شفرة دافنشي ومهرجان كان
ربما
لم تنل رواية من الروايات الشعبية قدرا من الدعاية قدر ما نالت رواية
"شفرة دافنشي"، فقد ترجمت إلى عشرات اللغات، ووزعت عشرات الملايين من
النسخ، واصبح الخيال الشعبي - على الأقل في الغرب- مهيئا بدرجة كبيرة
لاستقبال فيلم سنيمائي عنها. ومنذ بدء تصوير الفيلم السينمائي الذي
يقوم بدوري البطولة فيه الممثل الأمريكي توم هانكس والفرنسية أودري
تاتو، والاهتمام يتزايد وتتسع رقعة التغطية الإعلامية ويزداد معها
الاهتمام. وأخيرا جاء الفيلم وعرض للمرة الأولى في افتتاح الدورة
التاسعة والخمسين من مهرجان كان السينمائي.. فماذا كانت حصيلة الانتظار
والترقب؟ من المعروف أن تحويل الرواية إلى سيناريو سينمائي يتطلب مهارة
خاصة، ليس فقط بسبب الحجم الكبير للرواية، ولكن اساسا، بسبب تعقدها
وتعدد شخصياتها وأحداثها وتفسيراتها الموغلة في التاريخ والفانتازيا
معا. هذا الدرس الأول الذي لا شك أن مخرجا كبيرا مثل رون هاوارد يدرك
أهميته، بدا من أول وهلة أنه نُسي أو تم تجاهله بسبب الرغبة في تقديم
الرواية إلى جمهور السينما مع المحافظة قدر الإمكان، على معظم دروبها
وشخصياتها المتعددة.
خطابي
طابع
ولا
شك أن هذه الرغبة أدت إلى تحويل فيلم يفترض أن يكون من أفلام الإثارة
والتشويق، إلى فيلم خطابي يمتلئ بالشروح التفسيرية الطويلة وبالحوار
المصطنع صنعا لشرح طبيعة الموضوع وخلفياته للجمهور الذي لم يقرأ
الرواية بالطبع. يصور الفيلم عالما سريا مفترضا له شفراته الخاصة
وبعضها لم يتوصل أحد إلى فك رموزه حتى الآن. ويقول الفيلم إن بعض
المفاتيح المهمة لمعرفة ما خفي سواء عن الصورة "الحقيقية" للمسيح كامنة
عن طريق شفرات خاصة في عدد من لوحات فنان عصر النهضة الايطالي ليوناردو
دافنشي وأهمها موناليزا والعشاء الأخير. ويصور الفيلم كيف أصبح هناك
عالم خاص سري من أتباع الكنيسة الكاثوليكية، يقيم جدارا من القداسة حول
أشياء ووقائع مشكوك تماما في صحتها العلمية تتعلق بأصل المسيح ودعوته
وتشكك في الكثير من المسلمات التي استقرت عبر القرون في أذهان
المسيحيين في العالم: سواء من الكاثوليك أو غيرهم
الإيقاع البطيء
هنا
على العكس من أفلام التشويق المثيرة، ايقاع بطئ وتكرار ممل للأفكار
ومبالغات تصل حد الهستيرية أحيانا، دون وجود أي لحظات موحية للتأمل
واستيعاب ما يحدث من تراكم معلوماتي لا يفيد كثيرا في دفع الحبكة إلى
الأمام نحو الذروة التي لا تجيئ ابدا على أي حال! المخرج رون هاوارد
الذي حقق تميزا جعله يحتل الصف الأول من مخرجي السينما الأمريكية ذات
المذاق الخاص في أفلام مثل "العقل الجميل" أو "الرجل السندريلا"، يعاني
هنا من موضوع يبدو غريبا عليه رغم شيوع روايته. هاوارد يصنع مشاهد
جميلة متقنة في حد ذاتها، إلا أنه يفقد السيطرة على ايقاع فيلمه الذي
يتجاوز الساعتين ونصف الساعة بقليل، كما تسقط منه الحبكة وتفلت خيوطها
من يده، وبديهي أيضا أنه يعجز عن السيطرة على الموضوع بسبب رداءة
السيناريو الذي يطمح إلى أن يروي كل شئ عن كل شئ في رواية دان براون
ولكن دون نجاح يذكر.
