موفق قات: رائد الأفلام التشكيلية السورية فى «الوصية
الحادية
عشرة»
بقلم
سمير فريد
كانت
الترجمة العربية الأولى لأفلام «الأنيماشان» هى أفلام الرسوم المتحركة،
ولأن التحريك لا يقتصر على الرسوم فقط، وإنما يشمل أيضاً تحريك الدمى
وتحريك أى شىء، فقد أصبحت تترجم أفلام التحريك. وطوال عقود، كنت مثل غيرى
أستخدم كلمة التحريك، ولكن على مضض، فهى كلمة ثقيلة ولا معنى لها فى
الحقيقة. وفى منتصف هذا العام، فكرت فى وصف هذه الأفلام باللغة العربية
بدلاً من ترجمة الكلمة اللاتينية أثناء كتابة بحث عن السينما العربية،
ورأيت أن الأفضل أن تسمى الأفلام التشكيلية، لأن مخرجيها لابد وأن يكونوا
بالضرورة من الفنانين التشكيليين.
وفى
مهرجان دمشق السينمائى الدولى الثامن عشر الذى اختتم أعماله الأسبوع الماضى،
وجدت تطبيقاً عملياً يؤكد صحة ما انتهيت إليه، فقد شهد المهرجان معرضاً
باسم «مفرقعات» للفنان التشكيلى السورى موفق قات، من ٣٠ لوحة، فى إحدى
قاعات الفندق الذى أقام فيه الضيوف، وكان المعرض الذى يُعد من أحداث
المهرجان المهمة تعبيراً عن شخصيات فيلمه التشكيلى الجديد «الوصية الحادية
عشرة»، الذى عرض فى مسابقة الأفلام القصيرة. إنه ليس معرضاً عن رسوم
الفيلم، ولكنه لوحات زيتية رسمها الفنان أثناء إخراج الفيلم على نحو موازٍ،
وهكذا يتقاطع التشكيلى مع السينمائى ويندمجان فى آنٍ.
موفق قات
رائد الأفلام التشكيلية السورية، ومن كبار مبدعى هذه الأفلام على الصعيدين
العربى والعالمى، فقد أخرج أول فيلم سورى قصير من هذا الفن بعنوان «حكاية
مسمارية» عام ١٩٩١، وفيلمه الجديد خامس فيلم تشكيلى من إخراجه، يعرض فى
مسابقة الأفلام القصيرة فى مهرجان دمشق، وقد كان الفيلم جديراً بالفوز
بإحدى جوائز هذه المسابقة إن لم يكن بالجائزة الذهبية.
والوصية
الحادية عشرة المقصودة هى دعوة الإنسان للاهتمام بالبيئة والدفاع عن
الطبيعة، وكما قال الفنان فى النشرة اليومية المتميزة التى أصدرها
المهرجان، إن البشرية اليوم فى حاجة إلى «تسونامى» أخلاقى لكى تبقى، ولا
تغرق فى طوفان جديد.
وفى حواره
بالنشرة (من دون توقيع مع الأسف) قال موفق قات الذى قام بتصميم ديكورات
وأزياء العديد من الأفلام السورية الروائية الطويلة، إنه يعمل الآن على أول
فيلم تشكيلى طويل من إخراجه وموضوعه ملحمة «جلجامش»، وكانت سوريا قد شهدت
إنتاج أول فيلم عربى طويل من هذا الفن بعنوان «خيط الحياة»، إخراج رزام
حجازى عام ٢٠٠٥.
تصحيح
واجب
كان ما
عرفته من محمد الأحمد، مدير مهرجان دمشق، قبل مغادرتى العاصمة السورية أن
نجدة أنزور ألغى المؤتمر الصحفى الذى كان قد أعلن عنه كما أشرت فى «صوت
وصورة» أمس.
