كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

"رسائل البحر" لداود عبدالسيد..

شاعريـــة سيـنمـا المـؤلــف

هشام بن الشاوي

عن فيلم

رسائل البحر

   
 
 
 
 

بكثير من الشجن والشاعرية والبراءة المفتقدة، يرصد المخرج المصري داود عبد السيد في فيلمه الجديد"رسائل البحر" (بطولة آسر ياسين، بسمة، محمد لطفي ومي كساب) التحولات العاصفة بمدينة كوزموبوليتية كالإسكندرية، مكانًا وأناسًا..

من خلال ثلاثة نماذج تكابد الاغتراب : يحيى (آسر ياسين) الطبيب الشاب الذي ينحدر من طبقة ارستقراطية، التي ستنهار أمام غول الانفتاح الاقتصادي وصعود طبقة  محدثي النعمة، متمثلة في الحاج هاشم (صلاح عبد الله). فنرى الأخ الأكبر ليحيى يهاجر إلى أمريكا، وكان  يحيى خيبته الكبرى، فهو دكتور مع إيقاف التنفيذ.. إذ بسبب التأتأة يضطر أن يترك الطب، لأنه كان مثار سخرية المرضى وزملائه الأطباء، ويحترف صيد السمك..

أما نورا (بسمة) في أجمل وأرق  وأرقى أداء لدور المومس في السينما العربية، والبودي غارد أمين (محمد لطفي)، والذي استطاع المخرج أن يحرره من الدور النمطي الذي سجن فيه، دور الممثل الثانوي الكوميدي، فقدمه بشكل مغاير، رغم ضيق حيزه.

من خلال المشاهد الأولى للفيلم، يدرك المشاهد أنه أمام  سينما الحنين والنوستالجيا، أمام عمل إبداعي  ينتمي إلى سينما المؤلف، وهو ما تشي به الموسيقى التصويرية، تفرد الصورة/المشهد -  والتي ستبلغ ذروتها في مشاهد الليل الممطر والعواصف البحرية-، وكذلك الألوان الشاحبة التي تتلائم والمناخ النوستالجي، بكل شفافيته وشجنه.

من خلال بدايات الفيلم، نلمس حيرة المؤلف داود عبد السيد وتشتته أمام تدفق الذكريات، مما أغرق الفيلم في نوع من التمطيط، وفقدان السيطرة على خيوط "الحكاية"، ويمكن اعتبار البداية الحقيقية للفيلم،  حين تعرف  يحيى على أمين، حيث سيصطحبه إلى غرفته السطحية، بعد أن أغمي عليه من فرط شربه. ثم إلقاء القبض عليه، بعد أن ابتهج بمعزوفة بيانو، وبدأ يصفق، ويفرج عنه الضابط،  لأنه من أسرة  ارستقراطية، ويواظب على الاستماع إلى تلك الموسيقى  المنبعثة من نافذة مضاءة، في كل ليلة، دون أن يرى العازف أو العازفة، ويلتقي نورا، وهو يتمشى ليلا تحت المطر، فتدعوه للاحتماء بمظلتها من المطر..

في بيته، تتصرف نورا كعاهرة، لكنه يبدو  غريب الأطوار، ساذجا، مبالغا في رقته وبراءته، يخبرها بوجود غرفة أخرى، وحين تقتحم فراشه،  يصارحها أنه لا يملك المال، يخرج من جيبه عشرينا جنيها، يسألها كم تحتاج، ويقترح عليها أن تأخذ عشرة جنيهات، والباقي سمكا. نفس الجمود العاطفي سيصادفه مع صديقته وجارته الإيطالية الشابة كارلا، هذه الشخصية التي  يبدو أن عبد السيد لم يبتكرها إلا من أجل  الحديث عن الشذوذ الجنسي (الساحق)، وبشكل سطحي، دون تشريح هذه الظاهرة، والتي تزداد استفحالا، يوما بعد يوم..

أما الحدث الأغرب وربما السريالي، فهو عثور يحيى على رسالة داخل زجاجة، ولا يعرف اللغة التي كتبت بها، رغم استعانته بالأجانب  المقيمين بالإسكندرية. وسنتساءل عن جدوى هذا الحدث، والذي يحمل الفيلم اسمه، وما علاقة الأحداث برسالة البحر؟ في اللقاء الثاني مع نورا، يرفض  معاشرتها، حتى لا يستغلها، لأن لا مال معه، أما هي فتنجذب إليه، لأنه مختلف عن بقية الرجال.

هكذا سيلعب الحب لعبته، وفي احتفال ليلة رأس السنة الميلادية،  تغادر معتذرة بأنها على موعد مع زبون، يعرض عليها المال لكي تبقى معه، فترحل  منفعلة، قائلة بأنه لا يفهم شيئا، فعلاقتها به ليست من أجل المال، وحين تركت الهدية في الخارج، يتم الاعتداء عليه من طرف الشرطة، معتقدين أنه سارق الجهاز، ويتمنى أن يكون بنفس قوة صديقه أمين، بشكله المخيف وضخامته، التي يعتبرها -أمين- سبب تعاسته ونفور/ خوف الآخرين منه، كما أن لا أحد يشغله، ولا عمل متاح له سوى كـ"بودي غارد"، ولا أحد يرى ذلك الطفل المسالم، الرافض للعنف، المختبئ خلف مظهره القاسي. تتطور العلاقة بين نورا ويحيى، فترفض الزواج به،  لأن عدة رجال يعرفون تفاصيل جسدها، فتختار أن تجهض نفسها..

تسقط جنينها منه لكي تنساه وتقطع صلتها به، وفي مشهد موازٍ نرى  أمين يستعد لإجراء عملية جراحية في الدماغ، لكنه يهرب من غرفة العمليات، بعد أن علم بأنه سيفقد الذاكرة، وسينسى كل شيء، ويقنعه يحيى بضرورة إجراء العملية حتى لا يموت، ويلجأ إلى سرد ذكرياته لصديقته بيسة (مي كساب).

أما الرسالة فتبقى غامضة بالنسبة ليحيى، بسبب لغتها غير المعروفة، فهي قد  تكون صلاة راهب أو قصيدة غزل أو رسالة بحار إلى أهله، لكن المؤكد "أنها رسالة من البحر إليك"، كما تقول له  نورا، وهما في المشهد الأخير، على مركب وسط البحر، المغرق في تفاؤله، رغم كل الخسائر. لقد استطاع داود عبد السيد، ومن خلال ثلاث شخصيات موغلة في شاعريتها وإنسانيتها، وهو المقل في أعماله المسكونة بهواجسها الجمالية، أن يبث - عبر رسالة الفيلم- أبجديات خوفه على ذاكرته/ذاكرتنا من التلف والعطب في زمن الاغتراب والاختلالات، حتى لا نضطر إلى كتابة رسائل قد لا يفهمها الآخرون.

المدى العراقية في

24/02/2010

 

نبيهة لطفي .. والتمثيل بعد السبعين:

اعتقدت أن داود عبدالسيد "بيهزر" عندما طلبني للعمل معه

"رسائل البحر" فيلم إنساني .. وسعدت بالعمل مع الشباب

حسام حافظ

الذين شاهدوا فيلم "رسائل البحر" للمخرج داود عبدالسيد. لفت نظرهم الممثلة التي قامت بدور "فرنشيسكا" الجارة الايطالية العجوز التي تسكن بالدور الأرضي في عمارة الاسكندرية. إنها مخرجة الأفلام التسجيلية المعروفة نبيهة لطفي التي اتجهت للتمثيل مؤخرا في سابقة لم تحدث من قبل في السينما المصرية. "التمثيل بعد السبعين" جاء يحمل كل خبرات الحياة ليكثفها في دقائق معدودة علي الشاشة.

نبيهة لطفي ليست غريبة علي السينمائيين في مصر. فكل من ذهب الي مركز الثقافة السينمائية بشارع شريف استطاع أن يجلس إليها ويتحدث معها. جاءت من لبنان في الخمسينيات. عاشت في مصر وتزوجت وأنجبت واختارت الجنسية مصرية. ويكاد دور "فرنشيسكا" يشبه بعضا من حياة نبيهة لطفي. ولكنها مازالت تعيش بيننا في مصر ولم تعد لموطنها الأصلي.

·         التمثيل بعد كل هذه السنوات في السينما.. هل هو تغيير لمسارك الفني؟

** تضحك نبيهة لطفي وتقول: هل ينفع أغيّر حياتي في هذا العمر..؟ أنا مخرجة أفلام تسجيلية وسوف أظل. وليس لي علاقة بالتمثيل.. لكني عملت مثل كل الممثلات الشابات اللاتي يبدأن السلم من أوله. قمت بدور صامت في فيلم "عين شمس" للمخرج إبراهيم البطوط. ثم حصلت علي أول فرصة في دور ناطق مع المخرج داود عبدالسيد وهكذا. أنا مازلت في بداية الطريق!

·         كيف كان ترشيحك للعمل في فيلم "رسائل البحر"؟

** أعرف المخرج داود عبدالسيد منذ كان طالبا في معهد السينما في الستينيات. وعندما حدثني في التليفون عن دور في فيلمه الجديد. اعتقدت في البداية إنه لا يهزر معي. لكنه أكد لي إنه "بيتكلم جدا" وأرسل السيناريو لكي أقرأه. وعجبني دور فرنشيسكا جدا. لأنه إنساني حقيقي والموقف كله في الفيلم إنساني أيضا. ومن ناحية ثانية أنا حسيت بموضوع الفيلم كله. ياما ناس في الدنيا كانت جميلة وعظيمة جاءوا وذهبوا ولم يسمع بهم أحد. ناس ارتبطت بمصر وأحبوها وعاشوا عمرهم فيها جعلوا الحياة فيها أجمل وقدموا المثل علي التسامح والمحبة والتعددية. لأن مصر في الأساس تضم الكثير من البشر. مهما كان اختلافهم والجميع ينصهر في هذا الكيان الكبير.

·         ما الذي أعجبك في تجربة التمثيل بشكل عام؟

** تقول نبيهة لطفي: التمثيل مهنة شاقة لكن رائعة. تجعل الانسان يعيش أحاسيس مختلفة تماما عن حياته التقليدية المعتادة. إلي جانب إني عملت مع مجموعة رائعة. آسر ياسين وبسمة وسامية أسعد التي قامت بدور ابنتي "كارلا". جميعهم شباب حلوين في التمثيل وبني آدمين حلوين أيضا استمتعت بالعمل معهم. بالاضافة إلي المخرج داود عبدالسيد الذي يدير العمل بأسلوب جميل ومريح. ويجعل كل العاملين في البلاتوه أصدقاءه وكأننا في رحلة جميلة للترفيه وليس للعمل.

·         طالما أعجبتك التجربة.. هل تكررين العمل كممثلة؟

** تضحك وتقول: مش كل مرة تسلم الجرة. خاصة إني مشغولة الفترة القادمة بفيلم تسجيلي أقوم باخراجه عن حياة وأعمال "شادي عبدالسلام" وهو صديقي وأستاذي وعملت معه في مركز الفيلم التجريبي. ويشاركني العمل في هذا الفيلم مجموعة رائعة من تلاميذه صلاح مرعي ورحمة منتصر ومجدي عبدالرحمن ويدير تصويره محسن أحمد. وبمجرد عودتي من مهرجان برلين سنبدأ العمل.

