كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

«صلاح الدين» ما زال ينتظر من يخرجه إلى النور

نزار عابدين

عن رحيل أمير الأحلام

مصطفى العقاد

   
 
 
 
 

فجع المثقفون العرب عامة وعشاق السينما خاصة «وانا منهم» برحيل المخرج السينمائي العربي العالمي مصطفى العقاد «ولد عام 1936» في الجريمة النكراء الجبانة البشعة التي استهدفت الابرياء في ثلاثة فنادق في عمان وراح ضحيتها نحو ستين من الابرياء‚ لا أدعي حزنا خاصا على الراحل‚ فحزني عليه كحزن اي محب للثقافة مقتنع بأن السينما مصدر مهم من مصادرها متشوق الى فن سينمائي رفيع المستوى شكلا ويحمل ارقى المضامين‚ مناد بأن السينما «والتليفزيون والصحافة» سلاح من اخطر الاسلحة اهملناه طويلا «وما زلنا» واجادت الولايات المتحدة واسرائيل استخدامه لقد غسلت الولايات المتحدة «دماغ» العالم كله بأفلام هوليوود عندما جعلته يصفق لهمجييها وهم يقتلون سكان اميركا الاصليين «يسمون خطأ الهنود الحمر» في أبشع واقذر جريمة ابادة على مر العصور‚ولا ادعي ان الفقيد كان صديقي فلم ألقه الا مرتين: الاولى في بداية الثمانينيات هنا في الدوحة والثانية كانت لقاء عابرا في دمشق لم تساعدني «ظروفه» على ان احوله الى لقاء مطول كما كنت آمل‚ لكنني كنت وما زلت معجبا بعمليه الرائعين: «الرسالة» (1976) و«عمر المختار» (1980)‚ وتابعته بعد ذلك في لقاءات صحفية وتليفزيونية عديدة‚كان مصطفى العقاد بالنسبة لي ورقة رابحة في امور كثيرة اولها: اننا يمكن ان نقدم افلاما تاريخية لا تقل جمالا في الشكل والمضمون عن الافلام التاريخية الكبرى التي تنتجها هوليوود وثانيها اننا ننفق اموالا طائلة على تفاهات لا تقدم ولا تؤخر وعلى دعاية لا تثمر بينما يقدم لنا الرجل مشاريع دعائية عظيمة يمكن ان يكون لها أبعد الاثر في تغيير نظرة العالم الينا وهي بالمناسبة مشاريع رابحة فقد بلغت كلفة فيلم «الرسالة» 17 مليون دولار وحقق من الارباح عشرة اضعافها في نسخته الانجليزية قال لي في لقائنا المسجل في اذاعة قطر:يسيطر اليهود على شركات التوزيع والشركات التي تملك دور السينما ورغم ذلك عرضوا «عمر المختار» مع انه يمجد البطولة العربية وفيه اشارات كثيرة الى المخيمات واسوار الاسلاك الشائكة «ألا يذكرنا هذا بجدار الفصل العنصري الشاروني؟» كيف وافق هؤلاء؟ انهم يأخذون 40% من دخل الشباك‚ قلنا لهم: خذوا 60% «ولم نكن نبحث عن الربح» فوافقوا جميعا‚ وعرض «عمر المختار» في آلاف الصالات‚وكان الراحل مصطفى العقاد ورقة رابحة في ايدينا لأنه نموذج للعربي المسلم الذي شق طريقه ونجح في عقر دار الصهيونية العالمية دون ان يغير اسمه ودون ان يفقد لغته العربية «بلهجته الحلبية» ودون ان يتخلى عن قيمه ومبادئه وظل وفيا لها على الرغم من وجوده وعمله ودراسته في الولايات المتحدة منذ عام 1954‚« لو لم اكن عربيا لكان الامر اسهل بكثير فان يكون اسمي «مصطفى» كان وحده كافيا لتشكيل صعوبة كبيرة كان بامكاني ان اغيره ولكن كيف اغير اسمي الذي منحني اياه ابي؟ تشبثت به وفرضت على الجميع احترامه بكل مدلولاته‚ انني اشمئز من بعض العرب الذين يأتون الى الولايات المتحدة فيغيرون اسماءهم العربية وربما معتقداتهم ويتنكرون للغتهم العربية»‚ولد مصطفى العقاد في حلب وفيها درس وحملها في قلبه حيثما كان وظل يحن اليها تعلق بالسينما صغيرا وعندما نال الثانوية قرر الهجرة الى الولايات المتحدة ليدرس الاخراج السينمائي وهذا وحده يدل على بذرة الابداع في عقله وروحه فلم يحلم بأن يكون ممثلا بل كان يحلم وصمم على تحقيق حلمه بأن يصبح مخرجا وسخر منه الآخرون ونصحوه بالذهاب الى مصر ان كان مصرا على «حكاية الاخراج السينمائي»‚لم يكن ابوه غنيا‚ ترك له حرية الاختيار لكنه ابلغه بأنه لا يستطيع ان ينفق على دراسته ظل يعمل سنة كاملة حتى وفر ثمن بطاقة الطائرة وقبل السفر اعطاه ابوه «مصحفا» و200 دولار فهذا كان اقصى طاقته:«كانت الرحلة شاقة‚ لقد ذهبت الى الولايات المتحدة فقيرا ماديا لكنني كنت غنيا دينيا وتربويا وقوميا كان هذا كل رأسمالي وعندما عرفت المجتمع الاميركي على حقيقته قدرت قيمة الاخلاقيات التي رباني عليها والدي في البداية كنت اشعر بالدونية تجاه الغربيين ولكنني بعد الاختلاط بجنسيات مختلفة استعدت ثقتي بنفسي وايقنت ان عروبتي واسلامي لا يقللان من قدري بل يجب ان يكونا مصدر فخر لي»‚نجح مصطفى العقاد في هوليوود ولكنه قرر ان يضع نجاحه وعلمه وخبرته وابداعه في خدمة قضايا أمته‚ وتيسر له هذا جزئيا في فيلمي «الرسالة» و«عمر المختار» ومنذ اكثر من عشرين عاما يحمل سيناريو فيلم «صلاح الدين» ويطوف به العواصم العربية فلا الحكومات العربية اقتنعت بضرورة هذا المشروع القومي «الرابح» ماديا ولا المستثمرون العرب الذين يستثمرون مليارات الدولارات في الغرب عامة والولايات المتحدة خاصة اقتنعوا بالاستثمار في هذا المشروع رغم انهم يقرؤون ان افلام السينما الجيدة تحقق ربحا عظيما‚ ويكفي ان نعرف ان فيلم «آلام المسيح» الذي انتجه وأخرجه «ميل غيبسون» تكلف ثلاثين مليون دولار ورفضت شركات التوزيع والانتاج الكبرى تبنيه لكنهم ندموا عندما حقق الفيلم نحو 400 مليون دولار في عامه الاول اي ان الربح اقترب من 1500%‚عندما التقيته في الدوحة قبل اكثر من عشرين عاما علمني درسا في احترام الوقت كان موعدنا في الخامسة وعندما سألني عن مدة اللقاء وقلت ساعة قال: استقبلك حتى السادسة والربع وذهبت متأخرا عشر دقائق فقال لي لقد ضيعت عشر دقائق من وقتك ففي السادسة والربع سأستأذنك لأغير ملابسي لأن عندي موعدا آخر وهذا ما فعله‚كان متفائلا بأن الحكومات العربية ستنتج «صلاح الدين» وتصاعدت الميزانية وتضاعفت ولم ينتجه احد وتضاعفت قيمة صلاح الدين الآن: «صلاح الدين هو الشخصية المناسبة الآن ليتحدث الى الغرب باسمنا هم يتحدثون عنا كارهابيين وصلاح الدين حمى الاديان وابناءها بينما كان الافرنج «الصليبيون» يقتلون العرب جميعا لا يميزون بين مسلم ومسيحي»‚وتضاءل الحلم في روح مصطفى العقاد ولعله وصل الى اقتناع بأن احدا لا يريد للتاريخ العربي المضيء ان يقدم الى العالم وبما ان الحكومات العربية تخلت عن القدس وفلسطين والفلسطينيين فانها لن تهتم بانتاج فيلم عن صلاح الدين محرر القدس وموحد فلسطين الى ان جاء الى الدوحة وقابل سمو الامير وسمو الشيخة موزة ووعداه بتمويل الفيلم ومن سخرية القدر ان ينتعش الحلم في نفسه كالشجرة التي ظلت تنتظر المطر طويلا بينما تمتد يد الغدر الآثمة وتقضي على صاحب الحلم نفسه‚مصطفى العقاد كان مشروعا ضخما قتلناه حين اهمله القادرون على استثماره وقتلته يد الغدر جسديا وكان لديه مشاريع سينمائية عديدة ولو ان جهات عربية تكاتفت وتشاركت في انشاء شركة انتاج سينمائي بميزانية ضخمة بمئات الملايين لغزونا العالم بقضايانا التي ظل العقاد مخلصا لها وعندما قدم يوسف شاهين فيلمه «المصير» غضب مصطفى العقاد وقال: «اذا كان ليوسف شاهين مشكلة مع رجال الدين فليس من حقه ان يشوه صورة ابن رشد بهذه الطريقة ألم يجد في حضارة العرب المسلمين في الاندلس الا الاغتيالات واحراق الكتب؟»‚ظل مصطفى العقاد مخلصا لعروبته مؤمنا بأمته وقدراتها وقدرات الانسان العربي‚«ثقتي بالانسان العربي كبيرة ومن واقع خبرتي الشخصية لقد اتيت من بيئة فقيرة وحققت اهدافي لأني اجتهدت وثابرت واتمنى من كل عربي ومسلم ان يتمسك باخلاقياته لأن الغرب ليس افضل منا بشيء واتمنى ان نتخلص من عقدة الدونية المتفشية في مجتمعاتنا»‚ولعل مما قد يريح روحه التي صعدت الى بارئها ان تتولى حكومة عربية او حكومات مجتمعة او مجموعة مستثمرين تحقيق حلمه بانتاج فيلمه «صلاح الدين» وتنفيذ مشاريعه السينمائية الاخرى على يد مخرجين عرب وثمة مخرجون كثيرون درسوا الاخراج السينمائي كما درسه العقاد ويمكن لهم ان يكملوا ما بدأ: الآن يجب ان اسلم الرسالة لكم انه دوركم يا ابناء الجيل الجديد وعلينا ان نرشدكم الى الطريق الصحيح وان ننبهكم الى الاخطاء التي ارتكبناها لكي لا تقعوا فيها يجب ان ندعمكم بالثقة ولكن الشيء المهم ان تفخروا بدينكم وعروبتكم وان تتسلحوا بالعقل والكلمة الواعية»‚ هل كان يوصي؟ اللهم اني قد بلغت‚‚ اللهم فاشهد‚