ولكن
الزميل الناقد السورى المرموق إبراهيم حاج عبدى نشر أمس الأول فى ملحق
السينما الأسبوعى بجريدة «الحياة» العربية التى تصدر فى لندن، وهو أهم ملحق
للسينما فى الصحافة العربية ويشرف عليه الناقد اللبنانى الكبير إبراهيم
العريس ما يلى:
«لم يكتف
أنزور بالانسحاب، بل عقد مؤتمراً صحفياً بعد انتهاء المهرجان، شكك فيه فى
(مصداقية ونزاهة رئيس اللجنة)، معترضاً على طريقة تعامله مع أعضائها، وعلى
النتائج واللافت أن محمد الأحمد الذى عقد بدوره مؤتمراً صحفياً أعلن خلاله
عن ملامح الدورة المقبلة للمهرجان، رأى أن أنزور (كان على حق) حين انسحب من
اللجنة، مستدركاً أن لجان التحكيم كانت مع هذا الأقوى فى تاريخ المهرجان».
المصري اليوم في
21/11/2010
# # # #
لماذا
لم يوقع نجدة أنزور وساندرا على بيان لجنة تحكيم جوائز
دمشق؟
بقلم
سمير فريد
فى واقعة
غير مسبوقة فى تاريخ مهرجان دمشق، أعلن محمد الأحمد، مدير المهرجان، عند
إذاعة جوائز الدورة الثامنة عشرة يوم السبت الماضى أن لجنة التحكيم المكونة
من ١٢ عضواً اجتمعت لإقرار الجوائز، وبعد المناقشة والتصويت وقّع على بيان
الجوائز رئيس اللجنة و٩ أعضاء وامتنع اثنان عن التوقيع.
أثناء
عبورى بهو الفندق الذى يقيم فيه ضيوف المهرجان وأعضاء لجنة التحكيم مساء
الجمعة التقيت المخرج السورى الكبير نجدة أنزور، وهو صديق قديم منذ أخرج
أول أفلامه «حكاية شرقية» عام ١٩٩٠، وكان عضواً فى لجنة التحكيم، وليس من
عاداتى سؤال مدير أى مهرجان أو أى عضو فى لجنة تحكيم عن الجوائز قبل
إعلانها رسمياً، ولكن نجدة قال لى إنه رفض التوقيع على بيان الجوائز، كما
رفضت المخرجة المصرية ساندرا نشأت التوقيع أيضاً، وإنهما سوف يعقدان
مؤتمراً صحفياً صباح الأحد بعد إعلان الجوائز مساء السبت للإعلان عن رفضهما
التوقيع، وأسباب ذلك الرفض.
وقال نجدة
إن رئيس اللجنة المخرج الروسى، فلاديمير مينشوف، من عصر الاتحاد السوفيتى
الذى ولىّ، وأراد بإصرار ديكتاتورى أن تكون الجوائز سياسية للبلد المضيف
والبلاد المؤازرة له، وجغرافية لأكبر عدد ممكن من البلاد، وكان له ما أراد،
وقال نجدة إنه رشح الفيلم المصرى «الوتر» لجائزة الإخراج لمجدى الهوارى، أو
جائزة التمثيل لغادة عادل، ولكن مينشوف لم يقبل مجرد المناقشة، ولهذا
انسحبت ورفضت التوقيع.
وبحثت عن
ساندرا التى أعتز بأننى قمت بالتدريس لها فى قسم الدراسات العليا بمعهد
السينما، وسألتها عما حدث، فكررت ما قاله نجدة عن مينشوف، وقالت إنه وصل
إلى حد أن قال لها أثناء المناقشات «اسكتى»، فلم ترد على إهانته بمثلها لأن
والدها علمها احترام من يكبرها فى العمر، واكتفت بالاحتجاج وغادرت الاجتماع
ورفضت التوقيع.
وسألت
محمد الأحمد، فقال إن إدارة المهرجان لا تتدخل فى أعمال لجان التحكيم على
أى نحو، وإنه ليس مع نجدة وساندرا فى رفض التوقيع، لأن عليهما احترام
الأغلبية، ولكنه سوف يعلن امتناعهما عن التوقيع فى حفل الختام، وعندما علم
كلاهما منه أنه سوف يعلن موقفهما مساء السبت لم يجدا ما يبرر عقد مؤتمر
صحفى صباح الأحد، وهكذا تم عبور الأزمة، ولم تؤثر على نجاح المهرجان،
ولكنها تؤكد ضرورة أن تنص اللوائح على عدم جواز رفض توقيع أى عضو على بيان
الجوائز، وضرورة الالتزام بما تتفق عليه الأغلبية.