·         أنت تسافرين إلي ألمانيا كل عام تقريباً.. لماذا؟

** تقول: لأن ابني ياسر يعمل ويعيش هناك. وأنا أجدها فرصة سنوية لمشاهدة عروض مهرجان برلين وزيارة ابني أيضا.

الجمهورية المصرية في

24/02/2010

 

دعوة جادة للمصالحة مع النفس

رسائل البحر.. أول فيلم يناقش قضية «صعوبة الكلام»

القاهرة - عبدالغني عبدالرازق

استقبلت دور العرض السينمائية منذ أيام فيلم «رسائل البحر» الذي يعود به المخرج الكبير داود عبدالسيد بعد فترة غياب طويلة دامت لأكثر من خمس سنوات, حيث كان آخر أفلامه فيلم «مواطن ومخبر وحرامي» الذي قام ببطولته شعبان عبدالرحيم وخالد أبوالنجا, ولكن الفيلم وقتها لم يحقق النجاح المتوقع. أما فيلم «رسائل البحر» فقد أسند داود عبدالسيد البطولة فيه للممثل آسر ياسين, وهي أول بطولة مطلقة له بعد فيلم «الوعد» الذي قدمه مع المطربة روبي.

تدور قصة الفيلم حول مشكلة الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في الكلام, وبسبب ذلك ينعزلون عن المجتمع, فينشأ الشخص انطوائيا ليس له علاقة بغيره بسبب الخوف من رد فعل الطرف الآخر عندما يعلم أنه يعاني مشكلة في الكلام, وقد سبق للسينما المصرية أن تناولت الشخصية التي تعاني من مشاكل في الكلام في العديد من الأفلام السينمائية مثل فيلم «لوكاندة المفاجآت» حيث كان الراحل محمد توفيق يقوم فيه بدور شخص يعاني صعوبة في الكلام وكذلك فيلم «سمكة وأربع قروش» حيث قدم فيه الراحل علاء ولي الدين دور لص يعاني صعوبة في الكلام, ولكن يجب ملاحظة شيء مهم هو أن هذه الأفلام تناولت هذه الشخصية من منظور كوميدي فقط, فلم تكن تهتم بالمشاكل التي يعاني منها هؤلاء الأشخاص.

ولكن فيلم «رسائل البحر» يناقش هذه المشكلة بشكل تراجيدي جاد, حيث تدور قصته حول يحيى (آسر ياسين) الذي يعاني صعوبة في الكلام, وبسبب ذلك فهو يفضل الابتعاد عن الناس لأن البعض منهم يسخر منه, ولكنه رغم ذلك كان متفوقا في دراسته, فدرس في كلية الطب وكان من المفترض أن يعمل طبيبا بعد أن ينهي دراسته, ولكن عندما عمل طبيبا كان جميع زملائه يسخرون منه حتى الممرضات, وكان ذلك بسبب الطريقة التي يتكلم بها, وبسبب ذلك ترك مهنة الطب وقرر أن يعمل في مهنة لا يوجد بها كلام أو تعامل مع الناس, فقرر أن يعمل صيادا ويبع السمك الذي يصطاده حتى يجد دخلا ينفق منه على نفسه بعد أن ترك مهنة الطب, وقد أصيب بعقدة نفسية بسبب ذلك. فيقول في أحد المشاهد لقابيل (محمد لطفي) الذي تعرف عليه في إحدى الخمارات إنه كان يحلم بأن يكون في نفس قوته وأن يتكلم بطريقة طبيعية, ولكن يكتشف بعد ذلك أن قابيل سيجري جراحة دقيقة في المخ وأنه معرض لأن يفقد ذاكرته, في إشارة إلى أنه لا يوجد شخص كامل, وأنه لا بد لأي إنسان أن يرضى بقدره, فالكمال لله وحده.

بعد ذلك يتقابل يحيى مع نورا (بسمة) التي تعمل فتاة ليل فيدخل معها في علاقة غير شرعية فيقع في حبها بعد ذلك وحتى بعد أن يكتشف أنها تعمل فتاة ليل, حيث تقنعه بأن هذه هي حقيقتها, والواقع الذي تعيشه. فتحضر له بعد ذلك هدية عبارة عن أسطوانة موسيقية فيزداد تعلقه بها, ويقرر الزواج منها, ولكنها ترفض لأنها حامل فتجهض نفسها ويتزوجها بعد ذلك.

سر الرسالة المجهولة

أثناء صيد يحيى للسمك يعثر على زجاجة يجد بداخلها ورقة مكتوبا فيها رسالة تشبه اللغة اللاتينية فلا يستطيع أن يفك شفرتها رغم أنه يعرف لغات كثيرة فيعرضها على مجموعة من الأجانب فلا يستطيع أحد أن يفك شفرتها, لأن اللغة المكتوبة بها الرسالة لا يعرفها أحد, ولذلك في نهاية الفيلم يقول إنه كان يريد أن يعرف سر هذه الرسالة فتقول له نورا (بسمة): إنها يمكن أن تكون رسالة من بحار لزوجته, أو من تاجر, أو من أي شخص, ولكن الشيء المهم أنها رسالة من البحر.

الخطأ الذي وقع فيه داود عبدالسيد

طرح فيلم رسائل البحر مشكلة الأشخاص الذين يعانون من مشكلة الصعوبة في الكلام وهي مشكلة موجودة بالفعل في المجتمع المصري وجميع دول العالم, والدليل على ذلك مراكز التخاطب التي تمتلئ بالمرضى, ولذلك فهذا الفيلم يعتبر من أفضل أفلام داود عبدالسيد, ولكن الذي عاب الفيلم كثرة المشاهد الساخنة التي تم إقحامها فيه, إضافة إلى شيء مهم هو أن الفيلم تضمن كما كبيرا من الألفاظ الخادشة للحياء, فمثلا في أحد المشاهد التي تضمنها الفيلم بين بسمة وآسر ياسين, عندما يكتشف أنها فتاة ليل يقول لها إنها مومس وإنها تبيع جسدها مقابل المال, ثم يسألها عن الأجر الذي تحصل عليه من كل رجل, وهل تكسب من هذه المهنة أم لا؟ كما أخطأ داود عبدالسيد عندما تطرق إلى تفاصيل حياة نورا, فقضية الفيلم الأساسية هي المشكلة التي يعاني منها يحيى بطل الفيلم, فلم يكن هناك مبرر درامي للدخول في تفاصيل حياة نورا وأنها تحب مهنتها, وبجانب ذلك تضمن الفيلم مشهدا يجمع بين ابنة السيدة الإيطالية التي تسكن مع يحيى في نفس العمارة وصديقتها, في إشارة إلى العلاقة المثلية التي تجمع بينهما, وهو مشهد تم إقحامه في الفيلم, فلو تم حذفه لما تأثرت أحداث الفيلم.

مبالغة في الأحداث

في أحد المشاهد يقول شخص لبسمة إنه على استعداد لأن يدفع لها الأموال التي تريدها لكي لا تبيع جسدها, فتقول له إنها لا تبيع جسدها من أجل المال فقط, ولكن من أجل أن تقضي وقتها, فيكتشف المتفرج بعد ذلك أنها الزوجة الثانية لهذا الرجل, وذلك عندما يقول لها أنت زوجة شريفة ولا يصح أن تبيعي جسدك, وهي مبالغة غير منطقية, فلا يعقل أن يعلم زوج أن زوجته تخونه ويتركها, حتى إن كانت الزوجة الثانية, ولا يريد أن يكون له أولاد منها.

عناصر تستحق الإشادة

رغم أن الفيلم تضمن مشاهد وألفاظا خادشة للحياء أفسدت القضية التي يطرحها الفيلم, فإن ذلك لا يمنع من أن هناك عناصر تستحق الإشادة, فقد جاء الفيلم من الناحية الإخراجية متميزا جدا, حيث ظهرت قيادة المخرج داود عبدالسيد للممثلين, فكان كل ممثل في الدور المناسب له, أما الشيء الذي يحسب فعلا لداود عبدالسيد فهو أنه ناقش هذه المشكلة بشكل جاد, كما نجح في إظهار العلاقة بين يحيى وجارته الإيطالية, حتى إنها كانت تعامله مثل ابنها, وهذا الذي يجب أن يحدث في جميع دول العالم, فيجب أن نتعامل باحترام مع الآخر مهما كانت ديانته أو جنسيته.

أما أداء الممثلين في الفيلم فكان أكثر من رائع, حيث كان أداء آسر ياسين متميزا جدا, فقد أقنع المتفرج بأنه فعلا شخص مريض يعاني من صعوبة في الكلام, كذلك أدت بسمة دور نورا بشكل متميز, أما مي كساب فرغم أن دورها كان صغير جدا فإنه كان متميزا, كما أنها استطاعت إضحاك الجمهور في صالة العرض, كذلك كان دورا محمد لطفي وصلاح عبدالله جيدين جدا, وكل منهما أدى الدور بشكل متميز.

العرب القطرية في

24/02/2010

 

الوحدة بين رواية ساباتو وفيلم داود عبد السيد

كيف تفتقد «رسائل البحر» لهوس الأعماق؟

هاني درويش

أخرج من قاعة العرض لأردّد «ثمة شيء ناقص....لماذا يتسرب لي إحساس عدم التسليم الكامل لمنطق الحكاية؟»، أستكمل: «نعم، هناك داود عبد السيد في هذا الفيلم، لمستُهُ، إيقاعه، لكن شيئاً ما أفسد هذا الخيط المتلاحم من مسيرة هذا المخرج المصري المهم هذه المرة.

الخروج من صالة عرض نهارية تعرض فيلم «رسايل البحر» متزامنا مع إنقلاب بالطقس، مناسبة لإثبات علاقات الصدفة التي تنبني عليها الحكاية، فبعد أسبوعين من الشمس اللاهبة ودرجة حرارة تجاوزت 33 مئوية، هاهي السماء تغيم، ها هو الرذاذ، والهواء العاصف، ورغم ذلك لم أستسلم لكيميا العلامات التناصية بين غربة يحيى بطل الفيلم وغربتي.

الغربة عموما طاردتني في الأسبوع الأخير، من نص أرنستو ساباتو «النفق» المكتوب بنفس طزاجة اليوم عام 48، ثم «رسايل البحر» لداود، وبينهما هروب من وإلى الغربة، في فترات الصمت الطويلة، من التفكير في شؤون الكون أثناء جلي الأواني على حوض المطبخ، والميل الجديد الى مصاحبة النفس فقط في جولات بلا معنى في مناطق جديدة بالمدينة.

كل هذا يؤكد أني على إستعداد «منفرد بكآبتي» لأن تلمسني موسيقى كلاسيكية يستمع إليها البطل طالعة في المساء من شباك فيلا كتيمة دائرية كشفية في الفيلم، جربت مثله أن أحافظ على نظافة معزلي بدقة من ينتظر كائنات قادمة لمراجعة نظافة الخواء، ثم الجوع والخوف والرغبة والسقوط المدوي لا على شاطئ البحر لكن على مقعد في ميدان عام. كل هذا ولم أقتنع بأن منبت هذا «الحزن الأبدي» ـ الذي يفترض أن داود يقدم مبرراته منذ اللقطة الأولى ـ أصيل. فيحيى قادم من أميركا ليتسلم ميراثه من أبيه المتوفى حديثاً. هو طبيب يعاني من مشكلات في النطق تفسد عليه تواصله مع الآخرين، وخال من اي مرتكزات واقعية تتمثل في عائلة أو أصدقاء. بل إن إرثه هو عبء يطارده من فيلا لا يستطيع تحمل نفقات إبقائها مفتوحة في القاهرة الى شقة في الإسكندرية يهرب إليها فيجد فجاجة صاحب البيت الانفتاحي المؤمن الذي يحلم بهدم البيت ليستبدله بمول تجاري.

