حتى اليوم
لم نكتب عن عمل يستحق السعفة لكننا الآن نفعل بعد أن شاهدنا “بابل” الذي لا
ينافسه فيلم آخر وإن ظهر ما ينافسه فلا شك سيكون عملاً جباراً.. “بابل” في
المسابقة ومعه نقرأ اليوم فيلمين عرضا عرضاً خاصاً.
“بابل”
إخراج:
الياندرو غونزاليز إيناريتو
تمثيل:
براد بت، كايت بلانشيت، جايل غارسيا برنال، بوبكر عيد السيد.
أمريكي/
مكسيكي/ مغربي [المسابقة]
تقييم
الناقد: **** (من خمسة)
بعدما
تسرّب الخوف بين الحاضرين خشية أن يمضي النصف الثاني من المهرجان شبيهاً
بالنصف الأول (الجاف مما هو مميّز ولامع) وصل دور فيلم “بابل” للعرض وشكّل،
على نحو معيّن، بداية جديدة للعروض في هذه الدورة. إنه أفضل ما عرض الى
اليوم وأكثرها استحقاقاً للجائزة الأولى. الفيلم يترك في البال أفكاراً
جياشة حول الحب والحياة والموت والسعادة والحزن والكثير من الوحدة. لكنه
ليس فيلم طروحات فقط. الوسيلة التي يخرج بها ايناريتو الفيلم تستحوذ على
الاعجاب المطلق.
مثل
فيلميه السابقين “الحب عاهر” و”21 غرام”، يضع المخرج فيلمه على ثلاثة فواصل
بثلاث حكايات حول محور واحد. قدر غريب يربط بين القصص الثلاث. لكن في حين
أن فيلمه الأول “الحب عاهر” شهد توالي هذه القصص انطلاقاً من حادثة واحدة
وهي صدام سيارتين ينفصل الفيلم عنها منتقلاً بين الساعات السابقة لكل ضحية
وصولاً الى تلك اللحظة تحديداً، فإن “بابل” يستعرض الحكايات الثلاث ليس
بتواليها بل بالانتقال بينها وبفاعلية أفضل بكثير مما مارسها في “21 غرام”.
هناك
بندقية صيد أهداها ياباني لقروي مغربي قبل ثلاث عشرة سنة. اليوم، هذا
القروي يبيع البندقية لعائلة من القرية القريبة مقابل 500 دولار وعنزة.
الذي اشتراها لديه ولدان لا زالا دون سن النضج. في أحد الأيام يأخذان
البندقية معهما خلال رعي الماشية يقتلا الضباع المنتشرة والتي تهدد
ماشيتهما. وفي هذه الرحلة بالذات، ومن دون فهم لما يقومان به، يبدآن اطلاق
النار على أهداف بعيدة. أصغرهما سناً يطلق النار على حافلة سياحية قادمة
بين جبال هذه المنطقة البعيدة. ومن دون أن يقصد يصيب سائحة أمريكية (بلانشيت)
كانت مع زوجها (بت).
في سرد
متواز ننتقل الى حكايتين أخريين: الأولى تدور حول الياباني الذي أهدى
البندقية وابنته الخرساء التي تعيش وحدة قاسية تعرّضها للبحث عن حب لا
تجده. والثانية حول مربية مكسيكية ترعى شؤون بيت عائلة براد بت. في حديث
هاتفي من المغرب يوافق رب البيت على أن تصطحب الخادمة ولديه الى عرس ابنها
في المكسيك. بعد الحفل، وخلال العودة، يقرر السائق عدم الامتثال الى حرس
الحدود ويطلب من المربية والطفلين ترك السيارة في منطقة صحراوية. بمحنتها
هذه تواجه وضعاً جديداً يتركها والطفلين بين الحياة والموت الى أن يجدها
بوليس الحدود. بالتحقيق معها تبيّن انها لا تملك أوراق هجرة. ورغم توسلاتها
تُرحل.