الوطن القطرية في

13.11.2005

 
 

رؤية

رحلة الحلم الصغير "الإخراج" من حلب إلى هوليوود

محمد آل حيدر

يقتحم اسم مصطفى العقاد الذاكرة العربية والعالمية ليضع الكثير من التداعيات لما يمكن للمخرج أن يكون من دور لتنقية الصورة العربية الإسلامية، ومصطفى العقاد أحد المخرجين الذي عملوا تحت سقف هذا الهدف، أي استغلال الإعلام كسلاح ضد الغرب.

وهو المخرج الأميركي من أصل سوري الذي أنتج أفلام "الرسالة"، "عمر المختار" والكثير من أفلام ما تعرف بالقناع التي اشتهر بها وأفلام الهوليوود.

وقد لا يتذكر البعض الاسم، لكن يكفي أن نقول إنه مخرج فيلمي "الرسالة" و"عمر المختار"، وليسألوا عما أنجزه المخرج الكبير بعد هذين الفيلمين في ظل المخرجين العالميين الكبار.

مصطفى العقاد، مخرج سينمائي سوري، ولد في حلب العام ،1933 سافر إلى الولايات المتحدة لدراسة السينما العام ،1954 درس الفنون المسرحية في جامعة كاليفورنيا وتخرج منها ،1958 أخرج العام 1976 فيلم "الرسالة"، وهو أول فيلم عن الإسلام يتوجه إلى الجمهور الغربي. وصدر بنسختين عربية وإنجليزية من بطولة أنطوني كوين وايرين باباس، أخرج سنة 1980 فيلم "عمر المختار" بالإنجليزية، الذي يتناول نضال الشعب الليبي ضد الاحتلال الإيطالي، له عدة أفلام اشتهرت في هوليوود، أهمها فيلم الرعب "هالوين" "1978".

إن ما تعمل به الآن السينما العالمية من تناول للقضايا العالم العربي والإسلامي من طمس وتشويه صورتها، لزم على المخرجين العرب أمران هما ضرورة المشاركة بأعمال تنافسية تاريخية حضارية، ونقل حال النص إلى حال الصورة.

وإذ نتناول المعركة الحضارية على هذا المستوى الذي يؤمن به مصطفى العقاد "ان السلاح الذي يخوض به معركته مع الغرب، هو سلاح الإعلام"، وأنه السلاح الوحيد الذي يمكن أن يغير صورة العربي عند الإنسان الغربي، ويقول إنه حين يؤكد هذا الحديث فهو يعرف نسيج المجتمع الغربي الذي عاش فيه زمنا طويلا، ليس على هامشه ولكن في هوليوود خصوصا.

ونتناول ماهية ما تناوله مصطفى العقاد في أفلامه من التاريخ الذي نقله للسينما يزداد السؤال عن ماهية التاريخ لتتفجر الكثير من القضايا، منها ما يتعلق بضرورته، ومنها ما يتعلق بكيفية كتابته، ولكن ما يعنينا هنا - في مجال السينما كفن بصري - هو التاريخ المصور؛ فالتاريخ قد خرج من سيطرة الكلمات "الكتابة/ التدوين" إلى دائرة التحقق البصري، إلى كونه متعينا، متحققا كصورة أمام أعيننا.

وتتضح صورة هدف مصطفى العقاد من خلال فلميه "الرسالة" و"عمر المختار" والذي لم ير النور لحد الآن "صلاح الدين" فإنهم جميعا أعمال من الطراز الأول الذي قدمهم للإنسان الغربي ليرى صورة الإنسان العربي ورموزه، وحال الرمز التي نقلها العقاد لم تكن عبثية، وإنما نقلها بدقة وبصورة تنافسية لمستويات الدراما الغربية.

فإن من فيلم "الرسالة" تزداد الحاجة إلى سؤال صاحب الفيلم عن تفسير، وفيلم "عمر المختار" أسد الصحراء، سنجد أن شخصيتها قد خرجت من كونها إحدى شخصيات كتب التاريخ التي ندرسها / نقرؤها، إلى كونها شخصية مجسدة فاعلة، وبعد عرض الفيلم في أوائل الثمانينات، أصبح عمر المختار حديث العالم العربي، وأصبحت تلك الحقبة التاريخية محط الأنظار ومركز الاهتمام، ولايزال الفيلم حتى يومنا هذا يحظى بأكبر قدر من المشاهدة لدى عرضه على الشاشات التلفزيونية.

لنتأمل دوافع مصطفى العقاد في اختيار شخصية عمر المختار كمحور لفيلمه، إذ يقول في أحد اللقاءات: "اخترت "عمر المختار"، لأنه موضوع معاصر، موضوع يهم العالم العربي الآن. "عمر المختار" هو عن الجهاد والاستشهاد، فهذا الرجل - عمر - كان في السبعين من عمره، وكان لايزال يكافح مع إدراكه في كثير من الأحيان أنه لن يتمكن من التغلب على القوة الفاشية... أعتقد أن في الفيلم ما يفيد التذكير بأوضاعنا الحالية التي هي أحط فترات تاريخنا الحديث، ولهذا اخترت "عمر المختار"". كان هذا الحديث العام ،1981 وأعتقد أننا كنا أفضل حالا مما نحن فيه الآن! .

