشتهر بأدواره في أفلام مثل: على رصيف الماء والأب الروحي ''العرّاب'' ويوليوس قيصر، عن عمر ناهز الثمانين في مستشفى بلوس أنجلوس، وكان براندو، الذي عانى من المرض منذ فترة، يعتبر من أشهر الممثلين الذين شهدتهم السينما العالمية في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وقد لعب دور النجم في أكثر من 40 فيلما، وفاز بجائزة الأوسكار كأحسن ممثل مرتين، وكانت المرة الأولى عن فيلم ''على رصيف الماء'' عام 1954 والذي لعب فيه دور ملاكم، أما المرة الثانية التي حصل فيها على جائزة الأوسكار فكانت في عام 1972 عن فيلم ''الأب الروحي'' -العرّاب- الذي أدى فيه أشهر أدواره وهو دور زعيم المافيا الشهير ''دون كورليوني''، وقد اعتبر هذا الفيلم من كلاسيكيات السينما الأميركية، ولم يصرح محامي براندو الذي أعلن خبر الوفاة لوسائل الإعلام -ويدعى ''ديفيد جيه سيلي''- بسبب الوفاة، وقال: ''إن براندو كان يحافظ على خصوصيته لأبعد حد''·

ويبدو أن الغرابة والغموض لم تفارق الراحل براندو سواء في حياته أو فنه أو حتى عند مماته؛ فقبل حوالي سبعة أشهر كتبت إحدى الصحف الأميركية أن أسطورة هوليوود كتب وصيته وسيناريو جنازته وطلب بأن يكون صديقه النجم جاك نيكلسون في مقدمة المشيعين، وأوصى كذلك بأن يلقي كلمة التأبين صديقه المغني الشهير مايكل جاكسون، وأن يحرق جثمانه وينثر الرماد فوق نخيل جزيرته ''تيتياروا'' التي اكتشفها براندو قبل 30 عاماً واشتراها بعد أن صوّر عليها أحد أفلامه، ويبدو من ذلك أن براندو عاش الفن حيّا وميتاً؛ بل أنه كان فناً بصورة رجل، وستفتقده صالات السينما والتلفزيون طويلاً·

ولد مارلون براندو في ولاية نبراسكا الأميركية السبت 3 ابريل سنة 1924م، لأبوين غير ملتزمين أخلاقياً، وهو ما سبب له مشاكل عديدة، لعل أبرزها ظهور نعرة ثائرة لديه تسببت في أن يطرد من عدة مدارس وألا يستكمل دراسته في الأكاديمية الحربية، وسرعان ما يهجر الشاب الثائر مارلون حياة أبويه ويذهب إلى المدينة الصاخبة التي يطلق عليها الأميركيون اسم ''التفاحة الكبيرة- نيويورك'' وهناك؛ درس مارلون براندو فن وعلم التشخيص على يدي ''ستيللا آدلر و''لي ستراسبرج'' في ''ستوديو الممثل'' الشهير·

تعاسة الشهرة

لقد شهدت حياة هذا الفنان العظيم مآسي كثيرة؛ إذ حوكم ابنه ''كريستيان'' عام 1990 بناء على تهمة قتل خطيب أخته '' تشييان'' الذي كان يسيء إليها، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات بعد إدانته بالقتل الخطأ وأمضى من حكمه خمس سنوات، وبعد ذلك انتحرت ابنته ''تشييان'' عام ·1995 وقد كان لدى براندو ما لا يقل عن 11 من الأبناء من ثلاث زوجات سابقات ونساء أخرى عديدات، وقد آثر العزلة في سنيه الأخيرة، وفي مقابلة في التسعينات قال براندو، الذي كان يعاني من مشكلة تتعلق بالوزن الزائد، إنه آثر الانسحاب من الضغط الذي تفرضه متابعة الأضواء له في كل لحظة· وقال '' عانيت التعاسة كثيرا في حياتي بسبب الشهرة والغنى''·

عربة اسمها الرغبة

وفي عودة لبدايته السينمائية؛ فقد أعجب براندو بالمدرسة التي أنشأها الممثل العظيم ''ستانيسلافسكي'' وهي مدرسة المنهج وأجادها وأضاف إليها لدرجة أنه صار رائدها الأول في الولايات المتحدة، وتقوم مدرسة المنهج في تشخيص الشخصية على تثبيت الحركات واللفتات ونبرة الصوت الخاصة بكل موقف تقوم به تلك الشخصية، بدلا من المبالغة في التعمق في الإحساس الداخلي بها عند التمثيل الفعلي· وهي مدرسة مبنية على الشكل بالأساس ومهد براندو الطريق، بتطويره للمنهج وتثبيته في أميركا، لظهور عظماء آخرين يتبعون نفس المدرسة مثل: ''بول نيومان'' و''دستين هوفمان'' و''روبرت دي نيرو''، وكان أول دور سينمائي يمثله براندو ضمن هذه المدرسة هو دور رجل مشلول يشعر بالمرارة في فيلم ''الرجال'' في أول الخمسينيات، ولتشخيص الشخصية، لزم براندو الفراش بلا حراك لمدة شهر كامل في مستشفى حربي حتى يعرف تماما ما هو الشلل، ثم مثل مارلون براندو دور ''ستانلي كووالسكي'' في تناول المخرج الشهير ''إيليا كازان'' السينمائي لرواية ''عربة اسمها الرغبة'' ورشح اليافع براندو لأول أوسكاراته عن دور ''كووالسكي'' الذي لعبت أمامه المخضرمة ''فيفيان لي'' دور البطولة النسائية، وكان براندو قد لعب دور ''كووالسكي'' بنجاح كبير على خشبة مسارح برودواي عام ·1947 .

بطل تايتانيك

وكما ذكرنا؛ فقد كان فيلم ''الرجال'' عام 1950م هو أول أفلام الأسطورة براندو، وتعددت ادواره بعد ذلك لتشمل علامات سينمائية في تاريخه من بينها: ''تمرد على السفينة باونتي'' الذي يعتبر النسخة الأولى لقصة غرق السفينة الشهيرة ''تايتانيك''، وفيلم ''القيامة الآن''، ''سوبرمان''، فيلمه الرائع ''التانجو الأخير في باريس'' ''يوليوس قيصر''، ''يحيا زاباتا''، أورفيوس''، ''الأميركي البشع''، وكان آخر فيلم شارك براندو ببطولته فيلم ''إصابة الهدف'' مع الممثل العالمي روبرت دينيرو والذي تقاضى عن دوره فيه مبلغ ثلاثة ملايين دولار·

الفيلم الأخير

ويتعلق فيلم ''إصابة الهدف'' آخر أفلام الأسطورة براندو، بموضوع سينمائي قديم هو عمليات السرقة الضخمة التي توفر مادة سينمائية دسمة لما تشتمل عليه من إثارة وتشويق ومطاردات، وتدور القصة حول حادث سرقة صولجان ملكي قديم قيمته 30 مليون دولار من مقر الجمارك بمدينة مونتريال الكندية، وقد أدى فيه براندو دور المخطط لعملية السرقة، ويظهر فيه بصورة شخص مسن وغريب الأطوار اسمه ماكس، وقد نجح هذا الفيلم نجاحاً كبيراً؛ ومع ذلك فقد واجه إنتاجه المشكلات التقليدية التي يتعرض لها أي فيلم يظهر فيه الممثل مارلون براندو الذي اصطدم مع المخرج ''فرانك اوز'' في الأيام الأولى لتصوير مشاهد الفيلم، ورفض وجوده معه في نفس الموقع أثناء تصوير تلك المشاهد، مما أرغم المخرج على توجيه اللقطات التي ظهر فيها مارلون براندو من موقع آخر بمساعدة الممثل روبرت دينيرو الذي ناب عنه، ورغم ذلك فقد اعتبر النقاد أن دور الراحل براندو في هذا الفيلم يعتبر الأفضل في سجله السينمائي الحافل، ورغم كل هذه الأدوار فإنه ظل يصرّح حتى لحظاته الأخيرة بأنه لم يمثل في فيلم يعبر فعلا عن طموحاته وأفكاره·

