لا تعتقدُ أنك بمفردكَ
لستَ وحدكَ
أنا هنا معكَ في كلّ لحظةٍ, ومكان
تعال كي تموتَ من الخوف
وتصبح خوفاً
***
يُعتبر الفيلم الهنديّ (Darna
Zaroori Hai)
(1) المُنتج عام 2006 علامةً دالةً في تاريخ بوليوود بفضل مميزاتٍ متعددة
سوف أوضحها تباعاً في هذه الوقفة التحليلية المُتفحصة.
بدايةً, يتخيّر الرعب تيمة مختلفة عن السائد, ويقدمها في معالجةٍ درامية,
وسينمائية متطورة, ومبتكرة, ويحافظ على جمهوره بدون الانزلاق في مصيدة
جماليات الفيلم البوليوودي النمطية.
ويُسجل اختلافاً نوعياً (شكلا,ً ومضموناً) بمُقارنته مع العدد القليل من
أفلام الرعب الهندية على طول تاريخها, ومنها(كأمثلة) :
Aatma
من إخراج
Deepak Ramsay,
وإنتاج عام 2006
Ghutan
من إخراج
Shyam Ramsay,
وإنتاج عام 2007
Bhoothnath
من إخراج
Vivek Sharma,
وإنتاج عام 2008
***
ومن ثم,ّ هو واحدٌ من المُبادرات (الانطولوجية) النادرة في سينما بوليوود(2),
حيث يتكون من ست قصصٍٍ مختلفة, تحكيها سيدةٌ عجوز تعيش في بيتٍ مهجور,
ونكتشف لاحقاً بأنها شبح امرأةٍ ماتت منذ سنوات.
وقد اشتركَ ثلاثة مؤلفين في كتابتها :
Manish Gupta
Sajid Khan
Ram Gopal Varma
وأنجزها ستةٌ من أهمّ مخرجي بوليوود:
J.D. Chakravarthi
Manish Gupta
Sajid Khan
Prawal Raman
Vivek Shah
Ram Gopal Varma
تتخطى حكايات الفيلم فكرة الرعب المجانيّ, لتطرح تساؤلاتٍ عن
آليات الخوف عند البشر, مشاعر طبيعية ناتجة عن التركيبة النفسية,
الفيزيولوجية, والبيولوجية للمخلوقات الحيّة, وتُركز بشكلٍ خاصّ على فكرة
الخوف من الأرواح, والأشباح, وتتساءل عن الاعتقادات التي رافقتها منذ
بدايات البشرية, وحتى وقتنا الراهن.
وتقدم الحكايات حالاتٍ من الخوف المُبرر, أو الناتج عن الوه الذي يتحول
أحياناً إلى هزلٍ أسود, وذلك في إطار اتفاقٍ ضمنيّ بين مخرجي الفيلم,
والمتفرجين, أو لعبة مُتبادلة بين الشخصيات أنفسها, تصل في بعضها إلى
السخرية المُتعمّدة من الفيلم, والمخرج نفسه.
اعتمد بناء سيناريوهات الحكايات على التعبير المجازيّ الدارج (متُ/ماتَ/سوف
يموتُ من الخوف), وتمحورت حوله الأحداث, وذهب بعضها بعيداً, وماتت شخصياتها
(فعلاً) من الهلع.
كانت بداية الفيلم(المُقدمة) موفقةٌ تماما (من إخراج
Sajid Khan),
وفيها تتراجع الصورة (زوم سريع إلى الخلف) من فم ساتيش(Manoj
Pahwa)
المحشوّ بالطعام, ليظهر قابضاً بأصابعه على بقايا ورك دجاجة, ويجلس بمفرده
أمام جهاز التلفزيون, وقد انتهى للتوّ من مشاهدة فيلم رعب لم يُعجبه,
يُقهقه صائحاً :
ـ لم أشعر بالخوف, على العكس, كان الفيلم مضحكاً....
وكأنه يسخر من الفيلم, ومخرجه, ويُجهز المتفرج لما هو أعظم.
(ساتيش) متفرجٌ مولعٌ بأفلام الرعب, ويبحث فيها عن أقصى حالاته, ولكنه ما
يزال طفلاً كبيراً يعيش مع أمه, ويطلب منها نقوداً ليشاهد العرض المسائيّ
ل(Darna
Mana Hai),
الفيلم الجديد للمخرج(Ram
Gopal Varma)
بدايةٌ هادئةٌ تماماً لفيلم رعب, تتابعٌ مونتاجيّ بدون حركات كاميرا
مهووسة, وموسيقى متواصلة, أو مؤثرات صوتية غريبة .
