كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

رواية "شيفرة دافنشي" في حضرة "مهرجان كان" والصخب المرتقب من فيلم "شيفرة دافنشي"

كتب جاسم المطير

عن فيلم

شفرة دافنشي

   
 
 
 
 

دان براون هو الكاتب، و'شيفرة دافنشي' (أو دافنشي كود) هي الرواية التي كتبها.

كأن هذين الاسمين صاعقتان تضربان، منذ عامين، رأس عصور كثيرة مضت لم تتح للماشين في دروب الكنائس والمعتقدات وأصحاب الأبواب المغلقة، في الأديرة والجامعات، من الوصول إلى أفكار لا تحمي نفسها بنفسها ، بل اعتماد على سلطة آخرين يحاولون حمايتها بكل السبل، فيأتي المؤلف الروائي دان بروان ليحقق أعلى مبيعات لكتاب روائي حتى الآن في العالم كله ـ حوالي 50 مليون نسخة والرقم يتصاعد ـ ليصل الكتاب الذي عارضته سلطة الفاتيكان إلى ملايين القراء مما هو في نظر الفاتيكان شرور هائلة لا تقاوم.

أثارت الرواية جدلا كبيرا، خاصة بعد أن قررت شركة 'سوني كورب' للإنتاج تحويلها إلى فيلم سينمائي. وطلبت مجموعة 'أوبوس دي' Opus Dei ، وهي مؤسسة معروفة باتجاهها الديني المحافظ، من الشركة المنتجة مراعاة الاعتبارات الدينية في الفيلم، الذي تنوي تصويره. قادة هذه المؤسسة يعتقدون أن الفيلم يمكن أن يمس مقدسات دينية تعتبر خطوطا حمراء، ووجهوا عددا من الرسائل إلى الشركة السينمائية المنتجة، وهي رسائل من النوع الذي تتميز بها العقلية الارستقراطية المعتمدة على 'ينابيع أفكار' لا يجب أن تمسها أفلام ساخنة مثل 'شيفرة دافنشي' احتراما للمسيح وللكنيسة الكاثوليكية.

هذه المجموعة الدينية اعترضت بست من الرسائل الموثقة على ما تتضمنه رواية الكاتب الأميركي دان براون، من إيحاءات تسيء، كما تعتقد، إلى شخص المسيح، وما تتضمنه من أحداث قتل، وتجويع قهري، وطائفية.

قالت 'أوبوس' في خطاب نشرته على موقعها على شبكة الإنترنت بالإيطالية: 'يجب أن يكون القرار الذي ستتخذه الشركة المنتجة دليلا على الاحترام تجاه رمز المسيح، وتاريخ الكنيسة، وكذلك المشاهدين المتدينين'.

الفيلم وضجة متوقعة

أشار الكثير من التقارير الصحفية الانكليزية والفرنسية والأميركية إلى أن الرواية التي تحولت إلى فيلم سينمائي سيكون هو فيلم افتتاح مهرجان كان السينمائي في 17 مايو 2006، وهذا يعني أول ما يعني، أنه سيكون فيلما واسع الانتشار على نطاق العالم كله، مما قد يحول مضمونه إلى دكة يستند إليها المتشككون أو الواهمون، أو ربما يدفع عشرات أو مئات الملايين من المسيحيين إلى الدخول في ممرات واسعة من التساؤل عن سجل المسيحية وعن سيرة السيد المسيح.

يقال إن العمل الإنتاجي الفعلي قد انتهى على يد المخرج رون هاورد الحائز جائزة الأوسكار، وأن المستويات الفنية في تصوير الفيلم ستكون جذابة ويجعل منه فيلما من أفلام الإثارة الدينية. وقد استقطب مخرج الفيلم كفاءة سينمائية عظمى مثل الممثل البريطاني بول بيتاني لينضم إلى أبطاله، حيث سيلعب دور رجل متعصب مصاب بالبهاق يدعى سيلاس، ليلعب دوره إلى جانب كل من الممثل الأميركي توم هانكس، والفرنسي جان رينو، والبريطانيين إيان مكليلان وألفريد مولينا، والممثلة أودري تاوتو الوجه الأنثوي في البطولة، لتتعزز صناعة الفيلم إلى أعلى حد وأرقى نوع.

اعتمد المخرج لسيناريو فيلمه على تفاصيل صغيرة غير مرئية لكنها مهمة ومثيرة من أحداث رواية 'شيفرة دافنشي' لكي يتطرق بأسلوب روائي بحت لأحداث من حياة المسيح وسيرته، ولكن بصورة تختلف تماما عن الصورة التي وردت في الأناجيل والكتب السماوية.. كما يصور الفيلم 'الفاتيكان' بصورة مؤسسة دينية متسلطة، لكن الحبكة، جاءت، كما قال بعض متابعي السيناريو في الصحافة البريطانية، في إبراز دور المؤسسات الدينية ودور المجتمع الذكوري الذي ساد المجتمعات البشرية في الالفي سنة الماضية ورؤيتهم في تجاهل مساهمة المرأة ودورها الاساسي في الحضارات البشرية عبر العصور الطويلة الماضية.

ملحمة مشوقة

تنطلق أحداث الفيلم أساسا من باريس ومن متحف اللوفر تحديدا. وقدمت الحكومة الفرنسية تسهيلات واسعة كانت ضرورية من أجل تصوير المشاهد السينمائية في المواقع الأثرية والمتاحف الوطنية الفرنسية، كما كان أوصى وزير الثقافة الفرنسي بإنشاء جهاز خاص في وزارته لهذا الغرض.

يتحدث سيناريو الفيلم عن ملحمة بوليسية ـ دينية ـ تاريخية ـ سياسية مشوقة تلتمس العثور على 'الكأس المقدسة' التي شرب منها المسيح في العشاء الأخير. والتي راح المسيحيون فيما بعد يجدون في البحث عنها، كما تتحدث الرواية عن صراع تاريخي بين رؤيتين مختلفتين لما يتعلق بملحمة البحث عن الكأس المقدسة.

الرؤية الأولى: تصر على إبراز الدور المهم والرئيسي الذي لعبته ماريا المجدلية في الديانة المسيحية. وبكونه اكبر بكثير من مجرد كونها ـ اي المجدلية ـ مثالا لحادثة تبرز خصلة التسامح في الدين المسيحي.

الرؤية الثانية: تنفي أي دور للمجدلية بخلاف كونها المثال الذي رسخ مبدأ التسامح في العقيدة.

أما كيف أصبح دافنشي طرفا في هذه الملحمة، فهو في الفيلم دائما من أنصار الرؤية الأولى، وانه قد استخدم شيفرات في كل أعماله، بدءا بالموناليزا، ووصولا إلى 'العشاء الأخير' تشير وتذكر بهذا الدور الأنثوي في الحضارة البشرية.

وعلى رغم أن الفيلم ليس فيلما وثائقيا تبشيريا يحاول إقناع المشاهد بحقيقة تاريخية معينة ـ كما تشير الصحافة أحيانا ـ فإنه في تناوله المثير سيسلط الضوء على حقائق متعددة ـ لا حقيقة واحدة ـ طرحت في الكتاب نفسه وقدمت رؤى انقلابية لتاريخ المسيحية وتاريخ المسيح، وهو ما دفع الناقد البريطاني مارك لوسون بوصفها ب'الهراء الخلاب'.

السؤال الدافنشي الأخير هو:

لقد أحدثت رواية 'شيفرة دافنشي' حرجا كبيرا أمام الفاتيكان، فهل يحدث فيلم 'شيفرة دافنشي' الروائي الطويل حرجا أعظم؟

القبس الكويتية في

02.05.2006

 
 

فيلم يسئ للمسيحية والاسلام:

نصارى الاردن يطالبون بمنع عرض فيلم "دافنشي كود"

 مجلس رؤساء الكنائس في الاردن يؤكد ان فيلم 'دافنشي كود' يسئ للسيد المسيح ويتعارض مع الانجيل والقران.

عمان - طالب مجلس رؤساء الكنائس في الاردن السبت الجهات المعنية بمنع عرض فيلم "دافينتشي كود" (شيفرة دافينتشي) في الاردن، باعتباره "مسيئا للسيد المسيح" و"يتعارض مع حقيقة ما جاء في الانجيل والقرآن".

ونقلت وكالة الانباء الاردنية الرسمية (بترا) عن امين عام المجلس المطران حنا نور تاكيده "ان المجلس ممثلا بكافة المطارنة يعتبر ان الفيلم يتجاوز الخطوط الحمراء في الاساءة الى الرموز الدينية المسيحية والاسلامية في تعارضه مع حقيقة ما جاء في الانجيل والقران عن شخصية المسيح عليه السلام".

ودعا نور "هيئة الاعلام المرئي والمسموع الى الوقوف الى جانب المسيحيين في هذا الامر واحترام مشاعرهم الدينية واتخاذ الاجراءات اللازمة لمنع عرض الفيلم".

واشار نور الى ان "الفيلم المأخوذ عن رواية منعت سابقا من النشر في الاردن ولبنان يسيء بشكل مباشر الى السيد المسيح".

واشار مدير مديرية المصنفات المرئية والمسموعة في هيئة الاعلام المرئي والمسموع محمد الشواقفة الى "الاحتمالات والمؤشرات الكبيرة لمنع عرض الفيلم في المملكة بناء على ما تم رصده من ردود فعل محلية وعالمية حول الفيلم".

واضاف "ليس من المنطق ان نأخذ بالاعتبار مكاسب مستوردي الفيلم المادية في حين ان الفيلم من المحتمل ان يستفز المشاعر الدينية للمسيحيين الاردنيين".

واعترض الفاتيكان على الفيلم الماخوذ عن رواية للكاتب البريطاني دان براون كانت اثارت جدلا قبل ان تتحول الى فيلم. ودعا احد مساعدي البابا الاسقف انجيلو اماتو الى مقاطعة الفيلم واصفا الرواية بانها "رواية معادية للمسيحية بشكل شاذ" خلال مؤتمر في روما.

وانتقد الاسقف، وهو امين سر مجمع العقيدة والايمان الذي تولى البابا بنديكتوس السادس عشر مسؤوليته حتى نيسان/ابريل 2005، ما تضمنه الكتاب من "اخطاء" و"تشهير" و"اهانات" ضد الكنيسة.

ويشير فيلم "دافينتشي كود"، وهو من افلام الخيال العلمي، الى مؤامرة غامضة تشترك فيها كنيسة "اوبوس دي" (عمل الله) الكاثوليكية للتعتيم على وجود نسل للمسيح من مريم المجدلية.

يذكر ان الفيلم الذي بدا تصوير احداثه في تشرين الثاني/نوفمبرالماضي كان لقي ايضا معارضة من اساقفة وقساوسة كبرى الكنائس والكاتدرائيات البريطانية بسبب ما اعتبروه "اخطاء جوهرية ومحاولات للتشكيك بأسس العقيدة المسيحية" وأبرز هذه الاخطاء ان "المسيح تزوج وأنجب".

ميدل إيست أنلاين في

06.05.2006

 
 

توم هانكس ممنوع من دخول مصر ولبنان

محاكم التفتيش تطارد شفرة دافنشي

أعدت الملف ـ علا الشافعي 

كان مقررا يوم‏17‏ من مايو أن تشهد دور العرض السينمائي في مصر وعدد من الدول العربية عرض فيلم شفرة دافنش وهو نفس اليوم الذي سيشهد عرض الفيلم في افتتاح مهرجان كان السينمائي الدولي‏..‏ المهرجان الأكثر إثارة للجدل‏,‏ وعلي الرغم من المظاهرات والاحتجاجات التي تعم معظم العواصم العالمية ضد الفيلم واعتراض الفاتيكان‏..‏ خاصة وأن الرواية والفيلم آثارا حفيظة الجماعات الدينية المسيحية المتشددة والكنيسة الكاثوليكية‏,‏ إلا أن ذلك كله لم يجعل المهرجان يخشي من عرض الفيلم‏,‏ كذلك لم يعلن الموزعون وأصحاب دور العرض في العالم مقاطعة الفيلم‏..‏ حيث سيبدأ عرضه في أمريكا بعد يومين من مشاهدته في كان الدولي‏,‏ إلا أن المشهد عندنا جاء مختلفا ولعلها المسافة السياسية والثقافية التي تعكس مناخا فارقا بين الشرق والغرب فلم يعد مسموحا داخل المجتمع الأوروبي بممارسات تتصدي لحرية التعبير أو العقدة‏.‏

لكن عندنا نحن الخوف فقط‏,‏ والخشية من ردود الأفعال وغضب الكنيسة وقف حائلا دون عرض الفيلم علي الرغم من أن مقدماته الإعلانية نزلت إلي دور العرض وتم عرضها لثلاثة أسابيع متواصلة‏,‏ إلا أنه فجأة طلب من شركة أفلام مصر العالمية ـ التي كانت من المفترض أن توزع الفيمل في مصر ـ بوقف عرض المقدمات‏..‏ وبمنطق التحسب وعدم الدخول في مشاكل قررت الشركة عدم الإتيان بالفيلم‏,‏ وقد يكون لهم الحق في الخوف من التعامل بإنفعالية مع الفيلم الذي يعتبره البعض مسيئا للديانة المسيحية‏,‏ خاصة وأن المجتمع يعاني من حالة احتقان سياسي واجتماعي والظرف شديد الحرج ـ كما راق لبعض الكتاب والمثقفين أن يصفوه ـ ولكن مع تكرار تدخل المؤسسة الدينية الأزهر أو الكنيسة جميعنا يذكر ما حدث مع فيلم بحب السيما فيما يتعلق بالأعمال الفنية‏,‏ وهذا ما يرفضه الكثير من مبدعينا ومثقفينا‏,‏ أن تتحول السلطة الدينية إلي سلطة رقابية‏..‏ وسنكون بذلك قد فتحنا الباب للعديد من السلطات لتتحول إلي جهات رقابية مضيفة أعباء جديدة إلي العملية الإبداعية‏,‏ وكان من الأولي التعامل مع الفيلم علي أنه خيال راق لمؤلفه دان براون أن ينسجه بهذا الشكل‏,‏ فهو لم يقل في مقدمة روايته أو فيلمه أنهما يقومان علي حقائق تاريخية‏..‏ وعلي حد تعبير المؤرخ د‏.‏ رمسيس عوض أليس من الأفضل أن نتوقف عن سياسية المنع والمصادرة؟‏!‏ لماذا لا نعرض حتي الأعمال الصادمة‏.‏ ونفتح حولها نقاشا‏,‏ أليس ذلك هو جوهر العملية الإبداعية؟‏..‏ وللأسف الفيلم تم منع عرضه أيضا من لبنان‏..‏ خوفا من غضب الكنيسة الكاثوليكية‏.‏

####

رواية شفرة دافنشي رؤية معارضة للمسيحية 

الرواية تنتقد تأليه المسيح والخروج به عن الطبيعة البشرية‏,‏ وتعلي من شأن مريم المجدلية‏,‏ رواية شفرة دافنشي للكاتب الأمريكي للكاتب دان براون‏,‏ وكما وصفتها نيويورك تايمز لا تقل في تشويقها عن سلسلة روايات هاري بوتر الشهيرة وقد أثارت هذه الرواية ضجة في أوروبا وأمريكا بلغت حد الاستياء والنقد‏.‏

ترجمت الرواية إلي‏50‏ لغة عالمية بينما وزعت الطبعة الإنجليزية منها حتي الآن أكثر من‏10‏ ملايين نسخة وعلي مستوي العالم‏40‏ مليونا ويعتبر دان براون نفسه مفاجأة للجميع فليس له تاريخ روائي أدبي كبير ولد عام‏1965‏ ـ‏39‏ عاما ـ عمل مدرسا للغة الإنجليزية في المدارس الأمريكية حتي عام‏1996,‏ ثم ترك العمل متفرغا للعمل الأدبي وكتب‏3‏ روايات قبل شفرة دافنشي لم تحقق ذات الشهرة لكنها اتسمت أيضا بالطابع البوليسي‏.‏

