كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

رحيل مخرج فيلم (الرسالة) على يد تنظيم القاعدة

مصطفى العقاد المخرج العالمي

الذي ناصر الإسلام وسعى إلى نشره في العالم

متابعة - رجا ساير المطيري

عن رحيل أمير الأحلام

مصطفى العقاد

   
 
 
 
 

توفي المخرج العربي العالمي مصطفى العقاد في مستشفى المركز العربي بعمّان متأثراً بجراحه التي أصيب بها في التفجيرات التي تبناها تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين في بيان أصدره الخميس الماضي، وقد يكون من المفارقة المؤلمة أن نذكر أن العقاد قد أعلن قبل أسبوعين من الآن في مؤتمر صحفي عقده في دولة الكويت أنه يفكر جدياً بإنتاج فيلم يحكي حياة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، لكن الموت عاجله على يد أتباع هذا التنظيم نفسه.

مصطفى العقاد الذي مات عن عمر ناهز الثامنة والستين وعرفه الجمهور العربي والعالمي كأبرز السينمائيين الذين ناصروا فكرة الإسلام ونشروها من خلال فيلميه الشهيرين (الرسالة- the message) وَ(أسد الصحراء: عمر المختار-lion of the desert) كان قد بدأ ولعه بالسينما منذ طفولته حين كان يزور جاره المتخصص في عرض الأفلام السينمائية، عندها بدأ يفكر في دراسة الإخراج السينمائي في هوليود، وقد فاجأ عائلته بهذا الطلب الجريء عند بلوغه سن الثامنة عشرة، ومبعث الجرأة والمفاجأة في هذا أنه ينتمي لعائلة محدودة الدخل لا تملك ما يمكنها من إرسال ابنها الشاب إلى أمريكا للدراسة في مجال لا يبدو أنه سيقدم ربحاً في المستقبل، لكن العقاد صمم على الذهاب وعمل لمدة سنة كاملة كي يستطيع توفير قيمة التذكرة إلى أمريكا. وهناك وبدءًا من العام 1954 درس الإخراج حتى تخرج عام 1958 من جامعة كاليفورنيا ليبدأ حينها عمله في عاصمة السينما العالمية هوليود.

الانطلاقة الحقيقية للعقاد جاءت بعد نحو 18 عاماً من تخرجه من الجامعة وذلك حين قدم في العام 1976 فيلمه المستقل الأول (الرسالة the message) الذي يحكي سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام وقصة التأسيس الأولى للدولة الإسلامية، وقد أثار الفيلم جدلاً كبيراً لحظة عرضه، إذ جوبه بموجة اعتراض من العديد من الدول الإسلامية، فيما رحبت به دول أخرى، أما بالنسبة للجمهور الغربي فقد صدمه الفيلم لكونه الأول الذي يراه يسرد حياة شخصية جدلية بهدوء واتزان بعيداً عن النفس الاستشراقي الذي يصاحب عادة أغلب الأطروحات التي تتناول سيرة الرسول محمد عليه الصلاة والسلام. المعلومات التي ظهرت في الفيلم صادق على صحتها ودقتها علماء من الأزهر الشريف. وقد صنع العقاد نسختين من الفيلم، واحدة عربية والأخرى إنجليزية، قام ببطولة النسخة العربية النجم المصري الراحل عبدالله غيث، أما الإنجليزية فمن بطولة النجم العالمي أنتوني كوين، وكلاهما أدى شخصية حمزة بن عبدالمطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم. الفيلم قبل تصويره لفت انتباه الملاكم العالمي محمد علي كلاي الذي أعلن عن رغبته في أداء دور الصحابي بلال بن رباح لكن العقاد رفض طلبه لأسباب إنتاجية.

بعد النجاح الذي تحقق لفيلم (الرسالة) بدأ العقاد منذ العام 1978 بإنتاج سلسلة الرعب الشهيرة (هالويين-Halloween) والتي أنتج منها حتى الآن ثمانية أجزاء. وفي العام 1981 قام بإخراج فيلمه الثاني (أسد الصحراء: عمر المختار-lion of the desert) من بطولة النجم الراحل «أنتوني كوين» الذي تألق في رسم شخصية الثائر الليبي عمر المختار. ثم في عامي 1985 و1986 قام بتمويل فيلمي الرعب (موعد مع الخوف- appointment with fear) وَ(رحلة مجانية-free ride) وهما فيلمان تجاريان ، الأول منهما كتب عليه اسم المخرج (ألان سميث) وهذا الاسم الهوليودي المختلق يستخدم عادة كمصطلح ورمز لانسحاب المخرج الأصلي من الفيلم الذي يخجل منه وإعلان البراءة منه لكيلا يذكر في سجله التاريخي. مصطفى العقاد أراد أن يؤكد نفسه كأبرز المدافعين عن الإسلام على المستوى السينمائي لذلك ظل منذ سنوات يبحث عن التمويل الكافي للبدء بتنفيذ مشروع ضخم يتناول حياة البطل الإسلامي صلاح الدين الأيوبي لكنه عدل عن الفكرة في النهاية لأسباب قد يكون من بينها قيام المخرج البريطاني «ريدلي سكوت» بصنع فيلم (ملكوت السماء) الذي يتناول نفس الفترة. وقد أعلن العقاد مؤخراً صرفه النظر عن هذا المشروع واتجاهه إلى فكرة فيلم يتناول حياة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. هذا إلى جانب تفكيره في صنع بعض الأفلام الأخرى التي تدور في ذات الفلك، والتي منها فكرة فيلم مستمدة من وثيقة نشرتها الصاندي تايمز خاصة بملك إنجلترا «جورج الثالث» الذي بعث عام 1213 بوفد إلى الخليفة الإسلامي في قرطبة طالباً منه الحماية ومتعهداً بأن يدفع الجزية وبأن تتحول بلاده إنجلترا إلى الدين الإسلامي.

إذن وبعد هذه المسيرة الحافلة يرحل مصطفى العقاد عن الدنيا بوصفه أحد ضحايا الإرهاب، ذلك الشبح الأسود الذي حاول أن ينفيه عن الإسلام من خلال أفلامه التي تركزت بشكل أساسي على إظهار عظمة هذا الدين وإنسانيته وسماحته وبعد تعاليمه الأصيلة عن كل ما ألصق بها من تهم الظلام والجهل والإرهاب. 

تعليقات

 

إلى روح العقاد ..

تفاجأة في صباح يوم الجمعة "مثل غيري بكل تأكيد" بخبر عاجل وقع علي كالصاعقة مفاده أن المخرج العالمي السوري مصطفى العقاد قضى نحبه متأثرا بجراحه جرأ الاعتداءات الإجرامية التي وقعت في الأردن مؤخرا .

العقاد صاحب الفلم الشهير "عمر المختار" هذا المجاهد الكبير الذي أعتقد أن جـل جيلي واللذين أتوا من بعدي لم يعرفوا هذه الشخصية إلا من خلال هذا الفلم الرائع الذي أنتج في هوليوود ونحن نعرف ما هي هوليوود !!

كان العقاد العربي الوحيد الذي استطاع أن يدافع عن قضايا العرب والمسلمين سينمائيا هناك في هذا المجمع العالمي .

قضى العقاد أجله بأيدي الإرهابيين والذي كان العقاد مستاء جدا من أفعالهم ولانتمائهم زورا للإسلام والإسلام منهم براء ، وكان دائما يحاول إبراز الإسلام وخاصة الجهاد بصورته الحقيقة وكان ذلك من خلال فلميه الشهيرين "الرسالة" و"عمر المختار" وكان يستعد منذ فترة طويلة لفلم عن حياة القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي لكن أيدي الإرهابيين طالته وقضت على حياته وأحلامه .

المضحك في الأمر أن يخرج أحد قادة الإرهابيين ويتبنى العملية ويفخر أنه فجر الأمنيين وفجره معهم أرواح بريئة كانت بعضها تستقبل حياة جديدة بدخولها القفص الذهبي لكنه جعل هذا القفص قفصا أسود ملطخا بالدماء والأشلاء ..

