كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

العقاد والرسالة

هذا موت مجاني آخر

لاطعم له ولاشكل ولا رائحه

عماد النويري

عن رحيل أمير الأحلام

مصطفى العقاد

   
 
 
 
 

ذهب الرجل ليحضر حفل زفاف مع ابنته وفجأة تحولت الابنة إلى أشلاء وتحول هو إلى أب مصاب وحزين ومكلوم وشاهد على انفجار شرايين الحياة في مهرجان للموت العبثي.

هذا موت مجاني آخر يأتي من غياهب الظلمة ومن سراديب الفكر الأسود ليقتل رجلا وابنته وكانت صناعة هذا الرجل هي الدعوة إلى الحب والتسامح والنهوض بالحياة.

هذا الرجل هو الذى ضيع من حياته الكثير ليقدم للمشاهد العربى والمشاهد العالمى فيلم «الرسالة» كاول فيلم عن الإسلام يتوجه إلى الجمهور الغربي وكأول فيلم في تاريخ السينما العربية يقدم الإسلام كرسالة حضارية قادرة على مخاطبة كل البشر، ويعرض للإسلام كدعوة إنسانية تحتفي بالانسان بعيدا عن القبلية والعنصرية والطائفية. وكحد فاصل بين مرحلتين في تاريخ البشر. وكصوت حق قادر على مخاطبة البشر في كل زمان ومكان.

هذا الرجل الذى اغتالته يد الغدر ضيع الكثير من حياته ليقدم للعرب والعالم فيلم «عمر المختار» ليظهر فيه واحدا من ابطال العرب الذين رفضوا الاستسلام والانهزام والذين وقفوا في وجة المستعمر دفاعا عن الكرامة والشرف.

هذا الرجل ومنذ عشر سنوات وهو يبحث عن تمويل اخر ليواصل رسالته القومية لاخراج فيلم اخر عن البطل صلاح الدين ولم يتنازل حتى اخر قطرة في دمه احتراما لقناعاته بضرورة تقديم الفيلم بعيدا عن تدخلات الحكومة والبرلمان ورفضا لتحويل الفيلم كبوق دعائي للسلطة والسلطان.

عن عمر ناهز الـ 71 عاما رحل عن دنيانا المخرج العربي العالمي مصطفى العقاد اثر الانفجارات التي وقعت مؤخرا بفندق غراند حيات في الأردن، وكان قد اصيب بجرح كبير في الرقبة، وفقد الكثير من دمه ونقل إلى المستشفى وهناك وافته المنية بعد ايام او ساعات من الالم والحزن النبيل.

رحل العقاد وبرحيله تنطوى صفحة مهمة من تاريخ السينما العربية حاول صاحبها جاهدا ان يغري الحكومات العربية بتوفير ثمن طائرة حربية من تلك الطائرات القابعة في المطارات العربية دون حراك لكى يقيم وزارة اعلام متنقلة للدفاع عن قضايانا. رحل العقاد من دون ان يحقق بقية أحلامه ربما ادرك في اللحظات الأخيرة ان هذه أمة لم تعد تعرف أصدقاءها من أعدائها.

رحل العقاد وكان في عينيه منذ ثلاثة أسابيع عندما أتى إلى الكويت حزن الطفولة وبريق الوداع الكبير.

رحل العقاد بيد من أهدى إليهم «الرسالة» وكيف يقرأ من لايجيد سوى لغة القتل والدم.

رحل العقاد وبرحيله ينطفئ نجم في سماء التنوير العربى وبرحيله تنسحق زهرة ياسمين تحت أقدام دعاة الظلام.

هذا موت مجاني آخر.

ولعله يكون «رسالة» جديدة لمن يستطيع القراءة.

القبس الكويتية في

12.11.2005

 
 

رحيل مخرج "الرسالة" و "عمر المختار "

الارهاب يغتال العقاد وابنته .. واحلامه الجميلة

إعداد ـ نيفين أبولافي

«احلم على قدك، او اذهب الى الشام او مصر لتدرس الاخراج هناك»، تلك هي الكلمات التي رددها اهالي مدينة حلب على مسامع المخرج العربي العالمي مصطفى العقاد اثناء طفولته والذي وافته المنية متأثرا بجراحه بعد اصابته في تفجيرات وسط عمان الارهابية حيث وصل الى الاردن لحضور حفل زفاف في فندق حياة عمان الذي شهد احد الانفجارات الثلاثة وقد فقد العقاد ابنته فور وقوع الانفجار في بهو الفندق وذكرت مصادر طبية تعرضه لنزيف شديد في رقبته.

هذا المخرج السوري الذي ولد في حلب عام 1933 كان مصمما على ان يصل الى هوليوود ليقدم فيها احلامه السينمائية فدرس السينما في اميركا عام 1954 متبعا ذلك بدراسة الفنون المسرحية في جامعة كاليفورنيا حتى عام 1958.

وقد اخذ العقاد على عاتقه تقديم القضية العربية والاسلامية مستندا إلى التاريخ الطويل وما قدمه العرب والمسلمون للبشرية سواء كان ذلك في الفتوحات الاسلامية والانتصارات القديمة او من خلال علم الفلك والطب واكتشاف الابجدية.

قدم المرحوم اشهر افلام السينما العربية في المجال التاريخي منها فيلما الرسالة وعمر المختار، حيث وجه الاول إلى الجمهور الغربي عام 1976 ليتحدث عن الاسلام وصدر منه نسختان باللغة العربية والانكليزية اما البطولة فهي لانطوني كوين وايرين باباس، والثاني تناول نضال الشعب الليبي ضد الاحتلال الايطالي عام 1980، وقد اشتهرت له عدة افلام في هوليوود اهمها فيلم الرعب «هالوين» الذي قدمه عام 1978.

لم يكن العقاد عاديا في مشاعره التي بلغت من الصدق منتهاها تجاه الشعوب العربية وكانت شغله الشاغل في كل ما يقدمه من اعمال مكونا موقفا واضحا تجاه الازمات والانتكاسات السياسية والاجتماعية فتحدى سيطرة اليهود على هوليوود ماديا معتبرا ان الابداع اقوى وهذا ما لا يمتلكونه الا انه رأى ان الشعوب العربية تخضع لعملية تقليص للعقول وازاحة لعملية التفكير ليؤخذ القرار عوضا عنها وقد اتخذ العقاد موقفا اثر التطورات السياسية الاخيرة في المنطقة تجاه التطرف والارهاب معتبرا ان التطرف الديني في مفهومه هو عامل اضعاف للكائن البشري وهو عين الجهل، مصرحا في احد لقاءاته الصحفية باتهام احد هؤلاء المتطرفين له بالكفر بعد حوار دار بينهما بشأن سيناريو يتعلق بأحد افلامه، الامر الذي اصابه بالحزن لكونه احد المبدعين العرب الذين يسعون الى ايجاد صورة مشرقة عن المسلمين والعرب في عيون الغرب.

وقد زار العقاد الكويت مؤخرا خلال شهر رمضان الماضي للمشاركة في احد البرامج الرمضانية موضحا في المؤتمر الصحفي الذي عقده فور وصوله ان صورة العالم العربي اصبحت ملتصقة بالارهاب لدى السينمائيين في هوليوود لعدم وجود اعلام عربي موجه في هذا الاتجاه.