ضد العنصرية

التزم أسطورة هوليوود براندو؛ موقفا أخلاقيا طوال حياته ضد العنصرية التي كانت متفشية في أميركا أثناء خمسينات القرن الماضي ضد السود والهنود الحمر والملونين، فقد وظف أموال هوليوود التي كان يربحها في خدمة الهنود الحمر، وقضايا حركات السود في أميركا، وأمام الهجمة التي كان يتعرض لها هؤلاء البشر المغلوبون على أمرهم، لم يكن أمام النجم مارلون براندو من سبيل ليعلن خلاله سأمه و اشمئزازه وخجله من تاريخ بلاده سوى أن يرفض جائزة أوسكار أفضل ممثل التي حازها العام ،1972 وأرسل بدلاً عنه فتاة هندية أعلنت في الحفل أن مارلون يعتذر عن قبول الجائزة احتجاجاً على الطريقة التي تتعامل بها هوليوود مع الهنود الحمر، لقد كان هذا أوضح موقف رافض لعنصرية الإعلام، ونتيجة لذلك تمت مقاطعة مارلون من قبل الاستوديوهات الأميركية، وبدأت الحرب عليه·

في برنامج لاري كينج

ويبدو أن إنسانية هذا الأسطورة السينمائية وجرأته وشجاعته والتزامه بمبادئ الحرية والعدالة؛ جعلته يتخذ مواقف شديدة حيال العديدة من القضايا التي يحاول الجميع التملص أو التغاضي عنها في دنيا الفن، ففي الخامس من إبريل 1996م أدلى في أثناء حوار له في البرنامج الأميركي الشهير الذي تبثه محطة "CNN" ''لاري كينج لايف'' بتصريح له على الهواء مباشرة، وأعلن على الجمع قائلاً: ''اليهود يحكمون هوليوود، بل إنهم يملكونها فعلاً!''، وانقلبت أميركا كلها على مارلون براندو، واتهموه بالعنصرية ومعاداة السامية و···الخ!، والجدير ذكره أن ''لاري كينج'' معد ومقدم البرنامج هو يهودي

أعظم ممثل

وبعيداً عن آراء البعض المؤلمة، والتي أطلقوها ضده لأسباب ذكرنا مجملها؛ نستعرض أهم كلمات عشاق مارلون براندو وفنه الجميل أثناء ردهم على مراسل BBC التي أجرت استطلاعاً سريعاً بعد تلقي نبأ رحيله بساعات: فقد قال ''مايكل وينر'' الذي أخرج فيلم براندو عام 1972 ''زائرو الليل'': ''لا شك لدي في أنه كان أكثر الوجوه المحببة على الشاشة، وكان جديرا بحب معجبيه، لقد تجاوز الشهرة كممثل، ولقد كان مارلون الأكثر إدهاشا والأكثر تحليا بالمبادئ، وكان عطوفا ومخلصا وقبل كل شيء ذكيا وممتعا وصديقا وفيا لم أجد مثله''·

وقال الناقد السينمائي ''جيسون سولومنز'': ''لقد غير براندو فن التمثيل للأبد، في الأفلام وعلى الشاشة، إذ لم يضاهيه أحد فيما فعله ولم يحاول أحد أن يضاهيه، ولقد كان يجرب أساليب جديدة في التمثيل بجرأة شديدة، وكان يبتدع تلك الأساليب دون أن يوجهه المخرج إلى ذلك''· وأضاف: ''أن براندو كان من الذكاء بحيث ترقى في مشواره الفني بشكل واضح، ولقد كان يعي تماما صورته وكيف يروج لنفسه''، كما علّق ''بيتر باوز'' مراسل BBC في لوس أنجلوس قائلا: ''لقد كان أسطورة سينمائية، وكثيرا ما وصف بأنه أعظم ممثلي عصره''·

الإتحاد الإماراتية في

04.07.2004

 
 

وفاته أحبطت مشروع فيلم عنه لمخرج تونسي

مارلون براندو.. النجم الأسطورة

النجم السينمائي العالمي مارلون براندو الذي رحل عن عالمنا أمس الأول في لوس انجلوس عن عمر يناهز 80 عاماً يعتبره الكثيرون الأعظم بين أبناء جيله ولعله معروف انه حاز جائزة الأوسكار مرتين خلال رحلته الفنية.

وأشاد وزير الثقافة الفرنسي رينو دونيديو دو فابر أمس الأول بالممثل الراحل واصفا إياه بأنه “أسطورة سينمائية” فريدة  من نوعها.

قال الوزير في باريس: “ظل زمنا طويلا واحدا من ممثلين قلة يصنعون تاريخ السينما من خلال حياتهم. كل ما كان عليه فعله أن يظهر أمام الكاميرا فتأخذ الناس والاشياء من حوله بعدا جديدا. كان يبعث حياة جديدة في القصة”.

قال دو فابر إن عالم السينما بأسره ينعى هذا “الممثل القوي” وشخصيته الغامضة. وتصدرت أنباء وفاته وسائل الاعلام الامريكية أمس الأول حيث انهالت برقيات التعازي من زملائه الممثلين.

وقال المخرج فرانسيس فورد كوبولا عنه وهو ينعيه”مارلون لا يحب فكرة أن يقوم الناس بنعيه. كل ما يمكنني قوله هو أنني حزين على وفاته”.

وقال زميله جيمس جارنر “أمريكا فقدت نجما سينمائيا رائدا”.

وقال الناقد ريك ليمان بصحيفة نيويورك تايمز واصفا الاثر الذي تركه براندو على هوليوود “ببساطة يمكن القول إنه في صناعة السينما هناك مرحلة ما قبل براندو ومرحلة ما بعد براندو. انهما مرحلتان مختلفتان تماما”.

وقال عنه روبرت دوفال الذي شاركه في بطولة الاب الروحي “براندو كان مثل الاب الروحي بالنسبة للكثيرين من الممثلين الشباب في أنحاء العالم وخصوصا في هذا البلد. لقد ترك بصمات إيجابية عديدة على الممثلين الشبان”.

وعانى براندو على مدى العشرين عاما الاخيرة من مشكلات تتعلق بوزنه وترجع على ما يبدو إلى ولعه الواضح بالغذاء غيرالمتوازن. وأصيب بمشكلات احتقانية بالقلب العام الماضي وبدأ في إجراء الاستعدادات لوفاته.

وتردد أن براندو عانى من مشكلات مالية مستمرة بالرغم من إقامته في ضيعة على تلال لوس أنجلوس تقدر قيمتها بأكثر من مائة مليون دولار.

تزوج براندو ثلاث مرات ولديه تسعة أولاد. ومرت حياته بمأساة حيث اعتقل نجله كريستيان لقتله صديق شقيقته شيني عام 1990 التي انتحرت هي نفسها في عام 1995.

ويبدو أن براندو شعر أن نهايته اقتربت عندما قرر قبل عام أن يعد بنفسه ترتيبات وفاته بعد أن أبلغ أصدقاءه وأسرته أنه مستعد للموت وأنه أعد سيناريو جنازته.

وأعرب براندو وقتها عن أمله في أن يتقدم النجم جاك نيكلسون المعزين في وفاته وأن يلقي المغني مايكل جاكسون كلمة في تأبينه كما أبدى رغبته في أن يحرق جثمانه وأن ينثر رماده بين أشجار النخيل في واحدة من جزر تاهيتي التي كان يملكها.

وإذا كان سيناريو وفاته يحمل طابعا رومانسيا فإن سيناريو حياته يروي حياة حافلة لاحد أساطير السينما والمسرح في هوليوود. دون فيتو كورليوني .. ستانلي كوالسكي ..تيري مالوي.. الدكتور مورو.. وأسماء لا نهاية لها جسدها الممثل الامريكي الراحل.

ولد براندو في ولاية نبراسكا في الثالث من ابريل/ نيسان عام 1924  وكانت بدايته في السينما في فيلم “ الرجال” في عام 1950 ولكن برز إلى الاضواء عندما أدى شخصية ستانلي كوالسكي في رائعة المؤلف المسرحي تينسي ويليامز “عربة اسمها الرغبة”.

واستطاع براندو أن ينتزع الاوسكار في عام 1954 أي بعد أربعة أعوام فقط من بداية مشواره الفني عندما أدى شخصية الملاكم تيري مالوي “في مواجهة الماء”.

ويصل براندو إلى ذروة التألق في ثلاثية المخرج فرانسيس فورد كوبولا “الاب الروحي” التي حققت نجاحا ساحقا في الولايات المتحدة والعالم ولعب فيها براندو دور الاب الروحي لعصابات المافيا دون فيتو كورليوني في تجسيد قال عنه النقاد إنه “لن يتكرر”.  وحصل براندو على جائزة الاوسكار عن دوره في هذا الفيلم في عام 1972 ولكنه رفضها احتجاجا على معاملة الحكومة الامريكية للهنود الحمر في ذلك الوقت.