يحيى الذي ترك الطب بعد أن تحول الى مسخرة للمرضى والممرضات والأطباء بحديثه المتقطع وتأتأته في الكلام، يرضى بصيد السمك، يبيعه في السوق ليلبّي إحتياجاته البسيطة، والوحدة كما نعلم سكندرية في الهوي المتثاقف. ثمة بحر يمكنك أن تولي وجهك نحوه، ثمة مسحة كوزموبوليتانية في جدران المباني، لا يحتاج داود للتأكيد عليها بمشهد طويل وممل مستعرضا أفاريز وبلكونات. ثمة نوّ بحري ومطر ومناخ شتوي مضطرب. لكن البناء لا ينسجم مع إمرأة تمشي تحت المطر تدعو غريبا لمشاركتها المظلة.

يبني داود العالم من هذه الصدفة: لقاء يحيى بنورا. والأخيرة تقدم نفسها كعاهرة من الصنف الراقي، ترضى باقتسام السرير معه مقابل 10 جنيهات لا يبدو أنها تحتاجها أصلا وفقا لملابسها وجمالها غير المهان.

تتزامن صدفة «المظلة» وليلة الشتاء الدافئة مع تجواله المسائي الذي ينتهي بشباك عازف الموسيقى المجهول. ولاستكمال الكلاشيه السكندري بوحدته لابد من وجود عائلة من بقايا التنوع السكندري اوائل القرن: أم إيطالية وإبنتها مصممة ملابس، والأخيرة هي حب يحيى الطفولي.

كي يتمسح داود ببعض الواقعية، يلامس البطل شخصية واقعية هي قابيل، البودي غارد الطيب. لمسة منضبطة للعالم الذي يكاد يختنق بكلاشيهات الوحدة المبررة من وجهة نظر المخرج. بودي غارد يخشى أن يضرب أحداً كي لا يقتله، مأزق وجودي بسيط يتفجر بكشف يحيى له ويعطيه مبررا لمزاملة ذلك الوحش الطيب، حتى هذه اللمسة تأتي بمصادفة أخرى.

لماذا تفزعني مثل كل تلك المصادفات، أليست السينما الجميلة بعضاً من المصادفات المنضبطة؟ ألم يقف بطل ساباتو قبل مايزيد على النصف قرن أمام مجرد نظرة البطلة القتيلة للوحة في معرضه، نظرة متأملة طويلة للوحة تحتوي نافذة تطل على بحر تمشي على شاطئه إمرأة مجهولة؟

رواية ساباتو وإسمحوا لي بهذا الربط الصدفوي الذي ترافق مع قراءة الرواية زمن مشاهدة الفيلم- تحكي عن فنان بقدر كراهيته للناس في مجموعهم بقدر ما يحن إليهم متأرجحا بين الكراهية العمياء والحب المبتذل، ويشعر في تأمل المشاهدة المجهولة لتلك اللوحة التي لم تلفت إنتباه أحد برابط سري، يطاردها ليسألها»لماذا نظرت هكذا الى اللوحة، هل أنت مثلي؟ ثمة شفرة فتحتها تلك النظرة في بحثه المضني والهوسي عن آخر يفك جدار عزلته، آخر سرعان ما سينتهي بقتله عندما تبدو الأسئلة بلا إجابات واضحة. ومنذ الصفحة الأولى يقر بأنه قتل الإنسانة الوحيدة التي فهمته، وهو سيحكي فقط قصة هذا الفهم وهذه الأسئلة.

في رسائل البحر، الصوت منذ البداية هو صوت يحيى. السرد الذي نراه، والسرد التعليقي على الأحداث، وبعد تأرجحه بين حب الطفولة وحب العاهرة، يستسلم لاختيار مصممة الأزياء إغواء إحدى زبوناتها، فعلى سريره يتبادلان الإعترافات الحميمة وفي مقدمتها إعتراف حبيبته القديمة بطفولة يحيى.

فجأة، وبعد إنتصاف الفيلم تماما تنقلب زاوية السرد مرة واحدة. تحكي نورا (العاهرة المفترضة) عن يومها الممل إنتظارا لقدوم المساء. تشير الى طفولتها الفقيرة ثم يعاود السرد زاوية يحيى. فإذا ماعرفنا لاحقا أن نورا ليست بالعاهرة بل انها تعتبر نفسها هكذا مع زواجها السري من غني يصرف عليها في زياراتها المفاجئة من القاهرة، وهي الحقيقة التي تتكشف في الثلث الأخير من الفيلم. ثم قبل النهاية نعرف أنها العازف السري للبيانو في جولات يحيى الليلية. يعني ذلك أن إنقلاب زاوية السرد والإعتراف القصير وغير المكتمل كان إتكاء درامياً زائفاً لإزاحة بعض الغموض عن الشخصية أو لتبرير تصرفها كعاهرة وفقا للوعي الذي ينمو به كاتب الفيلم ومخرجه في هذه اللحظة من خطه السردي الرئيس. يبدو الأمر أقرب الى خدعة غير محبوكة تشككنا لا في حِرَفية الكاتب فقط لكن أيضا في البناء المواقفي لمجمل الفيلم. فالفيلم قبل هذا وبعده هو عن أسئلة «يحيى» التي لا تنتهي لنورا عن عملها ورجاله، عن عدم تصديقه لحبّه عاهرة، عن محاولة تفهمه لما تستطيع أن تقدمه له لا مايرغب فعليا فيه.

بالعودة الى «النفق»، يطارد البطل «خوان بابلو» عاهرته»ماريا إيريبارني» بالأسئلة، كما يصفها منفعلا بعد أول لقاء. وهي مثل نورا في رسائل البحر لا تجد مبرراً للإجابة عليها بإجابات واضحة. إجابات ستزيد ألمه كما تردد دائماً. لكنها تكاد تعرفه على زوجها العجوز الضرير، بل إنها تنقل عبر الأخير رسالة حبها له، ثم لا تكاد تخفي عليه إقامتها في مزرعة عشيق آخر لها هو أبن عمها، بل تستقبله في المزرعة، ومثلما يسأل يحيى نورا عن إستمتاعها بمضاجعة رجال المهنة يسأل خوان بابلو حبيبته عن إستمتاعها بالنوم مع زوجها العجوز. في الحالتين لا تنفي السيدتان إستمتاعهما، في الحالتين تحاولان تعريف علاقتيهما بالبطلين تعريفا ملتبسا يفصل بين الحب والجنس، يفصل بين التاريخ والحاضر والمستقبل. وكلا الإجابتين لا ترضي المحبين المهووسين.

متأرجحاً بين الحب والكراهية العميقة يدفع خوان بابلو بأسئلته الى مصيرها المحتوم، لا يشبع من تناسل هوسه بالاحتمالات، لا يرضى للزمن أو المستقبل بفك ما استحال فهمه. وكلما أسال دماء ضحيته طعنا بالأسئلة والبناء المترابط للأحداث فكا وتركيبا كلما بانت نهاية نفقه المسدود، نفق ينتهي بسكين وقتيلة على سرير في مزرعة تسأله ماذا يفعل بنفاد صبر قبل أن يكرر طعناته تحت عينيها المحملقتين، في حين يبدو يحيى مهشما تحت اللاإجابة قابلا لغموض الرسالة التي تلقاها من البحر، قابلا أن يكون زوجا لعاهرة تخفي عليه أنها عازفة البيانو المجهولة، وتخفي عليه للنهاية حقيقة زواجها منتصرين سويا للاجدوى الإجابات الواضحة، فيما الأسماك الميتة التي يصطادها صاحب منزل يحيى بتفجير الديناميت تحيطهما في البحر في مشهد النهاية.

أعود لمنطق الحكي الصدفوي المتراكب بين العملين، وأسأل نفسي سؤالاً واحدا حول الصدفة في كلّ منهما، الصدفة التي تقود سردا الى نهاية تبدو منطقية وأخرى غير مصدقة، أو بين صدفتين إحداهما تنتصر لا لنهاية دراماتيكية بل لتسلسل كارثي منطقي يخفي قانون صدفته بينما يغمز بعين، وبين سرد يتواطأ بالصدفة ليكرس كآبة وتثاقفاً وغربة لامبررة، في الأول يبدو إستسلامنا المشروط لعبث فنان شبه مجنون يهذي بشكوكه، يتأرجح بين الحياة والموت، يبدو منطقياً. وأنتصر لنفسي عند هذه الحدود المفصلية لهذه الذائقة في التشبع بالهواجس. في الثاني، ثمة هندسة غير منضبطة لتلقّ سلبي غير معمق لوحدة تنتظر صدفاً حياتية. الإنتظار الأخير غير مقنع. يفتقد حتى لهشاشة القدرية التي تجعلنا غير مصدقين في النهاية مشهد دخول نورا على يحيى بحقيبتها وقد تخلصت من الحمل والزواج. يجعلنا غير مكترثين لطفولة يحيى وقد وجدت حبا يرعاها، حبا لم يبذل سواء في تفتحه أو في أشواكه مجهودا في طرح أسئلته. أمن هنا يأتي الشعور بالنقص؟ أمن هنا ترشح عدم «تسبيك» المعالجة، أم ان الأمر يتجاوز حدود ذلك الى إفتقاد داود وجيله هوس»تعميق الأسئلة»؟

المستقبل اللبنانية في

28/02/2010

 

«حلمي» ورسائل «داود»

طارق الشناوي

في أحد حوارات المخرج «داود عبد السيد» قال إن «أحمد حلمي» كان مرشحاً لبطولة «رسائل البحر» قبل أن يلعب هذا الدور «آسر ياسين».. قبل خمس سنوات كان «كريم عبد العزيز» هو المرشح لأداء الدور.. سبق مثلاً أن رشح المخرج «محمد خان» أحمد عز لبطولة فيلمه «في شقة مصر الجديدة» وقال لي «خان» بعد أن قرأ «عز» السيناريو سأله هل تضمن أن هذا الفيلم يحقق في شباك التذاكر 20 مليون جنيه و «محمد خان» بالطبع لا يضمن ذلك وأفلامه عادة لا تحقق هذا الرواج الجماهيري الضخم عند عرضها لكنها تعيش مع الناس.. لهذا أسند الدور إلي «خالد أبو النجا» الذي لم يسأل لا عن 20 مليوناً ولا 4 ملايين.. المخرجون أمثال «داود عبد السيد» و «خيري بشارة» و «محمد خان» و «يسري نصر الله» وغيرهم يرحبون بالعمل مع كبار النجوم وتحديداً نجوم الشباك لأن لديهم وجهة نظر في الفنان قبل النجم وليس النجم قبل الفنان.. مثلاً كان «عادل إمام» هو المرشح لثلاثة أفلام من إخراج «داود عبد السيد» وهي «الصعاليك» ، «الكيت كات»، «مواطن ومخبر وحرامي».. الفيلم الوحيد الذي أتصور أن «عادل إمام» نادم علي أنه لم يلعب بطولته هو «الكيت كات» برغم ثنائه الشخصي في أكثر من حوار علي أداء «محمود عبد العزيز» في دور «الشيخ حسني» إلا أنني أعتقد أن سبب ندمه ليس متعلقاً بمستوي الفيلم ولكن الإيرادات الضخمة التي حققها «الكيت كات»؟!

