كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

رســائل داود عبدالسيد.. التى لاتصل!

كتب عصام زكريا

عن فيلم

رسائل البحر

   
 
 
 
 

فى فيلم "أرض الخوف" يقوم يحيى المنقباوى "أحمد زكى" ضابط الشرطة الذى يتنكر ويعيش كتاجر مخدرات بإرسال رسائل إلى رؤسائه لا يقرأها أحد.

وفى "رسائل البحر"، أحدث أفلام المؤلف والمخرج داود عبدالسيد، يتلقى يحيى "آسر ياسين"، بطله الجديد، رسائل لا يفهمها من البحر.

البحر هنا، مثل السلطة العليا غير المرئية فى "أرض الخوف"، يتعامل مع البشر بالرسائل، هم يرسلون إليه وهو يرسل إليهم، ولكن فى الحالتين يعجز أبطال داود عبدالسيد عن التواصل والتخاطب مع هذه القوة العليا. "يحيى" أرض الخوف لا يجد من يفهمه أو يبوح له بالسر، ويحيى "رسائل البحر" لديه مشكلة فى التخاطب مع العالم بسبب عجزه النسبى عن النطق.  

فى لحظة حاسمة من "رسائل البحر" يقف يحيى عاجزا يائسا أمام "بوزيدون"، إله البحر الغاضب، ويسأله فى لوعة المؤمن الذى يفقد إيمانه: ".. دا غضب ولا فوضى؟!".. وهو لا يتلقى إجابة سوى زجاجة محكمة الغلق على رسالة مكتوبة بلغة غير مفهومة يفشل فى فك شفرتها رغم كل المحاولات.. ورغم أن حبيبته نورا "بسمة" تحاول أن تعيد الطمأنينة والإيمان إلى قلبه مؤكدة له أن مضمون الرسالة ليس هو المهم، ولكن المهم هو أن البحر قد أرسل إليه رسالة.. إلا أن المشاهد الأخيرة من الفيلم الذى يطرد فيه "يحيى" و"نورا" من منزلهما ولا يجدان مأوى سوى قارب صغير فى عرض البحر يتأرجح بهما وسط أكوام من الأسماك الميتة الطافية وأصوات الديناميت الذى يفتك بقلب البحر نفسه تترك لدى المشاهد إحساسا بالخوف والضياع يختفى تحت كلمات الحب والتهكم التى ينطق بها الاثنان.

نهاية "رسائل البحر" هى الأكثر تشاؤما فى كل أفلام داود عبد السيد.. وحين نضعها مع مشهد البداية، الذى يصور الزجاجة التى تحمل الرسالة تتخبط بين مياه الشاطئ بحثا عن متلق، أو قارئ أو مشاهد، قبل أن يفزع منها صياد عجوز ويستعيذ بالله العظيم مما قد تحمله من نذر شر، ثم يلقى بها مرة أخرى إلى البحر دون أن يفكر فى معرفة محتواها.. حين نضع هذه البداية مع النهاية يمكن أن نقرأ الرسالة كالتالى: هى أى شىء ولا شىء وربما كل شىء، وليس المهم مضمونها، ولكن ما يحدد مضمونها هو الطريقة التى نستقبلها بها.. مضمون الرسالة داخلنا نحن، وما الزجاجة والورقة سوى محرك للشياطين أو الآلهة بداخل كل منا.

الرسالة يمكن أن تقرأ كالتالى أيضا: الرسائل التى يتم إرسالها من "أرض الخوف" لا تصل إلى أعلى، أما هنا فالرسائل التى تأتى من البحر إلى الأرض لا يمكن فهمها.. هذه "الفوضى" تتعلق أيضا بعلاقة الفنان بعمله.. برسالته التى لا تصل إلى جمهورها بسبب "تأتأته" من ناحية، وبسبب جهلهم وعجزهم عن فك الشفرة من ناحية ثانية.

فى الحقيقة يحيلنا الفيلمان إلى علاقة داود عبدالسيد بالعالم الذى لا يمكن فهمه ولا التفاهم معه إلا عبر الرسائل الملغزة التى لا يمكن فهمها!

العلاقة بالقوى العليا فى الفيلمين هى التى تحدد طريقة وطبيعة فهمنا للعالم.. فى الفيلمين ينظر يحيى (ومن ورائه المخرج) إلى العالم من منظور دينى توراتى.. الصورة التى ترسمها التوراة والإنجيل والقرآن للعالم ودور الإنسان وعلاقته بالله ومعنى الخير والشر.

"أرض الخوف" يركز على علاقة الإنسان بالله وبالرسالة التى طلب منه أن يحملها على الأرض، وجدوى ما يفعله وما يكتبه من رسائل إلى القوة العليا.

أما "رسائل البحر" فيركز على "الرسالة" التى يسعى الأنبياء (والفنانون) إلى إيصالها للعالم من حولهم والرفض الذى تقابل به رسالتهم.. وعن العداء الذى ينشأ بين أبناء الرسالة الدينية الواحدة: يحيى وهاشم.

هذه البراءة وهذا الحب الذى يحمله يحيى لا يلقى استجابة سوى من "العاهرة" التى يتبين أنها قديسة، والتشابه واضح مع قصة المسيح ومريم المجدلية، وهو لا يلقى من هاشم سوى الرغبة فى الاستبعاد والإقصاء و"تلفيق" التهم الأخلاقية.. وهو ما يتشابه مع الواقع المصرى منذ أن عاد المصريون المهاجرون من الخليج يحملون معهم أموال البترول والأفكار الدينية المتعصبة وكراهية الفن والجمال والرغبة فى تدمير مصر الكوزموبوليتانية (الإسكندرية نموذجها) والطبقة التى تمثلها لتشييد مصر القبيحة التى نراها الآن.

وكما فى "البحث عن سيد مرزوق" و"أرض الأحلام" و"مواطن ومخبر وحرامى" يقدم داود عبد السيد الطبقة البورجوازية القديمة، سكان المبانى الإيطالية والفرنسية الطراز، الذين يقرأون الأدب، ويستمعون إلى الموسيقى الكلاسيكية والغناء الشرقى القديم، باعتبارهم التجسيد الحى لصورة مصر الناهضة فى النصف الأول من القرن العشرين، قبل أن يستولى عليها العسكر ولصوص الانفتاح.

رسالة ربما تكون قد تكررت فى أعمال سينمائية عديدة مثل "سوبر ماركت" و"زوجة رجل مهم" و"فى شقة مصر الجديدة" لمحمد خان، أو "عمارة يعقوبيان" الرواية والفيلم، ولكن تختلف عند داود عبدالسيد فى أسلوبه الذى يمزج ما بين الكونى والاجتماعى والشخصى فى نسيج فريد.. وهو هنا يصوغ هذا التزاوج بشكل أكثر تلقائية وإقناعا.

على المستوى السينمائى تظل المشكلة فى الإيقاع الذى "يتلكع" أحيانا خاصة فى النصف الأول من الفيلم كما فى المشهد الذى تترنح فيه الكاميرا فوق حوائط العمارة الإيطالية القديمة لثوان طويلة جدا، أو الحوارات المكررة بين يحيى ونورا حول مهنتها كداعرة، وكذلك المونولوجات التى كان يمكن اختزال بعضها.. ملحوظة أخرى تتعلق بالموسيقى: راجح داود هو أفضل من يقدم موسيقى تتلاءم مع أفلام داود عبد السيد، رغم أن بعضها "مقتبس" من أعمال أجنبية معروفة مثل موسيقى "أرض الخوف" المقتبسة من "حدث ذات مرة فى أمريكا" لسرجيو ليونى، أما الغريب هنا فهو أن موسيقى "رسائل البحر" مقتبسة عن موسيقى "أرض الخوف".. إلا إذا كان هذا مقصوداً لسبب فنى!

وبغض النظر عن هذه المآخذ التى لا نحب أن نراها فى فيلم بهذا الطموح، فإن "رسائل البحر" واحد من أفضل أفلام داود عبدالسيد وأكثرها عذوبة وإنسانية.

صباح الخير المصرية في

16/02/2010

 

صلاح عبد الله: جاملت داود عبدالسيد!

كتب امانى نوار 

صلاح عبدالله فنان مميز.. استطاع بموهبته أن يضع لنفسه مكانة خاصة بين النجوم.

عندما بدأ مشواره الفنى كان كل طموحه أن يكون جزءا من أى عمل ناجح.

أما الآن.. فصار هو نفسه منتهى طموح المخرجين والمنتجين.. فوجود صلاح عبدالله فى أى عمل فنى.. ضمان لنجاح هذا العمل سواء على مستوى النقاد أو الجمهور.  

صلاح عبدالله كان ضيف شرف فيلم "رسائل البحر"، ورغم صغر حجم الدور، إلا أنه ترك بصمة عند الناس، عن ذلك حدثنا وعن الأسباب التى دفعته لمجاملة داود عبدالسيد وحكايته مع أدوار الشر وأعماله التى يصورها.

·         كلمنى عن دورك فى الفيلم؟!

-لم يكن دورا بالمعنى المفهوم.. كل الحكاية كام مشهد عملتهم فى يومين حيث قدمت شخصية الحاج هاشم الذى يمثل التحول الذى حدث للمجتمع المصرى ومع أنه دور صغير إلا أننى أرى أنه كان دورا قويا ومؤثرا.

·         ألا ترى أن حجم الدور كان صغيرا؟

- أعترف أننى قبلت الدور مجاملة للمخرج داود عبدالسيد وأن حجم الدور كان صغيرا حتى إن داود نفسه كان مكسوف يكلمنى ليعرض علىّ الدور، ولكننى قبلته من أجل عيون داود واعترافا بفضله علىّ، أنا عملت معه من قبل فى فيلم "مواطن ومخبر وحرامى" وأعتبره نقلة كبيرة فى حياتى الفنية وأخذت عنه جوائز كثيرة.