ولعل سر عبقرية مارلون براندو يرجع إلى أنه أحد المروجين لفكرة “التمثيل المنهجي” الذي يعتمد على استخدام الممثل لمهارته أكثر من اعتماده على التقنية مما يقربه أكثر من الصدق في الاداء ومن الجمهور خاصة على المسرح.

وهذا سر تألقه فبراندو يستطيع أن يشارك في فيلم استعراضي رغم عدم إلمامه بهذا اللون أو يؤدي شخصية رجل من أصول يابانية ولكن أداءه الصادق يقنعك ويدخل إلى قلبك.

ولكن حياة هذا الممثل لم تخل أيضا من متاعب ففي عام 1996 ثارت الولايات المتحدة ضده عندما ظهر في مقابلة مع المذيع لاري كينج في برنامجه الشهير “لاري كينج لايف” وصرح بأن “اليهود يحكمون أمريكا بل إنهم يملكونها فعلا”. واتهم في أعقاب ذلك بأنه عنصري ومعاد للسامية حتى استسلم في النهاية وأعلن أنه لم يقصد ما قاله.

وبوفاة براندو أحبط مشروع فيلم كان سيقوم ببطولته وكان سيبدأ تصويره في عام 2005 ويحمل عنوان “براندو وبراندو” من إخراج التونسي رضا الباهي.

ويروي الفيلم قصة حياة براندو الشخصية من أحلام رجل تونسي يعشق السينما ومولع ببراندو فيسافر إلى أمريكا ويلتقي به فيدعوه براندو إلى منزله ليبدأ معه رحلته في دروب ذكرياته.

الخليج الإماراتية في

04.07.2004

 
 

رحيل الممثل الاميركي

مارلون براندو

عبقرية ما بين الاشادة والادانة

لوس انجيليس - (د ب أ) - توفي الممثل الأميركي مارلون  براندو الذي يعتبره الكثيرون أعظم ممثل بين أبناء جيله عن عمر يناهز 80 عاما.

وقال ديفيد سيلي محامي براندو الجمعة إن الممثل الحائز على جائزة الاوسكار مرتين خلال مشواره الفني  توفي في لوس أنجيليس مساء الخميس.

وأضاف سيلي أن ممثل السينما الاسطورة الذي ألهم أسلوبه السينمائي العديد من الممثلين الاخرين توفي بقصور في الرئة في تمام الساعة 30.6 مساء  في المركز الطبي «يو سي أل أية» في لوس أنجيليس.

وتجمع أفراد أسرة الممثل في لوس أنجيليس ويجري ترتيب جنازة خاصة له.

وأشاد وزير الثقافة الفرنسي رينو دونيديو دو فابر الجمعة بالممثل الأميركي الراحل مارلو براندو واصفا إياه بأنه «أسطورة سينمائية» فريدة  من نوعها.

قال الوزير في باريس «ظل زمنا طويلا واحدا من ممثلين قلة يصنعون تاريخ السينما من خلال حياتهم. كل ما كان عليه فعله أن يظهر أمام الكاميرا فتأخذ الناس والاشياء من حوله بعدا جديدا. كان يبعث حياة جديدة في القصة».

قال دو فابر إن عالم السينما بأسره ينعى هذا «الممثل القوي» وشخصيته الغامضة. وتصدرت أنباء وفاته وسائل الاعلام الأميركية الجمعة حيث انهالت برقيات التعازي من زملائه الممثلين.

وقال المخرج فرانسيس فورد كوبولا عن الممثل الفريد وهو ينعاه «مارلون لا يحب فكرة أن يقوم الناس بنعيه. كل ما يمكنني قوله هو أنني حزين على وفاته

وقال زميله جيمس جارنر «أميركا فقدت نجما سينمائيا رائدا.

وقال الناقد ريك ليمان بصحيفة نيويورك تايمز واصفا الاثر الذي تركه براندو على هوليوود «ببساطة يمكن القول إنه في صناعة السينما هناك مرحلة ما قبل براندو ومرحلة ما بعد براندو. أنهما مرحلتان مختلفتان تماما».

وقال عنه الممثل روبرت دوفال الذي شاركه في بطولة فيلم الاب الروحي «براندو كان مثل الاب الروحي بالنسبة للكثيرين من الممثلين الشباب في أنحاء العالم وخصوصا في هذا البلد. لقد ترك بصمات إيجابية عديدة على الممثلين الشبان».

وعانى براندو على مدى العشرين عاما الاخيرة من مشكلات تتعلق بوزنه وترجع على ما يبدو إلى ولعه الواضح بالغذاء غير المتوازن. وأصيب بمشكلات احتقانية بالقلب العام الماضي وبدأ في إجراء الاستعدادات لوفاته.

وتردد أن أن براندو عانى من مشكلات مالية مستمرة بالرغم من إقامته في ضيعة على تلال لوس أنجيليس تقدر قيمتها بأكثر من مئة مليون دولار.

وتزوج براندو ثلاث مرات ولديه تسعة أطفال. ومرت حياة براندو بمأساة حيث اعتقل نجله كريستيان لقتله صديق شقيقته شيني عام 1990 التي انتحرت هي نفسها في عام 1995.

ويبدو أن براندو شعر أن نهايته اقتربت عندما قرر قبل عام أن يعد بنفسه ترتيبات وفاته بعد أن أبلغ أصدقاءه وأسرته أنه مستعد للموت وأنه أعد سيناريو جنازته.

وأعرب براندو وقتها عن أمله في أن يتقدم النجم جاك نيكلسون المعزين في وفاته وأن يلقي المغني مايكل جاكسون كلمة في تأبينه كما أبدى رغبته في أن يحرق جثمانه وأن ينثر رماده بين أشجار النخيل في واحدة من جزر تاهيتي التي كان يملكها.

وإذا كان سيناريو وفاته يحمل طابعا رومانسيا فإن سيناريو حياته يروي حياة حافلة لاحد أساطير السينما والمسرح في هوليوود.

دون فيتو كورليوني .. ستانلي كوالسكي ..تيري مالوي.. الدكتور مورو.. وأسماء لا نهاية لها جسدها الممثل الأميركي مارلون براندو الذي رحل عن عالمنا الجمعة عن عمر يناهز 80 عاما.

ولد براندو في ولاية نبراسكا في الثالث من نيسان عام 1924 وكانت بدايته في السينما في فيلم «الرجال» في عام 1950 ولكن برز إلى الاضواء عندما أدى شخصية ستانلي كوالسكي في رائعة المؤلف المسرحي تينسي ويليامز «عربة اسمها الرغبة».

واستطاع براندو أن ينتزع الاوسكار في عام 1954 أي بعد أربعة أعوام فقط من بداية مشواره الفني عندما أدى شخصية الملاكم تيري مالوي «في مواجهة الماء».

ويصل براندو إلى ذروة التألق في ثلاثية المخرج فرانسيس فورد كوبولا «الاب الروحي» التي حققت نجاحا ساحقا في الولايات المتحدة والعالم ولعب فيها براندو دور الاب الروحي لعصابات المافيا دون فيتو كورليوني في تجسيد قال عنه النقاد إنه «لن يتكرر».  وحصل براندو على جائزة الاوسكار عن دوره في هذا الفيلم في عام 1972 ولكنه رفضها احتجاجا على معاملة الحكومة الأميركية للهنود الحمر في ذلك الوقت.

ولعل سر عبقرية مارلون براندو يرجع إلى أنه أحد المروجين لفكرة «التمثيل المنهجي» الذي يعتمد على استخدام الممثل لمهارته أكثر من اعتماده على التقنية مما يقربه أكثر من الصدق في الاداء ومن الجمهور خاصة على المسرح.

وهذا سر تألقه فبراندو يستطيع أن يشارك في فيلم استعراضي رغم عدم إلمامه بهذا اللون أو يؤدي شخصية رجل من أصول يابانية ولكن اداءه الصادق يقنعك ويدخل إلى قلبك.

ولكن حياة هذا الممثل لم تخل أيضا من متاعب ففي عام 1996 ثارت الولايات المتحدة ضده عندما ظهر في مقابلة مع المذيع لاري كينج في برنامجه الشهير «لاري كينج لايف» وصرح بأن «اليهود يحكمون أميركا بل إنهم يملكونها فعلا». واتهم في أعقاب ذلك بأنه عنصري ومعاد للسامية حتى استسلم في النهاية وأعلن أنه لم يقصد ما قاله.

