كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

من شاهين الى شين كونري و«الاسكندر» بحسب اوليفر ستون...

السينما ونصب أبيض وسط مراكش اللون الزهري

مراكش - ابراهيم العريس

المهرجان الدولي الرابع للفيلم بمراكش

   
 
 
 
 

غريباً يبدو للوهلة الأولى ذلك المسطح الأبيض المستطيل الذي يطل على زوار «ساحة الفنا» الشهيرة وسط هذه المدينة التي يطغى عليها لون زهري مائل الى البني يهيمن حتى على ملابس بعض سكانها الأصليين. فالمسطح الأبيض يبدو آتياً من عالم آخر... تماماً مثل ذلك المستطيل الأسود الذي شكل ذات يوم علامة فارقة غامضة في تاريخ الانسانية، بحسب المخرج ستانلي كوبريك في فيلمه «2001 أوديسا الفضاء». غير ان غموض المسطح الأبيض سرعان ما يختفي ما إن يحل الظلام ليكتشف رواد ساحة المشعوذين والأفاعي والقردة، تلك الفريدة من نوعها في العالم، ان الأمر لا يعدو كونه شاشة سينمائية عملاقة نصبت هناك لتشرك أهل المدينة جميعاً وزوارها في مهرجان مراكش السينمائي... تلك التظاهرة التي تحشد الدولة لها كل امكاناتها، وكل جهود سينمائييها ومفكريها لكي تضفي عليها رونقاً يليق بالمدينة. والنتيجة حتى كتابة هذه السطور لافتة. كل شيء يعمل بانتظام. الأفلام في مواعيدها، النجوم الكبار حاضرون. الأساطير حاضرة. والمدينة كلها في عيد سينمائي حقيقي. غير ان سمة العيد ليست غريبة على هذه المدينة. فمراكش عيد دائم. مدينة يفخر بها أهلها، ويفضلها كثر من نجوم العالم ومفكريه على أية مدينة في الكون. وها هو مهرجانها السينمائي يضيف اليها سمات ابداعية جديدة تضفي عليها مزيداً من الطابع الكوني، بعدما نجح المشرفون على المهرجان، تحت رعاية الملك محمد السادس مباشرة وبجهد دائم من الأمير مولاي رشيد، نجحوا في كسب رهانهم بأن يكف المهرجان في دورته الرابعة عن أن يكون واجهة فرنسية في الجنوب المغربي.

صار، بالأحرى، واجهة عالمية وعربية في بلد يعرف أكثر من أي بلد آخر كيف يمزج بين الأصالة والمعاصرة، بين هويته الوطنية والقومية ونزعة تنفتح على العالم شرقاً وغرباً من دون مركبات نقص. وهل من مكان خير من السينما يظهر هذا كله؟

من شين الى بوند

الناقد نور الدين صايل، نائب رئيس المهرجان (الى جانب فيصل العرايشي) ومفوضه العام، كان كل هذا في ذهنه، وهو يقدم في الافتتاح، ثم في حفلة خاصة من بعده، بعض رموز الفن السينمائي من الذين أغنوا مراكش بحضورهم، ولا سيما كلوديا كاردينالي (التي فاجأها المهرجان بدعوة ابنتها للقائها بعد غياب طويل)، ويسرا ونور الشريف ويوسف شاهين... ثم شين كونري، ولورانس فيشبورن وبخاصة أوليفر ستون الذي قال كل سروره بالحضور الى هنا والمشاركة... وأيضاً بعرض فيلمه الأخير «الاسكندر» في عرض عالمي أول. والحقيقة ان «الاسكندر» بدا متجانساً مع المهرجان، كما ان كلمات شين كونري وأوليفر ستون بدت، كما كلمات نجوم سينمانا المصرية الكبار، ملائمة جداً مع مهرجان يريد ان يجمع الحضارة بالتقنية، وعمق اللغة السينمائية بالاستجابة الى النهم الى كشف ستار التاريخ.

«سيد كونري... إذا ما أعلن بيرس بروزنان رغبته بالتوقف عن لعب دور جيمس بوند، هل تقبل انت بالعودة الى الدور؟». هذا السؤال الذي وجهته مقدمة الحفلة المذيعة الحسناء الى كونري بعد أن عبر عن حبه لمراكش وأهلها، بدا نوطة ناشزة وحيدة في الحفلة، غير ان ابتسامة كونري الطيبة ولمعة السخرية في عينيه وهو يقول ان هذا مستحيل، عدلت الأمور، وأرجعت المهرجان الى منطقيته. أما جمهور الحضور الذي كان الليلة الفائتة قد آلم أكفه تصفيقاً لشاهين والشريف ويسرا وكاردينالي، فإنه الآن آثر أن يصفق طويلاً وطويلاً، لأسطورة السينما وهو يعلن حبه لمراكش وللعب الغولف فيها. ثم لستون وهو يقدم عرض «الاسكندر» الذي «صورت قسماً كبيراً منه هنا في المغرب، حيث قدمت الدولة لي عوناً كبيراً» كما أكد. والحال ان المغرب، لا يألو جهداً في تشجيع السينمائيين العالميين على التصوير فيه، بحيث نعرف ان أفلاماً عدة، ومن الأشهر عالمياً خلال العقود الماضية قد صورت هنا. بل ان المرء يكفيه ان يقطع خمسين كيلومتراً في اتجاه الغرب من مراكش لكي يجد نفسه في الصويرة، حيث صور اورسون ويلز قبل أكثر من نصف قرن فيلمه «عطيل» الذي عرضه في «كان» باسم المغرب ما أعطى هذا البلد «سعفة ذهبية» في ذلك المهرجان العريق. ومن هنا، حتى في بلد تقام فيه عشرات المهرجانات والمناسبات السينمائية في كل عام، كان من الطبيعي أن يقام مهرجان عالمي. وهكذا ولد مهرجان مراكش الذي احتاج لانتظار أربع سنوات قبل أن يتخذ سماته العالمية الحقيقية. ثم، بخاصة، قبل أن يمكن العرب أن يشعروا بتفاعل معه. وهذا ما عبر عنه، بفرح يوسف شاهين بين آخرين.

عولمة الإنسان

غير ان هذا كله لا يكتمل بالطبع خارج الأفلام نفسها... وفي هذا المجال أيضاً تبدو الأمور مستجيبة لحلم نور الدين صايل الذي بين عروض مسابقة رسمية، وعروض خارج المسابقة، وبانوراما للسينما المغربية، وبضع تظاهرات ثانوية أخرى، تمكن من أن يجمع انتاجات جديدة وجيدة، يصح ان نقول انها تتحاور حقاً في ما بينها... وهو ما يبدو مفيداً بخاصة للسينمائيين المغاربة الذين يشكل مهرجان مراكش في حلته الجديدة، مناسبة تضعهم على تماس مباشر، مع أهل السينما والصحافة السينمائية في العالم، وكذلك مع ممثلي بعض أهم الهيئات المنتجة للسينما والداعمة لها في أوروبا... وهذه السمة الأخيرة، أسبغت على مهرجان مراكش سمة عملية تتضافر بقوة مع وجود المغرب نفسه في قلب لعبة الانتاج العالمي. وفي هذا الاطار يطرح فيلم «الاسكندر» لأوليفر ستون نفسه نموذجاً يمكن التعويل عليه لسينما باتت، هي، تمثل الجانب المشرق من العولمة: العولمة من حيث الأبعاد الانتاجية كتوجه يمثله في الواقع كل مهرجان سينمائي عالمي، منذ نصف قرن وأكثر، ومن حيث أبعاد الاهتمام العام بكل مُنتج سينمائي، ما يتخطى ضيق الأطر القومية والسينمات المحلية - من دون أن تفقد هذه السينمات خصوصيتها -؛ ثم العولمة من حيث قدرة السينما على التعبير عن البشر جميعاً. ولم يكن أوليفر ستون مخطئاً حينما جعل من الاسكندر في فيلمه، أول داعية للإنسان الكوني في التاريخ... وأول ساع، لا الى احتلال أراضي الغير، بل الى وحدة النوع الإنساني (وهو ما سنعود اليه في كلام لاحق عن هذا الفيلم المدهش). عولمة ايجابية، بالتناقض مع كل ضروب العولمة السلبية، يكاد مهرجان مراكش أن يكون خير معبر عنها، بأفلامه، بالنجوم الحاضرين فيه، ولئن كانت الدورات السابقة للمهرجان نفسه قد وضعت العرب خارج اطار العالم عبر استبعادهم، في شكل ممنهج، فإن من فضائل دورة هذا العام، وضعهم في صلب هذا العالم، وعبر انتاجات، سابقة وراهنة، تكاد تمثل خير ما قدمه مبدعو السينما العرب الى العالم: من رباعية سيرة شاهين الذاتية، الى فيلم يسري نصرالله عن القضية الفلسطينية «باب الشمس» الى جديد اللبناني زياد دويري «ليلا قالت هذا» الداخل في المسابقة الرسمية. حتى الآن لا يزال الوقت أبكر من أن تُعرف نتيجة هذه المسابقة... ولكن هل تهم النتيجة حقاً، في ظل مهرجان يقدم السينما في بساطتها المطلقة ونجومها في حميمية تحدثهم الى جمهور ودود محب، وأساطير السينما في بعض أكثر أبعادها تناغماً مع غموض مدينة مراكش نفسه؟

للإجابة عن هذا السؤال، وفي انتظار ليلة الاختتام مساء الأحد المقبل، وجردات الحساب التقويمية لاحقاً، حسب المرء أن يسير كيلومترين أو أكثر قليلاً، يفصلان بين قاعة المؤتمرات الضخمة المدهشة، وبين ساحة الفنا ليكتشف وسط اللون الزهري، عالم السينما في اللافتات ووجوه الناس، في ديكورات المدينة، ثم في ذلك النصب الأبيض الكبير المذكر بحلم ستانلي كوبريك في التعبير الفني عن مسار التاريخ البشري، قائماً وسط ساحة الفنا تنظر اليه القردة بفضول، وسط لا مبالاة الأفاعي.