هذه القصص
تختلط بتناسق جيّد. نحن حينا في طوكيو وحينا على الحدود المكسيكية
الأمريكية وحينا ثالثاً في المغرب. والعلاقة بين القصص الثلاث لا تتضح من
البداية. لا نعرف أن هذين الولدين هما ابنا براد بت وكيت بلانشيت الا
لاحقاً. لكن الجامع بين القصص حالة الخوف مما هو آت وغير مفهوم. وحالة من
الحزن الشديد يعيش داخل هذه الكائنات. ثم حال العالم بأسره. الفيلم يستغل
فرصة تقديم حكاية أمريكيين في المغرب ليخلق وضعاً يتعرّف فيه الأمريكي على
خصال عربية رائعة. الشعور الانساني للقروي الذي لا يعرف الاستغلال.
المساعدة التي يوفّرها البعض من دون مقابل وأهم من هذا وذاك، البذل. بينما
يجد الأمريكي من القرويين المغاربة تعاضداً في محنته، يفتقده بين باقي
ركّاب الحافلة الأجانب الذين يودون المضي في رحلتهم (ويفعلون).
يستحق
الفيلم كتابة أكثر شمولاً من هذه المساحة المحدودة، لكن الحال هو أنه فيلم
“سعفة ذهبية” لا محال. وإذا لم ينلها فإن الفيلم الآخر (أي فيلم) سيفوز بها
عليه، أن يأتي أفضل من هذا العمل بمسافة بعيدة.
“حليم”
إخراج:
شريف عرفة.
تمثيل:
أحمد زكي وهيثم أحمد زكي ومنى زكي وجمال سليمان.
مصري [عرض
خاص].
تقييم
الناقد: *** (من خمسة).
الفيلم
الأخير للممثل الراحل أحمد زكي يدور عن المغني الراحل عبد الحليم حافظ.
ثالث مرة قام فيها زكي بتمثيل شخصية ما. الأولى “ناصر” والثانية “أيام
السادات” والآن “حليم”. الفيلم ينجح في أنه يؤم منطقتين عاطفيّتين خاصّتين،
فكل من أحمد زكي وعبد الحليم حافظ لديه الجمهور الكبير جداً من المعجبين
الذين سيتوجهون الى صالات العرض متوقعين عملاً خالداً يجمع بين نجمين
تلاقيا في سرد حكاية حياة وموت. فبينما يمثّل أحمد زكي ما تسنّى له من دور
في هذا الفيلم، يلعب شخصية المغني الراحل في أيامها الأخيرة وفي أيامه هو
الأخيرة أيضاً.
هذا
الجانب العاطفي مهم لتسويق الفيلم الذي لم يبخل عليه المنتج (عماد الدين
أديب) فحققه -حسبما هو معلن- بميزانية وصلت الى ستة ملايين دولار. حتى ولو
كانت أربعة فإنها استغلّت جيداً في الفيلم. فمن ناحية الصورة وشروطها
الزمنية وعناصر الديكور والتصاميم الانتاجية والفنية، هذا فيلم من باب
أوّل. لذلك للأسف أن اختيار المخرج عرفة لأسلوب عرضه هذه القصّة كان- في
المقابل- أقرب لأن يكون نشازاً.
ينطلق
الفيلم بحفلة غنائية تنطلق على المسرح. إنها الحفلة الغنائية الأخيرة التي
يقيمها المطرب عبد الحليم حافظ. بعدها يسقط على الأرض فاقدا وعيه ويسترده
وهو في غرفة المستشفى. هنا تبدأ الذاكرة بالعودة به، وبنا، الى بداياته.
طفولته. ما يحمله في داخله من شعور بالذنب كون والدته ماتت بعد ولادته
(بثلاثة أيام يقول الفيلم في مشهد وبأسبوع يقول في مشهد واحد) ما ولّد لديه
الاعتقاد بأنه السبب في موتها. الفيلم لا يرتكز فقط على ذاكرة المريض
المسجى لينطلق منها في رحاب أمسه، بل أيضاً على ما يتولى عبد الحليم سرده
في مقابلة اذاعية. بذلك هناك منطلقان للذاكرة. واحد في مستشفى والثاني في
حديث. إنه أمر غير مسبوق، حسبما نعلم، ويمر هنا جيّداً حتى ولو افتقد
المبرر على الشاشة.