هؤلاء الحمقاء الذين يفخرون بأعمالهم وتدميرهم إلا يعلمون أن التخريب والدمار عمل سهل لا يتطلب عناء جهد وتفكير !! فربما لا يتطلب أقل من ثانية أو جزء من الثانية لتنسف بها عمارة أو ناطحة سحاب حتى !!

ولكن البناء والعطاء والحضارة تتطلب الوقت الكثير والجهد الطويل والتفكير العميق والسنوات العجاف حتى تصل لها ...

وهذا الفرق بيننا وبينهم .

رحم الله العقاد مصطفى وجميع من قضى نحبه في تلك الليلة المشئومة على الأردنيين ..

فوزي القبوري _ روائي سعودي 04:27 صباحاً 2005/11/12  

 

عمر المختار

والله صحيح خبر كان وقعه علي كبير.

فلم المجاهد عمر المختار من أفضل الأفلام اللي شاهدتها في حياتي. لا حول ولا قوة إلا بالله ورحمه الله رحمة واسعه حيث خلد شخصية عمر المختار في ذاكرتنا إلى الأبد

محمد الناهض  05:14 صباحاً 2005/11/12  

 

رحمك الله يامصطفى

لعمري ان فلم الرسالة انتاج عظيم يدل على عظمة صاحب هذا الانتاج لانه وصف رسالة النبي الاكرم عليه صلاة الله وسلامه

سعيد بن احمد  08:38 صباحاً 2005/11/12  

 

رحمك الله ياعقاد

رحمة الله عليه .. من منا لم يتأثر بفيلم عمر المختار .. هذه الشخصية التي عرفناها في صغرنا .. لم نكن لنعرفها بهذا الشكل من مناهجنا الدراسية ..او مكتباتنا العامة ..!
الخبر محزن بالفعل .. اللهم ألهم أهله وذويه الصبر والسلوان ..

اسامه احمد  10:26 صباحاً 2005/11/12  

 

روائي سعودي

السلام عليكم..... رحم الله مصطفى العقاد , ولا حول ولا قوة إلا بالله.

فزاع  11:29 صباحاً 2005/11/12  

 

العقاد ..سفير الكلمة والفن الصادق

نحن جماعة تخنق مثقفيها وعظمائها وقادة فكرها.. نحن مدن تجهض أفكارها وثقافاتها وتبعثر تاريخها.. سحقا لؤلئك الذين كانوا سببا في إزهاق أرواح طاهرة..  رحمك الله يا عقاد ورحم أولئك الأبرياء الذين قضوا نحبهم

ميسون أبوبكر  04:42 مساءً 2005/11/12  

 

يا مسلمون..العقاد لا زال حيا

نعم ، العقاد لا زال حيا" نرا ه في أعماله الإبداعية ، ونؤمل أنفسنا بأن نجد خليفة لهذا التاريخ البارز، بدلا" من أن نرى مسلسلا" عقيما" ك(الحور العين) يركز على زرع الإرهاب في مجتمع واحد وكأن منبعه من الأرض الطاهرة(بلد الحرمين) التي تألمت من الإرهاب أكثر من غيرها... الحاصل:نريد عقادا" آخر . هل من مجيب؟.

مختار عبد العزيز  11:04 مساءً 2005/11/12  

 

صلاة مالحة ووردة بيضاء لروحك يامصطفى العقاد

قبل سنوات ..ماكنا نرى في افلام السينما الا اشياء تحدث في الحياة..او خيال لايمكن ان يكون الا في فيلم..اما الان فمايحدث في الحياة كانه فيلم وخيالي لانه لايصدق...بكيت بحرقة العقاد.. غدا يدفن في حلب..اعيش في حلب وادرك تماما الحزن الذي سيغمرني حين تردم الحفرة.

كيف؟ تبا لك يازرقاوي..اصرخ بوجهك بابسط مباديء الانسانية وشروطها

اكرهك ..انا التي لم اعرف الكره بحياتي.. تبا لك.. تبا

عاجزة عن الكلام

إيمان الإبراهيم ـ شاعرة سورية  11:20 مساءً 2005/11/12  

 

سيخنقنا الاسف عليك يا عقاد

بسم الله

كم انتشي فرحاً عندما اري أو أسمع أو اقراء لقاء مع العبقري مصطفى العقاد, أحس بالكثير من الفرحه وانا أشاهد نموذجا فريدا من المسلمين يكافح ليوصل صورة الاسلام للغرب , يتألم لعدم قدرته لتمويل أحد افلامه من اموال اسلاميه ,ويحس بالام امته مع كل نفس يأخذه وكل حركه يتحركها رغم غربته الموحشه في بلاد الغرب التي قلما ما تنصف المسلمين.

عندما اتذكر العقاد احس فعلا ان لكل فرد في هذه الامه وظيفة ودور يجب عليه ان يؤديه تجاه ديننا العظيم كل حسب امكانياته وقدرته , واحس اني من أكثر المقصرين لخدمة اسلامنا.

العقاد مبدع في الاداء مبدع في استحضار الفكرة ومبدع في تقديمها بشكل رائع وهو في حديثه قمة في الابداع لكثرة تذكره لامته ووطنه .

مات العقاد ومات معه الكثير من الاحلام والمشاريع الكبيره ,وانا لا ارى في الأفق اي خليفة له وانما ارى اعلامنا يتمادى في الانحدار في هاوية التفاهات .

ولكن يكفينا ما وصلنا من ابداع هذا الشهيد بإذن الله , اسال الله ان يجازيه خيراً على اعماله وآماله.

لقد راح ضحية إرهاب مسعور يترنح في عالمنا الاسلامي مخلفا وراءه الدمار والخراب والتفكك, إرهاب ما كان لينمو ويقوى لولا مباركات العم سام وحلفاءه.

نوره بنت عبدالعزيز  11:20 مساءً 2005/11/12  

 10 

لعنة الله على الزرقاوي وجماعته ومن على شاكلته

الا لعنة الله على الزرقاوي وأمثاله من الإرهابيين الف الف مرة . أنا عربية ومسلمة ولكني أعيش في الولايات المتحدة منذ طفولتي . لقد كان لي فيلمي الرسالة وعمر المختار الرفيق الدائم لي منذ الطفولة .فلم الرسالة الذي أحفظ أنا واخوتي حواراته عن ظهر قلب كان له الدور الكبير في تعلقنا بهذا الدين العظيم وكان لفلم عمر المختار الدور الكبير في تعلقنا بأرضنا وجذورنا العربية وهو الفلم الذي كون وجداني والذي لازلت أبكي حتي اليوم كلما شاهدتهم وهم يسوقون الشيخ الجليل الوقور الى الإعدام مكبل اليدين والقدمين هذا الفلم الذي قال عنه مخرجون من هوليود انه مدرسة في تعليم الاخراج. حتى اصدقائي الأمريكان الذين شاهدوا الفيلمين تأثروا بهما جدا ولاحظت لديهم اهتمام وشغف كبير لمعرفة المزيد عن الاسلام والعرب . الم يحس الزرقازي وجماعته بالجريمة الانسانية التي ارتكبها حينما حرمنا من هذا الانسان العبقري المدرسة الذي حرمنا منه ومن فنه . يدعون بأنهم يحملون لواء الاسلام الا يستحون من قول ذلك بعد الآن وقد حرمونا الذي علي يديه رأينا وعرفنا صورة الاسلام الصحيح . ماذا سأقول لأصدقائي الأمريكان الآن إن سألوني من الذي قتل الوجه المشرق والمشرف للإسلام وللعرب ؟ الا لعنة الله على الزرقاوي ومن يخطو مسلكه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ساره خليفة  03:27 صباحاً 2005/11/13  

 11 

اللهم إنتقم ممن كان وراء هذه العملية أيا كان

أيا كان منفذ العملية في أردننا الحبيب  .. و أيا كان قاتلك يا مصطفى العقاد

فالله أسئل أن ينتقم منه و من جماعته شر إنتقام.. اللهم آمين

إبراهيم الحموري  05:58 صباحاً 2005/11/13

  12 

لكل شيء ثمن

رحم الله الأستاذ مصطفى العقاد.. لقد أخرج للعالم صورا من أروع صور الجهاد والمقاومة الحقيقية ضد الظلم والاضطهاد.. وبين لنا عظمة إسلامنا من خلال الفيلمين الرائعين (الرسالة) و (عمر المختار)..