وبوفاة براندو أحبط مشروع فيلم كان سيقوم ببطولته وكان سيبدأ تصويره في عام 2005 ويحمل عنوان «براندو وبراندو» من إخراج التونسي رضا الباهي.

ويروي الفيلم قصة حياة براندو الشخصية من أحلام رجل تونسي يعشق السينما ومولع ببراندو فيسافر إلى أميركا ويلتقي به فيدعوه براندو إلى منزله ليبدأ معه رحلته في دروب ذكرياته.

الرأي الأردنية في

04.07.2004

 
 

مارلون براندو

الكوكب الفاتن علي مدار الرغبة القاتلة..

يتحول اسطورة في الخفاء والتجلي

خميس الخياطي

كان يستعد لمشروع مع المخرج التونسي رضا الباهي قبل أن يطويه الموت عن 80 عاما

واخيرا رحل... ورحلته هذه المرة عن ثمانين سنة من العمر هي الصحيحة. ذلك ان رحلات الممثل العبقري والنجم الامريكي مارلون براندو عديدة ومتبدلة بتبدل احواله المعنوية والعاطفية والمادية منذ ظهوره علي شاشة السينما في العام 1950 بفيلم للمخرج والمنتج فرد زينمان هكذا يكون الرجال وبالاخص في السنة الموالية بفيلم تحت ادارة مخرج ارتبط اسمه به وهو ايليا كازان في فيلم عربة اسمها الرغبة لتينسي ويليامز وبمشاركة فيفيان لاي حتي اخر ظهور له في فيلم هو نسخة من فيلم سابق له بعنوان القيامة الآن من اخراج فرانسيس كوبولا للمرة الثانية وكاد ان يظهر في الفيلم القادم للتونسي رضا الباهي بعنوان براندو براندو بعد ان تم الاتفاق علي ذلك. رحلات عديدة جسدية ونفسانية وسينمائية، وعائلية، بعضها لم يكتمل والبعض الاخر راي النهاية الماساوية في حين اكتملت مراحل اخري لتصبح علامات ليس بامريكا وحدها، بل في العالم.

رحل براندو وله من العمر 80 سنة بعد ان تزوج مرات عديدة وترك اطفالا تسع معترف بهم او خمسة عشرة بحسب محاضر الشرطة او خمس وعشرين بحسب الشائعات وعمل في 38 فيلما ليست كلها من عيون السينما ولكن العديد العديد منها يعتبراليوم آية في فن التشخيص. وتعبير تشخيص لا يلائمه، لان ما اتي به هذا الشاب الثائر علي الوضع دوما منذ نعومة اضافره هو عدم التمثيل وقلة التقيد بحوارات السيناريوهات، مما سمح له باحتواء الشخصيات وسحبها اليه وتلوينها بطابعه الخاص الذي لم تشاهد السينما الامريكية له مثيلا من قبل. وبعده اتت موجة التمثيل بالفطرة التي نجدها لدي روبرت دي نيرو ، آل باتشينو ، روبرت دوفال ، هرفي كيتل وغيرهم من الامريكيين و دوبارديو من الفرنسيين واحمد زكي في مصر الي غيرهم من صنف العمالقة.

الرحلة الاولي: عنوان التمزق

عائلة مارلون براندو متوسطة الحال ومن اصول انكليزية وايرلندية وفرنسية تعيش في مدينة اوماها بين حرافيش الـميدل واست ، صعايدة اميريكا، علي الحدود بين ولايتي نيبراسكا و آيوها ، اي في قلب الولايات المتحدة الامريكية حيث تبسط مزارع الذرة الشامية الوانها الصفراء وعلي ضفاف نهر الميسوري . ومزارع الذرة الشامية والنهر هما علامتان من علامات السينما الامريكية سواء في افلام رعاة البقر او افلام الحركة، وهما نوعيتان قلما نجدهما في غير اميركا. الاب مارلون برنداو سينيور (وليس براندو كما حلي للطفل ان يسمي) يعمل في صناعة الاسمدة الكيمياوية ولا يلون حياته الا باللهث وراء النساء والانغماس في الكحوليات لحد ان ابنه مارلون وصفه ذات مرة، بعد مضي سنين، بان دمه خليط من التستوستيرون (وهو هرمون تفرزه الخصية) والكظرين (هرمون تفرزه الغدة الكظرية)، من الكحول والغضب . اما الوالدة دوروثي بانبيكر ، فهي ممثلة افتراضية (من التلاميذ الذين كانوا في فصلها الممثل هنري فوندا) علي حد تعبير الفرنسي فراسوا فورستيي ونشطة في جمعية الدفاع عن حقوق المراة المدنية. وجراء علاقاتها الفاشلة مع زوجها وخلانها تغرق هي الاخري في الكحول والانهيار العصبي وتقضي وقتها في غرفة النوم بين الكحول والسجائر او في دهليز منزلها حيث تصنع الجعة. مما يعني ان الحياة اليومية في مدينة مكونة من المزارعين البسطاء وذوي آفاق اقتصادية ومعنوية محدودة وتحكم كبار المزارعين فيهم، وديونهم الثقيلة لدي البنوك لم تكن وردية للولد الوحيد الذي انزاد للعائلة بعد بنتين (فرانسيس وجوسلين) في الثالث من آذار (ابريل) 1924. جراء هذا المناخ الخاص والعام، ما كان للطفل الا ان يتبع اصحاب السوء والبطالة. فلم يكن المسار الدراسي لمارلون الصغير جيدا او حتي ادني من المتوسط بقليل كما كان يامل الوالد والوالدة... وبالتالي، ازدادت حدة الوالد تجاهه واصبح يعامله بغلاظة ونفور... وما كان للابن امام غطرسة الوالد وانهيار اعصاب الوالدة في الخمرة والارهاق بعد البحث عن والدته في حانات المدينة الا الثورة. بين الابن والام علاقة عاطفية قوية واثر محاولة انتحار، لم تجد من افراد عائلتها الا ابنها مارلون الذي يواسيها ويرفع من معنوياتها. لم يكن براندو يمتلك انذاك الا قوة الملاحظة والمحافظة علي طبيعته من اثم القولبة والنجاة من تفتت القيم تحت ستار المحافظة. امام هذا الامر، قرر الوالد السكير والمحبط ان يعطي لابنه درسا يساعده علي تحمل مشاق الحياة وابعاده عن تاثير امه، فسجله في الاكاديمية العسكرية شاتوك بمدينة فاريبو بولاية مينيسوتا . الا ان الشاب لم يركن لقواعد العسكر فقد ثار بالطبع علي الوضع وخاصة في بلد دخل رحي الحرب العالمية الثانية، فطرد من الاكاديمية لعدم امتثاله لقواعد المعيشة العسكرية وقيل ان السبب هو احراق كنيسة الاكاديمية الا ان معلومات اخري تقول بسبب علاقات مشبوهة... لقد قال مرة للقاضي في مسالة اجرامية في منتصف التسعينيات : اني من سلالة طويلة من السكيرين الايرلنديين. خالي وخال والدتي واخواتي كلهم من السكاري. لقد حضرت مع الوالد والوالدة اجتماعات السكاري المجهولين. لماذا وكيف نجوت؟ هذا ما لا اعرفه .
وها هو في سن ما قبل العشرين ومن جديد يجوب الشوارع ويختلط بانواع اجتماعية متباينة، فيقرر التوجه الي نيويورك في العام 1943.

الرحلة الثانية: اقتناص الفرص

السينما الامريكية في الاربعينيات في اوجها رغم تقلص في الانتاج وكثرة الافلام الدعائية للرفع من معنويات الجيش الامريكي وجراء وصول الدعم الفكري والجمالي الاوروبي من سينمائيين عمالقة من امثال رونوار ، روني كلير ، ماكس اوفولس ، هيتشكوك ، سترنبرغ و فريتز لانغ الذين فر معظمهم من النازية التي اجتاحت اوروبا. من جهة اخري جون فورد ينصهر ضمن سياسة الـ نيوديل للرئيس ايزنهاور و شابلن ينجز فيلم الدكتاتور (ساخرا من هتلر) وظهور العبقري اورسن ولس بفيلمه الاعجوبة المواطن كين اضافة للانطلاقة الجديدة للافلام البوليسية مع جون هيوسن/داشيال هاميت بفيلم الصقر الماطي مع الثنائي بوغارت/باكال او تجديدا في الافلام الغنائية بفيلم زيغفيلد فوليز لـ فنشنتي مينيللي هذا علي مستوي السينما، فما بالك بالثورة التحديثية القائمة في الفنون الاخري مثل الموسيقي والرواية والشعر والفنون التشكيلية والتي بها اخذت امريكا المشعل من اوروبا القارة العجوز لتتحمل مسؤولياتها (كما قيل) في عالم جديد ستسوده الحرب الباردة وصراع حاد بين القطبين.