المصري اليوم في
20/11/2010
# # # #
افتتح دورته ال18 بالعسل التركي:
مهرجان دمشق السينمائي
يصنع نجاحه في 3 شهور فقط
رسالة دمشق هشام
لاشين
لم يكن من المتوقع أن تظهر الدورة الثامنة عشرة لمهرجان دمشق
السينمائي الدولي للنور هذاالعام .. فقبل ثلاثة أشهر فقط كان هناك اتجاه من
وزارة الثقافة السورية التي تولي رئاستها د.رياض عصمت بدلا من الدكتور رياض
نعسان أغا إلي إلغاء الدورة تقليصا للنفقات وضيق الوقت قبل عيد الأضحي
مباشرة.
لكن الوزير السابق جلس مع الوزير الحالي
ومعه رئيس المهرجان ونجح في إقناع الأخير بأهمية استمرار المهرجان الذي صار
سنويا بعد أن كان كل عامين في الماضي بالتبادل مع قرطاج السينمائي في تونس
وقامت وزارة المالية برفع ميزانية الإنتاج السينمائي من 45 مليون ليرة إلي
135 مليونا.. ورغم ضيق الوقت إلا أن رئيس المهرجان الناقد المثقف وعاشق
السينما محمد الأحمد نجح في التحرك سريعا وترتيب أقسام المهرجان ودعوة
الضيوف. فقد رفعت ستارة المهرجان لتفتتح أول أفلامه البالغة 222 فيلماً
روائياً طويلاً و93 فيلماً قصيراً بالفيلم التركي "عسل"
الحائز علي جائزة الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي الدولي 2010 ويرسم
الفيلم صورة الطفل يوسف الذي يكشف له والده المزارع مربي النحل أسرار
الطبيعة. حفل الافتتاح أقيم في صالة الأوبرا بدار الأسد للثقافة والفنون
بدمشق وبحضور راعي المهرجان الدكتور رياض عصمت وزير الثقافة الذي تولي منذ
عدة أشهر خلفا للدكتور رياض نعسان أغا وهو بالمناسبة مبدع مسرحي وفنان
حقيقي.
كان الوفد المصري كبيرا كالعادة أيضا..
كانت هناك ماجدة الصباحي ونبيلة عبيد التي جاءت في اليوم الأخير.. وكان
هناك منال سلامة وأمل رزق والمنتجون عادل حسني وصفوت غطاس وإسماعيل كتكت
وسميةالخشاب ونقاد وصحفيون.. وكان هناك غادة عادل ومجدي الهواري ومصطفي
شعبان بصحبة فيلمهم (الوتر) وقد جاءت فرقة شعبية سورية علي باب فندق الشام
لتحتفل بالفيلم وبمصر وسط غناء ورقص متواصل وسط جمهور الشارع العريض.. وهو مايتكرر
مع الأفلام المصرية كل عام حتي وإن خرجت هذا العام خالية الوفاض من أي
جائزة.. ربما لأن الوتر ليس فيلم مهرجانات بالمرة فهو فيلم بوليسي محكم
الصنع لكنه ليس من نوعية الأفلام التي تصلح للمهرجانات.. ولذلك كان
غريبا غضب الوفد المصري ومحاولة الضغط تجاهلا لأعراف أي مهرجان دولي.. وقد
وجد محمد الأحمد نفسه أمام هذه الضغوط إلا أنه احترم في النهاية
لجنةالتحكيم ولم يسع للتدخل وهو مادفع غادة عادل ومجدي الهواري لتقرير السفر ليلة الختام وبصحبتهما
(ساندرا نشأت) إحدي عضوات لجنة التحكيم..
وقد حاولت ساندرا أن تنفي أن دفاعها عن الفيلم المصري ورفض رئيس
اللجنة الموافقة علي منحه جائزة هو السبب في انسحابها مع المخرج السوري
نجدت أنزور..