أسأل الله أن يلهم مجاهدينا أن يسيروا على خطى النبي صلى الله عليه وسلم..

كما أسأله أن لا يجعل فتنتنا في ديننا.. والله الهادي إلى سواء السبيل

علي البتار  11:25 صباحاً 2005/11/14  

 13 

إن الظن أكذب الحديث

أيها الأخوة.. هل تيقن خبر تبني القاعدة للعملية......................... لا

إن الموقع الذي تم الاعلان فيه هو موقع غير تابع للقاعدة ، إنما هو موقع متعاطف معها..

هل تعلمون أن المخابرات الإسرائيلية أخلت جميع مواطنيها من الفنادق قبل الإنفجار.. وأن هذه المعلومة قد نشرت في صحيفة هآرتس الإسرائيلية..

أما بالنسبة لتنظيم القاعدة فإن طبيعة تركيبته تجعل من الصعب عليهم في وضعهم الحالي أن يتأكدوا من صحة التبني..

إن كثير من العمليات التي تابعتها كان الهدف منها تشويه صورة الزرقاوي وجماعته..

كما أننا نعلم يقينا أن المخابرات العربية بشكل عام تستطيع وبكل سهولة أن تنزع اعترافا من الذئب بارتكابه لجريمة قتل يوسف عليه السلام وأن تظهره على شريط يذاع على وسائل الإعلام..

أيها الأخوة إن الحرب على الإسلام لا تنقطع ولا تنفك..  فاحذروا وترووا واقرؤوا الخبر من جميع جوانبه..والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل

د. خالد نور الخالدي  11:36 صباحاً 2005/11/14

الرياض السعودية في

12.11.2005

 
 

منى واصف: العقاد ناضل 10 سنوات ليقدم "الرسالة" خدمة للإسلام فقتله من يدعون الإسلام  

بدت الفنانة السورية منى واصف مجروحة إلى العمق وهي ترثي ابن جلدتها المخرج العالمي مصطفى العقاد الذي كان ضمن ضحايا تفجيرات الأردن، خصوصاً وأنها عملت تحت إشرافه في فيلم الرسالة متقمصة دور هند زوجة أبي سفيان.

وقالت واصف : "كنت أنتظر حضور العقاد إلى سوريا حيث سيتم تكريمه لأول مرة في مهرجان دمشق السينمائي في 20 الجاري، وكنت أستعد للتصفيق له، لكنني فوجئت بأنني بت مطالبة برثائه".

وأضافت: "ناضل العقاد طويلاً ليقدم فيلم "الرسالة" الذي أراد من خلاله وباعتباره مقيماً في أمريكا أن يقدم الصورة الصحيحة عن الإسلام للغرب، وحمل سيناريو العمل منذ عام 1964 وحتى 1975 وهو يلهث من بلد إلى آخر، ويبحث له عن ممول وعن موافقات لإنتاج الفيلم حتى حصل أخيراً على موافقة الأزهر فطبعها بماء الذهب على السيناريوهات التي وزعها على العاملين في الفيلم".

وتابعت: "بدأنا تصوير العمل في المغرب ولكن بعد 3 أشهر تم إيقاف الفيلم فانتقلنا جميعاً إلى ليبيا لمتابعة التصوير هناك، وكان تصوير المشاهد يتم متزامناً للنسختين العربية التي قدمها ممثلون عرب، والإنجليزية التي قدمها ممثلون أجانب، فقد كان العقاد حريصاًَ على أن يقدم للغرب وبنجومه الصورة الصحيحة للإسلام".

وأردفت: "كان العقاد مصراً على الفيلم لأنه يخدم الإسلام، وقد وزع على الممثلين الأجانب نسخاً مترجمة من القرآن ليعرفوا ما الذي يتحدثون عنه ويكونون أكثر إقناعاً للغرب".

وختمت: "رحل العقاد بأيدي من يدعون الإسلام على الرغم من أنه كان يخدم الإسلام، رحل قبل أن يحقق حلمه في إخراج فيلم عن صلاح الدين الأيوبي القائد الإسلامي المتسامح الذي رأى فيه العقاد الرجل المناسب للعصر".

الوطن السعودية في

12.11.2005

 
 

اي وجه للقاعدة سفك دم العقاد

خولة غازي

لم يكن يخطر ببال المخرج السوري الراحل مصطفى العقاد ان يكون احد ضحايا الارهاب المسجل عالميا تحت بند القاعدة وفروعه ،وهوالذي كان ينوي القيام بفيلم عن زعيم القاعدة المفترض اسامة بن لادن ، وتقديمه وفق تعريف متفق عليه ، اما مالم يكن متفق عليه هو موت العقاد تحت اشراف القاعدة ، في عملية هزت الضمير الانساني ، لان من استهدف في تلك العملية ابرياء لاعلاقة لهم بما تروج له القاعدة من دفاع عن الاسلام وماغير ذلك من حجج واهية.

رحل العقاد الذي كان يسمي عودته بين الحين والاخر الى الشرق على انها "حج"كي ينشحن على حد قوله قوميا ودينيا ، وفي زيارته الاخيرة كان الحج باتجاه السماء بفعل من لايعرفون الطريق اليها الا عبر تمرير ثقافة القتل وجعلها منهجا واولوية.

مصطفى العقاد الذي حمل مدينته الصغيرة حلب في قلبه دائما ، لم يخرج منها ولم تخرج منه ، شرًِِِِفها وزادت شموخا بانتمائه لها ، عندما حلم بهوليود في الثامنة عشر من عمره قالوا له احلم على قدك اذهب الى الشام او مصر لتدرس الاخراج ، ولكنه كان مصمما على تحقيق حلمه في هوليوود ، وهناك لم يغير جلده كان متمسكا بهويته وثقافته ، ولم يغير اسمه كما يفعل الكثيرين ، وقد قال يوما "انني أشمئز من بعض العرب الذين يأتون الى أمريكا و يغيرون أسمائهم العربية و يتنكرون للغتهم العربية فقد لتسهيل أعمالهم "

لم يكن يدعي الثقافة كغيره وقد قال في احدى المقابلات "لا يوجد مخزون ثقافي لتقول أني مثقف ولا أقدر أن أصف نفسي بالمثقف القارئ للأدب والأشعار وكل ذلك..لا ...لم يكن لدي وقت لممارسة ذلك ولم أمارسه ،ولكن كمخزون تراثي ومخزون تربوي وأخلاقيات إسلامية بالبيت أستطيع أن أقول لك أن الوالد كان قاسي بالنسبة للتعليم وبالنسبة للتربية في البيت، وكثر الله خيره رحمة الله عليه لذلك جذوري التي حفظتها يعود الفضل له فيها"

لم يكن راضيا عن الوضع العربي وهو ابن سوريا التي تشعر دوما بخيبة امل من المشروع العروبي ومن الانسحابات العربية الواحدة تلو الاخرى ،و من حلم راود شباب فترة المد القومي العربي القوي في الخمسينات وقد قال في ذلك "مشكلتنا دائماَ هي عدم اعترافنا بأخطائنا و دائماَ لدينا " الشمَاعة " التي نعلق علينا أخطائنا ... نحن شعوب عانت من الاستعمار و لا نزال نعاني منه ، فنحن مستعمرون من الداخل لأننا ببساطة لسنا من صناع القرار في أوطاننا ... نحن لا نتعب في أي نوع من أنواع التصويت فالقرار مأخوذ عوضاَ عنا ... هذا يعني أننا نخضع لعملية " تقليص " لعقولنا ... و ازاحة عملية التفكير عنها! .... انظروا الى الكثافة السكانية في بلادنا العربية و لا نزال لا نقوى على ردع إسرائيل الضئيلة من ممارسة طغيانها ... فقط الآن بدأت عملية البحث عن سبب لهذا التخاذل بعد ما جرى مؤخرأ ... ربما يحصل تغيير الأن أو لاحقاَ ، فللحضارة دورات و ربما تعود الكرة الى ملعبنا من يدري"

لقد انتقد العقاد التطرف بكافة صوره واعتبره عين الجهل وتحدث تحديدا عن الذين تبنوا عمليات التفجير في عمان تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين قائلا "اليوم توجد موجة تطرف خطيرة و بدأت تظهر في العراق بشكل فجائي ، فالتطرف هو عين الجهل و لا أقصد التطرف الديني فقط فالتطرف في مفهومه العام هو عامل إضعاف للكائن البشري"

وروى الراحل العقاد احدى الحوارت مع احد الاشخاص المتطرفين مبنيا فيها جهل الانسان المتطرفٍ ... " شائت الظروف أن أتحدث مع أحد الأشخاص المتطرفين بشأن سيناريو يتعلق بأحد أفلامي و بينما كنا نتحدث ..