ماذا قال العقاد في 77 عندما زار الكويت؟

في يوم السبت 27/8/1977 زار مصطفى العقاد الكويت وصرح لـ«القبس» بانه يستعد لانتاج فيلم سينمائي تاريخي على مستوى عالمي عن صلاح الدين الايوبي تزيد تكلفته عن عشرين مليون دولار وسيكون ناطقا باللغة الانكليزية مصحوبا بالترجمة العربية وكان هدفه من زيارة الكويت للاتفاق على عدة مشاريع فنية تهدف الى احياء التراث الاسلامي والعربي القديم بعد قيام لجنة خاصة من كبار الكتاب العرب باعداد النصوص وكتابة السيناريوهات لها وستكون كل هذه الاعمال باللغة الاجنبية حتى يستطيع الغرب فهمنا والتعرف على حضارتنا العربية والاسلامية. وتحدث العقاد خلال اللقاء عن عدة مشاريع بعد صلاح الدين مثل فتح القسطنطنية وعبدالرحمن الناصر وخالد بن الوليد والخنساء وابوزيد الهلالي والف ليلة وليلة مستشعرا بهذه الاعمال الايام الخالدة للمسلمين والعرب.

وقد استمر حديث العقاد عن انتاج فيلم صلاح الدين حتى مات حلمه بعد ان ابتعد عنه الممولون لانتاج هذا العمل حيث حاول العقاد استنساخ صلاح الدين في عمل سينمائي ليشهد تحرير القدس على يد البطل الاول حالما بالبطل القادم فطالت يد الارهاب والغدر حلمه السينمائي والواقعي فلم يشهد لا تحرير القدس ولا احياء صلاح الدين دراميا او معنويا في نفوس العرب والمسلمين وبقيت احلامه بلا ترجمة تاركا وراءه غصة في نفوس كل من حلموا مثله تتربص بهم اياد عابثة بأفراحهم وآمالهم وكأنها لا تريد لهم ان يعيشوا خيالا لمستقبل مشرق مدمرة كل ما يمكن بناؤه من اسس صحيحة للدين والعروبة لتشوّه كل ما هو جميل فيهما.

الرسالة وفيلم «الرسالة»

من على طاولته في الفندق السياحي في حلب المطل على ساحة سعدالله الجابري التي اعتاد على تناول فنجان القهوة فيها والتفكير في المستقبل انطلق مصطفى العقاد ليتخطى حدود العالم العربي آخذا معه احلامه لوطن عربي واحد كبير مشرق الحاضر والمستقبل. فكانت اولا اعماله في هذا الاتجاه فيلم «الرسالة» الذي قدمه في نسختين عربية واجنبية والذي يعد من افضل الافلام الدينية العربية التي انتجت في تاريخ السينما منتقيا فيه الكفاءات الفنية، وقد مكث العقاد لسنة كاملة في القاهرة في بداية السبعينات لاعداد السيناريو مع كبار الكتاب العرب وهم توفيق الحكيم ويوسف ادريس وعلى رغم حصوله على موافقة الازهر الشريف على سيناريو الفيلم الا انه لايزال عرضه ممنوعا على الشاشات المصرية بدعوى ان الفيلم يظهر بعض الشخصيات الاسلامية التي لا تسمح بظهورها القوانين الازهرية حماية لاصول الدين، الا ان الفيلم عرض عظمة الدين الاسلامي وقدرته على البقاء والانتشار ورفضه لكل اشكال العنف ودعوته إلى التسامح وقد صرح العقاد رحمه الله في احد لقاءاته الصحفية بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر انه بيعت 100 الف نسخة من فيلم الرسالة للقوات الاميركية واجرت معهم احدى المجلات حوارا لمعرفة سبب ذلك فتبين انهم ارادوا معرفة الاسلام فمنهم من اشترى كتبا ومنهم من اشترى افلاما.

القبس الكويتية في

12.11.2005

 
 

الفنانون والمثقفون في الكويت يستنكرون الحادث

تحقيق مفرح حجاب:

استنكر الوسط الفني والاعلامي والثقافي في الكويت الحادث الارهابي الذي أودى بحياة المخرج العالمي مصطفى العقاد.

وقال هاشم محمد الشخص مدير مؤسسة البرامج المشتركة لدول مجلس التعاون الذي كان مساعدا للعقاد في فيلم الرسالة بالمغرب انه شعر بصدمة قوية عندما سمع بنبأ وفاة العقاد لانه اكثر من قدم خدمة للاسلام من خلال فيلمي «الرسالة» و«عمر المختار»، واذا كان من قتله يدرك انه موجود ضمن هذا العرس لا يمكن ان يقترف هذا العمل الجبان.

واعتبر الدكتور عبدالله الغيث عميد المعهد العالي للفنون المسرحية ان الساحة الفنية والثقافية في الوطن العربي قد خسرت علما كبيرا في المجال السينمائي قدم لها روائع شاهدها العالم بأسره وخدم من خلالها امته العربية.

واستنكر السينمائي عامر التميمي الحادث الأليم وقال لقد خسرت الساحة الثقافية العربية الكثير بعد وفاة العقاد وهذا يؤكد ان الارهاب لا هدف له وليس صاحب رسالة سياسية عندما يجلب موتاً رخيصاً لاناس ابرياء.

وقال عامر الزهير مراقب ادارة السينما في المجلس الوطني للثقافة والفنون سابقاً انه خبر مؤسف ان يموت العقاد في حادث ارهابي جبان لانه استطاع ان يجعل هناك بصمة في السينما العربية ويشرح قضايا العالم العربي من خلال اعماله العالمية بشكل او باخر لافتاً الى انه كان يتمنى ان يقدم العقاد اكثر من مشروع.

وشددت الفنانة القديرة سعاد عبدالله على ان موت العقاد خسارة كبيرة جداً على العالم العربي وعلى الحالة الثقافية والفنية لكونه احد رموزها وقالت: ادين هذا العمل بشدة ان يحصد ارواح الابرياء العرب متسائلة اي نصر حققه هؤلاء الارهابيون واعتبرت ان العقاد خدم العرب خدمات جليلة سيذكره من خلالها التاريخ ونحن على رغم ألمنا وحزننا عليه لا نملك سوى الدعاء له بالرحمة.

وقال الفنان محمد المنصور ان العقاد حدثني قبل ايام قليلة من بيروت واتفقنا على بعض المشاريع وقد صدمت اليوم عندما علمت بوفاته، لأنه انسان غال وعزيز ودائما يذكر فضل الكويت في انطلاقته.

واعتبر المخرج السينمائي عبدالله بوشهري وفاة العقاد خسارة كبيرة للعالم العربي والانسانية جمعاء، وقال ان العقاد يعد نموذجا لكل مجتهد، ولكل من لديه طموح، ولكل من لديه فكر ولكل من يريد ان يخدم امته ووطنه حيث قدم للعالم العربي خدمات سيذكرها التاريخ ولا ينساها.

هذا وقد اعرب الامين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدر الرفاعي عن اسفه لموت المخرج مصطفى العقاد، وقال نحن ندين الارهاب بكل اشكاله وندين العمل الجبان الذي اودى بحياة العقاد والذي يدل على ان المثقفين دائما في الصفوف الامامية للمواجهة، على رغم انهم عزل لا يملكون سوى الكلمة والفكر الذي ينير الطريق.

من جانبه رثى د.خالد عبداللطيف رمضان الفقيد مصطفى العقاد موضحا انه احد اعلام الحركة الثقافية والفنية في الوطن العربي وهو المخرج من السينما العربية الى العالمية واعماله شاهدة وخالدة وقد تميز باسلوبه في الانتاج على اسس علمية واقتصادية والساحة السينمائية الاميركية شاهدة له بذلك وبرحيله خسرت السينما العربية علما من اعلام السينما البارزين.

سوريا تنعى العقاد

دمشق ـ نعت سوريا المخرج السوري والعالمي مصطفى العقاد الذي توفي اليوم في احد مشافي العاصمة الاردنية عمان متأثرا بجروح اصيب بها في احد الاعتداءات الارهابية التي استهدفت مساء الاربعاء الماضي ثلاثة فنادق في عمان.