كي يصل (ساتيش) إلى الصالة القريبة من بيته, يتوجب عليه عبور المقبرة
المُحاذية (المقابر المسيحية هي الأماكن المُفضلة لأفلام الرعب), تُحذره
أمه من التوقيت الغير ملائم, فاليوم الجمعة, الثالث عشر من الشهر, والقمر
مُكتمل في السماء.
يصرّ (ساتيش) على الذهاب إلى السينما, وهذه الليلة بالذات, ولتذهب الأرواح,
والأشباح إلى الجحيم .
ينتزع من أمه بعض النقود المعدنية.
المقبرة غارقة في العتمة, والألوان الزرقاء, تصحو حركات الكاميرا من
غفوتها, وتتحرك مثل أفعى, وتنتفض بعض المؤثرات الصوتية الليلية من شريط
الصوت.
يقرأ (ساتيش) على شاهدة أحد القبور :
سيلفيا مارتيس, وُلدت عام 1984, وماتت عام 2004
يضطرب, يقلق, يُحدث الموتى, يهزأ منهم, ويتحداهم بأن ينهضوا من قبورهم.
وحتى هذه اللحظة, فهم المخرج(Sajid
Khan)
أهمية الصمت كمُفردة جمالية أكثر فعاليةً من أيّ مؤثرات دخيلة, ومصطنعة كما
تُصدّعنا بوفرةٍ في أفلام أخرى تعالج نفس التيمة.
في ذاك المشهد, سوف يتوقع المتفرج بأن تظهر الأشباح فجأةً, ويعيش (ساتيش)
أقصى شهواته عن الهلع, وكما صرخ متحدياً, يسخر المخرج منه, ومن المتفرج
معا, ويضعنا في حالةٍ من المشاهدة المُربكة, بدون موتى, أو أحياء, فقط,
باستخدام إمكانيات العناصر السينمائية على الخداع, جوهر السينما نفسها.
في الدقيقة الثالثة عشر تماماً من الفيلم (تدور الأحداث في يوم الجمعة
الثالث عشر من الشهر), تظهر الموسيقى لثوانٍ.
يصل المسكين (ساتيش) إلى صالة السينما, ولا يجد أحداً فيها, هو المتفرج
الوحيد, وبعد احتسائه للمشروبات الغازية, التهامه للمأكولات المالحة,
تعليقاته الصاخبة, وسخريته من فيلم باهت, يخرج من الصالة ليعود إلى بيته,
وعليه عبور المقبرة من جديد.
لقد أمهلته الأشباح في المرة الأولى كي تمنحه الفرصة ـ ربما ـ لمُشاهدة
الفيلم الذي خاطر من أجله, فهل تعطف عليه في المرة الثانية ؟
(ساتيش) أكثر اضطراباً, وعصبيةً من قبل, يسمع أصواتاً غريبة, ويشعر بشخصٍ
ما يلاحقه, وقبل الوصول إلى الباب الحديديّ الكبير للمقبرة, يستدير, ومثل
ضربة سيفٍ حادة يظهر شبحٌ خلفه, وبتوقف قلبه عن الخفقان.
يبتهج المخرج بخداعنا, واللعب بأعصابنا المهزوزة, والضحك على أنفسنا,..
في الحقيقة, لم تكن تلك الأصوات الغريبة إلاّ قرقعة النقود المعدنية في جيب
(ساتيش), ولم يكن ذاك الشبح إلاّ ملصقاً إعلانياً كبيراً الفيلم القادم
قريباً :
Darna Zaroori Hai
نفس الفيلم الذي نشاهده .
كحال تقنية استخدام الراويّ الشائعة في الأفلام الهندية, تظهر الأشباح
المُنتظرة, فتاةٌ خطرة الجمال(Mallika
Sherawat)
ـ أتمنى بأن تكون الأشباح كلها مثلها ـ , يُرافقها فتياتٌ, وشبانٌ في رقصةٍ
شيطانية :
ـ تعالَ, ومتّ من الخوف.
تُرافق الأغنية (الوحيدة) العناوين الأولى للفيلم, مكثفةٌ, ومتقنة التنفيذ
صورةً, وإيقاعاً, تتناوب في لقطاتها الألوان مع الأبيض, والأسود في أجواء
كابوسية تختلط فيها مُمارسات السحر الأسود بشهوانية أجسادٍ (شبه) عارية.
وبنفس إتقان لعبة الخوف, تبدأ تقنيةٌ سرديةٌ (غريبةٌ) على بوليوود,
و(تغريبيةٌ) في الوقت ذاته, مرتكزة على فكرة الفيلم داخل الفيلم, والحكاية
داخل الحكاية(ألف ليلة, وليلة), لعبة مرايا يتحول فيها المتفرج إلى شخصيةٍ
في الفيلم, وشخصياته إلى متفرجين.