قال لي : " ان ما تفعله حرام في حرام و سيجازيك الله على أفعالك المشينة ، كيف تقدر أن تخلق في الصور روحاً لتحركها ؟! " ...

سألته : " هل الصور التي تصدر في المجلات حرام ؟ " ....

أجاب قائلاَ : " لا هذا تجميد للظل مسموح به " ..

حاولت عبثاَ أن أوضح له أنني فقط أحرك الصورة في السينما و لا أخلق فيها روحاَ..

و بشئ من العصبية علق قائلاَ : " هذا الشخص كفر " ...

ولا يدري دون أن يعلم أعطاني صفة الخلق و هذا من شأن رب العالمين وحده عز و جل .. ألا يدرك هذا الشخص أن الذي اخترع نظرية التصوير كان مسلم و عربي هو " الحسن ابن الهيثم الأندلسي ".

ان مارواه الراحل العقاد من احادية الفكر الذي بدأ بالانتشار بين الشباب العربي هو الخطر بعينه ، لانه يسهل على من يريدون ايذاء العرب تنفيذ مهماتهم عبر بعث رسائل تمس العقيدة ، وتلك نقطة الضعف التي فرشها تنظيم القاعدة بالورود للراغبين في تنفيذ مخططاتهم في البلاد العربية .

وعن اجمل مشهد في فيلم عمر المختار يقول العقاد: "أعتقد أن أجمل شئ قمت به في ذلك الفيلم هو عندما ختمت الفيلم بمشهد استشهاد عمر المختار ،ليس فقط الاستشهاد بقدر ما هو مقابلته بالزغاريد، أذكر عندما قابلت حسن نصر الله في بيروت وكرمني قال لي : هذا المشهد أهم مشهد ولن أنساه وهو الاستشهاد وزغردت الاستشهادهو عندما ختم الفيلم بمشهد استشهاد عمر المختار ،ليس فقط الاستشهاد بقدر ما هو مقابلته بالزغاريد، أذكر عندما قابلت حسن نصر الله في بيروت وكرمني قال لي : هذا المشهد أهم مشهد ولن أنساه وهو الاستشهاد وزغردات الاستشهاد".

لم يكن يدري العقاد ان اخر مشهد في حياته سيحمل كل ذاك الكم من القسوة والتراجيديا وسيصيبه التطرف الاعمى في عنقه التي حمل فيها امانة نشر الاسلام الحقيقي والفن العربي المشرق ، وان الرعب الذي يبثه التطرف لايمكن ان تكتبه اية مخيلة انسانية ولاحتى افلامه "هالوين"،

لم تخسر سوريا فقط العقاد بل خسره العالم بأسره ، ومااحوجنا لامثال العقاد في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد العربية ، ومن سخرية القدر ان من قضوا في التفجيرات مسؤولين فلسطنيين والعقاد السوري ، فاين هم الاعداء المفترضين الذين تربص بهم ذلك التنظيم الاعمى ،

مصطفى العقاد لايمكن ان تعوض ورحيلك قاسي وموجع ، رحمك الله واسكنك فسيح جنانه

خاص بمرآة سورية

موقع "مرآة سورية" في

12.11.2005

 
 

سورية تنعى مصطفى العقاد وجثمانه يوارى الثرى غداً في حلب 

نعت وزارتا الثقافة والاعلام ونقابة الفنانين والمؤسسة العامة للسينما وآل العقاد الفقيد المخرج السينمائي العربي السوري العالمي الكبير مصطفى العقاد وابنته ريما اللذين وقعا ضحية التفجيرات الارهابية في عمان.

وسيصل جثمان الفقيد اليوم إلى مشفى الشامي بدمشق حيث يشيع جثمانه صباح غد الاحد إلى حلب ويصلى عليه عقب صلاة العصر في جامع الروضة ويوارى الثرى في المقبرة الجديدة. ‏

وكان الفقيد قد توفي صباح أمس في احد مشافي عمان متأثرا بجروح اصيب بها في احد الاعتداءات الارهابية التي استهدفت مساء الاربعاء الماضي ثلاثة فنادق في العاصمة الاردنية عمان.

‏وكان السيد الرئيس بشار الأسد قد كلف السيد علي حمود سفير الجمهورية العربية السورية في الاردن بزيارة المخرج مصطفى العقاد في المشفى الذي كان يعالج فيه للاطمئنان عليه وتعزيته بوفاة ابنته ريما التي ذهبت مع عشرات الابرياء ضحية الاعتداءات الارهابية. ‏

ويعتبر المخرج الراحل مصطفى العقاد من اكبر المخرجين العالميين حيث نال عددا من الجوائز العالمية والعربية ومن اشهر اعماله: فيلم الرسالة وفيلم عمر المختار وكان يحضر لإعداد فيلم صلاح الدين. ‏

وسيبقى المخرج العقاد حيا في ذاكرة وطنه وأمته بعطاءاته وابداعاته الفنية. ‏

وكان جثمان ريما ابنة الفقيد العقاد قد شيع أمس إلى مثواه الأخير في مدينة طرابلس حيث مقبرة أسرة زوجها، وشارك في تشييعها نجيب ميقاتي رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق وعدد من الشخصيات الرسمية والشعبية ونواب وفعاليات من المنطقة. ‏

وبعث الدكتور محمود الابرش رئيس مجلس الشعب أمس برقية تعزية إلى آل الفقيد مصطفى العقاد. ‏

واكد الدكتور الابرش ان فقد المخرج العقاد هو خسارة كبيرة لسورية والعالم وان اعماله العالمية جسدت قضايا عربية وقومية وانسانية.

تشرين السورية في

12.11.2005

 
 

راغب علامة يبكي صاحب «الرسالة»:

غياب العقاد خسارة للعرب والمسلمين

بيروت – جورج موسى 

السوبر ستار راغب علامة واحد من فنانين كثر في العالم العربي صعقهم الرحيل المفاجئ والمأسوي للسينمائي السوري الكبير مصطفى العقاد الذي كانت تربطه به علاقة صداقة متينة عمرها خمسة عشر عاماً... علاقة بدأت حين كان العقاد «يلاحق» علامة من ولاية الى أخرى لحضور حفلاته الأميركية.

وكان آخر ظهور للعقاد في برنامج «أكيد مايسترو» الذي استضاف راغب علامة في احدى حلقاته الرمضانية... إذ اتصل صاحب «الرسالة» ليثني على موهبة علامة في الحلقة التي خصصت لتكريمه. وكان من المفترض أن يحلّ العقاد ضيفاً على تلك السهرة، إلا أنه اعتذر في اللحظة الأخيرة، بسبب تزامنها مع دعوة على الإفطار وجهها اليه وزير الدفاع السوري.