الحياة اللبنانية في

10.12.2004

 
 

في مهرجان مراكش الناري

الاسكندر الأكبر..شاذ وخائن ومتناقض

نورالشريف يجمع بين 3مهرجات "في الحلال"

رسالة المغرب : سمير الجمل

ترتفع الكاميرا إلي مأذنة مسجد القرية السنغالية.. ثم نري بدلاً منها.. ايريال تليفزيوني.. وكما انتصرت نساء القرية.. ورفضن الختان ومرت أجهزة الراديو بتلك اللقطات ينهي المخرج السنغالي عثمان سيمبين فيلمه "مولادي" الذي افتتحت به الأنشطة الفعلية لمهرجان مراكش "6-12 ديسمبر" في دورته النارية الرابعة.. حيث دخل نجوم وضيوف المهرجان علي البساط الأحمر علي غرار مايحدث في مهرجان كان. ليؤكد المغاربة وجودهم بقوة علي ساحة المهرجانات السينمائية العالمية.. بهذا التنظيم الجيد واستقطاب نجوم وأفلام العالم في "تظاهرة ضخمة" يرعاها الملك محمد السادس.. وتلقي الدعم من كافة الجهات.

تحول فيلم "الاسكندر الأكبر" الي انفجار مثير للجدل بحضور مخرجه العالمي "أوليفرستون" وحاصرته الأسئلة في الندوة التي عقدت صباح عرض الفيلم في التاسعة.. وحاول الإفلات منها.. وقد لطخ سيرة الاسكندر وقدمه شاذاً وفاسداً وخائناً.. حتي مع أمه أخذته طموحاته اللانهائية لامتلاك زمام الأرض شرقها بغربها فقهر كل من يقف بطريقه.

وحاول أوليفر ستون في سؤال خبيث أن يربط بين شخصية الاسكندر وبوش ولكنه اختار إجابة مفتوحة ومحايدة.

والغريب أن أوليفر الذي قدم من قبل فيلماً تسجيلياً عن عرفات والثورة الفلسطينية وصور فيلمه بالكامل داخل المغرب. لاتدري ان كان معك أو ضدك فهو يحتمي بالشخصيات الدرامية في فيلمه.. رغم مشاركته في كتابة سيناريو الفيلم مع كريستوفر كيلي وليتا كالوجريد.. ومهما حاول أوليفر أن يستعرض عضلاته الفنية في تصوير المعارك ببراعة هائلة وإيقاع ملتهب.. لكن ماوراء قصة الاسكندر التي يرويها "أنتوني هوبكنز" تثير الدهشة ولم يقف أوليفر عند حدود الاحتمال والتأويل فالمتفرج يتأكد تماماً ان الاسكندر هو رجل شاذ إلي أبعد حد وبقدر طموحاته في توحيد مقدونيا مع البربر.. أي الشرق والغرب.. يعامل زوجته الشرقية باستعلاء وتكبر.. وبكي عشيقه أكثر مما بكي أعظم جنده.

المهرجان الملتهب

ويمكن القول بأن مهرجان مراكش السينمائي في دورته الرابعة قد بلغ حد النضج ومن الفخر أن نعتز باختيار زميلنا سمير فريد الناقد السينمائي الكبير عضواً بلجنة التحكيم التي يرأسها سير آلان باركر المخرج الانجليزي الشهير وتضم الكاتب البرازيلي "باولو كويلهو" ومجموعة هائلة من أبرز الوجوه السينمائية والأدبية في العالم.

وفي حفل مهيب بالقصر الملكي.. التقي ولي العهد الأمير رشيد بضيوف المهرجان وسلم "شين كونري" قلادة الكفاءة الثقافية ومنحها أيضاً إلي "كويلهو".. كما منحها الملك محمد السادس من قبل الي يوسف شاهين الذي يعتبر نجم هذه الدورة أيضاً مع كلوديا كاردينالي.. التي أدهشها في حفل الافتتاح أن تتسلم جائزتها ابنتها كلوديا الصغيرة وهي تشبهها الي حد كبير.. في مفاجأة خطفت القلوب والأبصار.

المسابقة المشتعلة

وتشتعل حدة المنافسات بين أفلام المسابقة "19فيلماً" وجاء اختيار الأسباني "الجريمة الكاملة" في الافتتاح لكي يعطيها ميزة علي مجموعة هائلة من أفلام الصين والسنغال والأرجنتين والمغرب وأمريكا وفرنسا.. بينما غابت مصر إلا من مجموعة أفلام شاهين عن سيرته الذاتية التي عرضت علي الهامش احتفالاً بحضوره مع يسرا ونورالشريف وقد اختارهما لمرافقته.

وقد أدلي نور بحديث مطول للقناة التليفزيونية الخاصة بالمهرجان وهي فكرة مبتكرة.. تربط بين المهرجان والجمهور في المنازل وتعطي للمهرجان نكهة شعبية.. تشعر بها في شوارع مراكش المفتوحة التي تعانق السماء بلا بنايات عالية تسد عين الشمس والهواء وفي نفس المهرجان ومن أجله حضر أميتاب بتشان وعمر الشريف وقد اختار شين كونري أن يتسلم جائزته في الحفل الخاص الذي أقيم تكريماً له.. من زميله الممثل الأسمر لورانس فيتشر.. وقال كونري رداً علي سؤال حول امكانية عودته الي شخصية جيمس بوند: لاطبعاً ومستحيل!!

أما يسرا التي عادت "الأربعاء" لظروف خاصة لم تعلن عنها.. فقد قالت انها مجنونة بمراكش ولا تستطيع أن تتأخر عنها.. ولكنها اتفقت مع نور في ضرورة التنسيق بين المهرجانات العربية الكبري التي انطلقت في نفس الوقت ولم يفلح في الجمع بين القاهرة ودبي ومراكش إلا نورالشريف فقط.. حضر افتتاح القاهرة ولحق افتتاح مراكش وختام دبي.

أما سير آلان باركر رئيس لجنة التحكيم وصاحب أفلام "ايفيتا" بطولة مادونا. الحائط. الطائر. ورصيده 14فيلماً فقال: ان الحوار بين الثقافات العربية والغربية مسألة ضرورية جداً.. والسينما تستطيع أن تلعب دوراً هائلاً في ذلك.

حتي النهاية

وتتواصل عروض المهرجان في المسابقة الرسمية حتي إعلان الجوائز في حفل الختام مساء الأحد إلي جانب بانوراما السينما المغربية وأفلام شاهين وشين كونري.. ويفرض النظام التام نفسه علي كل شئ في أنشطة المهرجان التي تتولي إدارته مجموعة فرنسية بالتنسيق مع الأشقاء المغاربة. ومعظمها تتركز في قصر المؤتمرات الذي يضم عدة قاعات للعروض والندوات بالإضافة إلي صالة الاحتفالات الكبري ويتواجد هنا أكثر من 150صحفياً وإعلامياً أغلبهم من الدول الناطقة بالفرنسية.

الجمهورية المصرية في

11.12.2004

 
 

مهرجان مراكش السينمائي الدولي الرابع (2)

أشباح السينما.. ومحرقة الراديو.. والزمن "الجميل..."

مراكش ـ وائل عبد الفتاح

"ما زلت مناضلاً".

قالها عثمان سامبين كان في المؤتمر الصحافي يرد على أسئلة حول السينما التي يصر على تقديمها. المخرج الأشهر في السنغال كان متسقاً مع مساره. هو المولود في جنوب السنغال 1923 ابن مرحلة وأسلوب في الحياة والسينما أصبحت الآن تقليدية. أو أقرب الى الموديلات القديمة. لكن يرى الفيلم أداة من أدوات" نضاله السياسي والاجتماعي".

تعلم السينما وعمره 40 عاما

عثمان.. كان جندياً في الجيش الفرنسي المحتل. هو ضمن فرق "القناصة" قبل أن يهرب الى فرنسا بطريقة غير شرعية ويعيش هناك عيشة المتشردين. الصعاليك الباحثين عن أنفسهم في الزحام. كتب بداية عام 1956 اسمها "الجمال الأسود" وكانت هذه بداية حياة جديدة له. عاد الى السنغال (1959) واكتشف افريقيا في رحلة مثيرة قبل السفر لدراسة السينما في استوديو جوركي بموسكو.

أول أفلامه القصيرة (1962)، لكن الطويلة كانت (1966) والبداية أيضاً كانت باشارة الى اللون.. "الفتاة السوداء..".

اكتشف عثمان سامبين من وقتها في موجة أفلام تعتبر السينما رسالة وعي سياسي. اشارة يقظة وضوء اكتشاف لمن هم خارج الكادر.

ما زال سامبين مصراً على هذه السينما. كما ظهر في فيلمه "مولادي" المشارك في المسابقة الرسمية.

(مولادي) هو طقس في القبيلة يتم فيه ختان البنات. والفيلم عن مقاومة العادة والثورة على كهنتها. كالعادة هناك ضحايا: بنات تنتهي أعمارهن بالعملية البشعة. وبطلة: كولي التي تحمي 4 بنات تمكن من الهروب. البطلة تتحمل الضرب وتقاومه لتستمر الحماية. تحملها يدفع بقية النساء للاحتجاج. هناك عائد من فرنسا بالمال لكنه يرضخ لسلطة الاب والعادات حتى تلتقي شرارة ثورة النساء.. مع ما تعلمه في السفر فيثور ويتزوج من بنت رفضت الختان.

في الفيلم مزاج أقرب الى الانتروبولجيا. التهمة تجاه العادات الثقافية لقبائل خارج الحضارة الحديثة. الراديو ما زال رمز الخروج عن الثقافة السائدة. وربما المشهد الأقوى في الفيلم هو محرقة أجهزة الراديو التي تتصاعد الأحداث على خلفيتها.

"مولادي" إنتاج (2004) لكنه يعطي احساساً بأنه "ريبرتوار" لسينما وموديل انتهت صلاحيته. ربما هذا نوع من "النضال" أو وقوف على نفس الأرضية في مواجهة تيارات جديدة كاسحة.

بعيداً من اختلاف النظرة فإن فيلم عثمان سامبين ربما يكون نبيل الأهداف. لكنه أقرب الى افلام الدعاية (البروباجندا): دراما قليلة لفكرة جاهزة.

لحظة سحرية

ويبدو أن سحر النوستالجيا له مكان هنا. فإصرار سامبين النضالي قابلته كلمات كلوديا كاردينالي عن زمن بدايتها في السينما "..كانت لحظة سحرية من تاريخ السينما..". وهي تقصد سينما الستينات والسبعينات التي "كانت تدعو الى العلم لانها كانت تخاطب الروح...".

كلوديا تستعد لتدخل "عصافير الشباب" مسرحية جديدة من مؤلفات تينس ويليامز.. لكنها "لن تترك فتنة السينما". هكذا قالت وكأنها تمهد لفيلم "اشباح كهربائية" وهو ترجمة عربية للاسم الصيني (Meng ying Tong Nian) وبالانكليزية "Electric Shadows" والفيلم هو الأول للمخرج "كسيادو دجيانغ" "هكذا كتب في كتالوغ المهرجان (مولودة في 1972 في شمال الصين وحصلت على شهادة الاخراج من أكاديمية الفيلم ببكين).