وقد بدأت فكرة رواية شفرة دافنشي عند قيام دان براون بدراسة الفن في جامعة أشبيلية في أسبانيا حيث تعلم بعض ألغاز لوحات ليوناردو دافنشي‏,‏ ولعل تأثيرات بلايت زوجة الكاتب الرسامة ومؤرخة الفن واضحة في الرواية‏,‏ حيث يمزج الكتاب بين تاريخ الفن والأساطير‏,‏ ويقدم قراءات جمالية ممتعة لكنائس باريس وروما ولأعمال ليوناردو دافنشي‏.‏

من ناحية أخري اعتمد المؤلف في كثير من معلوماته علي قسم دراسة اللوحات وإدارة التوثيق بمتحف اللوفر وجمعية لندن للسجلات‏,‏ ومجموعة الوثائق في دير ويستمينسير‏,‏ واتحاد العلماء الأمريكيين وأيضا كتاب ـ محاط بالشك ـ بعنوان دم مقدس كأس مقدسة‏.‏

ومنذ الصفحة الأولي من الرواية يقرر المؤلف عدة حقائق أولاها أن جمعية سيون الدينية جمعية أوروبية تأسست عام‏1009,‏ وهي منظمة حقيقية وأنه في عام‏1975,‏ اكتشفت مكتبة باريس مخطوطات عرفت باسم الوثائق السرية ذكر فيها بعض أسماء أعضاء جمعية سيون ومنهم ليوناردو دافنشي‏,‏ وإسحاق نيوتن‏,‏ وفيكتور هوجو‏,‏ كما أن وصف جميع الأعمال الفنية والمعمارية والوثائقية والطقوس السرية داخل الرواية هو وصف دقيق وحقيقي‏.‏

داخل متحف اللوفر بباريس‏,‏ وضمن أجواء بوليسية غامضة تبدأ رواية شفرة دافنشي من جريمة قتل أمين المتحف ـ القيم سونير ـ أحد الأعضاء البارزين في جاعة سيون السرية والذي ترك رسالة خلف لوحة ليوناردو دافنشي إلي حفيدته ـ صوفي ـ الإخصائية في علم الشفرات ضمنها كل الرموز السرية التي يحتفظ بها وطالبها بالاستعانة في حل الشفرة بالبروفيسور لانغدون أستاذ علم الرموز الدينية بجامعة هارفارد‏,‏ ومن خلال رحلة البحث عن حل شفرة الرسالة يتضح السر الذي حافظت عليه جماعة سيون الموجودة ضمن وثائق مخطوطات البحر الميت وبروتوكولات حكماء صهيون‏.‏

بوضوح يعلن الكاتب تزييف رجال الفاتيكان لتاريخ المسيح ومحو كل الشواهد حول بشريته‏,‏ كما يؤكد إهدار الكنيسة لدور المرأة حين حولت العالم من الوثنيةالمؤنثة إلي المسيحية الذكورية بإطلاق حملة تشهير حولت الأنثي المقدسة إلي شيطان ومحت تماما أي أثر للآلهة الأنثي في الدين الحديث وحولت الاتحاد الجنسي الفطري بين الرجل والمرأة من فعل مقدس إلي فعلة شائنة‏,‏ وهو ما أفقد الحياة التوازن‏.‏

الأنثي المقدسة هي عقيدة جوهرية لدي جماعة سيون السرية ولتأكيد هذه الفكرة يقدم دان براون قراءة جمالية ممتعة ومبدعة في لوحة الموناليزا والتي تعكس بوضوح إيمان ليوناردو دافنشي بالتوازن بين الذكر والأنثي فالموناليزا كما يؤكد الخبراء لا هي ذكر ولا أنثي ولكنها التحام بين الإثنين‏,‏ بل إن تحليل اللون بواسطة الكمبيوتر وتحليل صورة دافنشي نفسه يؤكد نقاطا متشابهة بين وجهيهما‏.‏

هنا يربط المؤلف اللوحة بتاريخ الفن القديم ومعتقدات دافنشي‏,‏ فالإله الفرعوني آمون إله الخصوبة المصور علي هيئة رجل برأس خروف والآلهة المؤنثة إيزيس رمز الأرض الخصبة والتي كانت تكتب بحروف تصويرية ليزا يكون في اتحادهما آمون ليزا أو موناليزا كما أرادها ليوناردو دافنشي دليلا علي الاتحاد المقدس بين الذكر والأنثي ولعله أحد أسرار دافنشي وسبب ابتسامة الموناليزا الغامضة‏.‏

كان ليوناردو دافنشي فنانا غريب الأطوار ينبش العديد من الجثث ليدرس البنية التشريحية عند الإنسان ويحتفظ بمذكراته بطريقة غامضة يعاكس فيها اتجاه الكتابة‏,‏ وكان يؤمن بأنه يمتلك علما كيميائيا يحول الرصاص إلي ذهب وكان يعتقد أنه قادر علي غش الرب من خلال صنع إكسير يؤخر الموت‏.‏

وبرغم أنه رسم كما هائلا من الفن المسيحي وبرغم طبيعته الروحانية فقد ظل علي خلاف مستمر مع الكنيسة يرسم الموضوعات المسيحية لكنه يضمن اللوحات الكثير من الأسرار والرموزالتي تحتشد بمعتقداته الخاصة كأحد الأعضاء البارزين في جماعة سيون التي هي أبعد ما تكون عن المسيحية‏.‏

وفوق جدارية كنيسة سانتا ماريا في ميلانو بإيطاليا رسم دافنشي لوحته الأسطورية العشاء الأخير التي ضمنها الكثير من الأسرار والرموز حول عقائده ويقدم دان براون قراءته الصادمة محاولا فك الشفرات وتحليل الخطوط داخل اللوحة‏.‏

إن الحبكة الرئيسية تتلخص في محاولات التغييب والتجاهل المتعمدة من قبل المجتمعات الذكورية لدور المرأة ومساهماتها في بناء التاريخ والحضارات البشرية باختلاف مراحلها وأشكالها‏,‏ والمؤسسات الدينية كلها لعبت ولاتزال تلعب جزءا كبيرا في تلك المحاولات‏,‏ وإذا كان ذلك غير واضح في المجتمعات المسيحية الغربية‏,‏ بسبب التغييرات والتحولات المجتمعية التي أعطت للمرأة بعضا من حقوقها ودورها المغيب فإن المجتمعات المسيحية الشرقية لاتزال تفرط في تغييب دور المرأة التاريخي الذي ـ علي ما يبدو ـ يبث الذعر في هذه المجتمعات بدليل حرص الرقابة في لبنان بلد الحريات‏,‏ علي منع رواية شفرة دافنشي حيث أصدرت المديرية العامة للأمن العام في لبنان قرارا بمنع تداول الرواية في أصلها الإنجليزي وترجمتها العربية والفرنسية بعد أن تصاعد غضب المركز الكاثوليكي للإعلام وأوصي بمنع الرواية ووقف الكنيسة الكاثوليكية في لبنان يثير أكثر من تساؤل‏,‏ خاصةأن الكنيسة الغربية بل والفاتيكان نفسه لم يجرؤا علي المطالبة بمصادرة الرواية أو منع توزيعها‏,‏ بل اكتفي بإدانتها والتنديد بما ورد فيها‏.‏

أما كيف أصبح دافنشي طرفا في هذه الملحمة فهو في الفيلم دائما من أنصار الرؤية الأولي‏,‏ وأنه قد استخدم شفرات في كل أعماله‏,‏ بدءا بالموناليزا ووصولا إلي العشاء الأخير تشير وتذكر بهذا الدور الأنثوي في الحضارة البشرية‏.‏

ورغم أن الفيلم ليس فيلما وثائقيا تبشيريا يحاول إقناع المشاهد بحقيقة تاريخيةمعينة‏,‏ فإنه في تناوله المثير سيسلط الضوء علي حقائق متعددة ـ لا حقيقة واحدة ـ طرحت في الكتاب وقدمت رؤي انقلابية لتاريخ المسيحية وتاريخ المسيح‏,‏ وهو ما دفع الناقد البريطاني مارك لوسون بوصفها بالهراء الخلاب وهو ما دفع أيضا ثلاثة مؤلفين غربيين للرد عليها من خلال ثلاثة كتب الحقيقة وراء شفرة دافنشي وحل شفرة دافنشي والحقيقة والخيال في شفرة دافنشي‏.‏

####

أفلام المسيح وموقف الكنيسة 

عدد الأفلام التي تناولت حياة المسيح وتم حصرها‏390‏ فيلما‏,‏ ظهر فيها السيد المسيح ومن أهم هذه الأفلام أليس جي عام‏1908,1906‏ حياة المسيح‏,1909‏ ميلاد المسيح‏,‏ وقبلة يهوذا وفي العام نفسه قدم المخترع الأمريكي توماس أديسون فيلم نجمة بيت لحم وبعد ثلاثة أعوام قدم المخرج سيدني أولكرت فيلمه من المهد إلي الصلب‏,‏ الذي يمكننا اعتباره أول فيلم سينمائي حقيقي عن حياة السيد المسيح‏,‏ والشيء المؤكد أن هناك كنائس كثيرة مازالت تعرضه خلال المناسبات الدينية‏,‏ إضافة إلي أنه أحد أهم الأفلام الكلاسيكية في العالم‏.‏

بعد ذلك توالت الأعمال التي تتناول سيرة المسيح أو جوانب منها من بينها أوراق من كتاب الشيطان عام‏1922,‏ لكارل درايير‏,‏ المخرج الدانماركي بن هور الفيلم الصامت إضافة إلي كل ذلك هناك فيلم ملك الملوك الصامت للمخرج الأمريكي الشهير سيسل دي ميل صاحب فيلم الوصايا العشر والفيلم الفرنسي جبل العذاب عام‏1935‏ لجوليان دوفا فييه والإغواء الأخير للمسيح كمارتن سكورسيزي وآخر ما قدم علي الشاشات العالمة هو آلام المسيح لميل جيبسون‏.‏

ومع كثرة هذه الأفلام وإثارة الكثير منها للجدل بدأت الكنيسة تتدخل وتدرس هل تمنع ظهور المسيح علي الشاشة أم لا‏,‏ وهل تقوم بمراجعة الأعمال التي تتناول سيرته قبل عرضها أم بعد العرض‏.‏

النقطة الأولي حسمها البابا بولس السادس حين وافق علي تصوير يسوع الناصري للمخرج فرانكوز يفيريللي وأعلن مباركته لهذا الفيلم ومع الأسف هذا الفيلم لم يعرض سوي في دار عرض واحدة في مصر سينما رمسيس ولمدة ثلاثة أيام وتم رفعه بعدها‏,‏ الشيء نفسه حدث مع الفيلم الذي أخرجه جوليان دوييه عام‏.1935‏
ولكن بدأت الكنيسة تلاحظ أن هناك أفلام كان همها الأساسي ضخامة الإنتاج والإيرادات دون الوضع في الاعتبار أي قيم روحية مثل فيلم ملك الملوك الناطق الذي أخرجه نيكولاس راي عام‏1961‏ وأبرز الانتقادات التي وجهت لهذا الفيلم أنه قدم المسيح علي أنه أشقر أزرق العينين‏.‏ تم عرض الفيلم في القاهرة في منتصف الستينيات وأحدث جدلا هائلا أدي إلي سحبه من دور العرض بعد أقل من أسبوعين‏,‏ وأكبر قصة لم تخبر بعد لجورج ستين عام‏1965‏ ويسوع المسيح سوبر ستار لنورمان جويزون عام‏1973,‏ الذي أخرجه عن المسرحية الغنائية التي حملت الاسم نفسه‏,‏ وظلت تعرض علي مسارح لندن وبرودواي لأكثر من‏12‏ عاما متصلة‏.‏

مسيح غير مسيحي

طبيعي أن نري مسيحيين يقدمون أفلاما عن السيد المسيح‏,‏ لكن غير الطبيعي بالنسبة للكثير للمسحيين أن يقوم يهودي ملحد بتقديم فيلم عنه‏,‏ وهذا ما فعله روبيرتو روسوليني عام‏1976‏ حين قدم فيلم المسيح‏,‏ فقد كان معروفا أن روسوليني يهودي ملحد‏,‏ وهو الأمر الذي أثار حفيظة المتدينين المسيحيين واليهود علي حد سواء‏,‏ خاصة أنه أظهر المسيح في صور وصفها هنري فاسكييه بقوله‏:‏روسوليني يهودي وأظهر المسيح في صورة باهتة غير قادر علي قيادة تلامذته وأتباعه‏.‏

هناك أيضا فيلم المخرج بيار باولو بازوليني الذي أخرجه عام‏1964‏ قبل عرض هذا الفيلم في مصر اعترضت الكنيسة الكاثوليكية فاكتفت شركة التوزيع بعرضه في نادي السينما‏,‏ بازوليني أهدي فيلمه أنجيل متي إلي ذكري البابا يوحنا الطيبة‏,‏ لكنه أثار جدلا لما تضمنه من مشاهد جعلت صورة المسيح تلتصق بالفكر الثوري وبطبقة البروليتاريا في العالم الثالث في سياق رؤية بازوليني الاجتماعية والفكرية كداعية ترتبط دعوته إلي قيم روحية جديدة بالدعوة الاجتماعية إلي تغيير أوضاع الفقراء والبسطاء والمهمشين والبؤساء وسعيهم إلي خلق مجتمع جديد‏,‏ وهي الآراء التي اعتبرها الأصوليون المسيحيون تحريفا وتشويها لصورة المسيح‏.‏

والشيء نفسه تقريبا حدث مع المخرج الإيطالي فيدريكو فيلليني فقد أقام الدنيا كلها‏,‏ وطالته اتهامات عديدة أدت في النهاية إلي تأخير عرض فيلمه الحياة حلوة وهذا كله بعد أن احتج الفاتيكان علي المشهد الأول في الفيلم‏.‏

كل ذلك كان في كفة وفيلم الإغواء الأخير للمسيج في كفة أخري‏,‏ وهو الفيلم الذي أخرجه مارتن سكورسيزي عام‏1988‏ عن رواية للأديب اليوناني كزانتزاكس‏,‏ صور فيها المسيح في صورة الإنسان الضعيف أمام شهوات الجسد‏,‏ ووقت عرض الفيلم قامت جماعات مسيحية بالاعتداء علي عدد من دور العرض وانفجرت قنبلة في إحدي دور العرض في باريس‏,‏ وأقيمت دعاوي قضائية عديدة ضد الفيلم ومخرجه في كثير من الدول بينها بريطانيا التي لم تجز عرض الفيلم بنسخته الكاملة إلا بعد فترة طويلة نسبيا نظرا للنوايا الطيبة والمخلصة لصاحبه‏.‏

وعام‏1989‏ قدم المخرج الفرنسي ـ الكندي دينيس أركان فيلمه مسيح مونتريال وهو عمل بصري أصيل غير مسبوق‏,‏ يحاول من خلاله كشف تناقضات ثقافة كاملة وانهيار العلاقات الإنسانية وتفككها في الغرب‏.‏