حينما وصل برادنو الي مدينة نيويورك في العام 1943، غلفته هذه الثورة العارمة علي التقاليد. وما للثائر علي الوضع الا ان يلتقي بالثائرين من امثاله وهم كثر اذ الغليان علي اشده. من هنا اتت فكرة الانخراط بين طلبة الـ آرت ستيودنتس ليغ التي عرفت في ما بعد بستوديو الممثلين (آكتورز ستوديو) الذي اسسته سنة 1935 السيدة فلاناغان علي قاعدة ان علي المسرح ان يتاقلم مع الظروف الجيوسياسية واللغوية لجميع الاجناس الامريكية ويتحول الي خدمة عمومية قبل ان يتسلل اليه لي سترازبيرغ و ايليا كازان ليضعاه علي مدار طريقة الروسي كونستنتان ستانيسلافسكي . تقوم هذه الطريقة في الآداء علي اكبر درجة في التماهي بين الشخصية الاساسية للممثل مع ما تتطلبه الشخصية الروائية من معرفة دوافعها الداخلية وتناقضاتها. ومن هنا، يتمحور العمل علي استخراج حقيقة العصاب النفسي وقلقه وتحرير اللاوعي وبالتالي اطلاق سراح المكبوت من الغضب والثورة والصخب بما يكون اطر الشخصية الروائية ومكوناتها المسكوت عنها. والنتيجة في اغلب الاحيان هي التعبير الطبيعي الذي يضفي علي العرض المشهدي درجة كبيرة من الصدق. وهو ما يتناقض واسس طريقة اخري معروفة بطريقة برخت . ذلك ان لهذا المنبت المشهدي تفرعات عديدة علي مستوي المسرح والسينما والرواية، اذ ترعرع في ظله كتاب من مقاس هنري ميللر ، تينيسي ويليامز وغيرهما. وها براندو يجد فيها اكسير حياته ومعني لوجوده.

ولمتابعة هذه التيارات المتضاربة والباحثة عن الحقيقة الشخصية الفريدة للانسان، كان علي مارلون براندو ان يتحمل لاول مرة في حياته، وقد تعدي سن العشرين، مسؤولية مصيره الشخصي. كونه اغرم حتي النخاع بالمسرح، قام بعديد الاعمال الصغيرة كمناوب في احد الفنادق في النهار ثم كطالب في فن الرقص بورشة كاثرين دونهام والتمثيل في ورشة ستيلا آدلر . وفي نيويورك، يجد براندو اما ثانية وهي ستيلا آدلر ، ابنة الممثل اليهودي يعقوب آدلر. وبالمقابل، تجد ستيلا في براندو الشاب الغامض ذا العضلات الفولاذية والهيئة الذكورية. وتنشا بينهما علاقة طويلة سمحت لبراندو بان يسجل اسمه في الاعمال المسرحية لجيل خارج عن النمط العام المحافظ. وهكذا وطات قدماه الخشبة في اعمال عديدة لـ شكسبير و ستانلي كوفمان و ماكسويل اندرسون . وقيل ان له القدرة علي تمثيل الحب وتجسيد الريح واللعب مع الموت وخاصة اللعب مع الموت حينما اعلن بنفسه ذات مرة من العام 1998 عن وفاته. وفي تلك الفترة من العام 1944 التقي المخرج ستانلي كرامر الذي قدمه لـ فريد زينمان وكان اول دور له في اول فيلم روائي في حياته هو هكذا يكون الرجال امام تيريزا ورايت و ايفريت سلوان في العام 1950. وفي عقد واحد سيصبغ مارلون براندو ببصماته اكثر من خمسة عشر فيلما عديدها من عيون السينما العالمية وقد جعلت منه خرافة فذة وفريدة.

الرحلة الثالثة: النجاح المباغت

لم يكن ذاك الفيلم الاول رغم اسلوبه المقتصد وموضوعه الجريء (العجز الجنسي اثر اصابة حربية واستحالة الزواج) ومناظره العامة بين المعوقين الحقيقيين وموسيقي طيومكين ليرضي تطلعات براندو السينمائية. ولكنها فتحة ما كان له ان يسدها وهو الباحث الدؤوب عن مزيد من الجهد والتجارب. ومن المصادفات السارة ان يلتقي براندو باحد الذين اثروا في المدرسة التي اصبح ينتمي اليها وبدا يشع من خلالها وعمل تحت ادارته في مسرحية عربة اسمها الرغبة . التقي المخرج اليا كازان ، المهاجر الارمني الذي اصبح داعية من دعاة مدرسة ستانيسلافسكي ، وعن نص لـ تينيسي ويليامز كان قد قدمه علي خشبة المسرح، تفرقع براندو في تـادية دور العامل الخشن البولندي الاصل ستانلي كوفالسكي والذي من اجله رشح للاوسكار في العام 1952 عربة اسمها الرغبة من تمثيل فيفيان لاي الذي يعتبر اليوم من مآثر السينما العالمية واعيد اقتباسه بذات النكهة في عديد السينمات العالمية ومنها المصرية. هذه المراة (بلانش دوبوا) التي اتت عند اختها تقربا من رجل راشد وهادئ تود الزواج منه تمارس الجنس مع زوج اختها (كوفالسكي) فتصبح مخبولة لتهيم بين اروقة شقة بمدينة نيواورليان . لقد تمكن براندو تحت ادارة استاذه كازان من ان يتسلل لشخصية العامل ويعطيها خشونة تقطع مع سلاسة تمثيل من سبقوه مثل غاري غرانت و كليرك غيبل وغيرهما لحد ان براندو اعترف مرة قائلا: كوفالسكي ينتزع دائما الحق ولا يخاف ابدا. فهو لا يتساءل ولا يشك، لان اناه انتفخت حتي تجمدت. كان يمتلك ذلك الصنف من العنف الغليظ الذي اكره. انه يخيفني ولا احب مثل هذه الشخصيات . احب براندو ام كره، لقد افلح في جذب كوفالسكي اليه امام العظيمة فيفيان لاي وكان هذا الثنائي استجاب لرغبة دفينة في الشباب في اميركا المحافظة الي حد انه اصبح رمزا له لعقود طويلة. وكان النجاح غير المتوقع اذ قال براندو كما لو كنت نائما. وعند صحوتي وجدتني جالسا علي اكياس من الحلوي . ومنذ تلك الصحوة اصبح براندو نجما من نجوم الـ اوفرنايت (بين ليلة وضحاها) نجوم تحسب لهم الشركات الكبري الف حساب امام نشوء التلفزة ومنافستها للسينما وكذلك انفتاح السوق الاوروبية وعطشها لنوعية جديدة من الخطاب السينمائي التي تعبر عن مذاق الحرية وكسر المحضورات.