بطلة الفيلم "لينغ لينغ" ولدت مع نهاية الثورة الثقافية في الصين. لحظة تغيير تزامنت مع مأساة عائلية. فقدت الأم مهنتها كمغنية وحاولت الانتحار. كل هذا في اللحظة التي جاءت فيها الى العالم.. هي المولودة اثناء عرض سينمائي في الهواء الطلق.

السينما هي مصيرها

وأشباحها هن ابطال حياة البنت التي جعلتها ظروف حياتها. هشة. حساسة. "جوانية" المشاعر.

والحكاية لا تبدأ من عندها. بل من عند شخص عابر في الحكاية.

لا يكتشف موقعه إلا بالصدفة. شاب متشرد.

ألقاه والده في الشارع منذ الصبا. هرب من عنف الاب الى عنف الطرقات الغامضة.

هو الآن يمر من زقاق ضيق.. بجوار صفوف من طوب البناء. يتعثر بدراجته.. فيتبعثر الصف.. وفجأة يفتح الباب.. وتخرج فتاة.. تمسك بطوبة.. وتضربه على رأسه.

لحظة غامضة مثيرة.

فالفتاة هي "لينغ لينغ".

والصبي المضروب هو "بينيغ" الذي قابلته في طفولتها. واختفى.

والغموض لم يكن سوى خيط لتقصي الحكاية.

سيرة الفتاة الوحيدة التي تضرب شاباً من دون سبب.

اللعبة هنا سينمائية تدور من خيط الى خيط ليكتمل الشريط.

فالشاب حين هدم الصف. سقط الطوب على كلب الفتاة. ومات.

الكلب هو صلة الوصل بينها وبين عائلتها (أمها وزوج أمها الأقرب الى صورة أبيها). كانت تتركه عندهم لتضفي بهجة على حياتهما الفارغة بعد موت أخيها الصغير من على سور كانت تشاهد فيه السينما (هي حاولت من قبل التخلص منه لكنها فشلت)... وهي هربت لاحساسها بأنها وراء العالم الموت.

تعيش وحيدة في بيت صممته على هيئة سينما. من بعيد تراقب أمها وأباها بمنظار. تعيش وبينها وبين الحياة شاشة وهمية.

مع اكتشاف غموض الحكاية

تعود الأمور الى ترتيبها الأول. هي الآن وسط العائلة. ومع صديقها التائه في الشوارع".

وكأن هناك قدرة على إصلاح أي شيء. الماضي يعود لتصليح الأخطاء. والزمن يمكن إعادة حكايته على طريقة السينما.. ليصبح أكثر رقة.. وتسامحاً.

لعبة في الغرام بالسينما وأشباحها.

وفي الحلم بأن تكون الحياة.. شريطاً تخرج منه أشباح جميلة.

المستقبل اللبنانية في

11.12.2004

 
 

مهرجان مراكش السينمائي يواصل فعالياته

الرباط ـ القدس العربي : تواصل مراكش احتضان الدورة الرابعة لمهرجانها السينمائي الذي افتتح بداية الاسبوع الجاري ويتواصل إلي غاية الاحد القادم والي جانب العروض للافلام المشاركة في المهرجان شهدت قاعات قصر المؤتمرات بمراكش مؤتمرات وندوات صحافية للفنانين السينمائيين المشاركين.

وأكد رئيس لجنة التحكيم للدورة آلان باركر (مخرج وكاتب سيناريو ومنتج بريطاني) أن الفن السابع يعتبر عاملا للتقريب بين مختلف الثقافات بالرغم من الاختلافات اللغوية التي لم تمنع السينما من أن تشكل لغة عالمية.

وأضاف في ندوة للجنة التحكيم أنه يشتغل في مجال السينما منذ سنوات دون أن تشكل له اللغة أدني مشكلة موضحا أن الأفلام المنتجة بلغات وثقافات أخري لايمكن لها إلا أن تضفي بعدا عميقا علي هذا المهرجان الذي يمكنه أن يسهم في اثراء وتشجيع الحوار في مناخ ديمقراطي .

وعن المعايير التي سيعتمدها أعضاء لجنة التحكيم قال باركر مخرج فيلم ميدنايت إكسبريس أن القاعدة الاساسية هي النقاش المتعدد الذي يتيح لكل أعضاء اللجنة التعبير بشكل ملحوظ عن حضورهم معتمدين أساسا في هذه المعايير علي رصيدهم المتنوع والمعبر عن مختلف الأجيال في المجال السينمائي بالخصوص.

وقال الكاتب البرازيلي باولو كويلهو مؤلف الرواية الشهيرة ألشيميست أو الكيميائي عضو لجنة التحكيم حول العلاقة بين السينما والأدب إن الكتاب الناجح ليس بالضرورة هو الذي يحقق مبيعات أكثر ويميل الناس إلي المزج بين هذين اللونين الفنيين ولكن هذا لا يمنع أن الأمر يتعلق بوسيلتي اعلام مختلفتين تماما بالرغم من أنهما يمكن أن يتعايشا معا .

وتتكون لجنة تحكيم الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش التي يترأسها ألان باركر من شانتال أكرمان (بلجيكا ) وروزانا آركيت (الولايات المتحدة الامريكية) وفاليريا كولينو ولورا مورانت (إيطاليا) وكيوم كاني (فرنسا) وباولو كويلهو (البرازيل) وهنري ديبارك (كوت ديفوار) والمنتج السينمائي صارم الفاسي الفهري (المغرب)

وكان حفل افتتاح المهرجان قد شهد تكريم المخرج المصري يوسف شاهين باعتباره شكل بالنسبة للمخرجين في العالم العربي ماشكله المخرج الإيطالي فيديريكو فيليني بالنسبة للمخرجين في أوروبا كما قال الفنان المصري نور الشريف وباعتباره عملاق الإخراج و الديكتاتور العادل في هذا المجال حسب تعبير الفنانة المصرية يسرا التي أسهمت في تشخيص أدوار في عدد من أفلامه.

كما تم تكريم الممثلة الإيطالية كلاوديا كاردينالي التي أعربت سعادتها بهذا التكريم خاصة أنها تسلمت الجائزة من يدي ابنتها كلاوديا التي لم تكن والدتها علي علم بحضورها إلي المغرب.

وأكد فيصل العرايشي رئيس المهرجان أن هذه الدورة الرابعة تعكس في واقع الأمر تقاليد التسامح والانفتاح التي ميزت دوما الثقافة المغربية وذلك في مسعي لادراج هذا المهرجان في دائرة المواعيد الكبري للسينما العالمية.

وأبرز نورالدين الصايل نائب الرئيس المنتدب للمهرجان الطموح الذي يحدو هذه المؤسسة لجعل هذا اللقاء الدولي مهرجانا لا محيد عنه والدفع به الي الأمام مع الحفاظ علي مكتسبات الدورات الثلاث السابقة وأضاف الصايل أن أفضل وسيلة لمنح معني ملموس لاستمرارية هذا المهرجان تكمن في تكريم عميق وشعبي وعمومي لرائد السينما المعاصرة في العالم العربي يوسف شاهين الذي تطرقت سينماه الي مواضيع لم تعرفها السينما العربية من قبل .

وأوضحت الممثلة الإيطالية كلاوديا كاردينالي خلال لقاء صحافي نظمته الثلاثاء أن المهرجان أصبح يشكل حدثا ذا أهمية قصوي وينتظره مستقبل واعد.

وأكدت كاردينالي أنه بصرف النظر عن شهرة هذا المهرجان وتنظيمه المحكم فإنه يتحول مع تعاقب الدورات إلي حدث هام جدا علي الصعيد الدولي .

وأعلنت الفنانة كاردينالي الإيطالية الجنسية والتونسية المولد عن اعتزازها بهويتها المتعددة وثقافتها الشرقية مشيرة إلي أن مختلف تجاربها في السينما المغاربية، ومنها تصوير شريط كلود لولوش أند ناو ليدي آند جنتلمان بالمغرب، مكنتها من التعرف علي العراقيل التي يعرفها هذا الفن في المنطقة.

وأشارت إلي أن مستقبل السينما المغاربية يكمن في الانتاج المشترك الذي يمكنها من السفر والتوزيع عبر العالم.

واعتبرت النجمة الكبيرة أن سينما الستينيات والسبعينيات كانت تدعو إلي الحلم لأنها كانت تخاطب الروح لكن الوضع في اعتبارها تغير اليوم مضيفة أنها بدأت حياتها السينمائية في لحظة سحرية من تاريخ السينما .

وأكدت كاردينالي أن السينما هي كل حياتها وأنها تريد أن تحاسب علي أساس نوعية عملها موضحة أنها لا تحب أن يتم خلطها مع الشخصيات التي تلعب أدوارها، فالكل يتمثل في إقامة الفرق بين الهوية والغيرية .

وأشارت الفنانة الشهيرة إلي أن وضع النساء في العالم شكل معركتها الأساسية وترجو أن تمثل النساء الجنس الأقوي فهن يستحقن أن نخوض معارك من أجلهن.

وعن حياتها المهنية أكدت كلوديا كاردينالي أنها بصدد تحضير مسرحية جديدة تحمل عنوان عصافير الشباب لي زوازو دو جونيس وهي من تأليف تينيسي ويليام غير أنها تظل وفية للسينما.

وأكد المخرج السينمائي المصري يوسف شاهين ان ملتقي مراكش السينمائي عرف تطورا مهما مابين الدورتين الاولي والرابعة..

وحذر يوسف شاهين من مشاهد العنف والرعب التي تطغي علي بعض الافلام الطويلة العالمية وقال ان هذا الاتجاه يعبر عن مدي العنف واللاعدالة التي تسود العالم حاليا .

وأعرب المخرج العربي عن أسفه للمقارنة الخاطئة بين الإسلام والإرهاب في بعض الأفلام، مؤكدا علي ضرورة التعرف علي الآخر والالتقاء به وفهمه من أجل تسهيل التبادل ومحاربة التعامل المشين.

ومن أجل أن يساهم الفن السابع في نشر مبادئ السلام والتسامح ، شدد يوسف شاهين علي ضرورة أن يكون للمخرج الجرأة علي انجاز أشرطة تحث علي المحبة واحترام الآخر، مشيرا إلي أنه علي السينما قبل كل شيء رصد وإعطاء تحليل واضح للواقع المعاش.