سذاجة
الحبكة
إلا
أن الفيلم الذي يجعل بطله الدكتور روبرت لانجدون - خبير الرموز- يخوض
مغامرة هائلة بين باريس ولندن واسكتلندا يتعرض خلالها للتصفية الجسدية
- لا ينجح في شد انتباه المتفرجين بل وتبدو الحبكة في كثير من الأحيان
هشة بل وساذجة. ويساهم تعدد الشخصيات وتداخلها في زيادة الاحساس
بالاضطراب من هذه الشخصيات شخصية فتاة فرنسية تدعى "صوفي" (تقوم بأداء
دورها أودري تاتو) يفترض أنها خبيرة في فك الشفرة، وهي تعمل في خدمة
الشرطة الفرنسية إلا أننا سرعان ما نعرف أن القتيل الحارس على أسرار
متحف اللوفر الباريسي- الذي يلقى مصرعه بوحشية في المشهد الأول من
الفيلم- هو جدها. بعد ذلك نعرف أنها فقدت أسرتها في حادث سيارة ونشأت
في كنف الجد الذي نعود فنعرف من خلال شرح طويل من طرف البطل، أنه لم
يكن جدها وأنها ليست "صوفي" بل فتاة أخرى تنتمي لأسرة من العائلة
المالكة القديمة! . والمشكلة أن الحوار الذي تنطق به الشخصيات يخالف
تماما الحوار التلقائي البسيط الذي أصبح مألوفا في لغة سينما اليوم،
فهو هنا واضح الإنشائية والبلاغة اللفظية مع كثير من الشروح والسرد
التاريخي الذي لا ينقطع. وقد أثار الحوار الهزيل سخرية النقاد الذين
شاهدوا الفيلم في عرض خاص مساء الثلاثاء قبل يوم من الافتتاح الرسمي،
وبوجه خاص عندما يقول هانكس لتاتو: إنك أخر حلقة من سلالة المسيح على
الأرض! واستقبل بعض الصحفيين الفيلم بعد انتهائه بصفير الاستهجان. وحتى
الدور الذي يقوم به الممثل الانجليزي الكبير السير إيان ماكلين (وهو
دور السير لي تيبينج ) لم يبدو مقنعا بل ويبدو الممثل الكبير وهو يجاهد
عبر الفيلم لجعل دوره يصل للمشاهد دون جدوى. والمفترض أنه ينقلب من
الوجه الطيب الذي يساعد البطلين إلى وجه شرير وجزء من المؤامرة الكونية
المستمرة لاخفاء الحقائق. أما تلك "الحقائق" الافتراضية فمنها أن
المسيح ليس ابن مريم العذراء، وأن مريم المجدلية لم تكن عاهرة تابت على
يدي المسيح، بل كانت امرأة فاضلة وشوهتها الكنسية في العام 591
ميلادية.
وقد
وجهت أسئلة كثيرة إلى توم هانكس في المؤتمر الصحفي الذي حضره صناع
الفيلم، معظمها بعيد عن الفيلم نفسه وبعضها يسخر منه مباشرة، بل إن
أحدهم سأله عن سر اعجابه بأيسلنده! إلا أن البديهة الحاضرة لدى هانكس
انقذته من المأزق الذي وجد نفسه فيه بينما دافع المخرج رون هاوارد عن
الفيلم قائلا إنه مجرد عمل خيالي. ويبدو دور الممثل الشهير توم هانكس
ضعيفا رغم مركزيته، فهو يبدو لنا تائها بين أدغال موضوع لا يفهمه ولا
يستطيع استيعابه. هناك عدد من مشاهد العنف والمطاردة والقتل وكثير من
سيارات الشرطة الفرنسية التي نكتشف أن أحد ضباطها العاملين في كشف
جريمة اللوفر، ضالع أيضا في المؤامرة السرية للإبقاء على لغز "الكأس
المقدس" الذي يسعى بطل الفيلم لفك شفرته! إلا أن هذه العناصر كلها
إضافة إلى تعدد الأماكن والتصوير المتميز بظلاله وتضاريسه داخل مواقع
حقيقية مثل متحف اللوفر وقصر فيليت وكاتدرائية ويستمنستر، لا تنجح في
انقاذ الفيلم من الترهل.
####
د. نجم عبد
الكريم
"أشباه
المثقفين" صفة تطلق على أدعياء الثقافة ممن يخوضون في أمور لا علم لهم بها،
وإنما يتشدقون بالمعرفة، وهم يعلمون علم اليقين أنهم يخوضون كذباً فيما لا
علم لهم به. والبعض من هؤلاء قد استمرأ تصديق ذلك الكذب وصار يطرح نفسه
كمثقف، معتمداً على كليشيهات وعناوين فاقعة في ظاهرها، جوفاء في باطنها..
والسوق العربية تعج بهذه العيّنات القشرية والمسطحة المعارف، والتي نشاهدها
ليل نهار عبر وسائط الإعلام والمؤتمرات والمنتديات التي تعقد هنا وهناك،
ويتبوأ الكثير منهم مراكز مرموقة في أجهزةٍ تُقرر فيها ـ بكل أسف ـ مصائر
الناس!!..