ولكن لم يفسر أي منهما لماذا تأخر هذا الانسحاب حتي اليوم الأخير.. والقصة
ببساطة أنه عندما علم صناع الفيلم أنه خرج خالي الوفاض من الجوائز حتي
حزموا حقائبهم وطلبوا المغادرة ليلة الختام وهنا قام أحد المنتجين المصريين
المرافقين بالاتصال بمدير المهرجان لإبلاغه ووجد الرجل نفسه في حرج شديد
واضطر لإبلاغهم بأن هناك فرصة أمام الفيلم في جوائز المسابقة العربية
مازالت ممكنة.. ولكن حتي هذه المسابقة منحت الجوائز لأفلام أخري أكثر
أهمية.. وكانت النتيجة أن استأنف صناع الفيلم ومعهم ساندرا نشأت عضو لجنة
التحكيم المنسحبة الرحيل علي الطائرة المغادرة في نفس ليلة الختام.. وقد
سألت ساندرا عما إذا كان الفيلم المصري هو سبب انسحابها فنفت ذلك بشكل قاطع
وقالت إن سبب انسحابها هي والمخرج السوري نجدت أنزور انفراد رئيس لجنة
التحكيم الروسي بالقرار وعدم استكمال مشاهدة بعض الأفلام وهو مايخالف
الأعراف المهرجانية.. فكيف يمكن الحكم علي فيلم سينمائي قبل انتهائه..
واعتبرت ساندرا أن تصرفات رئيس اللجنة كانت بالفعل مستفزة وهو مادعاها
للانسحاب مع المخرج السوري نجدت أنزور الذي عقد مؤتمرا صحفيا في صباح اليوم
التالي ليكشف فيه سبب انسحابه وكرر تقريبا نفس كلمات ساندرا نشأت.. إذن لم يكن عدم حصول الفيلم المصري علي
جائزة هو بالفعل سبب هذا التصرف من عضوي لجنة التحكيم..
كما لايمكن أن يكون مسوغا للطعن في مهرجان والعكس هو الصحيح فالمهرجان الذي
يرضخ للابتزاز أفضل له أن يغلق أبوابه.. وفيلم الوتر كما قلنا هو محكم الصنع ولكنه
بوليسي عادي في النهاية.. ومن المؤكد أن الأفلام الفائزة كانت تستحق
عن جدارة ماحصلت عليه وعلي رأسها الفيلم الجزائري الخارجون عن القانون
للمخرج رشيد بوشارب الحائز علي الجائزة الذهبية.وأفضل فيلم عربي.
أما الجائزة الفضية فنالها
الفيلم الإيراني "يرجي عدم الإزعاج" للمخرج محسن عبد الوهاب.
وذهبت البرونزية إلي الفيلم السوري
"مطر أيلول" للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد.
ونال الفيلم السوري "حراس
الصمت" للمخرج سمير ذكري تنويه لجنة التحكيم .
آخر ساعة المصرية في
23/11/2010
# # # #
«مطر
أيلول» و«حرّاس
الصمت» في مسابقة «مهرجان دمشق السينمائي الـ18»
الحكايا البسيطة
والرقص المتعثر
راشد
عيسى
يُقدّم «مطر أيلول»
لعبد اللطيف عبد الحميد، الفائز بـ«الجائزة البرونزية» في الدورة الأخيرة
لـ«مهرجان
دمشق السينمائي» نفسه بحبكة مكــشوفة، لا تعقيد فيها ولا أسرار، إذ يقوم
على عنصرين
محببين لدى الجمهور. فبدلاً من قصة حب واحدة، جاء بحفنة من قصص الحب، حيث
الكل عالق
فيه، إلى جانب مناخ كوميدي نهل من قصص حب أقرب إلى الفانتازيا منها إلى
الواقع.