ولم يخف المخرج المصري أمله في تصوير شريط سينمائي بالمغرب موضحا أنه يرغب في إنجاز فيلم بالمملكة حول نهاية الوجود العربي بالأندلس، واعتبر المخرج المغربي محمد عبد الرحمن التازي أن مهرجان مراكش يشكل فرصة للسينما المغربية لاستكشاف آفاق جديدة. وأضاف التازي أن هذا المهرجان يمنح للصحافيين والنقاد والسينمائيين الأجانب فرصة مشاهدة الأفلام المغربية وتقييم مستواها ملاحظا أن بانوراما الأفلام المغربية التي من المقرر أن يتم عرضها خلال هذه الدورة تمثل مدخلا لمعاينة جانب من الرصيد السينمائي المغربي.

وأعرب مخرج شريط البحث عن زوج امرأتي عن ارتياحه للاتجاه الذي يسير فيه المهرجان حاليا خصوصا بإيلائه أهمية كبري للسينمائيين المغاربة من ممثلين وكتاب ومخرجين مؤكدا أن هذه الدورة نجحت في اقتراح أفلام جيدة لم يسبق عرضها.

وأضاف أن مشاركة المغرب في عدة مهرجانات دولية يستوجب ولوجه سوق التنافسية مشيرا إلي أن الانتاج المشترك مع بلدان أوروبية من شأنه أن يسهل دخول الأفلام المغربية إلي الاسواق الدولية.

واعتبر التازي أن التلفزة هي جانب آخر لتطوير السينما المغربية موضحا أن التجربة أبرزت في العالم أجمع أن هناك تفاعلا وارتباطا كبيرين بين السينما والتلفزة بالنظر إلي حاجتهما إلي بعضهما البعض. وقال إن القنوات التلفزية المغربية تساهم في هذه الدينامية بشكل متواصل داعيا إلي تعزيز هذه الجهود للتوصل إلي مشاركة أكثر أهمية. وأعرب عن اعتقاده بوجود عدد كبير من القنوات التلفزية الدولية التي تهتم بالافلام معتبرا أن المهم هو تسويق الانتاج المغربي وأنه من أصل 10 أو12 فيلما مغربيا ينتج سنويا تستحق ثلاثة أو أربعة منها أن يتم عرضها.

وأكد أن السينما ابداع جماعي يفترض وجود كتاب للسيناريو وللكلمات وموسيقيين وذلك لتفادي صناعة سينمائية مكانيكية مستدركا في هذا الاطار أن سينما الكاتب لا تحتاج بشكل قطعي إلي مخرج يضطلع بكل هذه المهام. وقال أنه يمكن الحفاظ علي التراث الثقافي المغربي مع خلق انتاج سينمائي تنافسي في زمن العولمة.

واكد المخرج الإسباني أليكس دولا إيكليزيا إنه لا يقف دائما في صف أبطال أفلامه ولا يعتبر البطل إيجابيا وعلي حق باستمرار بل إن نهايته قد تكون في بعض الأفلام غير سعيدة. وأضاف دولا إيكليزيا في لقاء صحافي حول شريطه الجريمة الكاملة الذي افتتحت به أمس الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش أن المجتمع يتطلب سيادة الجمال والغني والكمال لكن الواقع غير ذلك . وأوضح المخرج الإسباني أن المرأة الدميمة تنتصر في نهاية شريطه، معتبرا أن الممثلات اللواتي لسن علي قدر من الجمال يمكن أن يكن ممثلات جيدات بعكس ماهو متعارف عليه في السينما مضيفا أنه يمازحهن في هذا الشريط ولا يضحك علي ذقونهن.

وحول الجانب التقني في شريطه قال دولا إيكليزيا إنه استعمل عدة كاميرات حسب ضرورة اللقطات مشيرا إلي أنه من المستحيل العودة الي المرجعيات السينمائية باعتبار عمله تجربة معنوية وشخصية أيضا .

واعتبر أن الشريط يحفل بأبعاد جمالية وفلسفية ونفسانية تمثلت في إيراد مقولات للقديس أوغسطين وأرسطو وديكارت متأثرا بدراساته الفلسفية بمسقط رأسه بلباو مشيرا إلي أن الفيلم اقتراح حياة وجواب علي الحياة بجدها وهزلها .

وأبرز المخرج الاسباني أنه تأثر بمواطنه بيدرو ألمودوفار الذي أنتج له أول فيلم طويل سنة1992 بعنوان حركة الجينات معتبرا أنه من أهم المخرجين الاسبان.

ويحكي شريط الجريمة الكاملة علي مدي ساعة و45 دقيقة قصة رفائيل، الرجل الجذاب والطموح الذي يشتغل بائعا في جناح خاص بالنساء بأحد المحال الكبري بمسقط رأسه وينظم من حين لآخر حفلات عشاء رفقة زميلاته باستثناء لوردس الأقل جاذبية.

ويبذل رافائيل أقصي جهده ليترقي في عمله ويصبح مسؤولا عن الطابق الذي يعمل فيه غير أنه يتحتم عليه التغلب علي خصمه دون أنطونيو.

يشار إلي أن أليكس دولا ايكليزيا اشتغل مديرا فنيا في التلفيزيون قبل أن ينتقل إلي الإخراج سنة1991 بإنجازه فيلما قصيرا بعنوان القاتلات ميرنداس وبعد تعرفه علي ألمودوفار أخرج دولا ايكليزيا يوم الوحش سنة 1996 و بيرديطا ديرونكو سنة 1997 وميتون من الضحك سنة 1999 و جيراني الاحباء سنة 2000 و 800 ورقة نقدية سنة 2002 قبل أن يخرج الجريمة الكاملة سنة 2004...

القدس العربي في

11.12.2004

 
 

مهرجان مراكش السينمائي الدولي الرابع نقطة التقاء فنون العالم

إعداد- مريم أحمد: 

بدأت يوم الاثنين الماضي الموافق للسادس من شهر ديسمبر الحالي فعاليات مهرجان مراكش السينمائي الدولي الرابع· وقد تمت الإشارة إلى أن الدورة الجديدة لعام 2004 من المهرجان السنوي، والمقرر عقدها في الفترة من السادس وحتى الثاني عشر من الشهر الجاري، ستشهد مشاركة ما يزيد عن الخمسة وستين فيلما- من بينها 14 فيلما من كل من إيطاليا، روسيا، الولايات المتحدة، أسبانيا، وفرنسا، والتي ستشارك ضمن المسابقة الرسمية· ومن الأفلام المتنافسة نذكر فيلم '' بيونيس آيرس 100 كم '' للمخرج الأرجنتيني باولو خوسيه ميتزا، والفيلم الأسباني '' الجريمة المثالية '' للمخرج أليكس دي لا ايغليسيا· وكذلك الفيلم المغربي '' نينجا '' الذي يخرجه حسن الغزولي·

من ناحية أخرى، فقد تمت الإشارة إلى أنه سيتم عرض عدد من الأفلام الأخرى خارج نطاق المسابقة· ومن بين تلك الأفلام، نذكر: فيلم ''الرحلة الكبرى'' للمخرج المغربي الأصل إسماعيل فروخي، والفيلم الفرنسي ''أجمل يوم في حياتي'' للمخرجة جولي ليبينسكي·· وكذلك فيلم ''باب الشمس''، وهو فيلم مشترك بين مصر وفرنسا، وفيلم ''حب في بوليوود''- مشترك بين بريطانيا والهند·

وقد وقع اختيار المهرجان على الفيلم المغربي ''طنجة'' للمخرج حسن لكزولي، ليمثل المغرب في الدورة الحالية، وهو فيلم تدور أحداثه حول شاب مغربي مهاجر يعود إلى وطنه الأم بعد تلقيه نبأ وفاة والده، الذي أوصاه قبل مماته بأن يُدفن في مسقط رأسه· كما كان للأفلام الهندية حضور قوي في الدورة الحالية حيث شاركت الهند بعشرة أفلام رائعة·

ومن الجدير بالذكر أن لجنة التحكيم، التي يترأسها المخرج البريطاني الشهير السير ألان باركر، تضم حوالى أحد عشر عضوا سينمائيا· ويتضمن المهرجان تكريم ثلاثة من رموز السينما العربية والعالمية، وهم: النجمة الإيطالية كلوديا كاردينالي، والممثل الإسكتلندي '' شين كونري ''، والمخرج المصري '' يوسف شاهين ''· وسيتم عرض خمسة أفلام لكل منهم· كذلك سيتم تكريم عدد من النجوم العرب مثل النجم حسين فهمي، محمود حميدة، يسرا، وليلى علوي· ومن هوليوود، النجم الشاب ليوناردو دي كابريو، النجمة شارون ستون، والمكسيكية سلمى حايك·

الإتحاد الإماراتية في

12.12.2004

 
 

نظرة نقدية إلى مهرجان مراكش الدولي 4 للفيلم

مراكش من أحمد نجيم

تحولت مدينة مراكش من 6 كانون الأول (ديسمبر) إلى 12 منه إلى عرس سينمائي عالمي من خلال تنظيم الدورة الرابعة لمهرجان مراكش الدولي للفيلم، نجوم سينمائيون عالميون جاؤوا من الهند وأميركا وأوربا وإفريقيا، وصحافيون مثلوا التلفزيونات العالمية وكبريات الصحف الدولية رابطوا بمدينة مراكش لتغطية الحدث السينمائي الكبير. غير أن أهمية هذا المهرجان وعالميته لم تكتمل من خلال احتجاجات بعض الممثلين المغاربة في الكواليس وإعادة أسطوانة "تهميش المبدع المغربي"، ومن خلال تصرفات لصحافيين من التلفزيون ومن الصحافة المغربية في ندوات صحافية أو من خلال سعي الكثير إلى البحث عن دعوات السهرات الليلية أكثر من نجوم المهرجان وأخباره، حتى اشتكى أحد مسؤولي المهرجان قائلا "لقد حولوني إلى ممون للحفلات من خلال التجائهم إلي متسائلين عن دعوات المأدب". طيلة أيام المهرجان السبع تابع المراكشيون 60 فيلما سينمائيا طويلا وسلمت قرابة 4000 شارة للمهرجان وزعت بين الصحافة والسينمائيين والمدعوين والمنظمين وشركاء المهرجان. تحولت المدينة إلى أكبر تجمع سينمائي عالمي، شين كونري وأوليفر ستون وإشواريا راي ونتالي باي ولورنس فيشبورن ولاورا مورانتي والسير ألان باركر وباولو كويلهو وفاليرا كولينو وروزانا أركيت وكيوم كاني ويوسف شاهين ويسرا ونور الشريف وعصمان سيمبين.....جاؤوا في مراكش من أجل السينما.