المسيح في صورته الإنجيلية

وإذا جئنا إلي فيلم آلام المسيح لمخرجه ميل جيبسون سنجد أنها المرة الأولي التي يثير فيها فيلم عن المسيح جدلا رغم نقله الصورة المعتمدة كنسيا عن المسيح وآلامه‏,‏ وإذا كان تاريخ السينما يحفظ لنا أن المنظمات اليهودية ثارت علي المخرج الأمريكي ديفيد جريفيث‏,‏ لأن فيلمه الذي تناول أشهر جرائم التعصب في التاريخ ضم مشهدا يصور المسيح وهو يدق بالمسامير في الصليب علي أيدي اليهود‏,‏ إلا أن فيلم جريفث كان أقرب للتسجيلية‏,‏ إضافة إلي أنه لم يصمد طويلا أمام ضغوط اللوبي اليهودي‏,‏ وضغوط وتهديدات المصالح المالية والصناعية التي تجاوز نطاق تهديدها المخرج ليشمل المؤسسات التي عملت في الفيلم ومن أجازوا عرض الفيلم و‏..‏و‏..‏و‏..‏ والرئيس الأمريكي نفسه‏,‏ وهكذا‏...‏ لم يكتف جريفيث بحذف المشهد بل قام بحرقه‏!!‏

وهي أيضا المرة الأولي التي يظهر فيها المسيح ناطق بلغات غير حية‏,‏ ونشير هنا إلي أن المخرج كارل دراير كان يحلم بأن يجعل المسيح يتكلم الآرامية أو العبرية في فيلم يخرجه لكن ذلك لم يتحقق له‏.‏

ورغم ذلك أثار جدلا يفوق بمراحل ما أحدثته كل الأفلام التي تناولت حياة المسيح مجتمعة‏,‏ وتبقي الإشارة إلي أن اللوبي اليهودي الأمريكي النشط الذي حاول جاهدا أن يمنع ظهور الفيلم‏,‏ لم يستطع أن يفعل شيئا غير توفير ميزانية ضخمة كان سيتكبدها ميل جيبسون في الدعاية لفيلمه الذي أخرجه وأنتجه ورفضت الشركات الكبري في هوليوود توزيعه‏!!‏

####

المفكرون والنقاد:

الرقابة الدينية تمثل نوعا من الإرهاب الفكرى

في البداية يصف المؤرخ د‏.‏ رمسيس عوض الوضع بأنه قديم منذ أن عرفنا الحياة باسم الدين‏..‏ حيث أصبحت الرقابة تفرض علي أعمال قد لا يكون لها أي علاق بالدين‏,‏ وأذكر أنني في يوم من الأيام قمت بدراسة عن الهرطقة في الغرب ثم الإلحاد في الغرب‏,‏ وقتها طلب مني رئيس الهيئة العامة للكتاب بأن أذهب بكتابي إلي الأزهر‏..‏ لكي أحصل علي الموافقة‏..‏ وقتها دهشت لسببين الأول أنني مسيحي‏..‏ ثانيا الهرطقة لها علاقة بالمذهب الكاثوليكي‏..‏ لذلك فجهة الاستئذان هنا هي الفاتيكان وليس الأزهر‏!!‏

وللأسف اضطررت وقتها لنشر الكتابين علي نفقتي الخاصة في لبنان‏.‏

يسترسل المؤرخ د‏.‏ رمسيس‏..‏ قائلا قصدت من الواقعة أن أؤكد لك‏..‏ أن الرقابة الدينية متأصلة في التربة المصرية‏..‏ وهذا بالتأكيد يهدد حرية التعبير وسبق أن عبرت عن هذا‏,‏ فلا يجب أن تكون هناك سلطة دينية لها نفوذ رقابي‏,‏ والذي أعرفه أن هناك ما يسمي بحق التقاضي‏..‏ هذا هو الوضع الطبيعي أن تخرج أي عملية إبداعية من دائرة الرقابة الدينية إلي دائرة الرقابة المدينة‏..‏ خاصة وأن الرقابة حتي لو كانت دينية لها علاقة بالسياسة‏..‏ والأولويات عند الرقيب الكتب السياسية خاصة أنها تحدد شكل النظام‏,‏ يأتي بعدها الكتب الدينية ثم الجنسية التي تتمتع بحرية أكثر‏.‏

لذلك أؤكد أن هناك تواطيء بين النظام السياسي والديني‏,‏ وأوروبا منذ فترة طويلة تخلصت من ذلك‏..‏ لذلك علينا أن نفهم عقلية الغرب في التعاطي مع الأشياء ابتداء من القرن العشرين وبعد حربين عالميتين‏..‏ وصلوا إلي أن الرقابة علي أي شيء مقدس لابد وأن تلغي لدرجة أن شخصية المسيح تتعرض للهجوم والاستهزاء في بعض الأحيان‏.‏

وهو ما قد يراه المسيحي الشرقي شيئا فظيعا‏..‏ فالمسيحي الغربي تأقلم بسبب إيمانه بحرية التعبير‏,‏ وهذا هو جوهر الحضارة الغربية الذي أصبحنا عاجزين عن فهمه‏..‏ بينما سمة المجتمعات المتخلفة عدم احترام الفرد وحريته تماما مثلما يحدث عندنا‏.‏

يصف الكاتب والروائي إبراهيم أصلان عدم عرض الفيلم بمصر بأنه شيء مؤسف‏..‏ خاصة وأننا ضد منع أي عمل إبداعي‏,‏ أيا كانت الجهة التي تمنعه‏.‏

يري أصلان أن التصريح بعرض هذا الفيلم ليس مطلبا إسلاميا‏..‏ بل هو مطلب إنساني في المقام الأول‏,‏ خاصة أن فكرة المنع أو المصادرة في ظل التقدم التكنولوجي المذهل الذي أصبحنا نعيش فيه‏..‏ يعد أمرا عبثيا‏.‏

ولا يترتب علي ذلك إلا الإساءة لمن يقومون بمثل هذا الإجراء‏.‏ وعلي العكس ففكرة المنع أو عدم العرض خوفا وتحسبا من ردود الأفعال تساهم في الترويج للعمل أكثر‏.‏

بالتأكيد قرأت الرواية واستمتعت بها ليس ذلك فقط‏,‏ بل استعنت ببعض الأصدقاء من الأقباط خاصة أن الرواية فيها حالة من حالات اللبس حيث لا تستطيع في بعض الأحيان التفرقة بين الوقائع التاريخية التي وردت بها‏..‏ والمسلمات الدينية في العقيدة المسيحية‏,‏ أقصد أنه يصعب التفريق بين ما هو متخيل وما هو حقيقي‏,‏ مثلا لو حتي دافنشي العشاء الأخير للمسيح والموناليزا موضعتان بدقة بارعة داخل النص‏.‏

وبشغف شديد كنت انتظر عرض الفيلم خاصة أن بطولته للنجم العالمي الذي أراه ممثلا استثنائيا‏..‏ توم هانكس عموما بعد وقت قصير سنجد الفيلم عند باعة الجرائد علي‏c.d‏ أو‏d.v.d.‏

وأؤكد أن عدم عرض الفيلم هو منطق ينقصه الوعي بطبيعة الزمن‏,‏ ليس ذلك فقط بل ينقصه التقدير الكافي لقيمة المتلقي وقدرته‏..‏ ولابد أن ينتهي الزمن الذي نكون فيه أوصياء ونقرر بدلا من الناس ما يقرأون وما يشاهدون‏.‏

من نفس وجهة النظر تنطلق الناقدة السينمائية ماجدة موريس مؤكدة علي أن الخوف من رد فعل الكنيسة‏,‏ أو الأزهر‏..‏ أو أي مؤسسة أخري غير الرقابة‏..‏ يمثل نوعا من الإرهاب خاصة أن الفيلم في النهاية عمل خيالي كما أن النص الأدبي يعبر في الأساس عن خيال كاتبه‏..‏ هذا الكلام سبق وطرحته وأكدت عليه في أزمة فيلم حب السيما طالما أن المؤلف لم يكتب في التترات أن الفيلم قائم علي حقائق أو يعبر عنها‏.‏

وتضيف موريس أي مجتمع ناضج يجب أن يري كل شيء حتي لا يكون هناك شيء مخيف‏..‏ بتراكم فكرة المنع أو المصادرة طالما أن الفيلم تم إنجازه إذا فليس هناك ممنوع‏..‏ ولكن للأسف المجتمع تخلف إلي الدرجة التي اصبحت الجهات الدينية تخيف الرقابة الرسمية وأصبحنا نحن ضحايا لجهات رقابية متعددة‏.‏

ويؤكد الروائي محمد البساطي أن نفس الاحتجاج حدث في الخارج ومازال يحدث‏..‏ وبما أننا أقل في حرية التعبير ستجدين أن أسلوبنا في التعامل مع الحرية غبي ومتخلف لذلك نلجأ إلي أسهل شيء وهو المنع والمصادرة تحسبا أو خوفا وليس من الطبيعي بالنسبة لنا أن نلجأ إلي الخيار الأصعب وهو عرض الفيلم ثم مناقشته وتفنيد ما جاء به من أراء‏..‏ فعرض الرأي والرأي الآخر هو ما يخلق حيوية ويضفي ديمقراطية حقيقية في التعاطي مع الأمور الإبداعية‏.‏

أما الكاتب والروائي عزت القمحاوي فيصف المشكلة موضحا أن الرقابة في مصر أصبحت تضم ثلاث جهات الشارع والمؤسسة الدينية والحكومة‏..‏ التي تلعب بما يلائم ظروفها وليس عندها توجهات محددة‏..‏ وفي ظني أن النظام يعمل بطريقة المسرح المرتجل‏..‏ ليس عنده توجهات بل فقط ردود أفعال‏..‏ والذي يفهم هو الحفاظ علي الأمور مستقرة‏.‏

وتحت السيطرة‏..‏ والجهات الثلاث يزايدون علي بعضهم البعض‏,‏ مثلما حدث مع معارضة الأزهر لإنتاج فيلم عن المسيح‏..‏ لأجل فكرة الصورة نفسها‏,‏ وعن نفسي أري أن هذا نوع من التزيد وعدم الوعي‏..‏ خاصة أن الكنيسية تقوم بإنتاج أفلام عديدة ومتنوعة تتناول حياة المسيح ويظهر فيها المسيح وهذه الأفلام معروضة للبيع في مكتبة المحبة بفروعها‏.‏

وللأسف فالمجتمع كله موروط ومن الأسهل علي كل الجهات أن تغازل الشارع بأضعف حلقة وهي الإبداع‏.‏

وإذا كان المجتمع الغربي يعاني فقط من ضغط الجماعات الدينية المتزمنة إلا أننا نعاني من المزايدة خاصة وأن الأزهر كلما يقوم بخطوة‏..‏ تسبقه الكنيسة بأخري لذلك اصبحنا نحن خراف الله الضالة‏.‏

اعتراض الكنيسة الكاثوليكية علي الفيلم لم يمنع عرضه في العالم‏..‏ والكلام للمخرج السينمائي المتميز يسري نصر الله إلا أننا في مصر نعاني من وضع متفجر لذلك فكل ردود الأفعال علي تفاصيل وأشياء كثيرة غير عقلانية ويحكمها الانفعال‏.‏ مثلما حدث مثلا في رد الفعل علي الرسوم المسيئة للرسول‏..‏ فبدلا من أن نتصرف بشكل متحضر ونقوم برفع دعاوي قضائية علي الجريدة ونطالبها بدفع تعويضات ضخمة قد تؤدي إلي توقفها عن الصدور مثلا‏..‏ لجأنا إلي التظاهر‏..‏ والاستعراضات الفضائية والمزايدات‏..‏ بنفس الطريقة تخوف الموزعون من رد فعل المسيحيين والكنيسة علي الفيلم‏..‏ فلجأوا إلي عدم جلبة من الأصل‏!!‏ وهذا شيء عبثي في ظني‏..‏ فحالة الاحتقان يجب أن تحل‏..‏ بالمناقشة والجدل وليس بالإصرار علي تجاهلها وكتمانها أكثر‏..‏ ويكفي منطق التعامل مع المتفرج علي أنه فاقد الأهلية‏..‏ ولا يعرف ما يجب أن يشاهده من عدمه‏.‏

وللأسف عندما كتب محمد سلماوي مقالا يتحدث عن حقوق المسيحيين والمواطنة وعدم التمييز‏,‏ للأسف مرة أخري بعض المسيحيين رأوا أن المقال ضدهم‏,‏ مع أن العكس هو الصحيح تماما‏.‏

بصراحة لقد أصبحنا نعيش في حالة من التربص وفقدان الثقة من الناحيتين‏,‏ لذلك من الطبيعي أن يخشي الموزع علي دار العرض علي الأقل حرصا علي أمان المتفرجين‏,‏ فماذا ننتظر من مجتمع يضطر لدفن أي شئ ويتعامل بأن الحياة وردية‏,‏ وعن نفسي أنا ضد منع أي شئ‏.‏

إذا كان المخرج يسري نصر الله قد وضع يده علي حالة الاحتقان وفقدان الثقة التي أصبحنا نعيش فيها‏,‏ والتي جعلت الموزع وصاحب دور العرض يخشي علي سينماه ومتفرجيه تحسبا من أي رد فعل انفعالي‏.‏

من نفس وجهة نظره تنطلق الكاتبة صافيناز كاظم موضحة في البداية‏,‏ أنا ضد فكرة المنع لأي مصنف بشكل مطلق‏,‏ لكن بشكل محايد الظرف السياسي في مصر ملتهب‏,‏ لو شخص يعاني الحساسية من طعام معين بالتأكيد سيتجنبه‏,‏ التوصيف للكاتبة صافيناز والتي تضيف أن حالة الاحتقان هي حالة مفتعلة‏,‏ لكن طبقا لوجهة نظر الكثر من المسيحيين مع اختلاف الطوائف‏,‏ الرواية والفيلم يحملان مساس بلب العقيدة المسيحية‏,‏ ودوما المساس بالعقيدة يعد من أعقد وأصعب الأمور‏,‏ خاصة أن مصر بها كثافة مسيحية‏,‏ وجزء منها متحرش في الداخل والخارج‏,‏ ونحن أصبحنا مستباحين‏,‏ لذلك فعرض شفرة دافنش فيه ذا التوقيت شئ يخلو من الحكمة‏,‏ خاصة أنه قد يصنع حالة من الهياج لا يستطيع المجتمع بحالته الراهنة تحملها‏,‏ لذلك ليس من الحكمة عرضه حماية للمشاعر الملتهبة‏.‏

كان من المفترض أن تقوم شركة أفلام مصر العالمية بتوزيع الفيلم في مصر‏,‏ وهو ما حدث بالفعل بالنسبة لمقدمات الفيلم التي أجازت عرضها الرقابة‏,‏ لكن الفيلم في حد ذاته لم يعرض علي الرقابة‏,‏ وبعد ثلاثة أسابيع من عرض المقدمات في دور العرض فوجئت الشركة بإحدي الجهات الأمنية تشدد علي وقف عرض المقدمات في دور العرض‏,‏ هذا ما جاء علي لسان المنتج والموزع جابي خوري‏,‏ واستكمل الحديث قائلا‏:‏ حصلنا علي موافقة الرقابة علي عرض المقدمات‏,‏ وكانت لدينا تصاريح‏,‏ إلا أنه منعنا عرضه بعد قرار إحدي الجهات الأمنية‏,‏ هذا بالفعل ما حدث‏,‏ لكن عن الفيلم فهو لم يعرض رقابيا‏,‏ كما أنه تقريبا لن يعرض في مصر مستقبليا‏,‏ وهو ممنوع أيضا من العرض في لبنان‏,‏ وهناك حظر كبير علي العمل‏,‏ وسوف يتم عرضه في أمريكا في يوم‏19‏ مايو القادم‏,‏ وأعتقد أن ما حدث كان بسبب أن هناك وجهة نظر في هذا الموضوع‏,‏ وهو الخوف من تفاقم المشكلات في ظروف البلد حاليا‏.‏