ما لا يمر
مطلقاً معالجة شريف عرفة الفنية للمادة الكبيرة التي بين يديه. من بداية
الفيلم وحتى نهايته هناك تلك الكاميرا المحمولة التي تتقدم وتتراجع وتستدير
يمينا ثم يساراً في حركة مستمرة، أسلوب ريبورتاجي؟ نعم. واقعي؟ كلا. اذ ليس
هناك موضوع واقعي بل مؤلّف. سيرة تداخلت فيها الأحداث الحقيقية بالترجمة
الخيالية لها. وحنين الى الأمس كان جديرا بأن يلزم المخرج البحث عن أسلوب
عمل أكثر رصانة. ما يفعله يجعل المشاهد يواجه فاصلاً بينه وبين الأحداث هو
تلك الكاميرا التي لا تود أن تهدأ. بالتالي، قدرة المشاهد على الانغماس في
الفيلم وتقدير ما فيه ستكون محدودة. إذا ما كان هناك مبرر قوي دفع المخرج
لاعتماد هذا الأسلوب فهو ليس واضحاً حتى لهذا الناقد. المبرر الواضح ليس
قويّاً أو كافياً لأنه لا يلتقي وشروط الموضوع وهو التجديد.
“توْق”
إخراج:
فالسكا جرايزباك.
تمثيل:
أندريه مولر، إلكا ووتلز، أنيت دورنيوش.
ألماني
[عرض خاص]
تقييم
الناقد: ** (من خمسة)
في فيلم
متوسط الطول أخرجته جرايزباك قبل خمسة أعوام عنوانه “كن نجمي” تلتقط اللحظة
الخاصة لفتاة خسرت عذريتها في الرابعة عشرة من عمرها. في هذا الفيلم تصطاد
لحظة أخرى: رجل متزوّج يفيق ليجد نفسه في أحضان امرأة أخرى غير زوجته.
اللحظتان خاصّتان طبعاً، لكن الأولى متوقعة أكثر من الثانية.
في
الطريقة التي كوّنت بها المخرجة أسلوب معالجتها للحظة الثانية ما يضع تلك
اللحظة في عداد شبه رمزي. تبدو لحظة مهمة، اذا ما صدّقنا ملامح الممثل حين
أدرك صباح اليوم التالي ما فعله ليلة البارحة، لكنها تبقى غامضة وإلى درجة
محيّرة الى أن نفهم أن ماركوس (مولر) لم يخن زوجته مطلقاً من قبل. اذ تمر
هذه اللحظة الخاصة يتباطىء الفيلم في فتح صفحاته وينحصر الاهتمام الوحيد في
كيان قصة صغيرة القيمة والأثر. في قرية لا تبعد كثيراً عن برلين، لكن تبدو
كما لو كانت منعزلة تماماً، يعيش العامل ماركوس مع زوجته إيلا (ولتز) التي
لا يعرف غيرها. كانا يحبّان بعضهما البعض منذ أن كانا طفلين وانتهيا الى
زواج مريح وهادىء يثير قلق الآخرين في القرية كونه يبدو مثالياً أكثر مما
يجب. في ليلة أمضاها مع طاقم الاطفائيين الذين يعمل متطوعاً معهم يشرب
ويرقص وفي صباح اليوم التالي لا يعرف كيف انتهى الى سرير امرأة غريبة (دورنبوش).
يعود الى زوجته التي يحبها لكنه يكتشف أنه يحب الآن المرأة التي تعرّف
عليها أيضاً وبالمقدار نفسه. بكلمات أخرى: أصبح لدى ماركوس حبّان وهو غير
سعيد بذلك رغم اعتقاده أن ذلك ممكن في البداية.