النجوم في العالم كله وليس فقط مصر أعني بهم Suber Star نجوم الشباك لديهم دائماً حسبة أخري تجارية ليست فقط فنية.. «أحمد حلمي» في آخر فيلمين له قدم ولا شك مغامرات «آسف ع الإزعاج» لخالد مرعي و «1000 مبروك» لأحمد جلال وهما فيلمان ضد السياق العام لنجم الكوميديا ويحملان ملمحاً مغايراً ما ولكن يظلان في نهاية الأمر ينتميان لعالم النجم وليس للمخرج.. أتصور أن إحجام نجوم الشباك في السينما المصرية أمثال «حلمي» ، «عز» ، «كريم« ، «السقا» ، «سعد» عن مثل هذه التجارب التي تحمل نبضاً سينمائياً لأنها في نهاية الأمر محسوبة لمخرجيها.. «أحمد زكي» و «نور الشريف» في الجيل الماضي ربما كانا هما أكثر نجمين استوعبا أهمية العمل في ظل سينما المخرج.. وفي نفس الوقت كان كل منهما يقدم بين الحين والآخر أفلاماً يسيطر من خلالها النجم علي كل المفردات، أفلاماً تنطق باسمه مثل «أحمد زكي» في أفلام «حسن اللول» ، «المخطوفة» ، «أبو الدهب» ورغم ذلك فإن الأفلام التي تعيش في الذاكرة لهؤلاء النجوم هي تلك التي قفزوا من خلالها للزمن ونري فيها إحساس المخرج وليس فقط بريق النجم جاذبية الشاشة وليست فقط جاذبية النجم.. نجوم الشباك الحاليون عليهم أن يقفزوا الآن إلي هذه السينما قبل أن يصبحوا في الغد غير قادرين علي القفز!!

الدستور المصرية في

28/02/2010

 

ندوة للبحث عن »رسائل البحر«

أدار الندوة: عبد الرازق حسين  أعدها للنشر: محمد التلاوي ـ محمد خضير 

نظمت آخر ساعة ندوة لمناقشة فيلم رسائل البحر، حضرها المخرج داود عبدالسيد وآسر ياسين ومحمد لطفي وبسمة، شارك في المناقشات الناقدة ماجدة خير الله، والدكتور وليد سيف والأمير أباظة ومحمود قاسم، تناولت المناقشات الجدل الذي يدور حول الفيلم، وما يتردد حول وجود مشاهد غير لائقة، والرموز والدلالات الفنية، والتأثير الفني الذي انعكس علي الفيلم بسبب جمع داود بين الكتابة والإخراج، والغموض في الأحداث وبناء الشخوص، الذي يدفع بعض المشاهدين لرفض الفيلم، كما أشار الحاضرون لمستوي الأداء التمثيلي، ورسالة البحر الغامضة المكتوبة بلغة غير مفهومة، في ختام الندوة كرمت آخر ساعة مخرج ونجوم الفيلم، حيث تولي الزميل محمد علي السيد نائبا عن رئيس التحرير تسليم الدروع التذكارية.

بدأت الندوة بترحيب الناقد عبدالرازق حسين بالحاضرين وقال: رسائل البحر عمل فني يكتسب أهميته من ناحية مضمونه ودلالاته ورموزه الفنية، ومخرجه داود عبدالسيد، أحد المهمومين بصناعة السينما الجادة، في أعماله السابقة كان يشارك في كتابة السيناريو بدرجات متفاوته، لكنه في رسائل البحر يقدم نفسه كمؤلف ومخرج وصانع للفكرة والصورة بكافة تفاصيلها ورموزها، أتصور أن القراءة الفنية لهذا الفيلم يجب أن تتم من خلال مستويين، أحدهما الأحداث والشخصيات المفهومة للمشاهد العادي، والمستوي الثاني الرموز والدلالات الفنية، لذلك أطالب المخرج بأن يتحدث في البداية عن هذا المستوي الرمزي، ويشرح وجهة نظره في الدلالات الفنية، وبالذات مشهد النهاية، حيث جلس بطلا الفيلم داخل قارب صغير مكتوب عليه القدس، المخرج قال لإحدي الصحف أن اسم القارب مجرد صدفه، وإن كنت لا أتصور أن مخرجا في حجم داود عبدالسيد، يمكن أن يترك مثل هذه الدلالة الرمزية للصدفة.

مجرد صدفة

علق المخرج داود عبدالسيد: لا يوجد مستوي رمزي لأحداث فيلم رسائل البحر، والقول بوجود هذا المستوي يعني توجيه المشاهدين وفرض تفسيرات محددة، ومن ناحيتي أفضل أن يفسر الفيلم كل مشاهد كما يريد، لكنني أعترف بوجود دلالات وليس رموزا، اسم قابيل الذي يؤدي دوره الفنان محمد لطفي، هو إحالة لقصة قابيل وهابيل، أما القارب في مشهد النهاية فإنه لا يحمل دلالات، بالفعل المسألة مجرد صدفة، استأجرت قاربا لتصوير المشهد، ربما كان خطأ من جانبي عدم إزالة اسم القارب، لكنه أمر مزعج بالنسبة لي أن يكون هذا المستوي من قراءة الأفلام مازال موجودا.

وعن المشاهد الجنسية قال داود: أتمني أن يحدد لي أحد أماكن وجود هذه المناظر في فيلمي، هذا الالتباس يعود إلي عدم دقة التوصيل، فارق كبير بين علاقة الحب، وتصوير العلاقة فوق الفراش، يبدو أن الجمهور والنقاد يطلبون مني هذا، وأنا سعيد بخيال النقاد، وإن كانت هذه المشاهد غير موجودة في فيلمي.

المهم التمثيل

الفنان آسر ياسين تحدث عن المشاكل الفنية التي واجهت إعداده لشخصية يحيي الشاب الخجول الذي يعاني من التلعثم في نطق حروف الكلمات، قال: ترددت علي عيادات الطب النفسي، وطالعت ظروف ومشاكل الحالات المشابهة من خلال شبكة الإنترنت، وتحدثت مع إخصائيين لمعرفة الأسباب العلمية، هل تعود إلي مشاكل في المخ أم أزمات نفسية، كما تلقيت دروسا مكثفة للتحكم في خروج النفس والصوت والألفاظ، وأضاف: أغلب مشاهد الفيلم صورت في الإسكندرية تحت أمطار النوات والبرد القارس، وكنت حريصا علي عدم التمثيل، فقط حاولت أن أكون بسيطا وتلقائيا، وعن الرهان عليه كنجم للمستقبل قال: أتمني أن يكسب الذين يراهنون، لكنني أحدد اختياراتي بعيدا عن ذلك، ليس هدفي المال أو الشهرة، لكن التمثيل فقط.

قلق بسمة

بسمة تحدثت عن شخصية نورا، ونظرة المجتمع السيئة لها، حيث قررت أن تعيش حياة الغانية التي تبيع جسدها لمن يدفع الثمن، فهي لا تري فرقا أن تكون زوجة ثانية لثري يزورها في المناسبات، وأن تبيع جسدها للعشرات، إلي أن تلتقي بإنسان تشعر بصدق وحيوية مشاعره، قالت بسمة: تحدثت مع الأستاذ داود عن الخوف من نظرة الجمهور لهذه الشخصية، رغم أنني أفهم منطقها ومبررات سلوكها، كثيرون يحكمون عليها من منطق أخلاقي، فهي متزوجة من رجل ثري ينفق عليها، لماذا تخونه، لكن ما تريد أن تقوله الشخصية من خلال الفيلم، أن الزواج ليس مجرد ورقة تكسب العلاقة بين الزوجين الشرعية أمام الناس والمجتمع، نورا صاحبة وجهة نظر في الحياة، لذلك قررت اختيار مصيرها، وحول قدرتها علي اختيار أدوارها في المرحلة المقبلة قالت: هذا ترف لا تملكه سوي ممثلة أو اثنتين لا توجد ممثلة نجمة ذات ثقل يسمح لها باختيار أدوارها بين عدة بدائل.

< الفنان محمد لطفي قال: قبل قراءة السيناريو كنت أشعر أن دور قابيل مكافأة من المخرج الكبير داود عبدالسيد، ثم تأكدت أثناء القراءة أنني أمام فيلم يعكس إيقاع السينما وبهجتها، تدربت علي حالة الصرع عند طبيب وصديق، الدور يتميز بالمشاعر العميقة، والتفاصيل الإنسانية التي أبرزها الأستاذ داود، ورغم أنني أقدم غالبا الشخصيات الكوميدية، إلا أنني لم أشعر بالغربة مع قابيل.

دور سخيف

< سألت الناقدة ماجدة خير الله عن السيناريو الذي كتب لأحمد زكي، هل هو نفس السيناريو للفيلم المعروض حاليا، وكيف يري داود عبدالسيد انهيار الطبقة الوسطي؟

<< قال داود عبدالسيد: رسائل البحر لم يكتب لممثل محدد، وأضاف أنه ليس خبيرا اقتصاديا ليحدد ما حدث للطبقة الوسطي، لكنه كمواطن يري أنها تزداد.

< حول سؤال للناقد الأمير أباظة عن اختيار المخرجة التسجيلية نبيهة لطفي لدور السيدة المصرية إيطالية الأصل قال داود: لا توجد ممثلة في هذه الشريحة العمرية، كما أن شكلها أقرب للملامح الإيطالية، وأضاف: شعرت أيضا بالحيرة عند اختيار ممثل لأداء الدور الذي قدمه صلاح عبدالله، دور سخيف وشائن، لكنه يحتاج إلي ممثل كبير، ووافق صلاح، ورفض أن يتقاضي أجرا عن أداء هذا الدور. 

< الناقد محمود قاسم قال: إن فيلم رسائل البحر أظهر مدينة الإسكندرية في صورة لا يراها بدقة إلا الذين يحبون هذه المدينة، وأشار إلي العلاقات والتي لا تتحقق بالنسبة لأطرافها، وقال إن المخرج أكد قدرته علي براعة الحكم في أرض الخوف ومواطن ومخبر وحرامي ورسائل البحر.

< قال الناقد وليد سيف: الفيلم يضم دلالات وإيحاءات وجمال، وقد شاركت في العديد من لجان مشاهدة الأفلام في المهرجانات الدولية، وأستطيع التأكيد علي أن هذا الفيلم شديد الندرة في جودته وجماله.

في ختام الندوة قال المخرج داود عبدالسيد: رسالة البحر المكتوبة بلغة غير مفهومة أنها حياة الإنسان، رسالة لا يستطيع فهمها، ورفض الاعتراف بأن الفيلم يحتاج لنوعية خاصة من المشاهدين، وأشار إلي أن إيراداته تؤكد ذلك، ورفض تعليق بعض الحاضرين علي غموض بعض التحولات الدرامية.