إن فيلم عمر المختار - بغض النظر عن الملاحظات الخاصة به - يمثل إحدى وجهات النظر التي يجب أن نتعامل معها حيال السينما، فالفيلم يبدأ بعمر المختار المعلم الذي يعلم الأطفال ويعلمهم أول ما يعلم القرآن، وكانت أهم اعتراضاته على الشروط الإيطالية في جزء آخر من الفيلم أن الإيطاليين كانوا يرغبون في السيطرة "الإشراف" على المدارس الدينية "الزوايا" فقال: "أنتم تريدون أن تعلمونا ديننا؟!".

واليوم في الألفية الجديدة بعد مرور أكثر من عشرين عاما على الفيلم، نجد أن المقولات نفسها تعود لتطلقها الإدارة الأميركية في تعاملها مع العالم الإسلامي والعالم العربي!

وعرض فيلم "عمر المختار" في إحدى دور العرض بالقاهرة ،1981 وكان كان المتلقون في حال من الغضب والانفعال؛ بل إنهم كانوا يصرخون حيال قتل الإيطاليين للمجاهدين الليبيين، كانت حال توحد بين المتفرجين وشاشة العرض، فهذا الفيلم من النوعية التحريضية التي عندما تراها لا يمكن أن تعود كما كانت من قبل، فهي تحرك المشاعر والفكر والسؤال.

ويمكننا أن نقول إن هذا الرجل استطاع ومن خلال أحلامه الصغيرة أن يكتب اسمه في التاريخ، إذ يقول مصطفى العقاد: "حلب، هذه المدينة الصغيرة التي أحملها في قلبي دائما هي مدينتي، ولدت ونشأت فيها، كان لدينا جار يعرض الأفلام السينمائية وكان يأخذني في الصغر لأتابع كيفية عرض الأفلام وكيفية قص المشاهد الممنوعة، ومع مرور الوقت أصبحت مولعا بالسينما، وعندما بلغت الثامنة عشرة من عمري قررت أن أصبح مخرجا سينمائيا وفي هوليوود تحديدا، ويا له من رد فعل كان لأهالي حلب بعد أن بحت لهم بأحلامي فقد أضحيت أضحوكتهم، إذ قالوا: "احلم على قدك، اذهب إلى الشام أو مصر لتدرس الإخراج هناك" لكني كنت مصمما على هوليوود!".

الوسط البحرينية في

13.11.2005

 
 

مصطفى العقاد سيبقى فى الذاكرة الى الابد.. تكريم خاص لمصطفى العقاد فى مهرجان القاهرة السينمائي 

القاهرة - العرب اونلاين - وكالات: قرر مهرجان القاهرة السينمائى إقامة احتفالية خاصة للمخرج السورى العالمى مصطفى العقاد الذى اغتالته يد الارهاب فى عمان بالاردن هو وابنته.

وكان المهرجان قد أعد برنامجا خاصا لتكريم كل الاسماء العربية التى لمعت فى السينما العالمية مثل العقاد وسلمى حايك والمنتج السينمائى إبراهيم موسى. وبعد رحيل العقاد قررت إدارة المهرجان أن تتحول الاحتفالية إلى تظاهرة كبيرة ضد الارهاب حيث يقدم المهرجان الذى يقام فى الفترة من 29 تشرين ثان/نوفمبر وحتى 9 آب/أغسطس ندوة عن سينما العنف والارهاب. ورحل المخرج العالمى مصطفى العقاد وهو يحلم بتقديم فيلم عن صلاح الدين مما أثار غضب يوسف شاهين ونشب خلاف حاد بينهما وصل إلى حد تراشق الاتهامات على صفحات الجرائد. وبعد سماع يوسف شاهين بنبأ رحيل مصطفى العقاد نعاه مؤكدا انه من أفضل مخرجى السينما فى العالم. وكان العقاد توفى فجر يوم الجمعة متأثرا بجراحه التى أصيب بها فى التفجيرات شبه المتزامنة التى استهدفت ثلاثة فنادق خمس نجوم فى الاردن وأودت بحياة 57 شخصا غالبيتهم من الاردنيين مساء يوم الاربعاء الماضي. وأخرج العقاد فيلم "الرسالة" عام 1976 الذى يتناول حياة النبى محمد "صلعم" والذى قام ببطولته الممثل الشهير انتونى كوين الذى قام فيه بدور حمزة عم النبي. وفى فيلم الرسالة الملحمى الذى صور السنوات الاولى للاسلام واجه العقاد تحديا كبيرا فى تصوير فيلم لا يرى ولا يسمع فيه المشاهدون صورة او صوت النبى محمد. كما اخرج العقاد فيلم "اسد الصحراء" عام 1981 الذى يتناول قصة كفاح المناضل الليبى عمر المختار الذى جسد كوين شخصيته ايضا. كما كان المنتج المنفذ لسلسلة افلام "هالوين" وهى افلام رعب. وولد العقاد فى مدينة حلب عام 1935 .

موقع "العرب أنلاين" في

13.11.2005

 
 

وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة للراحل الكبير ...

العقاد يوارى الثرى في حلب 

شيعت مدينة حلب أمس جثمان المخرج السينمائي العالمي مصطفى العقاد، الذي قضى متأثرا بجروح أصيب بها في احد الانفجارات التي استهدفت ثلاثة فنادق في العاصمة الأردنية عمان الأربعاء الماضي.

وكان رئيس الوزراء السوري ناجي العطري تبادل التعازي ونظيره الأردني عدنان بدران عند الحدود السورية الأردنية، إذ رافق بدران الجثمان من عمان إلى مركز نصيب الحدودي يرافقه وزيرا الداخلية والثقافة الأردنيان وسفير سوريا في الأردن، حيث تسلمت أسرة العقاد نعشه الذي حملته عربة أردنية في موكب إلى سوريا.

ومثل وزير الثقافة محمود السيد الرئيس بشار الأسد في التشييع. وألقى  كلمة لفت فيها إلى أن الأسد أصدر مرسوما  يمنح الفقيد وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة <<تقديرا لمواقفه القومية والوطنية>>.

وقد انطلق موكب الجنازة من مستشفى الشامي وسط دمشق إلى المطار، يتقدمه إكليل من الورود باسم الرئيس الاسد حيث نقل بطائرة خاصة إلى مسقط رأسه في مدينة حلب. وبعد صلاة الجنازة على الجثمان في جامع الروضة في حلب، ألقى مستشار وزير الأوقاف محمود عكام كلمة نوه فيها بأعمال الفقيد السينمائية، منددا بالأعمال الإرهابية. ثم حمل الجثمان على الأكتاف إلى المقبرة الجديدة في شرقي مدينة حلب، حيث ووري الثرى.

وقد شارك في موكب الجنازة وزراء الكهرباء والثقافة والإعلام وعدد من السفراء العرب المعتمدين في دمشق وحشد من الفنانين والأدباء والمواطنين.

وقال الممثل السوري دريد لحام <<مصطفى العقاد فارس عربي تمكن من اختراق العقل الغربي ومخاطبته بالأسلوب الذي يستوعبه>>.

ونقلت <<سانا>> عن وزير الثقافة السوري محمود السيد أن <<وزارة
الثقافة كانت أدرجت اسم المخرج الراحل في قائمة المكرمين في مهرجان دمشق السينمائي الدولي الذي سينطلق في العشرين من الشهر الجاري>>. كما نقلت عن المدير العام للسينما في سوريا محمد الأحمد أسفه <<بأن يقضي المخرج العظيم الذي قدم أجمل صورة عن الإسلام في تفجير إرهابي من قبل جماعات تدعي الإسلام>>.

كما نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى نعيه <<بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن الأمانة العامة للجامعة العربية>> للمخرج الراحل.

 (سانا، أ ف ب، أ ش أ، رويترز)

موقع "شام برس" في

14.11.2005

 
 

العقاد الى مثواه الأخير في حلب بمشاركة وزير الثقافة

محمد جميل خضر 

حلب- ووري جثمان المخرج السوري العالمي الشهيد مصطفى العقاد الثرى بعد ظهر أمس في مسقط رأسه حلب، بمشاركة وزير الثقافة الاردني د. امين محمود.