صحافيون مغاربة تائهون وأجانب في عطلة مفتوحة

يضيع الصحافيون 4 آلاف ورقة يوميا، هذا بالإضافة إلى الساعات الطوال في الهاتف يتحدثون عن مواضيع لا علاقة لها بالصحافة، أما الصحافيون الأجانب فبعضهم يتحدث مع أمه والآخر مع صديقته في أوربا لأزيد من نصف ساعة، "لم أعد أحترم الصحافة ولا الصحافيين بعد وقوفي على تصرفاتهم طيلة أيام المهرجان"، يقول مسؤول من اتصالات المغرب كان أحد المشرفين على مكتب الإعلام في المهرجان الدولي الرابع للفيلم. ويذهب مسؤول من المهرجان إلى التأكيد على أن مئات الصحافيين الحاضرين لتغطية المهرجان كانوا يبحثون يوميا عن دعوات الوجبات أكثر من تغطية المهرجان وأنشطته "بعضهم كان يهددني إن لم أمنحه دعوة أن يكتب بسلبية عن المهرجان".

لم تقتصر هذه العينة من الصحافيين على البحث عن الدعوات، بل تغيب عدد منهم عن مشاهدة الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية أو غير المشاركة، كما غابوا عن الندوات الصحافية مستفيدين من عطلة مفتوحة طيلة سبعة أيام. هناك عينة أخرى من الصحافيين المغاربة شوهوا الصحافة خلال الندوات التي كان تعقد لمناقشة أفلام المسابقة، إذ طرحوا أسئلة غريبة على المخرجين إلى درجة البلادة، فواحدة تطلب من لورنس فيشبورن دورا ولو كان صغيرا في فيلمه المقبل، وآخر يشتغل في برنامج سينمائي يطرح سؤالا غريبا لشين كونري حول دوره "الأردأ" في تاريخه"، وحول تجسيده لشخصية "تقطع رؤوس المغاربة" بطريقة مستفزة وغير لبقة، وثالث يشتغل في أسبوعية ناطقة باللغة الفرنسية يقترب منه متجاوزا مسؤولي الأمن لالتقاط صورة، فكان أن صده النجم السينمائي ناعتا إياه ب"غير المؤدب والوقح". وصفع مصور إحدى اليوميات المغربية مضيفة تعمل في المهرجان، بعد أن رفضت أن يصورها، وهو ما يعكس مستوى بعض الصحافيين المغاربة، ولا يعرف موقف النقابة الوطنية للصحافة لو كان المصفوع هو الصحافي، لذا فهي لم تكلف نفسها بالاعتذار على تصرف مصور ينتسب إلى الجسم الصحفي المغربي.

لم يقتصر الأمر على عينة من الصحافيين المغاربة، بل شمل الصحافة الأجنبية أيضا من خلال قدومها إلى مراكش على نفقات المهرجان واكتفائها بالاتصالات الهاتفية المجانية والاطلاع على البريد الالكتروني.

شكلت الدورة الحالية تراجعا كبيرا في تعامل مسؤولي المهرجان مع الصحافة، فقد هيمن مسؤولون فرنسيون على العلاقات مع الصحافة، وهو ما جعل سيدة تسمى "باتاي" تستدعي إلى الموائد المستديرة، مع نجوم المهرجان بالمامونية، الصحافة الأجنية مهمشة الصحافيين المغاربة. ففي المائدة المستديرة مع لورنس فيتشبورن لم تحضر إلا مغربية واحدة متعاونة مع صحيفة يومية من أصل 14 صحافيا أجنبيا. والطريف في الأمر هو تجرؤ السيدة المغربية على طلب دور في فيلم فيتشبورن المقبل .

كانت معاملة الفرنسيين لبعض الصحافيين متعالية، عجرفتهم وتحقيرهم لبعض الصحافيين تدعو إلى إعادة النظر في مستقبل إشرافهم على الصحافة في المهرجان، ومنها الطريقة المذلة التي غادرت بها صحافية القناة الثانية بشرى علمي المهرجان، بعد أن تبادلت الشتائم مع مديرة المهرجان مليتا توسكان دوبلانتيي.

ففي الدوة السابقة كانت الأمور مع الصحافة على ما يرام، إذ كان من حق أي صحافي طلب حوارا، أن يجريه وبسرعة، كما أن كل الموائد المستديرة مع النجوم حضرتها نسبة 50 في المائة من الصحافيين المغاربة.

مسؤولو المهرجان اعترفوا ببعض هذه التجاوزات من جانب الصحافيين ومن جانب المشرفين على الإعلام. ويفكر مسؤولو المهرجان في الدورات المقبلة أن يحدد عدد الصحافيين المعتمدين في المهرجان، وأن تحمل إدارة الصحف نفقات الإقامة طيلة أيام المهرجان. مشروع سيحد حتما من عينة تسيء للصحافة المغربية وسيقطع الطريق على الصحافيين السياح الأجانب.

وتستمر أسطوانة تهميش الممثل المغربي

بلغ المهرجان الدولي الرابع للفيلم دورته الرابعة، ومع ذلك ظلت أسطوانة "تهميش الفنان المغربي" تعاد على مسامع الصحافيين، فممثلون "نكرة" من مدينة مراكش احتجوا على حرمانهم من الشارات والدعوات، وممثلون مغاربة تكفل الفندق بإقامتهم واحتجوا على حرمانهم من دعوات بعض السهرات. عبارة "إننا مهمشون في بلدنا" كررت أكثر من مرة وعلى مسامع أكثر من صحافي.

استدعي الممثل والمخرج المغربي، لأن الدورة الرابعة أرادت تكريم السينما المغربية من خلال عرض 22 فيلما من 1958 إلى سنة 2000 وقال مدير المركز السينمائي المغربي نور الدين الصايل إن الحفل "تكريم لماضي ومستقبل السينما المغربية" وتكريم "لأناس صنعوها". وإلحاحا من مدير المركز السينمائي على أن يكون التكريم "تكريم عشق"، وقف فوق خشبة قاعة الوزراء بقصر المؤتمرات بمراكش مساء السبت ممثلو جميع الهيئات المهنية السينمائية المعترف بها بالمغرب، وهي غرفة المنتجين المغاربة ورابطة المؤلفين والمخرجين والمنتجين وغرفة موزعي الأفلام وغرفة أرباب القاعات السينمائية وغرفة التقنيين. ونال السينمائي محمد عصفور التكريم وتصفيقات حارة وزغاريد خلال تلك الأمسية.

غاب عن ذلك التكريم المخرج نبيل لحلو ولم يقف مثل زملائه العشرة، وحسب مصادر من إدارة المهرجان، فإن لحلو رفض أن يتحدث نبيل عيوش باسم المخرجين المغاربة، وطلب أن تمنح لكل واحد دقيقة واحدة للحديث في هذه المناسبة، وبعد أن رفض طلبه اعتذر لمدير المركز السينمائي فاعتذر عن الصعود إلى الخشبة. غير أن المثير في ذلك التكريم هو إقصاء أفلام المخرج المغربي جيلالي فرحاتي من الأفلام 22، وكان من سوء حظ المخرج أن نسخة فيلمه "خيول الحظ" لم تكن في حالة جيدة، والعهدة على مسؤول بالمهرجان.

ويعتقد عدد من الحضور أن تكريم السينما المغربية هو في حقيقة الأمر امتصاص لغضب السينمائيين المغاربة خلال الدورات السابقة واختيار من الإدارة الحالية لسد الطريق على كل السينمائيين المغاربة في الدورات السابقة، إذ لن "يشارك فيها إلا المشاركون بأفلامهم في المسابقة الرسمية أو خارج المسابقة الرسمية". وشدد مسؤولون عن المهرجان ردا على هذه الاتهامات، أن مهرجان مراكش مهرجان دولي وليس مغربيا، غير أن تطبيق هذا التصور مازال بعيد التحقيق.

احتج عدد من الممثلين على ما اعتبروه "سوء معاملة" وغادروا المهرجان قبل حفل الاختتام، وذهبت إحدى الممثلات إلى القول إن المشكل ليس في المهرجان بل  "نتحمله نحن الممثلين، إذ نحن من يطمح إلى الحضور في المآدب عوض متابعة الأفلام والاستفادة منها".

كان الممثلون المغاربة أكثر قسوة في الحكم على فيلمي "تينجا" للكزولي حسن و"الرحلة الكبرى" لإسماعيل فروخي. إذ شارك الأول في المسابقة الرسمية وبرمج الثاني خارجها. ووصفوه في لقاءاتهام الخاصة بأنه نقل صورة سلبية عن المغربي والقصور على مستوى لعب الشخصيات، ولم يسلم "تينجا" بدوره من السب، غير أن الفيلم لا يستحق كل هذا الانتقاد الانفعالي، إذ قدم  لكزولي عملا سينمائيا يعد استمرارية لأفلامه القصيرة التي لقيت ترحيبا كبيرا في المهرجانات السينمائية. لكزولي رحل بالمشاهد إلى مغرب المهمشين، من خلال شخصيتي نورا، المومس وميمون المتسكع في شوارع طنجة. مشاهد وظفت فيها لقطات شاملة للفضاء قريبة من السينما الإيرانية، وشخصيات قلقة وحساسة وغامضة. كان فيلم "تينجا" بداية موقفة للمخرج حسن لكزولي في أول عمل سينمائي له.

دورة قويا سينمائية مرتبكة تنظيميا

ظهر ارتباك المنظمين وغابت الحفلات التي ألفها رواد المهرجان في الدورات السابقة، ويتخوف البعض أن يتحول المهرجان إلى ملتقى سينمائي صرف ويقضى على الجانب الاحتفالي فيه، "هذه الدورة كانت باردة من حيث الاحتفالات مثل مناخ مراكش هذه الأيام، وأعتقد أن استمرارية البعد الدولي للمهرجان رهين بالاندماج في محيط مراكش الاحتفالي، فهذه المدينة لا تستقيم دون الفرجة" يقول أحد السينمائيين المغاربة.

مقابل هذا التقصير قدمت الدورة الرابعة واحدة من أهم برمجاتها السينمائية، تنوع في المواضيع والاشتغال السينمائي حضور من آسيا وأميركا اللاتينية وأميركا وأوربا وإفريقيا، اتجاهات سينمائية مختلفة جعلت اليونسكو تمنح ميداليتها السينمائية "فيليني" إلى رئيس مؤسسة مهرجان مراكش الدولي للفيلم الأمير مولاي رشيد.