أما الموزع أنطوان زند‏,‏ المسئول عن شركة فوكس وارنر‏,‏ أحد أهم شركات توزيع الأفلام الأمريكية في مصر يقول‏:‏ الحديث في هذا الموضوع أمر محرج جدا بالنسبة لي‏,‏ لأن الفيلم ليس تابعا لشركتنا‏,‏ وبشكل عام يصعب علي الإنسان الحكم علي عمل لم يره‏,‏ لكنه من الناحية الدينية طالما الفاتيكان معترضة علي عرض الفيلم‏,‏ فما علينا إلا الالتزام بهذا الرأي‏,‏ لأن رأيها هذا معناه أن الفيلم غير محبذ عرضه في مصر‏,‏ وقد يرجع الأمر في بعض الأمور للرقابة‏,‏ وإن كنا بصفة عامة ضدها‏,‏ لكن أحيانا يصبح وجودها مهم جدا‏,‏ خاصة إذا كان الفيلم ديني أو سياسي‏,‏ ويضر بالوضع العام لذلك لابد من حجبه أو عدم استيراده‏,‏ أما فكرة تأجيل عرض الفيلم‏,‏ فأنا ضدها‏,‏ لأن التأجيل قد يعني أني خائف من شئ‏,‏ وبكل تأكيد المفتي والبابا‏,‏ وأي جهات من هذا القبيل كونهم يعترضون علي شئ يصبح رأيهم صحيح‏,‏ ولا أعتقد أن مكانة هؤلاء تسمح لهم بتضخيم الأشياء أو الأمور‏.‏

يختلف مع هذا الرأي السيناريست و الناقد السينمائي ماهر زهدي مؤكدا أنه مع الحرية الكاملة للإبداع في الفن‏,‏ بشرط ألا تتعارض هذه الحرية مع العقائد الدينية الثابتة‏,‏ أما فيلما يخص موضوع الفيلم‏,‏ فإذا كان صانعوه يقولون إنه خيال قائم علي الإثارة والتشويق‏,‏ والرواية لا تعتمد علي الأناجيل الأربعة‏,‏ وهم يوحنا وماتا ومرقص ولوقا‏,‏ وحتي لا تعتمد علي أسفار اليهود‏,‏ وسواء الأسفار أو الناجيل لم تذكر أن هناك علاقة بين مريم المجدلية والسيد المسيح‏,‏ وإن كنت أري أن اليهود أنفسهم وراء هذا العمل‏,‏ وكان من اللائق ألا تتدخل أي جهة دينية بالحجر علي حرية الإبداع مادمنا ضد ازدراء الأديان‏,‏ وذلك لأن بعض الأساقفة في مجمع الأديان في الفاتيكان قالت لو أن هذا العمل يمس شيخ من شيوخ القرآن أو الهولوكوست اليهود كانت الدنيا انهدت وقامت ولم تقعد‏,‏ وهذا غير صحيح‏,‏ لأننا ضد ازدراء الأديان بكل صوره‏,‏ وأعتقد أن المخرج يوسف شاهين تعرض من قبل لموقف مشابه بفيلمه المهاجر عندما قال له الأزهر لا يجوز أن يتعرض الفيلم لحياة النبي يوسف عليه السلام‏,‏ وبالفعل قام يوسف شاهين بتغيير اسم البطل إلي رام‏,‏ وعرض الفيلم لفترة بسيطة ثم رفع من دور العرض‏,‏ خاصة أن بعض الذين شاهدوا العمل سيكشفون أن الفيلم يتعرض لقصة حياة النبي يوسف‏.‏

ونفس الموضوع بالنسبة لمارتن سكورسيزي الذي قدم فيلم عن حياة المسيح الذي أقام علاقات شاذة مع تلاميذه‏,‏ لكنه في هذه الحالة لا يمكن أن نقول هي حرية إبداع‏,‏ لأننا لا يصح لنا أن نقول معلومة غير ثابتة دينيا أو تاريخيا‏,‏ وذلك ليس فقط في أفلام الرسل‏,‏ وإنما في الأفلام الدينية بشكل عام‏,‏ سواء كانت مسيحية أم يهودية‏,‏ وحرية الإبداع هنا لابد أن تكون بعيدة عن المواقف الدينية التي تثير البلبلة‏,‏ لأننا كشرقيين عانينا كثيرا من افتراءات كانت تحدث في الدين الإسلامي والمسيحي‏,‏ وفي الموقف الأخير بالنسبة لفيلم دافنشي تم مقاطعته ليس في مصر فقط‏,‏ لكنه في الفاتيكان‏,‏ وبعض الدول الأوروبية‏,‏ وكوريا الجنوبية‏,‏ وهناك دعوة مباشرة وصريحة لمقاطعة الفيلم‏,‏ وفي النهاية الإساءة للأديان‏,‏ أمر كلنا ضده‏,‏ ولا يضح أن يقول عليه حرية إبداع‏.‏

الناقد السينمائي والكاتب د‏.‏ رفيق الصبان فيؤكد أنه بشكل عام أنا ضد أن تصادر الجهات الدينية عرض الأفلام‏,‏ وفيلم شفرة دافنشي عارضته بالأساس الكنيسة الكاثوليكية والتي قالت إنها ضد الفيلم لأنه يحرف المفاهيم والأشياء‏,‏ علي الرغم من أنه فيلم خيالي يقوم علي المغامرات‏,‏ وحتي الآن لم يعرض علي النقاد لأن العرض الأول له سيكون في مهرجان كان والحل الأمثل في هذا الموضوع من وجهة نظري هو أنه يتم تأجيل عرض الفيلم‏,‏ لأن المسألة الطائفية متأججة جدا هذه الأيام‏,‏ ومن الوارد أنهم خشوا من أن يرموا البنزين علي النار‏,‏ لأنه بعرض هذا الفيلم سوف يتم جرح مشاعر المسيحيين‏,‏ لذلك الأفضل تأجيل عرض الفيلم للموسم القادم‏.‏

لكن بشكل عام لابد أن تكون هناك حرية عامة‏,‏ لأننا في كثير من الأحوال نكون ملكيين أكثر من الملك‏,‏ ومتعصبين أكثر من أصحاب الفقه‏,‏ لكن الفيلم يعرض في كل بلاد المسيحية خاصة في إيطاليا‏,‏ وهي مركز الكاثوليكية‏,‏ والفن ليس تاريخ‏,‏ لأنه عندما تم عرض فيلم آلام المسيح كانت هناك بعض الآراء ضده‏,‏ لكن عند عرض الفيلم حقق نجاحا كبيرا وإيرادات جيدة‏,‏ أما عن الخطب التي تتردد أن الكنيسة قامت بها لمقاطعة الفيلم‏,‏ فأعتقد هذا غير حقيقي‏,‏ لأن الكنيسة قالت إنها ليست راضية عنه‏,‏ لكنها لم تمنع عرضه‏.‏

أما الناقد السينمائي والسيناريست رءوف توفيق يقترح حلا بدلا من منع عرض الفيلم‏,‏ يري أن يتم عرض الفيلم علي لجنة خاصة مكونة من مجموعة من الأقباط لإقرار مدي صلاحية أو سلامة عرض الفيلم‏,‏ وذلك لأن أي محاولة لمنع عرضه ستكون فاشلة‏,‏ والعمل سيعرض عالميا بكل الطرف إلي جانب أن ما يناقشه الفيلم‏,‏ وهي القصة الأساسية طرحت من قبل في كتاب متداول في الأسواق‏,‏ هذا بخلاف أن الرواية نفسها كتب عنها كثيرا‏,‏ ومنع عرض الفيلم‏,‏ دليل تخوف لا مبرر له‏,‏ لأن الفن بالحوار أكثر من قرارات المنع والمصادرة لعرض الفيلم‏,‏ ليتم حوله حوار‏,‏ لأنه المفيد لكل الأطراف‏,‏ لأني ضد تدخل السلطة الدينية في الفن وقرارات المنع والمصادر لابد أن يفتح لها الباب للحوار‏,‏ ومن حق الجمهور أن يتعرف إلي ما يحدث في العالم‏,‏ وليس من الواجب علينا أن نخاف من تدخل السلطة الدينية في الفن لأن هذه أساسيات‏,‏ ومن المعروف أنها متاحة في العالم ككل‏,‏ وموقفنا المعاكس لذلك سيحسب ضدنا‏,‏ والفيلم سوف يعرض في مهرجان كان‏,‏ وهو مهرجان عالمي‏,‏ وسوف يقوم بتغطيته علي الأقل‏500‏ صحفي وكاتب يكتبون عنه‏,‏ أي أن العمل سيصل للجمهور بشكل أو بآخر‏.‏

وبنفس المنطق تتحدث الناقدة والسيناريست ماجدة خير الله قائلة‏:‏ ماحدث مع فيلم دافنشي منتهي الجهل والغباء‏,‏ لأنه فيلم ينتمي في الأساس لأفلام الإثارة والحركة‏,‏ وهو عمل يتحدث عن جريمة تتم في قصر اللوفر والقاتل في هذه الجريمة ترك علامات من ورائه‏,‏ وفي نفس المكان الذي وقع فيه الحادث يكشف أن هناك لوحة معلقة علي الحائط وهي إحدي لوحات دافنشي لها علاقة بجريمة القتل‏,‏ وهي العشاء الأخير للسيد المسيح مع الحواريين‏,‏ المسألة لن تخرج عن كونها تصور فكري وإبداعي وبه ناس تجري وراء ناس في شكل مغامرات‏,‏ ومعني ذلك أنه ليس فيلما دينيا‏,‏ فما دخل الكنيسة إذن به‏,‏ ولو نفس الأمر بالنسبة لبعض الأفراد داخل الجامع‏,‏ فما دخل الأزهر أو المفتي في هذا الموضوع؟

لا أعرف ما هذا الجهل والتراجع في الفكر‏,‏ وهذا العمل سواء وافقوا أو اعترضوا سيعرض في كل العواصم الأوروبية‏,‏ وبعد عرضه بأيام سيطرح له‏C.D‏ في كل الدنيا‏,‏ وسيصبح الحصول عليه أو علي الكتاب أسهل مما نتخيل‏,‏ فلماذا كل هذا التعقيد‏,‏ وربما هذه الحالة غلق سوق تجارية للأعمال‏,‏ ويتم الترويج لها بشكل أكبر‏,‏ لأنه لو حتي الأفلام دينية تظل في النهاية عمل إبداعي فني‏.‏

يختلف مع هذا الطرح الناقدة إيريس نظمي‏,‏ ورئيس مهرجان الإسكندرية‏,‏ حيث تري أن الفيلم يحمل إساءة بالغة للعقيدة المسيحية‏,‏ وأنا قرأت كل ما كتب عنه وأحلم جيدا أنه سيتم عرضه في حفل الافتتاح في مهرجان كان‏,‏ وأعتقد أن الإساءة التي يحتويها الفيلم إساءة بالغة‏,‏ ولا تقل عن إساءة الرسوم الدانماركية للرسول والدين الإسلامي‏,‏ بل بالعكس ممكن أن تزيد‏,‏ لأن السينما هي واقع يفضح الأشياء‏,‏ وما حدث في العمل نستنكره لأنه به قلة أدب وسفالة كبيرة‏,‏ والبابا ليس راضيا عن الفيلم‏,‏ ومن قبل عرض فيلم رغبات المسيح وكان به تجاوز وسفالة متناهية‏,‏ لأنه يتحدث عن نظرة السيد المسيح‏,‏ وهو علي الصليب‏,‏ وينظر لمريم المجدولية بنظرة شهوة‏,‏ وأعتقد كل من يقدم علي فيلم بهذا الشكل هو في الأساس يهودي‏.‏

وأنا عن نفسي ضد عرض هذا الفيلم‏,‏ لأنه ضد العقيدة‏,‏ والكنيسة والمسيح‏,‏ لأننا نعتبر المسيح إله فكيف يقولون إن المسيح تزوج من مريم المجدلية‏,‏ وبجانب أننا نستنكر هذ االعمل‏,‏ ولابد أن يمنع هذاالعمل تماما خاصة أنه سيغضب المسيحيين الذين أصلا يعانون حالة غضب واحتقان بعيدا عن عرض الفيلم‏..‏ فما بالك لو عرض؟‏!‏

الأهرام العربي في

13.05.2006

 
 

سعيد شعب يسأل: هل مصر دولة يحكمها رجال الدين؟

-شفرة الكنيسة- فى مصادرة دافنشى! 

ستضع الضجة المثارة الآن حول فيلم شفرة دافنشي الذين يتصورون أن الغرب -هكذا كله- يعادى الإسلام فى مأزق، فهذا العمل الذى أنتجته شركة سونى الأمريكية تشن عليه الكنيسة الكاثوليكية وغيرها فى كل مكان فى العالم حرباً شرسة، فهو من وجهة نظرها ونظرهم لا يسيء فقط الى المسيحية ولكنه يدمرها، ولا بد أن نتأمل ما قاله الأسقف أنجيلو أماتو أمين سر مجمع العقيدة والإيمان فى ايطاليا لو وجه ذلك التشهير والإهانات والأخطاء إلى القرآن أو المحرقة اليهودية الهولوكوست لتسبب الأمر وعن حق فى استنكار عالمى، فقط عندما توجه الإهانات إلى الكنيسة والمسيحيين تبقى دون عقاب. إذن فالرجل يتصور أن هذا الغرب يحمى الإسلام واليهودية ويعادى المسيحية.. وبالطبع أنا مختلف معه وأتصور أن الغرب فى معظمه كما قال لى فى حوار نشرته فى جريدة الكرامة أستاذنا العلامة د.عبد الوهاب المسيرى لا يقدس أية أديان ولكنه يقدس الهولوكست فقط ولأسباب غير دينية.

الملاحظة الثانية على هذه المعركة التى أثارها الفيلم ومن قبله الرواية التى كتبها المؤلف دان براون بنفس الاسم ووزعت حتى الآن 25 مليون نسخة وترجمت الى 52 لغة، أن معظم رجال الدين متشابهون فى كل مكان، عندنا وفى الغرب وفى كل الدنيا، فهم بنفس العقلية، يتصورون أنهم نواب الله جل علاه على الأرض والمتحدثون الوحيدون باسمه، فمثلا الراهبة البريطانية مارى مايكل قادت مظاهرة كبيرة لمنع تصوير الفيلم وهذا أمر عادى ومن حقها طبعاً، ولكنها صرحت بأنها لم تقرأ الرواية كاملة! وقالت أيضاً:يهمنى ما يعتقده الله وليس العاملون فى الفيلم!!

أى أنها تعرف وحدها ما يعتقده الله جل علاه، فهى تتحدث باسمه، بالضبط مثلما يحدث عندنا.

وهى أيضا -وهم- تتصور أن المنع هو الحل، رغم أنها -وأنهم- تعرف أن من يريد أن يشاهد الفيلم سيشاهده بمليون طريقة، أى أن المنع لن يفيد على الإطلاق والحل الوحيد هو مواجهة الفكر بالفكر والرأى بالرأى.

ولكن ومن جانب آخر لا تتشابه المجتمعات، فعندنا يثور رجال الدين ويفرضون وجهات نظرهم، وهناك -أى فى المجتمعات الديمقراطية-رأيهم مجرد رأى من بين آراء كثيرة.. فهناك فصل بين المؤسسات دينية وغير دينية، أى أنهم لا يحكمون بشكل مستتر كما يحدث عندنا.

صحيح أن هناك كثيرا من الدعاوى القضائية تم وسيتم رفعها هناك من أجل منع عرض الفيلم ولكنى لا أظن أنها ستنجح ولن يبقى أمام المعادين للفيلم مثلما قال مسئولو الكنائس فى استراليا إلا أن يوضحوا للمشاهدين خطورة مضمونه، فهو فى رأيه يضر المشاهد المسيحى نفسه.