وكان المخرج العقاد وصل الى عمان لحضور حفل زفاف من المقرر ان يقام اليوم الجمعة في مدينة العقبة الاردنية حيث كان في بهو الفندق يستقبل ابنته لحظة وقوع الانفجار مما اسفر عن مقتلها على الفور واصابته اصابة بالغة.

القبس الكويتية في

12.11.2005

 
 

من المستفيد من قتل مبدع قدم حضارتنا إلى العالم؟

رحل العقاد وخسرنا «صلاح الدين» و«أمير الأندلس»

حسين قطايا

أن نقتل الأبرياء والمساكين، أن نذبح لحظة فرح في عرس، أن ندوس على قيمنا الدينية والثقافية والاجتماعية، أن نلعن الضوء والشمع، أن نصبح عبيداً للظلام، أن نشوه كل »أيادينا البيض« على الحضارة الإنسانية، أن تختصرنا مجموعة جاهلة وتغيبنا وتضعنا في صندوق، في علبة سوداء مليئة بالمشاكل والحقد على الحياة والفرح. فمن نخدم؟ ولمن نعمل؟ وإلى متى تستمر هذه الجرائم المأساوية؟

من شرم الشيخ إلى لندن ونيويورك وعمان وبغداد ومدريد القتيل فقط هو البريء. رب أسرة أو امرأة عاملة، أو تلميذ، أو فنان، أو مثقف، أو ظل شجرة، أو جناح طائر. والقاتل واحد. زرعه أعداء الإنسانية جمعاء ليقتل الإنسان فينا. وليغتال العقل. ويطعن القلب. وليقطع الأوصال، ويسلمنا إلى شياطينه التي يدعوها ملائكة.

بأي ذنب تقتلون؟

يا ذا الجلالة، يا الله نجنا من عدوٍ يسفك دمنا ويشربه..

بالأمس رحل المخرج العربي الكبير مصطفى العقاد مع العشرات من الأبرياء، إثر التفجيرات التي وقعت في عمان. وخرج القاتل ليعلن بوقاحة مسؤوليته عن هدر هذا الدم ولم يخجل. لم يتوار، لم يتخف، لم يسأل عن أسماء ضحاياه. من هم؟ ما هي أعمارهم؟ ماذا فعلوا، ماذا يفعلون؟ فهذا غير مهم، لأن القاتل لا يحمل السؤال ولا معناه. وبالطبع لا يهتم مجرم من هذا النوع بأي نوع من الإجابة.

مصطفى العقاد الذي ولد في مدينة حلب في سوريا وحمل معه أحلامه العربية والثقافية إلى عاصمة السينما الأميركية، لينتج ويخرج أفلاماً عنا وعنه، يقدم حقائق عن حضارتنا وثقافتنا وديننا. يقول فيها نحن شعب مؤمن وطيب ونعشق الحرية. ونقيم مكانة للعقل، وداراً للحكمة نرفض الاستغلال ونرفض الاستعمار، ونرفض الظلم، وننتمي إلى دين أساسه الحق والعدل والمساواة بين الإنسان وأخاه الإنسان وكلنا نتساوى بين يدي رب العباد والكون.

حصل العقاد على الجنسية الأميركية، لكنه لم يتخل عن قوميته وانتمائه إلى الثقافة العربية الإسلامية. فعمل في السينما عشرات الأفلام التجارية منها سلسلة أفلام الرعب »هالوين« التي نجحت في تحقيق مآربها داخل أميركا وخارجها ثم قدم السينما التي يحلم بها أي السينما الهادفة كوسيلة إعلامية نستطيع أن نقدم أفكارنا وتاريخنا للآخر الذي يجهلنا، ويجهل ما قدمت الحضارة الإسلامية العربية للعالم من رقي ومعارف كثيرة.

فكان فيلمه »الرسالة« و»أسد الصحراء«. الأول تحفة سينمائية عالمية حول الرسالة الإسلامية، والثاني حول الشيخ الليبي العربي والمسلم عمر المختار في ثورته ضد المستعمر الأجنبي. ومن ثم حاول جاهداً أن يجد تمويلاً لإنتاج فيلم عن القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي، الذي حرر بيت المقدس، لكنه لم يفلح.

ركز العقاد على التاريخ العربي الإسلامي، لأنه لم يجد في حاضرنا ما يمكن ان نتحدث عنه، ففي فيلم »الرسالة« استطاع ان يظهر للعالم الغربي حقيقة الرسالة الإسلامية بكل أبعادها الدينية القائمة على العدل والحق والتسامح وعن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، وما فيها من حكمة وقدرة على التجاور مع الآخر، شرط أن يسلم بوحدانية الخالق، وألا تعبد البشرية سواه، وألا يظلم الإنسان أخاه الإنسان، ولا يظلم نفسه بعبادة الحجارة والجهل. وقد أثر هذا الشريط بالجمهور الغربي تأثيراً كبيراً إيجابياً مما حدا بالأوساط الصهيونية والأجنبية المتطرفة أن تحاربه، وتحارب سينماه، وتحاول التضييق عليه، لكنهم لم ينجحوا ولم ينالوا منه، حتى استطاع التطرف القابع بيننا أن ينجح ويقتله باسم »الرسالة« العظيمة البريئة منهم ومن جهلهم.

وعلى المنوال نفسه استطاع هذا الفنان أن يسدد ضربة جديدة بفيلم »أسد الصحراء« في إسقاط رمزي على موضوع الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، فجن جنون اللوبيات اليهودية وقررت حرمانه من أي تمويل يساعده على تسديد أي ضربة أخرى بفيلم »صلاح الدين«، فتوجه إلى الممول العربي، الذي لم ينقذه أيضاً فبقي الحلم حلماً. منع من الصرف أو أن يصير حقيقة سينمائية.

يقول العقاد في مقابلة أجرتها معه فضائية »الجزيرة«: »في هوليوود مستحيل يمولوا الأفلام، يعني قضية فلسطين جسدتها بعمر المختار، عمر المختار بيشوفوه الآن كأنك عم بتشوف قضية فلسطين، في عندي موضوع عن الأندلس عن الحضارة اللي نحن عملناها في أوروبا، هالي بيسموا حالهم الآن متحضرين، كانوا يدرسوا بجامعات قرطبة. فالأشياء ما حدا بيعرفها، مو بس بالغرب، حتى ما بيعرفها إلا القلائل من شعوبنا، أنا هايدي رسالتي«.

ويضيف في مكان آخر من اللقاء ذاته: »بدي أقول للجمهور الغربي أنا قومي عربي، مسلم، كان عندنا حضارة، أعطينا العالم حضارة، بدي أوريهم نحن مش عالم عاش هايده هو، هايدي أنا تراثي، جذوري اللي علموني أياه في بيت العائلة، الله يكتر خير الوالد والوالدة، هايدي رسالتي أنا بدي أوصلها، مثلاً عمر المختار، لو بديت الفيلم بمجاهد رأساً لظن الجمهور بطوكيو ببرلين، لكن بدأته بمدرس معلم أولاد مدرسة، وهذا تركهم يتفاعلون معه. فكل إنسان في العالم بيعرف شو يعني أستاذ وشو يعني تلاميذ، تعاطفوا معه، حبوه، خلاص سيطرت على الجمهور، الآن صار مناضل بيناضله معه يبكي يبكوا معه«.

من الجدير ذكره أن فيلم »صلاح الدين« كان مخططاً له أن يلعب بطولته الممثل شين كونري، على أن يتم تصويره على أرض الأردن الذي قضى نحبه عليها. كذلك كان يستعد عملياً لتصوير فيلم بعنوان أمير الأندلس من بطولة الفنان عمرو دياب والممثلة السمراء من أصل عربي سلمى حايك، لكن الأيادي السوداء خطفت روح هذا الحالم الفنان المنتمي والبريء مع عشرات أرواح الأبرياء.