وعندما عرض علىّ "رسائل البحر" لم أناقشه فى حجم الدور ولم أطلب زيادة المشاهد الخاصة بى، واعتبرت نفسى ضيف شرف فى الفيلم واجتهدت لكى يخرج الدور بشكل يرضى الجمهور. والحمدلله ردود فعل الناس والنقاد حتى الآن جاءت مرضية تماماً وأستطيع أن أقول أنه رغم صغر حجم الدور إلا أنه ترك علامة عند الناس.

·         هل أنت معتاد على قبول أدوار مجاملة لأصدقائك المخرجين والمنتجين؟

- أبدا.. أنا لا أجامل أحدا على حساب فنى وهذه التجربة هى ثانى مرة أجامل فيها أحداً، المرة الأولى كانت فى فيلم "حليم" حيث كانت مساحة الدور صغيرة ولكننى قبلته من أجل عيون الفنان الراحل أحمد زكى والمخرج شريف عرفة بحكم علاقتى الوطيدة به ولا أعتقد أننى سوف أكررها ثانية.

·     فى الفترة الأخيرة قدمت الكثير من أدوار الشر سواء كان للسينما أو للتليفزيون كما فى مسلسلات "ريا وسكينة" و"الأدهم" و"ليالى" وأخيرا "رسائل البحر" ألا تخاف من أن تحاصر داخل هذه الأدوار؟

- فعلا أنا قدمت العديد من أدوار الشر ولكن فى المقابل قدمت أعمالا خارج هذا الإطار مثل "إسماعيل يس" و"الملك فاروق" و"الدادة دودى" وقد نالت إعجاب الناس فى جميع الأحوال، ولذلك أنا لا أخاف من رد فعل الجمهور عندما أقدم أدوار الشر، لأن المتفرج ذكى وبيعرف يفصل كويس بين الممثل والشخصية التى يقدمها، وأنا أذكر أننى عندما قدمت شخصية عبدالرازق فى "ريا وسكينة" نلت إعجاب الناس وتقديرهم رغم أن الدور كان يجسد الشر بعينه.

·         ماذا يشغل صلاح عبدالله حاليا؟!

- أقوم بتصوير فيلم "الثلاثة يشتغلونها" داخل استوديو مصر والفيلم بطولة هالة فاخر وياسمين عبدالعزيز فى ثالث تعاون بينى وبينها بعد فيلم "الرهينة" و"الدادة دودى" حيث أقوم بدور والد ياسمين وهو فيلم كوميدى من تأليف يوسف معاطى.

كما أننى أقوم بالتحضير لمسلسل "الحارة" وهو من تأليف أحمد عبدالله وإخراج سامح عبدالعزيز ومن المنتظر أن يعرض فى رمضان القادم وأتمنى أن ينال إعجاب الجمهور.

صباح الخير المصرية في

16/02/2010

 

صباح الفن..

رسائل البحر يكشف: إجرام ”داود” وموهبة ”آسر” وتألق "بسمة"

كتب جيهان الجوهري

آسر ياسين مع داود عبدالسيد أداؤه مبهر مفعم بالدفء وخفة الظل، وقد وفق المخرج فى اختياره لهذا الدور الذى يحتاج لتوافر الموهبة والقبول حتى يتحمل الجمهور تهتهة البطل فى الكلام طوال أحداث الفيلم.

بسمة لعبت دورا من أجمل أدوارها على الإطلاق، فهى مع داود عبدالسيد ممثلة مختلفة جعلتنا نتعاطف معها رغم الحياة المرتبكة التى تعيشها مع زوجها التى تدفعها للاعتقاد أنها ”فتاة ليل” وليست زوجة!

بسمة منذ بدايتها حريصة على التنوع والاختلاف فى أدوار بعيدة عن شعارات ”سينما الأسرة” و”السينما النظيفة” لذلك نراها تتقدم ببطء لكن بخطوات ثابتة.

المخرجة نبيهة لطفى الجارة الإيطالية ليحيى ، لا أدرى كيف استطاع داود عبدالسيد التقاط موهبتها التمثيلية ليسند لها دورا لا ينسى .. من أجمل مشاهدها التى جمعتها بيحيى أو آسر ياسين عندما ذهب لها ليأخذ رأيها فى زواجه من فتاة الليل ”نورا” فقالت له لماذا تشترى الترام مادمت قادرا على دفع ثمن التذكرة؟!

صلاح عبدالله استطاع انتزاع الضحكات من الجمهور رغم ظهوره فى مشاهد قليلة خاصة فى مشهد مساومته ليحيى على ترك شقته ليهدم العقار ويبنى عليه برجا .. الكبير كبير يا عم صلاح مهما كانت مساحة الدور والمؤكد أن الدور المكتوب بالسيناريو أضاف لك مثلما أضفت أنت له بأدائك.

محمد لطفى يمثل منذ عشر سنوات تقريبا، لكن فى ”رسائل البحر” لعب دور عمره.

داود عبدالسيد طوع شعبان عبدالرحيم وجعله يمثل لأول مرة فى حياته من خلال فيلم ”مواطن ومخبر وحرامى”، وهذا يعنى أنه مخرج مجرم مع سبق الإصرار، مابالك وهو معه ممثلون محترفون جعلنا ننبهر بمناطق عديدة فى أدائهم لم نكن نتوقعها منهم.

تحية لداود عبدالسيد على ”رسائل البحر” فهو أعطى درسا لكل من قدم عريا وجنسا تحت مسمى أفلام جريئة .

أخيرا:

عندما شاهدت ”رسائل البحر” تأكدت أن أحمد زكى رحمه الله لم يكن يستطيع لعب هذا الدور الذى تم تصوير معظم مشاهده وسط الأمواج والأمطار، وإذا كان داود أصر على تصوير فيلمه بأحمد زكى فالمؤكد أن فيلمه كان سيجد نفس مصير فيلم ”حليم”.

صباح الخير المصرية في

16/02/2010

 

رسـائل البحـر" الصـراع مع الحيـاة

كتب هايدي عبدالوهاب 

صنع فيلم "رسائل البحر" للمخرج والمؤلف داود عبدالسيد حالة فريدة من المشاعر والأحاسيس وسط صخب الحياة.. أبرز العديد من المتناقضات فى حياتنا حملتها إلينا شخصيات عميقة الإحساس، شديدة التفاصيل.. البطل "يحيى" والذى لعب دوره الممثل الشاب آسر ياسين ذلك الشاب الذى عاش وحيدا بسبب اضطراباته فى نطق الكلام درس الطب، ولكنه لم يعمل به وفضل أن يعمل صيادا كى يبتعد عن المجتمع..يحيى نموذج للبراءة بعيدا عن شرور الحياة نموذج للتسامح وتقبل الآخر يتعلق بالأمل متمثلا فى رسالة أهداها له البحر يقابل نماذج مختلفة من البشر يسوقه القدر للتعرف عليها.. نورا (بسمة) امراة متزوجة تشعر فى قرارة نفسها بأنها "عاهرة" تستمر فى إيقاع الأذى على نفسها تطلب الطلاق، ولكنها لا تصر عليه كنوع من تعذيب الذات وتستمر فى علاقة مع يحيى الذى تحبه، ولكنها لا تدافع عن حبها.. القدر يضع (الحاج هاشم) والذى لعب دوره الممثل صلاح عبد الله فى طريق يحيى، (الحاج هاشم) رأسمالى عديم المبادئ يقود معركة يسخر فيها أساليب البلطجة من أجل شراء شقة تحمل ذكريات ليحيى ولكنها لا تمثل له سوى حفنة من المال.. محمد لطفى قدم نموذج لشاب من طبقة فقيرة يعمل بودى جارد رغما عنه لأن ملامح وجهه وعضلات جسده حبسته فى هذه المهنة، يرفض إجراء عمليه تنقذ حياته لأنها ستحرمه من ذكرياته مع أولاد حارته.. الفيلم أبرز صراعا بين البراءة المتجسدة فى يحيى وبين صراعات الحياة.. يحيى فشل فى فك طلاسم رسالة أهداها إليه البحر، كما فشل فى التعامل مع الآخرين، ولكنه يؤمن بأنها رسالة من البحر تحمل أملاً تخبره بأنه يجب أن يصارع كى يبقى وإلا تحول مصيره كمصير الأسماك التى قتلت بالديناميت.؟

صباح الخير المصرية في

16/02/2010

 

رسـائل البحـر

كتب امانى نوار

فى عالمنا هذا.. لا مكان للأحلام الوردية ولا الأمنيات البسيطة، ولا الزهور ولا الفراشات.. فالدنيا لا تجود بخيراتها إلا لمن يسرق ويخطف ويجرى، وتأبى أن تحقق الأحلام الصغيرة حتى لو كانت لقمة عيش وفراشا دافئا، فلكل شىء ثمن والدنيا كى تعطيك وتمنحك الدفء والشبع، لابد أن تسير وفق قوانينها.. قوانين الغاب وأخذ الحق بالذراع.. أما الذى يحلم ويغرق فى الرومانسية فلا مكان له فى هذا العالم، ويحكم عليه بالعيش تائها وخائفا ووحيدا..رسائل البحر.. يصور حياة مجموعة من الناس.. أحلامهم بسيطة.. يبحثون عن السعادة دون جدوى.. الأول يحلم بأن يجد من يسمعه ويحتويه، وأخرى تريد زوجا يكون لها القلب والحضن والبيت، وليس زوج "تايم شير" يأتى إليها فى المناسبات، ثم يتركها وحيدة مرة ثانية وثالثة أخذت الدنيا منه كل شىء الأصحاب والأهل والجيران ولم يتبق له سوى الذكريات، ومع ذلك تريد انتزاعها منه، وإذا رفض التخلى عنها يكون جزاؤه الموت..أحلام بسيطة، لكنها مستحيلة وكأنهم فى صراع مع الدنيا فأخذت تحاربهم بكل شراسة، فمن أراد منهم أن يعيش حرا لا يباع ولا يشترى فهو واهم!