• أسوق
هذه المقدمة بسبب ابتلائي بالالتقاء بمثل هذه العيّنات، فهم كالتخمة حيث
تغصّ بهم طبيعة العمل الإعلامي والثقافي.. وليس من قبيل المصادفة أن المئات
من هذا النمط من ـمدّعي الثقافةـ كانوا في السنوات الثلاث الماضية يتحدثون
عن "شِفرة دافينتشي" وكأنها بحثٌ توثيقي تاريخي قام به مؤرخٌ عظيم لينسف
الأسس التي ارتكزت عليها الديانة المسيحية، وهم يرون أن (دان براون)
المسيحي الأمريكي قد أكد هذه الحقيقة، وبالتالي فإنهم كثيراً ما يرددون:
(من فمك أُدينك)، والبعض من هؤلاء ممن تنتابهم هواجس الهوس الديني، صاروا
ينظرون إلى هذه الرواية، وكأنها رمزٌ لانتصار الإسلام..
• وبسبب
سعة انتشار رواية شيفرة دافينتشي، فإن بعضاً من أشباه المثقفين يعتقد أنه
إذا لم يدلي بدلوه في محتوى أحداثها، فإن ذلك يحول دون وضعه في مصاف
المثقفين.. فصار الواحد منهم يعتبرها من أعظم الكتب التي قرأها في حياته..
وآخرون يرون فيها إنجازاً تاريخياً علمياً أدى إلى اكتشاف حقيقة هذا الزيف
الذي تقوم عليه الديانة المسيحية، وقد ساعدتهم على ذلك تهيئة الأجواء
المنبثقة من احتجاجات الكنائس ورجال الدين المسيحي على مضمون ما جاء في تلك
الرواية.
فلو كان
هؤلاء من أشباه المثقفين وأدعياء المعرفة لهم قدم راسخة في عالم القراءة،
لأدركوا أن دان براون قد اعتمد في كتابة روايته على أسلوب التشويق "SUSPENCE"
، وهو من الأساليب التي درجت عليها الكثير من المدارس الأدبية، كبوليسيات
أرسين لوبين، وسيكولوجيات شرلوك هولمز، مروراً بكتابات أجاثا كريستي،
وألفريد هيتشكوك وما شابه ذلك.
لكن
الخديعة التي أوقعت أشباه المثقفين في الفخ الذي نصبه لهم دان براون في
شِفرة دافينتشي، أنه ذكر في الصفحة الحادية عشرة من النسخة المترجمة إلى
اللغة العربية تحت عنوان (حقائق) مجموعةً من المعلومات مثل:
• جمعية
سيون الدينية ـ هي جمعية أوروبية سرية تأسست عام 1099 وهي منظمة حقيقية،
وأنه تم اكتشاف مخطوطات عُرفت باسم الوثائق السرية، ذُكرت فيها أسماء أعضاء
انتموا إلى تلك الجمعية، منهم: اسحق نيوتن، وساندرو بوتيشِلي، وفيكتور هوجو،
وليوناردو دافينتشي، ثم أورد تاريخ العثور على مخطوطات هذه الجمعية.
• كما
أشار أيضاً إلى المجموعة الأسقفية الفاتيكانية التي تعرف باسم أوبوس داى،
وهي مذهب متشدد متخصص في غسل الأدمغة، والقيام بممارسة خطيرة تعرف بالتعذيب
الجسدي الذاتي، وحدّد مقرها في إحدى جادات نيويورك، كما ذكر مبلغ تكلفة
مقرها وهو (47) مليون دولار أمريكي.
• هذه
المعلومات وغيرها والتي توحي بأنها حقائق تاريخية، تضمنت أسماء لمشاهير،
كانت هي الطُعم الذي ابتلعه المتحمسون من أشباه المثقفين لرواية شِفرة
دافينتشي، والتي بنى على ما أورده فيها من حقائق ـمزعومةـ أحداث روايته،
فانطلق من الأسرار التي احتوت عليها لوحتا الموناليزا والعشاء الأخير، لـ
ليوناردو دافينتشي، ليستمر في سرد الأحداث التي جعلت من السيد المسيح
متزوجاً من مريم المجدلية، وله منها نسل، تمثل في الشخوص الذين كان لهم
أدوار في الرواية. وبحكم الطقوس التي برع دان براون في تصويرها، إذ وُفّق
في جعل القارىء يتابعه بشغفٍ حتى النهاية، التي تمت بلقاء حفيدة المسيح
بجدّتها وشقيقها بعد أن حالت الظروف دون أن يلتقيا. والحقيقة أن نهاية
الرواية هي أقرب ما تكون إلى نهايات الأفلام الهندية، أو تلك النهايات التي
تختتم بها عادةً الأفلام العربية، أيام يوسف وهبي، وحسن الإمام، وما شابه
ذلك.
• أما ذوو
الهوس الديني من أشباه المثقفين فقد استندوا إلى حوارٍ دار في الرواية بين
صوفي وتيبينغ، والذي ورد في الفصل (58) حيث شاهدت صوفي بعض الأعمال الفنية
في قصر المؤرخ البريطاني (تيبينغ) وفيها صور ورسومات قد أثارت دهشتها،
ومنها صورةٌ لمن كان يجلس على يمين المسيح، والذي فُسّر برموزٍ معينة على
أنه امرأة في لوحة دافينتشي (العشاء الأخير) وتبين لهم أنها صبية صغيرة في
السن ويبدو عليها الورع، وهي ذات وجهٍ يتسم بالرزانة والحشمة، وشعرٍ أحمر
كثيف، ويدين مطوقتين بطمأنينة.. وهنا سألت صوفي:
• من هذه
المرأة؟!..