ولكن عندنا الأمر مختلف، فرجال الدين المسيحى والإسلامى ومعهم أنصار تيار الإسلام السياسى، وأيضاً الذين يسيسون المسيحية، يحكمون البلد بشكل مستتر، ليس بمعنى السلطة، أى الحكم، ولكن التأثير، فالكنيسة الأرثوذكسية مثلا أكد رئيسها قداسة البابا شنودة أنه لن ينفذ حكما قضائيا بالطلاق لأنه من وجهة نظره يخالف الإنجيل، بل أكد أنه لا توجد قوة على الأرض ستجبره على ذلك، أى أنه يجاهر بأنه لن يحترم مؤسسات الدولة التى يعيش فيها، ربما لأنه يتصور أنه رئيس دولة المسيحيين فى مصر وليس رئيساً لطائفة دينية بالمعنى الروحى، حتى أنه لم يقل مثلا أنه سيلجأ الى الدرجة الأعلى فى القضاء -وهذا حقه كمواطن- لكى يطعن فى الحكم ولكنه صادر على حق المؤسسة القضائية فى أن تكون أحكامها النهائية حرة وملزمة لأى شخص أياً كانت سلطته السياسية أو الدينية، واذا حدث وأكدت ذات الحكم فهذا معناه اتهام ضمنى لها بالكفر بالمسيحية.

وقداسة البابا ليس وحده، فعلى الجانب الآخر لم يحترم الأزهر والمؤسسة التابعة له مجمع البحوث الإسلامية حكم القضاء بأن من حق من يدينون بالبهائية قيدها فى الأوراق الرسمية.. وصرحوا ليس بأن يلجأوا للقضاء للطعن على الحكم، بل بأن هذا الحكم يخالف الدين الإسلامى، وبالتالى لو اقر القضاء هذا الحكم فهناك اتهام ضمنى له بالكفر.. وهو نفس ما قاله احد نواب الأخوان فى مجلس الشعب للأسف لا أتذكر اسمه. وذات المنهج قام به الأزهر بمؤسساته ومعه معظم أنصار تيار الإسلام السياسى تجاه فيلم الرسالة من فضلك اقرأ المقالات البديعة للأستاذ صلاح عيسى فى جريدة القاهرة التى تتناول قضية الفيلم.

ولنتأمل موقف الكنيسة ومجمع البحوث الذى كان واحداً تجاه فيلم المسيح الذى يكتبه السيناريست فايز غالى وينتجه محمد عشوب.. أى أن المؤسستين على الجانبين اتفقتا على رفضه، اتفقتا علينا.

ومن هنا فلابد أن نسأل: هل هذا البلد يحكمه رجال الدين أم مؤسسات وقانون ودستور؟

هذا هو بالضبط المأزق الذى نواجهه جميعاً ومعنا الناقد السينمائى على أبو شادى رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية أكمل الله شفاءه، فالرجل لا يستطيع وحده أن يواجه شراسة معظم رجال الدين وتصورهم أنهم فوق القانون وكل البشر وكل المؤسسات، واذا كانت القوى السياسية المعارضة تقف بحزم ضد انتهاك النظام للقانون والحريات، فان المعركة ضد سلطات رجال الدين غير المنظورة وذات التأثير الضخم هى جزء لا يقل أهمية للدفاع عن الحريات التى يقرها الدستور. فالدفاع عن الحرية لا يتجزأ، فالحرية ليست فقط فى مواجهة نظام سياسى مستبد ولكن فى مواجهة الاستبداد فى كل المؤسسات، دينية وسياسية، حكومية ومعارضة.

أى أنها وبجملة واحدة معركة من يدافعون عن الدولة المدنية فى مواجهة من يريدون مصر دولة دينية، إنها معركة من يؤمن بالدولة المدنية المصرية أياً كان موقعه السياسى فى النظام أو المعارضة أو خارجهما.. إنه دفاع عن المركب التى تحملنا جميعا الى المستقبل.

فهل ندعها تغرق بمن فيها؟

أتمنى ألا يحدث.

العربي المصرية في

14.05.2006

 
 

الصحافيون سخروا من "شيفرة دافنشي" في افتتاح "كان"

أفلمة متهافتة لرواية البليون نسخة

زياد الخزاعي

إذا كانت رواية دان براون <شيفرة دافنشي> ما زالت تصارع البقاء على أرفف المكتبات واهتمام القراء، فإن افلمتها على يد مواطنه رون هوارد الذي افتتح به الدورة التاسعة والخمسين لمهرجان كان، سيعدّ بعضاً من الألق والكثير من الفضوليين الجدد الذين ستُغريهم الحكايات المتداخلة وروح الإثارة المرتبطة بالجريمة والدم والشخصيات المراوغة.

الشيفرة لعينة، لعبة معقدة ابتكرها علم النهضة الايطالية الهام والمخترع ليوناردو دافنشي. مفتاحها كلمة سردية لا تفتح خفايا الا عبر انتظام حروفها على مجلات دائرية صغيرة محكمة الصنع ومعقدة الطراز. داخلها وضع صاحب <الموناليزا> خارطة سحرية تقود الى مخبأ الكأس المقدسة التي يعتقد أن يسوع رشّ آخر قطرات نبيذه، قبل الوشاية به على يد يهوذا. هذا النبيذ هو السائل السحري الذي سيدمّر الخارطة إن حاول أحدهم اختصار فضوله وكسرها.

تلك الكأس موجودة في لوحة <العشاء الأخير> الشهيرة. بيد ان الحكاية ليست في كينونة الكأس بل في موقع آخر من العمل: على يمين يسوع هناك شخصية حالمة تجلس مائلة بحنوّ على كتف حواري آخر يمكن للمتمعن إدراك ان نسب التصاقهما غير محكمة، وكأن بها قُطعت وتمّ لصقها في ذلك الموقع، الى ذلك فإن سحنة الشخصية تقرب الى المرأة منها الى حواري المسيح الذكور، السر: انها مريم المجدلية، وإن أعدت توزيع الشخصيات كما اوردها المخرج هاورد بحنكة الكمبيوتر في اقتباسه ستجد انها مائلة على كتف ابن الناصرة.. زوجها ووالد طفلتها. هذا هو العنصر الاساسي، الذي لو اخذه المرء على حدة، فإن ما تبقى من الرواية هو استكمال مطوّل ومفبرك للمطاردات والبحث المضني الى الكنز المسيحي. وهو بالضبط ما يؤخذ على الفيلم الذي تحوّل إلى فصول متعاقبة تأخذنا من التباس الى اعقد، ومن موقع كنسي الى ثانٍ، نلهث خلف البطلين عالم الرموز روبرت لانغدون (النجم توم هانكس) وصوفي نيفو (الفرنسية اودري تاتو) وسعيهما (قل قدرهما) ان يقتربا من سر الأبوة الضائع، الاول مأخوذ بكونه اصبح متمكناً من فتح المغاليق اللغوية والرسوم الرموز (وهو الاكاديمي البحت) والثانية مرعوبة من ماض لا تعرف كنهه، وارتباطها الملتبس مع جدها سونسييه القيّم على ادارة متحف اللوفر، والذي سيغتاله العصابي سيلاس (البريطاني بول باتني) حينما اعترض طريقه الى لوحة دافنشي الشهيرة (!) في احد اجنحة المتحف الباريسي. قبل مقتله سيرسم سونسييه علامات ويكتب إشارات تستلف صياغاتها من تعابير دينية متوارثة، ستمكن الثنائي لانغدون نيفو من إدراك خطورة (وربما خطل) اللعبة برمّتها. فالسير لي تيبنك (الممثل البريطاني ايان ماكيلان) النافذ والمخاتل الذي سيستخدمها في الوصول الى الشيفرة، في سعي شخصي لامتلاك الكأس المقدّسة وسرّها، مدفوعاً برعاية القطب الفاتيكاني الأب ارينغروسا (الممثل الفريد مولينا) الذي صنع بدوره قاتله سيلاس (يذكر كثيراً بشخصية كوزمودو في <أحدب نوتردام>!).

بالطبع كقدر تاريخي يكتب على يد هوليوود فإن لانغدون سيفلت السر من بين يده تحت تهديد سلاح تيبنك ويسلمه الى صوفي على اعتبار ان المؤشرات تثبت انها <آخر ذرية السيد المسيح!!!>. لكن هذه النبيهة ستؤكد له انها غير قادرة على المشي فوق الماء كما يسوع وتردف قائلة: <ربما سأنجح في قضية النبيذ الاحمر!!>. في ختام المطاف وتحت علامات واشارات الاقدار ستقود الحكاية لانغدون الى اللوفر ثانية ليقع على مفتاح السر الثاني: رميم مريم المجدلية الذي اختفى بغموض نادر موجود تحت قدميه، وهو الواقف فوق قاعدة الهرم الزجاجي المقلوب وسط ساحة المتحف (الذي نعته المفتش الفرنسي بيزو الممثل جان رينو بأنه خدش في وجه باريس!) ليسكب دمعة أسى على رعونته التي كادت أن <تخدش> بدورها وجه حكاية الغموض المسيحية! (لا علاقة لهذه العجالة بسردها جميعها!).

افلمة هوارد ذات صفة هوليوودية تستكمل مغامراته في <عقل جميل> و<رجل الساندريلا>، بناء درامي اعتمد بالكامل على حرفية المونتاج الذي أنجزه الثنائي دان هانلي ومايك هيل في تعاونهما السادس عشر مع المخرج هاورد! وأبلغ ما فعلاه هو المخرج المحنك للفصول التاريخية التي تبيّن عناصر السر وتراكمه التاريخي والديني، وهو ما يسرد على لسان السير تيبنك موضحا اياه لصوفي (وريثه ذلك السر). فالابن، المعاصر سيتداخل مع المشهديات الملحمية المقاربة لاشتغالات رسامي النهضة الايطالية، انها وسيلة ايضاح سينمائية بليغة وذات سحر فاتن. لقد قاد هذا الثنائي النص المعقد الذي كتبه اكيفا غودلزمان (في ثالث تعاون مع هاورد) الذي اكتفى بساعتين ونصف الساعة فقط من الساعات الاربع التي كان ينبغي تصوير شيفرة دافنشي) الى مستويات تذاكت على المطولات الحوارية والشروحات التي كان يجب ورودها على لسان الشخصيات القليلة، فالمعضلة كانت واضحة ان الشريط ليس استكمالا للرواية، بل هو صورة تقريبية لحدثها المركزي، والبقية هي <طعوم درامية> من إثارة وإيقاع لاهث يجعل المتفرج العادي مشوشاً ومضطرباً الى حد بعيد، من دون ان يخسر متعته في سعيه لفك الرموز العصية التي سرعان ما يفكها هاورد كي يُغريه بأخرى وهكذا.

شخصياً وجدت الافلمة اقل قيمة فنية من الرواية، وبدا ان الاستعجال تحكم في الكثير من المقاطع ما انعكس على اداء توم هانكس بالذات، اذ لم يقدم شيئا لافتا على منوال <فورست غامب> او حتى في <إنقاذ الجندي رايان>، فتحوّل الى قارئ حوار رديء (كما في المشهد الافتتاحي داخل قاعة المحاضرة ومشهد الباص اللذين من بين أخريات) اضافة الى غياب طلته امام الاداء اللامع للبريطاني ايان ماكيلان الذي سرق الثقل الاكبر.

لنعترف: أن الشريط الهوليوودي ليس هو المهم في ظاهرة <شيفرة دافنشي>، بل التجارب التي ستدور حوله، فكما فعلتها هوليوود وسلاسل <حروب نجم> و<ستارترك> و<الشخصيات اكس> وغيرها في مجال التسليح، فإن موسم الصيف الحالي سيشهد الكثير من الالعاب وبرامج الكومبيوتر والمقتنيات المتعلقة بفك تلك الشيفرة او بأخريات تمزج ما بين الفضول الديني وحشرية المستهلك الحداثي الذي لا يمل من ركب موجات المغامرة حتى لو كانت حكاية افتراء واضحة المعالم. شريط هاورد سيستقطب جمهوراً حماسياً (مثلما تستقطب هذه الايام الكنائس الخمس التي ظهرت في شريطه والتي تشهد اقبالا سياحيا من نوع المحجات الدينية، كونها لم تكن على خرائط معلوماتهم السابقة) للوهلة الاولى، لكنه سريعا ما سيغيبه، فطالما شاعت حكايته القصيرة وسرّها المتهافت، فإن ضحكات النقاد والصحافيين التي هزّت قاعة ديبوسيه في قصر السينما بالكروازيت وصغير استهجانهم بعد انتهاء الفيلم ستكونان علامتين أكيدتين على فشل هاورود في ابتلاع <لقمة دافنشي> بسهولة، لم تسعفه فيها نجومية ماركس وتاتو، ولا فضائح المحاكم البريطانية التي تنظر في تهمة الانتحال التي يواجهها الكاتب دان براون على يد زميلين له كتبا نصاً توثيقياً حول تلك الشيفرة وأسرارها التي كتب لها ان تظل في طيّ الكتمان.. ربما الى الأبد!

السفير اللبنانية في

18.05.2006

 
 

"شيفرة دافنشي" فشل في إقناع المشاهد بحكايته الخيالية حول زواج المسيح بمريم المجدلية

الفيلم يكشف الارتباط بين العولمة وإثارة الصراعات الدينية في العالم

رسالة مهرجان كان: سمير فريد 

افتتح أمس الأربعاء مهرجان كان السينمائي الدولي ال 59 الذي يستمر حتي 28 مايو حيث تعلن جوائزه. ويعد أكبر مهرجانات الفنون في فرنسا وأكبر مهرجانات السينما الدولية في العالم من حيث الكم والكيف معاً عرض في الافتتاح الفيلم الأمريكي "شيفرة دافنشي" إخراج رون هوارد الذي وصفته "نيوزويك" مطلع العام بأنه "فيلم 2006" وأعلن المهرجان مبكرا عن عرضه في الافتتاح خارج المسابقة حسب التقليد الذي وضعه مهرجان كان وكذلك بالنسبة لفيلم الختام الذي يعرض خارج المسابقة أيضا.

الضجة التي أثارتها رواية دان براون منذ صدورها عام 2003 وباعت عشرات الملايين من النسخ بلغات مختلفة أثارها الفيلم أيضا حيث تزعم ان المسيح عليه السلام تزوج مريم المجدلية وأنجب منها سارة التي تم تهريبها إلي فرنسا وان صوفي الشخصية الرئيسية التي تعمل في الشرطة الفرنسية عام 2003 هي آخر سلالة سارة ابنة المسيح وان هناك جماعة سرية تحفظ السر وان الكنيسة الكاثوليكية تعمل علي قتل كل من يحاول إفشاءه.

وقد لجأ دان براون الذي أصدر أول أعماله عام 1998 وكانت "شيفرة دافنشي" رابع رواياته وأكثرها نجاحا بل أصبحت من أكثر الكتب رواجا في التاريخ إلي محاولة إقناع القاريء بحكايته الخيالية عن طريق دمج وقائع تاريخية وأوصاف لأماكن حقيقية وذكر لأسماء شخصيات حقيقية منها ليوناردو دافنشي الذي استخدم اسمه في العنوان علي أساس انه وضع شيفرات في عدد من لوحاته مثل "العشاء الأخير" و"موناليزا".. تشير إلي سر زواج المسيح والمجدلية.

ويضع براون كل المعلومات الحقيقية والاستنتاجات الخيالية في سلة واحدة علي لسان شخصية عالم أمريكي يسميه روبرت لانجرون متخصص في دلالات الرموز التاريخية والدينية.