يسجّل
للمخرجة حسن توظيفها ممثليها الثلاثة في تصرّفات وسلوكيات صغيرة تكشف
أحياناً عن عمق أحاسيس كل منهم. حين يأتي الأمر للمعالجة بأسرها، فهي تعاني
بطء الايقاع والكثير من تفويت الفرص الدرامية. ليس لأن الفيلم ليس مشحوناً
بالأحاسيس، لكنه غير مترابط على نحو مثير طيلة الوقت مع تباعد في اللحظات
التي تتطوّر فيها القصة فعلياً لما هو مرحلة جديدة أو أهم.
لقطات
لقاء
عقول: من بين المشاريع التي بحثت بين منتجين عدّة في لقاءات تمّت ما بين
مقهى الكارلتون وغرف الماجستيك واحد يدور حول اللقاء بين ألبرت أيزنشتاين
والممثل والمخرج والمنتج الأسود بول روبسون. الأول العبقري الذي تمخّضت عن
أفكاره بضع نتائج جعلته بارزاً في مجاله، والثاني محارب قديم ومنسي من
محاربي اثبات حق الأمريكيين السود باعتلاء مناصب سينمائية واطلاق انتاجاتهم
التي تتحدث عن العنصرية في زمن (الأربعينات) كانت هوليوود لا تزال قابعة في
التنميط.
المباحثات
تدور مع بن كينجسلي في دور ايزنشتاين والممثل داني كلوفر في دور روبسون
وكلاهما في المدينة. كلوفر سيستمتع بعرض فيلم “باماكو” الذي حققه المخرج
النيجيري عبد الرحمن سيساكو.
تعابير
الوجوه: في حفلة أقيمت على شرف فيلم المسابقة “فلاندرز” التقيت بالمخرج
برونو دومانت الذي تحدّث عن اختياره من اللقطات للوجوه. لقطات كثيرة وكلها
قريبة تدرس الحركة مهما كانت صغيرة: “أفعل ذلك لأني أريد من المشاهد قراءة
ما يفكّر به الممثل على الشاشة. لا أعتمد على الحوارات، بل أعمد الى لقطات
الوجه لتكون المعبّر”.
قل ذلك
لهواة المسلسلات التلفزيونية عندنا.
رحلة صيد
سمك: لا يمانع الممثل جبريال بيرن في شرح ظروف عمله مع المخرج راي لورنس
خلال تصوير فيلمهما الجديد “جينداباين”: “هذا الفيلم هو أكثر الأفلام التي
مثّلتها اختلافاً. انه فرصة أتيحت لي لأطلق كل ما في داخلي من مكنونات عادة
ما أعتمد عليها لتمثيل أدواري. كل الأشياء التي يعتمد عليها الممثل
ليسترجعها حين الحاجة أو يستند اليها لبلورة موقف أو مشهد على الشاشة. أمر
مخيف لم أتعرّض له من قبل”.
الفيلم
الذي قدم في اطار “نظرة ما” وعنوانه هو اسم القرية التي تقع فيها.
ناني
موريتي: "التمساح"
لم يسقط برلسكوني
ناني
موريتي، أو جيوفاني ناني موريتي كما هو اسمه على جواز سفره، مخرج وممثل
ايطالي ولد في 19 اغسطس/ آب 1953 ولديه فيلم في المسابقة عنوانه “التمساح”.
موريتي قدّم في دورات سابقة من هذا المهرجان أفلاماً اشتهرت وحققت نجاحات
نقدية وتجارية منها “غرفة الابن” و”مفكرتي العزيزة”.
“التمساح”
فيلمه الجديد كوميديا سياسية ساخرة والسخرية التي توفرها تتمحور حول رئيس
الوزراء الايطالي السابق سيلفيو برلسكوني. انه فيلم يقسم ايطاليا بين مؤيد
ومعارض له. المؤيدون فرحون به لأنه ضد امبراطور الاعلام الذي تبوّأ مرتبة
رئيس الوزراء، والمعارضون هم الذين صوّتوا لبرلسكوني في الانتخابات الأخيرة
لكن عددهم، رغم كبره، لم يكن كافياً.