لماذا صرنا كذلك؟ من المسئول؟ وكيف ضاعت منا السعادة وأين نجدها؟!.أسئلة بلا جواب. ولكن المؤكد أننا لم نخلق لنعيش كما نريد، فالعالم قد تغير من حولنا، وقدرنا أن نعيش ونموت وفق سيناريو محدد الأدوار ونكون أشبه بلاعبين داخل ملعب كبير.. والويل لمن يخالف قواعد اللعبة، أو يحاول تغيير دوره فلن ترحمه.. وتلك الفلسفة جاءت على لسان صاحب البيت الذى يريد طرد السكان وهدمه لبناء برج - وهو يمثل التغيير الذى حدث للمجتمع - حيث يقول: "اللى يرضى بحكم الدنيا ويمشى بقوانينها تعطى له بدون حساب.. فلوس ونفوذ وخيرات.. واللى ميرضاش يأخذ حاجات تانية متعجبوش.. واللى ميقلش آه.. يقول آآآآه! رسائل البحر.. رسائل مشفرة.. ترسلها لنا الحياة من وقت لآخر.. علينا أن نفهم مضمونها دون أن نحاول فك رموزها.. لأننا لو حاولنا.. فلن نستطيع.؟

صباح الخير المصرية في

16/02/2010

 

رسايل البحر

كتب جمال بخيت

أنا وأنت والأحلام

والبحر.. ورسايله

والحب.. وعمايله

قلوبنا مش طايلاه

وعيونّا يتحايلوا

وكأننا أيتام

ف شوارع الأيام

أو شمعتين دايبين

ف الليل بيتمايلوا

قصة وراقصة

رقصة ورا رقصة

يامفرقين قلبى

وأناماليش حصة

دا حبيبى دا.. ولا

زمن الهوى ولى

موج المواجع قام

وحير الأفهام

وكأننا أيتام

ف شوارع الأيام

أو شمعتين دايبين

ف الليل بيتمايلوا

نغم الهوى.. عصفور

طايرف بحر النور

ياحبيبى ماتسيبنيش

أحيا ف ليل مهجور

ياحلم خير وسلام

ماخلاص كفاية آلام

وكأننا أيتام

ف شوارع الأيام

أو شمعتين دايبين

ف الليل بيتمايلوا

صباح الخير المصرية في

16/02/2010

 

ما هى «رسائل البحر »؟

كتب   رامى عبدالرازق

أول ما يقفز إلى ذهن المتفرج فى هذا الفيلم هو سؤال: أين هى رسائل البحر؟

فنحن لم نر سوى رسالة واحدة موضوعة فى زجاجة يصطادها «يحيى» مكتوبة بحروف لاتينية لكن بلغة غريبة ليست معروفة لكل الجنسيات التى تعيش فى مدينة الإسكندرية التى لا تزال تحتفظ بطابع كوزموبوليتانى عتيق، والحقيقة أن هذا الفيلم يحتاج إلى أفق ذهنى ووجدانى متفتح وحر، فنحن أمام قصة عادية عن طبيب شاب مصاب باللعثمة الكلامية يقرر بعد وفاة أهله أن يعود لمسقط رأسه فى الإسكندرية يمارس عملا لا يحتك فيه بالناس كصيد السمك، ويتجول بحرية تاركا نفسه لتيار الحياة، لكن فى مقابل تلك اللعثمة الكلامية والبراءة المغلفة بفطرة طفولية نجد النماذج الإنسانية شديدة الثراء متعددة الدلالات بداية من أسمائها وصولا لقصصها الحياتية وتدفقها الحياتى والكلامى.

مع تصاعد العلاقات وتشابكها بين «يحيى» وتلك الشخصيات، نكتشف أننا أمام رسائل البحر الحقيقية، فكل علاقة تفصح عن رسالة إنسانية أو شعورية أو وجدانية يتلقاها البطل، وبالتالى نتلقاها معه، ومن هنا يصبح لعنوان الفيلم صلة وثيقة بمضمونه بل يصبح للفيلم ولعلاقاته وشخصياته مضمون أكثر عمقا من مجرد التلقى السطحى.

السيناريو فى البداية يخلق شبه حالة توحد مع البطل من خلال الصوت الداخلى الذى نسمعه للشخصية تعلق به على ما يحدث لها وكأنه يتحدث إلى نفسه أو إلينا بشكل يمكن أن نعتبره صوتاً مضاداً للراوى العليم.

أى أنه لا يروى ولا يعلم ولكنه يتساءل ويبحث ويرصد أكثر مما يحكى أو يعرف، وكلما أفرزت علاقته مع إحدى الشخصيات المحيطة به «رسالة» ما زادت تساؤلاته وحيرته، فـ«يحيى» يكتشف أن كارلا حبيبته الإيطالية القديمة وجارته فى بيت العيلة تحولت إلى امرأة سحاقية وتقبل اختيارها، بينما نجده مع «فريدة» التى ظهرت فى حياته كـ«مومس» يرفض وضعها لأنه أحبها، وتصبح الرسالة التى تأتى على لسان والدة كارلا (إذا أحببت الآخر فتقبله وإذ لم تستطع فاتركه لكن لا تحاول أن تغيره).

بينما نجد علاقته مع قابيل البودى جارد تتسم بذلك التساؤل الوجودى الرهيب (هل يقوم بعمل العملية ويفقد ذاكرته وبالتالى يموت الآخرون بالنسبة له ويتحول هو إلى آخر بالنسبة لهم؟)، أما أزمته مع صاحب البيت (الحاج هاشم) الذى يريد إخراجه من الشقة من أجل هدم العقار فهى أشبه بمواجهة الإنسان لغول الزمن الذى لا يبقى على شىء.

إذن نستطيع أن نتصور لماذا لم يكن من المهم أبدا أن يفسر يحيى رسالة البحر.. فكما قالت له فريدة فى النهاية «يكفى أنها رسالة من البحر لك».

يعيدنا عبدالسيد بصريا إلى كثير من موتيفات عالمه، فكما كان «يوسف» فى «الكيت كات» ينام فى بطن المركب ويترك نفسه للتيار، نرى «يحيى» فى نفس الوضع ومن نفس الزاوية العلوية لكنه مع «فريدة» التى تشاركه الإبحار العشوائى فى بحر الحياة.

نحن لسنا أمام قصة «يحيى» التى يرويها أو يعلق عليها، بل أمام مشهد روائى متعدد الأصوات التى تنطلق فى الفيلم لكى نسمعها نحن، والرسائل تكتب لكى توجه إلينا. 

المصري اليوم في

17/02/2010

 

داوود عبدالسيد فى ندوة «المصرى اليوم»:

«رسائل البحر» عن العلاقات الإنسانية.. ويوجد تيار منظم يحاول إفساد السينما

أعدت الندوة للنشر   نجلاء أبو النجا

داوود عبدالسيد واحد من مخرجى الثمانينيات الذين صنعوا الموجة السينمائية الجديدة بأفلامهم المهمة ذات المستوى السينمائى الراقى، ومنذ قدم فيلم «مواطن ومخبر وحرامى»، يعود المخرج الكبير بعد سبع سنوات بفيلم «رسائل البحر» الذى يختلف تماما عن أفلامه السابقة، بل يعتبر نقلة فى مشواره السينمائى المهم خاصة على مستوى الصورة المبهر ورسم الشخصيات الثرى بالتفاصيل الإنسانية.

كيف بدأت معك فكرة الفيلم، ولماذا تأخر سبع سنوات حتى يخرج للنور؟

- الفكرة كتبتها عن طريق علاقة وجدانية بحتة مع شخصيات داخلى أردت أن أعبر عنها وأتعايش معها، فالفيلم حكاية أحبها وشخصيات أريد أن أوضحها، وشعرت بشحنة داخلى تدفعنى للتعبير عن هؤلاء البشر وكيف يعانون فى المجتمع وكيف يواجهون المشاكل ويحبون أنفسهم ويتصالحون مع ذواتهم، وكيف يتصرف معهم القدر وبصراحة، لم يكن لدى هم اجتماعى أو سياسى بل مجرد أحاسيس وجدانية فقط، وسبب تأخر تنفيذ الفيلم مشكلات إنتاجية بحتة، فلم تكن هناك جهة متحمسة لإنتاجه حتى تحمست «الشركة العربية» ووزارة الثقافة، ولولاهما، ربما لم يكن الفيلم رأى النور حتى الآن.

لماذا اخترت الإسكندرية مكانا لأحداث الفيلم؟

- لأنها مدينة شديدة التكامل فى السحر والإبداع والشاعرية والصور الجمالية بالإضافة إلى أنها ملتقى حضارات وأديان، وعندما أعبر عن التسامح الدينى والثقافى فيها لن يكون الامر مبالغاً فيه.

ألم يتسبب تأجيل الفيلم لسنوات فى عدم معاصرة الأحداث للوقت الحالى؟

- هذا الفيلم بالذات يمكن عمله بعد عشر سنوات أو قبل عشر سنوات، فعنصر الزمن فيه غير محدد، وأنا أتكلم عن مشاعر وأحاسيس انسانية لا تتغير، فالانسان هو الانسان مهما اختلف الزمن، وقد جاءتنى تعليقات غريبة مثل أن الفيلم لا يوجد فيه موبايلات ولا تليفونات، فضحكت لأن الموبايلات أصبحت سمة فى أفلامنا حتى إن لم يكن لها ضرورة درامية، وهذا خطأ فنى واضح.