البيان الإماراتية في

12.11.2005

 
 

طوى رسالته كفنا على جسده

بقلم علي الرز 

صاحب "الرسالة" طوى رسالته كفنا على جسده ومضى. الرجل الذي افنى عمره في خدمة الحوار الحضاري بين الامم انهى عمره صراع الجهالات، وكأن المجرمين يريدون تثبيت صحة مقولته: التطرف هو عين الجهل. جسر بين الشرق والغرب هوى. جسر كان بحجم قامته يوم لم يكن الغرب غربا والشرق شرقا. جسر كان يعبِّد الطريق للقادم من تصادم، يوم كان "العدو" لا يحمل قسمات المنطقة ويوم كانت قسمات المنطقة مع العم سام ضد >يوري<. حمل سيناريو >الرسالة< في حقيبته عشر سنوات، يطوف حول وزارات الاعلام العربية علها توافق على عرض ظهور الاسلام في فيلم عالمي يخاطب الغرب في عقر داره بلغة التسامح والانفتاح والتوحيد. عشر سنوات وهو يقف امام باب هذا المسؤول العظيم وذاك الوسيط، يحاور بالكلام والمال والجهد وتعب الاعصاب كي يسمحوا بفيلم خال من >المحاذير< و>الممنوعات<، ثم تلا فعل التنازل تلو التنازل الى ان استقر الامر على سيناريو حذفت منه غالبية افكاره وتصوراته، التي رأى انها مفيدة لخلق صدمة حضارية لدى الآخرين. على النص المراقب والمحذوف، حقق >الرسالة< رسالته، اقبل عليه الغربيون وهم مندهشون كيف لخص النجاشي الفارق بين الاسلام والمسيحية بالخط الوهمي الفاصل بين وقفته ووقفة المبعوثين المسلمين اليه. وأتبع رسالته الدينية الحضارية برسالة سياسية عروبية قومية حضارية ايضا عن قدر الدفاع ضد المستعمر ولو بأصعب الظروف واضعف الامكانات... عمر المختار نموذجا. عربي، سوري، اميركي، فنان، مبدع، مخرج، منتج، سبق جميع اقرانه في اختراق المزاج الغربي بلغته ومفاتيحه واساليبه وطرقه. ابدع عن الغرب من الشرق وابدع عن الشرق من الغرب، توسعت مساحات حضوره في امكنة صعبة الاختراق على من يحمل سحنته، وفرض هويته فرضا في افكار لم تكن تعترف بها. يوم هاجم قراصنة الجو البرجين في 11 سبتمبر، تأكد العقاد ان الضربة طالت ايضا >رسالته< و>رسائل< امثاله، ويوم دخل العالم كله صراع الجهالات باسم صراع الحضارات تساءل ان كانت سينما الخيال تستطيع ان تغير صورة ساعات البث الحية على امتداد اللحظة... فالجميع في الغرب والشرق صاروا كتابا ومنتجين ومخرجين لآلة الموت والدمار بين الشعوب والحضارات، في افلام واقعية، الابطال فيها ابناء الحضارات وكذلك... المتفرجون والضحايا. وقبل ان يعرف الجواب عن تساؤلاته كان مشهد العالم يزداد بشاعة وبؤسا، فادرك ان الافلاس لم يقتصر فقط على السينمائيين. >سيرى العالم على اختلاف اجناسه واديانه صورة جديدة جديرة ان تضيء النفوس في كل عصر<... هكذا كتب في نهاية فيلم >الرسالة< قبل عشرين عاما. وبعد تسمره القسري مع الملايين امام الفيلم الواقعي >الحرب على الارهاب< قال: >التطرف هو عين الجهل<. وقبل يومين في عمان حصد الجهل عينه ورأسه وجسده كما اودى بابنته وعشرات الابرياء، في تفجيرات ممهورة بختم معروف. سقط مصطفى العقاد باوراق رسالته، كفنوه بها. لم يكتب بحبر قلمه نهاية فيلمه... كتبها بالدم. 

مصادر #الرأي العام (الكويت)

موقع "فولتير نت" في

12.11.2005

 
 

المخرج العالمي مصطفى العقاد: 70 عاما من العطاء.. 8 أفلام «هالاوين».. وفيلما «الرسالة» و«عمر المختار»

فتح عينيه في حلب عام 1935 وأغمضهما بعمان عام 2005

بقلم علي الصالح

يعود المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد غدا الى مسقط رأسه في مدينة حلب، جثة هامدة بعد أن فارقت روحه الحياة في مستشفى بالعاصمة الاردنية، عمان، صباح امس، متأثرا بجروح اصيب بها في التفجيرات الارهابية، بينما نقل جثمان ابنته ريما الى بيروت حيث كانت تقيم مع زوجها. وُلِدَ العقاد عام 1935 في مدينة حلب التي يطلق عليها «حلب الشهباء» في شمال وسط سورية، القريبة من الحدود التركية، لأسرة متواضعة وفقيرة. وفيها تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي. ولع بالسينما وحلم بدراسة الاخراج السينمائي وهو صغير.

وعن أحلامه هذه، نقل عن العقاد قوله: «حلب، هذه المدينة الصغيرة التي أحملها في قلبي دائماَ هي مدينتي، ولدت ونشأت فيها.. كان لدينا جار يعرض الأفلام السينمائية، وكان يأخذني في الصغر لأتابع كيفية عرض الأفلام وقص المشاهد الممنوعة. ومع مرور الوقت أصبحت مولعاَ بالسينما. وعندما بلغت الثامنة عشرة من عمري، قررت أن أصبح مخرجاَ سينمائياَ، وفي هوليوود تحديداَ. ويا لها من ردة فعل كانت لأهالي حلب بعد أن بُحْتُ بأحلامي، فقد أضحيت أضحوكتهم. قالوا: احلم على قدك، اذهب الى الشام أو مصر لتدرس الإخراج هناك... لكني كنت مصمماَ على هوليوود». واضاف: «عندما أعود الى الوراء، أجد أن ما كنت أفكر فيه آنذاك كان ضرباً من الجنون، فأولاً أبي رجل فقير «على قد حاله».. ثانياَ، الفكرة كانت مرفوضة اجتماعياَ.. لكنني قررت وعقدت العزم.. كنت حينها طالباَ في احدى المدارس الأميركية عندما قدمت طلباَ لجامعة «يو.سي.ال.آي». شاء القدر أن أحظى بالقبول... عندها قال لي والدي: افعل ما تشاء لكنني غير قادر على إعانتك مادياَ.. مكثت عاماَ كاملاَ أعمل لكي أوفر ثمن بطاقة الطائرة. وقبل رحيلي، أعطاني والدي مصحفاَ و200 دولار، وهذه كانت أقصى قدراته».