وبمشاركة عدد قليل من الفنانين السوريين وهم اسعد فضة وايمن زيدان وسوزان نجم الدين توجهت الجنازة جوا من دمشق، حيث وضع الجثمان اول من امس في المشفى الشامي، الى حلب التي شهدت اولى ارهاصات الحس السينمائي عند العقاد عندما كان يتردد على جار لهم علمه اصول الفن السابع وتقنيات التعامل مع الافلام.

وكان العقاد قضى شهيدا في احد التفجيرات الارهابية الثلاثة التي استهدفت عمان مساء الاربعاء الماضي (تفجير فندق حياة عمان) اثناء تواجده في ردهة الفندق لاستقبال ابنته ريم التي استشهدت هي الأخرى فور وقوع الحادث الاجرامي.

وكان العقاد (72 عاما) في زيارة شخصية لعمان تتعلق بحضوره وابنته فرح اصدقاء اردنيين، كان من المنوي اقامته يوم الجمعة الماضي لعائلتي الطباع والمصري.

وتضمنت زيارته لعمان بحث امكانية تصوير مشاهد فيلمه (صلاح الدين) في مناطق مختلفة من الاردن في الشمال والجنوب. وقابل لهذه الغاية عدة جهات رسمية وخاصة في عمان.

وكان العقاد كرس حياته الفنية والعامة لخدمة قضايا امته العربية الاسلامية، وانعكس ذلك اساسا في عمليه الخالدين (الرسالة) بنسختيه العربية والانجليزية و (عمر المختار). كما انعكس في سياق متواصل في طروحاته ومقولاته في الحوارات والمقابلات الكثيرة التي اجريت معه على مدى العقود الماضية.

ومن حلب سافر الراحل الى عاصمة السينما العالمية هوليوود وواصل هناك تأكيد هويته العربية الاسلامية من دون تفريط بأي صغيرة او كبيرة من تلك الهوية.

وجاء تمسكه باسمه الاول الذي احس انه ربما يكون عائقا اوليا امام تحقيقه لأحلامه السينمائية دليلا على صدقه في التعامل مع القضايا التي لها مساس بالقضية العربية.

"كيف اغير اسمي الذي اورثني اياه ابي" هكذا يرد على سؤال في احد الحوارات التي اجريت معه.

واجمع فنانون من سورية الشقيقة على بشاعة الجريمة التي كان العقاد وابنته من ضحاياها.

واستذكرت الفنانة منى واصف تجربتها الفذة عندما شاركت في فيلم (الرسالة) الذي اخرجه وانتجه العقاد. ووصفت العلاقة العضوية بين الجانب الفني من عمله كمخرج للفيلم وبين البعد الثقافي الحضاري الذي ظل يؤكد عليه لفريق العمل معه في اطار تحفيزهم لمنح الفيلم افضل ما لديهم.

وقال الممثل الفلسطيني محمود سعيد الذي ادى دور خالد بن الوليد بالفيلم "كان يجتمع بنا مرة كل اسبوع او اسبوعين لشحذ معنوياتنا وتوضيح الجانب الحضاري من الفيلم واستعراض اهميته على صعيد اظهار صورتنا الحقيقية الناصعة للعالم", وأكد سعيد في سياق متواصل ان العقاد كان داعية حوار ورسول سلام بين الحضارتين العربية والاسلامية من جهة والغربية من جهة أخرى.

واورد المغني والملحن السوري نعيم حمدي بعض مفاصل علاقته بالراحل الذي عرفه عليه الفنان السوري دريد لحام. وتحدث عن حماسته الكبيرة لفيلم (صلاح الدين) الذي حال الارهاب الذي كان المخرج احد ضحاياه دون مواصلته العمل عليه واطلاقه للنور.

ورفض الممثل العراقي قتيبة الرواي "هذا الارهاب الجبان سواء في العراق او الاردن او اي بلد في العالم".

وقال "استشهاد العقاد هو استشهاد للكلمة الصادقة والرسالة التي تصور الاسلام كما جاء". وأكد بأن "الاسلام الحقيقي براء من هذه الاعمال الارهابية".

وعبر الممثل السوري سامر المصري عن فجيعته وحيرته مما يجري حولنا. وتساءل "هل عرب هؤلاء او مسلمون أيعقل ان يكونوا كذلك؟!".

وهو السؤال نفسه الذي طرحته الناشطة السورية منى فحام معبرة عن قناعتها بوجود "ايد غربية تعمل في الخفاء وراء ادخال الامة العربية في حالة فوضى وتخبط لا يستفيد منها في النهاية سوى اعدائها".

وقال الفنان السوري ايمن زيدان "برحيل العقاد شهيد الابداع والانسانية فقدنا صاحب رسالة". وأكد بأن "ما حدث في عمان يكشف انه ارهاب اعمى لا يستهدف شريحة بعينها او نظاما بعينه بل يمتد ليشمل الشعوب بأكملها".

ودعا الى الوقوف التلاحمي بوجهه. وزاد قائلا "بقدر ما شكل استشهاد العقاد كارثة حقيقية فإنه من جانب آخر انار لنا الطريق حول ضرورة مواجهة كل هذا الارهاب".

من جانبها قالت الفنانة السورية سوزان نجم الدين "نعزي انفسنا ونعزي العالم باستشهاد العقاد وبكل الشهداء الابرياء".

وتمنت في هذه المناسبة الحزينة والمؤلمة ان نستيقظ ولا نكتفي بالوقوف ونكون يدا واحدة وعروبة واحدة في وجه الارهاب ولرفع راية الاسلام التي كان ينادي به العقاد في قلب هوليوود.

الغد الأردنية في

14.11.2005

 
 

مشاهدات

مصطفى العقاد والرسالة الأخيرة

عصمت الموسوي

في احد لقاءاته التلفزيونية واثناء مرحلة العطالة التي امتدت عدة سنوات في حياته،  والتي اعقبت انجاز فيلمي »الرسالة« »وعمر المختار« سئل المخرج العربي العالمي الراحل مصطفى العقاد، ماذا تفعل ومن اين تعيش وكيف تتدبر امورك؟ فقال ضاحكا جيبي خالي لكن رأسي لا يزال على كتفي، رأسي ملكي لم يستولي عليه احد، ولم يستطع احد اجباري او تسخيري برغم كل المغريات على انتاج افلام عربية تبجل هذا الزعيم العربي  اوتخدم ذاك، ولو فعلتها لما وجدتني عاطلا بل من اصحاب الملايين ولكن بدون رأس حر. 

الباحث عن الحرية، وعن الاستقلالية ظل يردد دوما: اريد ان احتفظ برأسي على كتفي، لن أتنازل عن حريتي واستقلالي ولن اعمل الا منفردا ولن انضم الى مؤسسة تحتويني او نظام سياسي يعطيني المال وياخد مني اجمل ما في الدنيا - الحرية - انها لمفارقة غريبة وما اكثر المفارقات في الحياة العربية ان يلقى صاحب »الرسالة« الفيلم العالمي العربي الاول عن الاسلام حتفه على ايدي ابناء الاسلام ابناء هذه الرسالة السماوية السمحاء، والتي سعى العقاد منذ بداية انطلاقته الى تعريف العالم بها وبقيمها وبأخلاقها، ثم وبعد احداث الحادي عشر من سبتمبر كان العقاد احد النشطاء العرب المهمين في حملة العرب والمسلمين لإصلاح ما افسد بن لادن والارهاب الذي سمي لاحقا »الارهاب الاسلامي« ولتعديل وتصحيح الصورة التي تشوهت عن العرب والمسلمين على ايدي  دعاة الاسلام الجدد واصحاب الرسالة الجديدة، ترى هل تقصّده الارهاب؟ يقول العقاد في احد لقاءاته انه التقى بأحد الشباب المتطرف ودار بينهما حوار  طويل افتتحه الشاب بالقول: »ان ما تفعله حرام في حرام وسوف يجازيك الله لانك تخلق روحا في الصور وتجعلها تتحرك«. 