رسالة الفيلم يطغى عليها الطابع الفلسفى، فهل تعمدت وجود أكثر من مستوى للتلقى؟

للأسف الناس تعودوا على أن يدخلوا الأفلام ليخرجوا بمضمون أو مورال، وهذا خطأ كبير، فليس من المعقول أن نلخص كل مسرحيات شكسبير مثلا فى عدة نقاط ونختصر إبداعها الفنى، ودور الفن أن يقدم عملاً عميقاً ويتركك تكتشف هذا العمق بنفسك مثلما تشاهد البحر وتشعر أنك تريد أن تعرف ما فى أعماقه، وفى «رسائل البحر» أحكى عن شخصيات وأقدار، وعلى الناس اكتشاف المعنى والشعور فيه، وأعتقد أن العلاقات الإنسانية هى مضمون الفيلم، وليس شيئا آخر.

هناك بعض الاراء ترى أن جماليات الصورة فى الفيلم أعلى من مضمونه؟

- أنا لا أوجه رسائل مباشرة، وإذا اعتبرنا المباشرة هى المضمون فماذا نستفيد عندما نسمع الموسيقى التى تخلو تماما من اى رسالة موجهة، والذين يريدون رسائل واضحة ومواعظ مباشرة عليهم متابعة نشرات الاخبار فهذا أفضل لهم وأكثر مباشرة، ولا أعتبر الكلام عن أن صورة الفيلم أو شكله أعلى من مضمونه لان فى السينما الشكل هو المضمون، والمضمون هو الشكل.

ترشيح آسر ياسين للدور الذى كان سيجسده الراحل أحمد زكى، هل تعتبرة مجازفة خاصة أن أى مقارنة مع احمد زكى تكون خاسرة؟

- بصراحة شديدة شخصية «يحيى» تناسب آسر ياسين أكثر، وإن كان المشروع فى السابق قد طرح بينى وبين أحمد وهذا ليس معناه أن يكون هناك خوف من عمل ممثل آخر للدور، واحمد زكى كان عملاقا فى التمثيل وقيمة لا يستهان بها، لكنه ليس (سقف ) التمثيل، وهو كممثل له أفلام جيدة وافلام أخرى غير جيدة مثل أى شخص، ولا أخاف من فكرة المقارنة.

دور البطلة جرىء جدا، فهل وجدت صعوبة فى اختيار ممثلة للدور فى ظل سيطرة تيارات السينما النظيفة؟

- للأسف الشديد نحن نعانى من أزمة سيطرة تيارات بعينها على السينما وعلى أفكار الممثلين، وأنا من جيل لم يكن عنده عقد على كل المستويات السينمائية سواء فى الإخراج أو التمثيل، لكن أجد تيارات منظمة تحاول افساد السينما ومهاجمة أى ممثلة تقبل دوراً فيه بعض الجرأة، رغم أن الحكم الأخلاقى على الممثلة لا يجب أن يتحدد وفق دور حتى لو كان جريئا، فهذه سذاجة غير مقبولة لأنها فى النهاية ممثلة، والمفروض أننا لدينا الوعى الكافى للفصل بين أخلاق الإنسانة والدور، وللأسف نحن فى حرب بين جبهة المحاربين للفن المنظمة، وجبهة التيار التنويرى العشوائية، وأنا شخصيا سأدافع عن حريتى ولا أنكر أن هناك أزمة فى الممثلات، لكن بالنسبة لدور «نورا» الذى لعبته بسمة لم أجد فيه مشكلة وكنت مقتنعاً ببسمة تماما.

قدمت فى الفيلم مشاهد حميمية، وعبارات جريئة بالإضافة غلى علاقة شذوذ صريحة بين فتاتين، ألم تتوقع هجوما حادا؟

- لماذا تثير هذه المشاهد أزمة أو هجوما، بينما لا تثير مشاهد أكثر خطرا من وجهة نظرى مثل مشاهد العنف والدم والإسفاف والتفاهة نفس الهجوم، والإجابة هى أن المجتمع أصبح يعانى من عقدة الجنس أو ربما الكبت الجنسى، فكل ما يتعرض من بعيد أو قريب للجنس أو للعلاقات نهاجمه دون وعى، وهذا رد فعل مرضى، يدل على أننا أصبحنا لا نفكر إلا فى الجنس، وفى الفيلم، لا أجد مشاهد حميمية بالمعنى الصريح إلا مشهد قبلة «نورا» و«يحيى» فى مدخل المنزل ولها ضرورة درامية، ومشهد الشذوذ بين الفتاتين كان شديد النعومة وإيحائيا، وفكرة الشذوذ لها مبرر درامى قوى فقد فضلت الفتاة الإيطالية علاقتها الشاذة مع فتاة أخرى حتى تتمرد على حبها لـ«يحيى» الذى يربطها بمصر خاصة أنها تريد العودة إلى إيطاليا.

لماذا بررت العلاقة غير الشرعية بين «يحيى» و«نورا» فى حين حرمت العلاقة الشرعية بينها وبين زوجها؟

- مبدأ التحليل والتحريم لا أتطرق اليه، ولا أتدخل فى الدين أو أناقشه إطلاقا، لكن باختصار شديد هناك معنى مهم فى هذه العلاقات المتشابكة هو أن الزواج على أسس خاطئة خطير جدا وأى شىء لا يتم على أسس صحيحة هو أقرب إلى الحرام، فالرجل الذى يتزوج دون وجود أسس إنسانية أو مشاعر أو علاقة صحيحة مع زوجته يعيشان زواجا خاطئا وخطيرا جدا، فأى شىء حتى لو كان فى ظاهره سليم شرعا وقانونا، لن يكون صحيا طالما يفتقد فى جوهره الأسس الإنسانية.

شخصية «قابيل» التى لعبها محمد لطفى تبدو إسقاطا على حكاية قابيل وهابيل، والندم على أول حادث قتل فى التاريخ، هل هذا صحيح؟

لا أحب ربط الأسماء بحكايات، فلو كان اسم الشخصية «خالد» هل كان سيتم الربط بين توبة الشخصية عن القتل وبين حكاية قابيل وهابيل؟ بالتأكيد لا، وهدفى من شخصية «قابيل» رفض مبدأ العنف والقتل والدم واستخدام القوة البدنية مهما كانت متوفرة، وهذا هدف أعمق من فكرة الاسم.

بداية علاقة البطل بالبطلة حيث يذهب كل يوم تحت منزلها ليسمع فقط موسيقى تعزفها دون أن يراها أو يعرفها، بناء يتجاوز الخيال إلى المبالغة؟

- قد يكون خيالاً بالنسبة للبعض لكن هذا السلوك مناسب تماما لشخصية «يحيى» الشاب الرومانسى الحالم عاشق الموسيقى، فهو طفل كبير وبرىء، ويجد فى الموسيقى متعته، وقد لا يكون هذا السلوك غير مناسب لشخص آخر غيره، و الخيال مطلوب مادام مناسباً للشخصية.

كلام «يحيى» الموجه للبحر : «إنت إديتنى رزق وأنا مش محتاج ودلوقتى بتحرمنى، ليه؟»، و لجوئه له فى السراء والضراء، وحالة المناجاة المستمرة، جعلتك تضفى صفة الألوهية على البحر. لم أقصد أن البحر هو الله أو الرب، ولنقل أن البحر قوة كونية عظمى أو رمز من رموز قوة الطبيعة، وقد فوجئت قبل التصوير أن الرقابة تطلب منى فى مشهد مخاطبة «يحيى» للبحر أن ينظر للبحر مباشرة، وألا يوجه نظره إلى السماء حتى لا يفهم أنه يتحدث مع الله، ووقت التنفيذ صورته وهو يخاطب البحر وجعلت نظرته حائرة غير محددة.

فى آخر مشاهد الفيلم، ووسط آلاف الأسماك المقتولة بفعل الديناميت، ظهر البطل والبطلة فى مركب اسمه «القدس»، فهل للاسم مدلول سياسى؟

- قد يكون خطأ غير مقصود منى أن أترك اسم المركب يظهر، ولكن أنا مع الحرية وكل شخص حر فيما يفهمه، فهناك من رأى أن القدس تسبح وسط الديناميت والعنف، وهناك من لم يلتفت للموضوع، وعموما الفن وجهات نظر وتذوق وإحساس يختلف من شخص لآخر.

بعض الآراء ترى أن هذا الفيلم هو الأفضل فى تاريخك، هل توافق على هذا الحكم؟

- أنا شخصيا لا أستطيع أن أقيم نفسى، فكل عمل هو تجربة حياة بالنسبة لى، وإذا أعجب البعض الفيلم لدرجة أنهم رأوه الأفضل بالنسبة لى فهذا رأيهم، ولا أعتبر ذلك ظلما لأعمالى السابقة لأنى أعتبرها جميعا أولادى.

المصري اليوم في

17/02/2010

 

سنارة «داود»

طارق الشناوي

في لقطات شديدة الدلالة يقدم «داود عبدالسيد» بطل الفيلم «يحيي» الذي أدي دوره «آسر ياسين» وهو يصطاد السمك بالسنارة يحصل علي رزق قليل العدد لكنه حلال بينما الحاج «هاشم» صلاح عبدالله ينزل إلي نفس البحر ليصطاد السمك بالديناميت ويحصد ربما 20 كيلو في الضربة الواحدة.. يغتال الحياة ليكسب هو علي جثث السمك والبشر!!