وعن رحلته، قال: «الرحلة كانت شاقة، فلقد ذهبت فقيرا مادياَ لكنني غني دينياَ وتربوياَ وقومياَ، وهذا كان رأسمالي... وعندما وصلت إلى أميركا وعرفت المجتمع هناك، قدّرت قيمة الأخلاق التي ربّاني عليها والدي، لكنني لا أنكر أنني حملت معي بعض مركبات النقص. وعلى مقاعد الدراسة ومع الاختلاط بعدة جنسيات، اكتشفت أنه لا ينقصني شيء، كوني مسلما وعربيا... وبعد هذا الاكتشاف حدث انقلاب في تفكيري ومركب النقص تحول الى ثقة. ومن هذه النقطة بدأت أنقل الخبرة إلى وطني وصممت أن أقدم لأمتي خلاصة تعبي وتصميمي، وذلك عن طريق الأفلام السينمائية. فتوجهت الى التاريخ، ففي يوم من الأيام حكمنا الأندلس وعلمنا «الهَمَجَ» الأوروبيين (آنذاك). نحن من علّمَ الفلكَ والطبَّ واكتشف الأبجديةَ». وكانت هذه بداية تحقيق الحلم، وأول خطوة على طريق الشهرة العالمية. وفي عام 1954 غادر الشاب الصغير الذي لم يكن قد أكمل عقده الثاني من العمر مسقط رأسه، ليدرس الإخراج في الولايات المتحدة. بعد التخرج، بدأ العقاد مرحلة المجاعة كما كان يصفها. فقد قدم طلبات عمل لسبعة استوديوهات ضخمة وجميع محطات التلفزيون ووكالات الاعلان. «حالفني الحظ عندما طلب المخرج سام بكينباه، من الجامعة مساعدته في اقتراح منصب مستشار يتحدث اللغة العربية ليساعده في فيلم عن الجزائر، لكن الحظ لم يطل، اذ تحررت الجزائر واسترجعت استقلالها عام 1962. ثم فتحت الابواب أمامي الى عاصمة السينما العالمية هوليوود. ولم يقتصر عملي على الاخراج والانتاج بل عملت ايضا ممثلا، وتواصل عملي على مدى 45 عاما».

شارك العقاد منتجا منفذا في سلسلة افلام «هالاوين». و«هالاوين» هو عيد يحتفل به في الغرب لا سيما بريطانيا والولايات المتحدة والبلدان الناطقة باللغة الانجليزية، حيث يخرج فيه الاطفال متخفين بثياب مختلفة، يطرقون أبواب المنازل طلبا للحلوى، مخيرين أصحابها بين تقديم الحلوى وما يجودون به مثل النقود.. او ممارسة المقالب عليهم. وفي افلام «هالاوين» التي وصل عددها حتى الآن إلى 8، ينقلب العيد الى مناسبة لأعمال القتل والتبشيع بالجثث والرعب.

العقاد هو المنتج المنفذ الوحيد الذي شارك في جميع افلام «هالاوين» التي بدأ انتاجها عام 1978 واستمر حتى عام 2002.

بدأت شهرة العقاد العالمية عام 1976 لما أخرج فيلم «الرسالة»، وهو أول فيلم عربي عالمي عن رسالة الإسلام، يُتوجه به إلى الجمهور الغربي، ويَعرض السيرة النبوية للرسول ـ صلى الله عليه وسلم. وصدر «الرسالة» بنسختيه؛ العربية والإنجليزية، وأدى دور البطولة (دور حمزة بن عبد المطلب) في النسخة العربية، الممثل المصري الراحل عبد الله غيث. وأدت الممثلة السورية منى واصف دور هند زوجة أبي سفيان بن حرب. كما أخرج العقاد فيلم «أسد الصحراء.. عمر المختار» بالإنجليزية، وتناول فيه بطولة الشعب الليبي ضد الاحتلال الإيطالي تحت قيادة القائد عمر المختار الذي ينتهي الفيلم بإعدامه. 

مصادر #الشرق الأوسط (المملكة المتحدة)

موقع "فولتير نت" في

12.11.2005

 
 

مصطفى العقاد:اغتيال الرسالة

بقلم طلال سلمان 

... ولما تعاظم التيه، وغشّى الغلط عيون أدعياء الحرص على الدين الحنيف، صار طبيعياً أن يجرفهم عمى التعصب وأن ينحرفوا برصاصتهم فيغتالوا به <<الرسالة>> وحملتها وحفظتها والمبشرين بها ممّن نجحوا في الوصول بها إلى حيث لم تصل من قبل، وثبتوا الإيمان في صدور الذين كاد يأخذهم الانبهار بالحضارة الغربية إلى الارتداد عن الإسلام. كان لا بد أن يغتال هؤلاء الأشقياء أبناء العتم، داعية يفضحهم نجاحه الساحق، مثل مصطفى العقاد، لأن وجوده وأمثاله شهود ناطقون على خيبتهم وإساءاتهم إلى الإسلام بتشويه صورته وتقديمه كأنه انغلاق على العصر ومجافاة للحضارة وعداء للإنسان.

أي إجرام هذا الذي لا يكتفي بقتل الفرح واجتماع شتات الأهل الذين نثرهم الاحتلال الإسرائيلي في أربع رياح الأرض، بعيداً عن فلسطينهم وقدسها الشريف، بل تمتد ألسنة حريقه إلى <<الرسالة>> ومبدع ترجمتها إلى لغات العالم الحية، والذي نجح في اختراق الطوق الإمبريالي الصهيوني حيث عجزت الدول بنفطها وأموالها وأبواقها والبروباغندا الهزيلة التي ترتد على العرب (والمسلمين) بأفدح الأضرار؟!

لقد أسعدني حظي بأن التقيت مصطفى العقاد وحاورته واستمعت إلى أحلامه لساعات طويلة، كما كنت قريباً من بعض إنجازاته السينمائية الرائعة التي ابتدعت لعرب القرن العشرين صورة تليق بنضالهم الوطني، وللمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ما يبلور في دينهم الحنيف معاني العدالة والإنسانية والتسامح والحض على العلم والجهاد في سبيل الله والتآخي والتكاتف في وجه الأجنبي الدخيل.

سمعت أحلام مصطفى العقاد التي غادرنا قبل أن يستطيع تنفيذها لأن أصحاب المال من العرب بخلاء على دينهم كرماء على مباذل دنياهم ومتعها، يمتنعون عن تمويل شريط سينمائي عن صلاح الدين الأيوبي بينما ينفقون المليارات على ما يسيء إلى دينهم وإلى تاريخهم وإلى حاضرهم وخصوصاً إلى مستقبلهم. وبهرني هذا المبدع العبقري الهادئ بأكثر مما تتوقع، المثقف بأكثر مما تُقدّر، الصبور بأكثر مما تستطيع، وهو يتابع السعي لتحقيق أحلامه متجنباً السقوط في شباك عبدة أنفسهم من حكام الظلام في الأرض العربية، الذين اشتروا دنياهم بدينهم وأرضهم وشعوبهم..

كما بهرتني قدرته على اختراق هوليود، وتمكّنه من استقطاب كوكبة من نجومها لإنتاج شريطيه الرائعين، ونجاحه في صد المؤامرات الصهيونية ومحاولات التخريب التي ضبط فيها بعض العرب متلبسين بالجرم المشهود.

مصطفى العقاد ابن سوريا العروبة وفتاها الأبر الذي ارتقى بمفهوم العروبة (عمر المختار) والإسلام (الرسالة) إلى ذروة التألق، كان لا بد أن يتميّز أيضاً برحيله. وهكذا فإن عمى التعصب الذي يخرج أهله من الإسلام قد طاولت تفجيراته أهل الإسلام، بل وبعض خيرة دعاته وبعض أنشط العاملين لإيصال <<رسالته>> بوجهها الأنقى إلى شعوب العالم أجمع.

فالذين اغتالوا مع مصطفى العقاد جمهور الأفراح اليتيمة في عمّان إنما اغتالوا معه رسالة الإسلام، وكشفوا أنفسهم بأنهم بتعصبهم وانغلاقهم وسوء فهمهم للدين وتحجر قلوبهم والشطط الذي يطبع أعمالهم، إنما يقتلون الحلم بالتقدم واللحاق بالعصر.