ولاشك ان رواية من الروايات البوليسية المشوقة المكتوبة ببراعة حرفية عالية تنم عن موهبة أدبية تستفيد كثيرا من المونتاج السينمائي ومن فكرة الدمج بين الروائي والتسجيلي وهي فكرة سينمائية أساسا وصل بها إلي الذروة الكاتب الايطالي أمبرتو ايكو في "اسم الوردة" منذ أكثر من 25سنة وتأثر بها عدد كبير من كتاب العالم ومنهم كتاب مصريون وعرب.

وقد ترجمت الرواية إلي العربية في بيروت عام 2004 ولكن صودرت من الأمن العام بناء علي طلب مركز الاعلام الكاثوليكي في لبنان. وكما ارتفعت أصوات الكاثوليك والمسيحيين عموما ضد الرواية ارتفعت ضد الفيلم أيضا حتي قبل أن يعرض وكان قد أعلن عن عرض الفيلم في مصر ابتداء من أمس 17مايو وعرضت المقدمة الإعلانية علي 8 شاشات في القاهرة والاسكندرية وفجأة منعت المقدمة قبل اسبوع من الموعد المقرر. وقال مدير الرقابة ان الفيلم لم يصل إلي الجهاز التابع لوزارة الثقافة ليمنع أو يعرض!!

ورغم ان الفيلم يعرض من اليوم علي آلاف الشاشات في أوروبا والصين واليابان ومن الغد في أمريكا وكندا. إلا ان شركة كولومبيا سوني التي توزعه لم تعرضه أية عروض خاصة ولا حتي لأصحاب دور العرض التي يعرض بها ومعني هذا ان الفيلم يعرض من دون نشر ولا مقال واحد عنه بأي لغة من اللغات. ولأول مرة في تاريخ مهرجان كان الذي يحتفل بالدورة ال 60 العام المقبل قررت إدارته عرضه عرضا خاصا في الثامنة والنصف مساء الثلاثاء للصحفيين الذين وصلوا عشية الافتتاح وأدي ذلك إلي وصول عدد كبير منهم إلي المهرجان لحضور ذلك العرض الأول في العالم بالمعني الحرفي للعبارة. وقبل 30 دقيقة من بدء العرض كانت قاعة كلود ديبوس التي اقيم بها "ألف مقعد" كاملة العدد حيث شاهده كاتب هذه السطور. ومن الجدير بالذكر ان الموسيقار الفرنسي كلود ديبوس أحد الشخصيات التي يذكر براون في روايته انها كانت من قيادات احدي الجمعيات السرية التزم الجميع الصمت طوال ساعتين ونصف الساعة هي مدة عرض الفيلم ولم يغادر أحد القاعة ولكن بعد العرض لم يصفق ولا حتي فرد واحد بل وتعالت بعض صيحات السخرية والاستنكار انه فيلم 2006 فكما كانت الرواية هي رواية 2003 ولاتزال تطبع بالملايين سيشاهد الفيلم الملايين ولو من باب الفضول ونتيجة الحملة الدعائية الهائلة التي سبقت العرض وخاصة مع افتتاح مهرجان كان ومن ناحية أخري فهو أحدث أفلام أحد كبار مخرجي هوليوود الفيلم الثامن عشر لرون هوارد الذي ولد عام 1955 وأخرج أول أفلامه عام 1977 ومن بينها تحفته "أبوللو13" عام 1995 وأحدثها "سندريللا مان" عام 2005 ويشترك في تمثيله أحد أكبر نجوم هوليوود "توم هانكس" في دور روبرت لانجرون ونجمة السينما الفرنسية اودري تاتو في دور صوفي وسير ايان ماكلين والفريد مولينا وجان رينو وبول بيتاني.

"شيفرة دافنشي" ليست من الأدب العظيم وكذلك فيلم رون هوارد ليس من السينما العظيمة انه ضجة كبيرة حول لاشيء مع الاعتذار لشخصية شكسبير فكما لايمكن كتابة رواية أو فيلم "ويسترن" "كاوبوي" عن الموت ومشاكل ما بعد الواقع "الميتافيزيقا" لايمكن كتابة رواية أو فيلم "بوليسي" عن حياة المسيح عليه السلام أو تاريخ الكنيسة الكاثوليكية أو حتي عن الجمعيات السرية أو العلنية والمسألة هنا ليست أن تكون هناك جريمة وشرطة تطارد القاتل ففي "الجريمة والعقاب" دستوفيسكي هناك جريمة وقاتل تطارده الشرطة ولكنها ليست رواية بوليسية كما هو معروف انها ليست مسألة شكل وانما اسلوب وعلاقة مع القاريء للرواية أو المتفرج علي الفيلم. هذه رواية لاتثير التأمل وقد جاء الفيلم ترجمة شبه كاملة لرواية محض إثارة فارغة ولايخلو من السذاجة.

نشرت "نيوزويك" مطلع العام ان نجاح الرواية يرجع علي نحو ما إلي جو المؤامرة الذي ساد الرأي العام في أمريكا والعالم بعد احداث سبتمبر 2001. والرواية وكذلك الفيلم ليسا بمعزل عن جو المؤامرة بالفعل ولكنهما أيضا ليسا بمعزل عن الارتباط الذي يتضح أكثر فأكثر مع مرور الوقت بين العولمة وتأجيج الصراعات الدينية في العالم منذ قام شارون بزيارة المسجد الأقصي في سبتمبر 2000 ليحول الصراع السياسي إلي صراع ديني وقام بن لادن بعمديته في سبتمبر 2001 ليحول الصراع السياسي إلي صراع ديني وقال بوش انها حرب صليبية نعم كانت زلة لسان ولكن لها معناها.

لا تنفصل رواية دان براون وفيلم رون هوارد في محاولة تأنيس المسيح عليه السلام "أي تصويره كإنسان عادي" رسوم الكاريكاتير التي حاولت الإساءة إلي نبي الإسلام عليه السلام وارتفاع الأصوات المعادية للسامية في أوروبا والشرق الأوسط. وعلي الصعيد السينمائي جاء فيلم رون هوارد مثل العاب الفيديو في مشاهد المطاردات الصاخبة ومثل المسلسلات التليفزيونية في حواره الذي يقوم أساسا علي أسئلة من صوفي واجابات من روبرت لانجدون مع رسوم توضيحية في الخلفية "المعادل الموضوعي" بمصطلح اليوت أن تعبر الدراما بدقة عن الفكرة والدراما هنا تعبر عن فكرة تآمر الكنيسة علي البشر بنجاح. ولكن الاسلوب السينمائي ليس علي مستوي الدراما بل ان الرواية تبدو سينمائية أكثر من الفيلم. توم هانكس يبدو ضائعا بين إلحاد لانجدون في الرواية ورغبة صناع الفيلم عدم ابراز هذا الالحاد علي لسان نجم هوليودي كبير حتي لايخسر جمهوره وبول بيتنامي في دور سيلاس القاتل الابرص طغي علي الجميع وأعلن مولد ممثل من طراز رفيع.

الجمهورية المصرية في

18.05.2006

 
 

التاريخ واللغز.. لو تعلم الموناليزا ذلك

أ.ف.ب - صوفي لوتييه

لقي فيلم ''دافينشي كود'' (شفرة دافينشي) استقبالا فاترا لدى عرضه مساء الثلثاء في كان على نحو الفي صحافي قابلوه بالصمت وبعض الضحكات والصفير عشية عرضه رسميا على الجمهور. والفيلم الذي يستغرق ساعتين و٢٣ دقيقة مقتبس عن رواية دان براون التي تحمل الاسم نفسه والتي لاقت نجاحا عالميا وحققت مبيعات وصلت الى اربعين مليون نسخة، فيما حمل عليها رجال دين كاثوليك من العالم بأسره منددين بـ''الحقائق المغلوطة'' التي تضمنتها على حد قولهم. وفي الفيلم الذي اخرجه رون هاورد، يكشف توم هانكس الذي يلعب دور الاستاذ في دراسة الرموز روبرت لانغدون لاودري توتو التي تجسد الفرنسية الشابة صوفي نوفو انها قد تكون من ذرية السيد المسيح.  وتشكل هذه الذرية جوهر القصة التي تتحدث عن سر كبير اجتهدت الكنيسة لاخفائه منذ الفي عام ويدور حول علاقة مفترضة بين السيد المسيح ومريم المجدلية نشأ عنها ذرية تناسلت حتى ايامنا هذه.  غير ان هذا المقطع من الفيلم اثار ضحكا في جمهور الصحافيين الذين غصت بهم قاعة دوبوسي في قصر المهرجانات.  ولم يلق الفيلم اي تصفيق عند انتهاء عرضه بل بعض الصفير فيما صبت ردود افعال النقاد الذين استجوبتهم وكالة فرانس برس كلها في الاتجاه ذاته، وقد عبر عنه غيرسن دو كونه الناقد في صحيفة تايمز اوف اينديا بقوله ''القصة لم تكن مفهومة بشكل واضح. والجملة التي كان يفترض ان تشكل مفتاح الفيلم قوبلت بضحكات او بالأحرى بضحكات ساخرة، وهذا يلخص كل شيء''.  وقال بيتر برونيت من صحيفة ''بوسطن غلوب'' الاميركية ان الفيلم ''يكاد يكون سيئا بمستوى الكتاب. توم هانكس كان اشبه بزومبي، لحسن حظنا كان هناك ايان ماكيلان''، معتبرا ان الفيلم اضر به ''الافراط في التفخيم''.  وقد عرض الفيلم على الجمهور في افتتاح المهرجان يوم الاربعاء خلال حفلة ساهرة كان الحضور فيها اجمالا اقل تشددا من النقاد.  ولم توفر شركة كولومبيا للافلام اي وسيلة لاثارة الترقب الشديد قبل الكشف عن هذا الانتاج الضخم الذي بلغت كلفته ٥٢١ مليون دولار.  فقد وصل فريق الفيلم من لندن في قطار خاص سريع من نوع ''يوروستار'' فرحب به بحفاوة نحو ٠٠٥ من المعجبين والمارة.  وفي هذه الاثناء تواصلت التعليقات المعادية للفيلم والنداءات الى اخضاعه للرقابة ولم تقتصر على الكنيسة الكاثوليكية بل صدرت عن جهات اثارت مواقفها مفاجأة مثل مسؤولين سياسيين مسلمين في اذربيجان ولجنة الرقابة في تايلاند حيث غالبية بوذية.  واجمع عدد متزايد من رجال الدين من الفيليبين الى بيرو على التنديد بشدة بالرواية، غير ان الكنيسة ترفض في غالب الاحيان الدعوة الى المقاطعة.  وقال المنسنيور جان ميشال دي فالكو لياندري رئيس مجلس الاعلام في جمعية اساقفة فرنسا متحدثا لوكالة فرانس برس قبل عرض الفيلم على الصحافيين ''ان دور الكنيسة في هذه القضية يقتصر على اعطاء عناصر لفهم وتحليل'' الفيلم مضيفا ''انه مجرد فيلم، ثمة امور اخطر تجري في العالم''.  يذكر أن الفيلم أثار انتقادات واسعة من الجماعات المسيحية حول العالم التي ادعت أن الفيلم يهين الديانة المسيحية والكتاب المقدس وهددت باتخاذ إجراءات احتجاجية منها المقاطعة.

####

كل ضجة تصاحب «كان».. وكل «كان» تصاحبه ضجة

«شفرة دافينشي» تقسم العالم

ا ف ب - بوريس باشورز

فرشت مدينة كان يوم الاربعاء البساط الاحمر لاستقبال النجوم المشاركين في الدورة التاسعة والخمسين لمهرجانها السينمائي الدولي الذي افتتح مساء أمس الأول بعرض الانتاج الاميركي الضخم ''دافنشي كود'' (شفرة دافنشي) الذي استقبل مع ذلك بصفارات الاستهجان لدى عرضه الثلثاء على الصحافيين.  

وعمد مخرج الفيلم رون هاورد الى التقليل من شأن هذا الصدى السلبي في مؤتمر صحافي قبل عرضه في حفل الافتتاح قائلا ''لم اقرأ أي نقد، ربما في كتابات نقدية اخرى نلقى أوصافا أخرى أكثر ايجابية''.  وكان الفيلم الذي يستغرق ساعتين و٢٣ دقيقة استقبل بصمت مطبق وصفارات استهجان وضحكات ساخرة لدى عرضه للمرة الاولى على الصحافيين مساء الثلثاء قبل بدء عرضه يوم الاربعاء في فرنسا والخميس في باقي انحاء العالم.  والفيلم مقتبس عن رواية دان براون التي تحمل الاسم نفسه لاقت نجاحا عالميا وحققت مبيعات وصلت الى اربعين مليون نسخة، فيما حمل عليها رجال دين كاثوليك من العالم بأسره منددين بـ''الحقائق المغلوطة'' التي تضمنتها على حد قولهم.  وفي الفيلم يكشف توم هانكس الذي يلعب دور الاستاذ في دراسة الرموز روبرت لانغدون لصوفي نوفو التي تجسدها الفرنسية الشابة اودري توتو انها قد تكون من ذرية السيد المسيح.  وتشكل هذه الذرية جوهر القصة التي تتحدث عن سر كبير اجتهدت الكنيسة لاخفائه منذ ألفي عام ويدور حول علاقة مفترضة بين السيد المسيح ومريم المجدلية نشأ عنها ذرية تتناسل حتى يومنا هذا.  ومن الفيليبين الى البيرو اثار الفيلم غضب العديد من رجال الدين حتى ان كاهنة انكليزية بدات اليوم صلاة لمدة ٢١ ساعة امام درج قصر المهرجانات في كان احتجاجا على عرضه.  الا ان توم هانكس يرى انه لا ينبغي اخذ ما جاء فيه على محمل الجد موضحا في مؤتمر صحافي ''انه فيلم ترفيهي وانتاج تجاري ولن يغير راي اي شخص في تراثه'' الديني والروحي.  وقد جعل هذا الجدل اضافة الى حملة الدعاية المكثفة من ''دافنشي كود'' الفيلم الاكثر انتظارا هذا العام، حيث لم توفر شركة كولومبيا المنتجة له اي وسيلة لاثارة الترقب الشديد قبل عرض هذا الانتاج الضخم الذي بلغت كلفته ٥٢١ مليون دولار.  فقد وصل فريق الفيلم من لندن في قطار خاص سريع من نوع ''يوروستار'' واستقبل بحفاوة كبيرة من نحو ٠٠٥ من المعجبين والمارة.  ويهدف منتجو الفيلم الى جعله واحدا من الافلام صاحبة أعلى الايرادات هذا العام، ليخلف الجزء الثالث من ''حرب النجوم'' و''هاري بوتر وكاس النار'' مع ٩٤٨ مليون دولار للاول و٢١٨ مليون للثاني العام ٥٠٠٢.  وبعد مرور اعصار دافنشي بدأت أمس الخميس المسابقة الرسمية التي لا يشارك فيها هذا الفيلم والتي تتضمن فيلم البريطاني كين لوش ''عندما تهب الرياح''.  من جهة اخرى انتشر نحو الف من رجال الشرطة لضمان الامن في شوارع كان التي يزيد عدد سكانها ثلاثة اضعاف خلال ايام المهرجان الاثنى عشر منتقلا من ٠٧ الف الى ٠٠٢ الف نسمة وتتضاعف خلالها ايضا الجنح والجرائم الصغيرة مثل السرقة والنشل استنادا الى احصائيات الشرطة.  ومثل كل عام تم حظر المرور تدريجيا في شارع ''لا كروازيت'' الشهير على شاطئ البحر لاستقبال السيارات الفاخرة التي تقل النجوم وكبار الشخصيات الى قصر المؤتمرات، حيث ينتظر ايضا قيام تظاهرات صغيرة مثل التظاهرة الرمزية التي تنظمها اليوم لجنة تريد التذكير بانه ''اضافة الى افتتاح المهرجان فان يوم ٧١ مايو/ أيار هو ايضا اليوم العالمي للدعوة الى المحبة بين البشر''. وسبق حفل افتتاح الدورة ٩٥ للمهرجان الذي يعتبر من أكثر الاحتفاليات السينمائية شهرة في العالم هبوط مخرج الفيلم رون هوارد وممثليه توم هانكس وأودري توتو من فوق الدرج المفروش بالسجاد الاحمر في قصر الاحتفالات.  وهبط الدرج الشهير ممثلون سينمائيون آخرون وهم كيت بلانشيت وبينلوبي كروز وماريان فيثفول وبروس ويلز وهالي بيري وإيثان هوكي وجوليت بينوشي وبوب هوسكينز.  واختار المدير الفني للمهرجان تيري فيرمو ٠٢ فيلما من ٣١ دولة للمنافسة على السعفة الذهبية لافضل فيلم وهي أفضل جوائز السينما التي تحظى باحترام في العالم.  ووصف اختيار هذه المجموعة هذا العام على أنه ''تجديد'' مع التأكيد على ما وصفه ''الاجيال الشابة'' من صناع السينما.