أري «داود عبدالسيد» مثل «يحيي» في علاقته بالسينما فهو لا يغتصب لا الفكرة ولا السيناريو ولا يبحث عن معادلات خارج النص ليقدم مشروعه السينمائي.. يضع كل شحنته الإبداعية في أعماقه تنضج علي النيران الهادئة للزمن وتخرج بعد ذلك علي الورق تنتظر أن تتنفس في مناخ سينمائي خال من أوكسجين الإبداع ولكن أفكاره أبداً لا تختنق وأبداً لا يفقد طموحه ولا يرفع راية الاستسلام المطلق لما يفرضه السوق.. «داود» تخرج من معهد السينما قبل 43 عاماً الدفعة الثالثة التي واجهت الحياة في عام النكسة 67 عدد أفلام «داود» 7 أفلام روائية فقط لا غير.. من خلال هذه الأفلام صنع عالمًا خاصًا به مع أول أفلامه «الصعاليك» وتتابعت بعد ذلك «الكيت كات»، «أرض الخوف» وصولاً إلي «رسائل البحر».. تستطيع أن تقرأ حال «داود» علي الخريطة وهو يحمل سنارته في خضم ما يجري شركات إنتاج لها أجندة تجارية ونجوم لهم شروط متعسفة بينما هو لا يمكن سوي أن يكون نفسه.. وأحياناً أسأل نفسي هل لو أن المناخ الفني صحي أكثر كان من الممكن أن يصبح إنتاج «داود» أفضل وأغزر.. لدي قناعة أن الله عندما يخلق الموهبة يمنحها أيضاً القدرة علي المقاومة تنبت لها أسلحة لحمايتها حتي تتمكن من تقديم رسائل إبداعية تحملها في أعماقها.. المبدعون الكبار أمثال «داود» لا يمكن سوي أن نراهم باعتبارهم حاملي رسائل فنية دورهم هو توصيلها إلي الناس.. فيلمه قبل الأخير «مواطن ومخبر وحرامي» قدمه قبل 9 سنوات ولكن رغم كل ذلك تأتي الرسالة في موعدها تماماً وبلا تأخير حتي لو تغيرت اختياراته للأبطال وللقضايا التي يتناولها.. تتابع علي فيلم «رسائل البحر» أسماء أكثر بريقاً وموهبة وتاريخ وحرفية كان المرشحون الراحل العظيم «أحمد زكي» وبطل المصارعة العالمي «كرم جابر» والنجمة «هيفاء وهبي» ورغم ذلك فإن النجاح ليس بتوفر عدد من الكبار المشاهير في العمل الفني ولكن بتفاعل كل العناصر وهكذا جاء «آسر» و«بسمة» و«لطفي» تناغموا في حالة من الكيميائية نادرة الحدوث.. أنا موقن تماماً أن ما نراه معوقات ظاهرية تثبت الأيام أنها تلعب لصالح العمل الفني والفنان.. وهكذا انتصر «داود» حامل السنارة علي مفجري الديناميت!!

الدستور المصرية في

17/02/2010

 

تاه الجمهور بين سطوره وأمواجه أصابته بالملل

«رسائل البحر» تكسر النص المألوف لدى المشاهد المصري

القاهرة- دار الإعلام العربية 

بعد غياب دام أكثر من سبع سنوات، وبعد آخر أفلامه »مواطن ومخبر وحرامي«، يعود المخرج داوود عبدالسيد إلى جمهور شاشة السينما هذا الموسم بفيلم من تأليفه وإخراجه، وبدعم من وزارة الثقافة المصرية، بالتعاون مع الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائي؛ وهو فيلم (رسائل البحر).

 (رسائل البحر)، فيلم يحمل »تيمة« مختلفة على مسامع الجمهور المصري الذي اعتاد في الأيام الأخيرة موجة من أفلام الكوميديا والعنف التي سادت الموسم السينمائي الأخير، فهو يقدم وجهة نظر شديدة الصعوبة على المشاهد البسيط، حيث قدمها المخرج بشكل فلسفي عميق جدا، وهي فكرة التحرر من قيود تبعية الأهل نحو الحرية المفرطة، من خلال شخصية يحيى، التي أداها الممثل الشاب آسر ياسين، حيث يترك يحيى منزل أسرته بعد وفاة والديه.

وسفر أخيه الوحيد، ويذهب ليعيش في شقة صغيرة قديمة كانت أسرته تعيش فيها في مدينة الإسكندرية قبل انتقالها إلى القاهرة، ومن خلال جارته الإيطالية يبدأ يحيى استعادة ذكرياته وخلق حياة جديدة، يحاول فيها التأقلم مع الآخر، واتخاذ قراراته بنفسه بعيدا عن وصاية الأبوين اللذين أجبراه على دراسة الطب على الرغم من حبه الموسيقى، ما وضعه في عزلة نفسية مع المجتمع من حوله.

وانعكست هذه العزلة من خلال تلعثمه المتواصل في الحديث مع الناس، عدا نفسه التي يتحدث إليها بكل سهولة ويسر؛ فنراه يجرب كل شيء حرم من مزاولته أثناء وجود والديه، يتردد على بار ويشرب الخمر محاولا التمرد على كل التعاليم التي فرضها عليه والداه، ويحاول البحث عن هوايته في الصيد الذي يعزله عن الناس، إلا قلة منهم يقتحمون عالمه رغماً عنه، ويحاولون فرض وصايتهم عليه من جديد، كل حسب أسلوبه، فنرى نورا، بسمة، التي تدخل حياته دون سابق إنذار، وتعرفه بنفسها على أنها فتاة ليل تبيع الهوى لمن يدفع أكثر.

وتحاول نورا إزاحة الأفكار الطفولية عن عقل يحيى، وربطه بالواقع المحيط به مهما كانت درجة رفضه هذا الواقع، وتخيره إما أن يقبلها بفعلتها أو يتركها للأبد، ويستسلم لها يحيى ويقبل بهذه الحياة المشينة لكرامة أي رجل؛ كون نورا مثالا للحرية لديه، ويعاود يحيى من جديد البحث عن هوايته، عندما يسمع أصوات موسيقى تخرج من نافذة أحد المنازل التي يدمن بعد ذلك التردد عليها ليستمع إلى ما يعزفه هذا المجهول خلف الستائر، ومع الوقت نكتشف أنه منزل نورا صديقته المتزوجة من رجل ثري يقضي معها بعض الليالي كل شهر تحت مسمى زواج المتعة، ولم تجد نورا عزاء لها إلا أن تطلق على نفسها لقب »عاهرة ولكن بعقد«.

أما يحيى الذي يمضي متجولا بين الشوارع يبحث عن حياة جديدة حرة ترضي رغباته فيصطدم بذكريات ماضيه مع جارته الإيطالية كارلا التي لا تجد متعتها إلا في حياة الغواية، على حسب تعبيرها، مع امراة أخرى لتتبادلا الحب في شقة يحيي، وتنقطع الصلة بين يحيي وكارلا بعدما يصطدم بالتغيير الذي أصابها، ليعود فجأة إلى نورا التي تختفي وسط الأحداث لدرجة أن المشاهدين في صالة العرض أغفلوا وجودها.

وتعود من جديد لتواصل ما انقطع مع يحيى، الذي هو مثال للرجل الطفل عندها، والذي يحمل من البراءة والسذاجة ما يجعلها تقرر أن تؤلمه بين الحين والآخر لتحكي له بعضا من مغامراتها مع الرجال أو الزبائن كي ينضج تفكيره وتكثر خبراته، إلى أن يقررا أن يغوصا معاً في باطن البحر دون الاهتمام بما ينتظرهما من مآسي الدنيا.

الفيلم ببساطة يستعرض قضايا اجتماعية عدة تعاني منها بعض الفئات في مجتمعنا المصري والعربي، وهي قهر رغبات الأبناء وسيطرة الآباء دون مجادلة أو نقاش لما يفضله أبناؤهم، وكثير من المشكلات النفسية التي يعانيها الأبناء طوال حياتهم، يكون السبب الأول فيها معاملة الآباء لهم، وكبح شهوة التمرد والاختيار والابتكار بداخلهم، كما جاء على لسان نورا أكثر من مرة أن على يحيى أن يرضى بواقعه كما هو دون أية محاولة منه لتغيير هذا الواقع أو الجدال فيه.

وشخصية نورا ما هي إلا امتداد غير مباشر لشخصيتي والديه اللتين تحرر يحيي من سلطاتهما عليه بعد وفاتهما، وكأن على الإنسان أن يفقد انتماءه لعائلته ليثور على نفسه ويتحرر من قيود الطفولة، فيحيى يفضل الوحدة التي رافقته بعد فقدان أهله على أن يبقى مقيدا للأبد برابط أسري يلف عنقه، بل أصبحت هذه الوحدة تساوي لديه حرية لا حدود لها افتقدها طوال حياته.

عمد المخرج وكاتب الفيلم إلى تغريب السيناريو وفكرة الفيلم، فلم يفصح عنها مباشرة، ولا عن أية فكرة أخرى حملها الفيلم، لكن انصب اهتمام المخرج نحو تصوير جمال البحر في مدينة الإسكندرية التي احتلت أكثر من نصف الأحداث، وجعلت زمن الفيلم يزيد على الساعتين، إضافة إلى مشاهد لعمارات قديمة تراثية لا تمت للفيلم بأية صلة سوى إضاعة وقت الجمهور الذي بدا قلقاً في صالة العرض من إطالة المشاهد المقحمة على الفيلم، ومن الأداء البارد لمجموعة العمل على رأسهم الممثلة بسمة (نورا) التي لم تعطنا أي إحساس بالدور.

فوجهها منذ بداية الفيلم حتى نهايته يقف عند تعبير واحد دون سواه، أما آسر ياسين (يحيي) فحدّث ولا حرج، يمتد به مشهد مع محمد لطفي (قابيل) الذي قابله مصادفة في أحد البارات واقتحم حياته دون استئذان، وقد أغرق هذا المشهد صالة العرض في الضحك عندما تكلم يحيى بشكل طبيعي ومتواصل دون تلعثم، وبعد لحظات تذكر أن الشخصية تستدعي منه التلعثم في الحديث فصحح مساره.

دون أن ينتبه المخرج لذلك، أما محمد لطفي فهو كعادته بصوته الأجش وعضلاته المفرودة على الجميع، وحركات كتفه تغطي شاشة العرض فلا يسع المشاهدين سوى الاستمرار في الضحك والسخرية وتعزية أنفسهم على ثمن التذكرة الذي دفعوه ليشاهدوا مجموعة من المشاهد العشوائية، التي أسهمت في إنتاجها الملايين التي دفعتها وزارة الثقافة للمشاركة في إنتاج هذا الفيلم.