لقد اغتالوا بعض الحلم العربي في غد أفضل. لقد اغتالوا روح الإبداع من داخل الإيمان من أجل حياة تليق بكرامة العرب والمسلمين. مصطفى العقاد: هل تغفر لنا؟! مصطفى العقاد: أيها السبّاق دائماً، لا نجد ما نقوله لك إلا أنك كعادتك كنت الطليعة. ليرحمنا الله.

مصادر #السفير (لبنان)

موقع "فولتير نت" في

12.11.2005

 
 

عرس الدم

نضال نعيسه

لايملك المرء إلا الصمت، والخشوع، والدهشة في حضرة الموت الذي أصبح بضاعة تنتجه المجتمعات المكبلة بأصفاد الاستبداد,وخرافات الماضي ,وسير الزعماء,وأساطير الانتقام.وكيف سيستوعب العقل صورة ريما مصطفى العقاد وهي تهمّ بمصافحة وعناق والد مشتاق بلغت شهرته الآفاق,فكان الموت القادم من الشرق أسرع من كل العواطف والكلام ،واغتال بثوان خاطفة روعة ذاك اللقاء,وحوله إلى مأساة تتكرر في كل يوم من خلال الشر العابر للقارات؟هل أصبح لقاء الأحبة بالأحبة,والأبناء بالأباء,والأمهات بالأولاد,والعاشقين بالعاشقات,والناس بالناس,والأيادي للمصافحات، مستحيلات سبعة في عوالم الأعراب المليئة بحمى القتل والشبق الغريزي للدماء؟ ماذا فعلت ريما البريئة لهؤلاء ؟وهل آذاهم ،بشيء،يوما مصطفى العقاد؟هل كتب على الجميع الفراق ,وألا تلتئم الاجتماعات العائلية إلا أشلاء متناثرة يقوم رجال الإطفاء ،بتكاسل ولا مبالاة فرضتها ظروف الموت اليومي،بلملمتها,وكنسها, وإعطائها أرقاما صماء تختزل حياة موؤودة لكائن بشري كان إثمه الفظيع أنه ولد في فضاء متوتر أصبح جله من الجهلة والرعاع ,المسكونين بالكراهية والأحقاد،والذين لا يقيمون وزنا لحياة الإنسان؟ماذا كانت ستقول ريما لأبيها الفنان السوري العظيم ،في تلك اللحظات ، قبل أن تكمل عنها حديثها لغة الرصاص التي يجب أن تكون هي اللغة الرسمية الوحيدة المعتمدة بدساتير الأعراب؟

لِم لَم يترك القتلة لريما وقتا كافيا لتقول لأبيها مافي نفسها, وتبثه مشاعرها ,وتعبر له عن شوقها،وتحكي عن أحلامها,وتضمه بيديها,وتتلقى هداياه,وتغلفه بمقلتيها ؟ألم يجد القتلة وقتا أفضل من وقت الغسق حين يتآلف المحبون ،وتجتمع العائلات,ويتسامر السامرون,ويصطحب الآباء أبناءهم في المشاوير البريئة عند المساء,وحين يختاره العرسان وقتا مناسبا لعقد القران,وحين تختار الجفون المثقلة بوجع الأوطان أن تسترخي بعد يوم حافل بقصص الجوع ،والموت ،والاقتتال؟

هل كٌتب ألا تعود العصافير الهاربة من "قر الشتاء" القارس ،وتجمّد الزمان، إلا بأكفان موشحة بالدموع والآهات،ومزنرة بأكاليل الزهر والأشرطة السوداء في مواكب جنائزية حزينة ؟ ولماذا لا يتقاعد الآباء أبدا،ولا يتنعم الأبناء بطول الحياة؟هل كتب على الجميع الشقاء الأبدي؟هل عز عناق الجبين بالتراب في صلاة العشاء ,لبسطاء قومي, إلا مجبولا بدماء البررة من الأبناء,ودون أن يشهد المؤمنون ثلاثا بالله ,أو يتلوا,ولآخر مرة, التحيات ،والطيبات؟هل استكثروا حتى الشهادة على المسلمين بعد أن احتكروا الإيمان والجنان؟

لقد حمل المخرج الكبير رسالته الفنية العظيمة وعبر بها المحيطات فتيا,ومعها حلم لوطن جميل يتبرعم في الخيال, فحملوا له هدايا الأعياد أحزمة نسفت على جسد ريما الغض الذي لم يحتمل هول الانفجار الآثم،فيما دخل المخرج الكبير في غيبوبة لم تتح له ,ولربما لحسن حظه هذه المرة,أن يتلقى ذاك الخبر الصاعق عن "العرس الدموي" لمحروسته المحبوبة.لاشيء يحز في النفس مثل خسارة هذه القناديل المضيئة في عالم الظلام ,وهذه والمشاعل الوقادة التي يقتدى بها في غياهب هذه الدهاليز المليئة بالسكاكين والأشواك،مع الاحترام الكامل ,والتعاطف المطلق مع الضحايا الآخرين .ويبقى السؤال الكبير كم سنة ستنتظر سوريا حتى تلد عبقرية عالمية أخرى كالمغدور مصطفى العقاد،الذي كان يشكل هاجسا لأعداء الإنسانية على اختلاف مشاربهم ؟فلا شيء يرعبهم مثل المواهب الفذة، والعقول العظيمة والإبداع ,ولا شيء يريحهم مثل الأغبياء والعقول المسطحة والرعاع،وهذه صارت واحدة من القوانين الثابتة في معايير الحساب.

وهل نما لعلم القتلة ،كما أشيع من أنباء، عن اعتزام ,مبدعنا الكبير, القيام بإخراج فيلم عن الإرهاب ،فاستبقوا ذلك بـ"فيلمهم الخاص" الذي حقق "نجاحا"،و اكتسح فعلا كل الشاشات ،وصار حديث الشارع والناس؟ولكنه لن يروي،حتما،غليلهم من دم "الأيائل والغزلان".

هاهم رسل الموت يسرحون ويمرحون في كل مكان تحت سمع وبصر حكومات الاستبداد في حلف غير مقدس لتطويع الناس,يروجون للموت الزؤام باسم الله ،ويهددون بالقتل,ويشهرون السيوف والرماح،ويكفرون العباد.وهاهي رسائلهم الدموية تخترق كل حصار ،وتدخل كل بيت ناشرة فيه الويل ولون الحداد،ودمع مسفوح على حبيب صار في عالم الأموات. فلا يكاد يمر يوم واحد ,أو ربما ساعات قليلة،إلا وتطالعك الأنباء القادمة من محرقة الموت,والقهر ,والعذاب عن تفجير هنا,أو عملية هناك،أو خطف وتغييب لهذا،أو قتل لذاك.

ربما الجانب الوحيد الذي يمكن استغلاله من هذا العرس الدموي المخيف,والذي قد يصب مستقبلا في مصلحة من تبقى من الأحياءإن بقي أحد منهم خارج دائرة الرعب والدهشة والهذيان ,هو أنه قد يكون مقدمة لعودة الوعي لحكومات الاستبداد للتفكير مليا وبشكل جدي هذه المرة للتعاطي مع هذا التيار الأسود ,ويكون بمثابة مقدمة لاستئصال شأفة الفكر الإرهابي المنظم,ومروجيه ,وتفرعاته, من هذه المجتمعات التي شوهها هؤلاء وأحالوا الحياة فيها جحيما لايطاق.إنها الشرارة الأولى في حرب شاملة لاتبقي ولا تذر ضد رموز الإرهاب الأسود لتقتلعه من جذوره عبر تشريعات عصرية وضعية ,وإعادة النظر في كل الأساليب التربوية والتعليمية والاجتماعية التي مهدت لازدهار بزنس الموت بهذا الشكل المتفشي والمنفلت من أي عقال.