قوة الأفلام صعبت من مأمورية ألان باركر وفريقه لاختيار الأفلام المتوجة، غير أن تلك الجوائز لم تأت بمفاجآت، فنال الفيلم الأميركي الجميل "الاختراق" نجمة مراكش الذهبية، ونال "مولادي" و"أشباح كهربائية" جائزة لجنة التحكيم وعادت على التوالي جائزة أحسن ممثل وجائزة أحسن ممثلة لبطلي فيلمي "الأقارب" الروسي و"عمق الجرح الأميركي.

اختتمت الدورة الرابعة، دورة شكلت منعطفا جديدا في تجربة المهرجان الفتية، بداية لم تكن على المستوى التنظيمي في مستوى الدورة السابقة، ربما على الإدارة العامة إعادة النظر في الاتفاقية مع مؤسسة "بيبلي سيستام" الفرنسية المنظمة، إذ لا يعقل أن تتعاقد تلك المؤسسة حتى مع شركة للأمن الخاص يسيرها فرنسي، وكانت عدد من الشركات المماثلة أثبتت قدرتها على الأمن داخل قصر المؤتمرات في السنوات الماضية، كما أن بعض مسؤولي هذه الشركة كانوا غير مؤدبين في تعاملهم مع المدعوين.

موقع "إيلاف" في

15.12.2004

 
 

مهرجان مراكش الرابع للفيلم

العروس السورية والأفلام المثيرة خارج المسابقة‏..‏ وكل الأضواء للنجوم

رسالة مراكش‏ :‏نــــادر عـــــدلي

استطاع مهرجان مراكش الدولي للفيلم أن يكتسب شهرة دولية في فترة زمنية قصيرة‏,‏ وأصبحت شهرته الدولية أكبر من شهرته في المغرب نفسه‏!..‏ وتأتي دورته الرابعة هذا العام‏(6‏ ـ‏12‏ ديسمبر‏)‏ بمثابة تعريب لهذا المهرجان الذي اسسته ونظمت أعماله بشكل كامل في الدورات الثلاث السابقة مؤسسة فرنسية‏,‏ وإدارة فرنسية‏!..‏ وقد تكون قراءة الأرقام من حيث عدد الأفلام المشاركة‏,‏ وأقسام المهرجان ليست في صالحه‏(67‏ فيلما من بينها‏22‏ فيلما مغربيا‏),‏ الا انه ادير بشكل فيه كثير من الابهار‏,‏ وبذكاء اعلامي مثير‏..‏ من خلال فريق من المغاربة ـ هذه المرة ـ يقودهم الناقد نور الدين الصايل‏,‏ وفيصل العريشي‏.‏

يقام مهرجان مراكش تحت رعاية الملك محمد السادس‏,‏ ويرأسه الأمير مولاي رشيد‏,‏ وهذا معناه أن المملكة أو الدولة تتبناه كاملا‏,‏ مما جعل أكثر من‏25‏ وزارة ومؤسسة وشركة تسهم في دعمه‏(‏ تكاليف تنظيمه تصل الي‏22‏ مليون جنيه مصري‏)..‏ افتتح المهرجان في قصر المؤتمرات بمراكش‏,‏ وامتدت السجادة الحمراء من خارج القصر حتي قاعة العرض‏,‏ وعلي الجانبين وقف عشرات المصورين وكاميرات التليفزيون‏,‏ وجعلت الأضوء للمكان سحرا خاصا‏,‏ حالة تنظيمية مدهشة‏,‏ والابتسامة تعلو وجوه الجميع‏.‏

خرج حفل الافتتاح بسيطا مبهرا‏..‏ وجاءت البساطة في أنه اقتصر علي تكريم المخرج يوسف شاهين‏,‏ والنجمة الايطالية كلوديا كاردينالي‏..‏ ومع يوسف شاهين جاءت يسرا ونور الشريف للاحتفاء به‏..‏ ومع كلوديا حضرت ابنتها التي تعيش في فرنسا‏,‏ وكان وجودها مفاجأة للنجمة الايطالية‏..‏ وبضع كلمات قصيرة مرحة صنعت الابهار بهؤلاء النجوم‏!..‏ اما شين كونري ثالث المكرمين فقد اقيم له حفل خاص في اليوم التالي لوصوله متأخرا‏,‏ وحضر لتكريمه الممثل الأمريكي الاسمر لورنس فيشر‏,‏ وقد منح شين كونري وسام الكفاءة الفكرية وتسلمه من الأمير رشيد في حفل العشاء الملكي الذي اقيم في اليوم الثاني للمهرجان‏.‏

قام بافتتاح أعمال المهرجان لجنة التحكيم برئاسة المخرج الكبير آلان باركر‏,‏ وعضوية الكاتب البرازيلي الشهير باولو كويلهو‏,‏ والمخرجة البلجيكية شونتال اكرمان‏,‏ والممثلة والمخرجة الأمريكية روزانا أركيت‏,‏ والممثلة الايطالية فاليريا كولينو‏,‏ ولورا مورانت‏,‏ والممثل والمخرج الفرنسي كيوم كاني‏,‏ والمخرج الايفواري هنري ديبارك‏,‏ والمنتج المغربي صارم الفاسي‏..‏ وتغيب الناقد سمير فريد لمرضه‏..‏ ولا شك أن قيمة وشهرة المخرج آلان باركر اكسبت مسابقة المهرجان ثقلا‏.‏

اقتصرت أعمال المهرجان علي خمسة أقسام‏:‏ المسابقة الرسمية‏(14‏ فيلما‏)‏ وقد افتتح المهرجان بالفيلم الاسباني الجريمة الكاملة اخراج الكس دولا اكليزيا‏,‏ برغم انه من أفلام المسابقة‏,‏ وكان المفترض ان يعرض فيلم الاسكندر اخراج اوليفر ستون الذي تم تصويره بالمغرب‏,‏ الا ان عرض الفيلم تجاريا في العالم‏,‏ جعل ادارة المهرجان تنقله الي قسم خارج المسابقة‏(10‏ أفلام‏)‏ وكان هذا القسم أو البرنامج هو مصدر حيوية المهرجان لما تملكه أفلامه من اثارة وقضايا‏..‏

ومن المهم الاشارة الي انه برغم تميز مستوي أفلام المسابقة الا ان سبعة أفلام منها تمثل العمل الأول لمخرجها‏,‏ وفيلمين العمل الثاني‏,‏ وكان أشهر المخرجين المشاركين بالمسابقة المخرج السنغالي عثمان سبمبين بفيلم مولادي وخلت المسابقة من أي فيلم عربي الا المغربي تينجا او طنجة اخراج حسن لكزولي‏,‏ أيضا خلت من أي فيلم فرنسي‏!!‏

نأتي الي الأفلام التي عرضت خارج المسابقة‏,‏ وأثارت الجدل‏,‏ فنجد أولها الاسكندر حيث قدم أوليفر ستون القائد الشهير بوصفه شاذا جنسيا‏,‏ وان طموحاته في السيطرة علي العالم جعلته يضحي بالآلاف من أجل مجده الشخصي‏,‏ وفي الندوة اثيرت هذه القضية‏,‏ وحاول ستون ان يقول إنه حاول تقديم الحقيقة‏!..‏ ثاني الأفلام المثيرة هو الفيلم الإسرائيلي العروس السورية اخراج ارون ريكليس‏,‏ والفيلم يبدو متعاطفا مع سكان أهل الجولان‏(‏ هناك تنويه بأن ابطال الفيلم ليسوا محددي الهوية‏!)‏ من خلال عروس تتزوج من الجهة الاخري التي تحتلها اسرائيل‏..‏ والفيلم يبدو بلا مشاكل‏,‏ الا انه وبذكاء درامي ينتهي الي ان قضية العروس لم تحل بسبب ضابط الحدود السوري‏,‏ وليس الاحتلال الإسرائيلي‏,‏ والفيلم يشبه فيلم طائرة من ورق‏..‏ وربما كان هدفه الأهم ان يقول إن التعايش مع الاسرائيليين امر سهل وانهم يرحبون بذلك‏,‏ والمشكلة نحن سببها‏(!!)..‏ ولم ينظم المهرجان ندوة للفيلم رغم حضور مخرجه وبطلته‏.‏

ومن الأفلام التي خارج المسابقة أيضا ولها قيمتها‏,‏ فيلم يسري نصر الله باب الشمس والفيلم الفرنسي ـ الإسرائيلي حائط وقد عرضا آخر أيام المهرجان‏,‏ ويمكن أن يحمل هذا اليوم اسم فلسطين برغم انه لم يعلن هذا‏..‏ ومن الافلام التي أثارت الانتباه فيلم السفر الكبير اخراج المغربي اسماعيل فروخي‏(‏ عرض الفيلم في افتتاح مهرجان دبي‏).‏

والفيلم يدور حول أب مغربي يعيش في فرنسا‏,‏ ويريد أن يحج الي مكة المكرمة‏,‏ ويقرر ان يقطع المسافة بالسيارة الي هناك مع ابنه الذي تشبع بالحضارة الأوروبية‏..‏ وهو عمل متوسط القيمة‏,‏ وان كانت فكرته جيدة‏!..‏ أيضا عرض في الختام الفيلم البريطاني حب صاعق في بوليود للنجمة الهندية ايشواريا راي‏,‏ وجاء هذا كنوع من التكريم للسينما الهندية التي قدم المهرجان بانوراما لها‏(8‏ أفلام‏).‏

المهرجان إذن اكتسب كل اضوائه من الافلام العشرة التي عرضت خارج المسابقة بما تثيره من قضايا وحضور مخرج مثل أوليفرستون‏..‏ ومن شهرة المكرمين الثلاثة وتقديمهم بشكل جيد‏..‏ ومن لمعان اسم رئيس لجنة التحكيم الان باركر‏!..‏ وبذكاء شديد قامت ادارة المهرجان بدعوة‏4000‏ صحفي واعلامي نصفهم من الأجانب‏,‏ وغطت المهرجان أكثر من‏10‏ محطات تليفزيونية شهيرة‏,‏ فنال من الأضواء الكثير‏.‏

يبقي ان نتحدث عن أفلام المسابقة والجوائز‏..‏ والأهم أن نتحدث كيف يساهم مهرجان مراكش في دعم الانتاج السينمائي المغربي حتي وصل الي عشرة أفلام بعد ان كان فيلما أو فيلمين‏..‏ وقد قال لي الناقد المغربي المعروف نور الدين الصايل نائب رئيس المهرجان ورئيس المركز السينمائي المغربي انه خلال‏3‏ سنوات سوف يرتفع الانتاج المغربي الي‏20‏ فيلما‏..‏ كيف تحققت هذه المعادلة؟‏..‏ للحديث بقية‏.‏

الأهرام اليومي في

15.12.2004

 
 

بانوراما عشرين عاما من السينما المغربية

في مهرجان مراكش

الرباط ـ القدس العربي : فاز الفيلم الأمريكي سايدويز (الافتراق) لمخرجه ألكسندر باين بجائزة النجمة الذهبية للدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش الذي اختتم الاحد.