الوقت البحرينية في

18.05.2006

 
 

محمد رضا عن "شفرة دافنشي" 

افتتح الممثل الأمريكي المخضرم سيدني بواتييه مساء أمس الدورة التاسعة والخمسين لمهرجان “كان” السينمائي الدولي  وكان الحشد الذي أمّ حفل الافتتاح أمس تبلور عن فئات من الصحافيين والنقاد الذين يريدون معرفة الى أي مدى يذهب “شيفرة دافنشي” في موضوعه. هل حقاً يتبنّى ما جاء في رواية دان براون من أن السيد المسيح عليه السلام تزوّج من مريم المجدلية وأن الكنيسة الكاثوليكية تعرف ذلك ولا تجهر بالحقيقة؟ وكيف يتبنّاه؟ وهل هو مقنع في حجّته أم مذنب في الإقدام على موضوع يجب أن يبقى مُصاناً من العبث الهوليوودي؟

الحشد تدافع لاحتلال أماكنه في الصالة الكبرى ومتابعة فيلم مؤسس على سرد حكاية تشويقية ذات مواقع بوليسية. ليس لأن هناك مدير البوليس الفرنسي الذي عليه أن يعرف أسرار جرائم بشعة أولها يُرتكب في متحف اللوفر نفسه، بل لأن صياغة الرواية هي أساساً تشويقية بطلها المحاضر الأمريكي في “علم الأيقونات” (ليس هناك علم رسمي بذلك) الذي يؤديه على الشاشة توم هانكس.

مرة أخرى يتم تجيير موضوع  مهم في صياغة تجارية جدلية بعشرات الملايين من الدولارات، كما في تحقيق عمل ليس في رسالة فكرية او بحث ديني او اجتماعي او من أي نوع بل محاولة توظيف ذلك الموضوع الساخن في فيلم أسخن. “شيفرة دافنشي” هو الشيفرة التي تعمل عليها ستوديوهات السينما في هوليوود: اسبق الغير لشراء حقوق رواية حققت رواجاً كبيراً وكرر عناصر ذلك الرواج في عمل مصوّر. وببساطة لو أن القصة كانت مؤيدة للمفهوم السائد لدى الفاتيكان وتناصره، ونالت مثل هذا الرواج لسارعت هوليوود لنسخه في فيلم يعكس ذات الموقف المؤيد. المسألة تجارة واضحة ولو أن نقد الفاتيكان والمؤسسة الكاثوليكية ككل أمر أكثر تردداً لأسباب يطول شرحها.

توم هانكس، بطل هذا الفيلم يؤدي شخصية المحاضر الأمريكي الذي يستعين به البوليس الفرنسي لكشف الجريمة حين وقوعها. في بقية الفيلم عليه العمل لكشف المسؤولين عنها (الفاتيكان ومجرم يستخدمه الفاتيكان لتنفيذ مآربه وهي إبقاء السر دفيناً) وعليه أيضاً حماية نفسه والمعاونة الفرنسية “توتو” من المجرم الذي يعمل بإيمان كامل بضرورة تنفيذ تلك التصفيات خدمة للدين.

إنه موضوع شائك وتوم هانكس يدرك ذلك لكنه على الشاشة يسعى لعكس شخصية يمثّلها كما يمثّل أي شخصية أخرى. إنه “بزنس” عليه أن يؤديه على أفضل وجه. هذا الموقف ليس غريباً على المخرج رون هوارد. هذا الفيلم، كأي من أفلامه السابقة، “بزنس” عليه أن يؤديه على أفضل وجه أيضاً.

الخليج الإماراتية في

18.05.2006

 
 

"شيفرة دافنشي"

اخراج: رون هوارد

تشويق أمريكي (فيلم الافتتاح)

تقييم الناقد: * 

كم كان فيلم الافتتاح رديئاً؟ الى درجة أن معظم المتحدّثين ذكروا أنه نال انتقادات لاذعة وواسعة بين النقاد الفرنسيين حتى من قبل خروج الصحف. لتبيّن أن ما أشيع كان صحيحاً وفوقه آراء عدد آخر من النقاد الأمريكيين.

المشكلة في فيلم رون هوارد واضحة للعيان: اقتباس أمين جداً لا ل 400 صفحة من الكتاب تقريباً، بل لمنحاه في السرد. الشخصيات على الشاشة لا تتنفس طبيعياً. الحوار جامد والحركة خشبية والمساجلات طويلة. الفيلم في عدد من مشاهده يقترب من المسلسلات الاذاعية التي كانت تقدّم لتجييش الرأي العام فتنضح مخيلة الكاتب بحوارات طويلة ووعظية ومباشرة تحوّل كل المعطيات الى نوع من الدروس تُلقى ولا تُتداول. يُبت بالأمر قبل أن يوافق المستمع عليه.

أتخيّل أن الوحيد الذي كان سعيداً بما كتب هو كاتب السيناريو (أكيفا جولدسمان) لأن كاتبا محدود القدرة على صياغة اقتباس جيّد من رواية ما يستطيع أن يكون سعيداً بما كتب. لكن المخرج رون هوارد شريك في جريمة هذا الفيلم: كيف يمكن له، وهو الذي تقدّم بضع خطوات عن مستواه العادي حين أخرج “رجل الساندريلا”، أن يتراجع الى مستوى العمل بالتزام نص هزيل كهذا؟ كيف له، وهو الذي جاء من صف الممثلين وعادة ما أدار الممثلين جيّداً، أن يخفق في تحريك الجامد من الأداء؟ الكيمياء بين الممثلة توتو وتوم هانكس مفقودة. التجانس في الحركة والايقاع والأداء بينهما معدوم.

وحين تتكلم فإنها مثل ذلك الذي عليه طرح السؤال البديهي حتى يتسنى للطرف الآخر اعادة ما قاله او الاستطراد في استرسال جديد.

الخليج الإماراتية في

19.05.2006

 
 

زياد الخزاعي عن "شفرة دافنشي"

أخذت رواية دان براون شيفرة دافنشي شهرتها المدوية باعتبارها محاججة أدبية لقضية دينية لم تحسم بعد رغم انطلاقها ـ كوشاية ـ منذ عهود قديمة، وظلت تكبر وتتضخم حكاياتها وتأويلاتها وغرائبها وأسرارها: الامر يتعلق بأبوة السيد المسيح وزواجه من مريم المجدلية، بيد ان الامريكي براون اراد تقديم مقاربة من نوع آخر، اذ داخل السيرة التأريخية للمنظمات والجماعات والخلايا الدينية التي راهنت منذ الايام الاولي للحروب الصليبية علي تنظيف البيت المسيحي من الاعداء.

من هنا ولدت حركة حراس المعبد في عام 1118 بعد عودة القدس الي المسلمين لتتداخل سطوتهم مع تسييس الدين والكنيسة، والسعي المتجدد الي السيطرة علي المدينة المقدسة بأي ثمن، قبل ان يعمد الملك فيليب الرابع يوم الجمعة 13 تشرين الاول (اكتوبر) 1307 الي اصدار قرار باعتقال جميع منتسبي هذه الخلية المسلحة واعدامهم عن بكرة ابيهم لتنتهي حكايتهم بعد جبروت طال 200 عام (هذا اليوم اصبح عيدا شعبيا لمثال اليوم المشؤوم في الغرب حيث يعتقد ان الاموات سيعودون للأخذ بالثأر) من بين الأمور التي عجلت في سمعة هذه الخلية اقدامها علي زرع وشايات دينية غريبة احداها زيجة يسوع وانجابه الآنفة الذكر، (ومثلها البطولات الخارقة لاعضائها في الوصول الي المكان الخفي للكأس المقدسة)، الا ان فتح هذه السيرة لم يغلق، وبقي اكاديميون وانثروبولجيون وبحاثة دينيون يسعون كل في اختصاصه للوصول الي السر المغلق، وكلما اقتربوا كثرت المطبات والحكايات والالغاز، واشهرها ما اشيع عن شيفرة دافنشي التي بثها في لوحاته الدينية المحملة بالرموز والمشهديات الملحمية، ما دفع كثيرا من الاختصاصيين لفك خباياها، ومنهم الكاتب دان براون وروايته التي عدت ظاهرة تجارية في عالم النشر.

لكن لنعترف: ان هذه الرواية ليست نصا دينيا جديدا، او لنقل نصا يقارب قرينا له يمتد الي حقب قديمة، وهي ليست مقولة سياسية مقولبة في نص ادبي، بل ليست إصحاحاً تاريخياً حول ابوة المسيح المذكورة. انها لعبة احداث تنطلق من تخمين الي آخر وافتراض لم يؤكد الي آخر، ومن تقول غيبي انكب علي تمحيصه وامتحان صدقيته بحاثة لا يحصون من دون ان يتوصل احدهم الي الحقيقة القاطعة. الكاتب براون ركب الموجة ـ بعد عشرات البحوث ـ مستفيدا من تأويل النميمة التاريخية التي اطلقت ذات يوم، وظلت المخيلات تنسج حولها الاساطير وخلقت لعبا ومقتنيات ارادت ان تعقد الافتراء لتحيله الي واقعة تاريخية تمس ابن الناصرة. النتيجة ان وليد براون هز سوق القراءة في كل مكان معززا تجاريته بحملة اعلامية منظمة ذات خبث غير خفي يحوز علي ارقام مبيعات وصلت ارقاما فلكية وتحولت الي معجزة تجارية، إذ أوحي في متنها ان خلاصاته هي الاقرب الي الحقيقة، وما علينا سوي انتظار منقذين من رجال الفاتيكان كي يرسموا فوق اغلفتها تبريكاتهم.

لا ريب ان قارئ شيفرة دافنشي سيسحر بتعقيد سرديتها والتباس شخصياتها الا ان الأهم من هذا، ان براون برع الي حد بعيد في صنعة الاثارة وبث الشكوك واشاعة الترقب. فان اردت قراءتها كنص بوليسي ذي متعة فهي كذلك، وان اردتها غوراً في تاريخ ديانة ورموزها فلك الحق فيها، وان استمتعت بها كفاتحة اولية لمعرفة سر ظل مغلقا لعهود وما زال، فهي لن تخيب ظنك. عليه يفهم هذا التهافت العالمي علي اقتنائها والذي أحالها الي اشهر عمل ادبي يغار منه جهابذة القرون المجيدة من كتاب الرواية.

الشيفرة المعنية لعبة معقدة ابتكرها عَلَمُ النهضة الايطالية الرسام والمخترع ليوناردو دافنشي. مفتاحها كلمة سردية لا تفتح خفايا الا عبر انتظام حروفها علي عجلات دائرية صغيرة محكمة الصنع ومعقدة الطراز. داخلها وضع صاحب الموناليزا خارطة سحرية تقود الي مخبأ الكأس المقدسة التي يعتقد ان يسوع رشف آخر قطرات نبيذه منها، قبل الوشاية به علي يد يهوذا. هذا النبيذ هو السائل السحري الذي سيدمر الخارطة ان حاول احدهم اختصار فضوله وكسرها.

تلك الكأس موجودة في لوحة العشاء الاخير الشهيرة. بيد ان الحكاية ليست في كينونة الكأس بل في موقع آخر من العمل: علي يمين يسوع هناك شخصية حالمة تجلس مائلة بحنو علي كتف حواري آخر يمكن للمتمعن ادراك ان التصاقهما غير محكم، وكأنها قطعت وتم لصقها في ذلك الموقع، الي ذلك فان سحنة الشخصية تقترب الي المرأة منها الي حواري المسيح المذكور، السر: انها مريم المجدلية وان اعدت توزيع الشخصيات ـ كما اوردها المخرج هاورد بحنكة الكمبيوتر في اقتباسه ـ ستجد انها مائلة علي كتف ابن الناصرة.. زوجها ووالد طفلتها!

هذا هو العنصر الاساسي الذي لو اخذه المرء علي حدة، فان ما تبقي من الرواية هو استكمال مطول ومفبرك للمطاردات والبحث المضني عن الكنز المسيحي. وهو بالضبط ما يؤخذ علي الفيلم الذي تحول الي فصول متعاقبة تأخذنا من التباس الي أعقد ومن موقع كنسي الي ثان، نلهث خلف البطلين عالم الرموز روبرت لانغدون (النجم توم هانكس) وصوفي نيفود (الفرنسية اودري تاتو) وسعيهما (قل قدرهما) ان يقتربا من سر الأبوة الضائع، الأول مأخوذ بكونه اصبح متمكنا من فتح المغاليق اللغوية والرسوم ـ الرموز (وهو الاكاديمي البحت) والثانية مرعوبة من ماض لا تعرف كنهه، وارتباطها الملتبس مع جدها سونسييه القيم علي ادارة متحف اللوفر! والذي سيغتاله العصابي سيراس (البريطاني بول باتني) حينما اعترض طريقه الي لوحة دافنشي الشهيرة! في احد اجنحة المتحف الباريسي. قبل قتله سيرسم سونسييه علامات ويكتب اشارات تستلف صياغاتها من تعابير دينية متوارثة، ستمكن الثنائي لانغدون ـ نيفود من ادراك خطورة (وربما خطل) اللعبة برمتها. فالسير لي تيبنك (الممثل البريطاني ايان ماكيلان) النافذ والمخاتل الذي سيستخدمهما في الوصول الي الشيفرة، في سعي شخصي لامتلاك الكأس المقدسة وسرها، مدفوعا برعاية القطب الفاتيكاني الاب ارينغروسا (الممثل الفريد مولينا) الذي صنع بدوره قاتله سيلاس (يُذكر كثيرا بشخصية كوزمودو في احدب نوتردام !).

بالطبع، كقدر تاريخي يكتب علي يد هوليوود ـ فان لانغدون سيفلت السر من بين يده ـ تحت تهديد سلاح تينك ـ ويسلمه الي صوفي علي اعتبار ان المؤشرات تثبت انها آخر ذرية السيد المسيح!! لكن هذه النبيهة ستؤكد له انها غير قادرة علي المشي فوق الماء ـ كما يسوع ـ وتردف قائلة: ربما سأنجح في قضية النبيذ الاحمر!! في ختام المطاف ـ وتحت علامات واشارات الأقدار ـ ستقود الحكاية لانغدون الي اللوفر ثانية ليقع علي مفتاح السر الثاني: رميم مريم المجدلية الذي اختفي بغموض نادر موجود تحت قدميه، وهو الواقف فوق قاعدة الهرم الزجاجي المقلوب وسط ساحة المتحف (الذي نعته المفتش الفرنسي بيزو ـ الممثل جان رينو ـ بانه خدش في وجه باريس!) ليسكب دمعة اسي علي رعونته التي كادت ان تخدش بدورها وجه حكاية الغموض المسيحية! (لا علاقة لهذه العجالة بسردها جميعها!).