إن موت البشر بهذه الطريقة العبثية,العشوائية المجانية،يضع الإنسان أمام سؤال صعب وهام عن جدوى وقيمة الحياة برمتها أصلا في هذه الأصقاع المسكونة بالأساطير والغيب ،وقصص الأشباح والأوهام؟وهل من أي معنى لأي نشاط؟وما قيمة كل مايقوم به المبدعون والعظماء من فن وإبداع حين يتحكم بمصائر الجميع جاهل أرعن لا يرعوي ولا يقيم وزنا لحياة أو لفن ،أو موهبة،أو اسم كبير ،ومبدع خلاق؟ويتساوى في طاحونة الموت هذه جميع الناس.فمن نجا من محرقة الاستبداد،ستطاوله محرقة الإرهاب،ومن نجا من هاتين المحرقتين مات كمدا وقهرا وغيظا،أو عاش بمهانة وإذلال.ولا عزاء لأحد على الإطلاق.

الرحمة،والمغفرة لمصطفى وريما العقاد، ولجميع الضحايا الأبرياء، وألهم ذويهم جميعا الصبر والسلوان.

نضال نعيسة

sami3x2000@yahoo.com

موقع "الحوار المتمدن" في

12.11.2005

 
 

«عرس الدم» بطولة مصطفى العقاد

سمير عطا الله 

عرفت مصطفى العقاد في مقاهي بيروت أيام كنا صغاراً حاملين احلاماً كبرى. الكاتب كان يريد ان يكون همنغواي والصحافي كان يريد ان يكون والتر لبمن. والفنان كان يريد ان يصبح، في ابسط تقدير، عمر الشريف. مصطفى العقاد اراد ان يكون شيئاً مختلفاً، ان يكون مخرجاً مثل ديفيد لين. لا اقل. واراد ان يذهب مباشرة الى هوليوود، من دون المرور بالقاهرة واستديوهات الاهرام حيث مرَّ جميع الشوام منذ اوائل القرن الماضي.

كان معه من معدات تحقيق الاحلام، غليونه وموهبته وعناده. «إما هوليوود او الموت» كما في عنوان فيلم شهير. لكن ماذا يستطيع فنان عربي ان يُقدّم لمدينة يموت فيها المخرجون والممثلون من الجوع والاهمال؟ اقترح فكرة فيلم «الرسالة» الذي لم يرحب به المسلمون جميعا. وانتج فيلم «عمر المختار» بعدما اتفق مع انطوني كوين على دور البطولة. ثم بحث عن شيء مختلف، شيء «اميركي»، فأقدم على انتاج مسلسل مرعب بعنوان «هالوين» لقي نجاحاً مذهلاً وعاد على المخرج الحالم بثروة مهمة. وبعدما شعر بالطمأنينة المادية، راح يبحث، بهدوء، عن بطل عربي آخر. وفكر في شخصية الملك عبد العزيز، وبدأ يعد لذلك. الا انه في السنوات الاخيرة بدا وكأنه من دون عمل، يمضي وقته ما بين بيروت ولندن ولوس انجليس. وغليونه لا ينطفئ. وسألته مرة كيف يسمح له الاميركيون بالتدخين، فروى ان سيدة افرو اميركية اعترضت على ذلك في احد مطاعم لوس انجليس، فرفض، فما كان منها الا ان قامت من مقعدها اليه ووجّهت اليه لكمة قلبته هو وكرسيه قائلة له: «ما دمت تقول ان هذا بلد حرية وانت حرّ في التدخين فأنا حرة في ابداء الرأي على طريقتي».

آخر مرة التقيته قبل اكثر من عام، كانت على بوابة فندق فينيسيا. قال لي «منذ نصف ساعة وانا انتظر سيارتي في هذا الازدحام. ما هو سر هذه المدينة؟ ان كل لوس انجيلس ليس فيها ربع ما في بيروت من ابهة اجتماعية». ثم عاد الى غليونه ينفخ فيه الحريق والرماد.

جاء مصطفى العقاد الى عمان على موعد مع ابنته لحضور عرس. ولم يكن يدري ان الزرقاوي كان على موعد مع بلده وارضه وشعبه. على طريقته. اندفع مصطفى العقاد لمعانقة ابنته فسبقه الزرقاوي. قتلها قبل ان يصافحها والدها. فلما رأى مصطفى دماءها غاب ولم يعد. انه الفيلم الاكثر رعبا الذي لم يحمل توقيعه. كان يخاف من ظله. ويذهب لحضور اعراس ابناء اصدقائه في كل مكان. وهذه المرة جعله الزرقاوي «عرس الدم» كما في قصيدة غارسيا لوركا، ابن الاندلس المضاع.

الشرق الأوسط في

12.11.2005

 
 

جثمان مصطفى العقاد يوارى الثرى في حلب

الصلاة على جثمان ريما العقاد في طرابلس بلبنان  

يوارى جثمان المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد الذي لقي حتفه بتفجيرات العاصمة الأردنية عمان الثرى بمسقط رأسه بمدينة حلب غدا الأحد 13-10-2005.

دمشق- وكالات- ووصل جثمان المخرج الشهير إلى دمشق اليوم السبت 12-10-2005 عبر الحدود الأردنية السورية. ورافق موكب الجثمان إلى الحدود السورية كبار المسئولين الأردنيين وعلى رأسهم رئيس الوزراء عدنان بدران ووزير الثقافة أمين محمود، كما كان في استقباله عند الحدود السورية رئيس الوزراء السوري ناجي العطري وعدد من الوزراء.

ويسجى جثمان العقاد في مستشفى الشامي بدمشق ليتم تشييعه صباح الأحد إلى مسقط رأسه بمحافظة حلب شمال سوريا، ويصلى عليه عقب صلاة العصر في جامع الروضة حيث يوارى الثرى في المقبرة الجديدة.

وكان العقاد وصل إلى الأردن لحضور حفل زفاف كان مقررا يوم أمس الجمعة في العقبة، كما وصلت ابنته ريما من بيروت.

وكان الفقيد في بهو الفندق يستقبل ابنته لحظة وقوع الانفجار؛ حيث توفيت على الفور بينما أصيب هو بإصابات بالغة في الرقبة وعانى من نزيف شديد، توفي على إثره صباح أمس الجمعة في أحد مستشفيات عمان.

وشيع جثمان ريما ابنة الفقيد أمس الجمعة إلى مثواه الأخير في مدينة طرابلس بلبنان حيث مقبرة أسرة زوجها.

وشارك في تشييعها نجيب ميقاتي رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق وعدد من الشخصيات الرسمية والشعبية والنواب اللبنانيين.

القذافي يندد

وفي سياق التنديد بالتفجيرات وصف الزعيم الليبي معمر القذافي العمل الإرهابي الذي راح ضحيته العقاد وابنته وعشرات آخرون في الأردن بأنه "أسوأ الأعمال الجنونية" غير المنطقية والتي لا تخضع لأي قياس تبريري.

وفي حين شبه القذافي مقتل العقاد بالجريمة الشنيعة التي لا تقل عما فعله الطليان في ليبيا دعا من أطلق عليهم "المسلمون المقاتلون في سبيل الحرية والمجاهدون الحقيقيون" إلى التبرؤ من مثل هذه الأعمال، التي وصفها بأنها من "عمل الشيطان".

وقرأ أمين شئون الإعلام بأمانة اللجنة الشعبية للاتصال الخارجي الليبية حسونة الشاوش بيان القذافي فجر السبت على وسائل الإعلام الأجنبية المعتمدة في ليبيا.

وقال القذافي: "لقد أسعفتنا عبقرية هذا المخرج في عرض صفحة مؤلمة عاشها الشعب الليبي جراء الغزو الإيطالي الظالم في فيلم عمر المختار رمز المقاومة الوطنية الليبية على العالم كله، وهي جزء فقط من فظائع ذلك الغزو البربري الشنيع".