ويبدو للوهلة الأولى بأن الحكايات تستلهم من مرجعياتٍ فيلمية سابقة :
خمسة أطفالٍ يتجولون في غابة, بيتٌ مهجور, عاصفةٌ مفاجأة, برقٌ, رعدٌ,
مؤثراتٌ صوتية حادّة, وإضاءة متقطعة,....
وما أن يدلف الأطفال عتبة البيت, حتى يُحلق طائرٌ فجأةً, وتظهر سيدةٌ مسنة(Ava
Mukherjee),
لطيفةٌ, طيبةٌ, وحنونة,..يستغرب الأطفال من إقامتها بمفردها في هذا البيت
المُخيف, توضح لهم بأنها تنتظر خادمها(سوخيا) الذي ذهب ليبحث لها عن
الدواء.
ومن اللحظة التي سوف تبدأ بقصّ حكاياتها, نفهم بأن المخرج(Manish
Gupta)
قد اختطف المتفرج إلى وجهاتٍ مجهولة, وسوف تخدع العجوز الأطفال, وتقودهم
إلى الموت واحداً وراء الآخر.
تحكي للأطفال الخمسة ست حكايات تتمحور حول فكرة الخوف من الأشباح.
كانت حكاية (ساتيش) مُشهيات لما سوف نسمعه, ونشاهده لاحقاً.
اضبطوا أعصابكم إذاً, ولا تتهوروا كما فعل (ساتيش) الذي دفع نبضات قلبه ثمن
سخريته من الموتى, والأشباح, والفيلم الذي أكتب عنه, ومخرجيه .
في الحكاية الأولى (من إخراج
Ram Gopal Varma)
يعيش أستاذٌ جامعيّ(Amitabh
Bachchan)
بمفرده في بيتٍ صغير, وفي يومٍ ما يستقبل أحد طلبته (Ritesh
Deshmukh),
ولكنه يبدو قلقاً, شارد الذهن, يعترف بأنه يشعر بوجود أحد ما في بيته يريد
أن يحلّ مكانه, لا يصدق الطالب هلوسة أستاذه, وينصحه باستشارة طبيب متخصص,
وقبل مغادرته البيت, يشير الأستاذ بهلعٍ إلى مرآة أمامهما, ويصرخ :
ـ هناك ...
وفيها نرى لبعض الثواني انعكاس صورة الأستاذ نفسه.
حكايةٌ غارقةٌ في ألوان زرقاء مائلة إلى الفضي, وحدةٌ في المكان, والزمان
(غرفةٌ في منزل الأستاذ الجامعيّ), تتابعٌ سرديّ, ومونتاجيّ مشوّق, وأداء (Amitabh
Bachchan)
ملفتٌ حقاً من خلال انعكاس الهلع في عينيه, ارتجاف صوته, وضياع نظراته في
فراغ البيت .
فيلمٌ روائيّ قصيرٌ متكامل.
قبل بداية الحكاية الثانية, تذهب الطفلة(نيشا) إلى الحمّام, وقبل خروجها
تجده مُوصداً, .. تصرخ خائفةً.
هل تسلكَ الأحداث دروباً دراميةً مختلفة, ومتعرّجة ؟,..
تبدأ السيدة العجوز حكايتها, ومعها, سوف نتبين آليات البناء الدرامي الذي
تخيّره الفيلم, ومعرفتي اللاحقة عن اشتراك ستة مخرجين في إنجاز الحكايات,
سوف تفسر لي التباين النوعيّ بينها.
فالحكاية الثانية(من إخراج
Prawal Raman)
أكثر تشويقاً, بناءً, وتماسكاً, ولعبة الأدوار فيها متقنة إلى حدٍ بعيد.
كونال(Arjun
Rampal)
يطرق ليلاً باب بيتٍ منعزل بحجة تعطل سيارته, ورغبته بالاتصال بتقنيّ
لتصليحها.