وفي حديث إلى «الحياة»، أعرب علامة عن حزنه العميق لوفاة إنسان وصديق «وقف إلى جانبي، وشجعني دوماً وكان في كل حفلة أحييها في أميركا، يحجز نصف الصالة له ولأصدقائه». وأشار راغب إلى أن ريما، ابنة العقاد التي قضت, هي الأخرى, في الانفجارات الارهابية في الأردن، كانت صديقته. كما ان ابنها في صفّ ابنه لؤي. واشار إلى أنّه «رباها» وأحيا حفلة تخرّجها،، وها هو يشارك في جنازتها أول من أمس في طرابلس. وأكد علامة أن العقاد هو من اقترح عليه أن يصور كليب «آسف حبيبتي» في منزله في بيفرلي هيلز، علماً أنهما كانا متفقين على اللقاء في عرس العقبة الذي قصد المخرج الراحل الأردن للمشاركة فيه, وكان علامة سيحييه.

واختتم المطرب اللبناني حديثه بالقول: «شاء القدر أن يموت على يد من يدعون الدفاع عن الحضارة العربية – الاسلاميّة, في حين أنّه هو من نذر حياته وفنّه للدفاع عن تلك الحضارة ورسالة الاسلام إلى العالم. إن العقاد خسارة للعرب والمسلمين».

والصورة التقطت قبل أيام من وفاة المخرج،في إفطار رمضاني أقامه المطرب راغب علامة على شرف صديقه العقاد في منزله في بيروت.

الحياة اللبنانية في

13.11.2005

 
 

مصطفى العقاد.. من الرسالة إلى أسد الصحراء.. أي تكريم؟

حسين الابراهيم

غاب مصطفى العقاد..

غاب عملاق سينمائي عربي، وودع الكاميرا والشاشة معاً، وسحب زناد التشغيل الذي أطلق من خلاله أروع الكوادر السينمائية، وغاص في غياهب سينما من نوع آخر، ليكون بطلاً في فيلم ليس هو المخرج فيه، ولا صاحب الفكرة. ‏

لأول مرة يتنازل العقاد عن وقفة المخرج، ليتحول الى ممثل ـ بغير إذنه ـ لكن هذا الممثل يكتشف أنه يؤدي دور الواقع الحقيقي لا الدراما السينمائية. ‏

أراق الإرهابيون دم العقاد على بوابة الفندق ليخرجوا بحدث درامي من صلب الواقع لكنهم أرادوا أن يعاقبوا هذا الدم عقوبة أبدية عندما حرموا العقاد من أن يكمل استقبال ابنته ريما وأسالوا دمها أمام عينيه. ‏

كيف لهذا المخرج ذي الاحاسيس الشجية أن يعيش بعد هذه الرؤيا، لا.. الحياة بعد هذا قاتلة، ولاسيما أن ريما رفيقة دربه وما كان له أن يفارقها حتى بعد زواجها، فما أن تسنح له فرصة التواجد في منطقة قريبة إلا ويدعوها كي تكون إلى جانبه.

بالأمس القريب.. اكتشف البعض أن مصطفى العقاد لم يحظ بالتكريم الذي يستحق في بلده، واكتشفوا أن أفلامه عرضت في كل الدنيا إلا في بلده، فراحوا يخططون لتكريمه في إطار مهرجان أو احتفال خاص أو من خلال مهرجان دمشق السينمائي، وتقرر التكريم في دورة هذا العام (بعد عشرة أيام)، وكان سعيداً أن يرى مثل هذا الاهتمام، لكنه غادر قبل أن يقف في صالة التكريم. ‏

هذا المخرج الذي كان شغلته في الفترة الأخيرة فكرة فيلم عن الإرهاب بكل عناصره، ومكوناته، هاهو اليوم يقع ضحية الإرهاب، وكان يرى أن فيلمه (الرسالة) حالة إعلامية مميزة تتصدى لكل الطروحات التي تربط بين الإرهاب والإسلام، وأن القيمة الحقيقية لهذا الفيلم توضحت بعد ظهور الأفكار والمفاهيم التي تتحدث عن صراع الحضارات. ‏

العقاد كان من أوائل المطالبين بإعلام عربي قوي، منذ سنوات طويلة، كان يقول دائماً: إن الحرب القادمة هي حرب إعلام، ويرى أنه في فيلمه (الرسالة) يوجه رسالة إعلامية إلى العالم حول حقيقة الإسلام ومنهجه، وأن هذا الفيلم استطاع أن يخدم العرب والإسلام لأنه نشر هذا الفكر العظيم بأسلوب قادر على الإقناع ومؤهل للوصول إلى العالم في كل أرجائه. ‏

وفي فيلمه (عمر المختار أسد الصحراء) قدم للعالم صورة الإنسان العربي المقاوم للغزو والاستعمار، وبطولات هذا الإنسان وقيمه النبيلة وتضحياته من أجل كرامته ومجده. ‏

قبل أيام كان لمدينته حلب موعد مع ابنها البار مصطفى العقاد، كانت فرحة أخته ليلى التي أعدت لهذا الحدث، الذي جمع الأهل والأصدقاء، توازي فرحة أخت تزف أخاها في يوم عرسه، وتتحدث بسعادة عن علاقة مميزة للعقاد مع بلده، علاقة يجسدها في لقاءاته وتواصله مع الجميع دون أن ينسى أحداً. ‏

لم يكن العقاد عظيماً بما أنجز فحسب بل كان عظيماً بطموحاته ومنهجية عمله وسعيه نحو التأسيس لمشاريع استراتيجية كبيرة، فكان عندما يتحدث عن مشروع فيلم صلاح الدين، يسعى لأن يكون الإعداد لهذا الفيلم هو في الوقت نفسه، إعداد لمدينة سينمائية كبيرة تضم المعاهد التدريبية، والمدارس التأهيلية والديكور المرن الذي يمكن تغييره وتبديله بسهولة، وعن سياسة مختلفة لتصوير المسلسلات الدرامية ونشرها وتسويقها عالمياً بهدف تعريف الاخر بالعرب على حقيقتهم، بعيداً عن عمليات التضليل والتشويش التي يمارسها الأعداء، لكن أحداً من أصحاب القرار العرب لم يستطع استيعاب طموح العقاد فبقي الطموح نظرياً، ولم ير من الذين التقاهم إلا الكلام المعسول. ‏

ذهب الطموح إلى اللا نهاية، فماذا يفعل التكريم؟ ‏

ذهبت ريما فلزة كبده، ريما التي لم يعد قادرا على دعوتها لترافقه الى هذا المهرجان أو ذاك، فمن سيدعو بعدها؟ ‏

هجم الارهاب بكل أبعاده السياسية والثقافية وراح ينمو في أرضية خصبة، ضاع الحق فيها وتحولت الدنيا الى جزر من الغابات المنفصلة، وساد قانون الغاب بديلا عن قانون الحياة، فصار من حق العقاد أن يتساءل عن دوافع البقاء في عالم كهذا .. العالم الجهنمي. ‏

راح العقاد والخوف الأكبر أن تذهب أفكاره أدراج الرياح. ‏

موقع "مرآة سورية" في

13.11.2005

 
 

مصطفى العقاد ..الموت بسيناريو لم يعد سلفا

نعيم عبد مهلهل

((أعطيت الفليمين لجاري العجوز وقلت له إن الفيلم الأول لانطوني كوين يروي بالتفصيل قصة ظهور الإسلام وأخلاقيات المعارك عند المسلمين الأوائل ... وأن الفيلم الثاني يروي حكاية ثائر عربي عجوز قاد حرب التحرير العربية في ليبيا ضد الاستعمار الإيطالي . في صبيحة اليوم التالي طرق الرجل الباب وهو في حالة من الذهول ... والإعجاب ... وأقر أمامي انه لم يكن يعرف أن المسلمين على هذه الدرجة من الشفافية ... والإخلاص ... والإيمان ... ودعاني إلى مشاهدة الفلمين معه لأنه يرغب في أن يسأل عنه بعض التفصيلات التي وردت في بعض المشاهد ... وكانت هذه هي المرة الأولى التي اجلس فيها أمام شاشة التلفزيون لمشاهدة فلمي الرسالة ... وعمر المختار ... وكنت أكثر ذهولا من جاري العجوز .... لقد قدم العقاد صورة تاريخية دقيقة ومشرقة عن الإسلام والمسلمين مستخدما أدوات السينما بحرفية عالية جدا تدعو إلى الاحترام والتقدير . لندخل الآن إلى لب القضية ... والغرض من هذا التعريف برجل عظيم مثل مصطفى العقاد))............. الكاتب أسامة فوزي

تكتب عن رجل . رجل ما لكنه مؤثر . رجل يمتلك الفعل للتأثير على الوجدان وهذا ما يطلق عليه سلفادور ( مؤثرات ما بعد الرؤية حيث يقنعنا المقبول بما هو ليس مقبول ) .