أجابها
تيبينغ:
ـ هي مريم
المجدلية!!
•
المومس؟!!..
أجابها:
ـ لم تكن
المجدلية كذلك أبداً، والفكرة الخاطئة هي الإرث الذي خلفته الحملة القذرة
التي أطلقتها الكنيسة الأولى.. فقد كانت الكنيسة بحاجة لتشويه سمعة مريم
المجدلية، وذلك للتغطية على سرّها الخطير في دورها!!
•
دورها؟!.
ـ كما
ذكرتُ، الكنيسة كانت بحاجة لإقناع العالم بأن النبي الفاني يسوع المسيح كان
كائناً إلهياً، ولهذا فإن أي إنجيل من الأناجيل كان يتضمن في طيّاته وصفاً
لمظاهر إنسانية فانية من حياة المسيح، كان يجب حذفه من الإنجيل الذي جُمع
في عهد قسطنطين.. لكن من سوء حظ المحررين الأوائل، كان هناك موضوع بشري
مزعج يتكرر في كل الأناجيل.. وهو موضوع مريم المجدلية.. وبكلمات أصح، موضوع
زواجها من يسوع المسيح!!
• عفواً
.. ماذا قلت؟!
ـ إن ذلك
مذكورٌ في السجلات التاريخية، لم يكن ذلك كلامي أنا.. وكان دافينتشي على
علمٍ تام بهذه الحقيقة.. ولوحة العشاء الأخير هي صرخة للعالم للفت نظرهم
إلى أن يسوع والمجدلية كانا زوجين..
• من غير
المعقول أن يدّعي أي أحد بذلك الزواج!!
ـ إن زواج
يسوع ومريم المجدلية هو جزء من حقائق وسجلات تاريخية، علاوةً على أن يسوع
كرجل متزوج هو أمر منطقي، أكثر من فكرتنا الإنجيلية التقليدية التي تقول
بأنه كان عازباً.
• لماذا؟!
ـ لأن
يسوع كان يهودياً، وقد كان العرف الاجتماعي في ذلك العصر، يحرّم تماماً على
الرجل اليهودي أن يكون أعزباً.. كما أن الامتناع عن الزواج كان ذنباً يعاقب
عليه بحسب التقاليد اليهودية، وكان واجب الأب اليهودي أن يجد زوجةً مناسبة
لابنه.. فلو كان المسيح أعزباً، لكان ذلك قد ذُكر في أحد الأناجيل، وتم
تفسير حالة عدم زواجه غير المألوفة على الإطلاق.
ثمّ قدّم
تيبينغ لصوفي صوراً للفائف البردى عُثر عليها في واحة حمادي في البحر
الميت، وهي تحتوي على سجلات المسيحية الأولى، وقرأت صوفي التالي: "رفيقة
المخلّص، هي مريم المجدلية، أحبها المسيح أكثر من كل الحواريين واعتاد أن
يقبّلها في معظم الأحيان من فمها.. وقد تضايق باقي الحواريين من ذلك،
وعبّروا عن استيائهم.. وقالوا له: لماذا تحبها أكثر منا؟!" قالت صوفي:
• هل كان
حواريو المسيح يغيرون من امرأة؟!
ـ نعم،
وبطرس تحديداً، كان يُعتَبَر خصمها، لأن يسوع فضّلها عليهم!!.. ليس هذا
فحسب، فيسوع كان يقوم بإعطاء مريم المجدلية تعليمات حول كيفية متابعة
كنيسته بعد أن يموت، وكان بطرس يُعبّر عن استيائه لأنه يقوم بدورٍ ثانوي!!
• تريد
القول أن المسيحية كانت تقوم على يد امرأة!!
ـ كانت
تلك هي الخطة، فيسوع كان نصيراً للمرأة، وكان يريد لمستقبل كنيسته أن يكون
بين يدي مريم المجدلية، وكان بطرس يعارض هذا الأمر..
• ولكن
ماذا عن سمعة مريم المجدلية؟!
ـ كانت من
سلالة ملكية، من عائلة بنيامين.. لكن الكنيسة جعلت منها تبدو كمومس، وذلك
ليمحو الدليل الذي يثبت أن عائلتها كانت ذات سلطة ونفوذ، وكما تعلمين يا
طفلتي العزيزة أن يسوع كان من عائلة داوود ـ وهو سليل الملك سليمان ـ ملك
اليهود.. وبزواجه من عائلة بنيامين ذات النفوذ، يكون قد وحّد بين سلالتين
ملكيتين.
• ولكن
كيف يمكن لسرٍ بهذه الأهمية أن يبقى مخفياً طوال هذه السنوات؟!..