“التمساح”
قصة مخرج سينمائي يبحث عن سبل تمويل فيلمه الجديد وسط ظروف انتاج صعبة. في
أحد الأيام يستولي على اهتمامه سيناريو قُدّم اليه حول حياة برلسكوني
عنوانه “التمساح”. وهنا حوار معه:
·
هذا هو فيلمك السياسي الأكثر مباشرة من أي من
أفلامك السابقة.
نعم. كل
أفلامي السابقة كان لديها وضع سياسي تبحث فيه أو تتطرّق اليه لكنها لا تدخل
فيه كثيراً، أو مطلقاً. هذا الفيلم خصصته ليكون عن السينما وبرلسكوني.
بطريقة ما هما وجهان لعملة واحدة ولو كانت متناقضة.
·
حين جلست تخطط للفيلم هل وضعت في بالك شخصية
بارلسكوني ثم أخذت تبحث عن قصة تدور حوله؟
كلا.
كانت الشخصية الأولى في بالي هي شخصية المخرج. كان الفيلم فكرة تدور حول
هذا المنتج الذي لم يقدم على عمل ما منذ عشر سنوات، والذي يسمع عديدون في
الوسط انه سيعود لكنهم اعتادوا على اعتبار ذلك مجرد اشاعة.
·
هل تعتقد أن لهذا الفيلم أثراً على نتيجة
الانتخابات التي خسر فيها برلسكوني مقعده؟
لا أعتقد
أن فيلمي كان له أي تأثير في هذا الوضع. الانتخابات أعلن عنها قبل اجرائها
بشهر واحد. خلال ذلك الشهر كان الايطاليون قرروا لمن يريدون التصويت.
·
لكن الصحف الايطالية حسب علمي وضعت فيلمك في مواجهة حملة برلسكوني
الاعلامية. فجأة صار هناك ذلك الفيلم السياسي المعادي لجهود الرئيس.
نعم. لكن
تأثير الفيلم على الناخبين محدود جداً. لا أعتقد أن أحداً انتظر مشاهدة
الفيلم ليعرف كيف سيصوّت.
·
متى كانت المرة الأولى التي اشتركت فيها في
مسابقة “كان”؟
في 1978
بفيلم “ايكو بومبي”.
·
هل ما زلت تعتبر “كان” المكان الذي على فيلمك
أن يتّجه اليه أولاً؟ لم لا تعرض أفلامك في فانيسيا مثلاً؟
عرضت حتى
الآن أربعة من أفلامي في هذا المهرجان. شاهدته ينمو عاماً بعد عام الى ما
وصل إليه حالياً من شهرة. وما وفّره لي المهرجان هو تأسيس دعائم نجاح تجاري
يمكنني من الاستمرار في العمل. هذا ليس في مقدور مهرجان آخر تقديمه لمخرج.
الآن أنا أكثر شهرة من السابق وأظن أن السبب يكمن في مهرجان “كان”.
·
هل ما زلت تشعر بالاثارة التي توفرها
المسابقة؟
كثيراً.
كالمرة الأولى.
·
هذا الفيلم يختلف كثيراً عن سوابقه من حيث إنه سياسي مباشر. الأفلام الأخرى
حوت تعليقات سياسية لكن هذا يدور في رحاها. هل تعتبر أن المباشرة مبررة
هنا؟
نعم
ولسبب جوهري. الفيلم عن سيناريو يدور حول برلسكوني، أما الفيلم نفسه فعلى
نحو معيّن لا يدور حول برلسكوني بقدر ما يدور حول ذلك المخرج الذي يحاول
انجاز فيلمه الجديد. هل تفهم ما أقصده؟ “التمساح” هو عن مخرج لديه مشروع
فيلم عن برلسكوني. هذا ليس عملاً مباشراً من هذه الزاوية. طبعاً، هو أيضاً
ليس فيلما رمزياً أو فيلم ايحاءات.