آخر ساعة المصرية في

02/03/2010

 

خلاصة لخبرة داود عبد السيد فى الحياة وفى الفن

«رسائل البحر».. أنشودة عن الحب والبراءة فى مهب الريح

محمد بدرالدين

يجسد فنان السينما المصرية والعربية الكبير داود عبد السيد فى فيلمه "رسائل البحر" رؤية شاملة للحياة، يتأملها ويدعونا لتأملها، ولمحاولة "فك شفرة" رسائلها إلينا، وما البحر فى هذا الفيلم إلا تلك الحياة وما رسائله إلا أسئلتها التى نتلقاها فنحيا الحياة، ونسبر أغوارها قدر ما نستطيع، وفى النهاية نعثر على أجوبة فى خصوص القليل منها ونعجز عن الوصول إلى الأجوبة عن الأكثر. 

فى بداية الفيلم، نرى عناوينه تنزل على زجاجة مغلقة تطفو على أمواج البحر، ولا نلبث خلال مشاهدة أحداث الفيلم إدراك أن بطله الشاب "يحيي" (آسر ياسين) بينما يصطاد (حيث يعيش فى الإسكندرية) يعثر على تلك الزجاجة، ويكتشف فيها رسالة، كتبت بلغة قديمة غير متداولة ولا مفهومة، يدور بها بعد ذلك على أفراد متنوعين يعرفون لغات عديدة من لغات العالم، لكن من دون جدوي، متمنياً كشف طبيعة ومعنى هذه الرسالة التى تظل مستعصية على الفهم. 

واللافت أن ذلك يظل حتى نهاية الفيلم، وحينما يقول بطله فى النهاية لبطلته "نورا" (بسمة) إنه يتمنى أن يعرف ماذا تقول هذه الرسالة، ومن الذى أرسلها ولمن؟.. تقول له: ما هو الذى يهمنا فى ذلك؟.. قد تكون على أى نحو، ومن أى راسل.. فهناك أشياء ليس من الضرورى أن نكتشف سرها.. وقد تظل قيمتها وجمالها فى أن تبقى كذلك أبداً!. 

يضع داود، وهو ذاته الذى كتب الفيلم، مجمل خبرته فى الحياة، وخلاصة خبرته فى الفن ـ فى آن واحد معاً ـ فى هذا الفيلم العذب، فيلم يذكرنا بالفن الحقيقى البليغ الذى يمكن أن نراه عبر شاشة السينما، ويذكرنا بأن السينما لدينا يمكن أن تقدم هذا المستوى الرفيع بالفعل، لكن إذا توافر فنانون حقيقيون كبار من طراز داود، وهم نادرون على أى حال سواء فى مصر أو العالم. 

وبطلنا الشاب الذى رأيناه يصطاد، ليس كهواية بل كعمل يحترفه، نكتشف أيضاً بعد قليل ـ للغرابة ـ أنه فى الأصل طبيب، لكنه سرعان ما ترك مهنة الطب بسبب درجة من التلعثم أو "الثأثأة" التى منى بها فى نطقه للكلام، وكان أبوه بسببها وهو لا يزال بعد صبياً أو طالباً يتطلع إليه بحزن عميق ـ كما يروى الشاب ـ وبسببها كان زملاؤه من الطلاب أو من الأطباء بعد تخرجه وكذلك المرضى ينظرون إليه باستغراب وأحياناً يدارون الضحكات أو لا يدارون ـ كما يروى أيضاً ـ فعجز عن الاستمرار فى عمله كطبيب، واتجه إلى البحر واحترف صيد الأسماك، أى اتجه إلى الحياة ذاتها فى أعلى حالات رحابتها وتسامحها، وتفهمها. 

فى حياته الشابة "كارلا" (بأداء سامية أسعد) وأمها فرانشيسكا (التى أدتها المخرجة اللبنانية المصرية الكبيرة نبيهة لطفي) وهما من أصل أجنبي، يمثلان أيضاً دفئاً إنسانياً وعائلة كذلك تتفهمه وتحبه، منذ سنوات مبكرة (قبل ابتعاده لفترة)، والأن يقطنون معاً فى عمارتهم القديمة فى الإسكندرية ـ برحابتها الحضارية بدورها ـ لكن مالك العمارة هاشم (صلاح عبد الله) أو رجل المرحلة الجشع، (الذى يصطاد السمك بالديناميت!!)، يصر على طرد الجميع لإقامة "مول" أو مشروعه الذى يتواكب مع عصر ما يسمى الانفتاح الحالى وما هو إلا انفتاح على السوقية والنهب والنهم الذى لا يعرف حدوداً، على حساب كل القيم الإنسانية الإيجابية، الآخذة اليوم فى تلقى الضربات تحت سنابك أولئك الهمج أو التتر الجدد. 

إن قصة حبه لهذه الفتاة كارلا ـ التى تمتلك "اتيليه" للأزياء ـ يكون مصيرها البتر، فهى وأمها لا يجدان أمامهما سوى ترك البلاد التى ارتبطا بها وانتميا إليها والذهاب للإقامة فى إيطاليا حيث الأصول الأولي. لقد صارت الإسكندرية وبلادنا الحالية طاردة حتى لأبنائها وليس فحسب للمقيمين من أصول غير مصرية!. 

وتقول "كارلا" فى مشهدها الأخير إن عالمها القديم يترنح بشدة ويتبدل، وهى الآن على حافة الخطر أو المخاطرة بل و"الغواية"، فتقبل (فى نفس اللحظة) حتى علاقات حسية غير سوية بعد أن كانت تنشد السوى والطبيعى مع جارها يحيى الذى تربت معه..!. 

ويجسد "يحيي" أمامنا طول الوقت قيمة البراءة الحقة، المفتقدة فى زمننا، والتى أصبحت بوضوح فى مهب الريح.. وهو مولع بموسيقى آسرة موحية يسمع عزفها فى شقة بعيدة من دون أن يعرف عازفها، إنه مولع بالجمال وبالحياة رغم كل ما يعانيه فيها. 

هذا إلى أن يجد أخري، إنها "نورا"، شابة باحثة عن الحب والحياة الحقيقية الصادقة مثله، ولا تجدها أبداً، فى أى جانب أو صعيد ولا مع الزوج (أحمد كمال) الذى يأتيها كزوجة ثانية فى أوقات معينة تروقه هو لإشباع رغبته الحسية فحسب، لقاء مستوى مادى ميسور يقدمه، فلا تشعر معه سوى بأنها تبيع المتعة كأى "مومس".. حسب تعبيرها، وحسب تقديمها نفسها لبطلنا، الذى يحبها حتى وهو يفهم أنها كذلك.. إنه يحبها ويقبلها كما هي، وهى تحبه وتقبله كما هو.. وهذا ـ على التحديد ـ مفتاح أساسى من مفاتيح الفيلم وفهمه. 

عمل داود عبد السيد "رسائل البحر" يستحق تناولاً متأملاً، ويستحق ذلك التضافر الفنى والحرفى البارع لجميع من أسهم بخبرته وعمله المتقن فى كل مجالات التصوير (أحمد المرسي) والمونتاج (منى ربيع) والديكور (أنسى أبو سيف) والموسيقى (راجح داود)، والتمثيل سواء أبطاله أو أصحاب الأدوار الثانية والثانوية. 

والفيلم بداية جديدة قوية لآسر ياسين كنجم شاب وممثل حقيقى تحتاجه السينما المصرية (أول من لفت نظرى ونوهت به كان فى مسلسل "عمارة يعقوبيان")، وتأكيد لمواهب كل من النجمة الشابة المتميزة بسمة (فى دور آخر كبير لها بعد فيلم "زى النهاردة")، والراسخ صلاح عبد الله، ومحمد لطفى (فى دور مهم ومشهد عذب لا ينسى لشخصية "قابيل" الذى يستعد بشجاعة وتحسب لكارثة فقد الذاكرة بعد إجراء عملية خطرة)، وكذلك أحمد كمال ومى كساب وغيرهم، أما اكتشاف الفيلم اللافت فهو سامية أسعد التى قدمت أداء جميلاً دقيقاً إلى جانب نبيهة لطفى بأداء تلقائى وحضور حقيقى فى دور مؤثر. 

لقد أمتعتنا فى فيلم "رسائل البحر".. رسائل داود عن الفن والحياة، ولقطات هذا العمل السينمائى الأخاذ الذى قدمه كقصيدة شعر، بلغة السينما وبلاغتها الخاصة، وباختيار مرهف معبر لزوايا التصوير والإضاءة وحجم اللقطة والتكوين. 

إن فيلم "رسائل البحر" أنشودة فى حب الحياة ورحابتها وتسامحها وتفهمها.. أنشودة فى حب الإنسان وبراءته وقدرته على مواجهة الحياة رغم كل شئ، رغم قتلة الحياة وآكلى البشر، وموت يحيق وأسماك ميتة تطفو على سطح الماء بعد "الديناميت" من حول قارب البطلين فى مشهد النهاية، رغم العواصف الهوجاء وتلك الأنواء التى تداهم أبطال "رسائل البحر" المرة تلو المرة.! 

العربي المصرية في

02/03/2010

 

القبح سائد والجمال شحيح!

صفاء الليثي 

ما أن يظهر فيلم لداود عبد السيد حتى تنشط التفسيرات وندخل فى متاهة لتفسير البعد الأول والثانى والثالث، ويتحول الأمر إلى لعبة من لا يمارسها يحكم عليه بالسطحية، ويخرج من جنة المثقفين وكبار النقاد، وقد يتهم بالغباء لعدم فهمه الرسائل. 

أكتب عادة بعد المشاهدة الأولى لأى فيلم، وهناك جدل دائر بينى وبين أصدقاء مقربين، صديقتى تقول سيكون هذا انطباعا وليس نقدا، وأصر أن الأفلام تصنع لتشاهد فى طقس جمعى ويكتب عنها مباشرة، وعادة لا تضيف إلى المشاهدة الثانية إلا تأكيدا لما وصلنى فى التلقى الأول للفيلم، ولما لم أجد بعد المشاهدة الأولى فى "رسائل البحر" هذه الأعماق المرتبطة دائما بأعمال داوود عبد السيد، وخشيت من اتهامى بالتخلف وأنه ليس لى فى "الشغلانة"، عزمت على مشاهدته مرة أخري، والتقيت زميلا شابا يتابع ما أكتبه، وأتابعه أيضا، وتناقشنا قبل المشاهدة حول فكرة تكرار المشاهدة، تمازحنا "أغلب الظن أن انطباعاتى الأولى ستتأكد". 

كان الزميل يشاهد الفيلم للمرة الثالثة وبعد العرض تقابلنا، بادرنى قائلا: "أليس الفيلم شديد البطء، نعم بطيء دونما حاجة للتأمل ـ عذر البطء فى أفلام داود ـ والتعليق يجب حذفه تماما من الفيلم، اتفقنا على ذلك، والأهم وجود كثير من التفاصيل من أفلام ـ أجنبية غالبا ـ تخرج الشخص من التركيز وهو يحاول التذكر" أين شاهدت كؤوس الخمر يخرجها عاشق من جيب معطفه، أى فيلم غربى هذا؟ نحتاج صحفيا من مطبوعة شبابية يذكر لنا كم عدد الأفلام التى شاهدنا فيها هذا المنظر! 