يحكي الفيلم قصة أب أرمل (أيمن زيدان)، واقع في الحب هو وجميع أبنائه،
أربعة منهم
موسيقيون، وهؤلاء كانوا ذريعة لعنصر محبّب آخر، إذ ظلوا يعزفون طوال الفيلم
أجمل
أغنيات الحب والطرب. إنها نوع من الموسيقى التصويرية، التي
وجدت مسوِّغاً لها لتدخل
في نسيج الحكاية. فهم عاشقون أيضاً، يتصرّفون على نحو كاريكاتوري. إنهم
خاطبون أربع
فتيات شقيقات، يزورونهن في الوقت نفسه، مرتدين الثياب نفســها، حامليــن
الهدايا
والوعود نفسها.
احتفال يومي
يفرد الفيلم لأحد الأبناء (حازم زيدان) حكاية
أخرى، حيث يذهب يومياً ليغسل سيارة الحبيبة صعبة المنال،
بطريقة طقسية، مزيناً
إياها بالورود ورغوة الصابون. يصبح المشهد فرجة واحتفالاً يومياً لأهل
الحي، الذين
يطلّون من شرفاتهم كما لو كانوا يشجّعون فريقهم الأحب. وفريقهم هنا يقف في
مواجهة
مستحيلة مع غريم أُجبرت عليه حبيبته. هذه التي تؤدّيها لواء
يازجي لن نشاهدها سوى
في إطلالات صامتة، مع لمسة يد حنونة للعاشق الأسطوري. خاتمة الحكاية ستكون
حين تلقي
عليه لمرة واحدة وأخيرة كلمة «بحبّك»، لنسمع بعد لحظات صوت ارتطام سيارتها،
ثم
موتها. قصة أخرى يؤدّيها يامن الحجلي، الذي لن نراه سوى راكض
في شوارع دمشق ليصل
إلى شباك الحبيبة (ميسون أسعد). لا يرجوان شيئاً سوى نظرات من خلف الشرفة،
كما لو
أنهما روميو وجولييت أبديان. لكن، في المرة الأخيرة، يأتي ليجد الشرفة
مســدودة
بجــدار إسمنتي. صورة الشاب الراكض في الشــوارع لاهثاً،
وملامحه التي تكبر سريعاً
في المشهد الأخير بعــد إحــباط ويأس، يذكر بوضوح بفيلم «فورست غامب»
والبطل الراكض
أبداً، والذي «ينفّس» فجأة مع إحساس باللا جدوى.
ليست هذه الاستعارة الوحيدة
التي يقترضها «مطر أيلول» من أعمال أخرى. فالأب (زيدان) يستعير
على هامش قصة حبه
لشغّالة تعمل في منزله، قصة «موت موظّف» لتشيخوف. لقد ضرب رئيس لجنة حكومية
وراح
يتعقّبه ليعتذر منه كلما وأينما رآه. أما الحكاية المتن لدى الأب، فهي ذلك
الحب
والمواعيد التي تُعقد وسط الأشجار في سيارة الأب العتيقة. وحين
تشتهي حبيبته مطراً،
يصنع لها مطراً على طريقة الأفلام، وسرعان ما ينقلب مشهد «الرومانس» إلى
كوميديا،
حين نكتشف، نحن والحبيبة، أن صهريج الماء، صانع المطر، قد نفد. دور الحبيبة
لعبته
هنا سمر سامي، وحضورها، خصوصاً ذلك المقطع الذي غنّته بصوتها «افرح يا قلبي
لك
نصيب»، كان بحق هدية الفيلم.
قصص الحب في الفيلم تصطدم كلها بجدران صلدة، من
دون بحث في أسباب أو خلفيات. فالفيلم لا يهتم بذلك، حيث
الأشياء كلّها بدت أقرب إلى
رموز وإشارات، أبرزها تلك اللجنة الكوميدية والفانتازية المؤلّفة من أشخاص
يرتدون
لباساً موحّداً، يعدّون الأشجار ويقيسون الطرقات والناس، كناية عن مختلف
أنواع
السلطة التي تمرّ في يوميات الناس، وفي مناماتهم أيضاً. وما
يلفت الانتباه، أن كل
قصص الحب شديدة العذرية. فحتى القبلة في حال وجودها تكون أخوية تقتصر على
الخد. قد
يكون مردّ ذلك إلى أن الفيلم منتج خصيصاً بتلفزيون «قناة أوربت». وربما كان
عليه أن
يراعي جمهوراً أوسع من جمهور السينما. أما حضور عازف البزق
السوري الراحل محمد عبد
الكريم في بداية الفيلم، فلا شك في أن لا مكان له، ولم يستطع المخرج الذي
أراد
فيلمه تحية لأمير البزق أن يدخل الشخصية في نسيج الفيلم. ربما كان يكفي
استعادة
الأغاني المبثوثة هنا وهناك على مدار الفيلم.