الفيلم: «رسائل البحر»

بطولة : آسر ياسين - بسمة - محمد لطفي

تأليف وإخراج : داوود عبدالسيد

إنتاج وتوزيع: الشركة العربية للسينما

مدة التصوير: 8 أسابيع

سنة العرض: 2010

البيان الإماراتية في

17/02/2010

 

داود عبد السيد .. الغربة تحاصر آبطالي !

حوار: محمد كمال

يعتبر داود عبدالسيد واحدا من أهم المخرجين في مصر، أفلامه لها طابع خاص يفضل ألا يقوم بتفسيرها تاركا للجمهور حرية التفكير والخروج بما يقصده حسب وجهة نظرهم، في فيلمه الأخير »رسائل البحر« قدم قصة حب معقدة جمعت بين »يحيي« الذي يعاني من اضطراب في التحدث وفتاة الليل »نورا« وشخصيات أخري تعاني من المرض والوحدة والاغتراب مغلفة بمجموعة من الرسائل.

كان من المقرر أن يقوم ببطولة هذا الفيلم الراحل »أحمد زكي« لكن القدر شاء أن يلعب دوره »آسر ياسين«، ومع داود عبدالسيد ورسائله كان هذا الحوار!

·         هل حدثت أي تغييرات في السيناريو بعد وفاة »أحمد زكي« واختيار »آسر ياسين«؟

اطلاقا لم يتغير ولا حرف في السيناريو فهو كما هو منذ أن كتبته حتي الآن والتغيرات التي حدثت فيه كانت بسيطة متعلقة بفرق التوقيت فقط أما دور يحيي لم يتغير فيه شيء.

·         لكن يوجد فرق في السن بين زكي وآسر وهو الفرق الذي يمكن أن يستدعي بعض التغييرات؟

هذا صحيح ولكن اذا كان أحمد زكي هو الذي سيقوم بالدور كنت وقتها سأراعي فرق السن أو أنزل بالسن شوية لأنك عندما يكون عندك ممثل لديه موهبة الراحل أحمد زكي تتعدد الاختيارات وتصبح عندي مرونة في مسألة السن كما أريد ولكن دون مبالغة فلا يمكن أن يقوم زكي بدور شاب في الجامعة ولكن يمكن أن أنزل بالعمر قليلا.

·         هل تري أن آسر نجح في اداء الدور مثلما كنت تتخيله  ؟

آسر قدم دورا عبقريا، بعد وفاة »أحمد زكي« كنت أبحث عن ممثل يمكن أن يقدم هذا الدور ورأيت أن آسر ممثل يمتلك موهبة وخطواته ثابتة حتي الآن وقدم أدوارا في أفلام أخري تألق فيها فبرغم صعوبة دور »يحيي« إلا انه نجح في تقديمه وكان متحمسا جدا جدا لأداء هذا الدور واجتهد كثيرا فيه.

·         الم تخشي من ان يوضع في مقارنة مع احمد زكي ؟

المقارنة غير واردة علي الاطلاق لأن زكي لم يقدم هذا الدور أصلا والمقارنة سيكون فيها ظلم لآسر وأريد أن أشيد أيضا بالمجهود الكبير الذي بذله جميع الممثلين بسمة ومحمد لطفي وأشكر صلاح عبدالله علي مشاركته المميزة.

·         كان يحيي يشعر بالحرية عندما يكون بمفرده  هل تري أن الانسان يجب أن يكون وحيدا ليصبح حرا؟

يحيي قال هذا في الفيلم »لما بقيت وحيد بقيت حر« الفكرة انك وانت بمفردك لا تكن عليك أي ضغوط فالوحدة تجعلك أكثر حرية وهذا صحيح وكان يحيي يجد صعوبة في التحدث عندما يكون مضغوطا ولكن بمفرده ليس هناك أي ضغوط تفرض عليه وهذا نوع موجود من البشر فأنا أري أننا جميعا لدينا احساس بالوحدة من الممكن أن تكون جالسا في وسط كثير من الناس ولكن تشعر بوحدة.

·         لكنه ترك القاهرة حتي لا يصبح وحيدا ورغم ذلك شعر بالوحدة في الاسكندرية أيضا؟

هذا صحيح ولكن يحيي ترك القاهرة بعد وفاة والدته وحتي لا يمكث في فيلا كبيرة بمفرده فضل أن يسافر الي الاسكندرية في شقة العائلة هناك ويري انها صغيرة عليه بدلا من الفيلا وأيضا لوجود عائلة فرانشيسكا جيرانهم القدامي الذين يرتبط معهم بعلاقات اجتماعية وهم علي دراية كاملة به وبحالته كما أن الوحدة التي شعر بها في الاسكندرية جعلته يقوم بعمل جسور مع الآخرين فهو لم يكن سعيدا وراضيا أو مكتفيا بوحدته بل هذه الوحدة دفعته للاتصال بالآخرين.

·     هذة هي المرة الثانية التي يحمل فيها بطل احد أفلامك اسم يحيي بعد »أرض الخوف«فهل تم هذا الامر بالصدفة أم أنك قصدت به دلالات محددة؟

هذا مجرد اسم فأنت أحيانا تحب أسماء من الممكن أن تكون مرتبطة بك شخصيا أو أي شيء أنا عن نفسي أحب أسماء أحمد ويحيي فهو مجرد اسم أحبه ولا يوحي بشيء.

·     أري أن شخصية يحيي التي قدمتها بها مزج بين قصة سيدنا موسي الذي كان عنده اضطراب في الكلام وسيدنا يحيي الذي نزل علي قوم كانوا يرفضونه؟

بصراحة ليست مقصودة أنا أعرف هذه المعلومة ولكنها في الفيلم ليست مقصودة بهذا المعني ولكن اذا كانت هي قراءتك فأنا أحترمها ولا أستطيع أن أحجر عليها كما انني لا أحب أن أقول اذا كانت مقصودة أو لا لأني أحب أن يفكر الجمهور ويناقش ويفهم ما أريد أن أقوله حسب رؤيته وتفكيره فلا أحب أن أحجر علي آراء الجمهور.

·         وهل ينطبق الامر نفسه علي اسم قابيل؟

هذا الاسم أنا أقصده وأقصد الدلالة التي تشير اليها فقابيل هو الذي قتل شقيقه لهذا اخترت هذا الاسم.

·         هل تثق في أن الجمهور  سيفهم ما تقصده خصوصا أن الفيلم مليء بالدلالات؟

اختلف معك فيما يتعلق بوجود الدلالات فأنا أري أن فكرة الفيلم بسيطة جدا فهو شخص أصبح وحيدا في الحياة يقرر السفر الي الاسكندرية حتي لا يشعر بالوحدة باحثا عن مجتمع جديد وحياة لا يشعر فيها بالوحدة وفي الاسكندرية يتقابل مع بعض الأشخاص الذين عندهم بعض المشاكل وحتي لو الجمهور لم يصل له ما أريد أن أقول يكفي أنه سيشاهد حكاية بسيطة وصورة وايقاع مميزان وعناصر فنية اذا وصل لشيء منها في الفيلم سيكون جيدا.

·         متي يستطيع يحيي أن يفهم المكتوب في الرسالة؟

انت من مواليد ٣٨ في مصر في القاهرة في أحد الأحياء والدك فلان ووالدتك فلانة هل تري ان لك دخل في كل هذا، الانسان لا يتدخل في كل هذه الأشياء ويحيي نفس الشيء من الممكن ألا يفهم الرسالة مطلقا فقد كان هناك بعض الرسالات يجب أن يستوعبها الانسان حتي يفهم الرسالة.

·         هل تشعر بالوحدة والغربة اللتين شعر بهما يحيي؟

لا أعرف اذا كان يوجد تشابه بيني وبين يحيي لأن المشاعر تكون نسبية من الممكن أن أشعر بالغربة ولكن ليست غربة المكان بل غربة التغيرات التي حدثت في المجتمع وأكرر أن الشعور بالغربة مسألة نسبية فالانسان مثلا عندما يتقدم به العمر يشعر بالغربة.

·         لماذا اخترت الاسكندرية تحديدا؟

الاسكندرية هي المدينة الثانية في مصر أي شخص يحب أن يسافر يقول »هروح اسكندرية« بالرغم من انه الآن يوجد شرم الشيخ والغردقة لكن مازالت الاسكندرية تحتفظ بخصوصيتها ومكانتها عند الشعب المصري وهي مدينة كبيرة كما أن معظم الطبقات المتوسطة وفوق المتوسطة عادة ما يمتلكون شققا في الاسكندرية بجانب بيوتهم الأساسية فيجب أن تكون الاختيارات واقعية من الناحية الفنية وأنا أري أن الاسكندرية اختيار واقعي ومناسب جدا للدراما.

·     في المشهد الأول للاسكندرية ظلت الكاميرا ثابتة لفترة علي أحد المباني القديمة هل هذه هي الصورة التي تريد أن تري عليها الاسكندرية؟

بالتأكيد نفسي تكون أحلي وأحلي من الصورة التي ظهرت في الفيلم لأن الاسكندرية كانت بها حضارات وثقافات كثيرة.

·         ماذا عن الصعوبات التي واجهتها أثناء التصوير في النوة والبرد القارص؟

لقد قمنا بالتصوير في ظروف مناخية صعبة ولكننا كنا مستعدين وقمنا باتخاذ احتياطاتنا وكنت أخشي أن يصاب أحد من فريق العمل بدور برد أو التهاب رئوي ولأننا كنا نقوم بالتصوير يوم كامل لكن الضرورة الدرامية هي التي كانت تتطلب أن نقوم بالتصوير أثناء النوة التي كانت أصعب المشاهد حيث يتطلب الأمر التغلب علي الظروف المناخية مع المجهود البدني.