·
انتاجياً هل وجدت صعوبة؟ هل صادفت موالين
لبرلسكوني نصحوك بعدم تحقيق هذا الفيلم؟ هل خسرت صداقات بسببه؟
لم يحدث
هذا. ولم يتعرّض لي أحد بطلب عدم انجاز هذا الفيلم. كانت هناك نصائح حول
أفضل السبل لإنجاز هذا الفيلم لكنها كانت مجرد نصائح. لكني أقول لك ناحية
مهمة، هذا هو فيلمي الأول الذي أنجز من دون مساعدة حكومية.
·
وبالطبع بيعه للقنوات التي يسيطر عليها
برلسكوني غير ممكن.
(يضحك)
بالطبع لا. سيكون هذا غريباً جداً لو حدث.
·
هل كل النقاد كتبوا عن الفيلم مادحين؟
بالطبع
لا. كانت هناك نسبة كبيرة من نقاد ايطاليا الذين كتبوا سلباً. معظمهم وصف
الفيلم بأنه غير موضوعي. واعترف بذلك، لكن هل من الموضوعي ما تبثّه محطات
برلسكوني طيلة 24 ساعة كل يوم؟ هذا ما أود أن أسأله.
المفكرة
... خطوة
لمهرجان دبي
خطوة مهمة
أقدم عليها مهرجان “دبي السينمائي الدولي” وأعلن عنها في الحفلة الكبيرة
التي أقيمت في ليلة الثالث والعشرين وامتدت حتى ليلة الرابع والعشرين. انها
الحفلة السنوية التي يقيمها المهرجان. ولو أن مكانها انتقل من شاطىء
الكارلتون الى شاطىء الماجستيك. أما الخطوة المهمة فهي الاعلان عن ابتداع
مسابقة لأفضل فيلم عربي في المهرجان وسبب أهميّتها أنها ستثبّت الهوية
العربية للمهرجان، تلك الهوية التي لم تكن نالت حقّها في الدورتين
السابقتين. وهذه الهوية هي التي ستفيد وستثري دولية المهرجان كون هذه
الدولية لا تنطلق فقط من جلب أفلام أجنبية وشخصيات عالمية غير عربية، بل من
فتح المجال للسينما العربية للاشتراك في الصرح الدولي. ومهرجان دبي هو
الفرصة الأثمن لمثل هذا الفعل كونه انطلق بنجاح كرابط بين الشرق والغرب
وجسر تواصل بين الثقافات.
وهناك
اعلان آخر كان مفاجأة طيّبة أيضاً، اذ أعلن عن تعيين رئيسين فنيين للمهرجان
هما الاماراتي مسعود أمر الله والبريطاني سايمون فيلد. ومسعود كفاءة رائعة
كونه يحرص على المستوى ويجعله الصميم في كل خطواته من دون “أجندة” خاصة على
الاطلاق. هذا الرجل من الإجادة في عمله بحيث خلق نواة للسينما الاماراتية
عبر مهرجانه في أبوظبي (أفلام من الامارات) وعزّزها بخمس دورات ناجحة الى
الآن.
ولابد من
ذكر أن بعض من جيء بهم في العام الماضي للمساعدة في برمجة المهرجان بأفلام
عربية كانوا من أصحاب الأجندات الخاصة. بعضهم كان مستعدّاً لضرب مصلحة
المهرجان في سبيل مصلحته الشخصية. وبل عمد الى ذلك بالفعل متبوأ فجأة مكانة
مؤثّرة. والنتيجة، الاشتراك العربي من أفلام وشخصيات، انتقل خطوات شاسعة
الى الوراء بالمقارنة مع الدورة الأولى.
لكن هذه
الحركات البهلوانية لا يمكن أن تنطلي على المشرفين والمنظّمين. انها واضحة
وعمرها قصير، لذلك جاءت الخطوة المهمة لدعم توجّه لابد منه، جاء اعلان
تعيين مديرين فنيين خطوة أخرى الى الأمام.
مبروك
لمهرجان دبي. مبروك لدبي نفسها ونتطلّع الآن الى دورة ثالثة أفضل ان شاء
الله.
م.ر
merci4404@earthlin
|