افلمة هوارد ذات صفة هوليوودية تستكمل مغامراته في عقل جميل و رجل الساندريلا . بناء درامي اعتمد بالكامل علي حرفية المونتاج الذي انجزه الثنائي دان هانلي ومايك هيل في تعاونهما السادس عشر مع المخرج هاورد! وابلغ ما فعلاه هو المزج المحنك للفصول التاريخية التي تبين عناصر السر وتراكمه التاريخي والديني، وهو ما يسرد علي لسان السير تينك موضحا اياه لصوفي (وريثة ذلك السر). فالآني المعاصر سيتداخل مع المشهديات الملحمية المقاربة لاشتغالات رسامي النهضة الايطالية، انها وسيلة ايضاح سينمائية بليغة وذات سحر فاتن. لقد قاد هذا الثنائي النص المعقد الذي كتبه اكيفا غود لزمان (في ثالث تعاون مع هاورد) الذي اكتفي بساعتين ونصف الساعة فقط في الساعات الاربع التي كان ينبغي تصوير شيفرة دافنشي فيها) الي مستويات تذاكت علي المطولات الحوارية والشروحات التي كان يجب ورودها علي لسان الشخصيات القليلة، فالمعضلة كانت واضحة ان الشريط ليس استكمالا للرواية، بل هو صورة تقريبية لحدثها المركزي، والبقية هي طعوم درامية من اثارة وايقاع لاهث يجعل المتفرج العادي مشوشاً ومضطربا الي حد بعيد، من دون ان يخسر متعته في سعيه لفك الرموز العصية التي سرعان ما يفكها هاورد ليغريه بأخري وهكذا.

شخصيا وجدت الافلمة اقل قيمة فنية في الرواية، وبدا ان الاستعجال تحكم في الكثير من المقاطع ما انعكس علي اداء توم هانكس بالذات، اذ لم يقدم شيئا لافتا علي منوال فورست غامب او حتي في انقاذ الجندي رايان فتحول الي قارئ حوار رديء كما في المشهد الافتتاحي داخل قاعة المحاضرة ومشهد الباص اللندني من بين اخريات) اضافة الي غياب طلته امام الاداء اللامع للبريطاني ايان ماكيلان الذي سرق الثقل الاكبر.

لنعترف: ان الشريط الهوليوودي ليس هو المهم في ظاهرة شيفرة دافنشي بل التجاري التي ستدور حوله، فكما فعلتها هوليوود مع سلاسل حروب نجم و ستارترك والشخصيات اكس وغيرها في مجال التسليع، فان موسم الصيف الحالي سيشهد الكثير من الالعاب وبرامج الكمبيوتر والمقتنيات المتعلقة بفك تلك الشيفرة او اخريات تمزج ما بين الفضول الديني وحشرية المستهلك الحداثي الذي لا يمل من ركب موجات المغامرة حتي لو كانت حكاية افتراء واضحة المعالم. شريط هاورد سيستقطب جمهوراً حماسيا (مثلما ستستقطب هذه الايام الكنائس الخمس التي ظهرت في شريطه والتي تشهد إقبالاً سياحيا من نوع المحجات الدينية، كونها لم تكن علي خرائط معلوماتهم السابقة)، للوهلة الاولي، لكنه سريعا ما سيغيبه، فطالما شاعت حكايته القصيرة وسرها المتهافت، فان ضحكات النقاد والصحافيين التي هزت قاعة ديبوسيه في قصر السينما بالكروازيت وصفير استهجانهم بعد انتهاء الفيلم ستكونان علامتين اكيدتين علي فشل هاورد في ابتلاع لقمة دافنشي بسهولة، لم تسعفه فيها نجومية هانكس وتاتو، ولا فضائح المحاكم البريطانية التي تنظر في تهمة الانتحال التي يواجهها الكاتب دان براون علي يد زميلين له كتبا نصا توثيقيا حول تلك الشيفرة واسرارها التي كتب لها ان تظل في طي الكتمان.. ربما الي الابد!

القدس العربي في

19.05.2006

 
 

ريما المسمار

عن "شفرة دافنشي"

قبل العرض الافتتاحي، اقيم للفيلم عرضان صحافيان كانا أكثر من كافيين لاستشفاف وقع الفيلم. واذا كان هناك من يعتبر العروض الصحافية معبرة عن وجهة نظر شريحة محددة وميالة الى القسوة غالباً، فإن العرض الافتتاحي حيث يحضر أهل المهنة ونجومها ممن تربطهم علاقات عمل ودية او ديبلوماسية لم يكن أفضل حالاً. قلة خرجت من الصالة أثناء العرض، ولكن ما إن بدأت أسماء فريق الفيلم بالظهور على الشاشة، حتى بدأ الحضور بالانسحاب صمتاً من دون ادنى تحية للعمل ولو تصفيق خافت. نجوم الفيلم الذين يعتلون عادة المنصة بعيد انتهاء العرض، وقفوا بانتظار التحية ولكن الجمهور كان قد بدأ يغادر. فما كان منهم الا ان هنأوا بعضهم بعضا ومن ثم انسحبوا قبل نهاية "الجنريك"!

لم يكن الشريط على مستوى التوقعات. ولولا الجدل الذي أثارته رواية دان براون، ملهمة الفيلم ومصدره، ومازالت تثيره لما حظي الفيلم بذلك الشق الفضولي حتى الذي يدفع بالناس الى مشاهدته. قبل ساعات من الافتتاح، افترش الدرج مجموعة من الراهبات البريطانيات مع كاهن احتجاجاً على الطرح الذي يقدمه الفيلم نقلاً عن الرواية والذي ينسف ألفي عام من المفاهيم المسيحية المكرسة من ان المسيح تزوج مريم المجدلية وأنجب بنتاً منها ولكن الكنيسة قامت بطمس معالم ذلك الجانب ونفت عن المجدلية صفة التلميذة الاقرب الى المسيح. الا ان ثمة رموزا واشارات لاسيما في رسومات ليوناردو دا فنشي تبرهن ذلك بحسب الفيلم والرواية.

من الصعب ان يتخيل المشاهد هذا الفيلم منجزاً لولا الرواية والنجاح الكبير الذي حققته. فكل تلك الطلاسم والأحاجي والرسوم والتاريخ الديني التي يقوم الفيلم عليها لا تتناسب وانتاجات استديوات هوليوود. انها من النوع السردي الثقيل والتحليل الذهني غير المغري لفيلم سينمائي يتوق الى الجماهيرية. المفارقة ان الرواية وِصفت بـ "السينمائية" بفصولها القصيرة الأشبه بمشاهد سينمائية وتحولاتها الكثيرة والخيال الواسع الذي تبنى عليه وحركة شخصياتها التي لا تهدأ في مهمات بحث تتخللها مغامرات مشوقة وفي خلال فترة زمنية مكثفة. تلك السهولة الظاهرية في تحويلها عملاً سينمائياً كانت خادعة. فما رشح الى الشاشة سرد طويل لكم معقد من المعلومات طغى على كل ما عداه على الرغم من الجماليات البصرية لاماكن التصوير المتعددة في فرنسا وبريطانيا وروما والاحتمالات الجمالية التي يتيحها العمل على لوحات دا فنشي.

يبدأ الفيلم بمحاضرة يلقيها البروفسور "روبرت لانغدن" (توم هانكس) المتخصص بعلم الرموز في باريس. يقطع الفيلم بين الصور التي يحاول ان يشرح من خلالها تعدد معنى الرمز وبين مقتل "سونيير" المنتج الفني بمتحف اللوفر. لاحقاً، تقرر الشرطة الاستعانة بتخصص "لانغدن" لفهم الرموز التي نحتها سونيير على جسده بدمه النازف قبل موته. انها اشارات ورموز تقود الى البحث عن "الكأس المقدسة" التي يعتقد انها المجدلية. بينما يقود "لانغدن" و "صوفي" (أودري توتو) حفيدة "سونيير" عملية الكشف عن الرموز تلاحقهم مجموعة دينية متطرفة هدفها القضاء على أي تهديد للمعتقدات الدينية القائمة. الى المضمون السردي المعقد، يقوم الفيلم بمحاولات تفسيرية بما ينتقص أكثر من موقعه الدرامي والفني. ثمة تفاصيل غير مقنعة ليس أقلها العلاقة بين لانغدن وصوفي الخالية من اي كيمياء والتي يعزز برودها ذلك الانغماس الكلي في حوارات وتفسيرات لا تنتهي حول الرموز والمفاهيم الدينية بما لا يمنحهما فرصة للتعبير عن انسانيتهما بجملة حوار واحدة خارجة على النص الديني المرمز.

سواء أأحب مشاهد الفيلم الرواية ام لم يحبها وسوأ أقرأها أم لم يفعل، فإن ما سيخلفه عنده هذا الفيلم من انطباع هو انه فيلم قائم على التحليل الكلامي وخال من الامتاع البصري خلا مشاهد الحركة والمطاردات التي لا فضل لها على الفيلم ولا فضل للفيلم عليها، اذ يبقيان عالمين منفصلين. ولكن الأهم ان الفيلم أطاح غموض الرواية وبفكرة البازل المركبة، فلم يعد هنالك من اسرار او شكوك وانما وجهة نظر مقفلة حول موضوع يحتمل الكثير من النقاش والتأويل. بالطبع سيطغى على النقاش حول شريط رون هاورد موضوعه ولن يتوقف عن ان يكون مادة نقاش شيقة في ما يخص نظرته الاستعادية للمسيحية. ولكنه ابداً لن يكون مادة لنقاش سينمائي. في مطلق الاحوال فإن الفيلم سيطلق عالمياً اليوم ولن يكون اي نقد سلبي رادعاً عن مشاهدته. فالامر يتلخص بحجم الاهتمام الجماهيري المرتبط بالقدرة الدهائية العالية التي باتت القوة الكبرى الفاعلة في السينما اليوم.

المستقبل اللبنانية في

19.05.2006

 
 

إبراهيم العريس

عن "شفرة دافنشي"

قبل العرض الافتتاحي، اقيم للفيلم عرضان صحافيان كانا أكثر من كافيين لاستشفاف وقع الفيلم. واذا كان هناك من يعتبر العروض الصحافية معبرة عن وجهة نظر شريحة محددة وميالة الى القسوة غالباً، فإن العرض الافتتاحي حيث يحضر أهل المهنة ونجومها ممن تربطهم علاقات عمل ودية او ديبلوماسية لم يكن أفضل حالاً. قلة خرجت من الصالة أثناء العرض، ولكن ما إن بدأت أسماء فريق الفيلم بالظهور على الشاشة، حتى بدأ الحضور بالانسحاب صمتاً من دون ادنى تحية للعمل ولو تصفيق خافت. نجوم الفيلم الذين يعتلون عادة المنصة بعيد انتهاء العرض، وقفوا بانتظار التحية ولكن الجمهور كان قد بدأ يغادر. فما كان منهم الا ان هنأوا بعضهم بعضا ومن ثم انسحبوا قبل نهاية "الجنريك"!

لم يكن الشريط على مستوى التوقعات. ولولا الجدل الذي أثارته رواية دان براون، ملهمة الفيلم ومصدره، ومازالت تثيره لما حظي الفيلم بذلك الشق الفضولي حتى الذي يدفع بالناس الى مشاهدته. قبل ساعات من الافتتاح، افترش الدرج مجموعة من الراهبات البريطانيات مع كاهن احتجاجاً على الطرح الذي يقدمه الفيلم نقلاً عن الرواية والذي ينسف ألفي عام من المفاهيم المسيحية المكرسة من ان المسيح تزوج مريم المجدلية وأنجب بنتاً منها ولكن الكنيسة قامت بطمس معالم ذلك الجانب ونفت عن المجدلية صفة التلميذة الاقرب الى المسيح. الا ان ثمة رموزا واشارات لاسيما في رسومات ليوناردو دا فنشي تبرهن ذلك بحسب الفيلم والرواية.

من الصعب ان يتخيل المشاهد هذا الفيلم منجزاً لولا الرواية والنجاح الكبير الذي حققته. فكل تلك الطلاسم والأحاجي والرسوم والتاريخ الديني التي يقوم الفيلم عليها لا تتناسب وانتاجات استديوات هوليوود. انها من النوع السردي الثقيل والتحليل الذهني غير المغري لفيلم سينمائي يتوق الى الجماهيرية. المفارقة ان الرواية وِصفت بـ "السينمائية" بفصولها القصيرة الأشبه بمشاهد سينمائية وتحولاتها الكثيرة والخيال الواسع الذي تبنى عليه وحركة شخصياتها التي لا تهدأ في مهمات بحث تتخللها مغامرات مشوقة وفي خلال فترة زمنية مكثفة. تلك السهولة الظاهرية في تحويلها عملاً سينمائياً كانت خادعة. فما رشح الى الشاشة سرد طويل لكم معقد من المعلومات طغى على كل ما عداه على الرغم من الجماليات البصرية لاماكن التصوير المتعددة في فرنسا وبريطانيا وروما والاحتمالات الجمالية التي يتيحها العمل على لوحات دا فنشي.

يبدأ الفيلم بمحاضرة يلقيها البروفسور "روبرت لانغدن" (توم هانكس) المتخصص بعلم الرموز في باريس. يقطع الفيلم بين الصور التي يحاول ان يشرح من خلالها تعدد معنى الرمز وبين مقتل "سونيير" المنتج الفني بمتحف اللوفر. لاحقاً، تقرر الشرطة الاستعانة بتخصص "لانغدن" لفهم الرموز التي نحتها سونيير على جسده بدمه النازف قبل موته. انها اشارات ورموز تقود الى البحث عن "الكأس المقدسة" التي يعتقد انها المجدلية. بينما يقود "لانغدن" و "صوفي" (أودري توتو) حفيدة "سونيير" عملية الكشف عن الرموز تلاحقهم مجموعة دينية متطرفة هدفها القضاء على أي تهديد للمعتقدات الدينية القائمة. الى المضمون السردي المعقد، يقوم الفيلم بمحاولات تفسيرية بما ينتقص أكثر من موقعه الدرامي والفني. ثمة تفاصيل غير مقنعة ليس أقلها العلاقة بين لانغدن وصوفي الخالية من اي كيمياء والتي يعزز برودها ذلك الانغماس الكلي في حوارات وتفسيرات لا تنتهي حول الرموز والمفاهيم الدينية بما لا يمنحهما فرصة للتعبير عن انسانيتهما بجملة حوار واحدة خارجة على النص الديني المرمز.

سواء أأحب مشاهد الفيلم الرواية ام لم يحبها وسوأ أقرأها أم لم يفعل، فإن ما سيخلفه عنده هذا الفيلم من انطباع هو انه فيلم قائم على التحليل الكلامي وخال من الامتاع البصري خلا مشاهد الحركة والمطاردات التي لا فضل لها على الفيلم ولا فضل للفيلم عليها، اذ يبقيان عالمين منفصلين. ولكن الأهم ان الفيلم أطاح غموض الرواية وبفكرة البازل المركبة، فلم يعد هنالك من اسرار او شكوك وانما وجهة نظر مقفلة حول موضوع يحتمل الكثير من النقاش والتأويل. بالطبع سيطغى على النقاش حول شريط رون هاورد موضوعه ولن يتوقف عن ان يكون مادة نقاش شيقة في ما يخص نظرته الاستعادية للمسيحية. ولكنه ابداً لن يكون مادة لنقاش سينمائي. في مطلق الاحوال فإن الفيلم سيطلق عالمياً اليوم ولن يكون اي نقد سلبي رادعاً عن مشاهدته. فالامر يتلخص بحجم الاهتمام الجماهيري المرتبط بالقدرة الدهائية العالية التي باتت القوة الكبرى الفاعلة في السينما اليوم.

الحياة اللبنانية في

20.05.2006

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)