 كان العقاد في السنوات الاخيرة يبحث عن ممول بلا شروط لإنتاج لفيلم  عالمي عن الناصر  صلاح الدين، وجال عددا من  الدول العربية وتحدث الى ممولين وزعماء عرب ولم يفلح في اقناع احد بتمويله، ويقول صديقه الفنان دريد لحام في حديث اجري معه بعد وفاة العقاد على فضائية »العربية« ان العقاد كان يشار اليه بالعدول عن فكرة صلاح الدين والاستعاضة عنها بفيلم عن زعيم هذا البلد او ذاك!

على اجندة العقاد كان هناك مشروع فيلم جديد لـ »صبيحة الاندلسية« وفيلم اخر عن زعيم القاعدة اسامة بن لادن، ومشاريع عديدة ومشاركات في منتديات وتجمعات تهدف   لإصلاح صورة الاسلام المشوهة على ايدي الارهاب، لقد اختير في النهاية ليكون رسول سلام وصلح ومحبة بين الغرب والشرق، وطاله الارهاب قبل ان يتم رسالته الاخيرة.

####

يد الإرهاب تقتل العقاد  

انطلق موكب جثمان المخرج السوري الذي يتمتع بشهرة عالمية مصطفى العقاد من عمان أمس السبت باتجاه الحدود السورية يرافقه رئيس الوزراء الاردني عدنان بدران ووزير الثقافة امين محمود. وقال مصدر في رئاسة الوزراء ان الموكب المكون من ٠٣ سيارة يضم اصدقاء وافراد من العائلة واقارب انطلق من امام مستشفى الاردن برفقة بدران الذي زسيصطحبه حتى الحدود مع سوريا حيث سيكون رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري في استقبال الجثمانس.
وتابع المصدر ان زبدران والعطري سيلتقيان لتبادل التعازي على ان يكمل وزير الثقافة الذي سيمثل الملك عبد الله الثاني في التشييع الطريق مع الموكب حتى حلبس. واكد ان ابنة العقاد ريما التي قتلت على الفور دفنت الجمعة في لبنان في حين وصل ابنه مالك من الولايات المتحدة الى عمان لمرافقة الجثمان. وتوفي العقاد (٨٦ عاما) في احد مستشفيات عمان متأثرا بجروح اصيب بها في احد الاعتداءات التي استهدفت الاربعاء الماضي ثلاثة فنادق. وقد اصيب المخرج السوري بجروح في حين قتلت ابنته ريما على الفور في فندق »غراند حياة«. وقد وصل العقاد الى الاردن لحضور حفل زفاف في العقبة كما وصلت ابنته ريما من بيروت. وكان في بهو الفندق يستقبل ابنته لحظة وقوع الانفجار.

واكد اقارب ان العقاد اصيب بجرح كبير في الرقبة وفقد الكثير من دمه. والعقاد اكثر مخرج عربي حقق شهرة على الساحة العالمية بعمله في هوليوود نفسها. ولد في حلب (شمال سوريا) العام ٤٣٩١ وانتقل لدراسة السينما العام ٤٥٩١ في الولايات المتحدة. ودرس الفنون المسرحية في جامعة لوس انجليس في كاليفورنيا وتخرج منها العام ٨٥٩١. ومن اشهر افلام العقاد »الرسالة« (٦٧٩١) الذي يعتبر اهم فيلم عن الاسلام انتج حتى الان وشارك في بطولته انطوني كوين الذي جسد شخصية حمزة عم الرسول.

كما اخرج العقاد فيلم »عمر المختار اسد الصحراء« (٠٨٩١) الذي قاد ثورة مسلحة ضد الاستعمار الايطالي في ليبيا واعدم العام ٢٣٩١، من بطولة الممثل الاميركي انطوني كوين ايضا.

في العام ٨٧٩١ بدأ انتاج سلسلة افلام الرعب زهالوينس (ثمانية افلام) التي حققت نجاحا كبيرا.

ومنذ سنوات كان العقاد يحضر لاعداد فيلم عن صلاح الدين.

الأيام البحرينية في

14.11.2005

 
 

من سيكتب سيرته الذاتية

مصطفى العقاد: آمل ألا يخطفني الموت من صلاح الدين

جمال آدم

كل الذين التقوا بالمخرج مصطفى العقاد، واجروا معه نقاشات ولقاءات صحافية، قاموا بهذا في بهو فندق يحل ضيفاً عليه، وكل الذين حاوروه خرجوا بنتيجة أنه لم يضف شيئاً على ما قاله منذ عشر سنوات على الأقل هو الكلام ذاته والأفكار ذاتها، وكل الذين وقفوا ضده قالوا هذا الرجل نضب هما فيلمان فقط وماذا بعد ذلك؟

جلست الى جانبه قبل شتاءين في العاصمة أبوظبي، وأسرد له هذه الاتهامات في حديث على هامش كلام كثير نشر بعض منه، فيضحك بعد ان يغب من تبغه المفضل في "البايب" ليقول: عندما اخترت العنوان لفيلمي الأول في السبعينات "الرسالة" كنت أعلم أن الفيلم سيكون تحفة إسلامية وعربية متميزة وقطعت عهداً على نفسي، أن ألتزم بالرسالة التي لن أساوم عليها أبداً.

وأن أقدم العرب في أفضل صورهم على الإطلاق، ولابد من الإشارة هنا الى أني أعيب على معظم الأفلام السورية والمصرية تقديم الجانب السلبي في المجتمعات العربية، رغم ان العرب في فترة أحوج لتقديم الجانب الإيجابي جداً في مجتمعاتهم.

لان غسيلنا الوسخ يجب ان يبقى حبيس البيت وألا يخرج للآخر، وأعلم أن السينما العربية وبعض السينمائيين العرب متأثرون بأيديولوجيا ما وبأنهم غير قادرين على التعامل مع غيرها في عالم الفن،.

ولكن الأيام ستثبت لهم دقة كلامي وصدقه، لقد تعبت كثيراً مع انطوني كوين حتى اقنعته بضرورة أن يؤدي دور عمر المختار، كما تعبت في سبيل اقناع شين كونري بأن يقدم دور صلاح الدين، لأن العالم كله سيتابع صلاح الدين إن أداه كونري كما تابع رسالتنا.

ونحن نقدم عمر المختار، أنا أحترم أحمد مظهر وجمال سليمان، وكل من غامر بتقديم صلاح الدين، ولكن أعتقد ان حجم الإقبال سيختلف في حال كان كونري هو البطل وحينها نستطيع ان نقدم صورتنا للعالم.

وعن الاتهامات بعدم تقديم أفلام إضافية أشار العقاد: التقصير ليس بسببي بل بسبب العرب أنفسهم أنهم غير مهتمين بالفن والسينما، ويعتبرونها ترفاً زائلاً ولولا القذافي لما خرج الفيلمان اللذان يقال عنهما انهما عظيمان للنور، لقد قام بتمويلهما ولو أتقن العرب صياغة حروبهم الإعلامية لدعموا كل مشروع فني يسهم في رفع أسهمهم عالمياً، منذ أكثر من عشر سنين.

وأنا اتحدث عن مشروع صلاح الدين ولكن لم أتلق أي تمويل جاد من أية مؤسسة عربية في تقديم العمل بل على العكس صاروا يقولون انني أشحد من أجل الفيلم، حسناً لا مانع لدي ان اشحد لاقيم قيمة فنية وتراثية راقية للأجيال العربية.

وان اطلب مرة واثنتين وثلاث على أن افقد احساسي بنفسي وأخيب أمل رسالتي التي تعيش في داخلي، من المهم جداً ان اقدم الإسلام الآن كما هو الإسلام حقيقة، لا كما يروجه اليهود والحاقدون عليه أو كما يعرفه المتطرفون والمتعصبون.

العقاد يحب سكن الفنادق والغريب ان لديه بيتاً جميلاً جداً في دمشق المحببة على قلبه ورغم ذلك يفضل الفندق عليه يعلق ضاحكاً على هذا: ربما أحمل بعضاً من تفاصيل اسمي أنا معقدها شوي الجميع يستغربون أنني أفضل الفندق ولكنهم يجب ان يعرفوا ان الفندق فيه ناس.