حبى للشخصيات كارلا ويحى وقابيل وبيسة، يشوش عليه طغيان شخصيات قبيحة كالزبونة "دعاء حجازي" والمعلم هاشم "صلاح عبد الله" وصبيانه، كونى ما زلت أؤمن بالاشتراكية أحزن كثيرا من انتصار القبح والشر، وأنتظر أملا ينبع من جمال الشخصيات ـ وهى جميلة حقا ـ ومن قدرتها على مقاومة القبح، بالإضافة لجنوحى للمنطق الذى افتقدته شخصيات الفيلم، هذا الذى لا يجد قوت يومه ويتضافر القدر ليشعره بالجوع، أين أموال الأرض؟ وأين ما يتركه له الأخ المغترب بأمريكا؟ لماذا استسلمت كارلا لغواية الزبونة، ولم تحاول أكثر مع يحي، مرة أخرى هل هى الأقدار؟. ما كل هذه المبررات لنورا" بسمة"، وما هذا التناقض فى الشخصية، عازفة الموسيقى الكلاسيك تنام كالبهيمة مع زوج تزوجها للمتعة، أين كان اختيارها حين وافقت على شكل الزواج هذا الذى يشبه الدعارة؟ لماذا تستسلم الشخصيات لأقدارها؟ أين حرية الاختيار له ولها؟ لماذا يكرر الكاتب نفسه فيطرق أبوابا طرقها فى "مواطن ومخبر وحرامي" وأحيانا فى "أرض الخوف"، أغلب الظن أن داود أحرق شخصياته عمدا ليمارس تفلسفه الذى يستجيب له شباب المثقفين، وبعض من كبارهم، ألقى عليهم أكواما من قبح الواقع وتركنا فقط لجمال أمواج البحر المتلاطم وفراشات بيسة وقابيل، كثير من الجمال الفنى لمشهد النافذة بالستارة الهفهافة يخرج منها عزف بديع على البيانو لموسيقى كلاسيكية، يتسمر أمام النافذة بطلنا الذى ترك مهنة الطب وعاش على صيد الأسماك، جمال يفاجئنا المخرج به يخرج من الزوجة التى تنعت نفسها بالمومس. جمال محمد لطفى فى شخصية البودى جارد قابيل الذى أصبح جبانا حتى لا يقتل أحدا، وحبيبته الشعبية التى تصف لحظة ممارستها الحب معه وصفا ساحرا محاطة بالفراشات البيضاء، تمنيت أن تكون هذه هى النهاية ولكن المخرج آثر أن يستمر فى تعذيبه لنا فينهى فيلمه بمركب يحى ونورا محاطا بالأسماك الميتة التى صادها الحاج هاشم بالديناميت. 

حقك فى رؤية العالم هكذا وحقنا فى الحلم بانصلاح الأحوال وسيادة الجمال.. ولكن عفوا سيدى المخرج الكبير، معك كل الحق، فالقبح سائد والجمال شحيح. 

العربي المصرية في

02/03/2010

 

بانوراما لمعمار الإسكندرية القديم

فاتن محمد علي 

بحر الحياة مليان بغرقى الحياة 

صرخت خش الموج فى حلقى ملاه 

قارب نجاه.. صرخت قالوا مفيش 

غير بس هو الحب.. بس هو الحب قارب نجاه.. عجبي 

لا اعرف لماذا تذكرت هذه الرباعية للمبدع صلاح جاهين حين شاهدت فيلم المبدع داود عبد السيد (رسائل البحر) ربما لأن الفيلم يطرح نماذج من غرقى الحياة. 

يقدم الفيلم حالة شديدة العذوبة والرقة من خلال الصورة التى يجيد عبد السيد رسمها فيبهرنا دائما بنسج مفردات العمل وجدلها.. هذه الحالة التى تتركك للتأمل والانفصال عن عالم القبح الذى يلفنا جميعا، حالة من القشعريرة اللذيذة تجعلك تكاد تبكى ربما فرحا بالإبداع والرقى والرقة التى تصدرها لك الصورة والموسيقى وإيحاءاتها مجتمعة فقدم لنا سيناريو مختلفاً. 

البحر مثل الحياة التى تثور وتهب عواصفها مرات وتهدأ وتصالحنا أحيانا، وغرقى الحياة نماذج قدمها عبد السيد يعجزون عن مواجهة واقع مفروض عليهم فيستسلمون سواء لقوة غاشمة مثل الحاج هاشم الذى يدمر الجمال والمعانى لجنى المال، حين تترك فرنشيسكا الايطالية شقتها التى عاشت حياتها فيها وتعتبر نفسها (اسكندرانية)، أم لغواية كما فعلت كارلا ابنة فرنشيسكا، وتستسلم نورا التى تتزوج زواج متعة تشبهه بالدعارة وبدلا من مواجهة هذا الواقع الذى ترفضه ترتمى فى أحضان يحيى الذى تعتبره (شربة ميه وسط العطش الذى تعيشه)، وقابيل الذى ظهر فى حياة يحيى يستسلم لمصيره المنتظر اثر إجراء جراحة ستسلبه ذاكرته التى تمثل حياة كاملة. 

فى خضم هذا الواقع المرير يرسل البحر رسالته المبهمة والتى يعجز يحى عن تفسيرها أو فك طلاسمها، ولكنه الحب قارب النجاة.. والطريف أن الفيلم ينتهى بلقطة تجمع يحيى ومحبوبته نورا فى قارب على سطح البحر فى إشارة الى تقبل الحياة واستشراف لمستقبل أجمل رغم الواقع الذى أصر عبد السيد على تأكيده بتفجير هاشم الديناميت لاصطياد السمك الذى يطفو ميتا حول قارب يحى ونورا. 

أجاد داود عبد السيد فى تقديم سيناريو مختلف يحتمل العديد من القراءات ولكن ابرز ما فيه تلك الحالة التى يصدرها لنا والتى تتركنا مخدرين من الانتشاء، رغم الواقع شديد القسوة إلا أن الرسالة التى يهديها إلينا تعيننا عليه.. موسيقى راجح داود الذى يصر عبد السيد على التعاون معه عبرت عن هذه الحالة فكانت حوارا موازيا اتسق مع السيناريو فكانت تارة تعلق على الأحداث بالعزف المنفرد على البيانو وتارة بالموسيقى التى امتزجت بصوت البحر وأمواجه المتلاطمة أثناء النوة مرة وأمواجه الهادئة أخري.. اختيار الإسكندرية وتجول الكاميرا فى بانوراما لمعمار الإسكندرية القديم فى بداية الفيلم كان من أروع المشاهد وأدخلنا فى بؤرة الأحداث فجعلنا نتوحد مع المدينة الجميلة التى أجاد انسى ابو سيف فى إبداع لافت لاختيار ديكور مناسب اتسق مع الأماكن والأحداث. 

أجاد مدير التصوير "أحمد المرسي" الذى قدم لنا صورا أشبه بتابلوهات استعارها من عصر النهضة سواء ثورة البحر وتعانقه مع السماء، أو معمار الإسكندرية الذى أحالنا إلى عبق الماضى الجميل.. المونتيرة منى ربيع قدمت مونتاجا حافظ على إيقاع الفيلم وتعاملت بتفهم مع الحالة التى أصر المخرج على تصديرها لنا، أجاد المخرج فى اختيار وإدارة أبطاله، فتجاوز اسر يس ذاته وجاء تميزه من إجادته للأداء الداخلى وتفهمه للشخصية وتعامله معها بحذر فلم يقع فى فخ المبالغة ولا الأداء الميلودرامي، وظهرت بسمة فى اوج نضجها بأداء اقرب للسهل الممتنع فانسابت الشخصية برقة وعذوبة وتسللت إلينا، وجعلتنا نتعاطف معها، أما المفاجأة الرائعة والهدية التى أهداها لنا عبد السيد فهى المخرجة المبدعة نبيهة لطفى التى قدمت شخصية حية بيننا لطالما تقابلنا معها وحدثتنا بنفس البساطة والحب والحميمية التى أدت بها بإجادة تامة. 

وبدون ابتذال أو فجاجة تفاجئنا الممثلة الواعدة سامية اسعد فى تجسيدها لشخصية كارلا فأقنعتنا انها ايطالية مصرية بتفهم تام لأبعاد الشخصية، ومثلها دعاء حجازى فى دور صديقتها المثلية، أما الفنان محمد لطفى فاستطاع أن يقدم تنويعة على شخصية البودى جارد دون تقليد لما قدمه من قبل حيث مكنه دوره ورسم الشخصية فى تقديم اداء مختلف يحسب له.. أما مى كساب فيكفيها انها شاركت مع مخرج كبير وبين مجموعة تميزت وأجادت فلم تمكنها مساحة دورها فى إظهار مواهبها فأدت فى حدود دورها. 

داود عبد السيد ابتعد عن السينما سبع سنوات ليعود برسائل أشبه بورود ذات عبق تخللتنا وعبرت لقلوبنا بصدقها وعفويتها.. فشكرا لرسائلك وورودك. 

العربي المصرية في

02/03/2010

 

رسائل البحر.. صدمة جمال تستمر

القاهرة - إبراهيم الحُسيني

بعد سبع سنوات من الغياب يعود إلينا المخرج داود عبدالسيد برائعته الجديدة «رسائل البحر»، كان آخر أفلامه «أرض الخوف» الذي قام ببطولته العبقري الراحل أحمد زكي.

يوجه إلينا داود عبدالسيد في فيلمه الأخير «رسائل البحر» مجموعة كبيرة من الرسائل والإشارات لعل أهمها هذه الفكرة الكبيرة المُسيطرة على الفيلم، ألا وهي فكرة قبول الآخر كما هو، من دون التدخل بمحاولات لتعديله، إلى جانب هذا الفهم هناك مستويات أخرى للتلقي آخرها هو ذاك الفهم الذي يُناسب المشاهد العادي الباحث عن المتعة الشخصية والتسلية، والذي تعوّد طوال العِقد الأخير على أفلام كثيرة من النوع الاستهلاكي، آخر هذه الفهومات تخص احتواء الفيلم على مسار لحدوتة طبيب يسخر منه كل زملائه ومرضاه لعدم قدرته على نطق الكلمات بشكل صحيح، إنه يجد صعوبة شديدة كلما أراد أن ينطق بكلمة، لذا فهو يهجر الطب ومدينة القاهرة الصاخبة وفيلا عائلته بعد وفاة والده، ويرحل إلى شقة صغيرة في مدينة الإسكندرية ليُعيد ذكرياته العاطفية مع ابنة الجيران الفتاة الإيطالية المصرية «كارلا»، لكنها تتحوّل عنه إلى إقامة علاقة شاذة مع فتاة أخرى، و «يحيى» ليس لديه هدف محدد في الحياة بعدما ترك مهنة الطب التي سعى لاحترافها رغبةً في إرضاء أسرته، إنه يهوى صيد الأسماك بسنارته، لذا فهو يتخذ من هوايته مهنة تُدر عليه بعض الأرباح التي تساعده على مواصلة العيش، يتعرف على صديقه «قابيل» وهو بودي جارد في أحد المحال، وإلى فتاة أخرى هي «نورا» التي يقع في غرامها ويُصارحها بحبه ورغبته في الزواج منها رغم معرفته أنها «فتاة ليل تتاجر بالحب».