لكن كل ذلك لم يمنع أن يمر الفيلم
بسلاسة على قلوب المتفرّجين (أو لنقل بعضهم)، فبدا مهضوماً
وخفيف الظل، برز فيه
أداء أيمن زيدان وقاسم ملحو ويامن الحجلي، وإطلالة جميلة لميسون أسعد. لكن،
علينا
أن نعترف أن الفيلم بسيط بتركيــبته، وبحــكايات لا تنطوي على جديد،
وبالتالي لن
يتمكن الفيلم من الصمود لمهرجانات أخرى.
فرص مهدورة
«حراس الصمت»، فيلم
المخرج السوري سمير ذكرى، كان الممثل الوحيد لإنتاج «المؤسسة العامة
للسينما». لا
نعتقد أن أحداً انتظر أفضل مما جاء، نظراً إلى مجموعة من الأفلام الكارثية
السابقة
للمخرج المتقاعد وظيفياً، الذي لا يريد أن يفسح لجيل كامل من
السينمائيين الشباب.
الفيلم مأخوذ عن رواية الأديبة غادة السمان «الرواية المستحيلة: فسيفساء
دمشقية»،
التي يُعتقد أنها العمل الذي يضمّ، مواربة، شيئاً من سيرة المبدعة السورية
المغتربة. وهو يستعيد حكايات مبعثرة وردت أساساً في تلك الرواية، ويقترب
فيها من
أجواء المسرحة، حيث الشخصيات تتحوّل إلى رواة يتوجّهون مباشرة
إلى الجمهور، في قصص
تتوالد وتروي ما كان يجري في محيط البطلة، التي تُصرّ على احتراف الكتابة،
في
موازاة محاولات لاكتشاف حقيقة مقتل أمها، التي ستكشف لها الأيام أن الجهل
والتقليد
الأعمى هما من قتلها. ساعتان ونصف الساعة، أراد المخرج كاتب
السيناريو بنفسه، أن
يروي خلالها حزمة من الحكايات، وكان ممكناً اختيار مسار واحد منها. لكن
المشكلة
ليست هنا فحسب. فقد اجتمعت قصص مفكّكة، ومسرحة في غير مكانها، مع اختيار
ولا أسوأ
لممثلين، معظمهم يخوض تجربته الأولى في فيلم سينمائي، وقد جاء ذلك نظراً
لرفض نجوم
موثوقين العمل مع سمير ذكرى. على سبيل المثال، انظروا هذا
المشهد الذي تحكي فيه
البطلة للجمهور مباشرة أنها كم تمنت لو كان هذا الرجل الذي خلفها هو من
تزوّج أمها.
نظرنا فوجدنا رجلاً هشّاً بلا كاريزما،
يؤدّيه ممثل هو الآخر بلا حول ولا قوة. ذلك
لا يلغي أن في الفيلم بعض محاولات طامحة، كمشهد رقص لفتيات في
قاعة الليونة يتدرّبن
على الرقص، وفي الوقت نفسه يدرن حديثاً في السياسة يكشف مروحة التيارات
والأحزاب
السياسية السائدة في خمسينيات دمشق. فبدلاً من حوار على الطاولة، جرى
الحوار رقصاً،
لكن ما ينقــص المشــهد الرشاقة والخفة والسرعة التي تتطلّبها حيوية الرقص.
لا
بدّ من القول أخيراً إن على «المؤسّسة العامة للسينما» التروي قليلاً في
منح الفرص
لمن لم يثبت نفسه في فرص سابقة. لا بد من النظر إلى جيل شاب توّاق إلى
السينما.
)دمشق(
السفير اللبنانية في
23/11/2010 |