أذن أنا اكتب عن رجل غاب جراء حزام ناسف . مات جراء ما هو ليس مقبول . أن تمزق مافي جسدك من أحشاء بواسطة ما اخترعه نوبل لتؤكد حقيقة أن تكون قريبا من الحبيب محمد ص. وهذا مناف لشرع الدين في صورتين :

الأولى : من قتل الناس بدون ذنب، فإنما قتل الناس جميعا( حديث نبوي ).

الثانية : الإنسان بناء الله ..ملعون من هدمه . ( عيسى اليسوع ).

الرجل هو المخرج السوري مصطفى العقاد .

سيرته الذاتية مختصرة :

مواليد حلب 1933. سافر إلى الولايات المتحدة لدراسة السينما عام 1954. درس الفنون المسرحية في جامعة كاليفورنيا وتخرج منها 1958. أخرج عام 1976 فيلم "الرسالة"، وهو أول فيلم عن الإسلام يتوجه إلى الجمهور الغربي. وقد صدر بنسختين عربية وإنكليزية من بطولة أنطوني كوين. أخرج سنة 1980 فيلم "عمر المختار" (بالإنكليزية)، الذي يتناول نضال الشعب الليبي ضد الاحتلال الإيطالي. له عدة أفلام اشتهرت في هوليوود، أهمها فيلم الرعب "هالوين" (1978) وكانت طفولته الحلبية تمثل له صدى حلم قديم رسمه عبر تراث المدينة وقلعتها الشهيرة ليربط ذلك فيما سيأتي بقوله :

(((( حلب هذه المدينة الصغيرة التي أحملها في قلبي دائماَ هي مدينتي ، ولدت و نشأت فيها .... كان لدينا جار يعرض الأفلام السينمائية و كان يأخذني في الصغر لأتابع كيفية عرض الأفلام و كيفية قص المشاهد الممنوعة و مع مرور الوقت أصبحت مولعاَ بالسينما ، و عندما بلغت الثامنة عشرة من عمري قررت أن أصبح مخرجاَ سينمائياَ و في هوليوود تحديداَ ويا لها من ردة فعل كانت لأهالي حلب بعد أن بحت لهم بأحلامي فقد أضحيت أضحوكتهم ... قالوا : " احلم على قدك ، اذهب الى الشام أو مصر لتدرس الإخراج هناك " ... لكني كنت مصمماَ على هوليوود !! )) .

قد يكون العقاد مقلا في أعماله لكنه يلتقي مع عبارة فرانسيس كابولا ( مشهد مدهش واحد كفيل بان يضعك إلى جانب دافنشي ) .مصطفى العقاد لم يقدم دهشته بمشهد واحد بل قدم لنا أفلاما كسرت بقيمتها الفكرية حاجز التغيب الذي نال الدين الإسلامي في الذاكرة الغربية فكان فيلم الرسالة هو بعيدا عن جمالية الإخراج وفخامة الإنتاج والحشد الرصين من الممثلين الكبار وعلى رأسهم انتوني كوين وأيرين باباس وعبد الله غيث واحمد مرعي ومنى واصف وغيرهم .

كان فيلم الرسالة خطاب عد بعناية لمسح كامل غبار ما ينقل عن الإسلام والعرب في ثقافة الأعلام المضاد . وكان عبارة عن بانوراما لمسيرة دين وولادة رجل وأمه في صياغة سيناريوية ذكية ومتأنية وواضحة لأزمنة التبشير الأول للدين الإسلامي وما رافقها من محطات . حرص المخرج أن يجسد فيها ما تمتلك الذات العربية من حقيقية وجدانية وإنسانية حد وفاة النبي محمد ص . وكقوله ( لقد عرف الغرب من نحن بصورة جيدة ) ..

هذا الرجل المبدع عاد مرة أخرى ليرينا تحفة سينمائية جديدة هو فيلم عمر المختار الذي أنتج بفضل مسعى العقاد لاستغلال صداقته مع الرئيس القذافي الذي يقول عنه في أحدى الحوارات: (( تربطني علاقة شخصية بالرئيس الليبي معمّر القذافي ، فالقذافي عرف حاجة الإعلام و قال لي :" السينما سلاح أقوى من الدبابات " ... و هو من قام بتمويل فيلمي " الرسالة " و " عمر المختار " )) ...

كان فيلم عمر المختار الذي جسد فيه ببراعة انتوني كوين شخصية المجاهد العربي عمر المختار وكذلك عادت ثانية أيرين باباس تؤدي دورها المشرقي بجداره وكأنها تثبت أن دماءها الإغريقية تمتد إلى روح الشرق بأزل أسطوري حين اظهر الفيلم فطرة الثورات الحقيقية وجديتها لأن العقاد كان رغم تأمرك حياته العامة إلا أن حياته الخاصة ظلت وفية إلى روح الذات الحلبية التي كانت تعاقر بفطرتها وتراثها الإفرنج والترك وغيرهم ليأتي فيلم عمر المختار تأثيثا لما يريد للعقاد أن يؤسسه في ثقافة السينما العربية من جعل الحدث في إيصاله الرسالي حدثا كونيا وليس مجرد ساعتين من الأشرطة السينمائية تتحدث برتابة وغنج عن العمدة وضيعته والعاشق والعشيق والقاتل والمقتول . ولتأكيد مافي روح العقاد من فعل الثورة بصورتها الشفافة القائمة على تثوير الباطن بشكله الجمالي وهذا ما فعله في الرسالة وعمر المختار تروي الكاتبة السورية وفاء سلطان تلك الحادثة عن العقاد وأيمانه بما يريد أن يوصله إلى الآخر :((عام 1990، وتحديداً في النصف الأول من ذلك العام، حضرتُ ندوة شعرية للشاعر الكبير المرحوم نزار قباني، أقيمت في فندق هيلتون في لوس أنجلوس. قدّم أحد الأشخاص الشاعر الكبير تقديماً رائعاً قال في أخره: نريد من الشاعر شعراً للتحريض والثورة! سألت سيدة كانت تجلس بجواري: من هذا الرجل الشجاع؟! نظرت إلي باستغراب: ألا تعرفينه؟! إنه المخرج العالمي الكبير الأمريكي السوري المولد مصطفى العقاد...أثلجت كلماته صدري، وكنت يومها حديثة العهد جداً ً في أمريكا: ما زالت الدنيا بألف خير طالما بقي هناك رجال يرون أنّ الوضع يحتاج إلى ثورة، والثورة تبدأ بكلمة! منذ ذلك الحين وأنا أتصيّد أخبار هذا الرجل علّني أرى عالميته في تصريح.. في كلمة.. في موقف.. في مقال.. في مقابلة.. في فلم سينمائي يعكس مأساة الإنسان العربي وحقيقة وضعه.))..