ـ يا
إلهي.. إنه أبعد ما يكون عن الكتمان!!.. فسلالة المسيح الملكية هي أساس أهم
أسطورة في التاريخ ـ أسطورة الكأس المقدسة ـ لقد رُويت قصة المجدلية مراراً
وتكراراً عبر القرون بكل أنواع وأشكال الرموز والاستعارات واللغات.. إن
قصتها في كل مكان، إذا أردتِ أن تفتحي عينيك لتريها..
***
ثم تسترسل
الرواية على هذا النمط التشويقي في تناول موضوع خطير جداً يمس صميم معتقدات
الملايين من الناس حتى نهايتها، حيث تكتشف صوفي أنها حفيدة السيد المسيح.
طبعاً
الفيلم المأخوذ عن الرواية قد نزل الآن إلى الأسواق ومن المؤكد أنه سيحقق
أرباحاً خيالية، كما حققتها الرواية، التي طُبع منها ملايين النسخ، وتُرجمت
إلى معظم اللغات.. وبالطبع فإن قارىء هذه المقالة سيعتبرني غير موفق في
التناول الذي طرحته، بسبب نجاح انتشار الرواية من ناحية، وما سيثيره الفيلم
ـالذي شاهدته في لندنـ من ضجيج من ناحية أخرى.
ولكن ذلك
لا يعنيني، بقدر ما يعنيني القول:
أن من
يريد الإطلاع على مسيرة السيد المسيح والمسيحية، عليه أن يطلع على كتاب قصة
الحضارة لـ وِل ديورانت والذي تضمّن بحوثاً مكثّفة عن المسيح والمسيحية،
وذكر بالتواريخ والأدلة مؤيديها ومناوئيها، والمؤمنين بها ومُنكريها، وسلّط
الضوء على كافة الظروف المحيطة بها، وأعتقد أن فيلسوفاً بحجم وِل ديورانت
لا يقارن بـ الروائي دان براون، الذي من شأنه أن يروّج لروايته الخيالية
بعيداً عن الروح الموضوعية والحقائق العلمية.
• ثم إن
لوحة ليوناردو دافينتشي (العشاء الأخير) التي رسمها دافينتشي الأوروبي وعكس
فيها محيطه في رسم ملامح الشخصيات التي تضمنتها اللوحة، فأظهر السيد المسيح
أشقراً، أزرق العينين، وكذلك الحواريون الذين يحيطون به، فهم جميعاً ذوو
أشكالٍ أوروبية، بينما الحقائق التاريخية تؤكد أن السيد المسيح وُلد في
منطقة الشرق الأوسط ـفلسطينـ وهي تتميز بسحنات أبنائها التي تميل إلى اللون
الأسمر، أكثر من ذلك اللون الأشقر الذي رأيناه في لوحة دافينتشي!!..
• وأخيراً
أقول لقراء الرواية من أشباه المثقفين: إذا كانت مساحة الحرية في العالم
المسيحي تسمح لـ دان براون وغيره من الكتّاب والباحثين بالحديث عن السيد
المسيح، بالصورة التي قرأتموها، أو كيف أظهرته الأفلام السينمائية التي
صوَّرت حياته خلال القرن الماضي، وهذا ما يُفرح البعض منكم.. فإني أسألكم
بالله.. كيف ستكون مشاعركم تجاه أي كاتبٍ من العالم الإسلامي يحاول أن يكتب
رواية عن رموز الإسلام مما أورثه إياه التاريخ الإسلامي من قضايا وخلافات
لا زال المسلمون يتقاتلون بسببها؟!!.. والدليل على ما أقول.. هذا الموقف
المتصلب حيال الكتب التي تُمنع من المعارض، ويُحكم على كُتّابها بالتجديف
والهرطقة والزندقة؟!!..
وأنا واثق
لو أن كتاب (السيرة المحمدية) الذي ألّفه الشاعر معروف الرصافي، وكتب في
وصيته ألا ينشر إلا بعد وفاته بنصف قرن.. هذا الكتاب لو سُمح ببيعه
وتوزيعه، لقامت الحروب وأُهدرت الدماء، وصدرت الفتاوي لتضيف إلى مآسينا
الممتدة منذ أربعة عشر قرناً، مأساةً جديدة..
• لكن دان
براون، بالرغم من كل ما كتبه عن السيد المسيح في روايته، لازال يعيش في
حريةٍ تامة، ويحضر الندوات، والمحاكم، ويدافع عن وجهة نظره فيما كتبه..
بينما لا يزال سلمان رشدي، يعيش متخفياً.. لأن الذين أهدروا دم فرج فودة،
يحملون نفس العقلية التي أصدرت فتواها بإهدار دمه.. وهم أنفسهم صاروا
يهدرون دماء بعضهم البعض.. بالتفخيخ.. والأحزمة الناسفة.. حتى أشاعوا
الدمار والإرهاب في العالم كله باسم الإسلام!!..