وأشار القذافي إلى أنه كان ينوي الاستعانة بالعقاد مرة أخرى لإخراج فيلم أعد قصته التاريخية التراجيدية بقلمه عن "سنوات العذاب في تلك المأساة التي تعرض لها الشعب الليبي على أيد الطليان الغزاة".

العقاد

وولد العقاد في حلب عام 1934 وانتقل لدراسة السينما عام 1954 في الولايات المتحدة. كما درس الفنون المسرحية في جامعة لوس أنجلوس بكاليفورنيا وتخرج فيها عام 1958. كما عمل في مدينة هوليود، حيث يعد أشهر مخرج عربي حقق شهرة على الساحة العالمية.

ومن أشهر أفلامه "الرسالة" (1976) الذي يعتبر من أهم الأفلام التي تحدثت عن الإسلام، وشارك في بطولته الممثل الأمريكي أنطوني كوين.

كما أخرج العقاد فيلم "عمر المختار أسد الصحراء" (1980) الذي قاد ثورة مسلحة ضد الاستعمار الإيطالي في ليبيا وأعدم عام 1932 وقام ببطولته أيضا أنطوني كوين.

وكان العقاد بدأ عام 1978 بإنتاج سلسلة أفلام الرعب "هالوين" (ثمانية أفلام) التي حققت نجاحا كبيرا، ومنذ سنوات كان العقاد يحضر لإعداد فيلم عن صلاح الدين.

موقع "إسلام أنلاين" في

12.11.2005

 
 

فلننصف الشهيد مصطفى العقاد

حسن م. يوسف

أحسب أنه حتى في أكثر كوابيسه قتامة لم يخطر ببال المخرج السوري العالمي الكبير مصطفى العقاد أنه سيسقط شهيداً في تفجيرات عمان على أيدي أشخاص يزعمون أنهم يدافعون عن العروبة والإسلام، لأن مصطفى العقاد هو أحد الفنانين العالميين الذين دافعوا عن العروبة والإسلام وقدمهما للعالم برمته في أبهى صورهما وأرقى تجلياتهما.

قبل بضع سنوات قال لي مخرج سينمائي أميركي التقيت به على هامش مهرجان القاهرة السينمائي إننا نحن العرب، لم نعط المخرج مصطفى العقاد القدر الذي يستحقه من الاهتمام، فقد استطاع كمخرج سينمائي متمكن أن يلعب دوراً بالغ الأهمية في نقل وجه العرب الحقيقي للعالم؛ ففيلم الرسالة الذي أخرجه العقاد، وعرض في أميركا ومختلف دول العالم، لعب دوراً هائلاً في توضيح الوجه الحقيقي للإسلام، كما لعب دوراً كبيراً، في اعتناق عدد كبير من الأفارقة الأميركيين للدين الإسلامي، وفيلم أسد الصحراء الذي أخرجه عن قصة عمر المختار عرَّفت الأميركيين على الإنسان العربي المتمسك بكرامته وقضيته العادلة! ‏

يقال إن الزرقاوي الأردني قد أعلن مسؤوليته عن تفجير الفنادق الثلاثة في العاصمة الأردنية لأنها حسب ما جاء في البيان المنسوب إليه باتت تشكل ...مرتعا قذرا لخونة الأمة من المرتدين، وملاذا آمنا لمخابرات الكفار التي تدير مؤامراتها ضد المسلمين من هناك. ‏

لكن قائمة الضحايا تقول خلاف ذلك فمن بين الشهداء المخرج مصطفى العقاد وابنته وقائد القوات الخاصة الفلسطينية اللواء بشير نافع الذي يسعى الصهاينة للنيل منه منذ سنوات طويلة! ‏

أيها العرب افتحوا عيونكم وقلوبكم جيداً فأعداؤكم يتنكرون في زيكم ويحاولون قتلكم بأيدي أبنائكم، دون أي رادع أخلاقي! ولا داعي أن نذكر بالعمليات التخريبية التي ضبط فيها جنود إنجليز وأمريكان وهم يتنكرون في زي (إرهابيين ) عرب! نعم، إنهم يقترفون الجرائم ويريدون إلصاقها بنا، ولا شك أنكم قد علمتم بالتصريح الذي أدلى به المحامي التركي عثمان قرهان لقناة الجزيرة في برنامج حصاد اليوم،عشية أمس الاول وقال فيه: إن موكله السوري لؤي السقا المعتقل في أحد سجون مدينة اسطنبول التركية أبلغه أنه تلقى عرضاً من مجهولين ليدلي بشهادة كاذبة تتهم سورية بالضلوع في اغتيال رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق لقاء مبلغ كبير من المال يصل إلى عشرة ملايين دولار! فأي فجور ! ‏

صحيح أن الإعدادات قد انتهت أو كادت لافتتاح مهرجان دمشق السينمائي في العشرين من الشهر الحالي، لكنني رغم ذلك أطالب بأن تسمى هذه الدورة باسم الشهيد المخرج المبدع مصطفى العقاد، وأن تتضمن تظاهرة احتفائية لأبرز أفلامه تكون نوعاً من التعزية التطبيقية لأهله ومحبي فنه ! 

سورية تنعى مصطفى العقاد وجثمانه يوارى الثرى غداً في حلب 

نعت وزارتا الثقافة والاعلام ونقابة الفنانين والمؤسسة العامة للسينما وآل العقاد الفقيد المخرج السينمائي العربي السوري العالمي الكبير مصطفى العقاد وابنته ريما اللذين وقعا ضحية التفجيرات الارهابية في عمان.

وسيصل جثمان الفقيد اليوم إلى مشفى الشامي بدمشق حيث يشيع جثمانه صباح غد الاحد إلى حلب ويصلى عليه عقب صلاة العصر في جامع الروضة ويوارى الثرى في المقبرة الجديدة. ‏

وكان الفقيد قد توفي صباح أمس في احد مشافي عمان متأثرا بجروح اصيب بها في احد الاعتداءات الارهابية التي استهدفت مساء الاربعاء الماضي ثلاثة فنادق في العاصمة الاردنية عمان.

‏وكان السيد الرئيس بشار الأسد قد كلف السيد علي حمود سفير الجمهورية العربية السورية في الاردن بزيارة المخرج مصطفى العقاد في المشفى الذي كان يعالج فيه للاطمئنان عليه وتعزيته بوفاة ابنته ريما التي ذهبت مع عشرات الابرياء ضحية الاعتداءات الارهابية. ‏

ويعتبر المخرج الراحل مصطفى العقاد من اكبر المخرجين العالميين حيث نال عددا من الجوائز العالمية والعربية ومن اشهر اعماله: فيلم الرسالة وفيلم عمر المختار وكان يحضر لإعداد فيلم صلاح الدين. ‏

وسيبقى المخرج العقاد حيا في ذاكرة وطنه وأمته بعطاءاته وابداعاته الفنية. ‏

وكان جثمان ريما ابنة الفقيد العقاد قد شيع أمس إلى مثواه الأخير في مدينة طرابلس حيث مقبرة أسرة زوجها، وشارك في تشييعها نجيب ميقاتي رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق وعدد من الشخصيات الرسمية والشعبية ونواب وفعاليات من المنطقة. ‏

وبعث الدكتور محمود الابرش رئيس مجلس الشعب أمس برقية تعزية إلى آل الفقيد مصطفى العقاد. ‏

واكد الدكتور الابرش ان فقد المخرج العقاد هو خسارة كبيرة لسورية والعالم وان اعماله العالمية جسدت قضايا عربية وقومية وانسانية.

تشرين السورية في

12.11.2005

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)