وهكذا كان مصطفى العقاد يمسك رؤاه بخبرة وإبداع وتواضع ، وعاش أمريكياً بهاجس عربي مثلت تجاربه السينمائية قدرة عريقة ومتطورة في عكس ما نتمناه من الق في شخصيتنا التي غيبتها الرؤى القاسية والمسيسة والقابعة في دهاليز الظلام والتخلف إذ نقل العقاد في فيلمين واقعا مضيئا في المشهد التأريخي للذات العربية وكان في فيلم الرسالة يشتغل بكاميرا معبرة تظهر الحكاية بصورتها البيئة وبقوتها التأثيرية المبنية أصلا على كتاب السيرة النبوية رضا المرجعيات كالزهر والنجف الشرف ووقتها قال العقاد عن الرسالة : انه فيلم لنقل الجوهر بتقنية حضارة القرن العشرين وأرجو أن أكون قد وفقت في ذلك . فقد كان العقاد معجبا بالتاريخ العربي والشخصية العربية ورغم حياته الغربية الطويلة إلا أن قناعاته الفنية رغم عالميتها ظلت أسيرة الروح العربية وطالما تمنى أن يجسد بصورة البانوراما الكبيرة ما يعتقده عملا ملحميا كما في الرسالة وعمر المختار وأراده مع فيلم جديد عن الناصر صلاح الدين فهو يقول في واحدة من الحوارات إزاء هذا الأمر :

((كان طريقي شاقاَ بمعنى الكلمة فلو لم أكن عربياَ لكان الأمر أسهل بكثير فكون اسمي " مصطفى " هذا وحده يشكل صعوبة كبيرة كان بامكاني أن أغيره لأمارس عملي بسهوله لكن كيف أغير اسمي الذي أورثني إياه أبي ؟! ، فلقد كنت ولا أزال متشبثاَ به ... وتابعت عملي بإصرار و فرضت على الجميع في هوليوود وخارجها احترام اسمي فلقد كنت أحترم نفسي لذلك فرضت على الآخرين احترامي .... إنني أشمئز من بعض العرب الذين يأتون إلى أمريكا و يغيرون أسمائهم العربية و يتنكرون للغتهم العربية فقد لتسهيل أعمالهم )) ..

هذا المخرج الحالم بعدسة مفتوحه إلى الحدث الكبير ظل طوال حياته منتقدا لرؤى العنف التي سادت الذاكرة العربية مع النزعات الجديدة وكان يراقب عن كثب مسار هذه الحركة ويتحدث عن مستويات ظاهرتها حتى انه في أحدى زياراته للكويت صرح برغبته لعمل فيلم عن عراب هذه الظاهرة وكما جاء في مؤتمر صحفي له نقلته صحيفة الوطن السعودية بعددها 1855 في 28 أكتوبر 2005: ((وقال العقاد إن الخليج لن تقوم به صناعة سينمائية لاعتبارات منها عدم توافر المناخ المناسب وعدم انتشار اللهجة الخليجية في العالم, إضافة إلى أن المناخ الديني لا يسمح بذلك.وقال العقاد إنه يرغب في صناعة وتقديم فيلم سينمائي يتناول من خلاله حياة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن, ولكنه نوه إلى أن هناك اختلافاً في تعريف من يكون بن لادن))..

المفارقة إن العقاد قتل بأدوات المقاومة التي يعتقدها بن لادن إنها ناجعة من خلال تفخيخ البشر . قتل بقصد أو بدون قصد . المهم انه كان موجودا في المكان الذي ظنت الأردن انه مكانا آمنا لمن يزور مملكتها .وحدث الذي حدث . مجزرة في قاعة عرس . كان فيهم المخرج العقاد ملبيا لدعوة اجتماعية بصحبته ابنته الكبيرة التي طالها الموت كأبيها وكأن الذين يفكرون بإشعال أجسادهم بفتيل الدانميت لا يفرقون بين جنرال المارينيز ومبدعا أرانا في حلم صبانا قوة حمزة عم النبي وصلابة عمار بن ياسر والفعل الأسطوري لسيف علي ع المسمى ذو الفقار وقوة وشكيمة رجل الصحراء عمر المختار. مات مصطفى العقاد في عصر كنا فيه أن نتمنى أن لا يموت المبدعون في هكذا كرنفالات صاخبة وبلا معنى .مات من كان هاجسنا السينمائي محتاج إلى إبداعه وعدسته ودفتر سكربيته الخاص ليخطط بأنامل الفخامة المبدعة عمل جديد يجعل الغرب ينسى إننا لسنا سوى عقال وبئر بترول .وربما سيقول الغربيون : عاش عندنا أكثر من أربعين عاما ولم يمت .جاء إلى أهله يوما واحدا ومات بهذه الطريقة البشعة .

اليوم شاهدت مراسيم تشيع مصطفى العقاد . دمعة قفزة من أحداقي المتعبة وأنا أرى الصورة السينمائية المبدعة تنحر بسكين وتساءلت بحنق وحزن :لماذا نودع الرائعين بهذه الشكل التراجيدي ؟

نعيم عبد مهلهل

neim_mhalhl@yahoo.com

أور السومرية في

13.11.2005

 
 

مصطفى العقاد صانع السينما الإسلامية قتله الأصوليون

العرب اليوم - رصد

لا يستحقّ أحدٌ من الذين تعرّضوا للاعتداء الإجرامي والعمل الإرهابي في عمّان يوم الأربعاء الفائت, هذا النوع من الموت المشحون بعصبيّة مبتذلة, وتخلّف لا مثيل له. لا يستأهل هؤلاء, وغيرهم كثيرون من الذين سقطوا ويسقطون في حروب همجيّة يشنّها إسلاميون متزمّتون وأصوليون بأوامر من سلطان مختف في جحور التاريخ, أن يتناثروا أشلاء هنا وهناك, تحقيقاً لـ"عدالة" إلهية مستلّة من عصور ظلامية وجهل مدقع. لكن هذا ما حصل: سفلةٌ يعيشون في ظلّ تفسير خاطئ للدين, ويحملون في عقولهم الموتورة قذارة الأزمنة الدموية التي صنعت جزءاً من تاريخ هذه الأمّة, يجوبون دولاً وأزقّة كي يزرعوا المدن دماً وحطاماً, ويحوّلوا البشر إلى جثث متناثرة في صقيع جاهليتهم, ويجعلوا الشوارع مقابر مصنوعة من جنونهم وبهتان خطابهم العنفي.

لم يكن مُقدّراً لمصطفى العقّاد أن يُدركه الموت من بوابة الجحيم الإرهابي الدنيء, وأن يُفرَض قدره عليه بهذه الطريقة اللعينة التي صنعها جهلة القرن الواحد والعشرين, الذين لم يخرجوا يوماً من كهوف الغباء والحقد والجنون. لم يكن مصطفى العقّاد, الذي توفي الجمعة متأثّراً بجروحه التي أصيب بها في خلال الاعتداء الإجراميّ على فنادق عمّان, ينتظر نهاية دموية كهذه, إذ عاش حياته كلّها (67 عاماً) عاملاً, قدر المستطاع, على تقديم أفضل صورة ممكنة عن العرب والإسلام في الغرب, من دون أن يتغاضى عن مآزق هذه الأمة وناسها وفضائها. وعلى الرغم من وعيه خطورة ما يعيشه العالم العربي, إلاّ أنه تمسّك غالباً بتفاؤل وحماسة ممزوجتين برغبة دائمة في تحقيق المشاريع والبحث في الاقتراحات, وفي مناقشة القضايا الملحّة التي تتعلّق بهذه الأمّة, على ضوء تجربته الحياتية والثقافية والإنسانية التي خاضها طويلاً, مخرجاً ومنتجاً عربياً في هوليوود, ومحرّضاً على ضرورة تبيان الجوانب المتناقضة في الواقع والحياة, وملقياً الضوء على ما يُمكن أن يُفيد العرب والمسلمين من تحوّلات وتطوّرات غربية.