في البيت, العاديّ جداً, تعيش فارشا(Bipasha
Basu)
بمفردها, تحكي بأن زوجها مات منذ عامين, ومع دهشة (كونال) بتعطل الهاتف,
يظهر راهول(Makrand
Deshpande)
فجأةً, يستجوبه عن تواجده في بيته, يشرح له (كونال) ما حدث, يخبره (راهول)
بأن زوجته (فارشا) التي استقبلته ماتت منذ عامين, وأمام حيرة (كونال),
قلقه, وخوفه, يفصح الزوجان عن لعبتهما, ورغبتهما بإدخال الرعب إلى قلبه,
ويدور حوارٌ بينهم فيما إذا كان يعتقد بوجود الأشباح, ومع نفيه, يقترحا
استدعاء روح ميكانيكيّ يعرفانه ليُثبتا له صحة فرضيتهما, خلال جلسة تحضير
روح الميكانيكي, يسمعوا طرقات على الباب, يخرج (راهول), ويصرخ من الرعب
عندما يجد جثة (كونال) ترتخي خلف مقود سيارة محطمة, يتبعه (كونال) من البيت
مبتسماً, ومتحدياً دهشة الزوجين, يقف بجانب جثته, ويردد ما قاله (راهول)
عندما كان يستعرض قدراته:
ـ الأرواح تحضر عندما نستدعيها, ولكن, من الصعب أحياناً إعادتها إلى
عالمها.
فيلمٌ قصيرٌ آخر, متقنٌ سينمائياً, يغلي تشويقاً, ورعبا,ً بدون صرخاتٍ,
ودماء, وأشباحاً قبيحة.
تعود الطفلة (نيشا) من الحمّام,..
بطيئة الحركة, زائغة النظرات, باهتة الملامح,..
تنضمّ إلى المجموعة.
يذهب الطفل (روهان) إلى الحمّام (احتياجاتٌ طبيعيةٌ في حالات الخوف), وهناك
يجد (نيشا) ميتة ؟
ماذا يحدثُ في هذا البيت المُخيف ؟
تقصّ السيدة العجوز حكايتها الثالثة :
زوجان يرغبا الاستمتاع قليلاً بوقتهما, زائرٌ غريبٌ(Rajpal
Yadav)
يقطع عليهما خلوتهما, يحاول بأيّ طريقة إقناع الزوج(Sunil
Shetty)
بتوقيع عقد ضمانٍ على حياته تفادياً لحوادث, وأخطاراً مفاجئة, يطرده الزوج,
يعود الغريب مرةً ثانية, يُعاند في الإقناع, يُظهر له أدواتٍ مختلفة للموت,
ومنها مسدس, يتعاركان, تنطلق رصاصةٌ طائشةٌ تقتل الرجل الغريب, وهي نهايةٌ
مُغايرةٌ تماماً لتوقعات المتفرج .
قبل الحكاية الرابعة, لنتذكر بأن الطفل (روهان) ذهب إلى الحمّام في بداية
الحكاية الثالثة, وهناك وجد الطفلة (نيشا) ميتة,...
يخرج الطفل (روهان) من الحمّام,..
بطئ الحركة, زائغ النظرات, باهت الملامح,..
ينضمّ إلى المجموعة, يُحدّق بتوجسٍ في وجه السيدة العجوز, ويلتفت نحو
الطفلة(نيشا), ويتبادلا نظراتٍ متوافقة المعنى.
تذهب الطفلة (آديتي) إلى الطابق السفلي لتشرب قليلاً من الماء (احتياجاتٌ
طبيعيةٌ في حالات الخوف).
تبدأ السيدة العجوز حكايتها الرابعة(من إخراج
Jijy Philip),
وهذه المرة بطلها المخرج
Karan Chopra
(أدى دوره
Anil Kapoor)
الذي تعب من تصوير أفلام بمواضيع عائلية, ويرغب إنجاز فيلم رعب, يسافر إلى
مدينته
Khandala
لكتابة السيناريو, وفي الطريق, توقفه فتاةٌ (Mallika
Sherawat)
تعطلت سيارتها (كانت تقف في الطريق بمفردها بدون سيارة), يُصدقها المخرج,
ويحكي لها عن فيلمه القادم, إنه حكاية فتاةٍ تعطلت سيارتها, فيُوصلها مخرجٌ
إلى بيتها, وفيما بعد يكتشف بأنها شبح فتاةٍ ميتة,... ومازال يفكر بنهايةٍ
للفيلم .
تفاجئه الفتاة بأنها شبحٌ فعلاً, فقد ماتت في نفس النفق الذي تعبره السيارة
إثر تجربة مع شخصٍ ما ركبت معه في سيارته ليوصلها إلى منزلها, فحاول
مغازلتها, وعندما رفضت, دفعها من السيارة, وتركها تموت في الطريق, واليوم
تريد الانتقام من السائق المجهول.
يرتعد المخرج هلعاً, ويموت بالسكتة القلبية.
تصرخ الفتاة دامعةً, ومتوسلة, وتكشف له عن الحقيقة.
هي ممثلةٌ طلب منها مساعده بأن تتقمص شخصية الفتاة/الشبح كي تحصل على الدور
في فيلمه القادم.