وسلمت هذه الجائزة للمخرج ألكسندر باين الممثلة الفرنسية ناتالي باي رئيسة الدورة الثالثة لمهرجان مراكش الدولي للفيلم.

وفضلا عن النجمة الذهبية تم تسليم ثلاث جوائز أخري. ويتعلق الأمر بجائزة لجنة التحكيم التي منحت مناصفة لفيلم أشباح كهربائية للمخرج كسياو دجيانغ (الصين) والفيلم السينغالي مولادي للمخرج أوسمان سامبين.

وعادت جائزة أحسن دور نسائي لفيرا فارميكا عن دورها في فيلم عمق الجرح للمخرجة ديبرا غرانيك.

أما جائزة أحسن دور رجالي فكانت من نصيب الممثل بوكدان سطوبكا عن دوره في فيلم الأقارب لمخرجه ديميتري ميسخييف (روسيا).

وضمت لجنة التحكيم، التي ترأسها السير ألان باركر المخرج والمنتج البريطاني، كلا من المخرجة وكاتبة السيناريو شانطال أكيرمان (بلجيكا) والممثلة والمخرجة روزانا أركيت (الولايات المتحدة الامريكية) والممثلتين فاليريا كولينو ولورا مورانتي (إيطاليا) والممثل والمخرج غيوم كاني (فرنسا) والكاتب باولو كويلو (البرازيل) والمخرج وكاتب السيناريو هنري ديبارك (الكوت ديفوار) وساريم الفاسي الفهري المنتج ورئيس الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام (المغرب).

وتضمن برنامج هذه الدورة عرض 65 فيلـــــما من ضمنهـــا 14 فيلما شارك في المنافسة الرسمية مثلت أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وأمريكا الجنوبية وآسيا والمغرب العربي وإفريقيا والعالم العربي والتي عرضت لأول مرة مع دبلجة باللغة العربية.

وشكل المهرجان ايضا مناسبة لعرض بانوراما لعشرين فيلما مغربيا أخرجت ما بين سنتي 1958 و2000 و65 فيلما من بلدان مختلفة.

كما تم الاحتفاء بعرض افلام هندية شهيرة تجمع بين الحداثة والتراث السينمائي علي مدي الاربعين سنة الماضية.

وتم خلال حفل الافتتاح تكريم ثلاثة من أعلام السينما العالمية وهم الممثلة الايطالية كلاوديا كاردينالي والمخرج المصري يوسف شاهين والممثل الاسكتلندي شين كونري .

وفي مايلي لائحة توزيع الجوائز التي اعلنتها لجنة التحكيم التي اسندت رئاستها للسينمائي البريطاني ألان باركر.

ـ جائزة النجمة الذهبية : فيلم سايدويز (الافتراق) لمخرجه الأمريكي ألكسندر باين.

ـ جائزة لجنة التحكيم: مناصفة لفيلم أشباح كهربائية للمخرج كسياو دجيانغ (الصين) والفيلم السينغالي مولادي للمخرج أوسمان سامبين.

ـ جائزة أحسن دور نسائي: الممثلة الأمريكية فيرا فارميكا عن دورها في فيلم عمق الجرح للمخرجة ديبرا غرانيك.

ـ جائزة أحسن دور رجالي: الممثل بوكدان سطوبكا عن دوره في فيلم الأقارب لمخرجه ديميتري ميسخييف (روسيا).

* لجنة التحكيم: ألان باركر رئيسا (بريطانيا) وشانطال أكيرمان (بلجيكا)، مخرجة وكاتبة سيناريو وروزانا أركيت (الولايات المتحدة الامريكية)، ممثلة ومخرجة وغيوم كاني (فرنسا)، ممثل ومخرج وباولو كويلهو (البرازيل)، كاتب وهنري ديبارك (الكوت ديفوار) ، مخرج وكاتب سيناريو وسمير فريد (مصر) ناقد ومؤرخ وساريم الفاسي الفهري (المغرب) ، منتج ورئيس الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام وفاليريا كولينو (إيطاليا)، ممثلة ولورا مورانتي (إيطاليا)، ممثلة.

* فيلم الافتتاح: ـ الجريمة الكاملة (إسبانيا) لألكس دي لا إيغليسيا مع غييرمو وتوليدو ومونيكا سيرفيسا (مشارك في المنافسة)

* فيلم الاختتام: ـ حب في بوليوود (بريطانيا والهند) لغوريندير شادها مع إيشواريا راي ومارتن هاندرسن.

واحتفي المهرجان بالسينما المغربية وسلم نور الدين الصايل المدير العام للمركز السينمائي المغربي نائب الرئيس المنتدب للمهرجان المخرج المغربي الرائــــد محمد عصــــفور قيدوم السيـنمائيين المغاربة جائزة باسم كل السينمائيين المغاربة من رئيس الغرفة المغربية لأصحاب القاعات السينمائية برهانا علي الأمل والمستقبل .

وقال الصايل إن هذا التكريم هو لماضي السينما المغربية ولكن أيضا لمستقبلها معربا عن تمنياته لها بمزيد من التقدم والازدهار. وذكر بمعاناة أصحاب القاعات السينمائية التي تتناقص باستمرار في ظل اطراد تطورالسينما المغربية.

وأوضح الصايل أنه بعــــرض اكثر من عشـرين فيلمـــا ضمن بانوراما الافلام المغربية (1958 ـ 2000) تغيي المهرجان التأكيد علي أن السينما المغربية حاضرة بقوة من خلال الاشخاص الذين يصنعونها في كل المجالات.

وأضاف أن الأمر يتعلق أيضا بـ الاعراب عن الحب الذي نكنه للسينما المغربية وللتقدير الذي نكنه لمقاومة السينمائيين المغاربة ازاء كل المثبطات والمحبطات .

وفي كلمة لأصغر المخرجين المكرمين سنا أعـرب نبيل عيوش عن امتنانه لهذا التكريــم الجماعي للسينما المغربيـــة وقــال أن محمد عصفور طبع السينــما المغربية ببصماته وأعطاها الدفعة الأولي بكثير من الحب والتفاني.

وأضاف باسم كل المخرجين المغاربة الحاضرين (حسن بنجلون، فريدة بليزيد،حميد بناني، أحمد بولان، مصطفي الدرقاوي، أحمد المعنوني، عبد القادر لقطع، محمد عبد الرحمن التازي) عن الامتنان لكل من أسهم في اغناء الحقل السينمائي الوطني.

واكد عيوش ان الاحتفاء بالسينما المغربية هو احتفاء بكل الانجازات الفردية وكل الطاقات والفنانين الذين يخلقون سينماهم بكل اخلاص معربا عن يقينه بأن المهرجان الذي يسعي للحفاظ علي طابعه المغربي مع المزاوجة مع البعد العالمي، سيكبر وينمو علي مر السنين.

القدس العربي في

15.12.2004

 
 

مهرجان مراكش يوزع جوائزه القليلة على مستحقيها:

دروب الحب للأميركي وللروسي وداع "الوطنية"

مراكش - ابراهيم العريس

الكلمة التي انطبعت على كل الشفاه, لدى الخروج من صالة العرض الفخمة في قصر المؤتمرات حيث تعقد الدورة الرابعة لمهرجان مراكش السينمائي الدولي, كانت كلمة روسية: "بريسترويكا". ولم يكن ذلك, فقط, لأن الفيلم الذي انتهى الحضور من مشاهدته كان فيلماً روسياً... بل, تحديداً, لأن المتفرجين رأوا في الفيلم اول تطبيق حقيقي وشجاع لمبدأ "البريسترويكا" (الشفافية) الذي كان احد اسس الانقلاب التاريخي الذي احدثه ميخائيل غورباتشيف في بلاده, فقلب العالم كله رأساً على عقب.

بيد ان الكلمة لم تكن دقيقة إزاء ما يتحدث عنه ذلك الفيلم المعنون "جماعتنا". ففيلم ديمتري ميشكييف, بدا, في الحقيقة, اكثر من ذلك بكثير: بدا فيلماً يقلب مفهوماً تاريخياً من اساسه, ويعيد الاعتبار الى الإنسان وتناقضاته على حساب اليقين الإيديولوجي, وللتوضيح أكثر لا بد من ان نذكر ان الحرب العالمية الثانية التي يتواضع الناس جميعاً على تسميتها بهذا الاسم, تسمى في الاتحاد السوفياتي "الحرب الوطنية الكبرى". ولئن جاء "جماعتنا" ليقول لنا شيئاً, فإنه جاء ليقول انها ابداً لم تكن حرباً وطنية, حتى وإن كانت كبرى. ذلك ان الفيلم اتى على عكس مئات الأفلام السوفياتية ثم الروسية المتحدثة عن تلك الحرب, ليضع الألمان في الخلفية كمجرد آلة تدمير وقتل لا بعد إنسانياً لها, وليجعل الحرب بين روس وروس. بل في داخل كل روسي فرد: اتى للمرة الأولى - على حد علمنا - ليقول, ما كان الفرنسيون قالوه منذ زمن بعيد: لم يكن في إمكان النازيين ان ينتصروا لو لم تقف في صفهم اعداد كبيرة من الشعوب التي احتلوا اراضيها... وليست, دائماً, حباً بالنازيين, بل نكاية بالنظام السوفياتي الحاكم وكراهية له.

انه خطاب يقرب, في رأي الستالينيين وغيرهم, من حدود الخيانة العظمى. بيد ان مخرج الفيلم عرف, في الوقت نفسه, كيف يدافع عن الإنسان واختياراته, وكيف يبررها, ناسفاً كل يقين لحساب تساؤلات شائكة. وإذا كان الممثل بوغدان سوبكا جسد في شخصه تلك التناقضات والأسئلة, من دون ان يتنازل عن وطنيته عند نهاية هذا الفيلم الجميل, القاسي والمدهش, فإن ديالكتية شخصيته وقسوتها ومركزيتها في الفيلم اعطته في نهاية الأمر جائزة افضل ممثل في مهرجان مراكش... وليس في هذا سوى ذروة العدل وإن كان مؤسياً ألا يفوز "جماعتنا" بأكبر جائزة في هذا المهرجان كفيلم رائع قوي, لغة ومضموناً, وكفيلم من المؤكد ان الحديث عنه سيكثر مستقبلاً.