·         ما تعليقك علي لافتة للكبار فقط؟ وهل هذا سيؤثر علي الفيلم جماهيريا؟

وضع الفيلم »للكبار فقط« تكون وجهة نظر الرقابة لا أتدخل فيها لأن هذا الجهاز له وجهة نظره والمشكلة ليست فيهم بل في الجمهور الذي يضع حاجزا بينه وبين الأفلام التي تكون للكبار فقط مع  أن هذا التصنيف موجود في العالم كله.

·         هل يمكن أن يؤثر البشر علي شخص ويجعلونه يلعب دورا غير دوره مثلما حدث مع نورا؟

بالطبع فنورا كانت فتاة متزوجة وتقوم بعمل علاقة غير شرعية وهذا لا يجعلها مطالبة بشيء معين وتكون حرة وفي الحياة عامة أحيانا يتحدث معي أحد علي أني مدير شركة ثم أجد أن كل الأشخاص يقولون لي نفس الشيء فاضطر أن ألعب هذا الدور وأصبح المدير بالفعل.

·         هل كانت نورا  قاسية علي نفسها؟

لها الحق فما الذي يجعلها توافق أن تتزوج من شخص يأتي لها مرة  واحدة في الاسبوع وما حدث بينها وبين يحيي جعلها تتجاوب مع شيء في داخلها فقد بدأت تنظر الي نفسها علي أنها مومس نتيجة طبيعة العلاقة التي بينها وبين زوجها وأنا وجهة نظري أن الانسان أحيانا يقسو علي نفسه حتي يصل لوضع أفضل.

·         ربطت اجراء قابيل للعملية بفقدان الذاكرة وقام هو بتحديد مصيره ، فهل كنت ستختار نفس الحل لوجدت نفسك مكانه؟

كنت سأقوم باختيار نفس الشيء الذي قام به قابيل سأقوم بإجراء العملية  واستعين بشخص يقوم بتلقيني ويذكرني مثلما استعان قابيل ببيسة.

·         ما الذي يحدث اذا اختفت الذاكرة من حياتنا؟

الذاكرة مهمة جدا وهي التي تميز الانسان عن باقي الكائنات فالانسان يعرف ما الذي حدث منذ ٠١ آلاف سنة فالذاكرة هي تاريخ الانسان و البشرية ونحن كمصريين عندنا وعي بالتاريخ ولكن هناك تقصير في الحفاظ عليه.

·         الحاج »هاشم« يمثل التيار الرأسمالي هلي أصبحت الرأسمالية جاهلة؟

هذا نموذج يمثل جزءا من الرأسماليين الذين لا يقدرون قيمة الأشياء كل ما يهمهم هو تحقيق المنفعة وجلب الأموال فهو يريد  أن يقوم بهدم منزل قديم لبناء مشروع تجاري ضخم ويقوم باصطياد الأسماك عن طريق الديناميت وهي طريقة غير شرعية ولكني أكرر أن هذا مجرد نموذج وليس شرطا أن يكون هو القاعدة فيوجد أشخاص رأسماليين شديدي الاحترام ويقدمون علي خدمة البلد ولكن أحيانا يحدث تجاوز أو اختراق للقوانين واللوائح وأنا قدمت نموذجا شخصيا.

·         ما رأيك في توقيت عرض الفيلم؟

أري أنه موعد مناسب جدا لأن الفيلم الجيد يحقق النجاح في أي توقيت.

·         عادة ما توصف افلامك بأنها » افلام مهرجانات فهل هناك ترتيبات مؤكدة للمشاركة في هذه الفعاليات ؟

حتي الآن الصورة غير واضحة فنحن الآن نقوم بعمل خريطة للمهرجانات التي يمكن ان يشارك فيها الفيلم سواء في المسابقة الرسمية أوفي الاحتفاليات المختلفة فلدينا برلين وكان وفينسيا ولكن حتي الآن لا يوجد أمر مؤكد.

·         جميع أفلامك جمعت بينك وبين الموسيقار »راجح داود« ومهندس الديكور »أنسي أبوسيف« هل تستريح في العمل معهم؟

جدا جدا فهم زملاء مشوار وأنا أثق في قدراتهم وأثق في أنهم سيقدمون ما أريده فنحن علي درجة كبيرة من التفاهم وشغلنا معا »يشهد« وأري كلا منهما نجح في مكانه ويقدمان أعمالا مميزة معي وبصراحة مع غيري أيضا وعن نفسي أستريح جدا في التعاون معهما.

·         ومدير التصوير »أحمد المرسي« أول مرة تتعاون معه؟

»أحمد المرسي« مصور أكثر من رائع وهذه المرة الأولي التي أتعاون معه كمدير تصوير وأدهشتني قدرته وموهبته في التصوير وتوظيف الألوان وأتمني أن يستمر علي نفس المستوي في عمله بشكل عام وهو أيضا تحمل معنا معاناة التصوير في الاسكندرية في الشتاء الشديد والنوة..

·         ماذا عن فيلم »أوضتين وصالة«؟

لا أعرف عنه شيئا فقد قرأت هذا الخبر علي الانترنت وموقع الفيس بوك وأنا ليس لدي علم به.

·         الفرق بين »مواطن ومخبر وحرامي« و»رسائل البحر« ثمان سنوات هل نتوقع أن يكون الفيلم القادم عام 2018؟

يقول ضاحكا.. ادعي بس أكون خلصته في الوقت ده.

أخبار النجوم المصرية في

18/02/2010

 

داود عبدالسيد.. يستغيث من خلال البحر.. المجتمع يغرق

كتب مها متبولى

فكرة الفيلم وجمالياته السينمائية

داود عبدالسيد يبدع لغته السينمائية من خلال الربط بين مكونات المشهد السينمائي والحالة النفسية للشخصيات وما يعترض طريقهم من ظروف فمنذ اللحظات الأولي للفيلم تجد أنك أمام لغز يحتاج إلي تفسير فالزجاجة التي تتضمن في داخلها رسالة أصبحت أسيرة لأمواج البحر تتقاذفها تارة وتارة أخري تلقي بها بين الصخور تماماً مثل شخصيات الفيلم التي تعد في النهاية زجاجات إنسانية قد أغلقت علي أسرارها وصراعها ضد المجهول.

في بداية الفيلم يلقي الصياد بالزجاجة إلي البحر بعد أن يكتشف أنها لا تحمل أية فائدة مادية إلا أن "يحيي" بطل الفيلم يلتقطها ويحاول فك شفرتها لأنه يدرك جيداً أنها تحمل مضموناً إنسانياً لشخص ربما يطلب المساعدة أو فتاة أرادت أن تخلد قصتها بعد أن داهمها الغرق، لكنها في كل الأحوال تحمل نداء بالاستغاثة وسرعة الانقاذ لمن يهمه الأمر، فالرسالة من وجهة نظري تطرح بعداً شخصياً شديد الصلة بمصير الشخصيات في الفيلم، كما أنها لا تغفل البعد العام لمجتمع مصري يشهد حلقة متجددة من أعنف تحولاته علي كل المستويات.. فالتغيير يضرب بقوة ليمحو وجه المدينة العريقة ويزيل صورتها المعمارية ليحل مكان التراث المعماري بعض المحلات والمولات التجارية وهذه النزعة الرأسمالية أصبحت معياراً للتعامل مع البشر الذين تحدد قيمتهم طبقاً للمصلحة المادية أما المشاعر فتسقط تحت الأقدام وتداس بالأرجل ويصبح الإنسان سلعة تباع وتشتري، لذلك فإن الرسالة تدق أجراس الخطر بعد أن داهمت القيم الاستهلاكية كل شيء.

الفيلم كله يدور حول هذه الفكرة وما يلتبس بها من تداعيات لدرجة أن عين الكاميرا تكاد تتحسر علي روح البناء وزخارف الرومانية علي واجهات العمارات في الإسكندرية ومع موسيقي راجح داود تشعر بأنك أمام مرثية فنية يترك مرارة في النفس لأن الكاميرا مع بداية الفيلم تهبط من أعلي إلي أسفل لنجد أننا أمام عمارة "يحيي" في دلالة علي انقضاء الزمن الجميل وبداية التدهور وربما التغيير للأسوأ، لأن المجتمع المصري في الفيلم يعاني من تحولات جعلته ينتقل من النقيض إلي النقيض بما يعني أنه بدأ يفقد بعضًا من سماته الحضارية، فالرأسمالية الأمريكية كنمط حياة تغلغلت في نسيجه وطغت علي كل شيء، استقطبت الطبيب شقيق "يحيي" ليهاجر إلي أمريكا تاركًا وطنه بعد أن اصطحب معه زوجته وأولاده، واضطرار "فرانشيسكا" الإيطالية إلي العودة إلي بلدها لأن صاحب البيت يريد هدم العقار وتحويله إلي مول ضخم ووفقًا لقانون المصلحة تقرر "كارلا" أن تتخلي عن يحيي لأنها ستغادر مصر ومن العبث أن تنظر إلي الحب بدون أن يكون له فائدة مادية، حتي "الحاج هاشم" الذي يجسد دوره صلاح عبدالله هو نفسه تجسيد لقناع الغاية تبرر الوسيلة لأنه يصطاد الأسماك بالديناميت ويحقق مكاسبه من خلال تحطيم حياة الآخرين ويسعي للاستيلاء علي البيت بالقوة بعد أن يقوم باحتلاله فعليا، إلا أن أقسي مظاهر الرأسمالية علي المجتمع المصري هو تحول الإنسان إلي سلعة تباع وتشتري فالزوجة "نور" لا تري فرقًا بينها وبين المومسات لأن زوجها يرتبط بها في السر مقابل أن ينفق عليها ماديا ولا يراها إلا يومًا أو يومين في كل أسبوع حتي لا تشعر بذلك زوجته الأولي لكن "نور" التي تحمل اسم المومس في فيلم "اللص والكلاب" تتمرد علي هذه الحياة كما يتمرد "يحيي" الذي يقرر أن يواجه الظروف، ويفرض إرادته ويواجه مصيره، بعد أن شعر بالوحدة والقهر وضربته الحياة بأمواجها العاتية فالمجتمع لا يقدر دوره كطبيب بل يعاقبه علي تلعثمه بما يعني أن المظهر دون الجوهر هو المعيار الذي يحدد قيمة الإنسان حاليا وهذه انتكاسة كبيرة في منظومة القيم إلا أن يحيي الذي يدل اسمه علي إيمانه بالحياة وفرض نزعته الوجودية يقرر أن يغير واقعه ويتجاوز حيرته ويحدد مصيره رافضًا أن يبيع ذكرياته بأي ثمن لأن هذا يعني الموت وهو عاشق للحياة الأبدية ونفس الموقف بالنسبة لـ"قابيل" الذي يجسد شخصيته محمد لطفي فهو يرفض إجراء عملية جراحية في المخ لأنه سيخرج بلا ذاكرة بما يعني انتهاء حياته الوجودية كإنسان له عقل وقلب ومشاعر وخبرات حياتية متراكمة لذلك يختار "التمرد" علي واقعه، وتتجه "نور" إلي نفس النتيجة بعد أن تتخلص من الجنين الذي يعتبر ترجمة لاستغلالها جنسيا لتبدأ حياتها مع يحيي بعد أن تبذل قصاري جهدها لتجعله إنساناً ناضجاً يعي حقيقة الواقع المأساوية.