• ما أريد
الوصول إليه هو: أن من حق دان براون وسواه أن يكتبوا ما يشاؤوا من
الموضوعات بحريةٍ تامة مستخدمين كافة الأساليب الدرامية ليطرحوا وجهات
نظرهم في رؤيتهم التاريخية للمسيحية والسيد المسيح.. ولكن ليس هناك من
مبررٍ يجعل من قراء رواية شفرة دافينتش لـ دان براون، أن يتعصبوا لمضمونها
وكأنها حقائق مسلّم بها، ليس حباً منهم لـ دان براون ولكن لكراهيتهم
الموروثة لمعتنقي الديانة المسيحية، اعتقاداً منهم أن روايةً كهذه تنسف
المرتكزات التي تقوم عليها تلك الديانة..
####
القس عبد المسيح بسيط
وسط جدل
عارم وطوفان من الانتقادات ودعوات بوقف عرضه تستعد الأوساط السينمائية
لاستقبال فيلم "شفرة دافنشي" والذي سيعرض في افتتاح الدورة التاسعة والخميس
لمهرجان كان السينمائي الدولي بفرنسا في 17 مايو 2006 قبل يومين من بدء
عرضه تجاريا في جميع أنحاء العالم، بينما يخوض المسيحيون وكثير من المؤسسات
الدينية وعلى رأسها الفاتيكان حربا شرسة ضد صناع الفيلم والمطالبة بإحجام
الجمهور عن مشاهدته في حال فشل الدعاوي القضائية المطالبة بوقف عرضه في حين
حرصت "سوني" الشركة المنتجة على أن تروج لفكرة انه مستوحى من أحداث خيالية
وانه فيلم إثارة وليس فيلما دينيا في محاولة لتليين الموقف المسيحي وتشجيع
الكاثوليكيين على التوجه إلى دور العرض لمشاهدته.
تطالب
الفاتيكان التي -يقدمها الفيلم والرواية على أنها مؤسسة دينية متسلطة زيفت
تاريخ المسيحيين وأهدرت دور المرأة- بمنع عرض الفيلم في حين يؤكد أساقفة
وقساوسة كبرى الكنائس والكاتدرائيات البريطانية أن الفيلم مبني على كثير من
الأخطاء الجوهرية ومحاولات للتشكيك في أسس العقيدة المسيحية أبرزها زواج
المسيح بالعذراء وإنجابه فتاة منها. وفي كوريا الجنوبية أثار الفيلم جدلا
واسعا حيث قدم المجلس المسيحي هناك طلبا إلى الحكومة لإصدار قرار يمنع عرض
الفيلم واتخاذ إجراءات قضائية من الشركة الموزعة لما يحويه من تشويه
للحقائق بينما أرسلت جماعة "اوبو سى دى" الايطالية الدينية في روما "6"
خطابات إلى شركة "سوني" تطلب منها مراجعة هذا الفيلم أكثر من مرة قبل فوات
الأوان والبدء في عرضه احتراما للمسيح والكنيسة.
وعادت
الراهبة "ماري مايكل" لتظهر في الصورة مجددا. وتهدد بقيادة مظاهرات تجوب
العالم وتحتشد أمام دور العرض لتمنع الجمهور من الدخول وكانت ماري 61 عاما
قد قادت مظاهرة ضد صناع الفيلم قبل أشهر دعت خلالها عليهم بعدم استكمال
التصوير قائلة: "حين أقابل الله سيعلم إنني حاول ما في استطاعتي أن أعارض
ما يفعلون" كما جمعت منظمة المجتمع الأمريكي للحفاظ على التقاليد والعائلة
وحماية الأديان
TFP
ما يزيد على 60 ألف توقيع احتجاجا على الفيلم ويطالبون شركة سوني بمنع عرضه
وتأمل
TFP
أن تصل إلى مائة ألف توقيع عبر الخطابات البريدية و
E.MALL
قبل موعد عرض الفيلم. وعندما سُئل دان بروان عن ديانته في موقعه الشخصي على
الانترنت وقيل له: " هل أنت مسيحي؟ ". أجاب مراوغاً: " ربما ليس بالمعنى
التقليدي للكلمة، أنا اعتبر نفسي دارساً لأديان كثيرة، وكلما تعلمت كثير
كان لدي أسئلة أكثر، وبالنسبة لي فالبحث الروحي سيكون عملاً متقدماً طويل
العمر".
كما وصف
دان براون الأديان جميعاً بالكذب والتلفيق (الفبركة)، فقال: " كل إيمان في
العالم مبني على تلفيق (فبركة-
fabrication).
" هؤلاء الذين يفهمون حقاً إيمانهم يفهمون القصص بشكل مجازي.إن الرمزية
الدينية أصبحت جزءاًً من الحقيقة الملفقة والعيش في هذه الحقيقة يساعد
الملايين من الناس على حل مشكلاتها وبطريقة أفضل" (ص342).