صداقة ونبيذ

على "جماعتنا" فضلت لجنة التحكيم, التي يترأسها الإنكليزي سير آلان باركر, فيلماً اميركياً لا يقل عنه جمالاً, وإن كان يصعب القول بأنه شكل مفاجأة حقيقية من طينة مفاجأة الفيلم الروسي. الفيلم عنوانه "طرق جانبية" وموضوعه الحب والحرية والنبيذ. وهو من توقيع الكسندر باين, احد أبرز الوجوه الجديدة في السينما الأميركية, وكان أثار اعجاباً كبيراً بفيلمه السابق "عن شميدت" من تمثيل جاك نيكلسون (الذي كاد ينال اوسكاراً عن الفيلم). في هذه المرة لم يهتم ألكسندر باين بوضع نجوم في فيلمه, بل جاء بممثلين ثانويين اقوياء ليعهد إليهم بموضوع مستقى من الحياة اليومية, لكنه يعرف كيف يسمو بهذه الحياة: الموضوع بسيط إذاً, صديق يصحب صديقه الوفي قبل اسبوع من زواجه في جولة على دروب جانبية تجتاز مناطق زراعة العنب وصنع النبيذ الفاخر في كروم كاليفورنيا. انها في الأصل رحلة وداع للعزوبية... لكن الذي يحدث هو ان الحياة الحقيقية, لا الوهمية التي كانا يعيشان فيها, تتكشف خلال الطريق امام الصديقين. وحتى وإن كان الأمر سينتهي بالزواج المتوقع منذ البداية, فإن الرحلة بدت تعليمية تماماً, جذابة تماماً, وتخوض في عمق أعماق الأخطار الإنسانية يوم يتأرجح المرء بين ما يريحه وبين ما يمنعه. طبعاً, سينتصر الواجب وما يريح, في نهاية الأمر, على ما يمتع ويؤمن الحرية... لكن الثمن باهظ. من حول هذا الموضوع العادي - والمعروف كثيراً من قبل - قدم ألكسندر باين "فيلم طريق" (رود موفي) استثنائياً, فيه نبض الحياة نفسها وتأرجحاتها. وفيه خطابات مدهشة حول الصداقة ومعنى الحياة. ويقيناً ان هذا البعد في الفيلم, كان هو ما يسر له ان يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان فضل - تحت سماء مراكش - لعبة الحب على لعبة الحرب, من دون ان يسهى عن بال احد - بمن فيهم لجنة التحكيم - ان الفيلمين لا يقارنان, إذ نحن, في حضرة "دروب جانبية" امام فيلم رائع, لكننا في حضرة "جماعتنا" امام تحفة سينمائية نادرة.

تحفة سينمائية نادرة كانها ايضاً فيلم "الاسكندر" لأوليفر ستون الذي عرض في المهرجان في اول عرض عالمي له, والفضل في ذلك يعود الى ان اجزاء كثيرة من هذا الفيلم صورت في المغرب نفسه. وهو امر اثنى عليه مخرجه حينما كُرم قبل عرض الفيلم. "الاسكندر" الذي يمكن ان يقال عنه بكل بساطة ان اوليفر ستون حقق فيه حلم ستانلي كوبريك المتعلق بفيلمه الذي لم يحققه ابداً عن نابوليون. و"الاسكندر" كان الفيلم الذي نال اكبر قدر من التصفيق - ولكن من الانتقادات الجانبية ايضاً, وبخاصة من لدن اناس لم يستسيغوا تصوير مثلية الزعيم المقدوني الجنسية على هذا الشكل! -... لكنه مع هذا لم ينل اية جائزة والسبب انه اصلاً لم يكن داخل المسابقة الرسمية مثله في هذا مثل افلام يوسف شاهين و"باب الشمس" ليسري نصر الله.

مافيا تحبس الأنفاس

في المسابقة كان هناك في المقابل اربعة عشر فيلماً, يمكن ان نقول عنها في شكل اجمالي انها تحف صغيرة او متوسطة, ما جعل الملاحظ اساساً في هذه الدورة من مهرجان مراكش, حسن اختيار افلام المسابقة الرسمية على وجه الخصوص... إذ انها, ومن اي بلد اتت, بدت متميزة في شكل اجمالي, بل ان بعضها اتى على شكل اكتشاف حقيقي (مثل فيلم "الافتتاح" التايلاندي الذي يصور حكاية عازف آلة موسيقية, منذ بدء طفولته حتى نهاية حياته, في عمل رائع رائق غريب, من المؤسف انه لم يعط اية جائزة, وكذلك مثل فيلم "تينا" البرازيلي, من إخراج هيكتور داليا, وهو فيلم تجريبي يروي الحياة اليومية البائسة والمفعمة بالحرارة والمرارة في آن معاً لصبية بالكاد خرجت من المراهقة. "تينا" باختصار فيلم يقول كم ان السينما بدأت تستفيد من اساليب الفيديو كليب على أيدي مبدعين يعرفون ماذا يريدون, وهو نفسه ما يمكن ان يقال ايضاً عن "جيانه هو" الفيلم الآتي من هونغ كونغ ليروي فصلاً من حكايات عصابات المافيا, في لغة دينامية تحبس الأنفاس).

وإذا كانت هذه الأفلام لم تفز إلا بإعجاب الجمهور, فإن فيلم "الجرح عميق حتى العظم" للأميركية ديبرا كرينك لفت الأنظار وبخاصة بالنسبة الى الدور الرائع الذي مثلته فيه بطلته فيرا فارميغا, التي ادت هنا دور امرأة متزوجة ولها طفلان وتعمل بائعة في سوبر ماركت, وتكاد حياتها تكون عادية انسيابية لولا... إدمانها المخدرات. وهذا الإدمان هو الذي يقودها الى دمار داخلي وخارجي, ثم الى علاقة مع ممرض كان هو من يتولى إرشاد المدمنين الى الطريق الصحيح... لكنها ستكتشفه ذات لحظة مدمناً بدوره. المهم هنا هو ان ايرين (اسم فيرا في الفيلم) لا تستسلم لما بها, لكنها تحاول معالجة نفسها... ثم في كل مرة تكتشف عجزها عن ذلك. والمهم ايضاً هو ان مخرجة الفيلم, التي تقدم هنا فيلمها الأول, ابقت النهاية مفتوحة كما يجدر بمثل نهاية هذا الفيلم ان تكون. والمهم اكثر من هذا كله هو ان فيلماً مثل "الجرح عميق حتى العظم" يأتي ليقول لنا مرة اخرى ان اداء متميزاً لقبضة من ممثلين مندمجين تماماً في موضوع فيلمهم, يمكنه ان يحمل فيلماً بأسره ويحميه, ويمكنه ان يعطي موضوع الفيلم الذي قد يكون في الأصل عادياً, قوة استثنائية. والحال ان ما نقوله عن فيلم ديبرا كرينك هنا, هو ما يمكن ان نقوله نفسه عن بقية الأفلام الفائزة, ولا سيما عن "دروب جانبية" وعن "جماعتنا" وعن دور نينا بخاصة في فيلم "نينا"... إننا هنا, في الحالات كلها, امام اداء يتفجر على الشاشة مقدماً الإنسان في صعوده وهبوطه, في جحيمه ونعمه, من لحم ودم من دون غرق في سيكولوجيا الندم او محاسبة الذات التبريرية المزيفة.

اشباح وختان

ولعل المشكل الأساس في مهرجان مثل "مراكش" هو ضآلة عدد جوائزه, وإلا لكان في وسعنا ان نتوقع مزيداً من الجوائز لمزيد من الأفلام ولمزيد من المبدعين. ولكن ما العمل والجوائز هنا اربع فقط, إذ اضافة الى ما ذكرنا تبقى جائزة سميت بالجائزة الخاصة للجنة التحكيم... وفاز بها, مناصفة, فيلمان, واحدهما من الصين والثاني من السنغال. الفيلم الصيني من تحقيق المخرجة كسياو دجانغ (وهو فيلمها الأول) وعنوانه "اشباح كهربائية" ويدور حول موضوع اجتماعي يرتبط بحياة الإنسان في الصين بعد انقضاء الثورة الصينية الثقافية, لكن اطاره هو السينما, التي يقدم إليها هذا الفيلم تحية رائعة من خلال قرار البطلة, بعدما حاولت الانتحار, الاستمرار في الحياة مستلهمة عزيمة ممثلات افلامها المفضلة وحياتهن. والحقيقة ان هذه الحبكة التي تكاد تشبه اسلوب السينما داخل السينما, تخفي وراءها نوعاً من المراجعة لجزء من تاريخ الصين وتاريخ مجتمعه في سؤال حول الموقع الحقيقي للإنسان فيه.

وهذا بالضبط ما يحاول ان يقوله, وإن بحدة اقسى وعبر موضوع شائك, المخرج السنغالي الكبير سميان عثمان من خلال فيلمه "مولادي", الذي يعود به الى الشاشة الكبيرة بعد غياب سنوات, بل يقدم حتى - وهذا تحد يحسب له - من دون وجل على التباري لنيل جائزة في المهرجان بفضله, واحد من كبار مؤسسي السينما الافريقية وصانعي تاريخها. عثمان يتناول في هذا الفيلم, وفي قالب لا يخلو من الطرافة مسألة ختان الفتيات في السنغال. وهذه المسألة يتم تناولها هنا من خلال شخصية كولي, الأم القوية التي تقرر تخليص ابنتها من طقوس الختان, فاتحة الطريق امام اربع فتيات من القرية لكي يهربن من هذه الطقوس بدورهن ويلجأن الى ديارها... ما يغضـب اهـل القـرية عليهن جميعاً.

لم يفز سميان عثمان بالجائزة الكبرى التي كان من الممكن توقعها له, لكنه فاز مناصفة مع "اشباح كهربائية" بالجائزة الخاصة, محققاً نصف انتصار.

اما الانتصار الكبير فقد حققه بالتأكيد, اعضاء لجنة تحكيم هذا المهرجان, من الذين عرفوا كيف يختارون وكيف يقنعون باختياراتهم جمهوراً محباً للسينما, ملأ القاعات وأنجح المهرجان في شكل اشار الى ان هذه التظاهرة السينمائية المراكشية مرحشة, إذا سارت على الطريق نفسها, الى تحقيق نجاحات اكبر في السنوات المقبلة, وإلى انه حينما يقبض سينمائيون حقيقيون (من امثال نور الدين صايل والفريق العامل معه) على ناصية مهرجان سينمائي, يعطون المهرجان فرص نجاح وإقناع كبيرة.

الحياة اللبنانية في

17.12.2004

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)