لقد أصبح المخرج نفسه ضحية لعبة تبادل الأدوار, وانطلت عليه الخديعة قبل أن
يصدقها المتفرج, وعلى عكس الحكايات/الأفلام السابقة, تجري معظم أحداث
الحكاية الرابعة في سيارة المخرج العائد إلى بيته ليكتب سيناريو فيلمه.
تعود الطفلة (آديتي) من الطابق السفلي للبيت.
بطيئة الحركة, زائغة النظرات, باهتة الملامح,..
تنضمّ إلى المجموعة.
بالنسبة للصبي(آشوو) لم تكن الحكايات السابقة مخيفة, ولهذا, سوف يذهب إلى
الطابق السفلي للبيت متحدياً (آديتي) بأنه شجاعٌ, ولا يخشى الأشباح.
في الحكاية الخامسة, يقود آجاي(Randeep
Hooda)
سيارته في ليلةٍ ماطرة, عندما يُفاجئ بامرأةٍ تقف في وسط الطريق, يخرج من
سيارته لمُساعدتها, ..يُحدق في وجهها, ويصرخ هلعاً..
في اليوم التالي, يجد نفسه في مخفر الشرطة متهماً بقتل رجل, ويرفض المُحقق
حكايته, تصل والدة الضحية إلى المخفر, فتجد (آجاي) وقد سكنته روح الفتاة,
ومن هنا تتداخل الشخصيات في بعضها, تخرج روح الفتاة من جسد (آجاي) لتسكن في
جسد المُحقق(Zakir
Hussain)
الذي يقتل والدة الضحية/الحماة التي أحرقت زوجة ابنها حيّة, ومن ثم في جسد
شخصاً آخر يركب مع (آجاي) في سيارته, متمتماً :
ـ ما يزال الأبّ على قيد الحياة, خذني فقط إلى المدينة,..
ونفهم بأن شبح المرأة المقتولة ينتقل من جسد شخصيةٍ إلى أخرى بهدف الانتقام
من العائلة التي أحرقتها حيّة.
وهو الفيلم الأكثر دمويةً, وعنفاً, وهلعاً من الأفلام السابقة, والأكثر
تداخلاً بين شخصياته.
يتساءل الأطفال عن الحكاية السادسة, تشرح لهم السيدة العجوز بأنها كانت
حكاية(ساتيش) التي شاهدناها في بداية الفيلم .
(آشوو) الطفل الوحيد الذي لم تُرعبه الحكايات الخمسة, ولكن, عندما يعرف بأن
السيدة العجوز شبحٌ, وقد تحول الأطفال الآخرين إلى أشباح, وبقي وحده في
الغرفة, يُصيبه رعبٌ حقيقي, وعلى الرغم من الكلمات المُطمئنة للسيدة :
ـ لا تخف يا صغيري .
إلاّ أنّ قلبه يخذله.
في اليوم التالي, توضح التحقيقات, والكشوف الطبية بأنّ الأطفال الخمسة
ماتوا بالسكتة القلبية بسبب حالاتٍ قصوى من الرعب .
ينتهي الفيلم.
مهلاً...
تُجبرنا العناوين النهائية المُبتكرة على المكوث في مقاعدنا, حيث تتوالى
قائمة بأسماء العاملين في الفيلم مع لقطاتٍ مختارة من كلّ حكاية/ فيلم,
تُصاحبها كلماتٌ, ومقاطع حوارية مُجتزأة تمّ مونتاجها وُفق إيقاعٍ موسيقيّ
متكرر كحال موسيقى الـ(Techno)
:
اجلسوا, هناك, هشششش, صرخت بألم, وأنتم تشاهدون العرض, ليست خمسة, لقد
استمعتم إلى ستة قصص, يجب أن تخافوا, هههه, ادخلوا, قلت لكَ, هناك رجلٌ في
هذا البيت, يلاحقني منذ ستة شهور, هناك,َ ليست خمسة, لقد استمعتم إلى ستة
قصص.
لقد تعبتُ من الكلام, ألم تتعبوا من الإصغاء ؟
لا....
(1) ـ (الخوف ضروريّ), هي الترجمة العربية المُحتملة للعنوان, وهي
مُستوحاةٌ من الترجمة الإنكليزية(Being
scared is necessary).
(2) ـ هناك مبادرةٌ أخرى في السينما الهندية, وهي الفيلم الناطق باللغة
التامولية(Aayitha
Ezhuthu)
المُنتج عام 2004 لمخرجه(Mani
Ratnam).
سينماتك في 30
يوليو 2008
|