الرحلة الرابعة: سماء سابعة

هذه الرحلة قوامها الثنائي براندو/كازان الذي اعطي افلاما هامة منها فيفا زاباتا عن سيناريو لـ جون شتاينبك وتمثيل انطوني كوين و جان بيترز في العام 1952. القصة معروفة تعرض لمسيرة الثوري المكسيكي اميليو زاباتا وكيف تحول من ثوري محرر الي حاكم طاغية الي ان اغتيل في كمين كان قد توقعه. وكاننا بكازان يبرئ ذمته فيما اقترفه في حق زملائه (اتهم بانه وشي بعديد السينمائيين التقدميين مثل جوزيف لوزي و ستانلي دونن امام اللجنة الماكارثية لمحاربة الشيوعية وقد حاول كازان ان يبرئ نفسه في فيلم المصالحة من تمثيل كيرك دوغلاس)، الامر الذي لم يمنعه من ان يستلف اطرا خالصة من السوفييتي ايزنشتاين (فيفا مكسيكو). براندو وكوين (زاباتا واخوه) كونا ملحمة درامية لم تضمحل صورها حتي هذه الساعة. وتستمرالرحلة مع كازان في فيلم عظيم هو الآخر وهو علي الرصيف في العام 1954 ومن تمثيل براندو مع كوكبة من النجوم منهم كارل مالدن و ايفا ماري سان و رود شتاغر . القصة والمناخ معروفان لدينا نحن العرب كونهما هما ذاتهما اللذان بني عليهما يوسف شاهين فيلمه باب الحديد : عامل وصديقته في صراع مع مجموعة من المجرمين استولوا علي نقابة الميناء. حصل براندو علي اول اوسكار في حياته عن دوره في هذا الفيلم الذي اصبح في فترة الخمسينيات (الفيفتيز) مع افلام اخري الناطق الرسمي بمعتقدات الشباب التحررية (تي شيرت ودجينز...). ان مشاهد براندو بقميصه الابيض جعلت المؤرخ السينمائي روجي بوسينو يكتب: يمثل براندو وبقوة طريقة جديدة في التواجد والشعور. تحت جبين ثور محدد بقصة شعر ناعمة تحرس عينين يصعب التثبت من بريقهما. انف ملاكم احتفظ برسمه الكلاسيكي، شفتان شهيتان شحيحتان في الابتسامة. كل العناصر ترسم وجها منغلقا. وكان براندو مستاء من ثقل اثم ما. ولكن تحت مظهر الرجل المتعنت الذي يحركه لفترات غليان عنيف، تظهر لفترات قليلة نعومة خالصة تسمح لغنائية خالصة بالتعبير عن نفسها . وبالتالي ومع صور ومشاهد من افلام اخري كـ المجموعة المتوحشة او يوليوس قيصر اصبح براندو رمزا جنسيا (ساكس ابيل) يكهرب الافلام والمشاهدين (وخاصة المشاهدات) وبات الشاب من اشهر نجوم الفن السابع في العالم. الا ان فيلم علي الرصيف لقي بعض الصد من طرف التقدميين الامريكيين كون كازان جعل من نقابة الميناء سنة 1954 عشا للمجرمين، وهو امر قيل انه غير صحيح. مما جعل هنري ميللر يتهمه بالوشاية والتعامل مع الشرطة. وعنه يكتب الناقد الفرنسي اندري بازان : ما اعرفه عن ايليا كازان يجعل السيناريو في عيني ثقيلا نوعا ما. ويبقي من الفيلم الاداء العظيم لبراندو في مشهدي الحب. الاول عند الخروج من الكنيسة والثاني عند كسر الباب للعودة الي صديقته . من هذه الافلام، لم تعد التفرقة بين براندو وشخوصه ممكنة، وبين شخوصه ومظهرهم طالما ان الشارع الامريكي استجاب لبراندو ورفعه عاليا في خانة النجوم الجدد...

الرحلة الخامسة: التشتت جراء النكران

منذ فيلم علي الرصيف اصبح براندو عملة ثابتة القيمة لدي المخرجين والشركات الامريكية. وتتالت اعماله مع اهم المخرجين المشهورين من بينهم علي سبيل المثال : جوزيف لي مانكيفيكس (يوليوس قيصر والحمام البيض والرجال السيئون)، سيدني لومات (الرجل ذو الجلد الثعبان) شابلين (الكونتيسا الحافية)، ادوارد ديميتريك (حفل الملاعين) ارثر بان (الملاحقة القاتلة)، جون هيوستن (انعكاس في عين ذهبية ) جيلو بوتيكورفو (كيمادا). ومثل صحبة اهم كوكبة من النجوم في العالم منها منتغومري كليفت ، سوفيا لورن ، فرانك سيناترا ، اليزابيث تايلور ، دين مارتن ، انا مانياني ، يول برينار ، جين فوندا و جون غيلغود والقائمة طويلة...

وفي اقل من عقد، تبدل ذوق الجمهور وغزت التلفزة بعلكتها البيوت وبدات شركات السينما تنتج البرامج التلفزية مما جعل نقابة الممثلين تشن اضرابا ضد الاستوديوهات الكبري، وذلك لاول مرة في تاريخها اضافة الي الهدوء النسبي في الحرب الباردة وتحويل الانتاج، خاصة الضخم منه، خارج امريكا مع امكانية رفع ثلث الضرائب عن الارباح الآتية منها. وتمت في تلك الفترة، اي منتصف الستينيات، ضم اربع شركات كبري في شركة واحدة...

وهنا بدات صورة مارلون براندو تتفتت نوعا ما وكان صورة الثائر لم تعد تستهوي الشباب وافلامه لم تعد تجذب الجمهور بما فيه الكفاية. بدا براندو يسام من الصورة التي الصقتها اياه الشركات الكبري وبالتالي بدا ينسحب من الافلام التي يعمل فيها ودخل في دوامة الزيجات المتعددة والطلاق المحتوم ومقالات الصحف السيارة واهمال مواعيده وعدم حفظ حواراته لحد انه اصبح كابوس المنتجين. وما كان له الا ان ينغلق علي نفسه. وبمناسبة تصوير فيلم ثوار البونتي لـ لويس مايلستون ومن تمثيل تريفور هوارد و ريتشارد هاريس وبعد ذلك فيلم كيمادا للايطالي جيلو بونتيكورفو (الذي وقع فيلم حرب الجزائر)، انتقل اهتمام مارلون براندو من الانغلاق علي النفس الي الدفاع عن القضايا المدنية وبالنسبة اليه قضية هنود امريكا، معتبرا بان السينما وامريكا بالذات قامتا ضدهم بحملة انقراض. وهو ما جعله يرسل لتسلم الاوسكار للمرة الثانية عن دوره في فيلم العراب لكوبولا هندية لاستلام الجائزة واعطاء الدرس للحاضرين في حق الهنود الحمر وذلك قبل عقدين من فيلم الرقص مع الذئاب لكيفن كوستنر.

للمرة الاولي ولفترة دامت ثلاث سنوات، انطفأ اسم براندو من ملصقات الافلام ولم يعد المنتجون يطلبونه لصعوبة التعامل معه واسعاره الباهضة رغم ان العديد من المخرجين يرغبون في التعامل معه. الا ان براندو حلق ذقنه بنفسه كما يقول المثل الشعبي وانزوي في جزيرة بولينيزية بعيدا عن الصخب والقضاء ومشاكل عائلاته المتعددة واطفاله الاكثر عددا.

الرحلة السادسة: العودة المباغتة

في خلوته بجزيرته النائية ومثل دودة الحرير، بدا براندو يتغير بعيدا عن الانظار. وفي عودة مدروسة كخبطة القدر، يعود براندو في صورة هي نقيض صورة الفيفتيز ومكاتب الاتصال بالشركات الكبري. لقد تبدل الوجه وتجعد وانتفخ الجسد وترهل وما بقي الا بريق عينيه. من بين اكثر من اربعة آلاف مرشح تقدم براندو لاختبارات اختيار دور العراب (1972) لمخرج جديد هو فورد كوبولا. تقدم امام المنتج بعد ان وضع في فمه القطن وغير ملامح وجهه... اختفي براندو وطفي العراب. ولمعت في عينيه اسارير الفوز. لم يمت ذاك الذي واروه قبل وفاته. وهكذا تسلل براندو في شخص العراب وابهر بحركاته وخاصة بصوته في تجسيد عالم المافيا. بهذا الفيلم تحول الممثل من نجم الي خرافة. اعجوبة وراءها مخرج مهووس بالسينما. ولم يكفه هذا الفيلم الذي استعاد به موقعه وقيمته بين عظماء السينما، وفي ذات السنة، اي 1972 يقدم براندو فيلما من اخراج الايطالي برناردو برتولوتشي بعنوان آخر تانغو في باريس صحبة الفرنسية ماريا شنايدر. وكانت الصاعقة. فيلم متحرر من كل العقد الايديولوجية والجنسية والاخلاقية يبحث عن الانسان الميت في عاصمة النور وان طفي عليها ظلام الفردانية. في هذا الفيلم المصنوع من ماء النار والذي اعتبر خطا فيلما اباحيا، يبين براندو ومن وراءه برتولوتشي ان السينما حقيقة امام وهم التلفزة. ويقال ان عديد مقاطع الحوار هي من منبع براندو وكان الرأي فيه وصية وانعكاسا لقضاياه الشخصية مع نسائه ومع عالم السينما الجامد في نظره. ومع هذا الفيلم واذا اعتبرنا ظهوره في فيلم آخر لفورد كوبولا القيامة الآن وفيلم لارثر بان (ذي ميسوري بريكز) لم يكن وجوده في الافلام الاخري، وهي عشرة افلام لمخرجين مختلفين، الا برغبة عارمة من المخرجين واهمال تام من طرفه لحد انه طالب بمبلغ اربعة ملايين دولار لتسجيل صوته فقط في فيلم سوبرمان لـ ريتشارد دونر . ورغم هذا، لم يبخل براندو بالعمل مع افلام تدافع عن قضايا العالم الافريقي والعالم الثالث مثل فصل ابيض وجاف للمخرجة الفرنسية اوزان بالسي والفيلم الذي قبل بالعمل فيه مع المخرج التونسي رضا الباهي براندو براندو . الا ان الموت لم يمهله.