وأنا عندما آتي الي بلدي فهذا كي أرى الناس واتحدث معهم، والبيت لن يوفر لي هذه المتعة، وجودي بين الناس يوفر علي سؤال فلان أو آخر عن مستجدات البلد والاستماع اليهم ربما لا توازيها متعة أخرى بالنسبة لي.

وأخيراً قبل ان أختم كلامي معه، قلت له الموت هل يلاحقك فأجاب بعد صمت قصير: »أنا دون سواي لا، ولكني مقتنع انني سأمضي اليه في يوم من الأيام وأنا مسلم ومؤمن بالله ومارست قناعتي كاملة في أميركا وأحمد الله انني استطعت ان احصل على احترام الجميع في الوقت الذي احمل فيه اسماً اشكالياً »مصطفى«.

ولكنني استطعت ان اخترقهم وان اقدم ما رأيته مناسباً للعرب والإسلام، وحسبي انني اجتهدت ولكن آمل ألا يخطفني الموت قبل ان انهي صلاح الدين أولاً، ومن بعدها سلسلة المشاريع التي يزدحم بها رأسي.

انتهى الكلام عند هذا الحد وقبل أن أغادر قال ان سؤالي عن الموت أقلقه، فهو ان لم يأت أحد على ذكره ينساه ويتكاسل في أداء عمله في حين المطلوب منه أكثر من ان يتقاعس بكثير.

مصطفى العقاد صاحب أهم فيلم رصد سيرة ذاتية في عمر المختار، ترى من سيخرج فيلماً عن سيرتك الذاتية، وما هي الألوان التي سيختارونها حينما يهجم عليك الموت، تغيب عن الوعي فتنقلك سيارات الاسعاف لتعيش ساعات غائباً عن الوعي في أحد المشافي الأردنية، هل يستطيع الفن ان يداعب أحلامك وذكرياتك وأيامك السوداء؟ وهل ستسمح هوليوود لمخرج جديد بأن يعرض سيرتك الذاتية، مصطفي العقاد بحق هل كنت عبئاً علينا.. أم عليهم..؟

ويذكر ان باكستان منعت عرض الفيلم على أراضيها.

*العقاد.. والتطرف

اليوم توجد موجة تطرف خطيرة وبدأت تظهر في العراق بشكل فجائي، فالتطرف هو عين الجهل ولا أقصد التطرف الديني فقط التطرف في مفهومه العام هو عامل إضعاف للكائن البشري، سأروي لك قصة لأصور لك جهل الإنسان المتطرف.

شاءت الظروف أن أتحدث مع أحد الأشخاص المتطرفين بشأن سيناريو يتعلق بأحد أفلامي وبينما كنا نتحدث، قال لي: إن ما تفعله حرام في حرام وسيجازيك الله على أفعالك المشينة، كيف تقدر أن تخلق في الصور روحاً لتحركها؟!.

سألته: هل الصور التي تصدر في المجلات حرام؟.

أجاب قائلاً: لا هذا تجميد للظل مسموح به.

حاولت عبثاً أن أوضح له أنني فقط أحرك الصورة في السينما ولا أخلق فيها روحاً وبشيء من العصبية علق قائلاً: "هذا الشخص كافر" ولا يدري دون أن يعلم أعطاني صفة الخلق وهذا من شأن رب العالمين وحده عز وجل، ألا يدرك هذا الشخص أن الذي اخترع نظرية التصوير كان مسلماً وعربياً هو "الحسن ابن الهيثم الأندلسي"!!.

البيان الإماراتية في

14.11.2005

 
 

صدمة للفنانين المصريين

اغتيال مصطفى العقاد طعنة لصورة العرب والمسلمين

أيمن الملاخ 

مثل رحيل المخرج العالمي مصطفى العقاد صدمة للوسط الفني المصري الذي استقبل الخبر بمشاعر الحزن والأسى خاصة وان مصطفى العقاد لم يكن مخرجاً عادياً وإنما مخرج له قيمته الكبيرة في السينما العربية التي كانت رسالته الدفاع عن قضايا أمته ودينه، ولهذا فإن أهل الوسط الفني في مصر يكنون له مشاعر طيبة حتى وان لم تكن تربطهم معه علاقات عمل أو صداقات مباشرة؟

٭ الفنان حسن يوسف كان يحلم بتقديم فيلم عن عمرو بن العاص يخرجه له مصطفى العقاد وسبق وان دار حوار بينهما أثناء وجود العقاد مؤخرا في القاهرة حول هذا الفيلم.

ويقول حسن يوسف: مصطفى العقاد مخرج لا يعوض لأن وجوده في هوليوود جاء بعد رحلة كفاح طويلة وأصبح مصدر فخر لنا خاصة وانه كان يستغل هذا التواجد لخدمة قضايا أمته العربية والإسلامية من خلال تقديم أفلام تكشف للعالم كله سماحة الإسلام .

وكنت أتمنى لو جمعني به فيلم عن عمرو بن العاص خاصة وان مصطفى العقاد أفضل مخرج عربي في مجال الأفلام التاريخية وفيلما (الرسالة) و(عمر المختار) يشهدان على ذلك«.

٭ شريف الشوباشي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يؤكد أن المخرج العقاد لم يكن غريبا أبداً عن الوسط السينمائي في مصر ولم يتردد في التواجد بمهرجان القاهرة السينمائي أبداً.

وكان وجوده إضافة مهمة للمهرجان في عيون العالم الذي يعرف هذا الرجل ويقدره جيدا ورغم ان مصطفى العقاد كان يتعرض لحروب كثيرة في شغله خاصة وانه يقدم نوعية من الأفلام لا يريدون لها الظهور.

إلا انه كان يصر عليها مهما طال الزمن ويكفى انه ظل سنوات طويلة متمسكا بتقديم فيلم عن صلاح الدين الأيوبي ورفض أكثر من تمويل مشبوه للفيلم وظل يبحث عن تمويل محايد ولكن القدر لم يمهله لتحقيق حلمه.

٭ الفنانة سميحة أيوب تقول: »رغم إنني لم أكن محظوظة بالاقتراب من هذا المخرج الكبير ولم تكن لقاءاتنا كثيرة وكانت كلها تعتمد على الصدفة في مناسبات فنية سواء داخل أو خارج مصر إلا إننى كنت اعتز جدا به.

واشعر بالفخر بوجوده كمخرج عربي كبير له سمعته ونجاحاته العالمية ويكفى انه كان ينتج أفلاماً من نوعية الأكشن حتى يستطيع ان ينفق منها على نفسه وأسرته ولا يضطر تحت ضغط الاحتياج المادي إلى تقديم تنازلات في أفلامه الكبيرة.

رحيل مصطفى العقاد على يد مجموعة من الإرهابيين هو رسالة للعالم أيضا بان الإسلام بريء من الإرهاب لأن هؤلاء القتلة لو كانوا كما يدعون يحاربون أعداء الإسلام فكيف يقتلون عشرات الضحايا من العرب والمسلمين ومن بينهم رجل كانت قضيته الأولى الدفاع عن صورة دينه وأهله".

٭ الناقد الفني رؤوف توفيق كان من الأصدقاء المقربين لمصطفى العقاد في مصر وعن خبر رحيله يقول: "انا حزين جدا وما زلت مصدوما ولا اصدق ما حدث فقد خسرنا مصطفى العقاد بشكل بشع لم يكن احد يتوقعه.

وخسرنا معه أحلامه وأحلامنا في تقديم سينما عربية محترمة للعالم كله لأن العقاد رغم حصوله على الجنسية الأميركية لم يتخل يوما عن قضيته وأحلامه العربية رغم ان هذا كان يعرضه لمشكلات كثيرة في عمله بهوليوود.

وكناقد فنى أؤكد ان موهبة مصطفى العقاد يصعب تعويضها بالفعل خاصة وأنها امتزجت بالإصرار والكفاح وبإيمانه بقضيته ودفاعه عنها مهما كانت الصعوبات، وأظن ان المخرجين الشباب يحتاجون إلى ان يعرفوا الكثير عن حياة مصطفى العقاد ومشواره السينمائي ليتعلموا منه".