ومن خلال
روايته التي مزج فيها الحقيقة بالأكاذيب، والخيال بالواقع، نجده يمزج بين
المسيحية والوثنية والعقيدة بالأسطورة، ويحول التاريخ إلى أسرار ورموز
وألغاز، وفي ذروة حماسه لأفكاره راح يكيل الاتهامات للكنيسة الكاثوليكية في
عقائد لا تخص الكاثوليكية وحدها، بل تخص جميع الطوائف المسيحية من أرثوذكس
وبروتستانت وإنجليكان. وبهذا الصدد نذكر أهم الأساطير والأكاذيب التي جاءت
في رواية دان بروان ونناقش قضية هل تزوج المسيح:
1 –
أسطورة الكأس المقدسة والدم الملكي والنسل المزعوم: تقول هذه الأسطورة،
أسطورة الكأس المقدسة (Holy Grail)،
أنها الكأس الذي استخدمها يوسف الرامي ليجمع فيها دم المسيح التي تساقط من
جسده على الصليب. هذه الكأس كانت لها قوة إعجازية كبيرة. وفي القرن التاسع
عشر انتشرت هذه الأسطورة بصورة كبيرة وكتب عنها الكثيرون من الكتاب، وفي
القرن العشرين تم تصويرها في كثير من الأفلام الروائية. وأخيرا صدرت في
كتاب روائي باسم: " الدم المقدس، الكأس المقدسة " سنة 1982م. وفي هذا
الكتاب قدم مؤلفوه الثلاثة الأسطورة بأسلوب تقديم الحدث التاريخي في صورة
رموز وألغاز وأسرار، وحولوا دم المسيح إلى نسل للمسيح والكأس إلى رحم مريم
المجدلية، الذي حمل نسل المسيح، دم المسيح.
2 –
مملكتي ليست من هذا العالم: قال الكاتب أن المسيح من نسل داود الملكي وأنه
وريث عرش داود بمعني دنيوي حرفي، كما زعم أن المجدلية من سبط بنيامين ومن
سلالة ملكية: " كانت من عائلة بنيامين؟
3– من هو
رأس الكنيسة؟ يزعم الكاتب أن المسيح كان يعد المجدلية لتكون هي قائدة
الكنيسة ورأسها، فيقول: " وفي تلك الفترة حسب ما يذكر الإنجيل, يشعر يسوع
بأنه سوف يتم القبض عليه وصلبه قريباً, لذا فهو يقوم بإعطاء مريم المجدلية
تعليمات حول كيفية متابعة كنيسته بعد أن يموت. ونتيجة لذلك يعبر بطرس عن
استيائه حول قيامه لامرأة تحتل البطولة, يمكنني القول إن بطرس كان متعصباً
للرجال".
4 – جماعة
أخوية سيون: " رمز جماعة أخوية سيون " أدعى الكاتب أن جماعة " أخوية سيون
"، والتي أعطى لها أهمية خاصة في روايته، أنها منظمة قديمة ترجع لسنة
1099م! كله من تزييف وفبركة.
5–
الشكينة: زعم الكاتب أن قدماء المصريين عبدوا الإلهة " شكينة " كمساوية
ليهوه!!
6 –
الفاتيكان: أشار الكاتب مرات عديدة للفاتيكان كمركز القوة الدينية في
الكنيسة الكاثوليكية، بل ويرى البعض، خاصة من غير المسيحيين، في كلمة
الفاتيكان إشارة إلى كل ما هو مسيحي، بل ويراها البعض كخزانة للأسرار ويرجع
بتاريخها للعصور الأولى للمسيحية..
7 – اسم
الله القدوس يهوه: زعم دان براون أن اسم الله القدوس يهوه مأخوذ من اسم
Jehovah
المخنث والذي يتضمن الذكورة والأنوثة معاً!! والمكون من اتحاد المذكر
Jah
والاسم السابق للعبرية
Eve
فصار
Havah
!! وهذا في حد ذاته يدل على جهلة الفاضح، ومدى الفبركة والتلفيق في
ادعاءاته!!
8 –
الموناليزا وآمون وإيزيس: أدعى براون أن الإله آمون اليوناني والإلهة
المصرية إيزيس كانا يمثلان زوج إلهي في الأسطورة المصرية!!.
هل يمكن
أن يكون المسيح قد تزوج؟ زعم الكاتب ذلك وبني زعمه وادعاءه على نقطتين هما:
الأولى هي ادعاؤه: " أن يسوع كان يهودياً وقد كان العرف الاجتماعي في ذلك
العصر يحرم تماماً علي الرجل اليهودي أن يكون أعزباً, كما أن الامتناع عن
الزواج كان ذنباً يعاقب عليه بحسب التقاليد اليهودية, وكان واجب الأب
اليهودي أن يجد زوجة مناسبة لابنه, فلو كان المسيح أعزباً, لكان ذلك قد ذكر
في احد الأناجيل وتم تفسير حالة عدم زواجه غير المألوفة علي الإطلاق "!!