الرحلة السابعة: عود علي بدء

ان ياتي الموت لينقذ براندو من تلابيب براندو، ففي ذلك محافظة علي عديد الصور التي ورثناها وخزناها عن بطل علي الرصيف او العراب او سايونارا او ثوار البونتي والقائمة طويلة. ذلك ان براندو اصبح صورة مبتذلة لبراندو التمثال اليوناني و الذي بدا ينشرخ جراء ما عاشه في حياته الشخصية والعائلية والعاطفية من مآس قد تهد جبال الهمالايا.

مثل الشخصيات الدرامية اليونانية، عاش براندو وضعية نفسانية طاحنة لم تمنعه لمرة واحدة بان يكون عظيما امام الكاميرا. والرجال العظماء هم في قرارة انفسهم اناس مشروخو الشخصية في ناحية ما من ماضيهم. الم تكن هذه حصيلة فيلم المواطن كين لولس؟ وشرخ براندو يتمثل في صور الوالد السكير والمفلس دوما، رغم ان الابن اشتري له مرة منجم ذهب بدون ذهب . والد ورث عن والده ووجد لديه ميولا مرضية نحو الخمرة وقلة الابتسامة وكثرة الغضب. الام ورثت عن عائلتها هي الاخري حب الكحول واللذة الجسدية حتي قيل انه اكتشفها مرة نائمة بجانب وحيد الساق؟ وكان المصير المشؤوم انصب علي براندو بلعنة الآلهة. وها هو ذاته يعيد ذات اللعبة: الكحول والبحث عن اللذة الجسدية حيثما حل. وعند قراءة البعض مما كتب في هذا الجانب من حياة عبقري السينما وخاصة المقال الذي نشر بمجلة لونوفيل اوبسرفاتور الفرنســية بقلــم الناقد والروائي فرنسوا فورستيي، نتعجب كيف لم ينتـحر براندو قبل مــوته الطبيعي حينما راي ابنــــه كريستيان يقتل خـــليل اخته شـايان، والذي كان ابنا لصديق براندو ايام كرس عمله لجمع التبرعات لـ ارغون الاسرائيلي.

شايان انتحرت بعد ان وضعت رضيعا هو الآخر معبا بالمخدرات... خليلات في ميادين التصوير ينتحرن، علاقات عديدة ومشبوهة اعطت اولادا وبنات منهم من اعترف بهم ومنهم من لم يبن القضاء ابوته لهم... لقد كتبت عنه احدي زوجاته آنا كشفي براندو رجل عصابي، متعدد الميول الجنسية، عشيق فاشل، فرد بدون اشعاع، متعصب ولا يمتلك اية مؤهلات التواصل . اليس هذا الكلام ناتج عن مرارة تخلي عبقري الاحاسيس عمن صنع؟

ورغم ما قيل وكتب عن مارلون براندو وعن مغامراته الشخصية وفراغاته العاطفية، يبقي انه علامة بارزة من علامات القرن السابق وقرننا الحالي مثل الكوكا. انهما ليسا امريكيين بقدر ما هما ملك للعالم. اعطي براندو لمخيلة الملايين من الناس البعض من الحلم الذي به يفرغون عصابهم اليومي ليرتفعوا نحو اعلي المراتب ومنها يطلون علي انفسهم كما كان يفعل الراحل دائما.

رحل براندو وبقيت شخوصه تصاحبنا في نومنا وصحوتنا، ذكري طيبة بين الانسان وذاته. هل وجد براندو حقا؟ 

ناقد سينمائي من تونس

القدس العربي في

05.07.2004

 
 

براندو

ألــــــف وجــــه لألــــف عـــــام

خسرت هوليوود احد اكبر نجومها الممثل مارلون براندو الذي توفي مساء الخميس في لوس انجليس، حيث كان يعيش في عزلة تامة ومثقلا بالديون، عن 80 عاما نتيجة اصابته بمرض رئوي.

وكان براندو يعاني من مرض رئوي وتدهورت حالته الصحية فجأة في الايام الاخيرة لكنه رحل بهدوء محاطا باقاربه حسب ما اعلن جاي كانتر احد اصدقائه لوكالة فرانس برس. واضاف ان اقرب المقربين لبراندو سيحضرون جنازته رافضا اعطاء تفاصيل اضافية.

وبعد حياة مهنية تكللت بالنجاح مثل خلالها في افلام نالت شهرة منها فيلم »ستريت كار نيمد ديزاير« (عربة اسمها الرغبة) و»لاست تانغو ان باريس« (آخر تانغو في باريس) و»ذي غاد فاذر« (العراب) و»ابوكاليبس« (القيامة الان)، توفي براندو في مستشفى »يو سي ال اي« في لوس انجليس مفلسا.

وقالت متحدثة باسم المستشفى روكسان موستر لوكالة فرانس برس انه توفي نتيجة اصابته بجلطة في الرئة حسب اطبائه. وقال كانتر ان براندو نقل الى المستشفى مساء الاربعاء... عاش براندو السنوات الاخيرة من حياته في عزلة شبه تامة وتوفي مفلسا وغارقا في الديون. وكان براندو يعيش في منزل صغير متواضع في مولولاند درايف (كاليفورنيا غرب). واشادت شخصيات من عالم الفن السابع مثل صوفيا لورين وفرانسيس فورد كوبولا بالممثل الراحل ووصفاه بانه احد الممثلين الاكثر غموضا وابداعا. وقال كوبولا »الكل يتدافع للتعليق على وفاته. كل ما اريد ان اقوله هو انني حزين جدا لنبأ وفاته«... وحل رجل مريض بلغ وزنه 160 كيلوغراما مكان الرجل الجذاب الذي تألق في فيلم »ستريت كار نيمد ديزاير« (1951).

وفي العام 1989 قرر ان يعتزل التمثيل رغم تأدية بعض الادوار الثانوية بين الحين والاخر وكان آخر ادواره في العام 2001 في فيلم »ذي سكور«.

وفي مقابلة اجريت معه اكد براندو انه اراد الافلات من الارهاق والتوتر الناجمين عن شهرته الكبيرة قائلا »لقد عانيت كثيرا من الشهرة التي لاحقتني طوال حياتي«.

وذكر روبرت اوزبورن الاخصائي في شؤون عالم هوليوود »لقد كان احد اهم الممثلين على الاطلاق« مضيفا »لكنني اعتقد انه سبب ايضا احدى اكبر الخيبات (...) لانه هدر« موهبته كممثل.

وحيال الانتقادات التي كانت توجه اليه قال براندو ان دور الممثل بالنسبة اليه مجرد »وظيفة«.

ولد براندو في الثالث من ابريل 1924 في عائلة متواضعة من اوماها (نيبراسكا) من والدة ممثلة مدمنة على الكحول ووالد معروف لكونه »زير نساء« يعمل في التجارة.

وانتقل براندو وهو في العشرين من العمر ليعيش في نيويورك حيث التحق بمعهد »اكتورز ستويدو« للفنون.

واكتشف اليا كازان موهبته ولمع نجم براندو في العام 1947 في فيلم »ستريت كار نيمد ديزاير«.

ونال براندو جائزة اوسكار كافضل ممثل عن دوره في فيلم »اون ذي ووتر فرونت« (على الواجهة المائية) لاليا كازان.

وبعد سلسلة من الافلام التي لم تلق نجاحا في الستينات لمع نجمه مجددا في العام 1972 بفضل دور دون كورليوني في فيلم »ذي غاد فاذر« لفرانسيس فورد كوبولا ونال جائزة اوسكار ثانية.

وفي العام 1972 تألق مجددا بفضل دوره في فيلم »لاست تانغو ان باريس« لبرناردو برتولوتشي.