البيان الإماراتية في

14.11.2005

 
 

المخرج الكويتي فؤاد الشطي يرثي مصطفى العقاد

شهيد "الرسالة" المضيئة

فؤاد الشطي 

نقل وفي مستوى رفيع وعال ابهى صورة للعرب والاسلام في فيلمه "الرسالة" و "عمر المختار". وكان السفيرالأجمل لعالمنا العربي في بلاد الغرب والشرق.

هذا "الرسول" المبدع، مصطفى العقاد، ما كان ليتخيل ان يقتل بأيدٍ حمل الكثير من قضاياها. أكان يصدق، وهو الذي أضاء على الاسلام بفيلمه التحفة "الرسالة" ان يغتال وبوحشية، وبسادية على ايدي إسلاميين؟ بهدوئه الخصب، وبعمقه البسيط، رحل وقد عرف قتلته.

هو الذي قدم الصورة البهية المسالمة، المدنية، للمسلمين، والخطاب الحقيقي للدعوة الاسلامية، وللرموز الاسلامية، أيعقل ان يتصور وهو يُحْتَضَر، انه أزهق بأيد تدعي الحضارة، وتدعي الدفاع عن الدين الحنيف، أيقتله التعصب المجنون، وهو الذي دافع عن دينه امام كل الذين أرادوا تشويه صورة الاسلام؟ أتقتله الظلامية وهو الذي رسم صورة الاسلام بأحرف من ضوء؟

كأنها غصة عميقة اصابته، وهو ينزف، وقد عرف ان ما أقنع به الاخرين، في اصقاع العالم، لم يقنع به من يدعون الايمان، اذ كأنه على سريره الاخير، يقول اي ايمان هذا يقتل محتفلين مسالمين مسلمين في عُرس؟ أي قسوة هذه، بل من اين كل هذه القسوة، أمن الدِين وهو الحنان كله، ومن أين تأتي هذه اللانسانية والوحشية والبربرية والدين كله رحمة، والرحمن باريه ومُنزل كتابه على النبي الكريم؟

فيا أيها الصديق مصطفى العقاد الذي رحلت ابنته العزيزة قبله، في لحظة لقاء كانت وداعا اخيرا، الفُ رحمة عليك. ولن تكفي الدموع، ولن يكفي التحسر، وحتى الغضب من هؤلاء المجرمين، ولا النقمة عليهم، ليعوض عن خَسارتك وخسارة من فقِدوا من الأبرياء. ولكن لا بد من ان نهاية هؤلاء آتية لا محالة. فنحرهم الابرياء هو انتحارهم. وممارستهم الارهاب على الفنانين والاطفال والمسالمين والمسلمين الحقيقيين سترتد عليهم، لا لأن الارهاب مصيره محتوم فقط، بل لان عقابهم الالهي آت ايضا لا محالة، ولان "جناتهم" الموعودة ستكون جحيمَهم.

فألف تحية لك يا مصطفى، يا صاحب "الرسالة" الذهب، ويا صاحب الصورة المشعة، ويا صاحب الكلام الآخر، الكلام الطالع من ملايين المسلمين، البراء، من هؤلاء ومن إجرامهم.

فالف تحية لك مني، ومن كل فناني الكويت والعرب، الذين فجعتهم هذه المصيبة، وألمتهم هذه الجريمة، والذين يعبرون لك ولكل شهيد سقط في تلك المجزرة عن اكثر من استنكار، وعن اكثرَ من إدانة، بل ليعبروا لك عن أنك الشهيدُ الذي أضاء برحيله دروب المستقبل الآخر المتحرر من الإرهاب والعنف الغاشم والتعصب الموتور والانغلاق القاتل.

المستقبل اللبنانية في

14.11.2005

 
 

مصطفي العقاد أخرج الرسالة وعمر المختار وكان يحمل الكثير من المشاريع الفنية بانتظار التمويل

المخرج العربي الوحيد في هوليوود ذهب ضحية الإرهاب

دمشق ـ من أنور بدر

لا بد أن نعترف جميعاً أن مصطفي العقاد الذي قضي نحبه في تفجيرات العاصمة الأردنية عمان، مع ابنته ريما، كان شخصية استثنائية بكل معني الكلمة، فإذا كنا تعرفنا علي عمر الشريف نجماً في السينما العالمية، فإن العقاد كان أول مخرج عربي يقتحم قلعة السينما في هوليوود، وعبر فيلمين أصبحا جزءاً من كلاسيكيات السينما العالمية هما الرسالة عام 1976، و عمر المختار عام 1980، وهو يصر عبرهما علي تقديم هويته العربية والإسلامية والدفاع عنها في وجه ثقافة لا تعترف بالآخر.

لكن هذا الآخر قام بدبلجة فيلم الرسالة إلي أكثر من (12 لغة عالمية)، وهو ما زال يعرض في كبريات دور السينما ويحقق ارباحاً للشركة المنتجة، فيما لا تزال مصر وسورية تمنع عرض هذا الفيلم، كما منعت المغرب استمرار عمليات التصوير سابقاً.

استثنائية العقاد أنه منذ البداية اختار طريق حياته، ورسمه خطوة خطوة، رغم أنه لم يكن سهلاً، بل اعترضه الكثير من الصعاب التي نجح في تذليلها واحدة تلو الأخري.

ولد العقاد في مدينة حلب شمال سورية سنة 1933،ونشأ في أحد أحيائها الشعبية، ضمن أسرة فقيرة، وحين امتلك جارهم وهو واحد من سكان الحي صالة للعرض السينمائي أصبح يأخذ الطفل مصطفي إلي دار العرض، ليكتشف لأول مرة مفهوم الصورة، وآلة العرض، وكيفية منتجة بعض المشاهد غير المرغوب بعرضها، ليصبح مع الوقت مولعاً بالسينما، ثم يتابع عندما بلغت الثامنة عشرة من عمري قررت أن أصبح مخرجاً سينمائياً، وفي هوليوود تحديداً .

يضيف العقاد أن هذه الرغبة قُوبلت بين أصدقائه وجيرانه وأهله في المنزل باستهجان، هو الفقير يريد أن يصبح مخرجاً في هوليوود!؟

لكنه كان يعرف ما يريد ويصر علي تحقيقه، فراسل جامعة كاليفورنيا الأمريكية، وفُوجيء قبل سواه بقبول طلبه، لكنه كان مضطراً أن يتأخر عاماً كاملاً عن الدراسة، أمضاه في العمل كي يدخر نفقات السفر، وفي لحظة الوداع سنة 1954 قدم له والده مئتي دولار ومصحفاً صغيراً صحبه معه في رحلته إلي الطرف الآخر من العالم.

استطاع أن يعمل ويدرس إلي أن تخرج عام 1958، لكنه قرر ان يبقي في الولايات المتحدة ليحقق حلمه القديم، بأن يصبح مخرجاً في هوليوود، وبعد معاناة كبيرة نجح أخيراً في إخراج فيلم الرسالة عام 1976، بنسختين عربية وإنكليزية، لعب دور البطولة في الأولي عبد الله غيث من مصر ومني واصف من سورية، فيما لعب دور البطولة في النسخة الإنكليزية أنطوني كوين وايرين باباس.

وهي أول محاولة لتقديم صورة عن سماحة الإسلام إلي الغرب، لكن العمل أثار انشقاقاً لدي المتلقي العربي، فهو يسعي لمخاطبة المشاهد الغربي بلغته وعقليته، حتي أن العديد من الفتاوي حاربته لأسباب دينية، وليس غريباً انه ما يزال ممنوعاً من العرض في سورية ومصر، بينما مُنح مخرج هذا الفيلم وسام الكوكب الأردني من قبل الملك الراحل حسين.

وقد شكل نجاح هذا الفيلم تجارياً وفنياً، مدخلاً للعقاد لإنجاز سلسلة أفلام Halloween كمنتج ومنفذ بآن معاً، فأنجز ما بين عام 1978 وعام 2002 ثمانية أجزاء، وهي من أفلام الرعب إذ يستغل الفتيان عيد البربارة لارتكاب جرائم بشعة.