والثانية
هي فهمة الخاطيء لعبارة "رفيقة" والتي وردت في الكتاب الأبوكريفي المسمى
بالإنجيل بحسب فيليب، وقوله أن المسيح كان يقبل المجدلية، وخاصة كلمة "في
فمها" والتي لم توجد أصلا في المخطوطة القبطية للكتاب. وللإجابة على ذلك
نوضح: أولاً: لم يذكر العهد الجديد في أي موضع مطلقاً أن المسيح كان
متزوجاً، هذا بافتراض ناسوته، كإنسان، ولم يكن من ضمن رسالته ذلك، ولم يكن
من ترتيبه ذلك. ولم يمهد لخلافة تكون من نسله أبداً. فقد جاء الرب يسوع
المسيح لنشر ملكوت السموات في العالم أجمع، وقد أعد لذلك تلاميذه ليكونوا
شهودا له ولعمله الفدائي ولرسالته ككل.
ولو كان في نيته الزواج وإنجاب نسل ملكي، كما هو مزعوم، لكان
قد أعلن عن ذلك، بل وكان قد جهز نسله الملكي المقدس لهذه المهمة. كما ظهر
مع المسيح أمه العذراء القديسة مريم وأخوته أكثر من مرة. ولم يذكر أن له
زوجة مطلقاً. وعند الصليب سلم المسيح أمه لرعاية تلميذه الحبيب يوحنا وإذا
كان له زوجة فلماذا يتركها دون أن يسلمها ليوحنا مع أمه لتكون تحت رعايته
ورعاية أمه؟ كما أن زعمه بأن كل رجل يهودي، حسب العرف الاجتماعي في ذلك
العصر، لابد أن يتزوج فهذا ادعاء كاذب وباطل؛ فقد كان هناك عدد كبير من
الأنبياء غير متزوجين مثل ارمياء النبي ويوحنا المعمدان، بل وكانت هناك
جماعات من اليهود ترفض الزواج مثل جماعة الآسينيين في قمران، زمن المسيح.
ثانياً: فهمه الخاطيء لما جاء في الإنجيل الأبوكريفي بحسب فيليب، حيث يقول:
"ورفيقة المخلص هي مريم المجدلية, أحبها المسيح أكثر من كل التلاميذ واعتاد
أن يقبلها في معظم الأحيان من فمها. وقد تضايق باقي التلاميذ من ذلك وعبروا
عن استيائهم. وقالوا آه ," لماذا تحبها أكثر منا؟ ". قال تيبينج بالفرنسية
ثم ابتسم مشيراً إلى السطر الأول: إذا سألت أي عالم باللغة الآرامية فسيقول
لك أن كلمة رفيقة في تلك الأيام كانت تعني حرفياً الزوجة "!! وهذا الزعم
كاذب ومجرد ادعاء بلا دليل، لأن النسخة التي عثر عليها من هذا الكتاب في
مكتبة نجع حمادي مكتوبة بالقبطية وليس الآرامية، ويرى العلماء أن الكتاب
والذي كتب أصلاً في القرن الرابع كتب باليونانية، ولو أفترضنا أن الكلمة
اليونانية كانت تعني زوجة لترجمت "زوجة" وليس رفيقة. فمن أين أتى الكاتب
بالمعنى من الآرامية والكتاب لم يكتب بها؟! أما عبارة "واعتاد أن يقبلها في
معظم الأحيان من فمها"، فهي عبارة غير دقيقة، لأن المخطوطة التي وردت بها
قديمة وبها أجزاء تالفة ولم ترد فيها كلمة "فمها" على الإطلاق، فقد وردت
هكذا و"عتاد أن يقبلها في معظم الأحيان من ..."، ولم ترد كلمة معينة هنا،بل
فراغ، وقد وضع بعض المترجمين كلمة من فمها لسد هذا الفراغ، ولكن هذا غير
علمي، فيمكن أن توضع كلمات مثل " يدها أو وجهها " مثلاً، أو يترك الفراغ
كما هو. كما لا يعني التقبيل هنا الجنس، فبحسب مفهوم إنجيل فيليب نفسه
فالمسيح روح محض، ولا يمكن أن تعني قبلته سوى علامة حب روحي لا أكثر ولا
أقل. كما أن بقية النص يقول: "وقد تضايق باقي التلاميذ من ذلك وعبروا عن
استيائهم. وقالوا "آه لماذا تحبها أكثر منا؟" السؤال هنا هو، لو كانت
المجدلية هي زوجته فهل كان التلاميذ يسألون مثل هذا السؤال؟ هل يسأل لماذا
يحب زوجته أكثر من تلاميذه؟ والرب يسوع المسيح نفسه يقول، وينقل عنه القديس
بولس قوله: "من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان
جسدا واحدا" (مت19 :5، أف5 :31). لقد تضايقوا، بحسب مفهوم الكاتب، بسبب
تفضيل وليس بسبب زواج.
|