التزام أصيل بالقناعات

لعلّ قوة الصمود والمعاندة التي اكتسبها مصطفى العقّاد في حياته, نابعة من البداية التي أطلقته في عالم الفن السينمائي, أي منذ أن اكتشف معنى القناعة والالتزام بها حتى النهاية. إذ رفض أن ينصاع لرغبة العائلة في التخصّص بالمحاماة أو الهندسة أو الطبّ, لأنه وجد أن ترجمة رغباته الشخصية وأحاسيسه الخاصّة وانفعالاته الذاتية تسمح له بأن يتدرّب على شؤون الحياة واختبار التفاصيل, ما يُعزّز قناعاته ويؤمّن له حماية مصنوعة من العلم والمعرفة والتماس اليومي مع شؤون الدنيا. أما دخوله هوليوود, المعقل الأهم والأخطر للسينما في العالم, فكشف أن إمكانية العمل متاحة للجميع, وأن فرص النجاح متوافرة بكثرة, وأن إثبات الذات, بما هي عليه من تراث ثقافي وحضاري وفكري, لن يكون مستحيلاً في العاصمة العالمية للفن السابع, وإن لم يكن سهلاً في الوقت نفسه. ألم يقل يوماً إنه سوري وتفكيره أمريكي وهذا لا يمسّ عروبتي وإسلامي? ألم يسع إلى جمع أفضل ما في الثقافات والحضارات في ذاته ووعيه? ألم يحاول جاهداً ترجمة هذه القناعات في أعمال ومناقشات وسجالات?

من ناحية أخرى, ألا يُمكن القول إن مصطفى العقّاد أراد, باختياره صلاح الدين الأيوبي موضوعاً لمشروع سينمائي لم يستطع يوماً الحصول على التمويل »العربي« اللازم له (إذ قال مراراً إنه يستحيل على هوليوود أن تموّل فيلماً يروي شيئاً من الانتصارات العربية وبطولات صلاح الدين الأيوبي, لأنها لا ترغب في إنتاج أفلام تُقدّم صورة إيجابية عن العرب والإسلام), أن يبحث في جانب أساسي من العلاقة التاريخية المتينة بين المسلمين والمسيحيين العرب? وماذا عن مشروع الأندلس: أليس جزءاً من همّه الإنساني والثقافي والحضاري المتعلّق بالعرب والإسلام, أو بالأحرى بجوانب مشرقة من التاريخ العربي والإسلاميّ, لا ليتغاضى عن الجوانب السيئة منه (أي من هذا التاريخ), بل ليُنصف بعض هذا التاريخ بناسه ومجتمعاته وثقافته المتسامحة? في مشروع صلاح الدين الأيوبي, تنتفي صفة »الديني« عن هذه المرحلة, بحسب ما ردّده العقّاد مراراً, لتحلّ محلّها صفة »القومي« في صراع الشرق ضد »الاستعمار الغربي«, إذ يقول إن الحروب الصليبية لم تكن حروباً دينية, وإن انطلقت في بداياتها من هذا الوصف, لأن الصليبيين, حين دخلوا القدس, قتلوا المسلمين والمسيحيين واليهود, وعاثوا في دُور العبادة فساداً وتدميراً. لذلك, تجد في صفوف المقاتلين مع صلاح الدين كثيراً من المسيحيين العرب الذين حاربوا إلى جانبه ضد الاستعمار الغربي.

هوليوود والعرب

في هوليوود, بدا مصطفى العقّاد صورة حيّة عن معنى الثبات في القناعات المنفتحة والعصرية, وعن واقعية في معاينة آلية العمل ومصاعبه وحدوده, فإذا به يجمع تمسّكه بذاته بسعيه إلى تحقيق مكانة محترمة من خلال سيرة مهنية تضمّنت عناوين لافتة للنظر, ونجاحات متفاوتة, وإصرار دائم على عدم التنازل عن هذه القناعات, من دون أن يعني هذا عناداً وإلغاءً للآخر. يصعب على كاتب سيرة مصطفى العقّاد أن يتغاضى عن دوره في تنظيم شيء من الصورة المفترضة للعلاقة الملتبسة بين العرب وهوليوود: فالغالبية الساحقة من العرب ترى في وجود أي عربي في هوليوود تنازلاً عن مصالح الأمّة العربية والإسلامية, وتواطؤاً مع اليهود ضدها, وتعاوناً مع الصهاينة في مواجهة حضارتها, وترفض رؤية الجانب الآخر (الواقعي) من المسألة, إذ إن هوليوود ليست حكراً على أحد, وإن وضعت خطّاً أحمر على المسألة اليهودية, بسبب قوة اللوبي اليهودي فيها. في المقابل, يُمكن لأي عربي أن يعمل فيها, ليس بصفته عربياً, بل في حال أدرك آلية العمل الإنتاجي, وعرف كيف يُثبت نفسه في تنفيذ المشاريع, تماماً كما هو حال أي إنسان يعمل في مجالات التجارة والصناعة والإعلام وغيرها, أي في مؤسسات وشركات لا تخلو من المنافسات المشروعة وغير المشروعة. إن مصطفى العقّاد نموذج واضح لمعنى أن تكون عربياً ناجحاً في هذا المعقل السينمائي, من دون أن تتخلّى عن قناعاتك, ومثالٌ حيّ يعكس واقعية جادّة وحقيقية في التعاطي مع النظام المعمول به هناك.

لكن مصطفى العقّاد لم يكن العربي الوحيد في هوليوود, ولم يكن العربي التائه في متاهات هوليوود وأنظمتها الصعبة ومحرّماتها, وإن بدا أحد روّاد العمل العربي فيها. إنه خبير في خفاياها, ومحنّك في كيفية التعاطي مع فضاءاتها, كما أنه قديرٌ في مواجهاته المتنوّعة, وكبيرٌ في عمله. أنتج ما أراده جمهورٌ عريضٌ من المشاهدين في أنحاء مختلفة من العالم, بإنتاجه سلسلة »هالوين« مثلاً, لكنه, بوقوفه خلف الكاميرا, أخرج ما رآه ترجمة بصرية وحسّية لبعض العناوين الإنسانية الخاصّة بالتراث العربي الأصيل. في هوليوود, أدرك أن الخطّ الأحمر حكرٌ على المسألة اليهودية, لكنه لم ينزو في عزلة, ولم يستسلم لأمر واقع, بل سعى جاهداً إلى حثّ العرب والمسلمين على إيجاد أرضية تصلح لصناعة »لوبي« عربي ما ليس بالضرورة أن يتّخذ من هوليوود مقرّاً له, بل على الأقل أن يجعل من الفضائيات العربية المتكاثرة في الأعوام القليلة الفائتة منبراً إعلامياً لا يتغاضى عن الأزمات الداخلية, ولا يكتفي بتقديم المُفرح والجميل عن هذه الأمّة المُصابة بألف ألم وانكسار, ولا يختزل العالم العربي والإسلامي بالسذاجة والسطحية والتخلّف في الأعمال المنتجة, بل يجمع التناقضات كلّها كي يُعلن, لنفسه أولاً وللعالم ثانياً, أن هناك أمة عربية غنية بالجمال والإبداع, وإن امتلأت بالوجع والجهل.

لم يكن مخرج »الرسالة« و»عمر المختار« مستَهدَفاً في العمل الدموي القذر الذي أصاب عمّان هذه المرّة. لكنها مفارقة قاسية وبشعة أن يُقتل الرجل على أيدي سفّاحي هذا القرن الجديد, الذين لم يكونوا إلاّ النقيض له: فهو قدّم, بحياته ونتاجه ومواقفه, صورة جميلة عن الجانب الإبداعي والثقافي والجميل للعرب, وقارع التخلّف والأمية والظلامية. في حين أن هؤلاء القتلة نتاج الجهل والبدائية والعفونة الطالعة من نتانة التاريخ وجنون الجغرافيا. على الرغم من هذا, يُمكن القول, بشيء من الخيال, إن الهجوم الإرهابي الذي قاده أصوليون متخشّبون ورجعيون, بدا وكأنه ??استهدافٌ?? مباشرٌ لمصطفى العقّاد لارتكابه أجمل جريمة ممكنة: عدم التخلّي عن قناعات عصرية مرتكزة على الحسّ الديمقراطي والانفتاح على الآخر, والمستمدّة من إعلاء شأن النقاش النقدي والحوار الجدّي. وأيضاً عدم التخلّي عن المفاهيم الحديثة للحياة والمجتمعات والناس والأفكار, من دون التغاضي عمّا يختزنه الماضي من تراث حيّ, ولغة إبداعية, ونتاج متنوّع.

العرب اليوم الأردنية في

13.11.2005

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)