لكن العقاد ظل رغم النجاح مدركاً لرسالته الشخصية تجاه مجتمعه وأمته، فقدم فيلم أسد الصحراء... عمر المختار أيضاً في نسختين عربية وإنكليزية أيضا. وفيه يسلط الضوء علي شخصية هذا المقاتل العربي الذي قاد ثورة شعبية في مواجهة الاحتلال الإيطالي لليبيا، وقد أُعدم عام 1932 وهو الشيخ الطاعن في السن، ولم يقل نجاح هذا الفيلم عن سابقه، رغم حساسية الموضوع بالنسبة للمتلقي الغربي.

نجاح العقاد في هوليوود ينطلق من وضوح الرؤية عنده والتي سلحها بالعلم والخبرة، وهو يدرك أن المشاهد الغربي لا يمكن مخاطبته الإ عبر لغته وعبر عقليته الخاصة، دون أن نستسلم لعقد النقص تجاه الآخر. لكنه يدرك الحاجة الماسة إلي تقنية متطورة في صناعة السينما، إذا أردنا أن نخاطب هذا الغرب، لذلك كانت تكلفة أفلامه باهظة، وهو ما أوقعه دائماً رهينة البحث عن ممولين لمشاريعه السينمائية، ولا ينكر أن الرئيس معمر القذافي مول فيلميه الرسالة و عمر المختار وأن صدام حسين ـ قبل الحصار ـ فكّر بتمويل مشروعه الجديد صلاح الدين ، إلا أن الحصار فوت عليه هذه الفرصة.

ويتحدث في احد لقاءاته الصحافية أن أميراً عربياً عرض عليه تمويل هذا الفيلم مقابل أن يعطي البطولة لإحدي صديقاته، وأن زعيماً عربياً آخر قبل تمويل الفيلم بشرط إنجاز فيلم آخر عن بطولات هذا الزعيم. لكن العقاد لم يساوم في هذا الأمر، كما رفض أن يساوم في أعماله السابقة مع التيارات المتعصبة دينياً.

إلا أن المتطرفين كانوا أسرع من أحلام المثقفين فكانت التفجيرات التي طالت ثلاث فنادق في عمان، ومنها فندق غراند حياة حيث كان العقاد يستقبل ابنته ريما التي وصلت من بيروت لحضور حفل زفاف في العقبة يوم الأربعاء 9 /11 الحالي فتوفيت هي مباشرة ونقلت إلي مدينة طرابلس حيث عائلة زوجها زياد طارق المنلا، ودُفنت هناك، بينما أصيب الوالد إصابات بالغة أدت الي نزف في الرئة، لكنه توفي بسكتة قلبية في اليوم التالي للحادث، ونُقل جثمانه في موكب رسمي إلي دمشق شارك فيه وزير الثقافة الأردني أمين محمود، حيث سجي في مشفي الشامي بدمشق لصباح اليوم التالي، فيما توافد المئات من المواطنين السوريين إلي ساحة الروضة وهم يحملون الشموع والورود البيضاء تحية ووفاء لهذا المخرج العربي الذي قضي ضحية الإرهاب والتطرف الديني.

لكن الصحف السورية التي نشرت نبأ تشييع جثمان الفقيد صباح يوم الأحد 13 ـ 11 لم تشر الي ساعة التشييع، حيث فات الكثيرين فرصة المشاركة، بينما اضطر من حضر للانتظار حتي ما بعد الحادية عشرة صباحا كي يحضر وزير الثقافة محمود السيد للمشاركة في هذه المناسبة، وقد نقل الجثمان إلي مدينة حاب مسقط رأس الفقيد عبر الجو، حيث صليّ عليه في مسجد الروضة ، قبل أن يواري الثري.

يذكر أن لفيفا من الفنانين السوريين حضروا إلي مشفي الشامي يتقدمهم نقيب الفنانين السوريين أسعد فضة والممثل الكبير طلحت حمدي والمخرج باسل الخطيب، كما حضرت الممثلة سوزان نجم الدين والممثل أيمن زيدان وسواهم من الفنانين والمثقفين.

ذهب العقاد نتيجة التطرف الديني والإرهاب الأعمي الذي كان مدركاً لخطورته علي المجتمع العربي والشعوب الإسلامية، فقال: أنه نتيجة أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 في الولايات المتحدة، أصبح هناك ربط بين الإسلام والإرهاب، ونجح الإعلام الصهيوني في وضع اليهودية والمسيحية في كفة واحدة ضد الإسلام .

لذلك قرر العقاد أن يواجه هذا الإرهاب، ويتابع في مقابلة أخيرة معه: كنت أركز علي الإعلام الخارجي... أردت أن أقدم تعريفاً للحضارة الإسلامية، وتقديم صراعاتنا مع الحضارات وبعده انتشار الإسلام، لكن يظلّ الأساس هنا في بلداننا العربية، لذا سأركز في المرحلة المقبلة علي الإعلام الداخلي .

يقول: اليوم توجد موجة تطرف خطيرة بدأت تظهر في العراق بشكل فجائي، فالتطرف هو عين الجهل، ولا أقصد التطرف الديني فقط، فالتطرف في مفهومه العام هو عامل إضعاف للكائن البشري .

كتبت الممثلة مني واصف التي لعبت دور هند زوجة أبي سفيان في فيلم الرسالة تقول: رحل العقاد بأيدي من يدعون الإسلام علي الرغم من أنه كان يخدم الإسلام، رحل قبل أن يحقق حلمه في إخراج فيلم صلاح الدين الأيوبي القائد الإسلامي المتسامح الذي رأي فيه العقاد الرجل المناسب للعصر .

وبالمناسبة فان فيلم صلاح الدين هو أحد مشاريع العقاد التي كانت تبحث مع سواها عن التمويل، وهو مشروع كتب له السيناريو الكاتب الأمريكي جون هيل، إلا ان في جعبته مشاريع أخري كفيلم عن البوسنة وآخر عن شخصية القائد الشيشاني محمد شامل وثالث عن علاقة ملك انكلترا عام 1213 بملك قرطبة.

ومن مشاريع العقاد الأخري فيلم عن صبيحة الأندلسية التي حكمت الأندلس، ولديه سيناريو آخر كتبه أستاذ الإخراج مدكور ثابت بعنوان ثلج فوق صدور ساخنة وما زالت القائمة تطول عند هذا المبدع الذي بلغ الثانية والسبعين من عمره وهو يتفجر طاقة وقدرة علي العطاء، وطاقة وقدرة علي القتال في سبيل قناعاته وأفكاره، وفي سبيل أحلامه الفنية، ومن ضمنها إشادة مدينة سينمائية علي طريقة المدن الكبري في الولايات المتحدة، وقد انتقد الحكومات العربية التي تخصص ميزانيات ضخمة للتسليح مع أننا لا نسمع عن إطلاق رصاصة واحدة في وجه العدو وطالب هذه الحكومات بتخصيص 10% بالمئة من ميزانيات الدفاع للإنتاج الإعلامي، لتغيير صورة العرب المسلمين في أوروبا والعالم. لكن تلك الحكومات لم ولن تسمع، لذلك نراه يؤكد الآن أنّ بعض الشعوب العربية مستعمرة في بلادها من قبل حكوماتها ولذلك لا تريد أن تبني سلاح الإعلام ولا أن تدعم سلاح الفن والثقافة.

بل إنّ السؤال : لماذا تأخر مهرجان القاهرة السينمائي الدولي حتي دورته الأخيرة هذا العام ليكرّم العقاد ضمن سبعة مبدعين من أصل عربي ومصري، بينما مهرجان دمشق السينمائي الذي سيفتتح دورته الرابعة عشرة في العشرين من الشهر الحالي لم يفكر بعد في تكريم أهم مبدعي السينما السورية؟!!

فمتي يُكرّم العقاد؟ ومتي يُرفع الحظر عن فيلم الرسالة ؟ ومتي نستعيد هذا المبدع بفنه كما استعدناه بجثته!!!

القدس العربي في

14.11.2005

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)