يدور «يحيى» داخل هذه الشبكة من العلاقات كالسمكة الحائرة داخل شبكة الصياد، خطوط سيره في الحياة تتقاطع مع خيوط سير الآخرين، ورغم أن مساره الحكائي هو ما يربط الآخرين به، إلا أن لكل واحد ممن حوله حكايته الخاصة، التي ربما لا يعرفها «يحيى» بالكامل، فحبيبته «نورا» نعرف أنها زوجة ثانية لرجل أعمال تزوجته بشروط خاصة أهمها السرية وعدم الإنجاب، لذا فقد استسلمت لخطأ «يحيى» عندما اعتقد أنها «فتاة ليل» لأن ذلك لامس وتراً حساساً داخلها، فهي ترى أن الدور الذي تقوم به مع زوجها رجل الأعمال القاهري الذي يأتي إليها يوماً كل أسبوع أو كل أسبوعين، لا يختلف كثيراً عمّا فهمه «يحيى» عنها.

هذه المسارات المتقاطعة للشخصيات تحمل حواديت صغيرة يُمكنها أن تُمتع المشاهد العادي بحواراتها الجريئة، بقدرة ممثليها على تجسيد المشاعر الإنسانية المختلفة، بهذه التفاصيل الكثيرة المرئية والمسموعة التي يضعنا الفيلم أمامها، فكل مشهد في الفيلم عبارة عن لوحة تشكيلية مُكتملة التفاصيل، وكل جملة حوارية لها رموزها وإشاراتها وجمالياتها الخاصة، هناك حال تشبع فني يقودك إليها الفيلم عبر تقدمه وتقاطع مسارات حكاياته حتى يخرج في النهاية مُحملاً بالكثير من التساؤلات عن الحرية، التسامح، قبول الآخر، البحث عن السعادة والأمان لآخر لحظة في الحياة، نثر البهجة في كل شيء.

هناك بالفعل متوالية جمالية يقودك إليها الفيلم عبر أبطاله آسر ياسين «يحيى» بأدائه اللافت للنظر، وبهذه القـوّة في التعبير، بسمة بقدرتها الهائلة على ملء التفاصيل الإنسانية بنظراتها، بحركتها، بتعبيرات وجهها وجسدها،... هناك طاقة كبيرة تُحركها للأفضل من مشهد لآخر، صلاح عبدالله بخبرته الكبيرة ووعيه الحاد بحقيقة دور الشرير في الفيلم، فهو صاحب المنزل القديم والذي يُعتبر قيمة جمالية عالية استهلك عبدالسيد في نقلها إلينا بالكاميرا ما يزيد على الدقيقتين في أول الفيلم، إنه يُريد أن يهدم هذا الجمال ويستبدله بمول تجاري ضخم، لذا فقد أدى «عبدالله» دور الشرير بقدرة عالية.

«نبيهة لطفي» السيدة الإيطالية أداؤها مُعبر جداً ومشحون بالتفاصيل الحيوية والإنسانية، و«مي كساب» طغت حيويتها على المشاهد القليلة التي ظهرت فيها على مدار الفيلم.. أما «محمد لطفي» في دور «قابيل» فقد استطاع الخروج من نمطية الشخصيات التي عُرِف بها ليدخل في مساحة جديدة من الأداء تدل على النضج الكبير في مسيرته وترفعه إلى مصاف النجوم الكبار، لقد أشعرنا بالتناقض الذي يقتحم شخصيته بهذا الصراع النفسي الذي يُطيح به، ما بين كونه بودي جارد ضخم الجسد، وما بين عدم قدرته على ضرب أي شخص بسبب حادثة شجار قديمة قتل بسببها من يتشاجر معه، ومن يومها أقسم ألا يدخل في أي شجار بعد ذلك، أضف إلى هذه العقدة النفسية مرضه بالصرع وحاجته إلى عملية جراحية قد يخرج منها بلا ذاكرة.

تفاصيل كثيرة قد تستهلك وقتاً كبيراً في سردها لكنها تشعرنا ونحن نشاهد فيلم «رسائل البحر» أننا أمام قطعة فنية مليئة بالحياة، من لحم ودم بها إشارات ورموز لا تنتهي، وما رسالة البحر التي وجدها «يحيى» داخل زجاجة إلا إحدى هذه الإشارات أو الرموز، لكنها إشارة مُستعصية على الفهم قد يفهمها كل منا بشكل مختلف، كل حكاية لإحدى الشخصيات تدل على إشارة أخرى ليتم وعبر الحكاية الأم حكاية «يحيى» لضم هذه الحكايات جميعاً في إشارة كبيرة هي «قبول الآخر كما هو وعدم محاولة تغييره»، فإما أن نقبله وإما أن نرفضه، وهي الحكمة التي تلقي بها بعذوبة السيدة الإيطالية «فرانشيسكا» في وجه «يحيى» عندما ذهب إليها ليشاورها في أمر زواجه من «نورا» فتاة الليل التي أحبها.

في مدار موازٍ مع كل هذه الحكايا برموزها المختلفة وأجوائها الممطرة والضبابية التي اختارها عبدالسيد ليُضفي على «كادراته» إحساساً شاعرياً دافئاً رغم برودته الظاهرة.. يأتي البحر بعد كل ذلك برسائلـه الكثيرة مُهيمناً على الصورة كلها بعطفه تارةً عندما يمنح «يحيى» الصيد الوفير، وبغضبه تارةً أخرى عندما يتهيّج ويُرمي بمائه في عنف إلى الشاطئ ليُكسّر كل شيء في طريقه، وبانصرافه عن العطاء عندما يبخل على «يحيى» ببعض السمك فيقضي الساعات الطوال أمامه بسنارته من دون أن تخرج له سمكة واحدة وهو ما يجعله يغضب قائلاً للبحر «جيت لك وأنا مش محتاج إديتني إللي أنا عايزه، وجيت لك وأنا محتاج بخلت عليّا... ده ظلم ولّا فوضى ويتساءل «يحيى» عن الحكمة التي وراء ذلك.. وهذه الحال بتساؤلها تمنح البحر رمزاً كبيراً، قد يدل على المجتمع بكل ظروفه المتقلبة، وخاصةً في ظل وجود رأسمالية متضخمة رافضة للجمال وللإنسانية كل هدفها جمع المال كما يتجلى ذلك في رجل الأعمال «صلاح عبدالله» صاحب المنزل.

سيمفونية عبدالسيد الجديدة تمنحنا على مدار ساعتين وربع حالا خاصة جداً من المتعة، تختلف عن تلك الحالات الأخرى لعشرات الأفلام الاستهلاكية التي تمتلئ بها سينما اليوم على الصعيد المحلي والعالمي أيضاً، بهذا الفيلم يعود عبدالسيد شاعراً سينمائياً له مفرداته المتمايزة وطعمه الذي لا يشبه إلا نفسه، ذلك الفيّاض بالمعاني والرموز وهذه القُدرة على صناعة البهجة والتي قد يستمر أثرها معنا طويلاً إلى ما بعد خروجنا من دار العرض.

أوان الكويتية في

02/03/2010

 

بسمة: سألوني عن ماركة ملابسي الداخلية في رسائل البحر .. ومش لاقية راجل!

كتب غادة طلعت 

حالة من السعادة تعيشها الفنانة بسمة نتيجة ردود الأفعال الإيجابية التي تلقتها عقب عرض فيلم رسائل البحر رغم الهجوم الذي تعرضت له بسبب مشاهدها الجريئة، لدرجة أنها اعتبرت هذا الجدل يعني أنها نجحت في تقديم الشخصية بالشكل المطلوب بالرغم من أنها كانت قلقة من رد فعل أسرتها علي هذه المشاهد، بسمة تحدثت في هذا الحوار عن تجربتها مع داود عبدالسيد وأيضا الهجوم الذي واجهته عقب تصريحها بديانة جدها اليهودي وغيرها في هذه السطور:

< في البداية كيف ترين تجربتك رسائل البحر مع المخرج داود عبدالسيد؟

- عملي مع المخرج داود عبدالسيد كان خطوة مهمة في مشواري، وكانت تنقصني الفرصة الحقيقية، لأخرج ما بداخلي من موهبة.. ولم أجد دورًا مثل الذي وجدته في فيلم رسائل البحر، ليراني الجمهور بشكل مختلف لذلك اعتبرها مرحلة مهمة وتجربة لن أنساها.

< ألم تخشي رد الفعل علي مشاهدك الجريئة أثناء التصوير؟

- كنت قلقة من رد فعل أسرتي خاصة والدي وشقيقي لأني كنت أخشي عليه من رد فعل أصدقائه لأنه في الحادية والعشرين من عمره، لاحظت نظرة الفخر في عينيهما وفوجئت بوالدي يصطحب أصدقاء شقيقي ويشرح لهم بعض الأمور في مشاهدي التي كان من الصعب عليهم فهمها.

< البعض انتقد جرأتك في بعض المشاهد ومنها مشهد خلع ملابسك في البحر؟

- استمعت لآراء أغلب الجمهور الذي شاهد الفيلم ولم أجد أي شخص يعلق علي هذا المشهد سوي شاب من أصدقائي قال لي إنه كان يريد أن يري هذا المشهد عن قرب حتي يتحقق من ماركة الملابس الداخلية ولكن دون ذلك لم أجد أي هجوم علي هذا المشهد بل علي العكس كان ضروريا جدا لأنه يعبر عن التحرر والانطلاق بنفس الدقة التي أرادها المخرج.

< ولكن المخرج أكد أن الرقابة وضعت لافتة للكبار فقط علي أفيش الفيلم بسبب مشاهدك؟

- هذا أصابني بضيق شديد وهو أن قصة المرأة التي أقوم بدورها مهمة جدا لكثير من الشباب والصغار ليتعلموا منها كيفية اختيار المؤسسة الزوجية لأن هناك كثيرًا من المفاهيم الخاطئة المنتشرة في مجتمعنا حول الزواج وكيفية اختيار الزوج وبعض الفتيات يفهمن الموضوع بشكل خاطئ خاصة أنهن يعتقدن أن الورق الرسمي هو الذي يجعل الزواج صحيحًا ولا يعرفن أن هناك أسسًا وأمورًا كثيرة قد تكون أكثر أهمية من الورق الرسمي وهي أسس الاختيار والتوافق والاحترام.

< وهل تؤخرين زواجك لهذه الأسباب؟

- طب مش ألاقي الراجل اللي يستحق الأول، للأسف أصبحت هناك مشكلة حقيقية في إيجاد رجل بمعني الكلمة لدرجة أنني أجد نفسي أكثر رجولة من العشرات الذين يطلقون علي أنفسهم رجالاً، ولذلك لن أضطر لأن أقبل أي عريس وأنا غير مقتنعة به بشكل كامل، فلماذا أقبل عريس والسلام؟! هل ليقوم بالإنفاق علي؟! فهذه مشكلة بسيطة وحلها أنني أعمل أكثر لأنفق علي نفسي.