وشهدت حياته العائلية مآسي. ورزق ب١١ ولداً من عدة علاقات وزيجات. وفي العام 1990 قتل كريستيان ابنه البكر خطيب احدى بناته شايان. ومضى كريستيان خمس سنوات في السجن واقدمت شايان على الانتحار في العام 1995.

وإذا كان سيناريو وفاته يحمل طابعا رومانسيا فإن سيناريو حياته يروي حياة حافلة لاحد أساطير السينما والمسرح في هوليوود.

دون فيتو كورليوني.. ستانلي كوالسكي ..تيري مالوي.. الدكتور مورو.. وأسماء لا نهاية لها جسدها الممثل الامريكي مارلون براندو الذي رحل عن عالمنا اليوم الجمعة عن عمر يناهز 80 عاما.

ولد براندو في ولاية نبراسكا في الثالث من أبريل عام 1924 وكانت بدايته في السينما في فيلم »الرجال« في عام 1950 ولكن برز إلى الاضواء عندما أدى شخصية ستانلي كوالسكي في رائعة المؤلف المسرحي تينسي ويليامز »عربة اسمها الرغبة«.

واستطاع براندو أن ينتزع الاوسكار في عام 1954 أي بعد أربعة أعوام فقط من بداية مشواره الفني عندما أدى شخصية الملاكم تيري مالوي »في مواجهة الماء«.

ويصل براندو إلى ذروة التألق في ثلاثية المخرج فرانسيس فورد كوبولا »الاب الروحي« التي حققت نجاحا ساحقا في الولايات المتحدة والعالم ولعب فيها براندو دور الاب الروحي لعصابات المافيا دون فيتو كورليوني في تجسيد قال عنه النقاد إنه »لن يتكرر«. وحصل براندو على جائزة الاوسكار عن دوره في هذا الفيلم في عام 1972 ولكنه رفضها احتجاجا على معاملة الحكومة الامريكية للهنود الحمر في ذلك الوقت.

ولعل سر عبقرية مارلون براندو يرجع إلى أنه أحد المروجين لفكرة »التمثيل المنهجي« الذي يعتمد على استخدام الممثل لمهارته أكثر من اعتماده على التقنية مما يقربه أكثر من الصدق في الاداء ومن الجمهور خاصة على المسرح.

وهذا سر تألقه فبراندو يستطيع أن يشارك في فيلم استعراضي رغم عدم إلمامه بهذا اللون أو يؤدي شخصية رجل من أصول يابانية ولكن أدائه الصادق يقنعك ويدخل إلى قلبك.

ولكن حياة هذا الممثل لم تخل أيضا من متاعب ففي عام 1996 ثارت الولايات المتحدة ضده عندما ظهر في مقابلة مع المذيع لاري كينج في برنامجه الشهير »لاري كينج لايف« وصرح بأن »اليهود يحكمون أمريكا بل إنهم يملكونها فعلا«. واتهم في أعقاب ذلك بأنه عنصري ومعاد للسامية حتى استسلم في النهاية وأعلن أنه لم يقصد ما قاله.

وبوفاة براندو أحبط مشروع فيلم كان سيقوم ببطولته وكان سيبدأ تصويره في عام 2005 ويحمل عنوان »براندو وبراندو« من إخراج التونسي رضا الباهي.

ويروي الفيلم قصة حياة براندو الشخصية من أحلام رجل تونسي يعشق السينما ومولع ببراندو فيسافر إلى أمريكا ويلتقي به فيدعوه براندو إلى منزله ليبدأ معه رحلته في دروب ذكرياته.

####

عرّاب السينما العالمية.. وداعاً

ضرب براندو بأنفه المكسور وطبيعته المتمردة مثلا في الاداء التلقائي كما ترسخ كنموذج امريكي للرجولة على مدى جيل بكامله من خلال ادواره في افلام مثل (عربة اسمها الرغبة) عام ١٥٩١ و (ذي وايلد وان) عام ٣٥٩١ و (عند الضفة) عام ٤٥٩١.

وانطبعت لدى العديد من الناس صورة براندو قائد الدراجة النارية المتمرد وهو الدور الذي لعبه في (ذي وايلد وان).

وحصل براندو على جائزة اوسكار عن دوره في فيلم (عند الضفة) وعلى اوسكار اخرى عن دور الزعيم الروحي للمافيا في فيلم (الاب الروحي) عام ٢٧٩١.

وفيما بعد هاجم براندو هوليوود وصب جام غضبه على مظاهر النجومية على مدى مشواره الفني. ورفض في عام ٣٧٩١ تسلم جائزة الاوسكار الثانية احتجاجا على معاملة الهنود الحمر ولم يلبث ان اكد فيما بعد انه لايعرف شيئا عن مصير الجائزة.

وفي السنوات التالية طغت العزلة الغريبة التي فرضها على نفسه والاضطرابات الاسرية والنزاعات المالية على نبوغ براندو كممثل.

ففي عام ٠٩٩١ حكم على ابنه كريستيان براندو من زوجته الاولى الممثلة انا كاشفي بالسجن عشر سنوات في جريمة قتل صديق اخته غير الشقيقة شيين. وفي عام ٥٩٩١ انتحرت شيين وهي بعد في الخامسة والعشرين من عمرها.

وبراندو الذي تلقى اجرا بلغ ٤١ مليون دولار عن دور ثانوي في فيلم »سوبر مان« عام ٨٧٩١ وكان حينئذ مبلغا هائلا ظل متورطا في نزاعات قانونية بسبب المال حتى الاسابيع الاخيرة من حياته.

وضخ براندو الملايين من ماله في جزيرة تتياروا في ساوث سيز والتي اشتراها عام ٦٦٩١ حيث عاش معظم اوقاته في الثمانينات وحيث تم تصوير مشاهد فيلم (تمرد على السفينة باونتي).

وكان براندو يقول انه يمثل من اجل المال وان »التمثيل مهنة جوفاء وغير مجدية

وظل براندو مصدر الهام لجيل كامل من الممثلين المتمردين من بينهم جيمس دين.

وكتبت عنه الناقدة السينمائية بولين كايل في صحيفة ذا نيويوركر تقول »كان حضوره يشيع جوا من الاثارة والخطورة لكن ربما كانت جاذبيته تنبع بشكل خاص من شعور بسيط بالغرور وهو غرور الغلمان الاشداء«. واضافت »كان براندو بمثابة نسخة معاصرة من الامريكي الحر«.

ولد براندو في اوماها بولاية نبراسكا في الثالث من ابريل عام ٤٢٩١ لاب كان يبيع كربونات الكالسيوم وام كانت تعمل بالتمثيل وتقوم بتدريب فرقة مسرحية محلية. وارسل للدراسة باكاديمية مينيسوتا العسكرية لكنه مالبث ان طرد منها.

وتوجه براندو الى نيويورك حيث كانت ابنتاه تدرسان الفن والدراما. وهناك عكف على دراسة الدراما على يد مدرسة شهيرة هي ستيلا ادلر.

وقالت ادلر ذات مرة »لم يكن مارلون في الواقع في حاجة الى تعلم التمثيل.
فقد كان يعرفه بالفعل. كان منذ البداية ممثلا عالميا.لم يكن هناك شيء انساني غريب عنه«.

في عام ٦٤٩١ صوت النقاد لصالح براندو كأكثر الممثلين الواعدين في برودواي بفضل دوره في مسرحية (المقهى المتنقل) التي ادى فيها دور محارب قديم عائد من الحرب العالمية الثانية.

وكسر براندو انفه اثناء مداعبة خشنة وراء الكواليس واشتهر بتقلباته المزاجية.

في عام ٧٤٩١ اقر الكاتب المسرحي تينيسي وليامز اختيار براندو للعب دور ستانلي كواليسكي الفظ في مسرحية (عربة اسمها الرغبة).

وظل براندو يقاوم هوليوود حتى عام ٠٥٩١ ثم مالبث ان لعب ادوارا لاتنسى في النسخة السينمائية من »عربة اسمها الرغبة« التي اخرجها ايليا كازان عام ١٥٩٩١ وفيلم »فيفا زباتا« عام ٢٥٩١.

وقال عنه المخرج ايليا كازان ذات مرة »داخله مفعم بالعداء العميق والحنين الى القديم وانعدام الثقة الا ان واجهته لطيفة وودودة«.

الأيام البحرينية في

06.07.2004

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)