رسائل الحب تصل لأصحابها

الفيلم يؤكد أن رسائل الحب فقط هي التي تصل إلي أصحابها فيحيي يتعلق بـ"نور" قبل أن يعرف أنها صاحبة العزف الجميل الذي يهز قلبه ونور تفهم يحيي وتعرفه جيدًا علي الرغم من تهتهته وغموض كلماته لكنهما التقيا علي أرض مشتركة وتعاملا من خلال لغة تعرفها كل البشرية، تلك اللغة التي حزنت "فرانشيسكا" علي ضياعها وسيادة لغة جديدة اعتمدها الحاج "هاشم" تبحث في الشرع والدين عما يتوافق مع أهدافها ومصالحها لتضفي علي نفسها مسحة إلهية.

نهاية الفيلم تتضمن في حد ذاتها رسالة بصرية فوسط الأسماك التي سلبت منها الحياة بقسوة الديناميت تواجه "نور" و"يحيي" نفس النزعة الإرهابية لإجبارهما علي ترك "الشقة".

< المخرج داود عبدالسيد يواصل ما بدأه في أفلامه السابقة مناقشًا فكرة المصير وهموم المصريين في بحر التغيير وشواطئه الوهمية، واختار البحر ليكون ممثلاً إضافيا إلي مجموعة الممثلين بالفيلم لأن مشاهده تعكس معاني ودلالات لا نهائية جعلتني أتذكر قصيدة "الإنسان والبحر" لبودلير والتي تعقد مقارنة عميقة بين الإنسان وصديقه اللدود فهما محاربان أزليان وكلاهما يمكن أن يحملك أو يغضب في وجهك أو يطيح بك في أعماقه السحيقة، لكن أهم ما في الفيلم يؤكد أن أبناء الوطن المخلصين لا يهربون مثل "كارلا" عندما نغرق السفينة بل يختارون "البقاء"، متمسكين بالروح وهو ما لا يفهمه أصحاب النزعات الاستهلاكية، فنور ويحيي عندما يستلقيان علي ظهريهما في المركب بنهاية الفيلم لا يعني ذلك أنهما قد ماتا مثل الأسماك بل أحياء لأنهما يرفضان التسليم والخضوع.

< داود عبدالسيد يجيد استنطاق الصورة وجعلها أداة لإثراء الفيلم بدلاً من اللجوء إلي المباشرة اللفظية وأريد أن أوضح أن الفيلم سجل حافل بالجماليات السينمائية التي لا يمكن الإحاطة بها لأنه عمل فني لا توازي قيمته إلا مشاهدته مرة ثانية، إلا أنني أؤكد أن ضياع الشخصيات في الفيلم والنداء الخفي بإنقاذها هو رسالة الفيلم الحقيقية.

< يتحكم داود عبدالسيد في البناء الدرامي للفيلم ويوجه نحو دلالته النهائية لأن حركة الشخصيات في الفيلم عبارة عن دوائر متداخلة تتلاقي خلالها علاقاتهم وأزماتهم في سيمفونية شديدة الدقة والحساسية، واختار المخرج أن يقوم البعض بدور الراوي ليعيدنا إلي أجواء السينما الكلاسيكية.

< رسم داود عبدالسيد خلفية غنائية نقلتنا لأجواء أم كلثوم بمقاطع من أشهر أغانيها خلال أحداث الفيلم وتم اختيار هذه المقاطع لتناسب الحالة النفسية للشخصيات في صراعها وانكسارها وحيرتها وسط أمواج الحياة القاسية ودخلت أصوات أخري علي الخط الدرامي للفيلم ليضمن داود عبدالسيد نوعا من التنوع والتعددية لتلتقط آذاننا صوت فايزة أحمد ومحمد قنديل وسيد مكاوي، إلا أنهم ينتمون لهذا الزمن الجميل الذين أصبحوا رموزا، بينما ضاعت أصواتهم في زحام الفوضي الغنائية الحالية وكأن المخرج يريد أن يحتفظ بهم في ذاكرة البحر قبل أن تغطي ذكراهم أمواجه المتلاطمة، لذلك جاءت الأغاني جزءًا من النسيج الدرامي للحدث علي الرغم من أن الأغاني كانت مجرد خلفية شفافة تغلف الحدث ولا تحجبه ويبدو أن تجسيد ذلك بمهارة فائقة انعكس أيضا علي الإضاءة والألوان فهما قد لعبا دورا كبيرا في خلق الدلالة الدرامية علي وجوه الشخصيات بما يكشف الأجواء النفسية لهم.

الأداء التمثيلي

وضع "آسر ياسين" موهبته وطاقاته الفنية في هذا الفيلم لأنه أجاد التحكم في خيوط الشخصية التي يجسدها وأمسك بالشعرة الدقيقة التي تؤهله للإتقان والابتعاد بالتهتهة عن محيط الكوميديا التي يمكن أن تنسف الإيقاع الدرامي للشخصية من أساسه لولا الوعي الكامل للممثل بحدود الدور وأزمته وشكله الخارجي وصراعاته الإنسانية ولا يمكن أن تقوم بأي عمل آخر وأنت تشاهد آسر وهو يمثل لأنه يقول بتعبيرات وجهه في لحظات ما لا تقوله الكلمات كما أنه يؤدي التمثيل كفعل وكرد فعل في فيض من المشاعر والانفعالات، والفيلم كله سلسلة من المشاهد الجبارة أهمها ثورته الغاضبة مقابل ثورة البحر والمشهد الذي يحاول خلاله إقناع "نور" بأن تأخذ المال لتعيش معه وانفعاله بالموسيقي وظهور ذلك علي قسمات وجهه.

إن دور "بسمة" في الفيلم هو إعادة لاكتشافها لأنها بدت حاضرة في المشاهد بقوة واعتلت قمة الأداء بمنتهي النضج رغم صعوبة الشخصية وكثرة روافدها المركبة وتعدد أزماتها أن وجودها مع آسر ياسين في هذه الهارمونية المتناغمة يرجع الفضل فيه إلي داود عبدالسيد نفسه الذي أظهر في شخصيتها الفنية جوانب غير معلنة وجعلها علي مستوي فني عالٍ وإدارة الممثلين هذه وصلت بالفيلم إلي أعلي درجات إجادته لأنها اختارت لكل دور ما يناسبه فلا يمكن أن تقوم بدور "فرانشيسكا" إلا المخرجة نبيهة لطفي ولا يمكن أن تقوم بدور "كارلا" إلا سامية أسعد التي أدت الدور بطريقة السهل الممتنع واقتطفت ثمار الإعجاب من قلوبنا، خاصة أن الدور جريء في ملامحه ويحتاج لنوع من الثبات والثقة.

أما محمد لطفي فأدي دور عمره في "رسائل البحر" ولابد أن ينال عن هذا الدور "جائزة" لأنه اقتحم قلوبنا بصفائه النفسي وملامحه المعبرة واستطاع أن يرسم الانفعالات علي وجهه بدقة متناهية وكان من حق داود عبدالسيد أن يسلط عين الكاميرا علي وجه محمد لطفي لأنه يثق في أن هذا الفنان لن يخذله فلا يمكن أن تخفي إعجابك بقدراته التمثيلية وهو يبكي علي شاطئ البحر وقد غطي المطر ملامحه وكأن الدموع تجري علي وجهه بكامله، أما مشهد التمسك بتلابيب الذاكرة قبل فقدها فقد أداه لطفي بحرفية كبيرة وبأطياف من خفة الدم لأنه لو زاد من دراميته لأصبح مشهدا مأساويا قاتما، حيث راح يوصي "مي كساب" بأن تكون قلبه وعقله إذا ما خانه الزمان وفقد الذاكرة.

فك الشفرة الجينية للإنسان المصري وقدرته علي تجاوز الصعاب أصبح مطلبا سينمائيا حادا لـ"داود عبدالسيد".. إن استمرار هذا الشعب رغم ما يحيط به من تغيرات هائلة جعلته يجيد التعامل مع الكوارث وينتصر علي كل عوامل القهر، فالفيلم نداء استغاثة لمن يهمه الأمر.

روز اليوسف اليومية في

18/02/2010

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)