< وهل تلقيت دروسا في العزف علي البيانو؟

- كنت أتمني أن أحصل علي تدريبات ولكن في الحقيقة لم أقوم بذلك ولم أجد العزف عليه حتي هذه اللحظة ويمكن أن نعتبر هذا كسلاً مني، كما أنني فكرت أن أكثف تركيزي في أمور أخري مثل الاستعداد للشخصية ومذاكرة الحوار لأن التدريب علي العزف كان سيستغرق وقتا أطول وهذا لا ينفي أنني أعشق الأدوار التي تدفعني لتعلم أشياء جديدة ولذلك ما زال من ضمن أحلامي تعلم العزف علي البيانو.

< هل تعاطفت مع شخصية نورا التي قمت بها في الفيلم؟

- بالطبع كنت أشعر بالضيعة عندما أفكر في مشكلتها فهي تعاني من مشكلة ليست سهلة، حيث صراع داخلي وخارجي مع مجتمع بالكامل لا يرحم المرأة ولا يفهم معاناتها.

< ولكن كثيرًا من الجمهور لم يتعاطف معها، بل اعتبروها سيدة سيئة؟

- كنت أعرف ذلك وسمعت كثيرًا من ردود الأفعال التي تصف هذه السيدة بأنها سيئة وتقيم علاقات غير مشروعة مع شاب غير زوجها وفي نفس الوقت كانت هناك ردود أفعال أخري متعاطفة معها ولكني سعيدة بهذا الجدل وهذا يعني أن هناك جمهورًا واعيا جدا ولم يحاكمني بشكل أخلاقي.. وفي النهاية هذه السيدة تجسد حالة حقيقية تعيشها بعض النساء ولن أقول كل النساء طبعا.

< البعض لم يفهم دافع هذه السيدة في التخلص من الجنين بالرغم من أنها كانت متمردة وواثقة من حبها الجديد؟

- لا أعرف قد يكون هذا الموقف نوعًا من التطهير ولكن كانت هناك جملة أخري تقول فيها قررت بغباء التخلص من الجنين فهذا التصرف من الممكن أن يكون خطأ ولكن في أحيان كثيرة يكون الخطأ شيئًا مهمًا لأنه يوصل للنجاح.. ولا يوجد بيننا من هو معصوم من الخطأ ولكن علي كل واحد أن يستفيد من أخطائه ويجعلها خطوة للأمام مع أخذ الحذر.

روز اليوسف اليومية في

03/03/2010

 

أسر ياسين: لا وجه للمقارنة بيني وبين أحمد زكي

القاهرة ـ رشا عبد الوهاب

اقترن اسم الفنان الشاب أسر ياسين في بدايته باسم الفنان الراحل أحمد زكي، وهو الاسم الظل الذي سيرافقه لفترة ليست بالقصيرة. شبه البعض أسر بزكي في موهبته وقدرته على التقمص وكان قيامه بدور "يحيى" في فيلم "رسائل بحر" الذي كان المرشح له النجم الراحل جعل الكثيرين يعقدون المقارنات.

شارك أسر زكي في فيلمه الأخير "حليم" بدور "عازف" في الفرقة إلا أن المشوار لم ينتهِ بل بدأ. فبعد سبع سنوات من كتابة المخرج الكبير داوود عبدالسيد لفيلم "رسائل بحر"، وبرغم من كثرة الترشيحات للدور، إلا أن أسر حصل على دور قادر على إظهار معدن الممثل.

"يحيى" دور مختلف عن أدوار أسر السابقة، طبيب شاب يرفضه المجتمع بسبب تلعثمه في الكلام،يترك القاهرة ويعود إلى الإسكندرية ويحترف الصيد. يصبح البحر بأسراره أمامه والمدينة بشخوصها وأحداثها وراءه.

أسر ياسين بدأ مشواره الاحترافي كنجم عام 2003 بعد تخرجه من الجامعة بمسلسلات "ملح الأرض" و"قلب حبيبة" و"عمارة يعقوبيان" وتدرجت الأدوار في أفلام "حليم" و"على جنب يا أسطى" ثم "الجزيرة" إلى أن حصل على البطولة في أفلام "زي النهاردة" و"الجزيرة" و"احنا اتقابلنا قبل كده" و"الوعد" وأخيرا "رسائل بحر".

هنا الحوار معه:

·         كيف تم اختيارك للقيام بدور "يحيى" في "رسائل بحر"؟

ـ الفيلم مكتوب منذ 8 سنوات.أستاذ داوود كلمني عن مشروع ثانٍ حتى أنني لا أعرف ما هو هذا المشروع حتى الآن لكنه أكد لي أنه لم يكن رسائل بحر.لأنه كان المتفق عليه أن يقوم أحمد زكي بالبطولة بعد أن ينتهي من تصوير فيلم حليم. ولم يحدث نصيب في المشروع الأول وقبل أن أبدأ تصوير فيلم "الوعد" كان داوود عبد السيد كلمني عن فيلم رسائل بحر. قرأته ووافقت عليه وكنت أنتظر الانتهاء من تصوير فيلم "الوعد" وفي اليوم الذي انتهيت فيه من التصوير سافرت إلى الإسكندرية لتصوير فيلم "رسائل البحر". انتقلت من فيلم إلى فيلم آخر ومن طاقم إلى آخر.

·         ترشيح نجم بحجم أحمد زكي لتمثيل دور البطل "يحيى"، هل جعلك تخشى الدور؟

ـ اعتبر اختياري لتمثيل دور رشح له قبلي أحمد زكي ونجوم آخرون حاجة شرفية جدا لكنها لم تخفني. والسؤال هو لماذا أخشى من القيام بالفيلم؟ "رسائل بحر" ليس إعادة لفيلم قام ببطولته أحمد زكي. لا وجه للمقارنة بيني وبين زكي لأن هذا هو السؤال المكرر الذي يوجه إلي في جميع المقابلات الصحافية. ما هو وجه المقارنة؟. هل تقارن بين أحمد زكي بعد أن أصبح نجماً عملاقاً والممثل الشاب أسر ياسين؟ أنت تقارن أحمد زكي بحجمه فهل من المعقول أو المنطقي أن تقارن أحمد زكي بأسر ياسين؟ لكن عندما نتحدث عن بدايتي وبدايته أبدأ أن أفهم المقارنة. المقارنة بين الخطوات أو الاختيارات أو الأفلام هذا شيء آخر. ولم يتناول أحد الموضوع من هذه الزاوية مطلقاً.

·         ولماذا ترفض هذه المقارنة؟

ـ لأني لم أقارن نفسي بأحد إطلاقاً لأن الزمن غير الزمن وكذلك تتنوع المدارس والظروف والفرص.

·         هل أدخلت تعديلات الفيلم خاصة ان النجوم الذين تم اختيارهم من قبل كانوا أكبر سناً بينما تم اختيار ممثلين شباب فيما بعد؟

ـ الفيلم لم تدخل عليه تعديلات. ولكن على حد علمي أن الأستاذ داوود عبد السيد كان سيدخل عليه تعديلات لو قام أحمد زكي ببطولته. لابد أن السن مبدئياً ستكون عاملاً حاسماً في التغييرات التي كانت ستدخل على الفيلم. والسؤال من مثلا كان سيجسد شخصية قابيل التي قام بتجسيدها الفنان محمد لطفي خاصة أن شخصية بودي غارد ضخم ومخيف لاسيما وأن أحمد زكي كان قوي البنية أيضا. وأعتقد أن فريق عمل الفيلم كان سيتغير وكانت البطلة ستكون مختلفة وظروف الحكاية ستتغير. شخصية مثل فرانشيسكا التي جسدتها الفنانة نبيهة لطفي كانت ستتغيير لأنها بالنسبة لي كبيرة السن الآن لكن بالنسبة لأحمد زكي ربما كانت قد توفت.أعتقد أن الوضع كان سيكون مختلفاً لكن كانت ستتم معالجة هذه التغييرات.

·         وما هي الإستعدادات التي قمت بها لشخصية يحيى خاصة أنها تحمل سمات مميزة منها التلعثم في الكلام أمام الناس؟

بالتأكيد كانت الشخصية صعبة ومنفردة وبالتالي كان لا بد من الإعداد الجيد والصحيح لها. يمكن أن أعمل هذا التلعثم في الكلام بطريقة سهلة وستتقبلها الناس بسهولتها ويمكن أن أعملها صعبة وستتقبلها الناس بصعوبتها. لكن كان لابد من الإستعداد من خلال التحدث إلى إخصائي تخاطب وفهمت كيف يمكن أن تتشكل مشكلة في التخاطب بسبب مشاكل نفسية. وكذلك تحدثت إلى أشخاص لديهم مشاكل تخاطب ومع أشخاص تعافوا من التلعثم في الكلام. وفي نفس الوقت أخذت مع إيمان يونس كورس في الإلقاء، حاجة عكسية تماما حتى أستطيع التحكم في تنفسي وطريقة إلقائي وحتى أستطيع أن أتحكم في الدور ولا أترك الأمور للظروف أو للصدفة وكذلك حتى أتحكم في الطريقة التي أقوم بها. وإذا لم تعجب أستاذ داوود أو لم يعجبني مشهداً سمعياً نستطيع أن نقوم به بطريقة أخرى بسرعة. ولولا هذا الكورس لم أكن أستطيع أن أشكل بسهولة مع أستاذ داوود ما يناسب النص الدرامي بطريقة سينمائية.

·     "رسائل بحر" يمكن تصنيفه على أنه فيلم فلسفي، ألم تخش من تقديم هذا النوع من الأفلام خاصة وأن فيلمك الأخير "الوعد" فيلم اكشن؟

ـ الفيلم فلسفته في إحساسه وأن المشاهد يخرج منه بالحالة الموجود فيه.ومن وجهة نظري الفيلم يتحدث عن الإيمان والأمل. البحر شيء له دلالة قوية. وليس معنى أن يتحدث البطل إلى البحر أنه قام بتأليه. بالطبع هذا منطق عقيم. البحر مصدر رزق يحيى والرزق من عند الله ثم أنه يشتكي إليه الدنيا دون أن يتلعثم في الكلام. رسالة الفيلم في الإحساس به.

·     "للكبار فقط" جملة وضعت على ثلاثة من أفلامك، ما رأيك في هذه اللافتة خاصة بعد تصنيف "رسائل بحر" على أنه مناف لمؤسسة الزواج ؟

ـ هي جملة رقابية. لكني لا أفهم لماذا تم وضعها على الفيلم خاصة أنه لا توجد به مشاهد جنسية. ويقال إنه تم وضع هذه العبارة عليه لأنه يناهض أو ينافي مؤسسة الزواج. لو الرقابة ترى أن هذا الزواج الذي قدمه الفيلم تصبح هنا الكارثة. بالعكس الفيلم ضد المرأة التي تبيع نفسها لرجل كزوجة ثانية وتضرب لدرجة أنها تشعر أنها عاهرة. الفيلم يهاجم ذلك والرقابة في الوقت ذاته مشاركة إلى حد ما في الدفاع عن ذلك.

·         وماذا عن فيلمك الجديد "أسوار القمر"؟

ـ لا أستطيع الحديث حالياً عن فيلم "أسوار القمر" لأننا لم ننتهِ حتى الآن من التصوير والفيلم متوقف بسبب تجهيزات إنتاجية وإخراجية وعندما ستنتهي سنواصل التصوير.

المستقبل اللبنانية في

05/03/2010

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2016)